Skip to main content

Full text of "1st week"

See other formats




١ 


عي آل الب عل صا جا أفضّل ا لصَّلا دولل 


تاليف 
فضيّلة الشيمخ 


حت رین ليا 


مِحَةٌأَلتَلفِيّة. آلهنْدٌ 





د دارة ا 
دولةقظر 








یار . حقوق الطيع فود 5 ناظة 


KS VANESSA 


دارا 


كلمة 
معالى الشيخ محمد على الحركان 


الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي 


الحمد لله رب العالمين » خالق السموات والأرض » وجاعل الظلمات والنور » وصل الله 
على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والرسل أجمعين , بر وأنذر » ووعد وأوعد » أنقذ الله به البشر من 
الضلالة » وهدى الناس إلى صراط مستقيم » صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض 
ألا إلى الله تصير الأمور » وبعد : 

فلما أعطى الله سبحانه وتعالی لرسوله ع الشفاعة والدرجة الرفيعة ء وهدى المسلمين إلى 
حبته » وجعل اتباعه من عبته تعالى فقال تعالى : # فل إن کسر تون الله تيعون بک 
آله و نھر ر کک دوگ » فكان هذا من الأسباب التي صيرت القلوب عبفو إلى عبته ل 
ف ثق الصلة فيا بينها وبينه عه » فمنذ فجر الإسلام والمسلمون يتسابقون 
إلى إبراز محاسنه » ونشر سيرته العطرة عه » وسيرته عه هي أقواله وأفعاله وأخلاقه الكريمة » 
فقد قالت السيدة عائشة زو- ج النبي عه رضي الله عنها : ١‏ كان خلقه القران » والقران كتاب 
اله ركلماته العامة » ومن كان كذلك كان أحسن الناس وأكملهم وأحقهم بمحبة خلق الل 
جميعاً . 


ولم يزل المسلمون متمسكين بهذه المحبة الغالية التي انبغق ق عنما ا مور الإسلامي الأول للسيرة 
النبوية الشريفة الذي عقد بباكستان سنة ١۳۹٠ه‏ » حيث أعلنت الرابطة في هذا ا موقر عن 
جوائز مالية مقدارها مائة وخمسون ألف ريال سعودي » توزع على أحسن خمسة بحوث في السيرة 
النبوية بالشروط الآتية : 
)١(‏ أن يكون البحث متكاملاً مع ترتيب الحوادث التاريخية حسب وقوعها . 


ده 0ه 


(۲) أن يكون جيداً ولم يسبق نشره من قبل . 

(۴) أن يذكر الباحث جميع الخطوطات والمصادر العلمية التي اعتمد عليها في كتابة البحث . 

)٤(‏ أن يكتب الباحث ترجمة كاملة ومفصلة عن حياته ٤‏ عدر مو هلاته ا 
وجدت . 
)2( أن يكتب البحث بخط واضح »> ويستحسن نسحخه نه عل الآلة الكاتبة . 

(1) تقبل البحوث باللغة العربية واللغات الحية الأخرى . 

(۷) يبدا قبول البحوث من غرة ربيع الآخر 17957١هء‏ 58 موعد القبول بغرة الحرم 
1" آاها. 

)۸( سكم الببحوث إلى الأمانة العامة الرابطة العام الإسلامي بمكة المكرمة في ظرف مختوم » 
وتضع الأمانة عليه رقم تسلسلياً خاصاً . 

(9) تقوم بفحص البحوث نة عليا من كبار العلماء في هذا الشان . 

٠‏ فكان هذا الإعلان حافزاً لتسابق العلماء الذين وهبهم الله حب رسوله عه » واستعدت 
رابطة العا لم الإسلامي لاستقبال هذه البحوث باللغات العربية والإنجليزية والأردية وأية لغة 
أخرى . ٠‏ ظ 

' وبداً الإخوان الكرام في إرسال بحوثهم بذه اللغات » وقد بلغ عددها واحدا وسبعين ومائة 
جحٹ منها : 

4 بحثاً باللغة العربية » 4 بحثاً باللغة الأردية » 5١‏ بحثاً باللغة الإنجليزية » وبحث واحد 
فقط باللغة الفرنسية » ويحث واحد فقط باللغة الهوساوية . ٠‏ ظ 
وقد كونت الرابطة لجنة من كبار العلماء لدراسة هذه الت وتا سبيت التاق 

الفائز للجائزة > وقد كان الفائزون با جوائز حسب الكرتيب الآني : 

. القائر بالجائزة الأولى الشيخ صفي الرحمن الباركفوري ا السلفية بالهند‎ )١( 

ومقدار جائزته خمسون ألف ريال سعودي . [ 0 
(؟) الفائز بالجائزة الثانية الدكتور يجيد على خان من الجامعة اللحلمة الاسلامية نيودهي الند » 
ومقدار جائزته أربعون ألف ريال سعودي . 


(۴) الفائر بالحائزة الثالثة الدكتور نصير أحمد ناصر رئيس الجامعة الإسلامية بباكستان » ومقدار 
جائزته ثلاثون ألف ريال سعودي . 
)٤(‏ الفائز بالجائزة الرابعة الأستاذ حامد محمود محمد منصور لهود من جمهورية مصر العربية » 
ومقدار جائزته عشرون ألف ريال سعودي . 
(5) الفائز با حائزة الخامسة الأستاذ عبد السلام هاشم حافظ من المدينة المنورة / المملكة العربية 
س »> ومقدار د عشرة الاف ريال سعودي . 
ا ادو ا سي 
وبهذه المناسبة أقامت الأمانة العامة للرابطة بمقرها بمكة المكرمة حفلا كبيرأ » تحت إشراف 
صاحب ادر اللكي الأمير e‏ وکیل ام 
حيث 006 بتوریع اموا على أصحابها 6 وذلك صباح يوم السبت الموافق ۱۲ ربع الأول 
سنه ۱۳۹۹ھ - وي هذا الحفل أعلنت الأمانة العامة اا ستقوم بطبع البحوث الفائزة ونشرها 
بجعدة لغات 34 وتنفيذاً لذلك داهي ذي نضع بين يدي القارىء الكريم با كورة طبعات تلك 
البحوث » وهو بحث الشيخ صفي الرحمن المباركفوري » من الحامعة السلفية بالهند لأنه الفائر 
بالحائزة الأولى 3 وستوالمي طبع بقية البحوث الفائزة حسب ترتيبها » سائلين الله سبحانه وتعالى أن 
تقبل منا جميعاً أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ‏ إنه نعم المول ونعم النصير . وصلى الله على سيدنا 
محمد وعلى اله وصحبه وسلم . 
الأمين العام 
لرابطة العا الإسلامي 
محمد بن علي الحركان 
































ستظل سيرة الرسول عَم هي الرصيد التاريخي الأول الذي تستمد منه الأجيال المتلاحقة 
من ورثة النبوة وحملة مشاعل العقيدة زاد مسيرها › وعناصر بعامهبا » وأصول امتدادها . 

ومن درس تاريخه عله وأعطاه حقه من النظر والفكر والتحقيق رأى نسقا من التاريخ 
العجيب » استعلى به الرسول عه والفئة المؤمنة معه على عناصر المادة وعوامل الجذب الأرضي » 
وارتقوا بالإنسانية إلى درجات ل تشهدها على امتداد عصورها وأزماتها . 

ومن يعمق النظر في سيرته ع - محاولاً أن يتتبع السر الذي وقع في التاريخ القفر المحدب 
فأخصب به » وأنبتت الدنيا أزهاره الانسانية الجميلة فأنشأ عه رجالاً إن عبتهم بشيء لم تعبهم 
إلا أنهم دون الملائكة » يجدها تقول له  :‏ إن ههنا دنيا الصحراء التي تربى في أحضانها الرجال 
الذين دخلوا بالاسلام على ما دخل عليه الليل . 

ولو تأملت في أفعاله عي وجدتها تقول لك : 

إني أصنع أمة ها تاريخ الأرض من بعد . 

وم يكن مثله عي في الصبر على البلاء والثبات على الحق واستقرار النفس واطمئناتها على 
زلازل الدنيا » ولا في الرحمة ورقة القلب والسمو فوق معاني البقاء الأرضي » فهو قد ملق 
كذلك ليغلب الحوادث ويتسلط على المادة . 
وبذلك كان عه منبع تاريخ في الانسانية كلها داعا » وللدنيا رأس نظام أفكارها 
الصحيحة . 


ولقد طبع الله سبحانه وتعالى على قلب الرسول عه » فباعد بينه وبين زيغ الهوى وسرف 
الطبيعة » ولذلك يجب على من يقرأ سيرته عله ويتعرف على شهائله وحديثه أن يبحث دائماً عن 
طابع الله في كل شبيء ة فيها » وسيظهر له من تفسيرها أن الدنيا لم تستطع أن تحقق غايتها 
الأخلاقية العليا إلا فيها » وأنه عه كان إنساناً » وكان أيضاً حركة في تقدم الإنسانية » وأن من 
معجزاته عه أنه أضاف في تاريحه ما عجزت عنه البشرية في تاريخها » وأن كل أموره يكن 
موضوعة وضعاً إلهياً كأمها صفات كونها الله وعلقها في التاريخ لمعاني الحياة تعليق الشمس في السماء 
مواد الحياة . ولو تأملت بيانه َيه » تجده ينقلك إلى مثل الحالة التي تتأمل فيها روضة تتنفس على 
القلب »ء أو منظرا ‏ هز خياله النفس › أو عاطفة تزيد بها الحياة في الدم » على هدوء وروح 
وإحساس ولذة » ثم يزيد على ذلك أنه يصلح من الجهات الإنسانية في نفسك » ثم يرزق الله منه 
من رزق النور » فإذا أنت في ذوق البيان كأنها ترى المتكلم عه وراء كلامه . 

هذا يكون النظر في كلامه عه » فهو كلام كلما زدته فكراً زادك معنى ‏ وتفسسيره 
قريب .. قريب كالروح في جسمها البشري » ولكنه بعيد كالروح في سرها الإهي , فهو معك 
على قدر ما أنت معه › إن وقفت على حدٌ وقف » وإن مددت مد » وما أديت به تأدى » ولیس 
فيه شيء من كل ما تراه لكل بلغاء الدنيا » من صناعة عبث القول » والرغبة في تكثير سواد 
المعاني . وترك اللسان يطيش طيشة اللغوي يتعلق بكل ما عرض له › إنما هو كلام قيل لتصير به 
المعاني إلى حقائقها » فهو من لسان وراء فكر » وراءه قلب » وراءه إيمان » وراءه الله جل جلاله » 
وهو كلام في مجموعه كانه دنيا أصدرها حه عن نفسه العظيمة » لا تيرح ماضية في طريقها 
السوي على دين الفطرة فلا تتسع لخلاف ولا يقع بها التنافر . 

من هنا ترز الأ*مية القصوى في أن تكون سيرة الرسول مه وأقواله عاملة في النفس المؤْمنة 
عمل القلب من الحسد » ورقيبة عليها رقابة الضمير على العقل » حى يكون الارتقاء والسمو 
والعلو والارتفاع بالأجسام فوق جواذب المادة وقيود الأرض ) 

ولن تستطيع النفس أن تحقق هذه المقوّمات وبها بقايا من رواسب المادة أو جواذب 
الأرض » ولن تستطيع النفس أن ترفرف وتحلق إلا إذا أدركت غاية وجودها من خلال رصيدها 
. افتارنخي الطويل › الذي لم تظفر به أمة من الأم كا ظفرت أمة الإسلام و إن الله ابتعثنا لنخرج 
من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد » ومن جور الاديان إلى عدل الاسلام » ومن ضيق ) 


"اه 


الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ٠‏ . عبارات تفيض إيماناً وتشع ضياءٌ » وخرجت من نفس تربت 
على يد القائد والمعلم الأول عر » فأدركت غاية وجودها فعملت على تحقيقها .. وهكذا يجب 
أن يكون كل من أراد أن يشارك الكتائب في سيرها في الطريق الطويل . 

وللأهمية التي تحتلها سيرة الرسول مه في حياة المسلمين على امتداد التارخ وفي حياتهم 
الحاضرة ؛ فقد وضعت كتب كثيرة اختلفت نظراتها للسيرة ومناهجها في تناوها » ولكن كانت 
هناك بعض الكتب في هذا المجال امتازت بشموها وكانها ودقة منبجها , بما يعين القارىء على أن 
يتناول مسيرة الرسول مه في بسر يعينه على فهمها فهماً شاملاً كاملاً واستيعابها دون ما نقص 
أو خلل . 

وكان هذا الكتاب ١‏ الرحيق الختوم » للأستاذ صفي الرحمن المباركفوري ‏ من الجامعة 
السلفية باهند - من الكتب امحفردة في السرد التارخي والذي امتاز بمنبجه الواضح وشموليته 
الجامعة في عرض السيرة العطرة عرضاً عميقاً يسيرا » خالياً من الشوائب أو الأباطيل التي ألحقت 
ببعض كتب السيرة . 

ويكتاز هذا الكتاب أيضاً في كونه معیناً لكل قارىء أو باحث في السيرة أن يجد بغيته فيه . 

وقد فاز هذا الكتاب بالجحائزة الأولى لمسابقة السيرة النبوية التي نظمتها رابطة العام 
الإسلامي . 

ولا ننسى هنا أن نوه بإضافة هذا الحهد إلى الحهود العظيمة التي بها العلماء الحنود على 
امتداد العصور › في حرصهم وحفظهم للتراث الإسلامي وإبداعهم الفذ في محالات التفسير 


والسيرة والحديث وعلومه بخاصة . 
ونحن إذ نقدم هذا الكتاب إلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ؛ نسال الله أن يعم به 
الفائدة والنفع / 
والله من وراء القصد 
الناشر 


- ۱١ - 





كلمة المؤلف 


الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله » فجعله شاهدا 
ومبشرا ونذيرا » وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا » وجعل فيه أسوة حسنة لمن كان يرجو الله 
واليوم الآخر وذكر الله كثيرا » اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان 
إلى يوم الدين » وفجر لهم ينابيع الرحمة والرضوان تفجيرا . 

وبعد » فإن من دواعي الغبطة والسرور أن رابطة العا م الإسلامي أعلنت عقب مور السيرة 
النبوية الذي انعقد في باكستان في شهر ربيع الاول من سنة 1755١ه‏ بإقامة مسابقة على مستوى 
العالم الإسلامي » للبحث حول موضوع السيرة النبوية - على صاحبها ألف ألف صلاة 
وسلام - تنشيطا للكاتبين » وتنسيقا لجهودهم الفكرية » وإني أرى أن هذا العمل له قيمة كبيرة 
رما لا يحيط بوصفها البيان . فإن السيرة النبوية والأسوة المحمدية على صاحبها ما يستحق من 
الصلاة والسلام ‏ إذا لاحظناها بعين الدقة والاعتبار ‏ هي المنبع الوحيد الذي تتفجر منه ينابيع 
حياة العا م الاسلامي وسعادة المجتمع البشري . 

وإن من سعادتي وحسن حظي أني أساهم في تلك المسابقة المباركة » ولكن أين أنا حتى 
ألقي ضوءا على حياة سيد الأولين والآخرين عه . وإنما أنا رجل يرى لنفسه كل السعادة 
والفلاح أن يقتبس من نوره » حتى لا يتهالك في دياجير الظلمات » بل يحيا وهو من أمته » 
ويموت وهو من امته » ويغفر الله له ذنوبه بشفاعته . 

وكلمة بسيطة أرى أن أقدمها عن منبجي في مقالتي هذه : إني قبل أن اذ في كتابة المقالة 
رأيت أن أضعها في حجم متوسط متجنبا التطويل الممل والإيجاز امحل » ولكني كيرا ما رأيت في 
المصادر اختلافا كبيراً في ترتيب الوقائع » أو في تفصيل جزئياتها » وني مثل هذه المواقع قمت 


1ت 


بالتحقيق البالغ » وأدرت النظر في جميع جوانب البحث . ثم أثبت في صلب المقالة ما ترجح ٠‏ 
لدي بعد التحقيق . ولكن احترزت عن إيراد الدلائل والبراهين ؛ لأن ذلك يفضي إلى طول غير 
مطلوب . نعم ! رما أشرت إلى الدلائل حين خفت الاستغراب من يقرأ المقالة » أو حين رأيت 
' عامة الكاتبين ذهبوا إلى خلاف الصحيح . ) 
اللهم قدر لي الخير في الدنيا والآخرة » إنك أنت الغفور الودود ذو العرش المجيد . 
الجمعة المباركة ١785 / ۷ / ۲٤١‏ ه 
م/م 
صفي الر-ض الباركفوري 
الجامعة السلفية 
بنارس افند 


- ا٤‎ 


موقع العرب وأقوامها 


إن السيرة النبوية ‏ على صاحبها الصلاة والسلام ‏ عبارة في الحقيقة عن الرسالة التي حملها 
رسول الله عه إلى الجتمع البشري » وأخرج بها الناس من الظلمات إلى النور » ومن عبادة العباد 
إلى عبادة الله . وإذن فلا يمكن إحضار صورتا الرائعة بتهامها إلا بعد المقارنة بين خلفيات هذه 
الرسالة واثارها . ونظرا إلى ذلك نقدم فصلا عن أقوام العرب وتطوراتها قبل الاسلام » وعن 
الظروف التي بع فيها محمد عله . 


موقع العرب: 

العرب لغة : الصحارى والقفار » والأرض المجدبة التي لا ماء فيا ولا نبات . وقد أطلق هذا 
اللفظ منذ أقدم العصور على جزيرة العرب . كا أطلق على قوم قطنوا تلك الأرض » واتخذوها 
موطناً هم . 

وجزيرة العرب يحدها غربا ا الأحمر وشبه جزيرة سيناء » وشرقا الخليج العرني وجزء كبير 
من بلاد العراق الجنوبية » وجنوبا بحر العرب الذي هو امتداد لبحر المند › وشالا بلاد الشام 
وجزء من بلاد العراق على اختلاف في بعض هذه الحدود » وتقدر مساحتها ما بين مليون ميل 
مربع إلى مليون وثلامائة ألف ميل مربع . 

والحزيرة لها أهمية بالغة من حيث موقعها الطبيعي والحغرافي ؛ فأما باعتبار وضعها الداخلي 
فهي محاطة بالصحارى والرمال من كل جانب » ومن أجل هذا الوضع صارت الجزيرة حصنا 
منيعاً لا يسمح للأجانب أن يحتلوها وييسطوا عليها سيطرتهم ونفوذهم . ولذلك نرى سكان 
الحزيرة أحراراً في جميع الشئون منذ أقدم العصور . مع أنهم كانوا مجاورين لامبراطوريتين عظيمتين 


“۱0 - 


لم يكونوا يستطيعون دفع هجماتهما لولا هذا السد المنيع . 
وأما بالنسبة إلى الخارج فإنها تقع بين القارات المعروفة في العام القديم . وتلتقي بها برا 


ظ وبحرا . فان ناحيتا الشالية باب للدخحول في قارة | أفريقية › ية » وناحيتها الشهالية الشرقية مفتاح 
لقارة أوربا > والناحية الشرقية تة تفتح أبواب العجم والشرق الأوسط والادن وتفضي إلى الهند 


والصين » وكذلك تلتقي كل قارة بالجزيرة بحرا » وترسي سفنها وبواخرها على ميناء الجزيرة رسأ . 
ولأجل هذا الوضع الجحغراني كان شال الجزيرة وجنوبها مهبطأ للام ومركزا لتبادل ان و 
والثقافة » والديانة » والفنون . 


أقوام لفرت" 

وأما أقوام العرب فقد قسمها المؤرخون إلى ثلاثة أقسام بحسب السلالات التي ينحدرون 
منها : ظ ظ ظ 
)١(‏ العرب البائدة : وهم العرب القدامى الذين لم يمكن الحصول على تفاصيل كافية عن 
تاريخهم » مثل : عاد وود وطسم وجديس وعملاق وسواها . 
(؟) العرب العاربة : وهم العرب المنحدرة من صلب يعرب بن يشجب بن قحطان » وتسمى 
لغرب الحطائية . 
(۳) العرب المستعربة : وهي العرب المنحدرة من صلب إسماعيل » وتسمى بالعرب العدنانية . 

أا العرب العاربة - وهي شعب قحطان ‏ فمهدها بلاد الين » وقد تشعبت قبائلها 
وبطونها فاشتبرت منہا قبيلتان : 

(أ) حير » وأشهر بطونها زيد الجمهور » وقضاعة » والسكاسك . 

(ب) كهلان » وأشهر بطونها همدان » وأغار » وطيء» ومذحج » وكندة » ولحم » ٠‏ 
وجذام » والأزد » والأوس » والخزرج » وأولاد جفنة ملوك الشام . 

وهاجرت بطون كهلان عن الين » وانتشرت في أنحاء الجزيرة » وكانت هجرة معظمهم قبيل 
سيل العرم حون فشلت مجارتهم ؛ لضغط الرومان وسيطرتهم على طريق التجارة البحرية › 
وإفسادهم طريق البر بعد احتلاهم بلاد مصر والشام . 

- 15 - 


ولا غرو فقد كانت منافسة بين بطون كهلان وبطون حمير أدت إلى جلاء كهلان » ويشير 
إلى ذلك بقاء حمير مع جلاء كهلان . 

ويمكن تقسيم المهاجرين من بطون كهلان إلى اربعة اقسام : 
)١(‏ الازد - وكانت هجرتہم على رأي سيدهم وكبيرهم عمران بن عمرو مزيقباء . فساروا 
يتنقلون في بلاد اليمن ويرسلون الرواد » ثم ساروا بعد ذلك إلى الشهال . وهاك. تفصيل الاماكن التي 
سكنوا فيها بعد الرحلة نبائياً : عطف ثعلبة بن عمرو من الأزد نحو الحجاز » فأقام بين الثعلبية 
وذي قار » ولما كبر ولده وقوي ركنه سار نحو المدينة » فأقام بها واستوطنها . ومن أبناء ثعلبة هذا : 
الأوس والخزرج ¢ ابنا حارثة بن تعلبة . 

وانتقل منهم حارثة بن عمرو - وهو خزاعة - وبنوه في ربوع الحجاز » حتى نزلوا بمر 
الظهران » ثم افتتحوا الحرم فقطنوا مكة وأجلوا سكانها الجراهمة . 

ونزل عمران بن عمرو في عمان » واستوطنها هو وبنوه » وهم أزد عمنان » وأقامت قبائل 

وسار جفنة بن عمرو إلى الشام فأقام بها هو وبنوه » وهو أبو الملوك الغساسنة . نسبة إلى ماء 
في الحجاز يعرف بغسان كانوا قد نزلوا بها أولا قبل تنقلهم إلى الشام . 
(؟) حم وجذام - وكان في اللخميين نصر بن ربيعة أبو الملوك المناذرة بالحيرة . 
(۳) بنو طيء - ساروا بعد مسير الأزد نحو الشهال حتى نزلوا بالجبلين أجا وسلمى » وأقاموا 
هناك » حتى عرف الجبلان ججبلي طيء . 
(4) كندة ‏ نزلوا بالبحرين , ثم اضطروا إلى مغادرتها فتزلوا بحضرموت » ولاقرا هناك ما لاقوا 
بالبحرين » ثم نزلوا نجد » وكونوا هناك حكومة كبيرة الشأن ولكنها سرعان ما فنيت وذهبت 
اثارها . 

وهناك قبيلة من حمير مع اختلاف في نسبتها إليه ‏ وهي قضاعة - هجرت ايمن واستوطنت 
بادية السهاوة من مشارف العراق“ . 
)١(‏ انظر لتفصيل هذه القبائل وهجراتها : محاضرات تاريخ الأم الاسلامية للخضري ٠١۳-١٠١/١‏ وقلب جزيرة 

العرب ص٠۲۳‏ إلى ۲٠١‏ - واختلفت المصادر التاريخية اختلافاً كبيراً في تعيين زمن هذه الهجرات وأسبابيا 


- ۱۷ 


وأما العرب المستعربة فأصل جدهم الأعلى - وهو سيدنا إبراهيم عليه السلام - من بلاد 
العراق » من بلدة يقال لها « أر » على الشاطىء الغربي من نهر الفرات » بالقرب من الكوفة » وقد 
جاءت الحفريات والتنقيبات بتفاصيل واسعة عن هذه البلدة وعن أسرة إبراههم عليه السلام »> وعن 
الأحوال الدينية والاجتاعية في تلك البلاد"! . 

ومعلوم أن إبراهيم عليه السلام هاجر منها إلى حاران أو حران » ومنها إلى فلسطين » فاتخذها 
قاعدة لدعوته » وكانت له جولات في أرجاء هذه البلاد وغيرها”' وقدم مرة إلى مصر › وقد 
حاول فرعون مصر كيداً وسوءا بزوجته سارة ولكن الله رد كيده في نحره » وعرف فرعون 
ما لسارة من الصلة القوبة بالله > حتى أخدمها ابنته'") هاجر ؛ اعترافاً بفضلها » وزوجتها سارة 
إبراهم'"' . 

ورجع إبراهيم إلى فلسطين » ورزقه الله من هاجر إسماعيل » وغارت سارة حت ألجأت إبراهم 
إلى نفي هاجر مع ولدها الصغير - إسماعيل - فقدم بهما إلى الحجاز » وأسكنهما بواد غير ذي 
زرع عند بيت الله ا حرم الذي لم يكن إذ ذاك إلا مرتفعاً من الأرض كالرابية » تأتيه السيول فتأخحذ 
عن يمينه وثماله » فوضعهما عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد » وليس بمكة يومئذ أحد » 
وليس بها ماء . فوضع عندهما جراباً فيه تمر » وسقاء فيه ماء » ورجع إلى فلسطين , ولم تمض أيام 
حتى نفد الزاد والماء » وهناك تفجرت بر زمزم بفضل الله » فصارت قوتا هما وبلاغا إلى حين . 
والقصة معروفة بطوها . ظ ظ 

وجاءت قبيلة يمانية - وهي جرهم الثانية - فقطنت مكة باذن من ام إسماعيل 525 إنهم 
كانوا قبل ذلك في الأودية التي بأطراف مكة . وقد صرحت رواية البخاري آم ل 


=> وبعد إدارة النظر من جميع الحوانب أثيتنا ما ترجح عندنا في هذا الباب من حيث الدليل . 

00000.004 ]هه‎ ١ تة تفهم القران للسيد أي الأعلى المودودي‎ )١( 

(۲) نفس المصدر ٠١۸/١‏ . | 

(۳) العروف أن هاجر كانت أمة مملوكة » ولكن حقق الكاتب الكبير العلامة القاضي محمد سلهان المنصورفوري 
أنها كانت حرة » وكانت ابنة فرعون ‏ انظر رحمة للعالمين - 0775/7” . 

(4)14 نفس المصدر ۳٤/۲‏ وانظر في تفصيل القصة : صحيح البخاري 5 . 

(©) انظر صحيح البخاري » كتاب الأنبياء ٤١١-٤۷٤/١‏ . 


148 


إسماعيل » وقبل أن يشب » وأمهم كانوا يمرون بهذا الوادي قبل ذلك" . 

وقد كان إبراهم يرحل إلى مكة ! ين اونة وأخرى ليطالع تركته » ولا يعلم م كانت هذه 
الرحلات » إلا أن المصادر التاريخية الموثوقة حفظت أربعة منها . 

فقد د کر الله تعالى في القران أنه أرى إبراهيم في المنام أنه يذج إسماعيل »› فقام بامتثال هذا 
الأمر «١‏ فما شلماوتم لجن € ويهآ ھی 09 ي) قد تان نادزی 
المخي نة 9> دار يالى 9 منتى َير @ 4" . 

وقد ذكر في سفر التكوين أن إسماعيل كان أى 9 
القصة يدل على أنها وقعت قبل ميلاد إسحاق » لاأن البشارة بإسحق ذكرت بعد سرد القصة 
بتامها . 

وهذه القصة تتضمن رحلة واحدة ‏ على الأقل ‏ قبل أن يشب إسماعيل » أما الرحلات 
الثلاث الأخر فقد رواها البخاري بطوها عن ابن عباس مرفوعاً”'' وملخصها أن إسماعيل لما شب 
وتعلم العربية من جرهم » وأنفسهم وأعجبهم زوجوه امرأة منم » وماتت أمه » وبدا لإبراههم أن 
يطالع تركته فجاء بعد هذا التزوج » فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه وعن أحوالهما » فشكت 
إليه ضيق العيش فأوصاها أن تقول لاسماعيل أن يغير عتبة بابه » وفهم إسماعيل ما أراد أبوه » 
فطلق امرأته تلك وتزوج امرأة أخرى » وهي ابنة مضاض بن عمرو » كبير جرهم وسيدهم"' . 

وجاء إبراهيم مرة أخرى بعد هذا التزوج الثاني فلم يجد إسماعيل فرجع إلى فلسطين بعد أن 
سال زوجته عنه وعن أحواهما فأثنت على الله » فأوصى إلى إسماعيل أن يثبت عتبة بابه . 

وجاء مرة ثالثة فلقي إسماعيل وهو يبري نبلا له تحت دوحة قريب من زمزم فلما راه قام إليه 
فصنع ؟ يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد » وكان لقاؤهما بعد فترة طويلة من الزمن › قلما يصير 
فيها الأب الكبير الأواه العطوف عن ولده » والولد البار الصالح الرشيد عن أبيه وفي هذه المرة بنيا 








. 498/١ تفس المصدر‎ )١( 

(۲) الآيات ٠١۷-٠١۳‏ من سورة الصافات . 
4۷1-4۷٥/۱ )5‏ . 

. ۲۳۰٠ص قلب جزيرة العرب‎ )٤( 


” 


الكعبة » ورفعا قواعدها , وأذن إبراهم في الناس بالحج كا أمره الله . 

وقد رزق الله إسماعيل من ابنة مضاض اثني عشر ولد ذكرا“ وهم : نابت أو نبايوط » 
قيدار » وأدبائيل » ومبشام » ومشماع › ودوما » وميشاء وحدد » ويتّا » ويطور » ونفيس › 
وقيدمان » وتشعبت من هؤلاء اثنتا عشرة قبيلة » سكنت كلها في مكة مدة » وكانت جل 
معيشتهم التجارة من بلاد الهِن إلى بلاد الشام ومصر ثم انتشرت هذه القبائل في أرجاء الحزيرة بل 
وإلى خارجها . ثم أدرجت أحواهم في غياهب الزمان » إلا أولاد نابت وقيدار . 

وقد ازدهرت حضارة الأنباط ‏ أبناء نابت - في شمال الحجاز » وكونوا حكومة قوية دان لها 
من بأطرافها » واتحذوا البطراء عاصمة لهم » ولم يكن يستطيع منارأتهم أحد حتى جاء الرومان 
فقضوا عليهم » وقد رجح السيد سليان الندوي بعد البحث الأنيق والتحقيق الدقيق أن ملوك آل 
غسان وكذا الأنصار من الأوس والحزرج لم يكونوا من آل قحطان ٠‏ وإنما كانوا من آل نابت بن 
إسماعيل » وبقاياهم في تلك الديار" . 

وأما قيدار بن إسماعيل فلم يزل أبناؤه بمكة يتناسلون هناك حتى كان منه عدنان وولده معد › 

ومنه حفظت العرب العدنانية أنسابها . وعدنان هو الجد الحادي والعشرون في سلسلة النسب 
النبوي » وقد ورد أنه مَك كان إذا انتسب فبلغ عدنان يمسك ويقول : كذب النسابون » فلا 
يتجاوزه“ . وذهب جمع من من العلماء إلى جواز رفع النسب فوق عدنان ؛ مضعفين للحديث 
المشار إليه » وقالوا إن بين عدنان وبين إبراهم عليه السلام أربعين أبآ بالتحقيق الدقيق؟» . 

وقد تفرقت بطون معد من ولده نزار - قيل لم يكن لمعد ولد غيره ‏ فكان لنزار أربعة 
أولاد » تشعبت منهم أربعة قبائل عظيمة : إياد وأغار وربيعة ومضر » وهذان الأخيران هما اللذان 
کارت بطونهما واتسعت أفخاذهما » فكان من ربيعة : أسد بن ربيعة › عر وعبد القيس › 
وابنا وائل ‏ بكر » وتغلب - وحنيفة وغيرها . 
(۲) انظر تاريخ أرض القران ۷۸/۲ إلى 85 . 


(۳) انظر الطيري ٠۹٤-۱۹۱/۲‏ والأعلام 5/0 . 
(4) رحمة للعامين ۷/۲ ۰ ۰۱6۰۸ .١۷١١١٠١‏ 


ت 


وتشعبت قبائل مضر إلى شعبتين عظيمتين : قيس عيلان بن مضر › وبطون إلياس بن 
مضر . فمن قيس عيلان : بنو سلم » وبنو هوازن » وبنو غطفان . ومن غطفان : عبس وذبيان › 
وأشجع وغني بن أعصر . 

ومن إلياس بن مضر : تيم بن مرة » وهذيل بن مدركة › وبنو أسد بن خزيمة وبطون 
كنانة بن خزيمة » ومن كنانة : قريش » وهم أولاد فهر بن مالك بن النضر بن كنانة . 

وانقسمت قريش إلى قبائل شتى » من أشهرها : جمح » وسهم » وعدي › ومخزوم » وتم » 
وزهرة » وبطون قصي بن كلاب » وهي عبد الدار بن قصي » وأسد بن عبد العزى بن قصي › 
وعبد مناف بن قصي . 

وكان من عبد مناف أربع فصائل : عبد مس » ونوفل » والمطلب » وهاشم وبيت هاشم هو 
الذي اصطفى الله منه سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم له“ . 

قال عله  :‏ إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل » واصطفى من ولد إسماعيل كنانة » 
واصطفى من بني كنانة قريشاً » واصطفى من قريش بني هاشم » واصطفاني من بني هاشم 6(" . 

وعن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله عه : « إن الله خلق الخلق فجعلني من 
خير فرقهم وخير الفريقين » ثم تير القبائل » فجعلني من خير القبيلة » ثم تخير البيوت فجعلني من 
خير بيوتهم › فانا خيرهم نفسا وخيرهم بيتا »!" . 

وما تكائر أولاد عدنان تفرقوا في أنحاء شتى من بلاد العرب » متتبعين مواقع القطر ومنابت 
العشب . 

فهاجرت عبد القيس » وبطون من بكر بن وائل » وبطون من تیم إلى البحرين فأقاموا بها . 


وخرجت بنو حنيفة بن صعب بن على بن بكر إلى الهامة فنزلوا بحجر , قصبة اليامة . 


)1غ( محاضرات تاريخ الأم الاسلامية للخضري ٠١ 2١14/١‏ . 
(۲) رواه مسلم عن وائلة بن الأسقع » باب فضل نسب النبي عَم ۲٤٠/۲‏ والترمذي ۲١٠/۲‏ . 
(*) روه الترمذي . باب ما جاء في فضل النبي که ۲۰٠/۲‏ . 


ت١1‎ 


وأقامت سائر بكر بن وائل في طول الأرض من الهامة إلى البحرين إلى سيف كاظمة إلى البحر » 
فأطراف سواد العراق » فالأبلة فهيت . 
وأقامت تغلب بالحزيرة الفراتية » ومنها بطون كانت تساكن بكرا . وسكنت بنو تيم ببادية 
البصرة . ظ 
وأقامت بنو سليم بالقرب من المدينة » من وادي القرى إلى خيبر إلى شري المدينة إلى حد 
الجبلين » إلى ما ين ينتبي إلى الخرة . 
وسكنت ثقيف بالطائف » وهوازن في شرق مكة بنواحي أوطاس »› وهي على الحادة بين 
مكة والبصرة . 
| وسكنت بنو أسد شرقي نهاء وغرني الكوفة ۽ بينهم وبين تهاء ديار بختر من طيء » وبينوم 
وبين الكوفة خمس ليال . 
وسکنت ذبيان بالقرب من تهاء إلى حوران . 
وبقي بتهامة بطون كنانة » وأقام بمكة وضواحيها بطون قريش » وكانوا متفرقين لا تجمعهم 
جامعة حتى نبغ فييم قصي بن كلاب › فجمعهم » وكون هم وحدة شرفتہم ورفعت من 
أقدارهي.” . 


(1) عحاضرات تارجم الأم الإسلامية للخضري 15-16/١‏ . 


ا 


الحكم والإمارة فى العرب 


حينا أردنا أن نتكلم عن أحوال العرب قبل الإاسلام ؛ رأينا أن نضع صورة مصغرة من تاريخ 
الحكومة والإمارة والملل والأديان في العرب » حتى يسبل علينا فهم الأوضاع الطارئة عند ظهور 
الإسلام . 

كان حكام الحزيرة حين بزغت همس الإسلام قسمين : قسم منهم ملوك متوجون » لكنهم 
كانوا في الحقيقة غير مستقلين » وقسم هم رؤساء القبائل والعشائر » لهم ما للملوك من الحكم 
والامتياز » ومعظم هؤلاء كانوا على تمام الاستقلال . وربما كانت لبعضهم تبعية لملك متوج › 
والملوك المتوجون هم ملوك الين » وملوك ال غسان » وملوك الحيرة » وما عدا هؤلاء من حكام 
الحزيرة فلم تكن لهم تيجان . 


الملك باليمن: 

من أقدم الشعوب التي عرفت بالين من العرب العازبة قوم سبأ » وقد عار على ذكرهم في 
حفريات ١‏ أور » خمسة وعشرين قرناً قبل الميلاد . ويبدأً ازدهار حضارتهم ونفوذ سلطانهم 
وبسط سيطرتهم بأحد عشر قرناً قبل الميلاد . 

)١(‏ القرون التي حلت قبل سنة .م 4 وكان ملوكهم يلقبون في هذا الزمن ب 
١‏ مكرب سبأً ؛ وكانت عاصمتهم بلدة « صرواح » التي توجد أنقاضها على مسافة يوم إلى الحانب 
الغرني من بلدة« مأرب » وتعرف باسم « خربية » وفي زمنهم بدأ بناء السد الذي عرف بسد 


- ۳ - 


' مارب » والذي له شأن كبير في تاريخ الهِن » ويقال إن سباً بلغوا من بسط سلطتهم إلى أن اتحذوا 
المستعمرات في داخل بلاد العرب وخارجها . 

(۲) منذ سنة ۰ق .م إلى سنة 6١١اق.م‏ وفي هذا الرمن تركوا لقب ٠‏ مكرب » وعرفا 
بملوك سبا » واتذوا « مأرب » عاصمة لهم بدل « صرواح » وتوجد أنقاضها على بعد ستين ميلا 
من صنعاء إلى جانبها الشرق . 

(۳) منذ سنة ١١٠١‏ ق.م إلى سنة ١‏ ١٠م‏ » وني هذا العهد غلبت قبيلة همير على بملكة 
سبأً» واتخذت بلدة « ريدان » عاصمة ها بدل « مأرب » . ثم ميت بلدة « ريدان » باسم 
ظفار » وتوجد أنقاضها على جبل مدور بالقرب من « يريم » وني هذا العهد بدأ فيم السقوط 
والانحطاط » فقد فشلت تحارتهم إلى حد كبير ؛ لبسط سيطرة الأنباط في شمال الحجاز أولأء ثم 
لغلبة الرومان على طرق التجارة البحرية بعد نفوذ سلطائهم على مصر وسوريا وشثمالي الحجاز ثاني » 
ولتنافس القبائل فيا بينها ثالث . وهذه العناصر هي التي سببت في تفرق آل قحطان وم إلى 
البلاد الشاسعة . 

)٤(‏ منذ سنة ١٠۳م‏ إلى أن دخل الإسلام في الين . وني هذا العهد توالت لبهم 
الاضطرابات والحوادث » وتتابعت الانقلابات » والحروب الأهلية التي جعلتهم عرضة للأجانب 
حتى قضت على استقلاهم » ففي هذا العهد دخل الرومان في عدن » وععونتهم احتلت الأحباش 
اين لأول مرة سنة ١٤۳م‏ » مستغلين التنافس بين قبيلتي همدان وحمير » واستمر احتلاهم إلى 
سنة ۳۷۸م . ثم نالت الين استقلالها » ولكن بدأت تقع الثلمات في سد مأرب » حتى وقع 
السيل العظم الذي ذكره القران بسيل العرم في سنة ١٥٤م‏ أو ١١٠٤م‏ . وكانت حادثة كبرى 
أدت إلى خراب العمران وتشتت الشعوب . 

وفي سنة ۲۴٥م‏ قاد ذو نواس اليبودي حملة منكرة على المسيحيين من أهل نجران » وحاول 
صرفهم عن المسيحية قسراً . ولا أبوا حد لهم الأخدود وألقاهم في النيران , وهذا الذي أشار إليه 
القران في سورة البروج بقوله : ( فُيِنَأمحبَالْايْدُومٍ 4 الآيات › وكان من جراء ذلك نقمة 
النصرانية الناشطة إلى الفتح والتوسع تحت قيادة أباطرة الرومان على بلاد العرب » فقد حرضوا 


- € 


الأحباش 3 وهيأوا هم الأسطول الببحري ؛ فنتزل سبعون ألف جندي من الحبشة ؛ واحتلوا اين 
مرة ثانية » بقيادة أرياط سنة ٠۲٠م‏ » وظل أرياط حاكاً من قبل ملك الحبشة حتى اغتاله أبرهة 
- أحد قواد جيشه - وحكم بدله بعد أن استرضى ملك الحبشة » وأبرهة هذا هو الذي جند 
اجنود هدم الكعبة » وعرف هو وجنوده انات الفيل . 

وبعد وقعة الفيل استنجد اليمانيون بارس > وقاهوا بمقاومة الحبشة حتى أجلوهم عن البلاد › 
ونالوا الاستقلال في سنة ١۷٥م‏ بقيادة معد يكرب بن سيف ذي يزن الحميري » واتخذوه ماكا 
هم » وكان معد يکرب أبقى معه جمعاً من الحبشة يخدمونه ويمشون في ركابه › فاغتالوه ذات 
يوم » وبموته انقطع الملك عن بيت ذي يزن » وولى كسرى عاملاً فارسياً على صنعاء » وجعل 
الهن ولاية فارسية فلم تزل الولاة من الفرس تتعاقب على الين حتى كان اخرهم باذان الذي اعتنق 
الإسلام سنة 1۳۸م . وبإسلامه انتبى نفوذ فارس على بلاد اله(" . 


الملك بالحيرة: 
كانت الفرس تحكم على العراق وما جاورها منذ أن جمع شملهم قوروش الكبير 
٥۲۹ - ٥٥۷ (‏ ) ق.م ولم يكن أحد يناوئهم » حتى قام الاسكندر المقدوني سنة *7اق.م 
فهزم ملكهم دارا الآول » وكسر شوكتهم » حتى تحزأت بلادهم وتولاها ملوك يعرفون بملوك 
الطوائف » واستمروا يحكمون البلاد مجحزأة إلى سنة ١7م‏ . وفي عهد هؤلاء الملوك هاجر 
القحطانيون , واحتلوا جزءا من ريف العراق ثم لحقهم من هاجر من العدنانيين فزاحموهم حتى 
سكنوا جزءا من الحزيرة الفراتية . 
وعادت القوة مرة ثانية إلى الفرس في عهد أردشير - مؤؤسس الدولة الساسانية منذ سنة 
5م - فإنه جمع شمل الفرس » واستولى على العرب المقيمين على تخوم ملكه » وكان هذا سببا 
في رحيل قضاعة إلى الشام » ودان له أهل الحيرة والأنبار . 
)١(‏ انظر في تفصيل ذلك : تفه القران ۰۱۹٩۱ , ٤‏ ۰۱۹۷ ۱۹۸ وتارخ أرض القران ج١/‏ من 
ص۳۳٠‏ إلى نہاية الكتاب » وني تعيين السنين اخحتلاف كبير بين المصادر التاريية » وقد قال بعض الكتاب 
عن هذه التفاصيل 8 إن هذا إلا أساطير الأولين ‏ . 


- 0 


وني عهد أردشير كانت ولاية جذية الوضاح على الحيرة وسائر من ببادية العراق واللتزيرة من 
ربيعة ومضر » وكان أردشير رأى أنه يستحيل عليه أن يحكم العرب مباشرة » ويمنعهم من الإغارة 
عل گنوم ملكه ‏ إلا أن يماك علهم رجلا ميم اله خصبية تزيذه وقنعه » ومن جهة أخرى کی 
الاستعانة بهم على ملوك الرومان الذين كان يتخوفهم » وليكون عرب العراق أمام عرب الشام 
الذين اصطنعهم ملوك الرومان » وكان يبقي عند ملك الحيرة كتيبة من جند الفرس ؛ ليستعين بها 
على الخارجين على سلطانه من عرب البادية » وكان موت جذيمة حوالي سنة 1548م . 

وبعد موت جذيمة ولى الحيرة عمرو بن عدي بن نصر اللخمي » أول ملوك اللخميين - في 
عهد كسرى سابور بن أردشير ‏ ثم لم تزل الملوك من اللخميرن تتوالى على الجيرة حتى ولى الفرس 
قباذ بن فيروز » وني عهده ظهر مزدك » وقام بالدعوة إلى الاباحية » فتبعه قباذ کا تبعه كثير من 
رعيته » ثم أرسل قباذ إلى ملك الحيرة ‏ وهو المنذر بن هاء السهاء.سس يدعوه إلى أن يختار هذا 
الذهب ويدين به » فأنى عليه حمية وأنفة » فعزله قباذ » وولى بدله الحارث بن عمرو بن حجر 
الكندي بعد أن أجاب دعوته إلى المذهب المزدكي . 

وخلف قباذ كسرى أنوشروان » وكان يكره هذا المذهب خا فر ارات کا وردان 
بمذهبه » وأعاد المنذر إلى ولاية الحيرة » وطلب الحارث بن عمرو لكنه أفلت إلى دار كلب » فلم 
ا ظ 

بع الاك لبان يما لمان E‏ ا لساري قو ت 

ADEE‏ دبرها زيد بن عدي العبادي › وأرسل كسرى إلى النعمان 
يطلبه » فخرج النعمان حتى نزل سرا على هانیء بن مسعود سيد آل شيبان » فأودعه أهله وماله » 
ثم توجه إلى كسرى » فحبسه كسرى حتى مات وولى على الحيرة بدله إياس بن قبيصة الطالي » 
وأمره أن يرسل إلى هانىء بن مسعود يطلب منه تسام ما عنده » فأنى ذلك هانىء حمية » وآذن 
الملك با لجرب » وم تلبث أن جاءت مرازبة كسسرى وكتائبه في موكب أياس › وكانت بين 
الفريقين موقعة هائلة عند ذي قار » وانتصر فيها بنو شيبان » وانهزمت الفرس هزيمة منكرة . وهذا 
أول يوم انتصرت فيه العرب على العجم » وهو بعد ميلاد الرسول به بقليل » فإنه عليه السلام 
ولد ثانية أشهر من ولاية إياس بن قبيصة على الخبيرة . 


1 هد 


) وولى كسرى على الحيرة بعد إياس حاكا فارسياً » وني سنة 1۳۲م عاد الملك إلى ال لخم » 
فتولى منهم المنذر الملقب بالمعرور » ولم تزد ولايته على ثمانية أشبر حتى قدم عليه خالد بن الوليد 
بعساكر المسلمين' . 
الملك بالشام: 

في العهد الذي ماجت فيه العرب ہجرات القبائل صارت بطون من قضاعة إلى مشارف 
الشام وسكنت بها » وكانوا من بني سليح بن حلوان الذين منهم بنو ضجعم بن سليح المعروفون 
بامم الضجاعمة » فاصطنعهم الرومان ؛ لينعوا عرب البرية من العبث › وليكونوا عدة ضد 
الفرس » وولوا منهم ملكا , ثم تعاقب املك فيهم سنين » ومن أشهر ملوكهم زياد بن البولة » 
ويقدر زمنهم من أوائل القرن الثاني الميلادي إلى نبايته تقريباً ؛ وانتبت ولايتهم بعد قدوم ال 
غسان » الذين غلبوا الضجاعمة على ما بيدهم وانتصروا عليهم » فولتهم الروم ملوكاً على عرب 
الشام ¢ وكانت قاعدتهم دومة الجندل › وم تزل تتوالى الغساسئة عل الشام بصفتهم عمالاً للوك 
الروم حتى كانت وقعة اليرموك سنة ١١ه‏ ء وانقاد للإسلام آخر ملوكهم جبلة بن الأيهم في عهد 
أمير المومنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه9) . 
الإمارة بالحجاز: 

ولي اسماعيل عليه السلام زعامة مكة وولاية البيت طول حياته "ا . وتوفي وله ۳۷ 
سنة" . ثم ولي اثنان من أبنائه نابت ثم قيدار » ويقال العكس » ثم ولي أمر مكة بعدهما جدّهما 
مضاض بن عمرو الجخردمي » فانتقلت زعامة مكة إلى جرهم وظلت في أيديهم » وكان لأولاد 
إسماعيل مركز محترم ؛ لما لابيهم من بناء البيت » ولم يكن لهم من الحكم شيءا" . 

ومضت الدهور والأيام ول يزل أمر أولاد إسماعيل عليه السلام ضغيلاً لا يذكر » حتى 
)١(‏ محاضرات تاريخ الم الإسلامية للخضري 580135115٠ 259/١‏ . 
(۲) نفس المصدر 55/١‏ » وأرض القران ۸۰/۲ 478١ ٠‏ . 
(۴) قلب جزيرة العرب ص 57٠0١‏ 37177 . 
(4) صفر التكوين ۲١‏ : ۱۷ . 
(©) قلب جزيرة العرب ص ١7١‏ ۲۳۷ » وابن هشام ١/1-؟1١١‏ » وذكر ابن هشام ولاية نابت فقط من 

أولاد إسماعيل عليه السلام . 


- ۲۷ - 


ضعف أمر جرهم قبيل ظهور بختنصر » وأخخذ نجم عدنان السياسي يتألق في أفق سماء مكة منذ 
9 العصر » بدليل ما جاء بمناسبة غزو مختنصر للعرب في ذات عرق › فإن قائد العرب في 
قعة لم يكن جرهمياً!" . ظ 
وتفرقت بنو عدنان إلى اليمن عند غزوة مختنصر الثانية ( سنة /المهق.م ) » وذهب برمياه 
النبي بمعد إلى الشام » فلما انكشف ضغط بختنصر رجع معد إلى مكة فلم يجد من جرهم إلا 
جرشم بن جلهمة » فتزوج بابنته معانة فولدت له نزار" . 
وساء أمر جرهم بمكة بعد ذلك وضاقت أحوالمم . فظلموا الوافدين إليها » واستحلوا مال 
الكعبة''' » الأمر الذي كان يغيظ العدنانيين » ويثير حفيظتهم » ولا نزلت خزاعة بمر الظهران › 
ورأت نفور العدنانيين من الجراهمة استغلت ذلك » فقامت بمعونة من بطون عدنان ‏ وهم بنو 
بكر بن عبد مناف بن كنانة - بمحاربة جرهم » حتى أجلتهم عن مكة » واستولت على 
حكمها » ني أواسط القرن الثاني للميلاد . 
ولا لجأت جرهم إلى الحلاء سدوا بثر زمزم » ودرسوا موضعها » ودفنوا فيها عدة أشياء » قال 
ابن إسحق : فخرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي 7" بغزالبي الكعبة!* » ويحجر الركن 
A‏ ا ع ايم > فحزنوا على ما فارقوا من 
مكة وملكها حزناً شديداً » وني ذلك قال عمروا“: 
9 ل يكن بين الحجون إلى الصفا PT NE‏ 
بلى نحن كنا أهلها فأبادنا صروف الليال والجدود العوائر 
ويقدر زمن إسماعيل عليه السلام بعشرين قرناً قبل الميلاد » فتكون إقامة جرهم في مكة 
)١(‏ قلب جزيرة العرب ص٠۲۳‏ . ظ 
(۲) رحمة للعالمين 48/7 . 
(؟) قلب جزيرة العرب ص۲۳۱ . 
)٤(‏ هذا غير مضاض اجأد رمي الأكبر الذي مضى ذكره في قصة إسماعيل عليه السلام . | 
. (ه) قال المسعودي : وكانت الفرس تهدي إلى الكعبة أموالاً في صدر الزمان وجواهر » وقد كان ساسان بن بابك 
ظ أهدى غزالين من ذهب وجواهر وسيوفا وذهباً كثيراً فقذفه ( عمرو ) في بثر زمزم أه انظر مروج الذغب < 
٥/1‏ . ظ 
(5) ابن هشام ۱۱١ ۱۱٤/۱‏ . 


> TA- 


واحدا وعشرين قرنا تقريبا » وحكمهم على مكة زهاء عشرين قرنا . واستبدت خزاعة بامر مكة 
دون بني بكر , إلا أنه كان إلى قبائل مضر ثلاث خلال : 

الأولى : الدفع بالناس من عرفة إلى المزدلفة » والإجازة بهم يوم النفر من منى » وكان يلي 
ذلك بنو الغوث بن مرة من بطون إلياس بن مضر » وكانوا يسمون صوفة ومعنى هذه الإجازة أن 
الناس كانوا لايرمون يوم النفر حتى يرمي رجل من صوفة » ثم إذا فرغ الناس من الرمي ٠‏ وأرادوا 
النفر من منى أخذت صوفة بجانبي العقبة » فلم يجر أحد حتى يمروا » ثم يخلون سبيل الناس » فلما 
انقرضت صوفة ورثهم بنو سعد بن زيد مناة من عم . 

الثانية : الإفاضة من ممع غداة النحر إلى منى » وكان ذلك في بني عدوان . 

الثالفة : إنساء الأشبر الحرم . وكان ذلك إلى بني تيم بن عدي من بني كنانة” . 

واستمرت ولاية خزاعة على مكة ثلاثمائة سنة"“ . وفي وقت حكمهم انتشر العدنانيون في 
نجد وأطراف العراق والبحرين » وبقي باطراف مكة بطون من قريش وهم حلول وحرم » وبيوتات 
متفرقون في قومهم من بني كنانة . وليس لهم من أمر مكة ولا البيت الحرام شيء حتى جاء 
قصي بن كلاب . 

ويذكر من أمر قصي أن أباه مات وهو في حضن أمه » ونكحت أمه رجلا من بني عذرة 
- وهو ربيعة بن حرام فاحتملها إلى بلاده بأطراف الشام » فلما شب قصي رجع إلى مكة › 
حليل وزوجه إياها"“ فلما مات حليل قامت حرب بين خزاعة وقريش أدت أخيراً إلى تغلب 
قصي على أمر مكة والبيت . 

وهناك ثلاث روايات في بيان سبب هذه الحرب . 

الأولى : أن قصيا لما انتشر ولده وكثر ماله وعظم شرفه وهلك حليل رأى أنه أولى بالكعبة 
وبامر مكة من خزاعة وبني بكر » وأن قريشا رؤوس ال إسماعيل وصريحهم » فكلم رجالا من 
(۱) ابن هشام ٤٤/۱‏ ۱۱۹ ۱۲۰ ۱۲۲. 
(۲) ياقوت مادة و مكة » . 
(۳) محاضرات تارج الأم الاسلامية للخضري ۲٠/۱‏ » وابن هشام ١١17/١‏ . 
(5) ابن هشام ۱۱۷/۱ - ۱۱۸ . 


د 


قريش وبني كنانة في إخراج خزاعة وبني بكر عن مكة فأجابو م . 

الثانية : أن حليلاً ‏ فيا تزعم خزاعة - أوصى قصياً بالقيام على الكعبة وبأمر مكة”© . 

الثالثة : أن حليلاً أعطى ابنته جى ولاية البيت » واتخذ أبا غبشان الخزاعي وكيلاً ها » فقام 
أبو غبشان بسدانة الكعبة نيابة عن حى » فلما مات حليل اشترى قصي ولاية البيت من أي 
غبشان يزق من ا حمر » وم ترض خزاعة بهذا البيع » وحاولوا منع قصي عن البيت » فجمع قصي 
رجالاً من قريش وبني كنانة لاخراج خزاعة من مكة › فأجابوه . 

وأيا ما كان » فلما مات حليل وفعلت صوفة ما كانت تفعل أتاهم قصي بمن معه من قريش 
وكنانة عند العقبة فقال : نحن أولى بهذا منكم » فقاتلوه فغلييم قصي على ما كان بأيديهم ‏ 
وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصي › فبدأهم ة قصي » وأجمع الحربهم » فالتقوا واقتتلوا 
قتالاً شديداً » صار جمع من الفريقين فريسة له » ثم تداعوا إلى الصلح فحكموا يعمر بن عوف 
أحد بني بكر » فقضى بأن قصياً أول بالكعبة وبأمر مكة من خزاعة » وكل دم أصابه قصي منهم 
موضوع بشدخه تحت قدميه » وما أصابت خزاعة وبنو بكر ففيه الدية » وأن يخلى بين قصي وبين 
الكعبة ‏ فسمي يعمر يومئذ الشداخ ) وكان استيلاء قصي على مكة والبيت في أواسط القرن 
الخامس للميلاد سنة ٤٠‏ ٤م‏ وبذلك صارت لقصي » ثم لقريش السيادة التامة » والأمر النافذ 
في مكة » وصار الرئيس الديني لذلك البيت الذي كانت تفد إليه العرب من جميع أنحاء الجزيرة . 

وما فعله قصي بمكة أنه جمع قومه من منازهم إلى مكة » وقطعها رباعا بين قومه » وأتزل كل 
قوم من قريش منازيهم التي أصبحوا عليها » وأقر النسأة وال صفوان » وعدوان ومرة بن عوف على 


ما كانوا عليه من المناصب ؛ لأنه كان يراه دين في نفسه لا ينبغي تغييره" . ْ 


ومن ماثر قصي أنه أسس دار الندوة بالجانب الثمالي من مسجد الكعبة ¢ د بامبا الى 
المسجد » وكانت ممع قريش » وفيبا تفصل مهام أمورهااء وهذه الدار فضل عل قرش ۽ لأا 
)١(‏ نفس المصدر 1/١‏ - ماك 
(۲) نفس المصدر ۱ . 
(۳) رحمة للعالمين ٠٥١/۲‏ . 
)٤(‏ ابن هشام ۱۲۳/۱ ۱۲٣١‏ . 
(ه) قلب جزيرة العرب ص۲۳۲ . 
(5) ابن هشام ۱۲۶/۱ ۱۲١‏ . 


۳° 


ضمنت اجتا ع الكلمة وفض المشاكل بالحسنى7" . 

وكان لقصي من مظاهر الرياسة والتشريف : 

)١(‏ رياسة دار الندوة » ففيها كانوا يتشاورون فيا نزل بهم من جسام الأمور » ويزوجون فيا 
بناتہم . 
(۲) اللواء » فكانت لا تعقد راية الحرب إلا بيده . 

(۴) الحجابة وهي حجابة الكعبة , لا يفتح بابها إلا هو » وهو الذي بلي أمر خدمتها 
وسدانتها . 

)٤(‏ سقاية الحاج » وهي اپ كانوا يملأون للحجاج حياضا من الماء » يحلونها بشيء من 
اتمر والزبيب » فيشرب الناس منها إذا وردوا مكة' . 

(5) رفادة الحاج » وهي طعام كان يصنع للحاج على طريقة الضيافة » وكان قصي فرض 
على قريش خرجا تخرجه في الموسم من أمواها إلى قصي » فيصنع به طعاماً للحاج » يأكله من لم 
يكن له سعة ولا زاد9) ' 

وكان كل ذلك لقصي ‏ وكان ابنه عبد مناف قد شرف وساد في حياته » وكان عبد الدار 
بكره » فقال له قصي : لألحقنك بالقوم وإن شرفوا عليك » فأوصى له بما كان يليه من مصالح 
قريش » فاعطاه دار الندوة والحجابة واللواء والسقاية والرفادة » وكان قصي لا يخالف ولا يرد عليه 
شيء صنعه ‏ وكان أمره في حياته وبعد موته كالدين المتبع » فلما هلك أقام بنوه أمره لا نزاع بينبم 
ولكن لما هلك عبد مناف نافس أبناؤه بني عمهم عبد الدار في هذه المناصب ء وافترقت قريش 
فرقتين » وكاد يكون بينهم قال » إلا أمهم تداعوا إلى الصلح » واقتسموا هذه المناصب » فصارت 
السقاية والرفادة إلى بني عبد مناف > وبقيت دار الندوة واللواء والحجابة بيد بني عبد الدار » ثم 
حكم بنو عبد مناف القرعة فيا أصابهم فخرجت لاشم بن عبد مناف » فكان هو الذي يلل 
السقاية والرفادة طول حياته » فلما مات خلفه أخوه الطلب بن عبد مناف . وولي بعده 
عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف جد رسول الله عي » وبعده أبناؤه حتى جاء الاسلام 





(۱) ابن هشام ١١6/١‏ > حاضرات تاريخ الأم الإسلامية للخضري ۳١/١‏ , وأخبار الكرام ص١١٠‏ . 
(۳) محاضرات تاريخ الأم الإسلامية للخضري ٠٠/١‏ . 
(۳) ابن هشام ۱۳۰/۱ . 


2 6 


والولاية إلى العباس بن عبد المطلب27 . 

وكانت لقريش مناصب سوى ذلك وزعوها فیا بينهم » وكونوا بها دويلة - بل بتعبير أصح : 
شبه دويلة ديمقراطية . وكانت لها من الدوائر والتشكيلات الحكومية ما يشبه في عصرنا هذا دوائر 
البرلمان ومجالسها ¢ وهاك لوحة من تلك المناصب * 

. أي تولية قداح الأصنام للاستقسام » كان ذلك في بني جمح‎ ٠ الايسار‎ )١( 

(۲) تحجير الأموال » أي نظم القربات والنذور التي تهدى إلى الأصنام » وكذلك فصل 

الخصومات والمرافقات . كان ذلك في بني سهم . 

)۳( الشورى » كانت في بني أسد . ظ 

(4) الأشناق » أي نظم الديات والغرامات » كان ذلك في بني تم 

, العقاب 4 أي حمل اللواء القومي » كانت ذلك في بني أمية‎ (0 ١ 

(1) القبة » أي نظم المعسكر » وكذلك قيادة الخيل » كانت في بني زوم . 

(۷) السفارة » كانت في بني عدي" . 


ا MAE‏ 
بينبا » فما كان من هذه القبائل بالقرب من الحيرة كانت تبعا لملك العرب بالحيرة » وما كان منها 
في بادية الشام كانت تبعاً للغساسنة » إلا أن هذه التبعية كانت اممية لا فعلية . وأما ما كان منها 
في البوادي في داخل الجزيرة فكانت حرة مطلقة . 

وني الحقيقة كان لهذه القبائل رؤساء تسودهم القبيلة » وكانت القبيلة حكومة مصغرة أساس 
کیانہا لسياسي الوحدة ااا مو الأرض ودع و 
السلم والحرب » وده او a ES‏ ا 
 )1(‏ ابن هشام 1۲۹/1 › 1۳۰ ۰ ۱۳۱ 6 1۲< CITY‏ :عا 1V4‏ . 
(( تاريخ أرض القران ٠١٠١۰٠٠١ » ۱۰٤/۲‏ . 

2 


قري » حتى كان بعضهم إذا غضب غضب له ألوف من السيوف لا تسأله فيا غضب » إلا أن 
المنافسة في السيادة بين أبناء العم كانت تدعوهم إلى المصانعة بالناس » من بذل الندى » وكرام 
ألضيف » والكرم » والحلم وإظهار الشجاعة , والدفاع عن الغير ؛ حتى يكسبوا امحامد في أعين 
الناس » ولا سيا الشعراء الذين كانوا لسان القبيلة في ذلك الزمان » وحتى تسمو درجتهم عن 
مستوى المنافسين . 
وكان للسادة والرؤساء حقوق خاصة » فكانوا يأخذون من الغنيمة المربا ع والصفي والنشيطة 
والفضول , يقول الشاعر : 
لك المرباع فينا والصفايا وحكمك والتشيطة والفضول 
والمرباع : ربع الغنيمة » والصفي : ما يصفيه الرئيس لنفسه قبل القسمة › والنشيطة : 
ما أصاب الرئيس في الطريق قبل أن يصل إلى بيضة القوم . والفضول : ما فضل من القسمة 
مما لا تصح قسمته على عدد الغزاة » كالبعير والفرس ونحوهما . 


الحالة السياسية: 

قد ذكرنا حكام العرب » والآن آن لنا أن نذكر جملة من أحوالهم السياسية » فالأقطار 
الثلاثة التي كانت مجاورة للأجانب كانت حالتها السياسية في تضعضع وانحطاط لا مزيد عليه 
فقد كان الناس بين سادة وعبيد » أو حكام ومحكومين » فالسادة ‏ ولا سما الأجانب هم كل 
الغنم » والعبيد عليهم كل الغرم » وبعبارة أوضح إن الرعايا كانت بمثابة مزرعة تورد امحصولات إلى 
الحكومات » فتستخدمها في ملذاتها وشهواتها » ورغائبها » وجورها » وعدوانها . أما الناس فهم في 
عمايتهم يتخبطون » والظلم ينحط علمهم من كل جانب وما في استطاعتهم التذمر والشكوى ؛ 
بل هم يسابون السك والجور» والغذات ألواناً مسا کین .ققد كان الحكم استبداديا › 
والحقوق ضائعة مهدورة » والقبائل المجاورة هذه الأقطار مذبذبون تنقاذفهم الأهواء والأغراض › 
مرة يدخلون في هل العراق » ومرة يدخلون في أهل الشام . وكانت أحوال القبائل داخل الحزيرة 
مفككة الأوصال » تغلب عليها المنازعات القبلية والاختلافات العنصرية والدينية حتى قال 
ناطقهم : ) 
وسا أنا إلا من غزية إن غوت و ا ا ا 


TT 


ولم يكن لهم ملك يدعم استقلاهم › أو مرجع يرجعون إليه » ويعتمدون عليه وقت 
الشدائد . ظ ظ 

وأما حكومة الحجاز ؛ فقد كانت تنظر إليها العرب نظرة تقدير واحترام » ويرونها قادة 
وسدنة المركز الديني » وكانت تلك الحكومة في الحقيقة خليطاً من الصدارة الدنيوية والحكومية 
والزعامة الدينية » حكمت بين العرب باسم الزعامة الدينية » وحكمت في الحرم وما والاه بصفتها 
حكومة تشرف على مصالح الوافدين إلى البيت » وتنفذ حكم شريعة إبراهم » وكانت لها من 
الدوائر والتشكيلات ما يشابه دوائر البرلمان - كا أسلفنا ‏ ولكن هذه الحكومة كانت ضعيفة 
لا تقدر على حمل العبء کا وضح يوم غزو الأحباش . 


TE 


دیانات العرب 


كان معظم العرب اتبعوا دعوة إسماعيل ‏ عليه السلام ‏ حين دعاهم إلى دين أبيه إبراهم 
- عليه السلام - فكانت تعبد الله وتوحده وتدين بدينه » حتى طال عليهم الأمد ونسوا حظا ما 
ذكروا به » إلا أنهم بقي فيهم التوحيد وعدة شعائر من دين إبراههم » حتى جاء عمرو بن لحي 
فاحبه الناس » ودانوا له ظنا منهم أنه من أكابر العلماء وأفاضل الأولياء » ثم إنه سافر إلى الشام ؛ 
فراهم يعبدون الاوثان » فاستحسن ذلك وظنه حقا . لان الشام محل الرسل والكتب » فقدم معه 
هبل وجعله في جوف الكعبة » ودعا أهل مكة إلى الشرك بالله » فأجابوه . ثم لم يلبث أهل 
الحجاز أن تبعوا أهل مكة » لأنهم ولاة البيت وأهل الحرم( . 

ومن أقدم أصنامهم مناة . كانت بالمشلل على ساحل البحر الأحمر بالقرب من قديدء ثم 

تخذوا اللات في الطائف » ثم اتحذوا العزى بوادي نخلة ‏ هذه الثلاث أكر أوثاتهم » ثم كار 
ا بن لحي كان له رني من 
الجن 52 بان اتا ۲ قوم نوح - ودا و اا ويعوق ورا خا جدة اانا 
فاستثارها › ثم أوردها إلى تبامة . فلما جاء الحج دفعها إلى القبائل 20 فذهبت بها إلى أوطانہاء 
حتى صار لكل قبيلة ثم في كل بيت صن . وقد ملأوا المسجد الحرام بالأصنام » ولا فتح رسول 
الله عله مكة وجد حول البيت ثلاائة وستين صا » فجعل يطعنها حتى تساقطت » ثم أمر بها 
فاخ رجت ص المسحد وحرقت0©. 
(۲) صحيح البخاري ۲۲۲/۱ . 
2١‏ مختصر سيرة الرسول عب للشيخ محمد بن عبد الوهاب ص۱۳ 0857.81١ ٠۰‏ 4ه . 


+ ا 


وهكذا صار الشرك وعبادة الأصنام أكبر مظهر من مظاهر دين أهل الجاهلية › لذين کا كانوا 
.يزعمون أمهم على دين إبراهم . 

وكانت هم تقاليد ومراسم في عبادة الأصنام , ابتدع أكثرها عمرو بن لحي › وكانوا يظنون 
أن ما أحدثه عمرو بن سمي بدعة حسنة » وليس بتغير لدين إبراهيم فكان من مرامم عبادمم 
للأصنام أنهم : 

› كانوا يعكفون عليها » ويلتجئون إليها .. ويبتفون بها » ويستغيثونها في الشدائد‎ )١( 
ويدعونها الحاجاتهم » معتقدين أنها تشفع عند الله » وتحقق هم ما يريدون.‎ 

(۲) وكانوا يحجون إليها ويطوفون حوها » ويتذللون عندها » ويسجدون لا . 

(۳) وكانوا يتقربون إليها بأنواع من القرابين » فكانوا يذبحون وينحرون لها وبأسمائها . 

وهذان النوعان من الذي ذكرهما الله تعالى في قوله إوَمَاذْيِحَ عَلَألتْضبٍ ) (0 : *) وفي 
قوله ولا تأ ڪلو يايد اسه 46 . 

)٤(‏ وكان من أنواع التقرب م كانوا يتخصون للأصنام شيئاً من ما كلهم ومشاربهم حسما 
بدو هع + را يخصون لها نصيباً من حرثهم وأنعامهم . ومن الطرائف نهم كانوا يمخصون من 
ذلك جزعا لله أيضاً » وکانت ا أسباب كثيراً ما كانوا ينقلون لأجلها إلى الأصنام ما كان 
لله؛ ولكن لم يكونوا ينقلون إلى الله ماکان لأصنامهم بحال . قال تعالى :وَجَمَلْوأْينهِمِمَّادَراً 

م الْحَسَرْث والأن صب فلودا هم وعدا رپا هما 
كات ِشُرَكَابهِمْ فَلَايصِلُ إل ا و ڪا ڪات ب هويل إل شر ڪٻه 


سے سے و 


MT: ES 

(0) وكان من أنواع التقرب إلى الأصنام النذر في الحرث والأنعام » قال تعالى : وقَالواً 
هدذ انعم و کرٹ حجر لایطع م ھا ل من ذا رعمهم وان حرمت ظهُووْهَ وام 
يحون اسم امه عَلتَهًا ترآ عد © )1١ : ٩(‏ . 

(7) وكانت منها البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي . قال ابن إسحاق : البحيرة بنت 
السائبة » هي الناقة إذا تابعت بين عشر إناث ليس بينهن ذكر سيبت » فلم يركب ظهرها » ولم 
جز وبرها » ولم يشرب لبنها إلا ضيف » فما نتجت بعد ذلك من أنثى شقت أذنها » ثم خلي 
سبيلها مع أمها » فلم يركب ظهرها » ولم يجز وبرها » ولم یشرب لبنها إلا ضيف » کا فعل 


ا 


بأمها . فهي البحيرة بنت السائبة . والوصيلة : الشاة إذا أتأمت عشر إناث متتابعات في خمسة 
أبطن ليس بينهن ذكر جعلت وصيلة . قالوا : قد وصلت » فكان ما ولد بعد ذلك للذكور منهم 
دون إنائهم إلا أن يموت شيء فيشترك في أكله ذكورهم وإنامهم . والحامي : الفحل إذا نتج له 
عشر إناث متتابعات ليس بینہن ذكر حمى ظهره » فلم يركب » ولم يجز وبره » وخلي في إبله 
يضرب فيها ؛ لا ينتفع منه بغير ذلك ؛ وي ذلك أنزل لله تعالى : ا ما جََلَ أله من يور 
وا سايب ولا وصِيلةٍ و ولا ا ولك لذن كرو يرون عل لَه الک كرش ل 
قن 4 (ه : ۰۳ وأنزل د رکال ماف ملو هذ لكر تارمس رر 

ر ل ازو جاو إن یکن تنه فَهْمْفِيِهِ ثُ شرڪاء € : 114١)وقيل‏ في تفسير 
هذه الأنعام غير ذلك“ . 

وقد صرح سعيد بن المسيب أن هذه الأنعام كانت لطواغيته“ وفي الصحيح مرفوعأ : أن 
عمرو بن لحي أول من سيب السوائب”" 

كانت العرب تفعل كل ذلك بأصنامهم » معتقدين أا تقربهم إلى الله وتوصلهم إليه » 

تشفع لديه کا في القران : 8 مانعيدٌ مللا يأرل 904" : ؟) عیدوت 
نأو ف ل لاتفعع يتفعهم ونفولورت بج هكوا لك سُمَوُنا عند أله ر .)١18:٠‏ 

وكانت العرب تستقسم بالأزلام , والزلم : القدح الذي لا ريش عليه » وكانت الأزلام ثلاثة 
أنواع : نوع فيه « نعم » و« لا ؛ كانوا يستقسمون بها فيا يريدون من العمل من نحو السفر 
والنكاح وأمثالهما . فإن خرج ‏ نعم » عملوا به وإن خرج « لا » أخروه عامه ذلك حتى ياتوه مرة 
أخرى » ونوع فيه المياه والدية » ونوع فيه 9 منكم » أو « من غير » أو « ملصق » فكانوا إذا 
شكوا في نسب أحدهم ذهبوا به إلى هبل » وبمائة جزور » فأعطوها صاحب القداح . فإن خرج 
١‏ منكم » كان منہم وسيطاً. وإن خرج عليه من غی رک » كان حليفاً » وإن خرج عليه 
« ملصق » كان على منزلته فييم » لا نسب ولا حلف'" . 


)١(‏ ابن هشام ۰۸4٩/۱‏ .و 

(۲) صحيح البخاري 144/١‏ . 

(۳) نفس المصدر . 

. ١817 2 ٠١۲/۱ محاضرات تاريخ الأم الاسلامية للخضري ١/5ه ۰ وابن هشام‎ )٤( 


- ۳۷ - 


ويقرب من هذا الميسر والقداح » وهو ضرب من ضروب القمار » وكانوا يقتسمون به لحم 
الجزور التي يذبحونها بحسب القداح : 
وكانوا يؤمنون بأخبار الكهنة والعرافين والمنجمين » والكاهن : هو من يتعاطى الإخبار عن 
الكوائن في المستقبل » ويدعي معرفة الأسرار » ومن الكهنة من يزعم أن له تابعا من الجن يلقي 
عليه الأخبار » ومنهم من يدعي إدراك الغيب بفهم أعطيه » ومنهم من يدعي معرفة الأمور 
بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله » وهذا القسم 
سعى عاف كمد يدعي معرفة المسروق ومكان السرقة ة والضالة ونحوهها . والمنجم : : من ينظر في 
النجوم أي الكواكب » ويحسب سيرها ومواقيتها » ليعلم ا اال العام وحوادثه التي تع في 
المستقبل 2١‏ والتصديق بأخبار المنجمين هو في الحقيقة إيمان بالنجوم » وكان من إيمامهم بالنجوم 
الايمان لاا فكانوة يقولون + مطريا بے كذا کد . 


الظبي فينفرونه › فان أحذ دات ار مضوا إلى 00 وعدوه ا وان أحذ دات 
الشمال 21 نوا عن ذلك وتشاءموا ( وكانوا يتشاءمول كذلك إن عرض الطير أو الحيوان ف 
طريقهم . 

ويقرب من هذا تعليقهم كعب الارنب » والتشاؤم ببعض الايام والشہور والحيوانات والدور 
والنساء » والاعتقاد بالعدوى وامامة » فكانوا يعتقدون أن المقتول لا يسكن جاشه ما لم يؤخذ 
بثاره » و7 تصير روحه هامة أي بومة تطير في الفلوات وتقول : صدى صدى أو اسقوة لي استقولي 2 
فإذا أخذ بثاره و سكن واستراح”" . 

كان اهل الجاهلية على ذلك وفيهم بقايا من دين إبراهم ولم يتر كوه كله » مثل تعظم البيت 
والطواف به » والحج والعمرة » والوقوف بعرفة . والمزدلفة واهداء البدن > نعم ابتدعوا في ذلك 
بدعا . ش 
)١(‏ مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ۲/۲ ء٣‏ . 
)2 انظر صحيح مسلم مع شرحه للنووي ؛ باب بیان كفر من قال : مطرنا بالنوء » من كتاب الايمان ۹/۱ . 
)۳( انظر صحيح البخاري 851/7 › 8617 مع حواشيه للشيخ أحمد علي السهارنفوري . 


- TA- 


منها أن قريشا كانوا يقولون : نحن بنو إبراهيم وأهل الحرم » وولاة البيت وقاطنو مكة » وليس 
لأحد من العرب مثل حقنا ومنزلتنا - وكانوا يسمون أنفسهم الحمس - فلا ينبغي لنا أن تحرج 
من الحرم إلى الحل » فكانوا لا يقفون بعرفة » ولا يفيضون منها » وإنما كانوا يفيضون من المزدلفة 
وفيهم أنزل : ثم أَفِيصُوأمِنْحَيَتٌ أَفسَاصٌ أَلكَاسٌ » ( ۲ : 20)199 . 

ومنها أمهم قالوا : لا ينبغي للحُمْس أن يأقِطوا ولا يسلعوا السمن » وهم حرم » ولا يدخلوا 
بيتأ من شعر » ولا يستظلوا إن استظلوا إلا في بيوت الأدم ما داموا حرماً" . 

ومنها أنهم قالوا : لا ينبغي لأهل الحل أن يأكلوا من طعام جاعوا به من الحل إلى الحرم إذا 
جاعوا حجاجاً أو عمارأ“ . 

ومنها أنهم أمروا أهل الحل أن لا يطوفوا بالبيت إذا قدموا أول طوافهم إلا في ثياب الحمس » 
فإن لم يجدوا شيعا فكان الرجال يطوفون عراة » وكانت المرأة : تضع ثيابها كلها إلا درعاً مفرجا نم 
تطوف فيه وتقول : 
الييوم ييدو بعض ه أو كله وما بدانه قلا أحلكله 

وأنزل الله في ذلك : ۾ يا بي ءَادَمَ حُدُوا زيگر عند كل مسار © (7 : ١؟)‏ ء فإن تكرم 
أحد من الرجل والمرأة فطاف في ثيابه التي جاء بها من الحل ألقاها بعد الطواف » ولا ينتفع بها 
هولاءِ ولا أحد غير و(؛) . 

ومنها أ نهم كانوا لا يأتون بيوتهم من أبوابها في حال الإحرام ٠‏ بل کانوا ينقبون في ظهور 
البيوت نقباً يدخلون ويخرجون منهء وکانوا حسبول ذلك الحفاء بر وقد منعه القران (۲ : 
8). 

كانت هذه الديانة ‏ ديانة الشرك وعبادة الأوثان » والاعتقاد بالأو هام والخرافات - ديانة 
معظم العرب . وقد وجدت اليهودية » والمسيحية » والمجوسية والصابئية سبيلا للدخول في ربوع 
العرب . 
ر1) ابن هشام ۱۹۹/۱ » صحيح البخاري ۲۲۹٣/۱‏ . 
(؟) نفس المصدر الأول ۲٠۲/۱‏ . 
(۳) ابن هشام ۲۰۲/۱ . 
)٤(‏ ابن هشام ۲۰۲/۱ » ۲۰۳ وصحيح البخاري 51١7/١‏ . 


21 


ولليهود دوران - على الأقل ‏ مثلوهما في جزيرة العرب : ظ 

الأول : هجرتهم في عهد الفتوح البابلية والأشورية في فلسطين » فقد نش عن الضغط على 
الييود » وعن تخريب بلادهم وتدمير هيكلهم على يد الملك بختنصر سنة ٥۸۷‏ ق.م وسبي 
أكارهم إلى بابل أن قسما منبم هجر البلاد الفلسطينية إلى الحجاز › وتوطن في ربوعها 
الشهالية(') . 

الدور الثاني : يبدأ من احتلال الرومان لفلسطين بقيادة بتطس الروماني سنة ١٠۷م‏ » فقد 
نشا عن ضغط الرومان على اليهود » وعن تخريب الميكل وتدميره أن قبائل عديدة من الوهود 
رحلت إلى الحجاز » واستقرت في يارب وخيبر وتياء » وأنشأت فيا القرى والأطام والقلاع › 
وانتشرت الديانة اليهودية بين قسم من العرب عن طريق هؤلاء المهاجرين » وأصبح لها شأن 
يذكر في الحوادث السياسية التي سبقت ظهور الإسلام » والتي حدثت في صدره . وحينا جاء 
الاسلام كانت القبائل اليبودية المشبورة هي : خيبر والنضير والمصطلق وقريظة وقينقاع»؛ وذكر 
السمهودي في وفاء الوفا (ص5١١)‏ أن عدد القبائل اليبودية يزيد على عشرين2) . 

ودخلت اليهودية في الهِن من قبل تبان أسعد أي كرب » فإنه ذهب مقاتلاً إلى يغرب واعتنق 
هناك اليبودية وجاء بحبرين من بني قريظة إلى الهِن » فأخحذت اليهودية إلى التوسع والانتشار فيها » 
ولا ولي الین بعده اينه يوسف ذو نواس هجم على المسيحيين من أهل نجران ودعاهم إلى اعتناق 
اليهودية » فلما أبوا خد لهم الأخدود , وأحرقهم بالنار » ولم يفرق بين الرجل والمرأة والأطفال 
الصغار والشيوخ الكبار » ويقال إن عدد المقتولين ما بين عشرين ألفاً إلى أربعين ألفاً » وقع ذلك 
في أكتوبر سنة ۲۳٥م‏ . وقد أورد القران جزءا من هذه القصة في سورة البروج . 

أما الديانة النصرانية فقد جاءت إلى بلاد العرب عن طريق احتلال الحبشة والرومان » وكان 
أول احتلال الحبشة لليمن سنة ١٠٠م‏ » واستمر إلى سنة ۳۷۸م » وفي ذلك الزمان دخل 
البشير المسيحي في ربوع اليء, » وبالقرب من هذا الزمان دخل رجل زاهد مستجاب الدعوات 


. ٠١١ص قلب جزيرة العرب‎ )١( 


(۲( نفس المصدر . 
2 ت تفهم القران 75865ء وابن هشام /١‏ ا eo cIoNVO‏ 
i (©‏ تفهم القران ۷/۹ . 


ا 


وصاحب كرامات - وكان يسمى فيميون ‏ إلى نجران » ودعاهم إلى الدين المسيحي ٠‏ ورأى 
أهل نجران من أمارات صدقه وصدق دينه ما لبوا لأجله المسيحية واعتنقوها'" . 

ولا احتلت الأحباش الين كرد فعل لما أتاه ذو نواس » وتمكن أبرهة من حكومتها ؛ أخذ 
ينشر الديانة المسيحية بأوفر نشاط » وأوسع نطاق » حتى بلغ من نشاطه أنه بنى كنيسة بالهن 
كانت تسمى الكعبة الهانية » وأراد أن يصرف حج العرب إليها » ويهدم بيت الله الذي بمكة › 
فأخذه الله نكال الآخرة والأولى . 

وقد اعتنق النصرانية العرب الغساسنة وقبائل تغلب وطيء وغيرهما مجاورة الرومان ٠‏ بل قد 
اعتنقها بعض ملوك الحيرة . 

أما المجوسية فكان معظمها في العرب الذين كانوا بجوار الفرس » فكانت في عراق العرب وني 
البحرين - الأحساء - وهجر وما جاورها من منطقة سواحل الخليج العرني » ودان لها رجال من 
اين في زمن الاحتلال الفارسي . 

أما الصابئية فقد دلت الحفريات والتنقيبات في بلاد العراق وغيرها أنها كانت ديانة قوم 
إبراهيم الكلدانيين » وقد دان بها كثير من أهل الشام » وأهل الين في غابر الزمان » وبعد تتابع 
الديانات الجديدة من اليهودية والنصرانية تضعضع بنيان الصابئية وخمد نشاطها » ولكن لم يزل 
في الناس بقايا من أهل هذه الديانة مختلطين مع المجوس » أو مجاورين لهم » في عراق العرب » وعلى 
شواطىء الخليج العربي" . 


الحالة الدينية: 

كانت هذه الديانات هي ديانات العرب حين جاء الاسلام » وقد أصاب هذه الديانات 
الانحلال والبوار » فالمشركون الذين كانوا يدعون أنهم على دين إبراهيم كانوا بعيدين عن أوامر 
ونواهي شريعة إبراهم » مهملين ما أنت به من مكارم الأخلاق . فكارت معاصيهم » ونشأ فيم 
على توالي الزمان ما ينشاً في الوثنيين من عادات وتقاليد تحري محرى الخرافات الدينية » وأثرت في 
الحياة الاجتاعية والسياسية والدينية تأثيراً بالغاً جداً . 
)١(‏ انظر في ذلك مفصلاً ابن هشام ۰۳۱/۱ ۰۳۲ 38 , 54 . 
(۲) تارخ أرض القران ۱۹۳/۲ إلى ۲۰۸ . 


- ٤ا‎ - 


وأما اليهودية فقد انقلبت رياء وتحكماً» وصار رؤساؤها أرباباً من دون اللهء يتحكمون في 
الناس ويحاسبونهم حتى على خطرات النفس و#مسات الشفاه » وجعلوا همهم الحظوة بالمال 
والرياسة » وإن ضاع الدين وانتشر الإلحاد والكفر والتباون بالتعاليم التي حض الله عليها وأمر كل 
وأما النصرانية فقد عادت وثنية عسرة الفهم » وأوجدت خلطاً عجيباً بين الله والإنسان › 
ولم يكن لها في نفوس العرب المتدينين بهذا الدين تأثير حقيقي » لبعد تعاليها عن طراز المعيشة 
التي ألفوها » ولم يكونوا يستطيعون الابتعاد عنها . 
وأما سائر أديان العرب فكانت أحوال أهلها كأحوال المشركين » فقد تشاببت قلوبهم »› 
وتواردت عقائدهم » وتوافقت تقاليدهم وعوائدهم . 


- 27 - 


صور من المجتمع العربي الجاهلى 


بعد البحث عن سياسة الحزيرة وأديائها ؛ بقى لنا أن نتكلم حول الأحوال الاجتاعية : 
والاقتصادية 1 والخلقية 1 وفما بلي بيانها بإيجار : 


الحالة الاجتماعية: 

كانت في العرب أوساط متنوعة » تختلف أحوال بعضها عن بعض › فكانت علاقة الرجل 
مع أهله في الأشراف على درجة كبيرة من الرقي والتقدم » وكان لها من حرية الارادة ونفاذ القول 
القسط الأوفر » وكانت محترمة مصونة تسل دونها السيوف » وتراق الدماء » وكان الرجل إذا أراد 
أن يمتدح بما له في نظر العرب المقام السامي من الكرم والشجاعة لم يكن يخاطب في أكثر أوقاته 
إلا المرأة » وربما كانت المرأة إذا شاءت جمعت القبائل للسلام » وإن شاءت أشعلت بينهم نار 
الحرب والقتال » ومع هذا كله فقد كان الرجل يعتبر بلا نزاع رئيس الأسرة » وصاحب الكلمة 
فيها » وكان ارتباط الرجل بالمرأة بعقد الزواج تحت إشراف أوليائها وم يكن من حقها أن تفتات 
علييم . 

بيا كانت هذه حال الأشراف » كان هناك في الأوساط الأخرى أنواع من الاختلاط بين 
الرجل والمرأة » لا نستطيع أن نعبر عنه إلا بالدعارة والمجون والسفاح والفاحشة » روى أبو داود 
عن عائشة رضي الله عنها أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء : فكان منها نكاح الناس 
اليوم » يخطب الرجل إلى الرجل وليته فيصدقها ثم ينكحها » ونكاح آخر : كان الرجل يقول 
لامرأته إذا طهرت من طمثها أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه › ويعتّزها زوجها ولا يمسها بدا حتى 
يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه ‏ فإذا تبين حملها أصابها زوجها إن أحب » وإنما 


- ۳ - 


يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد » فكان هذا النكاح يسمى نكاح الاستبضاع » ونكاح أخر : 
يجتمع الرهط دون العشرة . فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها . فإذا حملت » ووضعت ومرت 
ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم » فلم يستطع رجل منم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها . 
فتقول لهم : قد عرفتم الذي كان من أمرك وقد ولدت » وهو ابنك يا فلان » فتسمي من أحبت 
منهم باسمه فيلحق به ولدها ونكاح رابع : يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن 
جاءها . وهن البغايا » كن ينصبن على أبوابين رايات » تكن علماً لمن أرادهن دخل عليهن » فإذا 
حملت فوضعت حملها جمعوا ها » ودعوا لهم القافة ‏ ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاطه ودعي 
ابنه » hs i EC‏ 


الاسلام اليوم(“ . 
وكانت عندهم اجتاعات بين الرجل ال تعقدها شفار السيوف وأسنة الرماح » فكان 
المتغلب ي حروب 0 يسبي نساء المقهور فيستحلها فيستحلها » ولكن الأولاد الذين تكون هذه أمهم 


وكان من يام في أهل الجاهلية أنهم كانوا يعددون بين الزوجات من غير حد معروف 
ينتبى إليه » وكانوا يجمعون بين الأختين » وكانوا يتزوجون بزوجة آبائهم إذا طلقوها أو ماتوا عنها 
( سورة النساء ۲۲ » ۲۳) وكان الطلاق بيد الرجال لا إلى حد معين" . 

وكانت فاحشة الزنا سائدة في جميع الأوساط » لا نستطيع أن تخص منها وسطاً دون وسط 
أو صنفاً دون صنف » إلا أفراداً من الرجال والنساء من كان تعاظم نفوسهم يألى الوقوع في هذه 

الرذيلة » وكانت الحرائر أحسن حالاً من الإماء والطامة الكبرى هي الإماء » ويبدو أن الأغلبية 

الساحقة من أهل الجاهلية لم تكن تحس بعار في الانتساب إلى هذه الفاحشة ؛ روى أبو داود عن 
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قام رجل فقال : يا رسول الله إن فلاناً ابني » عاهرت 
بأمة » في الجاهلية » فقال رسول الله عل : ٠‏ لا دعوة في الإسلام » ذهب أمر الجاهلية . الولد 
للحا نعاض الجر ا ريه ة اختصام سعد بن أي وقاص وعبد بن زمعة في ابن أمة زمعة 
0 أبو داود » کتاب التكاح > باب وجوه النکاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية . 
(۲) نفس المصدر باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث .. وهذا الذي ذكره المفسرون في سبب نزول قوله تعالى 

« الطلاق مرتان © . 

5 


- وهو عبد الرحمن بن زمعة ‏ معروفة7 . 

وكانت علاقة الرجل مع أولاده على أنواع شتى فمنهم من يقول : 

ايسا أولادنا و ا أبادنا مشي على الأرض 

ومنہم من كان يعد البنات خحشية العار والانفاق ( ويقتل الأولاد حشیهۀ الفقر والاملاق 
( القران 5 - ۱١۱‏ . ۱۹ - ۰۹)۰۸ .۳۱-۱۷ .۸-۸۱) ولكن لا يمكننا أن نعد هذا 
من الأخلاق المنتشرة السائدة » فقد كانوا أشد الناس احتياجا إلى البنين » ليتقوا بهم العدو . 

أما معاملة الرجل مع أخيه وأبناء عمه وعشيرته فقد كانت موطدة قوية › فقد کانوا يحيون 
للعصبية القبلية ( ويكوتول لها . وكانت روح الاجتّاع سائدة بين القبيلة الواحدة تزيدها العصبية 3 
وكان اشام النظام الاجتاعي هو العصبية الجنسية والرحم > وكانوا يسيرون على المثل السائر 
« انصر أخاك ظالما أو مظلوما » على المعنى الحقيقي » من غير التعديل الذي جاء به الإسلام من 
أن نصر الظالم كفه عن ظلمه › إلا أن التنافس في الشرف والسؤدد كير ماكان يفضي إلى 
الحروب بين القبائل التي كان يجمعها أب واحد » کا نرى ذلك بين الأوس والخزرج » وعبس 
وذبيان » وبكر وتغلب وغيرها . 

أما العلاقة بين القبائل الختلفة فقد كانت مفككة الأوصال ناما » وكانت قواهم متفانية في 
الحروب . إلا أن الرهبة والوجل من بعض التقاليد والعادات المشتركة بين الدين والخرافة رما كان 
ينخفف من حدتها وصرامتها وفي بعض الحالات كانت الموالاة والحلف والتبعية تفضي إلى اجتّاع 
القبائل المتغايرة » وكانت الأشبر الحرم رحمة وعوناً هم على حيائهم وحصول معايشهم . 

وقصارى الكلام أن الحالة الاجتاعية كانت في الحضيض من الضعف والعماية فالجهل 
ضارب أطنابه » والخرافات لها جولة وصولة والناس يعيشون كالأنعام » والمرأة تباع وتشترى 
وتعامل كالجمادات أحياناً » والعلاقة بين الأمة واهية مبتوتة » وما كان من الحكومات فجل همّها 
امتلاء الخزائن من رعيتها » أو جر الحروب على مناوثيها . 
الحالة الاقتصادية: 

أما الحالة الاقتصادية » فتبعت الحالة الاجتاعية » ويتضح ذلك إذا نظرنا في طرق معايش 
)١(‏ أبو داود باب الولد للفراش . 


-560 


العرب . فالتجارة كانت أكبر وسيلة للحصول على حوائج الحياة » والجولة التجارية لا تتيسر إلا 
إذا ساد الامن والسلام 4 وکان .ذلك مفقودا 2 جزيرة العرب إلا 2 الاشہر الحرم ¢ وهذه هي 
الشهور التي كانت 7 تعقد فيها أسواق العرب الشبيرة من عكاظ وذي المجاز ومجنة وغيرها . 

وأما الصناعات فكانوا أبعد الأم عنها » ومعظم الصناعات التي كانت توجد في العرب من 
الحياكة والدباغة وغيرها كانت في أهل الين والحيرة » ومشارف الشام » نعم كانت في داخل 
الجزيرة الزراعة » والحرث » واقتناء الأنعام » وكانت نساء العرنت كافة يشتغلن بالغزل » لکن ۰ 
كانت الأمتعة عرضة للحروب » وكان الفقر والجوع والعري عاماً ف امجتمع . 
الأخلاق: 

لا ننكر أن أهل الجاهلية كانت فيهم دنايا ورذائل وأمور ينكرها العقل السام » ويأباها 
الوجدان ( ولكن كانت فييم من الاحلاق الفاضلة المحمودة مأ بروع الإنسان 4 ويفضي به إلى 
الدهشة والعجب » فمن تلك الاخلاق ظ 

)١(‏ الكرم 4 وکانوا يتبارون ف ذلك ويفتخرون به » وقد استنفدوا فيه نصف أشعارهم ¢ بان 
متدح به ومشن على غيره » كان الرجل يأ تيه الضيف في شدة البرد والجوع » »> وليس عنده من المال 
الا ناقته التي هي جياته وحياة أسرته » فتأاخذه هزة الكرم 1 فيقوم إليها »> ويذبحها لضيفه » ومن 
اثار كرمهم أنهم كانوا يتحملون الديات اهائلة والحمالات المدهشة » يكفون بذلك سفك 
الدماء» وضياع الانسان > ويمتد حون بها مفتخرين عل غيرهم من الرؤؤساء والسادات . 

وكان من نتائج كرمهم أنهم كانوا يتمدحون بشرب الخمور » لا لأمها مفخرة في ذاتها » بل 

لامها سبيل من سبل الكرم » وما يسبل السرف على النفس » ولأجل ذلك كانوا يسمون شجر 

العنب بالكرم » وخمره ببنت الكرم . وإذا نظرت إلى دواوين أشعار الجاهلية تحد ذلك بابا من 

أبواب المد والفخر » يقول عنترة بن شداد العبسي في معلقته : 
بزجاجة صفرء ذات اة قرنت 2 بالثيال مفدم 
فإذا شسربت فإنني مستهلك مال » وعرضي وافر لى يكلم 
وإذا صحوت فما أقصر عن ندى وکا علمت شائلي وتكرمي 
45 - 


ومن نتائج كرمهم اشتغالهم بالميسر , فإنهم كانوا يرون أنه سبيل من سبل الكرم » لأنهم 
كانوا یرن الا کن مارو أو ما كان يفضل عن سهام الرابحين » ولذلك ترى القران 
لا ينكر نفع الخمر والميسر وإنما يقول «وَإِنْمَهُمَ] آً ڪب رمن تتْعهما 4 ( ۲ : ۲۱۹ ) . 

(۲) ومن تلك الأخلاق الوفاء بالعهد » فقد كان العهد عندهم دیناً يتمسكون به : 
ويستهينون في سبيله قتل أولادهم » وتخريب ديارهم » وتكفي في معرفة ذلك قصة هافىء بن 
مسعود الشيباني » والسموأل بن عاديا » وحاجب بن زرارة القيمي . 

(۳) ومنها عزة النفس وإباء عن قبول الخسف والضم » وكان من نتائج هذا فرط الشجاعة › 
وشدة الغيرة » وسرعة الانفعال » فكانوا لا يسمعون كلمة يشمون منها رائحة الذل والهوان إلا 
قاموا إلى السيف والسنان » وأثاروا الحروب العوان » وكانوا لا يبالون بتضحية أنفسهم في هذا 
السد. 

)٤(‏ ومنها المضي في العزائم ‏ فإذا عزموا على شيء يرون فيه امجد » والافتخار لا يصرفهم عنه 
صارف » بل کانوا يخاطرون بانفسهم في سبيله . 

(0) ومنها الحلم » والأناة » والتؤدة » كانوا يتمدحون بها إلا أا كانت فيهم عزيزة الوجود › 
لفرط شجاعتهم » وسرعة إقدامهم على القتال . 

(1) ومنها السذاجة البدوية » وعدم التلوث بلوثات الحضارة » ومكائدها » وكان من نتائجه 
الصدق والأمانة » والنفور عن الخداع والغدر . 

نرى أن هذه الأخلاق الثينة - مع ما كان لجزيرة العرب من الموقع الحغرافي بالنسبة إلى 
العا م - كانت سببا في اختيارهم لحمل عبء الرسالة العامة » وقيادة الأمة الإنسانية وامجتمع 
البشري ؛ لأن هذه الأخلاق وإن كان بعضها يفضي إلى الشر » ويجلب الحوادث المؤلمة » إلا أنها 
كانت في نفسها أخلاقا ثمينة » تدر المنافع العامة للمجتمع البشري بعد شيء من الإصلاح › 
وهذا الذي فعله الاسلام . 

ولعل أغلى ما عندهم من هذه الأخلاق وأعظمها نفعاً بعد الوفاء بالعهد هو عزة النفس 
والمضي في العزاتم » إذ لا يمكن قمع الشر والفساد › وإقامة نظام العدل والخير ؛ إلا ببذه القوة 
القاهرة » وببذا العزم الصمم . 

وهم أخلاق فاضلة أخرى دون هذه التي ذكرناها وليس قصدنا استقصاءها . 

- 17 - 


نسب النبي - بي وأسرته 


نسب النبي - با - : 

لنسب النبي به ثلاثة أجزاء : جزء اتفق على صحته أهل السير والأنساب وهو إلى 
عدنان » وجزء اختلفوا فيه ما بين متوقف فيه وقائل به » وهو ما فوق عدنان إلى إبراهيم عليه 
السلام » وجزء لا نشك أن فيه أموراً غير صحيحة » وهو ما فوق إبراههم إلى ادم عليهما 
السلام » وقد أسلفنا الاشارة إلى بعض هذا » وهاك تفصيل تلك الأجزاء الثلاثة : 

الحزء الأول : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب - واسمه شيبة ‏ بن هاشم - واسمه 
عمرو ‏ بن عبد مناف - واسمه المغيرة ‏ بن قصي - واسمه زيد ‏ بن كلاب بن مرة بن 
- كعب بن لوؤي بن غالب بن فهر وهو الملقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة - بن مالك بن 
النضر - واسمه قيس - بن كنانة بن خزيمة بن مدركة - واسمه عامر - بن إلياس بن مضر بن 
نزار بن معد بن عدنان("2 . | 

الجزء الثاني : ما فوق عدنان » وعدنان هو ابن أد بن ميسع بن سلامان ابن عوص بن 

بوز بن قموال بن ابي بن عوام بن ناشد بن حزا بن بلداس بن يدلاف بن طا بن جاحم بن 
ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن 
يلحن بن أرعوي بن عيض بن ديشان بن عيصر بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن 
زارح بن مي بن مزي بن عوضة بن عرام بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام'" . 





(1) ابن هشام ۰۱/۱ ۲ . تلقيح فهوم أهل الأثر ه , ٦‏ › رحمة للعالمين ۰۱۱/۲ ٠٠۲١٠٤١٠۳۰۱۲‏ . 
(WD‏ قد جمع العلامة محمد سلوان المنصورفوري هذا الجزء من النسب برواية الكلبي » وابن سعد بعد حقيق دقيق . 
انظر رحمة للعالمين ١72121‏ وفيه اختلاف كبير بين المصادر التاريخية . 


8غ - 


الحزء الثالث : ما فوق إبراهيم عليه السلام » وهو ابن تارح - واسمه ازر - بن ناحور بن 
ساروع - أو ساروغ - بن راعو بن فالخ بن عابر بن شاڂ ابن أرفخشد بن سام بن نوح - عليه 
السلام - بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ - يقال هو إدريس عليه السلام - ابن يرد بن 
مهلائيل بن قينان بن انوشة بن شيث بن ادم عليهما السلام" . 


تعرف أسرته عه بالأسرة الهاثمية ‏ نسبة إلى جده هاشم بن عبد مناف - وإذن فلنذكر 
شيئاً من أحوال هاشم ومن بعده . 

)١(‏ هاشم - وقد أسلفنا أن هاما هو الذي تولى السقاية والرفادة من بني عبد مناف حين 
e‏ ممع سيا o‏ موسراً ذا 
ااا ر ی وای ین اا ات رشت ب ی د 
عمرو الذي هشم النريد لقومه قوم بمكة مسنتين عجاف 
سنت اليه الرحلتان كلاهما سفر الشعاء ورحلة الاصياف 

ومن حديثه أنه ج إلى لم و اس المدينة or a‏ أحد 
ا فمات هاشم بغزة e‏ ا امرأته سلمى عبد المطلب سنة 
ا قي اللي lai a GS‏ 
وعبد المطلب . وخمس بنات وهن : الشفاء » وخالدة » وضعيفة »› ورقية » وجنة" . 
(۲) عبد المطلب - قد علمنا تا سبق أن السقاية والرفادة بعد هاشم صارت إلى أخيه 
)01 ابن هشام ۲/۱ » ۳ » 4 تلقيح فهوم أهل الأثر ص1 , خلاصة السير للطبري ص" » ورحمة للعالمين ١8/7‏ 
واختلفت هذه المصادر في تلفظ بعض هذه الأسماء وكذا سقط من بعض المصادر بعض الأسماء . 
(۲) ابن هشام ۱۳۷/۱ ء رحمة للعالمين ۲٤/۲ › 75/١‏ . 
(۳) ابن هشام ۱۰۷/۱ . 


- 64 - 


المطلب بن عبد مناف ( وكان شريفاً مطاعاً ذا فضل في قومه » كانت قريش تسميه الفياض 
لسخائه ) ولا صار شيبة - عبد المطلب - وصيفاً أو فوق ذلك مع به المطلب . فرحل في 
طلبه » فلما راه فاضت عيناه » وضمه » وأردفه على راحلته » فامتنع حتى تأذن له امه » فسأهها 
المطلب أن ترسله معه » فامتنعت فقال : 

إنغا يحضي إلى ملك أبيه » وإلى حرم الله » فأذنت له » فقدم به مكة مردفه على بعيره » فقال 
الناس : هذا عبد المطلب » فقال ويحكم إنما هو ابن أخي هاشم .. فأقام عنده حتى ترعرع , ثم 
إن المطلب هلك بردمان من أرض الين » فولي بعده عبد المطلب » فاقام لقومه ما كان اباؤه 
يقيمون لقومهم » وشرف في قومه شرفاً لم يبلغه أحد من آبائه » وأحبه قومه » وعظم خطره 
فهم . ظ 

ولا مات المطلب وثب نوفل على أركاح عبد المطلب فغصبه إياها » فسأل رجالاً من قريش 
النصرة على عمه » فقالوا لا ندخل بينك وبين عمك . فكتب إلى أخواله من بني النجار أبياتا 
يستنجدهم » وسار خاله أبو سعد بن عدي في انين راكب » حتى نزل بالأبطح من مكة » فتلقاه 
عبد المطلب » فقال : المنزل » يا حال ! فقال : لا والله حتى ألقى نوفلا » ثم أقبل فوقف نوفل › 
وهو جالس في الحجر مع مشاخ قريش » فسل أبو سعد سيفه وقال : ورب البيت لفن لم ترد على 
ابن أختي أركاحه لأمكنن منك هذا السيف » فقال : رددتها عليه » فأشهد عليه مشا قريش » 
ثم نزل على عبد المطلب » فأقام عنده ثلاثأ » ثم اعتمر ورجع إلى المدينة » فلما جرى ذلك حالف 
نوفل بني عبد همس بن عبد مناف على بني هاشم » ولا رأت خزاعة نصر بني النجار لعبد المطلب 
قالوا : نحن ولدناه كا ولدتموه » فنحن أحق بنصره - وذلك أن أم عبد مناف منهم ‏ فدخلوا دإر 
الندوة » وحالفوا بني هاشم على بني عبد شمس ونوفل » وهذا الحلف الذي صار سبباً لفتح مكة کا 
شان 

- ومن أهم ما وقع لعبد المطلب من أمور البيت شيغان"  :‏ 

حفر بار زمزم ووقعة الفيل . 
(۱) ابن هشام ۱۳۷/۱ ۰ ۱۳۸ . 


. £۷1611 £0 0 1£) 1٤۳ › 1٤۲/۱ ابن هشام‎ )۳( 


- 0°* 


وخلاصة الأول أنه أمر قي المنام بحفر زمزم ووصف له موضعها › فقام يحفر , فوجل فيه 
الأشياء التي دفتها الجراهمة حين لحأوا إلى الجلاء » أي السيوف والدروع والغزالين من الذهب » 

ولا بدت بكر زمزم نازعت قريش عبد المطلب » وقالوا له : أشركنا قال ما أنا بفاعل , هذا 
أمر خصصت به » فلم يتركوه حتى خرجوا به للمحاكمة إلى كاهنة بني سعد » ولم يرجعوا حتى 
أراهم الله في الطريق ما دهم على تحصيص عبد المطلب بزمزم » وحينعذ نذر عبد المطلب لكن اتاه 
الله عشرة أبناء » وبلغوا أن يمنعوه لينحرن أحدهم عند الكعبة . 

وخلاصة الثاني أن أبرهة الصباح الحبشي » النائب العام عن النجاشي على الين » لما رأى 
العرب يحجون الكعبة بنى كنيسة كبيرة بصنعاء » وأراد أن يصرف حج العرب إليها » ومع بذلك 
رجل من بني كنانة » فدخلها ليلا فلطخ قبلتها بالعذرة . ولا علم أبرهة بذلك ثار غيظه » وسار 
بجيش عرمرم - عدده ستون ألف جندي - إلى الكعبة ليهدمها , واختار لنفسه فيلا من أكبر 
الفيلة » وكان في الجيش 4 فيلة أو ١‏ فيلا » وواصل سيره حتى بلغ المغمس › وهناك عبا 
جيشه » وهيأ فيله » وتتبياً لدخول مكة » فلما كان في وادي محسر بين المزدلفة ومنى برك الفيل › 
ولم يقم ليقدم إلى الكعبة » وكانوا كلما وجهوه إلى الجنوب أو الشمال أو الشرق يقوم يهرول » 
وإذا صرفوه إلى الكعبة برك » فبينا هم كذلك إذ أرسل الله عليهم طيرا أبابيل » ترمببم بحجارة من 
سجيل » فجعلهم كعصف ماكول » وكانت الطير أمثال الخطاطيف والبلسان » مع كل طائر 
لح سي يي ا SO‏ الاي د 

واما قريش و ا ون افك 
معرة الجيش » فلما نزل بالجيش ما نزل رجعوا إلى بيوتهم قي 50 

وكانت هذه الوقعة في ا ا 
(۱) ابن هشام ٤۳/۱‏ إلى 5ه ء تفهم القران ٤٦1۲/۹/٦‏ إلى ٤1۹‏ . 


FS 


لنبيه وبيته » لأنا حين ننظر إلى بيت المقدس نرى أن المشركين من أعداء الله تسلطوا على هذه 
القبلة » وأهلها مسلمون كا وقع لبختنصر سنة 47هق.م » والرومان سنة ١۷م‏ » ولكن الكعبة لم 
يسيطر عليها النصارى ‏ وهم المسلمون إذ ذاك ‏ مع أن أهلها كانوا مشركين . . 

وقد وقعت هذه الوقعة في الظروف التي يبلغ نبأها إلى معظم المعمورة المتحضرة إذ ذاك › 
فالحبشة كانت لا صلة قوية بالرومان » والفرس لا يزالون هم بالمرصاد » يترقبون ما نزل بالرومان 
وحلفائهم » ولذلك سرعان ما جاءت الفرس إلى الين بعد هذه الوقعة » وهاتان الدولتان كانتا 
تلان العا لم المتحضر . فهذه الوقعة لفتت أنظار العا م ودلته على شرف بيت الله » وأنه هو الذي 
اصطفاه الله للتقديس › فإذن لو قام أحد من أهله بدعوى النبوة كان ذلك هو عين ما تقتضيه 
هذه الوقعة » وكان تفسيراً للحكمة الخفية التي كانت في نصرة الله » المشركين ضد أهل الايمان 
بطريق يفوق عالم الاسباب ' 

وكان لعبد المطلب عشرة بنين » وهم : الحارث والزيير وأبو طالب » وعبد الله » وحمزة › 
وأبو لهب » والغيداق » والمقوم » وصفار » والعباس » وقيل : كانوا أحد عشر » فزادوا ولدا اسمه 
قم » وقيل : كانوا ثلاثة عشر » فزادوا عبد الكعبة وحجلا » وقيل : إن عبد الكعبة هو المقوم › 
وحجلا هو الغيداق ولم يكن من أولاده رجل امه قثم » وأما البنات فست وهن : أم الحكم 
- وهي البيضاء - وبرة وعاتكة وصفية وأروى وأميمة0"© . ظ 

(۳) عبد الله والد رسول الله له - أمة فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن 
مخزوم بن يقظة بن مرة » وكان عبد الله أحسن أولاد عبد المطلب » وأعفهم وأحبهم إليه » وهو 
الذبيح » وذلك أن عبد المطلب لا تم أبناؤه عشرة » وعرف أنهم يمنعونه أخبرهم بنذره فأطاعوه » 
فكتب أسماءهم في القداح » وأعطاهم قيم هبل » فضرب القداح فخرج القدح على عبد الله 
فأخذه عبد المطلب » وأخذ الشفرة » ثم أقبل به إلى الكعبة ليذبحه » فمنعته قريش ولا سها أخواله 
من بني زوم وأخوه أبو طالب » فقال عبد المطلب : فكيف أصنع بنذري فأشاروا عليه أن يأتي 
عرافة فيستأمرها » فأتاها » فأمرت أن يضرب القداح على عبد الله وعلى عشر من الإبل » فإن 
خرجت على عبد الله يزيد عشراً من الإبل حتى يرضى ربه » فإن حرجت على الإبل نحرها » فرجع 


(( تلقيح فهوم أهل الأثر ص۸ » 8 » رحمة للعالمين ٥٦1/۲‏ )11 . 


0 - 


i yê‏ اقرع إلا علي إلى أن بلغت الإبل مالة فوقعت القرعة علي ٠‏ فنحرت عنه ثم 
تركها عبد المطلب لا يرد عنما إنساناً ولا سبعاً » وكانت الدية في قريش وفي العرب عشرا من 
الابل » فجرت بعد هذه الوقعة مائة من الإبل ‏ قرا الإسلام ‏ وروي عن الي مه أنه قال + 
وأنا ابن الذبيحين »6 د فا 
رفي وا يعد اقل امراة في فرش يسا ورا وابوها نيك بف زهرة تسيا ر ی 
عبد الله في مكة » وبعد قليل أرسله عبد المطلب إلى المدينة يمتار لهم ترا » فمات . بها » وقيل : بل 
خرج تاجرأ إلى الشام » فأقبل في عير قريش » فنزل بالمدينة وهو مريض فتوفي بها » ودفن في دار 
النابغة الجعدي » وله إذ ذاك خمس وعشرون سنة » وكانت وفاته قبل أن يولد رسول الله عله , 
وبه يقول أكثر المؤرخين » وقيل : بل توفي بعد مولده بشهرين7" . ولا بلغ نعيه إلى مكة رثته امنة 
دعته المنايا دعوة فأجاببا وماتركت في الناس مثل ابن هاشم 
عشية راحوا يحملون سىريرە تعاوره ا ي التزناحم 
فإن تلك غالته المنايا وريهبا فقد کان معطاء كثير التراحم " 
وجميع ما خلفه عبد الله خمسة أجمال , وقطعة غنم وجارية حبشية اسمها بركة وكنيتها أم 
يمن » وهي حاضنة رسول الله جو4 . 


› ١7ص محصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله‎ 4٠ ۸۹/۲ رحمة للعالمين‎ ٠٠١ إلى‎ 151/١ ابن هشام‎ )١( 
١ 
. 81/7 ء فقه السيرة محمد الغزالي ص58 4 » رحمة للعالمين‎ ٠١۸ .1١67/١ ابن هشام‎ )۲( 
. ٦۲/۱ طبقات ابن سعد‎ )۳( 
. 15/7 مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص7١ » تلقيح فهوم أهل الأثر ص٤ صحيح مسلم‎ )٤( 
07ت‎ 


المولد وأربعون عاما قبل النبوة 


المولد: ْ 
j . )‏ د . 0 as‏ 5 
1 ولد سيد المرسلين م ! بشعب بني هاشم بمكة في صبيحة يوم الاثنين التاسع من شر ربيع 
الاول ( لاول عام من حادثة الفيل »> ولاربعين سنة خلت من ملك كسرى أنوشروان » ويوافق 
ذلك العشرين او الثاني وعشرين من شهر أبريل سنه الاهم حسما حفقه العام الكبير محمد 
سلوان المنصور فوري وامحقق الفلكي محمود باش(" . 
وقد روي أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد › 56 عشرة شرفة من إيوان 
کسری > وخحمدت النار التي يعبدها امجوس > واتبدمت الكنائس حول بخيرة ساوة بعد أن 
غاضت » روى ذلك البييقي7") ولا يمره محمد الغزالى ( 
ولا ولدته أمه ارا إلى جده عبد المطلب تبشّره بحفيده » فجاء مستبشرأ ودخل به 
| لكعبة » ودعا الله وشكر له » واختار له اسم محمد وهذا الاسم لم يكن معروفاً في العرب - 
وختنه يوم سابعه کا كان العرب Es‏ ) 
)0 محاضرات تاريخ الأم الإسلامية للخضري 1/۱ > رحمة للعالمين ۸۱۱ ۲۹ واختلافهم في تعيين تاريخ أبريل 
فرع للاختلاف في التقويمات الميلادية . 
(؟) انظر مختصر سيزة الرسول عه للشيخ عبد الله النجدي ص١١‏ وابن سعد 57/١‏ . 
)٤(‏ انظر فقه السيرة محمد الغزالي صا ٤‏ . 
(ه) ابن هشام ٠١١ . ٠١۹/١‏ » ومحاضرات تار الأمم الإسلامية للخضري 57/١‏ وقيل إنه ولد مختوناً » انظر ح 


Os 


وأول من أرضعته من المراضع - بعد أمه عي - ثويبة مولاة أي هب بلبن ابن لها يقال له 
مسىروح © وكات كات واه حمزة بن عبد المطلب » وأرضعت بعده أبا سلمة بن 
عبد الاسد ا لخزومي ٠‏ 


ق بني سعد: 

وكانت العادة عند الحاضرين من العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم › ابتعادا لهم عن 
أمراض الحواضر ؛ لتفوى أجسامهم ؛ ونشتد أعصابهم » ويتقنوا اللسان العرني في مهدهم › 
فاتقس عبد المطلب لرسول الله عه الرضعاء » واسترضع له امرأة من بني سعد بن بكر - وهي 
حليمة بنت أي ذؤيب - وزوجها الحارث بن عبد العزى المكنى بابي كبشة » من نفس القبيلة . 

وإخوته عه هناك من الرضاعة عبد الله بن الحارث » وأنيسة بنت الحارث » وحذافة أو 
جذامة بنت الحارث ( وهي الشهاء - لقب غلب على اسمها ‏ ) وكانت تحضن رسول الله عي 
وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب » ابن عم رسول الله يوه . 

وكان عمه حمزة بن عبد المطلب مسترضعا في بني سعد بن بكر » فأرضعت أمه 
جهة ثويبة ومن جهة السعدية!" . 

ورت حليمة من بركته يله ما قصّت منه العجب » ولنتركها تروي ذلك مفصلا : 

قال ابن إاسحق : كانت حليمة تحدث : أنها خرجت من بلدها مع زوجها وابن ٠‏ ها صغير 
ترضعه » في نسوة من بني سعد بن بكر » تلتمس الرضعاء قالت : وذلك في سنة شهباء لم تبق لنا 
شيئاً » قالت : فخرجت على أتان لي قمراء » معنا شارف لنا » والله ما تبض بقطرة » وما ننام ليلنا 
وجا جع ويا سا ع ب ا واد يا 

وديا اا م 
ہے تلقيح فهوم أهل الأثر ص٠‏ وقال ابن القيم : ليس فيه حديث ثابت . انظر زاد المعاد ۱۸/١‏ . 


. ٠١۳ص تلقيح فهوم الأثر ص٤ › مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي‎ )١( 
. ١9/١ زاد المعاد‎ )۲( 


عليها رسول الله عه فتأباه » إذا قيل ها إنه يتم » وذلك أنا كنا نرجو المعروف من أبي الصبي › 
فكنا نقول : یتم ! وما عسى أن تصنع أمه وجده ! فكنا نكرهه لذلك فما بقيت امرأة قدمت 
معي إلا أخذت رضيعاً غيري » فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي : والله إني لأكره أن أرجع 
من بين صواحبي ولم اخذ رضيعاً » والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلاخذنه . قال : لا عليك أن 
تفعلى ‏ عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة . قالت : فذهبت إليه » فأخذته » وما حملني على أخذه 
إلا أني لم أجد غيره » قالت : فلما أخذته رجعت به إلى رحلي » فلما وضعته في حجري أقبل 
عليه ثدياي بما شاء من لبن » فشرب حتى روي » وشرب معه أخوه حتى روي » ثم ناما » وما كنا 
ننام معه قبل ذلك » وقام زوجي إلى شارفنا تلك » فإذا هي حافل » فحلب منہا ما شرب وشربت 
معه حتى انتهينا ريا وشبعاً » فبتنا بخير ليلة » قالت : يقول صاحبي حين أصبحنا : تعلمي والله 
يا حليمة ! لقد أخذت نسمة مباركة » قالت : فقلت : والله إفي لأرجو ذلك » قالت : ثم 
خرجنا وركبت أنا أتاني » وحملته عليها معي » فوالله لقطعت بالركب ما لا يقدر عليه شيء من 
حمرهم » حتى إن صواحبي ليقلن لي : يا ابنة ألي ذؤيب » ويحك ! اربعي علينا » أليست هذه 
أنانك التي كنت خرجت علبها ؟ فأقول هن : بلى والله ! إنها هي هي » فيقلن : والله إن ها شأنا » 
قالت : ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد وما أعلم أرضاً من أرض الله أجدب منها » فكانت 
غنمي تروح عل حين قدمنا به معنا شباعاً لبن » فنحلب ونشرب » وما يحلب إنسان قطرة لبن › 
ولا يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم : ويلكم اسرحوا حيث يسرح 
راعي بنت أي ذؤيب » فتروح أغنامهم جياعاً ما تبض بقطرة لين » وتروح غنمي شباعاً بنا 
فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته وكان يشب شباباً لا يشبه 
الغلمان » فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاماً جفرا » قالت : فقدمنا به على أمه ونحن أحرص على 
مكثه فينا » لما كنا نرى من بركته » فكلمنا أمه » وقلت ها : لو تركت ابني عندي حتى يغلظ › 
فإني أحشى عليه وباء مكة › قالت : فلم نزل بها حت ردته معنا“ . 
وهكذا بقي رسول الله مه في بني سعد > حتى إذا كانت السنة الرابعة أو الخامسة0© من 
(۱) ابن هشام ۱١٤١۱۹۳۰۱۹۲/۱‏ . 


(WD)‏ هذا ما ذهب إليه عامة أهل السير » ويقتضي سياق رواية ابن إسحاق أنه وقع في السنة الثالثة » انظر ابن هشام 
1 ۱19 . 


- 0 - 


مولده وقع حادث شق صدره › روى مسلم عن أنس أن رسول الله یه أناه جبريل » وهو 
يلعب مع الغلمان » فأخذه فصرعه » فشق عن قلبه » فاستخرج القلب » فاستخرج منه علقة › 
فقال : هذا حظ الشيطان منك » ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم » ثم لأمه » ثم أعاده إلى 
مكانه » وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظره - فقالوا : إن محمدا قد قتل » فاستقبلوه وهو 
منتقع اللون . 


إلى أمه الحنون: 
ظ وخشيت عليه حليمة بعد هذه الوقعة حتى ردته إلى أمه » فكان عند أمه إلى أن بلغ ست 


is 
س ر‎ 


ورأت امنة وفاء لذكرى زوجها الراحل أن تزور قبره ببأرب » فخرجت من مكة قاطعة 
رحلة تبلغ خمسمائة كيلو مرا » ومعها ولدها اليتم - محمد عي - وخادمتها أم أيمن › وقيمها 
عبد المطلب » فمكثت شبرا ء ثم قفلت . وبينا هي راجعة إذ يلاحقها المرض » ويلح عليها في 
أوائل الطريق » فماتت بالأبواء بين مكة والمدينة" . 


إلى جده العطوف: 

وعاد به عبد المطلب إلى مكة » وكانت مشاعر الحنو في فؤاده تربو نحو حفيده اليم » الذي 
أصيب بمصاب جديد نكا الجروح القديمة » فرق عليه رقة لم يرقها على أحد من أولاده » فكان 
لا يدعه لوحدته المفروضة » بل يؤثره على أولاده » قال ابن هشام : كان يوضع لعبد المطلب 
و أت في ظل الكعبة » فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه » لا يجلس عليه أحد 
من بنيه إجلالاً له » فكان رسول الله عت يأني وهو غلام جفر حتى يجلس عليه » فيأخذه 
أعمامه ليؤخروه عنه » فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم : دعوا ابني هذا فوالله إن له لشانا : 


(۱) صحيح مسلمء باب الاسراء 47/١‏ . 

(۲) تلقيح فهوم أهل الأثر ص۷ » ابن هشام ١58/١‏ . 

(۳) ابن هشام ١18/١‏ » تلقيح فهرم أهل الأثر ص۷ » محاضرات تارج الأم الإسلامية للخضري 51/١‏ » فقه 
السيرة للغزالي ص٠٠‏ . 


- 0¥ 


ثم يجلس معه على فراشه » ويمسح ظهره بيده ويسره ما يراه يصنع""' 


. ولثاني سنوات وشهرين وعشرة أيام من عمره عه توفي جده عبد المطلب بمكة » ورأى قبل 
وفاته أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه آي طالب شقيق أبيه9) . 


إلى عمه الشفيق: ظ 
ونهض أبو طالب بحق ابن أخيه على أكمل وجه » وضمه إلى ولده » وقدمه علييم › 
واختصه بفضل احترام وتقدير » وظل فوق أربعين سنة يعز جانبه . ويبسط عليه حمايته ؛ 
ويصادق ويخاصم من أجله » وستأتي نبذ من ذلك في مواضعها . 


يستسقى الغمام بوجهه: 

أخرج ابن عمساكر عن جلهمة بن عرفطة قال ت سكا ره ل قط لقالت 
قريش : يا أبا طالب ! أقحط الوادي » وأجدب العيال » فهلم فاستسق ق » فخرج أبو طالب ومعه 
غلام » كانه شس دجن » تحلت عنه سحابة قثاء » حوله أغيلمة » فأخذه أبو طالب » فألصق 
a‏ د ا 


وأغدق واغدودق » وانفجر جر الوادي وأخضب ب النادي والبادي › وا الى هذا أشار أبو طالب حين 
قال 0 ٠‏ 

5 بقن اسم بوجهه - شال اليتامى عصمة لارمر* 
بحيرا الراهب: 


ظ ولا بلغ رسول اله ته تي عشرة سدة 0000 9 - ارتل به أبو طالب 
اجا إلى الشام » حى وصل إلى بصرى E a i‏ معدودة من الشام وقصبة لحوران » وكانت في 
ذلك الوقت قصبة للبلاد العربية التي کانت ت حكم ب وكان في هذه البلد راهب 
)١(‏ ابن هشام ۱۹۸/۱ . 

(۲) تلقيح فهوم أهل الأثر ص۷ » ابن هشام ١59/١‏ . 
(۳) مختصر سيرة الرسول عه للشيخ عبد الله النجدي ص ٠١ 0١89‏ . 
(4) قاله ابن الجوزي في تلقيح فهوم أهل الأثر ص۷ . 


دق 2ه 


عرف ببحيرا واسمه جرجيس فلما نزل الركب خرج إلمهم » وأكرمهم بالضيافة » وكان لا يخرج 
إلههم قبل ذلك وعرف رسول الله ع بصفته » فقال وهو اخذ بيده : هذا سيد العالمين ‏ هذا 

يبعثه الله رحمة للعالمين . فقال أبو طالب : وما علمك بذلك ؟ فقال : إنكم حين أشرفتم من 
ا بن ر جر إلا رھ ساج ».ولا تدا ی ران أعرقه فا لبف 
تفل عفرف کت ر عات وإنا غق کا وال ا طاللك رد٢‏ بزلا ا 
إلى الشام » خوفا عليه من اليبود » فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة" . 


حرب الفجار: 


ولخمس عشرة من عمره عه كانت حرب الفجار بين قريش ومن معهم من كنانة وبين 
قيس عيلان » وكان قائد قريش وكنانة كلها حرب بن أمية لمكانته فييم سنا وشرفا » وكان الظفر 
في أول النهار لقيس على كنانة » حتى إذا كان وسط النهار كان الظفر لكنانة على قيس . وسمميت 
بحرب الفجار لانتباك حرمات الحرم والأشهر ا الحرب 
رسول الله ع » وكان ينبل على عمومته » أي يجهز لهم النبل للرمي ٠‏ 


حلف الفضول: 

وعلى أثر هذه الحرب وقع حلف الفضول ني ذي القعدة في شهر حرام » تداعت إليه قبائل 
من قريش : بنو هاشم » وبنو المطلب » وأسد بن عبد العزى » وزهرة بن كلاب » وتم بن مرة » 
فاجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان التيمي لسنه وشرفه » فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا 
مكة مظلوماً من أهلها وغيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه » وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه 
مظلمته » وشہد هذا الحلف رسول الله عه » وقال بعد أن أكرمه الله بالرسالة : لقد شبدت في 


)١(‏ مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص5١‏ ء وابن هشام 0180/١‏ 0181720181 187 » ووقع 
في كتاب الترمذي وغيره أنه بعث معه بلالا ( تحفة الأحوذي ) وهو من الغلط الواضح » فإن بلالا إذ ذاك لعله 
لم يكن موجوداً » وإن كان موجوداً فلم يكن مع عمه ولا مع أي بكر . زاد المعاد 17/١‏ . 
(۲) ابن هشام ۱۸١ ۰ ۱۸۰ ۰ ۱۸٤/۱‏ ۰ ۱۸۷ قلب جزيرة العرب ص70 » محاضرات تاريخ الام الإسلامية 
للخضري 57/١‏ . 
- 0۹ - 


دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم » ولو أدعى به في الإسلام 
لأجبت2 . 
وهذا الحلف روحه تناني الحمية الجاهلية التي كانت العصبية تثير هاء ويقال في سبب هذا - 
الحلف إن رجلا من زبيد قدم مكة ببضاعة › وا شتراها منه العاص بن وائل السهمي » وحبس عنه 
حقه » فاستعدى عليه الأحلاف عبد الدار » ومزوماً » وجمحاً » وسبماً » وعدياً » فلم يكترثوا 
له » فعللا جبل أي قبيس » ونادى بأشعار يصف فما ظلامته رافعاً صوته » فمشى في ذلك 
الزبير بن عبد المطلب » وقال : ما هذا مترك ؟ حتى اجتمع الذين مضى ذكرهم في حلف 
الفضول ‏ فقاموا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه حق الزبيدي بعد ما أبرموا الحلف” . 


حياة الكدح: 


وم يكن له عله عمل معين في أول شبابه » إلا أن الروايات توالت أنه كان يرعى غا » 
رعاها في بني سعد" » وني مكة لأهلها على قراريط وفي الخامسة والعشرين من سنه خرج 
تاجرأ إلى الشام في مال خخديجة رضي الله عنها » قال ابن إسحق : كانت خديجة بنت خويلد امرأة 
تاجرة ذات شرف ومال » تستاجر الرجال في ماها » وتضاربهم إياه بشيء تجعله هم » وكانت 
قريش قوماً تحار فلما بلغها عن رسول الله َيه ما بلغها من صدق حديثه › وعظم أمانته وكرم 
أخلاقه بعثت إليه » فعرضت عليه أن يخرج في مال ها إلى الشام تاجرأ » وتعطيه أفضل ما كانت 
تعطي غيره من التجار » مع غلام لها يقال له ميسرة » فقبله رسول الله عي منها » وخرج في 
مالا ذلك » وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام . 


زواجه خديجة: 
را رغ إل مك ورات عه فى ماين ااه وتر ك ا ر قال حاار 


0 و ` 19 غتصر سيرة الرسول للشيخ عبد اله النجدي ص. e‏ 
(۲) نفس المصدر الأخير ص ° 

م6 ابن هشام ٠ . 1۹71/١‏ 

. ٥۲ص فقه السيرة لمحمد الغزالي‎ )٤( 

رهم اس هشام .١84821١41//١‏ 


غلامها ميسرة : ها رأى فيه عي من خلال عذبة » وشائل كريمة » وفكر راجح » ومنطق صادق » 
ونہج أمين . وجدت ضالتها المنشودة ‏ وكان السادات والرؤساء يخرصون على زواجها » فا 
عليبم ذلك - فتحدثت بما في نفسها إلى صديقتها نفيسة بنت منية » وهذه ذهبت إليه 82 
تفاتحه أن يتزوج خديجة » فرضي بذلك » وكلم أعمامه » فذهبوا إلى عم خديجة » وحطبوها إليه » 
وعلى أثر ذلك تم الزواج » وحضر العقد بنو هاشم ورؤساء مضر » وذلك بعد رجوعه من الشام 
بشهرين » وأصدقها عشرين بكرة » وكانت سنها إذ ذاك أربعين سنة » وكانت يومعذ أفضل نساء 
قومها نسبأ وثروة وعقلاً > وهي أول امرأة تزوجها رسول الله عه › ولم يتزوج عليبا غيرها حتى 
ماتت'' . 

وکل أولاده ع مہا سوى إبراهيم » ولدت له أولا القاسم - وبه كان یکنی - ثم زينب 
ورقية » وأم كلثرم وفاطمة وعبد الله » وكان عبد الله يلقب بالطيب والطاهر اوبات ينوه كلهم 
في صغرهم » أما البنات فكلهن أدركن الإسلام فاسلمن وهاجرن » إلا أبن أدركتهن الوفاة في 
اد 1907 + سنوي کان وي اا جیا ل تأعريت رين نک اتی ع بات ۲۹ 


بناء الكعبة وقضية التحكيم: 

ولخمس وثلاثين سنة من مولده عه قامت قريش ببناء الكعبة » وذلك لأن الكعبة كانت 
رض فوق القامة ‏ ارتفاعها تسعة أذرع من عهد إسماعيل » ول يكن لها سقف » فسرق نفر من 
اللصوص كنزها الذي كان في جوفها » وكانت مع ذلك قد تعرضت - باعتبارها أثراً قديماً - 
للعوادي التي أوهت بنيائها » وصدعت جدرانها » وقبل بعثته َه حمس سنين جرف مكة سيل 
عرم » انحدر إلى البيت الحرام » فأوشكت الكعبة منه على الانهيار » فاضطرت قريش إلى تجديد 
بنائها حرصا على مكانتها » واتفقوا على أن لا يدخلوا في بنائها إلا طيباً » فلا يدخلوا فيها مهر 
بغي » ولا بيع ربا » ولا مظلمة أحد من الناس » وكانوا يهابون هدمها » فابتداً بها الوليد ابن 
المغيرة الخزومي » وتبعه الناس لما رأوا أنه لم يصبه شيء ‏ ولم يزالوا في الهدم حتى وصلوا إلى قواعد 


)1 أبن هشام 15م؟ 5 0 فقه أنسيرة لمحمد الغزاليي ص8 ه » تلقيح فهرم أهل الأثر ص۷ . 
(۲( نفس المصدر الأول ./١‏ ااا و ٠‏ ء وفتح الباري ۷/۷ ٠‏ وبين المصادر اختلااف يسر 


ا 


إبراهيم » ثم أرادوا الأخذ في البناء » فجزأوا الكعبة » وخصصوا لكل قبيلة جزءأمنها » فجمعت كل 
قبيلة حجارة على حدة » وأخذوا يبنونها » وتولى البتاء بتاء رومي امه باقوم : ولما بلغ البنيان موضع 
الحجر الأسود اختلفوا فيمن يمتاز بشرف وضعه في مكانه » واستمر النزاع أربع ليال أو خمسا . 
واشتد حتى كاد يتحول إلى حرب ضروس في أرض الحرم » إلا أن أبا أمية بن المغيرة الخزومي 
عرض عليهم أن يحكموا فيا شجر بينهم أول داخل عليهم من باب المسجد فارتضوه » وشاء الله أن 
e‏ اوا ا اك 
بمسكوا چا بأطراف الرداء: وار أ أن يرفعوه ) حتى إذا اه إلى موصعه أخدة بيذه » 
تربع ل ربكالا ونا لصوت رضي a‏ 

وقصرت بقريش النفقة الطيبة فأخرجوا من الجهة الشمالية نحوأ من ستة أذرع » وهي التي 

تسمی بالحجر والحطيم 4 ورفعوا بامها م الارن ۽ لله دك إلا من أرادوا ( ولا بلغ البناء 

خمسة عشر ذراعاً سقفوه على ستة أعمدة . 
الذي في الجر الأسود ولقايل له ١‏ 8 و م ۰م من 
المطاف ات الذني في الباب والقابل له ام وبا على 0 مترين على اوی 2 9 
وتسمى اا ری ا er‏ کا 


السيرة الإجمالية قبل النبوة: 
إن النبي تله كان قد جمع في نشأته خير ما في طبقات الناس من ميزات » وكان طرازا 
رفيعاً من الفكر الصائب » والنظر السديد » ونال حظأ وافراً من حسن الفطنة وأصالة الفكرة 
وسداد الوسيلة والهمدف » وكان يستعين بصمته الطويل على طول التأمل وإدمان الفكرة واستكناه 
الحق › وطالع بعقله الخحصب وفطرته الصافية صحائف الحياة وشوون الناس وأحوال الجماعات › 
)١١‏ انظر في تفصيل بناء الكعبة ابن هشام ۱۹۲/۱۲ إلى ۱۹۷ ۰ وفقه السيرة محمد الغزالي ص1۲ » ٦۳‏ » 
وصحيح البخاري باب فضل مكة وبنيانها ۲٠٠/١‏ » ومحاضرات تاريخ الأمم الإسلامية للخضري 54/١‏ › 
6 . 


- 1 - 


فعاف ما سواها من خرافة » ونأى عنها : > ثم عايش الناس على بصيرة من أمره وأمرهم » فما وجد 
حسنا شارك فيه » وإلا عاد إلى عزلته العنيدة + > فكان لا یشرب الخمر » ولا يأكل مما ذيح على 
النصب » ولا يحضر للأوثان عيداً ‏ ولا احتفالاً > بل كان من أول نشأته نافراً من هذه المعبودات 
الباطلة » حتى لم يكن شيء أبغض إليه منها » وحتى كان لا يصبر على سماع الحلف باللات 
والعزى('2 . 

ولا شك أن القدر حاطه بالحفظ » فعندما تتحرك نوازع النفس لاستطلاع بعض متع 
الدنيا » وعندما يرضى باتباع بعض التقاليد غير المحمودة تتدخل العناية الربانية للحيلولة بينه 
وبينها » روى ابن الأثير قال رسول الله ل : وما هممت بشيء ما كان أهل الجاهلية يعملون 
غير مرتين » كل ذلك يحول الله بيني وبينه » ثم ما ممت به حتى أكرمني برسالته » قلت ليلة 
ايح E DALE‏ ل را 

يسمر الشباب ! فقال : أفعل » فخرجت حت إذا كنت عند أول دار بمكة سمعت عزفا » فقلت 
ما هذا ؟ فقالوا : عرس فلان بفلانة » فجلست أسمع . فضرب الله على أذني فنمت » فما أيقظني 
إلا حر الشمس . فعدت إلى صاحبي فسألي » فأخبرته » ثم قلت ليلة أخرى مثل ذلك » 
ودخلت بمكة فأصابني مثل أول ليلة .. تم ما هممت بسوء )29 . 

وروى البخاري عن جابر بن عبد الله قال : لما بنيت الكعبة ذهب النبي له وعباس 
ينقلان الحجارة » فقال عباس للنبي م : اجعل إزارك على رقبتك يقيك من الحجارة » فخر 
إلى الأرض » وطمحت عيناه إلى السماء » ثم أفاق فقال : إزاري » إزاري » فشد عليه إزاره”“ وني 
رواية فما رؤيت له عورة بعد ذلك° . 


وان بې عه يتاز في قومه خلال عذبة N‏ 5 فكان اد 





(۱) يدل عليه كلامه مع بحيرا . انظر ابن هشام ١78/١‏ . 

(۲) اختلفوا في صحة هذا الحديث فصححه الحا ج والذهبي وضعفه ابن كثير في البداية والنباية ۲۸۷/۲ . 
(۳) صحيح البخاري باب بنيان الكعبة ٥٤4١/١‏ . 

. نفس المصدر مع شرح القسطلاني‎ )٤( 


ا 


عريكة » وأعفهم فا وأكرمهم ا وأبرهم عملا وأوفاهم عهداً : وامنهم أمانة ٠‏ حتى 
سماه قومه « الأمين » ؛ لما جمع فيه من الأحوال الصالحة والخصال المرضية » وكان ک) قالت أم 
المؤمنين -خديجة رضي الله عنها : يحمل الكل › ويكسب المعدوم » ويقري الضيف ويعين عل 
نوائب الحو“ . 


)01 صحيح البخاري TN‏ 


- € = 





فى ظلال النبوة والرسالة 


في عار حراء : 

ولا تقاربت سنه ية الأربعين» وكانت تأملاته الماضية قد وسعت الشقة العقلية بينه 
وبين قومه» حبب إليه الخلاء» فكان يأخذ السويق والماء ويذهب إلى غار حراء في جبل 
النور» على مبعدة نحو ميلين من مكة ‏ وهو غار لطيف طوله أربعة أذرع» وعرضه ذراع 
وثلاثة أرباع ذراع من ذراع الحديد ‏ ومعه أهله قريبأ منه» فيقيم فيه شهر رمضان» يطعم 
من جاءه من المساكين» ويقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون» 
وفيما وراءها من قدرة مبدعة» وهو غير مطمئن لا عليه قومه من عقائد الشرك المهلهلةء 
وتصوراتها الواهية» ولكن ليس بين يديه طريق واضح» ولا منهج محدد» ولا طريق قاصد 
يطمئن إليه ويرضاه”"©. 

وكان اختياره اة لهذه العزلة طرفاً من تدبير الله له» وليعده لا ينتظره من الأمر 
العظيم. ولا بد لأي روح يراد لها أن تؤثر في واقع الحياة البشرية فتحولها وجهة أخرى.. 
لا بد لهذه الروح من خلوة وعزلة بعض الوقت» وانقطاع عن شواغل الأرض وضجة 
الحياة» وهموم الناس الصغيرة التى تشغل الحياة. 

وهكذا دبر الله محمد ل وهو يعده لحمل الأمانة الكبرى» وتغيير وجه الأرض› 
وتعديل خط التاريخ.. دبر له هذه العزلة قبل تكليفه بالرسالة بثلاث سنوات» ينطلق في 
هذه العزلة شهرا من الزمان» مع روح الوجود الطليقة» ويتدبر ما وراء الوجود من غيب 
مكنون» حتى يحين موعد التعامل مع هذا الغيب عندما يأذن الله("©. 


.١77/؟9 في ظلال القرآن الجزء‎ 2575 2)5*5/١ رحمة للعلمين ١//ا4» وابن هشام‎ )١( 
.١٠١۷ 175/99 نفس المصدر الأخير‎ )١9 


168 


جبريل ينزل بالوحي 
النبوة تتلوح وتتلمع له من وراء افاق الحياة » وتلك الآثار هي الرؤيا الصادقة » فكان لا يرى رؤيا 
الا جاءت مثل ف فلق الصبح » حتى مضت على ذلك ستة أشهر - ومدة النبوة ثلاث وعشرون 
سنة » فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ‏ فلما كان رمضان من السنة الثالئة من 
عزلته عو بحراء شاء الله أن يفيض من رحمته على أهل الأرض » فأكرمه بالنبوة » وأنزل إليه 
جرا بايات من القران'") 
وبعد النظر والتأمل في القرائن والدلائل يمكن لنا أن نحدد ذلك اليوم بأنه كان يوم الاثنين 
لاحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلا » ويوافق ٠١‏ أغسطس سنة ١517م‏ » وكان عمره 
به إذ ذاك بالضبط أربعين سنة قمرية » وستة أشهر » و ١7‏ يومأ » وذلك نحو ۳۹ سنة ممسية 
وتلفلة اشير و بوا 
]23 قال ابن حجر : وحكى البييقي أن مدة الرؤيا كانت ستة أشهر » وعلى هذا فابتداء النبوة بالرؤيا وقع في سُهر 
مولده وهو ربيع الأول » بعد إكاله أربعين سنة » وابتداء وحي اليقظة في رمضان ( فتح الباري ۲۷/۱ ) . 
(؟) اختلف المؤرخحون اختلافاً كبيراً في أول شهر أكرمه الله فيه بالنبوة » وإنزال الوحي » فذهبت طائفة كبيرة إلى أنه 
شر ربيع الأول » وذهبت طائفة أخرى إلى أنه رمضان » وقيل هو شبر رجب ( انظر مختصر سيرة الرسول 
للشيخ عمد الله بن عمد بن عبد الوهاب النجدي ص75 ) ورجحنا الثاني - أي أنه شہر رمضان 2 لقوله 
تعالى : # شبر رمضان الذي أنزل فيه القران © ( ۲ : ١80‏ ) ولقوله تعالى  :‏ إنا أنزلناه في ليلة القدر ¢ 
١ : 97‏ ) ومعلوم أن ليلة القدر في رمضان » وهي المرادة بقول تعالى : 4 إنا أنزلناه في ليلة مباركة » إنا كنا 
منذرین ‏ ( 44 : ٣‏ ) ولان جواره عه بحراء كان في رمضان » وكانت وقعة نزول جبريل فيا کا هو 





معروف . 

ثم اختلف القائلون ببدء نزول الوحي في رمضان في تحديد ذلك اليوم » فقيل : هو اليوم السابع » وقيل 
السابع - عشر » وقيل الثامن عشر ( انظر مختصر سيرة الرسول المذكور ص75 » ورحمة للعالمين ۱ )وقد 
أصر ا خضري في حاضراته على أنه اليوم السابع عشر ( محاضرات تارج الم الإسلامية للخضري 59/١‏ ) . 

وإنما رجحنا أنه اليوم الحادي والعشرون مع أنا لم نر من قال به لأن أهل السيرة كلهم أو أكارهم متفقون 
على أن مبعده عي كان يوم الإثنين » ويؤيدهم ما رواه أئمة الحديث عن أبي قنادة رضي الله عنه أن 
رسول الله ّل سكل عن صوم يوم الاثنين » فقال : فيه ولدت فيه أنزل علي » وفي لفظ : ذاك يوم ولدت فيه 
ويوم بعدت أو أنزل علي فيه ( صحيح مسلم ۰۳۹۸/۱ احمد ۲۹۷/۰ ۰ ۲۹۹ »۰ البييقي 5857/54 2 ۳۰۰ ۰= 

) ا 


ولنستمع إلى عائشة الصديقة رضي الله تعالى عنها تروي لنا قصة هذه الوقعة التي كانت 
شعلة من نور اللاهوت » أخذت تفتح دياجير ظلمات الكفر والضلال » حتى غيرت بحرى 
الحياة » وعدلت خط التاريم . قالت عائشة رضي الله عنها : 

أول ما بدىء به رسول الله عت من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم » فكان لا يرى رؤيا إلا 
جاءت مثل فلق الصبح › ثم حبب إليه الخلاء » وكان يلو بغار حراء » فيتحنث فيه - وهو 
التعبد - الليالي ذوات العدد قبل أن يتزع إلى أهله » ويتزود لذلك . ثم يرجع إلى خديجة فيتزود 
مثلها » حتى جاءه الحق وهو في غار حراء » فجاءه الملك فقال : اقرأ : فقلت : ما أنا بقارىء » 
قال : فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد » ثم أرسلني فقال : اقرأ. فقلت : ما أنا بقارىء , 
فأخذني فغطني الثالثة » ثم أرسلني فقال : «أفْرَأ أي رَيْكَ الى على حَلَقَ لون مِنْ 
ای (ي) أفرأورِكَ لادم 04 فرجع بها رسول الله عه يرجف فاده » فدخل على خديجة بنت 
خويلد فقال : زملوني زملوني » فزملوه حتى ذهب عنه الروع » فقال لخديجة » مالي » وأخبرها 
الخبر » لقد خشيت على نفسي » فقالت خديجة : كلاء والله ما يخزيك الله أبدأ » إنك لتصل 
الرحم » وتحمل الكل » وتكسب المعدوم وتقري الضيف » وتعين على نوائب الحق » فانطلقت به 
خديجة حتى أنت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزي ابن عم خديجة - وكان امرءأ تتنصر في 
الجاهلية » وكان يكتب الكتاب العبراني » 'فيكتب من الانجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب » 
وكان شيخاً كبيرا قد عمي - فقالت له خخديجة : يا ابن عم ! اسمع من ابن أخيك » فقال له 
ورقة : ياابن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله عله حبر ما رأى » فقال له ورقة : هذا 
الناموس الذي نزله الله على موسى » يا ليتني فيها جذعاً » ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك فقال 
رسول الله عه : أو مُخرجيٌ هم ؟ قال : نعم » لم يأت رجل قط بمثل ما جفت به إلا عودي » 
= الحا مم ٠٠۲/١۲‏ ) ويوم الإثنين في رمضان من تلك السنة لا يوافق إلا اليوم السابع » والرابع عشر » والحادي 

والعشرين ٠‏ والثامن والعشرين » وقد دلت الروايات الصحيحة أن ليلة القدر لا تقع إلا في وتر من ليالي العشر 

الأواخر من رمضان وأنها تنتقل فيا بين هذه الليالي » فإذا قارنا بين قوله تعالى  :‏ إنا أنزلناه في ليلة القدر » › 

وبين رواية أني قتادة أن مبعثه مه كان يوم الإثنين وبين حساب التقوبم العلمي في وقوع يوم الاثنين في رمضان 

من تلك السنة تعين لنا أن مبعثه حه كان في اليوم الحادي والعشرين من رمضان ليلا . 
)١(‏ كان نزول الآيات إلى قوله تعالى : # علم الإنسان ما ل يعلم » . 

د 


- وإن يدركني يومك أنصرك نصرا موزرا ء ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي"' . 

وروى الطبري وابن هشام ما يفيد أنه خرج من غار حراء بعدما فوجىء بالوحي ثم رجع 
وام جواره » وبعد ذلك رجع إلى مكة ء ورواية الطبري تلقي ضوءا على سبب خروجه وهاك 
نصا : 

قال رسول الله عي بعد ذكر محيء الوحي : ول یکن من خلق اله أبغض علي من شاعر أو 
محنون » كنت لا أطيق أن أنظر إليہما » قال : قلت : ان الابعد - يعني نفسه ‏ شاعر أو يحنون 
إلا تحدث بها عني قريش أبدا ! لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسبي منه فلأقتلنها ء 
فلأستريحن ! قال : فخرجت أريد ذلك » حتى إذا كنت في وسط الحبل سمعت صوتا من السماء 
يقول : يا محمد !! أنت رسول الله » وأنا جبريل . قال : فرفعت رأسي إلى السماء ‏ فإذا جبريل في 
صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول : يا محمد ! أندت رسول الله وأنا جبريل . قال : 
فوقفت أنظر إليه » وشغلني ذلك عما أردت » فما أتقدم وما أتآخر » وجعلت أصرف وجهي عنه 
في افاق السماء فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيقه كذلك » فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي , 
ارس يران » حي بدن ااا ونيا ل طني E LE‏ 
مقامي ٠‏ ثم انصرف عي وانصرفت راجعا إلى أهلى ”' حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخذها 
مضيفا إليها ( ملتصقا بها مائلاً إليها ) فقالت : يا أبا القاسم ! أين كنت ؟ فوالله لقد بعثت في 
طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا إلي » ثم حدثتها بالذي رأيت » فقالت : أبشر يا ابن عم » واثبت » 
فو الذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة" » ثم قامت فانطلقت إلى ورقة 
وأخبرته . فقال : قدوس قدوس » والذي نفس ورقة بيده لقد جاءه الناموس الاكبر الذي كان 
يأتي موسى » وإنه لنبي هذه الأمة » فقولي له : فليثبت » فرجعت خديجة وأخبرته بقول ورقة , 
سبي ب N‏ بي 
والذي نفسي بيده » إنك لنبي هذه الأمة » ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى ٠‏ 
(1) صحيح البخاري ۲/۱ » ۳ وقد أخرجه البخاري مع اختلاف يسير في اللفظ في كتاني التفسير وتعبير 

0 

(۲( نص الطيري ۲۰۷/۲ . 
(۳) نص ابن هشام ۲۳۷/۱ - ۲۳۸ . 
)٤(‏ ملخص من ابن هشام ۲۳۸/۱ . 


- A - 


فترة الوحي : 

أما مدة فترة الوحي فروى ابن سعد عن ابن عباس ما يفيد أمها كانت أياماً'' وهذا الذي 
يترجح بل يتعين بعد إدارة النظر في جميع الحوانب . وأما ما اشتهر من أا دامت طيلة ثلاث 
سين أو سنتين ونصف فلا يصح جال » وليس هذا موضع التفصيل في رده . 

وقد بفي رسول الله ع في أيام الفترة كيبا حزوناً » تعتريه الحيرة والدهشة » فقد روى 
البخاري في كتاب التعبير ما نصه : 

وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي عي فيا بلغنا حزناً عدا" منه مرارأ كي يتردى من رؤوس 
شواهق الحبال » فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منه تبدى له جبريل فقال : يا محمد 
إنك رسول الله حقا » فيسكن لذلك جأشه » وتقر نفسه » فيرجع » فإذا طالت عليه فترة الوحي 
غدا لمثل ذلك , فإذا أو بذروة الجبل تبدى له جبريل فقال له مغل ذلك , 


جبريل ينزل بالوحي مرة ثا 

را ا 
الروع › > وليحصل له التشوف إلى العود" . فلما تقلصت ظلال الحيرة » وثبتت أعلام الحقيقة › 
وعرف ف مر معرفة اليقين أنه أضحى نيا لله الكبير المتعال » وأن ما جاءه سفير الوحي ينقل إليه 

حبر السماء وصار تشوفه وارتقابه مجيء الوحي سببا في ثباته واحتاله عندما يعود » جاءه جبريل 

للمرة الشانية . روى البخاري عن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله عه يحدث عن فترة 
الوحي › قال : 

فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السهاء » فرفعت بصري قبل السماء » فإذا الملك الذي 
جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض » فجنثت منه حتى هويت إلى الأرض » فجئت 
أهلي فقلت : زملوني زملوني » فزملوني » فأنزل الله تعالى : يا أيها المدثر إلى قوله : فاهجر , ثم 
(۲) بالعين المهملة من العدو . وهو الذهاب بسرعة , وني بعض النسخ ٠‏ غدا ٠‏ بالغين المعجمة . 
(۳) صحيح البخاري كتاب التعبير باب أول ما بدىء به رسول الله مله من الوحي الرؤيا الصالحة ٠١۴١٣٠١/۲‏ . 
(1) فح الباري ۲۷/۱ . 


"0 


همي الوحي وتتابع(") . 


استطراد فى بیان أقسام الوحي: 

قبل أن نأخذ في تفصيل حياة الرسالة والنبوة » نرى أن نتعرف أقسام الوحي الذي هو 
مصدر الرسالة ومدد الدعوة . قال ابن القيم - وهو يذكر مراتب الوحي : 

إحداها : الرؤيا الصادقة » وكانت مبداً وحيه علي . 

الثانية : ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه » کا قال النبي عل : إن روح 
القدس نفث في روعي أنه لن توت نفس حتى تستكمل رزقها . فاتقوا الله » وأجملوا في الطلب » 
ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله » فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته . 

الثالنة : أنه عي كان يتمثل له الملك رجلاً فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول له » وفي هذه 
المرتبة كان يراه الصحابة أحيانا . ظ 

الرايعة ع أنه كان انيه و شر هة ار وكات ادوع ب الاك مف أن 
جبينه ليتفصد عرقاً في اليوم الشديد البرد » وحتى أن راحلته لتبرك به إلى الأرض إذا كان راكبها ء 
ولقد جاء الوحي مرة كذلك وفخذه على فخذ زيد بن ثابت » فثقلت عليه حتى كادت ترضها . 

الخامسة : أنه يرى الملك في صورته التي خلق عليها » فيوحي إليه ما شاء الله أن يوحيه › 
وهذا وقع له مرتين | ذكر الله ذلك في سورة النجم . 

السادسة : ما أوحاه الله إليه » وهو فوق السماوات ليلة المعراج من فرض الصلاة وغيرها . 

السابعة : كلام الله له منه إليه بلا واسطة ملك کا كلم الله موسى بن عمران » وهذه المرتبة 
هي ثابتة لموسى قطعاً بنص القران . وثبوتها لنبينا عله هو في حديث الإسراء . 

وقد زاد بعضهم مرتبة ثامنة وهي تكلم الله له كفاحاً من غير حجاب » وهي مسألة خلاف 
بين السلف والخلف . انتبى مع تلخيص يسير في بيان المرتبة الأولى والثامنة'' » والحق أن هذه 
الاخيرة ليست بثابتة . 
(۲) انظر زاد المعاد ١8/١‏ . 


ان 


أمر القيام بالدعوة إلى الله» وموادها 


تلقى النبي 0 أوامر عديدة في قوله تعالى OEE)‏ 
١ 250‏ وار زاھج ر اولاش شتک © ورک تأضيز» أوامر بسيطة ساذجة 
في الظاهر . بعيدة المدى والغاية » قوية ة الأثر والفعل في الحقيقة ونفس الأمر . 

١‏ فغاية القيام بالإنذار أن لا يترك أحدا ممن يخالف مرضاة الله في عالم الوجود إلا 
وينذره بعواقبه الوخيمة حت تقع رجفة وزلزال في قلبه وروعه . 

١‏ - وغاية تكبير الرب أن لا يترك لأحد كبرياء في الأرض إلا وتكسر شوكتها » وتقلب 
ظهرا لبطن » حتى لا يبقى ني الارض إلا كبرياء الله تعالى . 

٣‏ - وغاية تطهير الثياب وهجران الرجز أن يبلغ في تطهير الظاهر والباطن وني تزكية النفس 
من جميع الشوائب والألواث إلى أقصى حد وكال يمكن لنفس بشرية تحت ظلال رحمة الله الوارفة 
وحفظه وكلئه وهدايته ونوره » حتى يكون أعلى مثل في المجتمع البشري » تجتذب إليه القلوب 
السليمة » وتحس بهيبته وفخامته القلوب الزائغة » حتى ترتكز إليه الدنيا بأسرها وفاقاً أو خلافاً . 

٤‏ - وغاية عدم الاستكثار بالمنة أن لا يعد فعالاته وجهوده فخيمة عظيمة » بل لا يزال 
يجتهد في عمل بعد عمل » ويبذل الكثير من الجهد والتضحية والفداء » ثم ينسى كل ذلك » بل 
يفنى في الشعور بالله بحيث لا يحس ولا يشعر بما بذل وقدم . 

و الذرة الاخيرة اشتنارة الى ای أذى: العانديى عن ا 
والسخرية إلى الجد والاجتهاد في قتله وقتل أصحابه » وإبادة كل من التف حوله من المؤمنين › 
يأمر الله تعالى أن يصبر على كل من ذلك بقوة وجلادة » لا لينال حظاً من حظوظ نفسه » بل 
جرد مرضاة ربه . 


ا 


الله أكبر! ما أبسط هذه الأوامر في صورتها الظاهرة. وما أروعها في إيقاعاتها 
الهادئة الخلابة» ولكن ما أكبرها وأفخمها وأشدها في العملء وما أعظمها إثارة لعاصفة 
هوجاء تحضر جوانب العالم كله» وتتركها يتلاحم بعضها في بعض. 

والآيات نفسها تشتمل على مواد ا والتبليغ, » فالإنذار نفسه يقتضي أن هناك 
أعمالا لها عاقبة سوأى يلقاها أصحابهاء ونظراً لما يعرفه کل أحد أن الدنيا لا يجازى فيها 
بكل ما يعمل الناس» بل ربما لا يمكن المجازاة بجميع الأعمال. فالإنذار يقتضي یوما 
للمجازاة غير أيام الدنياء وهو الذي يسمى بيوم القيامة ويوم الجزاء والدين» وهذا يستلزم 
حياة أخرى غير الحياة التي نعيشها في الدنيا. 

وسائر الآيات تطلب من العباد التوحيد الصريح» وتفويض الأمور كلها إلى الله 
تعالى» وترك مرضاة النفس» ومرضاة العباد إلى مرضاة ارله تعالى. 

فإذن تتلخص هذه المواد في: 

(أ) التوحيد. 

(ب) الإيمان بيوم الآخرة. 

2 القيام بتزكية النفس بأن تتناهى عن المنكرات والفواحش التي تفضي إلى سوء 
العاقبة» وبأن تقوم باكتساب الفضائل والكمالات وأعمال الخير. 

(د) تفويض الأمور كلها إلى الله تعالى. | 

(ه) وكل ذلك بعد الإيمان برسالة محمد بل وتحت قيادته النبيلة وتوجيهاته 
الرشيدة. ) ظ ظ 


ثم إن مطلع الايات ت ا العلوي في صوت الكبير المتعال ‏ بانتداب 
النبي ل لهذا الأمر الجا ا من النوم والتدثر والدفء إلى الجهال والكفاح 
والمشقة: يا الس € 3 ذز © 4 كأنه قيل: إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش 
را أما أنت الذي تحمل هذا العبء الكبير فما لك والنوم؟ وما لك والراحة؟ وما 

لك والفراش الدافئ؟ والعيش الهادئ؟ والمتاع المريح! قم للأمر العظيم الذي ينتظرك 
والعبء الثقيل المهياً لك. قم للجهد والنصب» والكد والتعب. قم فقد مضى وقت النوم 
والراحة وما عاد منذ اليو إلا السهر المتواصلء والجهاد الطويل الشاق. قم فتهياً لهذا 


SN 


إنها لكلمة عظيمة رهيبة» تنزعه يو من دفء الفراش في البيت الهادئ والحضن 
الدافيء» لتدفع به في الخضم» بين الزعازع والانواء» وبين الشد والجذب في ضمائر الناس 
وفي واقع الحياة سواء. 

وقام رسول الله ي فظل قائماً بعدها أكثر من عشرين عاماً! لم يسترح ولم 
يسكن» ولم يعش لنفسه ولا لأهله. قام وظل قائماً على دعوة الله» يحمل على عاتقه 
العبء الثقيل الباهظ ولا ينوء به» عبء الأمانة الكبرى في هذه الأرض» عبء البشرية 
كلهاء عبء العقيدة كلهاء وعبء الكفاح والجهاد في ميادين شتى» عاش في المعركة 
الدائبة المستمرة أكثر من عشرين عاماً. لا يلهيه شأن عن شأن في خلال هذا الأمد. منذ 
أن سمع النداء العلوي الجليل» وتلقى منه التكليف الرهيب... جزاه الله عنه وعن البشرية 
كلها خير ال جزاء(. ٠‏ 

وليست الأوراق الآتية إلى صورة مصغرة بسيطة من هذا الجهاد الطويل الشاق 
الذي قام به رسول الله ية خلال هذا الأمد. 


.١77 ۱۷۱ ال١‎ 0159 في ظلال القرآن تفسير سورتي المزمل والمدش ج23178/55‎ )١( 


2 


أدوار الدعوة ومراحلها ‏ 


يمكن أن نقسم عهد الدعوة المحمدية ‏ على صاحبها الصلاة والسلام والتحية - إلى دورين 
يمتاز أحدهما عن الأخر تام الامتياز وهما : 

+ الدور المكي » ثلاث رة اسنة تقزياً‎ )١( 

(۲) الدور المدني » عشر سنوات كاملة . 

ثم يشتمل كل من الدورين على مراحل لكل منها خصائص تاز با عن غيرها » ويظهر 
ذلك جليا بعد النظر الدقيق في الظروف الي مرت بها الدعوة خلال الدورين . 

ويمكن تقسيم الدور المكي إلى ثلاث مراحل : 

. مرحلة الدعوة السرية » ثلاث سنين‎ ١ 

؟ - مرحلة إعلان الدعوة في أهل مكة » من بداية السنة الرابعة من النبوة إلى أواخر السنة 


العاشرة . 
۳ - مرحلة الدعوة خارج مكة » وفشوها فيهم » من أواخر السنة العاشرة من النبوة إلى 


أما مراحل الدور المدني فسيجيء تفصيلها في موضعه  .‏ 


VE 


المرحلة الأولى 
جهاد الدعوة 





ثلاث سنوات من الدعوة السرية: 

معلوم أن مكة كانت مركز دين العرب » وكان بها سدنة الكعبة » والقوام على الأوثان 
والأصنام المقدسة عند سائر العرب » فالوصول إلى المقصود من الإصلاح فيها يزداد عسراً وشدة 
عما لو كان بعيدا عنها . فالأمر يحتاج إلى عزيمة لا تزلزنها المصائب والكوارث » كان من الحكمة 
تلقاء ذلك أن تكون الدعوة في بدء أمرها سرية » لعلا يفاجاً أهل مكة با يبيجهم . 


الرعيل الأول: ظ 
وكان من الطبيعي أن يعرض الرسول عه الاسلام أولاً على ألصق الناس به وال بيته » 
وأصدقائه ‏ فدعاهم إلى الإسلام , ودعا إليه كل من توسم فيه خيرأ من يعرفهم ويعرفونه » يعرفهم 
بحب الله الحق والخير » ويعرفونه بتحري الصدق والصلاح > فأجابه من هؤلاء - الذين م 
تحالجهم ريبة قط في عظمة الرسول عي وجلالة نفسه وصدق خبره - جمع عرفوا في التاريخ 
الإسلامي بالسابقين الأولين » وفي مقدمتهم زوجة النبي عله أم المؤمنين خديجة بنت خويلد , 
ومولاه زيد بن حارثة بن شرحبيل الكلبي( وابن عمه علي بن أبي طالب - وكان صبيا يعيش في 
كفالة الرسول - وصديقه الحمم أبو بكر الصديق . أسلم هؤلاء في أول يوم من أيام الدعوة"“ . 
(۱) كان قد أسر ورق » فملكته خديجة » ووهبته لرسول الله عه » وجاءه أبوه وعمه ليذهبا به إلى قومه وعشيرته » 
فاختار عليهما رسول الله عه » فتبناه حسب قواعد العرب » وكان لذلك يقال : زيد بن محمد » حتى جاء 
الاسلام فأبطل التبئي . 
(۲) رحمة للعالمين ٠.0/١‏ . 


1960 


ثم نشط أبو بكر في الدعوة إلى الاسلام » وكان رجلا مألفا عبباً سبلا » ذا خلق ومعروف » 
وكان رجال قومه يأتونه ويالفونه » لعلمه وتجارته » وحسن مجالسته » فجعل يدعو من يثق به من 
قومه ممن يغشاه ويجلس اليه 3 فأسلم بدعائه عهان بن عفان الأموي ( والزير بن العوام الأسدي ¢ 
وعبد الرحمن بن عوف » وسعد بن أبي وقاص الزهرهان ٠‏ وطلحة بن عبيد الله التيمي . فكان 
هؤلاء النفر القانية الذين سبقوا الناس هم الرعيل الأول وطليعة الاسام . 

ومن أوائل المسلمين بلال بن رباح الحبشي 6 ثم تلاهم امین هذه الم(" أبو عبيدة عامر بن 
الحراح من بني الحارث بن فهرء وأبو سلمة بن عبد الأسدء والأرقم بن أبي الأرقم المحزوميان, 
وعثان بن مظعون وأخواه قدامة وعبد الله » وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف › 
وسعيد بن زيد العدوي ¢ وأمرأته فاطمة بنت الخطاب العدوية أحت عمر بن الخطاب ¢ 
وخباب بن الأرت وعبد الله بن مسعود المذلي وخلق سواهم , وأولنك هم السابقون الأولون , 
وهم من جميع بطون قريش وعدهم ابن هشام أكثر من أربعين نفرا" . وني e‏ في 
السابقين الأولين نظر . 

قال ابن إسحاق : ثم دخل الناس في الاسلام أرسالا من الرجال والنساء حتى فشا ذكر 
الاسلام بمكة » وتحدث به" . 

أسلم هؤلاء سرا » وكان الرسول عله يجتمع بهم ويرشدهم إلى الدين متخفيا ؛ لأن الدعوة 
كانت لا تزال فردية وسرية » وكان الوحي قد تنابع وحمي نزوله بعد نزول أوائل المدثر . وكانت 
الآيات وقطع السور التي تنزل في هذا الزمان ايات قصيرة » ذات فواصل رائعة منيعة » وإيقاعات 
تلويثها برغام الدنيا » تصف الحنة والنار كأنهما رأي عين » تسير بالمؤمنين في جو أخر غير الذي 
فيه الجتمع البشري أنذاك . 
الصلاة: ) 

وكان في أوائل ما نزل الأمر بالصلاة » قال مقاتل بن سليان : فرض الله في أول الاسلام 
)١(‏ انظر لتسميته بهذا اللقب صحيح البخاري مناقب ألي عبيدة بن الحراح 970/١‏ . 
(۲) انظر سيرة ابن هشام 556/١‏ إلى 7١7‏ . 
٠‏ (59) نفس المصدر 357/١‏ . 


- ۷1 


الصلاة ركعتين بالغداة وركعتينبالعشي, لقوله تعال: «وَسَيَحبحَمَدِرَيَكَ عسوا لإبَكرِ)4 
٠١ : 4.‏ )وقال ابن حجر : كان عه قبل الاسراء يصلي قطعا » وكذلك اصحابه » ولكن 
اختلف هل فرض شيء قبل الصلوات الخمس من الصلوات أم لا ؟ فقيل إن الفرض كانت صلاة 
قبل طلوع الشمس وقبل غروبها . انتبى . وروى الحارث بن أسامة من طريق ابن هيعة موصولا 
عن زيد بن حارثة : أن رسول الله عه في أول ما أوحي إليه أتاه جبريل » فعلمه الوضوء » فلما 
فرغ من الوضوء أخذ غرفة من ماء فنضح بها فرجه . وقد روى ابن ماجة بمعناه . وروى نجوه عن 
الراء بن غازب وابن غباس وق حذيت ابن عباس :وكان ذلك من اول الفريضة!" .. 

وقد ذكر ابن هشام أن النبي عله وأصحابه كانوا إذا حضرت الصلاة ذهبوا في الشعاب 
فاستخفوا بصلاتهم من قومهم » وقد رأى أبو طالب النبي ع وعليا يصليان مرة » فكلمهما في 
ذلك » ولا عرف جلية الأمر أمرهما بالثبات”" . 


الخبر يبلغ إلى قريش إجمالا: 

يبدو بعد النظر في نواح شتى من الوقائع أن الدعوة ‏ في هذه المرحلة - وإن كانت سرية 
وفردية » لکن بلغت أنباءها إلى قريش » بيد أنها لم تكترث بها . 

قال محمد الغزالي : وترامت هذه الأنباء إلى قريش فلم تعرها اهتاماً » ولعلها حسبت محمدا 
أحد أولعك الديانين » الذين يتكلمون في الألوهية وحقوقها » كا صنع أمية بن أي الصلت › 
وقس بن ساعدة » وعمرو بن نفيل وأشباههم , إلا أنها توجست خيفة من ذيوع خبره وامتداد 
أثره » وأخذت ترقب على الأيام مصيره ودعوته" . 

مرت ثلاث سنين والدعوة لم تزل سرية وفردية » وخلال هذه الفترة تكونت جماعة من 
المؤمنين تقوم على الأخوة والتعاون » وتبليغ الرسالة وتمكينها من مقامهاءثم تنزل الوحي يكلف 
رسول الله عَم بمعالنته قومه » ويجابهة باطلهم ومهاجمة أصنامهم . 


. مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص۸۸‎ )١( 
. ۲٤۷/۱ (؟) ابن هشام‎ 
. ۷٦ص فقه السيرة‎ )( 


VV 


المرحلة الثانية 
الدعوة جهارا 


أول أمر بإظهار الدعوة: 

اول ما نزل بهذا الصدد قوله تعالى وار سِيريك الأفربيت 4 77 : 5114) والسورة 
التي وقعت فما الآية - وهي سورة الشعراء - ذكرت فيها أولاً قصة موسى عليه السلام من بداية 
نبوته إلى هجرته مع بني إمسرائيل » ونجاتهم من فرعون وقومه » وإغراق ال فرعون معه ء وقد 
اشتملت هذه القصة على جميع المراحل التي مر بها موسى عليه السلام خلال دعوة فرعون وقومه 
الى الله . | 

أرى أن هذا التفصيل نما جيء به حين أمر الرسول عي بدعوة قومه إلى الله » ليكون أمامه 
وأمام اة ودج لا سارن من التكذيب والاضطهاد حينا يجهرون بالدعوة » وليكونوا على 
بصيرة من أمرهم منذ بداية دعوتهم 

من ناحية أعرى تعمل هذه السورة على ذكر مآل الكذين لرل » من قوم توح ) 
وعاد » وود » وقوم إبراهم يم » وقوم لوط » وأصحاب الأيكة - علاوة على ما ذكر من أمر فرعون 
وقومه - ليعلم الذين سيقومون بالتكذيب بما يؤول إليه أمرهم وما سيلقون من موّاخذة الله إن 
استمروا على التكذيب » وليعرف المؤمنون أن حسن العاقبة لهم لا للمكذبين . 
الدعوة فى الأقربين: ) 

وأول ما فعل رسول الله ع بعد نزول هذه الآية أنه دعا عا بني هاشم فحضروا » ومعهم نفر 
من بني المطلب بن عبد مناف ؛ فكانوا خمسة وأربعين رجلا . فبادره أبو لهب وقال الم 
عمومتك وبنو عمك فتكلم ودع الصباة . واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة » وأنا أحق 


- VA 


من أخذك » فحسبك بنو أبيك » وإن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن يشب بك 
بطون قريش » وتّدهم العرب » فما رأيت أحدا جاء على بني أبيه بشر ما جفت به » فسكت 
رسول الله عله » وم يتكلم في ذلك المجلس . 

ثم دعاهم ثانية وقال : « الحمد الله أحمده » وأستعينه » وأومن به » وأتوكل عليه . وأشہد أن 
لا إله إلا الله وحده لا شريك له . ثم قال : إن الرائد لا يكذب أهله والله الذي لا إله إلا هو , 
إني رسول الله إليكم خاصة ‏ وإلى الناس عامة » واللّه اموتن كا تنامون » ولتبعثن کا تستيقظون » 
ولتحاسبن با تعملون » وإنها الجنة أبداً أو النار أبدأ ٠‏ . فقال أبو طالب : ما أحب إلينا 
معاونتك » وأقبلنا لنصيحتك »› وأشد تصديقنا لحديثك › وهؤٌلاء بنو أبيك مجتمعون » وإنما أنا 
أحدهم غير أني أسرعهم إلى ما تحب » فامض لما أمرت به . فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك » غير 
أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب . 

فقال أبو لهب : هذه والله السوأة » خذوا على يديه قبل أن يأخذ غي رك » فقال أبو طالب : 
والله لفنعه ما بقينا!"© . 


على جبل الصفا: 


وبعدما تأكد النبي عي من تعهد أي طالب بحمايته » وهو يبلغ عن ربه » قام يوما على 
الصفا فصرخ : يا صباحاه : فاجتمع إليه بطون قريش » فدعاهم إلى التوحيد والايمان برسالته 
وباليوم الآخر . وقد روى البخاري طرفاً من هذه القصة عن ابن عباس . قال : لما نزلت 
وَاذِرْعِ ريك الْأوري» صعد النبي ع على الصفا . > فجعل ينادي با بني فهر !. يا بي 
عدي ! لبطون قريش » حتى اجتمعوا » فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر 
ما هو ؟ فجاء أبو لهب وقريش . فقال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير 
عليكم » أكنتم مصدق ؟ قالوا : نعم » ما جربنا عليك إلا صدا » قال ن نلو لكو بن 
يدي عذاب شديد . فقال أبو لهب : تبأ لك سائر اليوم . أهذا جمعتنا ؟ فزلت 9تَبَّت يدا 


أبى لهب . 


(0) ابن الأثير » فقه السيرة ص۷۷ › ۷۸ . 
(۲( صحيح البخاري ۷١۲/۲‏ » 747 » والرواية محرجة في صحيح مسلم أيضا ۱ . 
5 


ْ لع وا القصة عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال: لما 
- هذه الاية ورا وأنذر عشيريّك لے شب 4 دعا زسول الله عد فعم وخص. فقال: يا 
معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النارء يا معشر بني كعب! أنقذوا أنفسكم من النارء يا 
فاطمة بنت محمد! أنقذي نفسك من النارء فإني والله لا أملك لكم من الله شيئاء إلا 
أن لكم رحماً سأبلها ببلالها('“. 


هذه الصيحة العالية هي غاية البلاغ» فقد أوضح الرسول يي لأقرب الناس إليه أن 
التصديق بهذه الرسالة هو حياة الصلات بينه وبينهم. وأن عصبية القرابة التي يقوم عليها 
العرب ذابت في حرارة هذا الإنذار الآتي من عند الله. 


الصدع بالحق وردود فعل المشركين: 

ولم يزل هذا الصوت يرع دويه في أرجاء مكة حتى نزل قوله تعالى فَاصِدعٌ يما 
تمر وَأَعض عن الْمتَرِنَ © (44:15) فقام رسول الله يلخ يعكر على خرافات الشرك 
وترهاته» ويذكر حقائق الأصنام وما لها من قيمة في الحقيقة» يضرب بعجزها الأمثالء 
ويبين بالبينات أن من عبدها وجعلها وسيلة بينه وبين الله فهو في ضلال مبين. 


انفجرت مكة بمشاعر الغضب» وماجت بالغرابة و ن شتفت ضرا 
يجهر بتضليل المشركين وعباد الأصنام» كأنه صاعقة قصفت السحاب» فرعدت. وبرقت 
وزلزلت الجو الهادئ» وقامت قريش تستعد حسم هذه الثورة التي اندلعت بغتة» ويخشى 
أن تأتي على تقاليدها وموروثاتها. 

قامت لأنها عرفت أن معنى الإيمان بنفي الألوهية عما سوى الله» ومعنى الإيمان 
بالرسالة وباليوم الآخر هو الانقياد التام والتفويض المطلق» بحيث لا يبقى 7 خيار في 
أنفسهم وأموالهم» فضلا عن غيرهم. ومعنى ذلك انتفاء سيادتهم وكبريائهم على العرب» 
التي كانت بالصبغة الدينية» وامتناعهم عن تنفيذ مرضاتهم أمام مرضاة الله ورسوله 
وامتناعهم عن المظالم التي كانوا يفترونها على الأوساط السافلة» وعن السيئات التي كانوا 


)١(‏ صحيح مسلم ١١4/١‏ › صحيح البخاري ۷٠۲/۲ › 785/١‏ » مشكاة المصابيح ؟450/1. 


نك 


همه 


يجترحونها صباح ومساء. عرفوا هذا المعنى فكانت نفوسهم تأبى عن قبول هذا الوضع 
«الخزي» لا لكرامة وخير فول بر الإنئن لجر أماممى © .)٠:۷١(‏ 

عرفوا كل ذلك جيداًء ولكن ماذا سيفعلون أمام رجل صادق أمين» أعلى مثل للقيم 
البشرية ولكارم الأخلاقء لم يعرفوا له نظيراً ولا مثيلا خلال فترة طويلة من تاريخ الآباء 
والأقوام؟ ماذا سيفعلون؟ تحيروا في ذلك» وحق لهم أن يتحيروا. 

وبعد إدارة فكرتهم لم يجدوا سبيلا إلا أن يأتوا إلى عمه أبى طالب» فيطلبوا منه 
أن يكف ابن أخيه عما هو فيه» ورأوا لإلباس طلبهم لباس الجد والحقيقة أن يقولوا: إن 
الدعوة إلى ترك آلهتهمء والقول بعدم نفعها وقدرتها سبة قبيحة وإهانة شديدة لهاء وفيه 
تسفيه وتضليل لابائهم الذين كانوا على هذا الدين» وجدوا هذا السبيل فتسارعوا إلى سلوكها. 


وفد قريش إلى أبي طالب: 

قال ابن إسحاق: مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب» فقالوا: يا أبا 
طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتناء وعاب دينناء وسفه أحلامناء وضلل آباءنا فإما أن 
تكفه عناء وإما أن تخلي بيننا وبينه» فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه» فنكفيكه. 
فقال لهم أبو طالب قولا رقيقاً وردهم رداً جميلا فانصرفوا عنه ومضى رسول الله يكل 
على ما هو عليه» يظهر دين الله» ويدعو إليه0"©. 


المجلس الاستشاري لكف الحجاج عن استماع الدعوة: 

وخلال هذه الأيام أهم قريشاً أمر آخرء وذلك أن الجهر بالدعوة لم يض عليه إلا أشهر 
معدودة حتى قرب موسم الحج» وعرفت قريش أن وفود العرب ستقدم عليهم» فرأت أنه لا بد 
من كلمة يقولونها للعرب في شأن محمد يك حتى لا يكون لدعوته أثر في نفوس العرب» 
فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة يتداولون في تلك الكلمةء فقال لهم الوليد: أجمعوا فيه رأياً واحداء 
ولا تختلفوا فيكذب بعضكم فا ویرد قولكم بعضه بعضاً قالوا: فأنت فقل» قال: بل أنتم 
فقولوا أسمع. قالوا: نقول: كاهن. قال: لا والله ما هو بكاهن» لقد رأينا الكهان» فما هو 


.156/١ ابن هشام‎ )١( 


ات 


بزمزمة الكاهن ولا سجعه . قالوا : فنقول : مجنون . قال : ما هو بمجنون » لقد رأينا الجنون 
وعرفناه » ما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته . قالوا : فنقول : شاعر . قال : ما هو بشاعر › 
لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه › فما هو بالشعر »› قالوا : 
فنقول: ساحر . قال : ماهو بساحر » لقد رأينا السحار وسحرهم » فما هو بنفثهم 
ولا عقدهم . قالوا : فما نقول ؟ قال : والله إن لقوله لحلاوة » وإن أصله لعذق » وإن فرعه 
لجناة » وما أنتم بقائلين من هذا شيعا إلا عرف أنه باطل » وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا : 
ساحر . جاء بقول هو سحر يفرق بين المرء وأبيه » وبين المرء وأخيه » وبين المرء وزوجته » وبين 
المرء وعشيرته › فتفرقوا عنه بذلك' . ) 

وتفيد بعض الروايات أن الوليد لما رد عليهم كل ما عرضوا له » قالوا : أرنا رأيك الذي 
لا غضاضة في » فقال شم : آمهلونی حتى أفكر في ذلك » فظل الليد يفكر ويفكر » حتى آبدی 
هم رأيه الذي د كر انف“ . 

وني الوليد أنزل الله تعالى ست عشرة اية من سورة المدثر ( من ١١‏ إلى 0 خلالها 
صور كيفية نفكو» » فقال : « مك مكف ند @ معط 9 ¢ 
بی ور م ادر وات کر قال إن خا لاسر بور اتر 4 

وبعد أن اتفق امجلس على هذا القرار أخذوا في تنفيذه » فجلسوا بسبل الناس حين قدموا 
الموسم , لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه » وذكروا لهم أمره9» 

والذي تولى كبر ذلك هو أبو لحب » فقد كان رسول الله عله يتبع الناس إذا واف الموسم في 
منازهم وفي عكاظ ويجنة وذي لجاز يدعوهم إلى الله » وأبو لغب وراءه يقول : لا تطيعوه فإنه 
صابىء کذاب 








. ۲۷۱/۱ نفس المصدر‎ )١( 

(۲) انظر في ظلال القرآن 79 2 ۱۸۸ . 

(9) ابن هشام ۲۷۱/۱ . 

)٤(‏ روى فعله هذا الترمذي عن يزيد بن رومان و .. عن طارق بن عبد الله امحارلي ورواه الإمام أحمد في مسنده 
؟/47 541١/4.‏ . ْ 


AY - 


وأدى ذلك إلى أن صدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله عو » وانتشر ذكره في 
بلاد العرب كلها . 


أساليب شتى لمجابهة الدعوة: 


ارات تيك ا اكت ق وغرته هذا :ولا الب كرا ا خر : 
واختاروا لقمع هذه الدعوة أساليب تتلخص فا يأتي : 

, السخرية والتحقير » والاستهزاء والتكذيب والتضحيك » قصدوا بها تحذيل المسلمين‎ - ١ 
وتوهين 'قواهم المعنوية ء فرموا النبي عه بتهم هازلة وشتائم سفيهة » فكانوا ينادونه بالجنون‎ 
العا بالسحر والكذب‎ 0 ١5١ 4 وقالوای امال زی رل عمو از درك ىجن‎ 9 
ویوا نجام سذ منم وال آلگفرود هلدا سَحِ کان © (۳۸ : ؛) وکانو‎ « 
ابافمة .. وعراطف منفعلة ها هائجة 5 وإن يکد لن کرو‎ SS SE CS يشيعره‎ 
ولتك ابره ا معو اذَه ويَُوُونَ الجن © (1۸ : ١ه) وكان إذا جلس وحوله‎ 
7 € المستضعفون من أصحابه استهزاوا بهم وقالوا: هو لاء جلساؤه ماله عليه م مر ی نا‎ 
قال تعالی: یسال بعلا ڪرت :0) وکانوا ا قص الله علینا ا‎ )۳ 
لذي رمو كام زین اواب و ود راان وأ وال‎ 
هله انلوق كھ( ودا اوم قا وأإنهت ولک الود ل رما اروام فظن‎ 
ل ا ماو ومن معن لور‎ 

۲ - تشويه تعاليه وإثارة الشببات » وبث الدعايات الكاذبة » ونشر الايرادات الواهية حول 
الا ا ال ل ا و ل ل 
دعوته » فكانوا يقولون عن القران : ل سأيت تھا فى شل عد 


بكر وأ صي 4 559 : : ) إن هلافك CE‏ 
(۲ : 4) وکانوا يقولون إ ا )٠١‏ وکانوا يقولون عنالرسول عي 
ل ص ES‏ 


} مال هلدا الرسول يڪل لطعام ویمشی ل الاسواق 4 ۲١(‏ : ۷) وفي القران نماذج 
كثيرة للردود على إيراداتهم بعد نقلها أو من غير نقلها . 


٣‏ - معارضة القران بأساطير الأولين » وتشغيل الناس بها عنه . فقد ذكروا أن النضر بن 


- Af - 


الحارث قال مرة لقريش : يا معشر قريش ! والله لقد نزل بكم أمر ما أوتيتم له بحيلة بعد . قد كان 
محمد فيكم غلاماً حدثا أرضاك فيكم » وأصدقكم حديئا » وأعظمكم أمانة » حتى إذا رأيتم في 
صدغيه الشيب » وجاءك بما جاءك به » قلتم : ساحر . لا والله ما هو بساحر . لقد رأينا السحرة 
ونفثهم وعقدهم , وقلتم : كاهن . لا والله ما هو بكاهن . قد رأينا الكهنة وتخالجهم وسمعنا 
سجعهم » وقلتم : شاعر . لا والله ما هو بشاعر » قد رأينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها هزجه 
ورجزه » وقلتم : مجنون . لا والله ما هو بمجنون لقد رأينا الحنون فما هو بخنقه » ولا وسوسته › 
ولا تخليطه » يا معشر قريش فانظروا في شأنكم » فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظم . 

ثم ذهب النضر إلى الخيرة » وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس » وأحاديث رستم وأسفنديار » 
oi BEI‏ ل PAAR‏ يي ا ويقول : 

9705595959 
النبي مه إلا ساط عليه واحدة منها PE‏ الس ا 
الإسلام » وفيه نزل قوله تعالى : 9 مالاس من ری له ولحي دس ب ضرعن سبل 
آ4" . 

٤‏ - مساومات حاولوا با أن يلتقي الإسلام والجاهلية في منتصف الطريق بأن يترك 
المشركون بعض ما هم عليه » ويترك النبي عه بعض ما هو عليه ودوا اوندهن في < هنوت) 
(58 : 4) فهناك رواية رواها ابن جرير والطبراني تفيد أن المشركين عرضوا على رسول الله يكل 
أن يعبد امتهم عاماً » ويعبدون ربه عاما . ورواية أخرى لعبد بن حميد تفيد أنهم قالوا : لو قبلت 
اهتنا نعبد إلحك9© . ٠‏ 

وروی ابن إسحاق بسنده » قال : : اعترض رسول الل عله - وهو يطوف بالكعبة - 


)١(‏ ابن هشام ۱ ۰۳۰۰ ٠١۸‏ » وتفهم القرآن 8/4 » 4 » مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي 
صلا١١8:1١١.‏ 

(؟) تفهم القران 4/4 . 

(۳) تفهم القرآن 5.1/5 , ۲٠١‏ . 





-Af - 


الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف والعاص بن وائل 
السهمي - وكانوا ذوي أسنان في قومهم ‏ فقالوا يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد › وتعبد ما نعبد 
فنشترك نحن وأنت في الأمر » فإن كان الذي تعبد خيراً مما نعبد كنا قد أخخذنا بحظنا منه » وإن 
كان ما نعبد خيرا ما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه ء فأنزل الله تعالى فيم « فَلْيَأً 
الككفروت ل لا عبد مَاسَبُدُونَ 4 السورة كلها“ . 

وحسم الله مفاوضتهم المضحكة بهذه المفاصلة الجازمة . 


ولعل اختلاف الروايات لأجل أنهم حاولوا هذه المساومة مرة بعد أخرى . 


الاضطهادات: 

أعمل المشركون الأساليب التي ذكرناها شيعا فشيئاً لكف الدعوة بعد ظهورها في بداية 
السنة الرابعة من النبوة » ومضت على ذلك أسابيع وشهور وهم مقتصرون على هذه الأساليب » 
لا يتجاوزونها إلى طريق الاضطهاد والتعذيب » ولكنهم لما رأوا أن هذه الأساليب لا تحدي لهم 
نفعاً في كف الدعوة الإسلامية ؛ اجتمعوا مرة أخرى » وكونوا منهم لحنة أعضاؤها خمسة 
وعشرون رجلا من سادات قريش » رئيسها أبو هب عم رسول الله عي » وبعد التشاور والتفكر 
اتحذت هذه اللجنة قرارا حا ما ضد رسول الله عيب » وضد أصحابه . فقررت أن لا تألو جهدا 
في محاربة الاسلام » وإيذاء رسوله » وتعذيب الداخلين فيه » والتعرض هم بألوان من النكال 
والإيلام'" . 

اتخذوا هذا القرار وصمموا على تنفيذه . أما بالنسبة إلى المسلمين - ولا سيا المستضعفين 
منهم - فكان ذلك سهلا جداً . وأما بالنسبة إلى رسول الله عه فإنه كان رجلاً شهماً وقوراً ذا 
شخهمية فذة » تتعاظمه نفوس الأعداء والأصدقاء » بحيث لا يقابل مثلها إلا بالاجلال 
والتشريف » ولا يجترىء على اقتراف الدنايا والرذائل ضده إلا أراذل الناس وسفهاؤهم » ومع 
ذلك كان في منعة أني طالب » وأبو طالب من رجال مكة المعدودين » كان معظماً في أصله › 
معظماً بون الناس » فما يجسر أحد على إخفار ذمته واستباحة بيضته » إن هذا الوضع أقلق قريشاً 





. "65/١ ابن هشام‎ )١( 
, ٦٠١ , ه9/١ رحمة للعالين‎ )۲( 


' وأقامهم وأقعدهم » ولكن إلام هذا الصبر الطويل أمام دعوة تتشوف إلى القضاء على زعامتهم 
الدينية » وصدارتهم الدنيوية . ظ 

وبدأوا الاعتداءات ضد النبي َه » وعلى رأسهم أبو هب » اك ايك مرق هلا امن رسيو 
الله ته منذ اليوم الأول قبل أن مهم قريش بذلك . وقد أسلفنا ما فعل بالنبي عله في مجلس بني 
هاشم » وما فعل على الصفا » وقد ورد في بعض الروايات أنه - حينا كان على الصفا - أذ 
حجرا ليضرب به النبي ڪه . 

وكان أبو لهب قد زوج ولديه عتبة وعتيبة ببنتي رسول الله عه رقية وأم كلثوم قبل البعثة » 
فلما كانت البعثة أمرهما بتطليقهما بعنف وشدة » حتى طلقاهما" . 

ولا مات عبد الله - الاابن الثاني لرسول الله عي استبشر أبو هب » وهرول إلى رفقائه 
ييشرهم بأن محمداً صار بتر" . 

وقد أسلفنا أن أبا هب كان يجول خلف النبي عي في موسم الحج والأسواق لتكذيبه » وقد 
روى طارق بن عبد الله المحاربي ما يفيد أنه كان لا يقتصر على التكذيب » بل كان يضربه 
بالحجر حتى يدمى عقباه . 

وكانت امرأة أبي هب - أم جميل بنت حرب بن أمية أخت أي سفيان - لا تقل عن 
زوجها في عداوة النبي عَكُْهِ » فقد كانت تحمل الشوك وتضعه في طريق النبي عه وعلى بابه 
ليلا » وكانت امرأة سليطة تبسط فيه لسانها » وتطيل عليه الافتراء والدس » وتؤجج نار الفتنة » 
وتثير حرباً شعواء على النبي عب » ولذلك وصفها القران بحمالة الحطب . 

ولا سمعت ما نزل فيها وفي زوجها من القران أنت رسول الله عه وهو جالس في المسجد 
عند الكعبة » ومعه أبو بكر الصديق » وفي يدها فهر ( أي بمقدار ملء الكف ) من حجارة › 
فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله کله » فلا ترى إلا أبا بكر » فقالت : 
يا أبا بكر ! أين صاحبك ؟ قد بلغي أنه يبجوني » والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه › أما 
(۲) في ظلال القران ۲۸۲/۳۰ ء تفهم القران 017/5 . 
(۳) تفهم القران 45٠0/5‏ . 
)٤(‏ جامع العرمذي . 


-A1- 


والله إني لشاعرة . ثم قالت : 
هدعا عقا ع رامرة انها دة 

ثم انصرفت » فقال أبو بكر : يا رسول الله أما تراها رأتك ؟ فقال : ما رأتني » لقد أخذ الله 
ببصرها عي . 

وروى أبو بكر البزار هذه القصة . وفيها أا لما وقفت على أي بكر قالت : « أبابكر هجانا 
صاحبك » فقال أبو بكر : لا ورب هذه البنية » ما ينطق بالشعر ولا يتفوه به » فقالت : إنك 
لمصدق » . 

کان أبو لهب يفعل كل ذلك وهو عم رسول الله عه وجاره » کان بيته ملصقاً ببيته » کا 
كان غيره من جيران رسول الله عه يؤذونه وهو في بيته . 

قال ابن إسحاق : كان النفر الذين يؤذون رسول الله ع في بيته أبا هب » والحكم بن 
أي العاص بن أمية » وعقبة بن ألي معيط » وعدي بن حمراء الثقفى » وابن الأصداء الهذلي 
- وكانوا جيرانه - لم يسلم منهم أحد إلا الحكم بن أي العاص() > فكان أحدهم يطرح 
علي يه رحم الشاة وهو يصلي » ركان أحدهم بطرحها في برت إذا نصبت له » حت الح 
رسول الله عي حجرأ ليستتر به منهم إذا صلى » فكان رسول الله ع إذا طرحوا عليه ذلك 
الأذى يخرج به على العود » فيقف به على بابه » ثم يقول : يا بني عبد مناف ! أي جوار هذا ؟ ثم 
يلقيه في الطريق" . 

وازداد عقبة بن أي معيط في شقاوته وخبثه » فقد روى البخاري عن عبد الله بن مسعود 
رضي الله عنه : أن النبي َيه كان يصلى عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس » إذ قال 
بعضبم لبعض أيكم يجيء بسلا جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد . فانبعث 
أشقى القوم ( وهو عقبة بن أي معيط )!2 فجاء به فنظر » حتى إذا سجد النبي لله وضع على 
ظهره بين كتفيه » وأنا أنظر » لا أغني شيئا » لو كانت لي منعة » قال : فجعلوا يضحكون » 
)١(‏ انظر سيرة ابن هشام 776/١‏ 2 73875 . 


(۲) هو أبو الخليفة الأموي مروان بن الحكم . 
(5) ابن هشام 1١5/١‏ . 


. ٥٤۳/۱ صرح بذلك في صحيح البخاري نفسه‎ )٤( 


AV - 


ويحيل بعضهم على بعض (أي يتمايل بعضهم على بعض مرحاً ويطرا)» ورسول الله كك 
ساجدء لا يرفع رأسه حتى جاءته فاطمة» فطرحته عن ظهره» فرفع رأسهء ثم قال: اللهم عليك 
بقريش ثلاث مرات» فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم» وقال: وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك 
البلد مستجابة» ثم سمى اللهم عليك بأبي جهل» وعليك بعتبة بن ربيعة» وشيبة بن ربيعة 
والوليد بن عتبة» وأمية بن خلفء وعقبة بن أبي معيط ‏ وعد السابع فلم يحفظه ‏ فوالذي 
نفسي بيده لقد رأيت الذي عد رسول الله الا صرعى في القليب؛ قليب بدر. 
وكان أمية بن خلف إذا رأى رسول الله 4 همزه ولزه. وفيه نزل: ول 
لكل همر مر # قال ابن هشام: الهمزة: 300 يشتم الرجل علانية» ويكسر عينيه» 
ويغمز به. واللمزة: الذي يعيب الناس سراً ويؤذيهه9) ) 
ما أعوه يي بن خلف فكان هو وعقبة بن أبي معيط متصافين وجلس عقبة مرة 
إلى النبي كل وسمع منهء فلما بلغ ذلك أبيا أنْبه وعاتبه وطلب منه أن يتفل في وجه 
رسول الله علو ففعل. وأبي بن خلف نفسه فت عظماً رميماً ثم نفخه في الريح نحو 
رسول الله 045". 
وكان الأخنس بن شريق الثقفي ممن ينال من رسول الله ي وقد وصفه القرآن بتسع 
یا م ا «ولا تطغ کل علا هین لن ماز لم 
ميم 02 ماع لحر معد أي (© ل بعد کرک یر 4. .)١18-٠ ٠‏ 
وكان أبو 0 يجيء أحياناً إلى رسول الله يي يسمع منه القرآن» ثم يذهب عنه 
فلا يؤمن ولا يطيع؛ ولا يتأدب ولا يخشىء ويؤذي رسول الله ٤ة‏ بالقول» ويصد عن 
سبيل الله» ثم يذهب مختالا با يفعل» فخوراً با ارتكب من الشرء كأنما فعل شيئاً يذ كر 
وفيه نزل: نكا سَنَقَ كلا سل # إلخ“ وكان بمنع النبي بي عن الصلاة منذ أول يوم 
رأه يصلي في الحرم» ومرة مر به وهو يصلي عند المقام فقال: يا محمد ألم أنهك عن 
هذاء وتوعده فأغلظ له رسول الله يڪو وانتهره. فقال: يا محمد بأي شيءِ تهددني؟ اما 


.٠۷/١ صحيح البخاري» كتاب الوضوءء باب إذا ألقى على المصلي قذر أو.جيفة‎ )١( 
ابن هشام ١/5ه* لاه".‎ )۲( 

.۳٦۲ 51/١ نفس المصدر‎ )۳( 

.۲۱۲/۲۹ في ظلال القرآن‎ )٤( 


. 848 


والله إني لأكثر هذا الوادي نادياً. فأنزل طقَِدمٌ نايم . وفي رواية أن النبي كك أخذ بخناقه: 
وهزه» وهو يقول له: «إأزك لك اول 9©) ثم أو لَك َل فقال عدو الله: أتوعدني يا 
محمد؟ والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئاء وإني لأعز من مشى بين جبليها(©. 

ولم يكن أبو جهل ليفيق من غباوته بعد هذا الانتهار» بل ازداد شقاوة فيما بعد. 
أخرج مسلم عن أبي هريرة قال: قال أبو جهل: يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ فقيل: 
نعم! فقال: واللات والعزى» لفن رأيته لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه» فأتى 
رسول الله يكل وهو يصلي» زعم ليطأ رقبته» فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه 
ويتقي بيديه» فقالوا: ما لك يا أبا الحكم؟ قال: إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهؤلاء 
أجنحة» فقال رسول الله تَلِ: لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضو" . 

كانت هذه الاعتداءات بالنسبة إلى النبي ية مع ما لشخصيته الفذة من وقار 
وجلال في نفوس العامة والخاصة» ومع ما له من منعة أبي طالب أعظم رجل محترم في 
مكة» أما بالنسبة إلى المسلمين ‏ ولا سيما الضعفاء منهم ‏ فإن الإجراءات كانت أقسى 
من ذلك وأمرء ففي نفس الوقت قامت كل قبيلة تعذب من دان منها بالإسلام أنواعاً من 
التعذيب» ومن لم يكن له قبيلة فأجرت عليهم الأوباش والسادات ألواناً من الاضطهاد. 
يفزع من ذكرها قلب الحليم. 

كان أبو جهل إذا سمع برجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه» وأوعده يإبلاغ 
الخسارة الفادحة في المال» والجاه» وإن كان ضعيفاً ضربه وأغرى به©). 

وكان عم عثمان بن عفان يلفه في حصير من أوراق النخيل ثم يدخنه من تحته(. 

وما علمت أم مصعب بن عمير يإسلامه أجاعته وأخرجته من بيته» وكان من أنعم 
الناس عيشأء فتخشف جلده تخشف الحية. 


.۲۰۸/۳۰ نفس المصدر‎ )١١ 

(۲) نفس المصدر 59/؟1١71.‏ 

(۳) رواه مسلم في صحيحه. 

.۳۲۰/۱ ابن هشام‎ )٤( 

.ه۷/١ رحمة للعالمين‎ )٥( 

() نفس المصدر 208/١‏ وتلقيح فهوم أهل الأثر ص50. 


- ۸4 - 


وكان بلال مولى أمية بن خلف الجمحي › » فكان أمية يضع في عنقه حبلا , ثم يسلمه إلى 
الصبيان » يطوفون به في جبال مكة » حتى كان يظهر أثر الحبل في عنقه » وكان أمية يشده شدا 
ثم يضربه بالعصا » وكان يلجئه إلى الجلوس في حر الشمس › > كا كان يكرهه على الجوع » وأشد 
من ذلك كله أنه كان يخرجه إذا میت حميت الظهيرة فيطرحه في بطحاء مكة » ثم يأمر بالصخرة 
. العظيمة فتوضع على صدره ء ثم يقول : لا ولله لا تزال هكذا حتى توت أو تكفر محمد » وتعبد 
للات والعزى . فيقول - وهو في ذلك - أحد , أحد » حتى مر به أبو بكر یوما وهم يصنعون 
ذلك به » فاشتراه بغلام أسود » وقيل بسبع أواق أو بخمس من الفضة وأعتقه"" . ظ 

وكان عمار بن ياسر رضي الله عنه مولى لبني مخزوم » أسلم هو وأبوه وأمه » فكان المشركون 
- وعلى رأسهم أبو جهل - يخرجونهم إلى الأبطح إذا ميت الرمضاء » فيعذبونهم بحرها . ومر بهم 
النبي عله وهم يعذبون فقال : صبرا آل ياسر ! فإن موعدم الحنة » فمات ياسر في العذاب , 
وطعن أبو جهل ”مية - أم عمار - في قبلها بحربة فماتت » وهي أول شهيدة في الإسلام ‏ 
وشددوا العذاب على عمار بالحر تارة ؛ وبوضع الصخر أحمر على صدره أخرى » وبالتغريق 
أخرى . وقالوا : لا نتركك حتى تسب محمد » أو : تقول : في اللات والعزى خيرا » فوافقهم على 
ذكر مكرهاً » وجاء باكياً معتذراً إلى النبي مله » فأنزل الله « مڪ فر باه من بع إِيمده 
لمن اڪره وقلبه مہ ينبا لإيسن) OES‏ 

> یول ی اا کا و وچ ل‎ e 
" يجرونه على الأرض‎ 

وكانتسبانيدين الارت مول لثم أغان بع سباع الخزاعية » فكان المشركون يذيقونه أنواعا 
من التدكيل » يأخذون بشعر رأسه فيجذبونه جذباً » ويلوون عنقه تلوية عنيفة وأضجعوه مرات 
عديدة على فحام ملتهبة » ثم وضعوا عليه حجرأ ؛ حتى لا يستطيع أن يقوم 


00 تلقيح الفهوم ص١5 » ابن هشام ل‎ » ١ رحمة للعالمين‎ )١( 

(۲) ابن هشام ۳۱۹/۱ » ۲۲١‏ » فقه السيرة محمد الغزالي ص ۸۲ وروى بعض ذلك العوني عن ابن عباس » انظر 
مختصر السيرة للشيخ عبد الله ص۹۲ . ) 

(۳) رحمة للعالمين ٥۷/١‏ » من إعجاز التنزيل ص٣٥‏ . 

(5) نفس المصدر ٥۷/١‏ » تلقيح فهوم أهل الأثر ص٠٠‏ . 

° 


وكانت زنيرة والنبدية وابنتها وأم عبيس إماء أسلمن » وكان المشركون يسومونهن من العذاب 
امشال ما ذكرنا . واسلمت جارية لبني مؤمل - وهم حي من بني عدي فكان عمر بن 
الخطاب - وهو يومئذ مشرك - يضربها » حتى إذا مل قال : إني لم أتركك إلا ملالة' . 

وابتاع أبو بكر هذه الجواري فأعتقهن . جا أعتق بلالاً وعامر بن فهيرة9 . 

وكان المشركون يلفون بعض الصحابة في إهاب الإبل والبقر » ثم يلقونه في حر الرمضاء . 
ويلبسون بعضا اخر درعا من الحديد ثم يلقونه على صخرة ملتهبة"" . 

وقاعة المعذبين في الله طويلة ومؤلمة جداً » فما من أحد علموا بإسلامه إلا تصدوا له واذوه . 


دار الأرقم: 

كان من الحكمة تلقاء هذه الاضطهادات أن يمنع رسول الله عه المسلمين عن إعلان 
إسلامهم قولا أو فعلا. وأن لا يجتمع بهم إلا سرا ؛ لانه إذا اجتمع بهم علنا فلا شك أن 
المشركين يحولون بينه وبين ما يريد من تزكية المسلمين وتعليمهم الكتاب والحكمة » ورا يفضي 
ذلك إلى مصادمة الفريقين » بل وقع ذلك فعلا في السنة الرابعة من النبوة » وذلك أن أصحاب 

ا صاب 1 ا 1 100 0 2 ا 

رسول الله عه كانوا يجتمعون في الشعاب » فيصلون فيها سرا » فرآهم نفر من كفار قريش » 
فسبوهم وقاتلوهم ( فضرب سعل بن أي وقاص رجلا فسالل دمه » وكان أول دم أهريق ف 
الالام 1 
الحكمة الاختفاء » فكان عامة الصحابة يخفون إسلامهم وعبادتهم ودعوتهم واجتاعهم › أما 
رسول الله ا فكان يجهر بالدعوة والعبادة بين ظهراني المشركين 5 لا يصرفه عق ذلك سي ء : 
ولكن كان يجتمع مع المسلمين سرا ؛ نظراً لصالحهم وصالح الإسلام » وكانت دار الأرقم بن 


)1( رحمة للعالمين 01١‏ »۷ ابن هشام "١‏ . 

(۲) ابن هشام ۳۱۸/۱ ۰ ۳۱۹ . 

(۳) رحمة للعالمين ٥۸/١‏ . 

(4) ابن هشام ۲٠۳/١‏ » مختصر سيرة الرسول محمد بن عبد الوهاب ص٠٠‏ . 


N 


أي الأرقم المخزومي على الصفا . وكانت بمعزل عن أعين الطغاة ومجالسهم » فكان أن اتحذها 
مركزا لدعوته 4 ولاجتاعه بالمسلميئن من السنة الخامسة من النبوة(') : 


الهجرة الأولى إلى الحبشة: 

كانت بداية الاضطهادات في أواسط أو أواخر السنة الرابعة من النبوة » بدأت ضعيفة » ثم 
لم تزل يوم فيوماً وشهرا فشر حتى اشتدت وتفاقمت في أواسط السنة الخامسة » حتى نبا بهم 
امقام في مكة » وأوعزتهم أن يفكروا في حيلة تنجيهم من هذا العذاب الأليم » وفي هذه الساعة 
الضنكة الحالكة نزلت سورة الكهف » ردوداً على أسعلة أدلى بها المشركون إلى النبي هله ء 
ولکنہا اشتملت على ثلاث قصص ؛ فيها إشارات بليغة من الله تعالى إلى عباده امو منين » فقصة 
أصحاب الكهف ترشد إلى الهجرة من مراكز الكفر والعدوان حين مخافة الفتنة على ل الدين , 
توكلا على الله و وإذاعاز لوهم ومایم بدو ا لالہ وای آلگھف یشرو ربكم 
من يَحْمَيَهء ونه لك : مَنْأمركرمَرًا) (1۸ : 15 . 

وقصة الخضر ومومى تفيد أن الظروف لا تجري ولا تنتج حسب الظاهر دايأ » بل رما 
يكون الأمر على عكس كامل بالنسبة إلى الظاهر . ففيها إشارة لطيفة إلى أن الحرب القائمة ضد 
المسلمين ستنعكس ماما » وسيصادر هؤلاء الطغاة المشركون ‏ إن لم يؤمنوا ‏ أمام هؤلاء 
الضعفاء المدحورين من المسلمين . | 

وقصة ذي القرنين تفيد أن الأرض لله يورثها من عباده من يشاء . وأن الفلاح إنما هو في 
سبيل الايمان دو الكفر › وأن اله لا يزال يبعث من عباده - / بين أونة وأخرى - من يقوم بإنجاء 
الضعفاء من يأجوج ذلك الزمان ومأجوجه » وأن الأحق بإرث الأرض إنما 8 عباد الله 
الصا حون . م زلت سورة الزصر تشييز إلى اجره رن بأن أرض الله ليست بضيقة لِلَدِينَ 
حْسَئوأفي هزو لديا حسكة وَأرْضُ اله وسِعَةُ ETRE‏ 
)٠١ : 59(‏ وكان رسول الله عه قد قد علم أن أصحمة النجاشي ملك الحبشة ملك عادل ٠‏ 
لا يظلم عنده أحد » فأمر المسلمين أن يهاجروا إلى الحبشة فراراً بدينهم من الفتن . 

وفي رجب سنة خمس من النبوة هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة . كان مکونا من 
9١‏ نفس المصدر الأخير ص 00.5١‏ 

47 - 


لني عشر رجلا وأربع نسوة » رئيسهم عمان بن عفان » ومعه السيدة رقية بنت رسول الله ع » 
وقد قال النبي عه فيما : إنهما أول بيت هاجر في سبيل الله بعد إبراهم ولوط علیہما 
السلام(' . 

ا لا ال a‏ 
رول ت ن انار و وي ا N‏ 
المسلمون في الحبشة في أحسن جوار“ . 

وفي رمضان من نفس السنة حرج النبي عه إلى الحرم » وهناك جمع كبير من قريش » كان 
فيه ساداتها وكبراؤها » فقام فيهم » وأحذ يتلو سورة النجم بغتة ‏ إن أولفك الكفار لم يكونوا 
سمعوا كلام الله قبل ذلك » ؛ لأن أسلوبيم المتواصل كان هو العمل بما تواصى به بعضهم بعضاً ؛ 
من قوهم لا سمعو ارا لفان وا ویو لعل لبون 4 ١١‏ : 55؟) فلما باغتهم بتلاوة 
اه النمررة بوت اذانيم كلام إلى رائع خلاب - لا يحيط بروعته وجلالته البيان ‏ تفانوا عما 
هم فيه » وبقي كل.واحد مصغيا اليه » > لا يخطر بباله شيء سواه » حتى ذا تلا في خواټم هذه 
السورة قارع تطبر ها القلوب ثم فأ«( َأ يلوأ ) (65: 55)ثم سجدء لم 
يالك أحد نفسه حتى حر ساجداً » وفي الحقيقة كانت روعة الحق قد صدعت العناد في نفوس 
المستكبرين والمستهزئين » فما تمالكوا أن يخروا لله ساجدين" . 

وسقط في ايد يهم لما أحسوا أن جلال كلام الله لوی زمامهم , فارتكبوا عين ماكانوا يبذلون 
قصارى جهدهم في محوه وإ وإفنائه » وقد توالى عليهم اللوم والعتاب من كل جانب » ممن لم يحضر 
هذا المشبد من المشركين , وعند ذلك كذبوا على رسول الله عه وافتروا عليه أنه عطف على 
أصنامهم بكلمة تقدير , وأنه قال عنها « تلك الغرانيق ق العلى » وإن شفاعتهن لترتجى » » جاعوا 
هذا الإفك المبين » ليعتذروا عن سجودهم مع النبي عب » وليس يستغرب هذا من قوم كانوا 





. 51/١ مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص۹۲ › 45 ء زاد المعاد ١/14؟ ء رحمة للعالمين‎ )١( 

(۲) رحمة للعالمين 1١/١‏ ء زاد المعاد ۲٤/١‏ . 

(۳) روى البخاري قصة السجود غتصرا عن ابن مسعود وابن عباس » انظر باب سجدة النجم وباب سجود 
المسلمين والمشركين ١47/١‏ ء وباب ما لقي النبي عي وأصحابه من المشركين بمكة 847/١‏ . 


3257 


يؤلفون الكذب » ويطيلون الدس والافتراء'" . 

بلغ هذا الخبر إلى مهاجري الحبشة » ولكن في صورة تختلف تامأ عن صورته الحقيقية » 
بلغهم أن قريشاً أسلمت » فرجعوا إلى مكة في شوال من نفس السنة » فلما كانوا دون مكة ساعة 
من نهار » وعرفوا جلية الأمر » رجع منهم من رجع إلى الحبشة » ولم يدخل في مكة من سائرهم 
أحد إلا مستخفياً » أو في جوار رجل من قريش" . 

م اشند عليهم وعل المسلمين البلاء والعذاب من قريش » وسطت بهم عشائرهم » فقد كان 
صعب على قريش ما بلغها عن النجاشي من حسن ا جوار » ولم ير رسول الله عي بدا من أن 
يشير على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرة أخرى » وكانت هذه الحجرة الثانية شق من سابقتها » 
فقد تيقظت لا قريش وقررت إحباطها » بيد أن المسلمين كانوا أسرع ‏ ويسر الله هم السفر 
فاتخاروا إلى باثي الحبشة قبل ان يدركوا : 

وني هذه المرة هاجر من الرجال ثلاثة وثمانون رجلا إن كان فيهم عمار » فإنه يشك فيه › 
وان عشرة أو تسع عشرة امرأة" . وبالاول جزم العلامة محمد سليان المنصورفوري ‏ . 


مكيدة قريش بمهاجري الحبشة: 

عز على المشركين أن يجد المهاجرون مأمناً لأنفسهم ودينهم » فاختاروا رجلين جليدين 
لبيبين » وهما : عمرو بن العاص » وعبد الله بن أي ربيعة ‏ قبل أن سلما ت وارضلوا مها 
الهدايا 0 النجائني ولبطارقته ¢ 0 أن 3 ا تلك الهدايا 1 البطارقة 4 2 
إقصائب, 8 ال النجاشي » وقدما له الهدايا ا فقالا له : 

أيها الملك » إنه قد ضوى إلى بلدك غلمان سفهاء » فارقوا دين قومهم › ولم يدخلوا في 
دينك › وجاءوا بدين ابتدعوه » لا نعرفه نحن ولا أنت » وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من 
0 تفهم القران ۱۸۸/١‏ وإلى هذا التوجيه جنح الحققون في حديث الغرانيق . 


(۲) نفس المصدر ۱۸۸/١‏ . زاد المعاد ٤٤/۲ ۰ 75/١‏ » وابن هشام 5514/١‏ . 
(۳) انظر زاد المعاد ۲٤/١‏ . رحمة للعالمين 5١/١‏ . 


63 انظر المصدر الأخير . 


NES 


, لتردهم إليهم »› > فهم أعلى بم عيناً » وأعلم بما عابوا عليهم‎ > E 
. وقالت البطارقة : صدقا أيها الملك » فأسلمهم إليهما » فليرداهم إلى قومهم وبلادهم‎ 
المسلمين » ودعاهم » فحضرواء وكانوا قد أجمعوا على الصدق كائنا ما كان . فقال لهم‎ 
النجاشي : ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم » ولم تدخلوا به في ديني ولا دين أحد من هذه‎ 

الملل ؟ 

O e‏ سراي وي الأب > كنا قومأ أهل 
ااي ا E,‏ بيت ال iie a Û‏ وباك 
وأمانته وعفافه » فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده » وتخلع ما كنا نعبد نحن واباؤنا من دونه من 
الحجارة الات وا بصدق الحديث » وأداء الآمانة: وصضملة الرحم » وحسن الجوار » 
والكف عن المحارم والدماء» ونهانا عن الفواحش » وقول الزور »› وأكل مال اليب > وقذف 
المحصنات ‏ وأمرنا أن نعبد الله وحده » لا نشرك به شيئاً » وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام - فعدد 
عليه أمور الإسلام ‏ فصدقناه » وآمنا به » واتبعناه على ما جاءنا به من دين الله » فعبدنا الله 
وحده » فلم نشرك به شيا » وحرمنا ما حرم علينا » وأحللنا ما أحل لنا » فعدا علينا قومناء 
فعذبونا » وفتنونا عن ديننا » ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى » وأن نستحل ما كنا 
بلادك » واخترناك على من سواك » ورغبنا في جوارك » ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك . 

فقال له النجاشي : هل معك ما جاء به عن الله من شيء ؟ فقال له جعفر : نعم ! فقال له 
النجاشي : فاقرأه عل . فقرأعليه صدرأمن © حكهيعص #4 فبكى والله النجاشی حتى تی اخحضلت 

3 لحيته » وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم » > ثم قال لهم النجاشي : 
إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة » انطلقا » فلا والله لا أسلمهم إليكما 
ولا يكادون - يخاطب عمرو بن العاص وصاحبه - فخرجا » وقال عمرو بن العاص لعبد الله بن 


2-30 


ربيعة: وال لبهم عدا عنهم: يا a‏ عضر يفي فقال له عبد الله بن ربيعة: لا 
تفعل» فإن لهم ارخا وإن كانوا قد خالفوناء ولكن أصر عمرو على رأيه. 

بلدا كان الع قال لاسي . أيها الملك! إنهم يقولون في عيسى بن مرم قولا 
عظيماً فأرسل إليهم النجاشي يسألهم عن قولهم في المسيح» ففزعواء ولكن أجمعوا على 
الصدق» كائناً ما كان» فلما دخلوا عليه» وسألهم قال له جعفر: نقول فيه الذي جاءنا به 
نبينا يَكلةِ: هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول. 

فأخذ النجاشي عوداً من الأرض» ثم قال: والله ما عدا عيسى بن مريم ما قلت 
هذا العود» فتناخرت ا وإن والله. 
ser‏ 0 من ذهب وأني 
آذيك. رجلا سکم 5 والدبر 2 بلسان الحبشة. 

قالت أم سلمة التي تروي هذه القصة: فخرجا من عنده مقبوحين مردوداً عليهما م 
جاعوا به وأقمنا عنده بخير دار مع خير ا 

هذه رواية أبن إسحق» وذكر غيره أن وفادة عمرو بن العاص إلى النجاشي كانت 
بعد بدر» وجمع بعضهم بأن الوفادة کانت مرتون لکن الأسعلة والأجوبة التي ذكروا 
أنها اكه 35 م وطق ر في الزفادة اشانية هي ع الأسئلة ا ني يه 

e‏ وفشلت مکیدتهم» انس ال 
حدود سلطانهم. ونشأت فيهم من أجل ذلك فكرة رهيبة. رأوا أن التفصي عن هذه «الداهية» لا 
وح الله علي عن دعوته تمامأء وإلا فبإعدامه» ولكن كيف السبيل إلى . 





(۱) ابن هشام ملخصاً 84/١‏ لال ۳۹٣۳ء‏ ۳۳۷ ال 
(۲( مختصر السيرة للشيخ عبد الله النجدي ص67 ۰٩۷‏ 248 وفي تلك الصفحات ا 55 


o 


ذلك وأبو طالب يحوطه ويحول بينه وبينهم ؟ رأوا أن يواجهوا أبا طالب في هذا الصدد . 


قريش يهددون أبا طالب: 

حافت مادا ت إل أن طالب قال :ل 6 أب طالب اذا لل هيدا وكترفا ونير له قا 
وإنا قد استنميناك من ابن أخيك فلم تنهه » وإنا والله لا نصبر على هذا » من شم ابائنا » وتسفيه 
أحلامنا » وعيب اهتنا » حتى تكفه عنا » أو ننازله وإياك في ذلك » حتى يبلك أحد الفريقين . 

عظم على أبي طالب هذا الوعيد والتبديد الشديد » فبعث إلى رسول الله عي وقال له : 
يا ابن أي إن قومك قد جاؤوني » فقالوا لي كذا وكذا » فابق علي وعلى نفسك » ولا تحملني من 
اا هالا اميق + لطن رسف ول الله عق اا غ عا وو طحق عن ت تقال : 
يا عم ! والله لو وضعوا الشمس في بميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر - حتى يظهره 
الله أو آهلك فيه ما تركته » ثم استعبر وبکی » وقام » فلما ولى ناداه أبو طالب فلما أقبل قال 
له : اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت » فوالله لا أسلمك لشيء بدا“ . 

وأنشد : 
والله لن يصسلوا إليك بمجمعهم حت أوسدفي التراب دين 
فاصدع بامرك ما عليك غضاضة وأبشسر وقر بذاك منك عيونا" 


قريش بين يدي أبي طالب مرة أخرى: 

ولاارات و أن يول الله لل اط ق غرفت أنه اطا أن كد لان 
وول انه ره عتمم ری وغل وعم إن دل هر ا ا بر رة ون ال 
وقالوا له : يا أبا طالب إن هذا الفتى أنهد فتى في قريش وأجمله » فخذه فلك عقله ونصره » واتخذه 
ولدا فهو لك › وأسلم الينا ابن ايك هذا الذي خالف دينك ودين اف > وفرق جماعة قومك 
وسفه أحلامهم » فنقتله » فإغا هو رجل برجل » فقال : والله لبعس ما تسوموني » أتعطوني 


ابنكم أغذوه لكم » وأعطيكم ابني تقتلونه . هذا والله ما لا يكون أبدا . فقال المطعم بن 


. ۲٦٦۰ ۲٦٣/۱ ابن هشام‎ )١( 


2 


عدي بن نوفل بن عبد مناف : واللّه يا أبا طالب لقد أنصفك قومك » وجهدوا على التخلص مما ٠‏ 

تكره » فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئاً » فقال : والله ما أنصفتموني » ولكنك قد أجمعت 
خذلاني ومظاهرة القوم عللّ » فاصنع ما بدا لك" . 

لا تذكر المصادر التاريخية زمن هاتين الوفادتين » لكن يبدو بعد التأمل في القرائن والشواهد 

أنهما كانتا في أواسط السنة السادسة من النبوة » وأن الفصل بين الوفادتين لم يكن إلا يسيرا . 


فكرة الطغاة فى إعدام النبي ‏ ميا 

بعد فشل قري وخيبتهم في الوفادتين عادوا إلى ضراوتهم وتنكيلهم باشد ما كان قبل ذلك » 
وخلال هذه الايام نشات 5 طغاتهم فكرة إعدامه 2 بطريق اخرى 2 وكانت هذه الفكرة 
وتلك الضراوة هي التي سببت في تقوية الإسلام ببطلين جليلين من أبطال مكة » وهما : حمزة بن 
عبد المطلب » وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما . 

فمن تلك الضراوة أن عتيبة بن أبي لهب أن يوما إلى رسول الله عي فقال : أنا أكفر ب 
ذا َال إِدَامَك 4 و بالذي دَنَافدَلَ 4 ثم تسلط عليه بالأذى » وشق قميصه » وتفل في 
وجهه » إلا أن البزاق لم يقع عليه » وحينئذ دعا عليه النبي عه وقال : « اللهم ساط عليه كلبا 
من كلابك » » وقد استجيب دعاؤه عو » فقد خرج عتيبة مرة في نفر من قريش » حتى نزلوا 
في مكان من الشام يقال له الزرقاء » فطاف بهم الأسد تلك الليلة ٠‏ فجمل عتيبة يقول : با وبل 
اي »هو والله أكلي كا دعا محمد علي بور رس عدي 
القوم وأحذ برأسة فليحه(" , 

ا ا ا ا 


. < e (1) 

ظ :0( تفهم القران 557/1 » من الاستيعاب › لاا ودلائل النبوة » والروض الأنف » ومختصر سيرة الرسول 
٠ 1‏ للشيخ عبد الله النجدي ص١١٠‏ . 

. نفس المصدر الأخير ص۱۱۳‎ )۳(٠ 


- ۹۸ - 


وما يدل على أن طغاتهم كانوا يريدون قتله ع ما رواه ابن إسحق في حديث طويل » 
قال : قال أبو جهل : 

ا ست قرش إن هذا قن أى الما ترون من عيب ونا + وة اناا ويه 
أحلامنا » وشتم اهتنا » وإني أعاهد الله لأجلسن له بحجر ما أطيق حمله » فإذا سجد في صلاته 
فضخت به رأسه » فأسلموني عند ذلك أو امنعوني » فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا 
هم » قالوا : والله لا نسلمك لشيء أبدا » فامض ل تريد . 

فلما أصبح ابو جهل » أخذ حجرا کا وصف ء ثم جلس لرسول الله عي ينتظره » وغدا 
رسول الله ع کا كان يغدو » فقام يصلي yy‏ » ينتظرون 
ما أبو جهل فاعل » فلما سجد رسول الله عه » احتمل أبو جهل الحجر ء ثم أقبل نحوه » حتى 
لسري وم بايا EE‏ ل O‏ 
يده » وقامت إليه رجال قريش فقالوا له : مالك يا أبا الحكم ؟ قال : قمت إليه لأفعل به ما قلت 
واي ب اها وه نعل ف ر ارا بارع بال ليد 
لأخحذه . 

وبعد ذلك فعل أبو جهل برسول الله عه » ما أدى إلى إسلام حمزة رضي الله عنه 
وسيالي . 

أما طغاة قريش فلم تزل فكرة الاعدام تنضج في قلوبهم » روى ابن إسحاق عن عبد الله بن 
عمرو بن العاص قال : حضرتهم وقد اجتمعوا في في الحجرء فذكروا رسول الله ع » فقالوا : 

ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أمر هذا الرجل ؛ لقد صبرنا منه على أمر عظم » فبينا هم كذلك 
إذ طلع رسول الله عه » فأقبل يمشبي حتى استلم الركن > ثم مر بهم طائفاً بالبيت » فغمزوه 

يبعض القول » فعرفت ذلك في وجه رسول الله عه » فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها » فعرفت 
ذلك في وجهه » ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها » فوقف ثم قال : أتسمعون يا معشر قريش › أما 


. ۲۹۹ - ۲۹۸/۱ ابن هشام‎ )١( 


ت 


والذي نفسي بيده » لقد جتكم بالذج » فأخذت القوم كلمته » حتى ما منهم رجل إلا كأنما على 
رأسه طائر واقع حتى إن أشدهم فيه ليرفؤه بأحسن ما يجد » ويقول : انصرف يا أبا القاسم ع 
فوالله ما كنت جهولاً . 

فلما كان الغد اجتمعوا كذلك يذكرون أمره إذ طلع عليهم » فوثبوا إليه وثبة رجل واحد » 
وأحاطوا به » فلقد رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه » وقام أبو بكر دونه » وهو بكي ويقول : 
أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟ ثم انصرفوا عنه . قال ابن عمرو : فإن ذلك لأشد ما رأيت 
قريشاً نالوا منه قط . انتبى ملخصاً . 

وني رواية البخاري عن عروة بن الزبير قال : سألت ابن عمرو بن العاص أخبرني بأشد 4 

صنعه المشركون بالنبي عه » قال : بيما النبي عه يصلي ني حجر الكعبة إذ أقبل عقبة : 
أي معيط » فوضع ثوب في عنقه » فختقه خا شديدً » فت أب يكر حت أخذ دكي » ودن 

عن النبي » وقال : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ۴ . 

وني حديث أسماء : فاتى الصرج إلى أي بكر » فقال : أدرك صاحبك ؛ » فخرج من عندنا » 
وعليه غدائر أربع ؛ فخرج وهو يقول : أتقتلون رجلا أن يقول : ربي الله ؟ فلهوا عنه » وأقبلوا على 
ای یکر » فرجع إلينا لا نمس شيئاً من غدائره إلا رجع معنا" . 


إسلام حمزة بن عبدالمطلب: 

خلال هذا الحو الملبد بسحائب الظلم والطغيان أضاء برق نور للمقهورين طريقهم › ألا 
وهو إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه » أسلم في أواخر السنة السادسة من النبوة › 
والأغلب أنه أسلم في شبر ذي الحجة . 

تسب اسبلامه أن أبا جهل مر برسول الله عي يوماً عند الصفاء فاذاه ونال منه » 
ورسول الله َه ساكت لا يكلمه » ثم ضربه أبو جهل بحجر في رأسه فشجه » حتى نزف منه 
اا جا ا ی ا ی و ی واد ی 
(۱) ابن هشام ۰۲۸۹/۱ ۲۹۰ . 
(۲) صحيح البخاري - باب ذكر ما لقي النبي َه وأصحابه من المشركين بمكة ١‏ . 
2 مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النبجدي ص۳١١‏ . 


ات 


جدعان في مسكن ها على الصفا ترى ذلك » وأقبل حمزة من القنص متوشحا قوسه » فأخبرته 
المولاة بما رأت من ألي جهل » فغضب حمزة - وكان أعز فتى في قريش وأشده شكيمة - فخرج 
يسعى » لم يقف لأحد , معدا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به » فلما دخل المسجد قام على 
رأسه » وقال له : يا مصفر استه » تشتم ابن أخي وأنا على دينه ؟ ثم ضربه بالقوس فشجه شجة 
منكرة » فثار رجال من بني مخزوم - حي أي جهل - وثار بنو هاشم حي حمزة - فقال : أبو 

وكان إسلام حمزة أول الآمر أنفة رجل ألى أن پان مولاه . تم شرح الله صدره » فاستمسك 
بالعروة الوثقى(" » واعتز به المسلمون أبما اعتزاز . 


إسلام عمر بن الخطاب رصى الله عنه: 

وخلال هذا الجو الملبد بسحائب الظلم والطغيان أضاء برق آخر أشد بريقاً وإضاءة من 
الأول ألا وهو إسلام مرن الخطاب + أسل ف ذي اللتجة سنة ست من البو ٠‏ بعد 
ثلاثة أيام من إسلام حمزة رضي الله عنه“ . وكان النبي بيه قد دعا الله تعالى لاسلامه › فقد 
أخرج الترمذي عن ابن عمر » وصححه » وأخرج الطبراني عن ابن مسعود وأنس أن النبي عي 
قال : « اللهم أعز الاسلام بأحب الرجلين إليك : بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام » 

وبعد إدارة النظر في جميع الروايات التي رويت في إسلامه يبدو أن نزول الاسلام في قلبه كان 
درا ف ولک قل أن نسوق خلاصتها ترف أن نال ما كان يتمتع به رضي الله عنه من 
العواطف والمشاعر . 


(۱) مختصر سيرة الرسول للشيخ محمد بن عبد الوهاب ص٦٦‏ ء رحمة للعالمين 588/١‏ »ء ابن هشام ۲۹۱/۱ ء 
15 . 

6 تدل عليه رواية ذكرها الشيخ عبد الله النجدي في مختصر السيرة ص١١٠‏ . 

(۳) تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص١١‏ . 

(4) ستاتي رواية في ذلك . 

(ه) الترماءي » أبواب المناقب » مناقب ألي حفص عمر بن الخطاب ۲۰۹/۲ . 


21 


کان رضي الله مغروفاً بحدة الطبع وقوة الشكيمة › وطالما لقي المسلمون منه ألوان الأذى » 
والظاهر أنه كانت تصطرع في نفسه مشاعر متناقضة »› احترامه للتقاليد التي سنا الاباء 
والأجداد » واسترساله مع شهوات السكر واللهو التي ألفها » ثم إعجابه بصلابة المسلمين 
واحتّالهم البلاء في سبيل عقيدتهم » ثم الشكوك التي كانت تساوره - كأي عقل - في أن 
ما يدعو إليه الاسلام قد يكون أجل وأزكى من غيره » ولهذا ما إن يثور حتى يخور . قاله محمد 
الغرالي' . 

وخلاصة الروايات e‏ - في إسلامه رضي الله عنه ‏ أنه التجاً ليلة إلى المبيت 
خارج بيته » فجاء إلى الحرم » ودخل في ستر الكعبة » والنبي ع قائم يصلي وقد استفتح سورة 
١‏ الحاقة » فجعل عمر يستمع إلى القران » ويعجب من تأليفه ۽ قال : فقلت - أي في نفسبي -- 
هذا والله شاعر کا قالت قريش » قال : فقرأ ل م ول مول ويم ل ماخ لساري 

ما ونون 4 14 : ۰ 4٠‏ ) قال : قلت : كاهن . قال : « ولابقولكاهن كيلم کون 
و زي لمن الاين € إلى اخر السورة . قال فوقع الإسلام في قلبي'" . 

كان هذا أول وقوع نواة الاسلام في قلبه » لكن كانت قشرة النزعات الجاهلية » والعصبية 
التقليدية » والتعاظم بدين الاباء هي غالبة على عم الحقيقة التي كان يتبمس بها قلبه » فبقي محدا 
في عمله ضد الإسلام » غير مكترث بالشعور الذي يكمن وراء هذه القشرة . 

وكان من جد طبعه وفرط عداوته لرسول الله عا أنه خرچ يؤماً وجا سيفه ١‏ يريد 
القضاء على النبي عي » فلقيه نعم بن عبد الله النحام العدوي" » أو رجل من بني زهرة " » أو 
رجل من بنى مخزوم '*).فقال : أين تعمد يا عمر ؟ قال : أريد أن أقتل محمدا قال : كيف تامن من 
)١(‏ فقه السيرة ص۹۲ . ٩۳‏ . 1 ) 

(۲) تاريخ عمر , بن الخطاب لابن الجوزي ص1 » ويقرب من هذا ما رواه ابن إسحاق عن عطاء ومجاهد . لكن في 
اخره ما يغخالف ذلك .انظر ابنهشام ۳٤۸۰ ۳٤۷ .* 5/١‏ ء ويقرب من هذا ایشا نأ أورده ابن الجوزي عن 
جابر » وني اخره أيضا ما يتخالف هذه الرواية انظر تاريخ عمر بن الخطاب ص ٠١-94‏ . 

() وهذا على رواية ابن إسحاق » انظر ابن هشام ۳٤٤/۱‏ . 

(4) روى ذلك أنس بن مالك رضي الله عنه . انظر تاريخ عمر بن الخطاب ص١٠‏ » ومختصر سيرة الرسول للشيخ 
عبد الله بن محمد النجدي ص۳١٠٠‏ . 

(ه) روى ذلك ابن عباس انظر المصدر الأخير ص١٠‏ . 


و ا 


بني هاشم ومن بني زهرة وقد قتلت محمدا ؟ فقال له عمر : ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك 
الذي كنت عليه » قال أفلا أدلك على العجب يا عمر ! إن أختك وختنك قد صبوا » وتركا 
دينك الذي أنت عليه » فمشى عمر دامرا حتى أتاهما وعندهما خباب بن الأرت » معه صحيفة 
فيها (إطه# يقرئهما إياها ‏ وكان يختلف إليهما ويقرئهما القران - فلما مع خباب حس عمر 
توارى في البيت » وسترت فاطمة ‏ أخت عمر - الصحيفة ‏ وكان قد ممع عمر حين دنا من 
البيت قراءة خباب إليبما » فلما دحل عليهما قال : ما هذه المينمة التي سمعتها عند م ؟ فقالا : 
ما عدا حديثاً تحدثناه بیننا . قال : فلعلكما قد صبوتًا . فقال له ختنه : يا عمر أرأيت إن كان 
الحق في غير دينك ؟ فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديدا . فجاءت أخته فرفعته عن زوجها 
فنفحها نفحة بيده » فدمى وجهها - وفي رواية ابن إسحاق أنه ضربها فشجها ‏ فقالت - وهي 
غضى - : يا عمر إن كان الحق في غير دينك » أشبد أن لا إله إلا الله » وأشهد أن محمدا رسول 


1 
و 


ألله . 


فلما يئس عمر » ورأى ما باخته من الدم ندم واستحي » وقال : أعطوني هذا الكتاب الذي 
عندم فأقرؤه » فقالت أحته : إنك رجس » ولا يمسه إلا المطهرون » فقم فاغتسل » فقام 
فاغتسل » ثم أخذ الكتاب » فقراً « بسم الله الرحمن الرحيم » فقال : أسماء طيبة طاهرة . ثم قرأ 
«وطه» حت انتهى إلى قوله ‏ ناا لمال آنا اعدف وَأَقِ ضكر إنكرى 4 
فقال : ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ؟ دلوني على محمد . 

فلما مع خباب قول عمر خرج من البيت » فقال : أبشر ياعمرء فإني أرجو أن تكون 
دعوة الرسول عي لك ليلة الخميس ( اللهم أعز الاسلام بعمر بن الخطاب أو باهي جهل بن 
هشام ) ورسول الله عو في الدار التي في أصل الصفا . 

فأخذ عمر سيفه » فتوشحه ء ثم انطلق حتى ألى الدار » فضرب الباب » فقام رجل ينظر 
بعال الا اه رادا E N PE‏ ستجمع القوم » فقال لهم 

حمزة : مالكم ؟ قالوا : عمر » فقال : وعمر ء افتحوا له الباب » فإن أ جا بريد شيا با 
بوي Sh‏ اي e E‏ 
حتى لقيه في الحجرة » فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف » ثم جبذه جبذة شديدة فقال : أما 
أنت منتهيا يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما نزل بالوليد بن المغيرة ؟ اللهم ! هذا 

اتن 


٠‏ عمر بن الخطاب » اللهم أعز الاسلام بعمر بن الخطاب » فقال عمر » أشهد أن لا إله إلا الله 
وأنك رسول الله . وأسلم فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجده" . 

كان عمر رضي الله عنه ذا شكيمة لا يرام » وقد أثار إسلامه ضجة بين المشركين بالذلة » 
والهوان 4 وكسا المسلمين عزة وشرفا وسرورا 5 
لرسول الله عو عداوة » قال : قلت : أبو جهل » فاتیت حتى ضربت عليه بابه فخرج إليّ : 
وقال : أهلاً وسبلا > ما جاء بك ؟ قال : جعت لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد 
وصدقت بما جاء به . قال : فضرب الباب في وجهي » وقال اا ا 
به . 

وذكر ابن الجوزي أن عمر رضي الله عنه قال : كان الرجل إذا أسلم تعلق به الرجال » 
E PE a‏ ت إلى کک ساي 1" 
فدخل البيت!" . 

وذكر ابن هشام وكذا ابن الجوزي مختصرا » أنه لما أسلم أتى إلى جميل بن معمر الجمحي 
- وكان أنقل قريش للحديث - فأخبره أنه أسلم » فنادى جيل بأعلى صوته أن ابن الخطاب قد 
صبا . فقال عمر : - وهو خلفه ‏ كذب » ولكني قد أسلمت » فثاروا إليه » فما زال يقاتلهم 
يقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم » وطلح » أي أعيا عمر » فقعد » وقاموا على رأسه , 
وهو يقول : افعلوا ما بدا لكم » فأحلف بالله أن لو كنا ثلاث مائة رجل لقد تركاها لكم أو 
تركتموها لا . 


وبعد ذلك زحف المشركون إلى بيته يريدون قتله . روى البخاري عن عبد الله بن عمر 


)١(‏ تاريخ عمر بن الخطاب صلاء 3٠١‏ . ١1ء‏ مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله ص١٠ ٠١۳ ٠‏ » ابن 
> هشام Tic Tto o Ttt o TEF/1‏ ) ظ 

(۲) المصدر الأخير ٠٠۰۰۳۲٤۹/۱‏ . 

. تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص۸‎ )۳( ٠ 

. ۳٤۲۹ ۰ ۳٤۸/۱ نفس المصدر ص۸ وان هشام‎ )٤( 


e E 


قال : بين هو أي عمر - في الدار حائفاً , إذ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو » وعليه 
ج و کر ترون و من ی سيم + وعم علنازنا ل التاهلية + تقال 0 
مالك ؟ قال : زعم قومك أنهم سيقتلوني أن أسلمت » قال لا سبيل إليك - بعد أن قالها 
أمنت - فخرج العاص » فلقي الناس قد سال بهم الوادي » فقال أين تريدون ؟ فقالوا : هذا ابن 
الخطاب الذي قد صبا » قال : لا سبيل إليه » فكر الاس“ وني لفظ » في رواية ابن إسحاق : 
والله لكأنا كانوا ثوب كشط عنه2؟ . 

هذا بالنسبة إلى المشركين » أما بالنسبة إلى المسلمين ؛ فروى مجاهد عن ابن عباس قال : 
سألت عمر بن الخطاب » لأي شيء سميت الفاروق ؟ قال : أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام - ثم 
- قص عليه قصة إسلامه وقال في اخره ‏ قلت : - أي حين أسلمت - يا رسول الله ! ألسنا على 
الحق إن متنا وإن حيينا ؟ قال : « بلى ! والذي نفسبي بيده » إنكم على الحق وإن متم وإن 
حييتم » » قال : قلت : ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لنخرجن › فأخرجناه في صفين › 
حمزة في أحدهما » وأنا في الآخر » له كديد ككديد الطحين » حتى دخلنا المسجد » قال : 
فنظرت إليّ قريش وإلى حمزة » فأصابتهم كابة لم يصبهم مشلهاء فسماني رسول الله َل 
«الفاروق » يومعذ" . 

وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : ما كنا نقدر أن نصلى عند الكعبة حتى أسلم 
عي 

وعن صبهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه » قال : لما أسلم عمر ظهر الاسلام » ودعي 
إليه علانية » وجلسنا حول البيت حلقا » وطفنا بالبيت » وانتصفنا ممن غلظ علينا » ورددنا عليه 
بعض ما يأتي به“ . 


. ٥٤٥/١ صحيح البخاري » باب إسلام عمر بن الخطاب‎ )١( 
. "49/١ ابن هشام‎ )۲( 

(۳) تار عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص" › ل . 

. ٠١۳١ص مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي‎ )٤( 
. ١7ص تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي‎ )5( 


O 


وعن عبد الله بن مسعود قال : ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر!" . 


ممثل قريش بين يدي الرسول بي : 

وبعد إسلام هذين البطلين الجليلين - حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب رضي الله 
عنهما - أخذت السحائب تتقشع » وأفاق المشركون عن سكرهم في إدلاء العذاب والنكال إلى 
المسلمين » وحاولوا مساومة مع النبي عي بإغداق كل ما هو ممكن أن يكون مطلوباً له ؛ 
ليكفوه عن دعوته . ولم يكن يدري هؤلاء المساكين أن كل ما تطلع عليه الشمس لا يساوي 
جناح بعوضة أمام دعوته » فخابوا وفشلوا فيا أرادوا . 

قال ابن اسحاق : حدثي يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال : حدثت أن 
عتبة بن ربيعة » وكان سيداً » قال يوماً » وهو في نادي قريش ء ورسول الله عي جالس في 
المسجد وحده : يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد ؟ فأكلمه » وأعرض عليه أموراً لعله يقبل 
بعضها » فنعطيه أيبا شاء » ويكف عنا ؟ وذلك حين أسلم حمزة رضي الله عنه » ورأوا أصحاب 
رسول الله عله » يكثرون ويزيدون » فقالوا : بل » يا أبا الوليد قم إليه » فكلمه » فقام إليه 
. عتبة » حتى جلس إلى رسول الله عت فقال : يا ابن أخي » إنك منا حيث قد علمت من 
اال انين الول امي بر زا لحرا CERIK‏ 
وسفهت به أحلامهم » وعبت به المتهم ودينهم » وكفرت به من مضى من أبائهم » فاسمع مني 
أعرض عليك أمورا تنظر فيا > لعلك تقبل منها بعضها . قال : فقال رسول الله عه : « قل 
يا أبا الوليد أسمع » » قال : يا ابن أخي » إن كنت إنما تريد بما جعت به من هذا الأمر مالا جمعنا. 
لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مال » وإن كنت تريد به شرفاً سودناك علينا » حتى لا نقطع 
أمرأ دونك » وإن كنت تريد به ملكأ ملكناك علينا » وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه 
ووه عا تود ووو ددا ووو اق و E‏ 
التابع على الرجل حتى يداوى منه - أو كا قال له - حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله عه يستمع 
منه : قال : «أو قد فرغت يا أبا الوليد ؟ » قال : نعم » قال : « فامع مني 6 . قال : أفعل » 


)0 بد ا ند ب لقاب 54/0١‏ . 
(TD)‏ هي المنزلة الرفيعة المهيية . 
ا 


فقال: بسم اللهالرحمن الرحم .حر وآ للحن ليحي 6 كنب فم تام 

لس کے ا له وي E‏ + ل ب عر عر و مر 2ور 
1 شرءأنا ع ربا لقو من بخ مون ل مرا راض اڪ رهم هلامعو 4 ل وقا لوألو 
سح ًا ْو 4 م مضى رسول لله م ها يقرؤها عليه » فلما سمعها منه عبة 
أنصت ا » وألقى يديه خلف ظهره معتمداً علييما » يسمع منهء ثم انتهى رسول الله ی 
إلى السجدة منها فسجد » ثم قال : قد سمعت يا أبا الوليد ما معت » فأنت وذاك. فقام عتبة إلى 
أصحابه » فقال بعضهم لبعض ٠‏ حلف بالله لقد جاءم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به . 
فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال وراي أني معت قولاً والله ما سمعت مثله 
قط » والله ما هو بالشعر » ولا بالسحرء ولا بالكهانة » يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي » 
وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه » فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظم » 
فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغی رک » وإن يظهر على العرب فملكه ملككم » وعزه عزك , 
وكنتم أسعد الناس به » قالوا : سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه » قال : هذا رأبي فيه , 
فاصنعوا ما بدا لكب ' 

وفي رواية أخرىٍ أن عتبة ات حتى جاء الرسول ينه ٠‏ إلى قوله تعالى 9 اناع 
فَقَلٌ ادو عد كل صعقَةَ عار وتمود د 4 فقام مذعوراً » فوضع يده على فم 
رسول الله ريل » يقول : أنشدك الله ا ! وذلك محافة أن يقع النذير » وقام إلى القوم فقال 
ما قال" . 


ير 


أبو طالب يجمع بني هاشم وبني عبدالمطلب: 

تغير مجرى الظروف وتبدلت الأوضاع والأحوال » ولكن أبا طالب لم يزل يتوجس من 
المشركين خيفة على ابن أخيه » إنه كان ينظر في الحوادث الماضية ‏ إن المشركين هددوه 
بالمنازلة » ثم حاولوا مساومة ابن أحيه بعمارة بن الوليد ليقتلوه » وإن أبا جهل ذهب إلى ابن أخيه 
بحجر يرضخه » وإن عقبة بن ألي معيط خنق ابن أخيه بردائه وكاد يقتله » وإن ابن الخطاب كان 
قد خرج بالسيف ليقضي على ابن أخيه - كان أبو طالب يتدبر في هذه الحوادث » ويشم منها 





. ۲۹٤ ۰ ۲۹۳/۱ ابن هشام‎ )١( 
. ۱٦۱ 1١5٠.0 189/5 تفسير ابن كثير‎ )۲( 


Vs 


رائحة شر يرجف له فوّاده » وتأكد عنده أن المشركين عازمون على إخفار ذمته » عازمون على 
قعل ابن أحيه » وما يغني حمزة أو عمر أو غيرهما إن انقض أحد من المشركين على ابن أخيه بغتة . 
- تأكد ذلك عند أي طالب » ولم يكن إلا حقاء فإمهم كانوا قد أجمعوا على أن يقتلوا 
رسول الله عه علانية » وإلى هذا الإجماع إشارة في قوله تعالى « أَمَأبْرمُوا مرا فَإِنَا رون # 
٤۳ (‏ : 78 ) فماذا يفعل أبو طالب إذن . 
إنه لا رأى تألب قريش على ابن أخيه قام في أهل بيته من بني هاشم وبني المطلب ولدي عبد 
مناف » ودعاهم إلى ما هو عليه من منع ابن أخيه والقيام دونه » فاجابوه إلى ذلك مسلمهم 


قريش27 . 


. ٠١ مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله بن محمد النجدي ص5‎ » 754/١ ابن هشام‎ )١( 


-١١8- 


المقاطعة العامة 


يح جات ص ساس إلى المشركين ‏ خلال أربعة أسابيع » أو في أقل 
مدة » منها : أسلم حمزة » ثم أسلم عمر » ثم رفض محمد عه مساومتهم » ثم توائق بنو المطلب » 
وبنو هاشم كلهم مسلمهم وكافرهم » على حياطة محمد عه ومنعه » حار المشركون » وحقت 
لهم الحيرة » إنهم عرفوا أنهم لو قاموا بقتل محمد - عي - يسيل وادي مكة دونه بدمائهم » بل 
رعا يفضي إلى استئصاهم . عرفوا ذلك فانحرفوا إلى ظلم اخر دون القتل » لكن مضاضة عما 
فعلوا بعد 


ميثاق الظلم والعدوان: 

اجتمعوا في خيف بني كنانة من وادي المحصب فتحالفوا » على بني هاشم وبني المطلب أن 
لا يناكحوهم > ولا ييايعوهم > ولا يجالسوهم اول وار اي 
ولا يكلموهم » حتى يسلموا إلههم رسول الله عو لل E‏ 
ابن القم : يقال . aE‏ ار و ا 
والصحيح أنه بغيض بن عامر بن هاشم » فدعا عليه رسول الله ع فشلت يده" . 

تم هذا الميثاق » وعلقت الصحيفة في جوف الكعبة » فانحاز بنو هاشم وبنو المطلب مومهم 
وكافرهم ‏ إلا أبا هب - وحبسوا في شعب أي طالب ليلة هلال الحرم سنة سبع من البعثة . 


. 15/١ زد المعاد‎ )١( 


۴ ا 


واشتد الحصار » وقطعت عنهم الميرة والمادة » فلم يكن المشركون يتركون طعاماً يدخل مكة 
ولا بيعاً إلا بادروه فاشتروه » جتى بلغهم الجهد » والتجأوا إلى أكل الأوراق والجلود » وحتى كان 
' يسمع من وراء الشعب أصوات نسائهم وصبيائهم يتضاغون من الجوع › وكان لا يصل إلمهم 
شيء إلا سرا - وكانوا - لا يخرجون من الشعب لاشتراء الحوائج إلا في الاشهر الحرم » وكانوا 
يشترون من العير التي ترد مكة من خارجها » ولكن أهل مكة كانوا يزيدون عليهم في السلعة 
قيمتها حتى لا يستطيعوا الشراء . 

وكان حكم بن حزام رما يبحمل قمحا إلى عمته خديجة ‏ رضي الله عنها - وقد تعرض له 
مرة أبو جهل فتعلق به لهنعه » فتدخل بينهما أبو البختري » ومكنه من حمل القمح إلى عمته . 

وكان أبو طالب يخاف على رسول الله مله » فكان إذا أخذ الناس مضاجعهم يأمر 
رسول الله علب أن يضطجع على فراشه » حتى يرى ذلك من أراد اغتياله » فإذا نام الناس أمر 
أحد بنيه أو إخوانه أو بني عمه فاضطجع على فراش رسول الله عه » وأمره أن ياي بعض 
فرشهم . ظ 


وکان رول ا ي والمسلمون يخرجون في أيام الموسم » a‏ الناس » ويدعونهم إلى 
الاسلام » وقد أسلفنا ھا کان پان به ابو فی 


نقض صحيفة الميثاق: 
مرت لاله أعوام كاملة والأمر على ذلك » وفي الحرم(" سنة عشر من النبوة حدث نقضص 
اليحنة وفك ا ا ای ا وكاره لام ی لي ن 
الصحيفة من كان كارهاً لها . ظ 
وكان القام بذلك هشام بن عمرو من بني عامر بن لوؤي - وكان يصل بني هاشم في 
الشعب مستخفيا بالليل بالطعام - فإنه ذهب إلى زهير بن أي أمية امخزومي - وكانت أمه عاتكة 


)01 الدليل على هذا أن أبا طالب مات بعد نقض الصحيفة بستة أشهر » والصحيح في موت أبي طالب أنه في شهر 
رصب .ود قزل اغات اق مواد نهو ل انه ات بعد تقض ال ات اشير ا 


ات 


بنت عبد المطلب - وقال : يا زهير » أرضيت أن تأكل الطعام » وتشرب الشراب » وأخوالك 
بحيث تعلم ؟ فقال : ويحك » فما أصنع وأنا رجل واحد ؟ أما والله لو كان معي رجل اخر لقمت 
في نقضهاء قال : قد وجدت رجلاً . قال : فمن هو ؟ قال : أنا . قال له زهير : أبغنا رجلا 
ثالث . 

فذهب إلى المطعم بن عدي » فذكره أرحام بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف » ولامه 
على موافقته لقريش على هذا الظلم » فقال المطعم : ويحك » ماذا أصنع ؟ إنما أنا رجل واحد» 
قال : قد وجدت انيا » قال من هو ؟ قال : أنا قال : أبغنا ثالثاً . قال قد فعلت . قال : من 
هو ؟ قال زر بن إلى آمية + قال :+ ااا . 

فذهب إلى ألي البختري بن هشام » فقال له نحو مما قال للمطعم » فقال : وهل من أحد 
يعين على هذا ؟ قال : نعم . قال : من هو ؟ قال : زهير بن أي أمية » والمطعم بن عدي › وأنا 

فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد » فكلمه » وذكر له قرابتهم وحقهم » فقال 
له : وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد ؟ قال : نعم ثم سمى له القوم » فاجتمعوا عند 
الحجون » وتعاقدوا على القيام بنقض الصحيفة ‏ وقال زهير : أنا أبدأ كم فأكون أول من يتكلم . 

فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم » وغدا زهير عليه حلة » فطاف بالبيت سبعاً » ثم أقبل على 
الناس » فقال : يا أهل مكة أنأكل الطعام » ونلبس الثياب » وبنو هاشم هلكى » لا ياعون 
ولا يبتاع منهم ؟ والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة . 

قال أبو جهل ‏ وكان في ناحية المسجد - : كذبت ء والله لا تشق . فقال : زمعة بن 
الأسوة.؟ انك والله اكد ما ر اا شيك كت قال أبنو اشرق مدق و 

قال المطعم بن عدي : صدقتا وكذب من قال غير ذلك » نبراً إلى الله منها وما كب فيها . 

وقال هشام بن عمرو نحوا من ذلك . 

فقال أبو جهل : هذا أمر قضي بليل » تُشُوورٌ فيه بغير هذا المكان . 


- ۱۱۱ - 


وأبو طالب جالس في ناحية المسجد . إنما جاءهم لأن الله كان قد أطلع رسوله على أمر 
الصحيفة » وأنه أرسل عليها الأرضة » فأكلت جميع ما فيها من جوى وقطيعة وظلم إلا ذكر الله 
عز وجل » فأخبر بذلك عمه » فخرج إلى قريش فأخبرهم أن ابن أخيه قد قال كذا وكذا › فإن 
كان كاذباً خلينا بينكم وبينه » وإن كان صادقاً رجعتم عن قطيعتنا وظلمنا » قالوا : قد أنصفت . 
وبعد أن دار الكلام بين القوم وبين أي جهل » قام المطعم إلى الصحيفة ليشقها » فوجد 
الأرضة قد أكلتبا إلا « باسمك اللهم » . وما كان فيها من اسم الله فإنها لم تأكله .. 
تم نقض الصحيفة » وخرج رسول الله عك ومن معه من الشعب » وقد رأى المشركون اية 
E‏ 2 ھر - 
عظيمة من آيات فوته » ولكهم کا أخمر اٹ عنهم » ف وإن يرقا ایرو يأر 
5 4ه ٤‏ : 7 ) أعرضوا عن هذه الآية وازدادوا كفرا إلى لوي 


)١(‏ جمعنا تفاصيل المقاطعة من صحيح البخاري » باب نزول النبي عه بمكة 7١7/١‏ » وباب تقامم المشركين 
على النبي عه 4/١‏ ه ء زاد المعاد 45/9 › وابن هشام ۲۰۰/۱ › ۳۷١ ۰ ۳۷٤ ۰ ۲٢۱‏ ۰ ۳۷۹“ 
۷ ب ورحمة للعالمين ۷١ » 594/١‏ ومختصر السيرة للشيخ عبد الله النجدي ص٦۰٠‏ › ٠١۸ › ٠١۷‏ » 
٠ ١٠١ ٠, ۹‏ ومختصر السيرة للشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي ص 1۸ › ۷۲١ ۷١ ١ ۷١ › 1٩‏ › 
۷۳ وبين هذه المه.ادر اختلاف يسير » أخذنا ما ترجح عندنا بعد النظر في القرائن . 


١١15 - 





آخر وفد قريش إلى أبي طالب 


خرج رسول الله عه من الشعب » وجعل يعمل على شاكلته » وقريش وإن كان قد تركوا 
القطيعة » لكنهم لم يزالوا عاملين على شاكلتهم من الضغط على المسلمين › والصد عن سبيل 
الله » أما أبو طالب فهو لم يزل يحوط ابن أخيه » لكنه كان قد جاوز الفانين من سنه » وكانت 
الآلام والحوادث الضخمة المنوالية منذ سنوات - لا سيا حصار الشعب - قد وهنت وضعفت 
مفاصله » وكسرت صلبه » فلم يمض على خروجه من الشعب إلا أشهر معدودات » وإذا هو 
يلاحقه امرض ويلح به - وحينعذ خاف المشركون سوء سمعتهم في العرب إن أتوا بعد وفاته يمدكر 
على ابن أخحيه » فحاولوا مرة أخرى أن يفاوضوا النبي عه بين يديه › ويعطوا بعض ما لم يرضوا 
إعطاءه قبل ذلك » فقاموا بوفادة هي اخر وفادتهم إلى أي طالب . 

قال ابن إسحاق وغيره : لما اشتكى أبو طالب » وبلغ قريشاً ثقله » قالت قريش بعضها 
لبعض : إن حمزة وعمر قد أسلما » وقد فشا أمر محمد في قبائل قريش كلها , فانطلفوا بنا إلى 
أي طالب » فليأخذ على ابن أخيه » وليعطه منا , والله ما نأمن أن يبتزونا('" أمرنا » وفي لفظ : فإنا 
تحاف أن يموت هذا الشيخ » فيكون إليه شيء فتعيرنا به العرب » يقولون تركوه » حتى إذا مات 
عمه تناولوه . 

مشوا إلى أي طالب فكلموه » وهم أشراف قومه ؛ عتبة بن ربيعة » وشيبة بن ربيعة » 
وأبو جهل بن هشام » وأمية بن خلف » «أبو سفيان بن حرب » في رجال من أشرافهم - وهم 
خمس وعشرون تقريباً - فقالوا : يا أبا طالب إنك منا حيث قد علمت » وقد حضرك ما ترى › 


وتخوفنا عليك » وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك » فادعه » فخذ له منا» وخذ لنا منه › 


. ابتزه أمره : سلبه إياه وغلبه عليه‎ )١( 


1172 


ليكف عنا ونكف عنه » وليدعنا وديننا » وندعه ودينه » فبعث إليه أبو طالب › فجاءه » فقال : 
يا ابن أخي » هؤلاء أشراف قومك » قد اجتمعوا لك » ليعطوك » وليأخذوا منك » ثم أخيره 
بالذي قالوا له وعرضوا عليه » من عدم تعرض كل فريق للآخر . فقال لحم رسول الله عه : 
؛ أرأيتم إن أعطيتكم كلمة تكلمتم بها » ملكتم بها العرب » ودانت لكم بها العجم » » وني لفظ 
أنه قال تخاطباً لأبي طالب : « أريدهم على كلمة واحدة يقولونها » تدين لهم بها العرب » وتؤدي 
إليهم بها العجم الحزية ٠‏ » وفي لفظ آاخر قال : « يا عم » أفلا تدعوهم إلى ما هو خير لحم » ؟ 
قال: وإلى ما تدعوهم؟ قال: «أدعوهم إلى أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب» ويملكون 
بها العجم » » ولفظ رواية ابن إسحاق : ١‏ كلمة واحدة تعطونها » تملكون بها العرب » وتدين 
لكم بها العجم » » فلما قال هذه المقالة » توقفوا وتحيروا » ولم يعرفوا كيف يرفضون هذه الكلمة 
الواحدة النافعة إلى هذه الغاية والحد » ثم قال أبو جهل : ما هي ؟ وأبيك لنعطيكها وعشر 
أمثالها » قال : « تقولون : لا إله إلا الله » وتخلعون ما تعبدون من دونه » . فصفقوا بأيديهم » ثم 
قالوا : أتريد يا محمد أن تجعل الآلهة إلا واحداً ؟ إن أمرك لعجب . 


م قال بعضبم لبعض : إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيعا ما تريدون » فانطلقوا وامضوا 
على دين ابائكم » حتى يحكم الله بينكم وبينه . ثم تفرقوا . 

وني هؤلاء نزل قوله تعالى  :‏ ص لمران زی اکر 9 ب لانن کف روان عر وتا 02 
اهلام نووم من روا ولات جين ناص ویو آن جاه م مذ رتهم الا لگفرود 
لاجر داب 9 جم اھا ودا حا نی عاب )اناو لملا ينه نشوا 
سوال ءال هت كرما ىراد 9 اسيم دا الجر إن هلخن » 


. (Vo Tcoctofo <1: FA) 





(۱) ابن هشام 4١5 418 ٤۱۷/۱‏ » تفهم القرآن 17/4 ۳۱۷ › ۳٠۸‏ › مختصر السيرة للشيخ عبد الله 
ص۱٩‏ . ظ 


1١١8 - 


عام الحزن 


وفاة أبي طالب: 

ألح امرض بأبي طالب » فلم يلبث أن وافته المنية » وكانت وفاته في رجب“ سنة عشر من 
النبوة » بعد الخروج من الشعب بستة أشهر”" . وقيل : توفي في رمضان قبل وفاة خديجة رضي الله 
عنها بثلاثة أيام . 

وني الصحيح عن المسيب : أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دحل عليه النبي عر وعنده 
أبو جهل » فقال : « أي عم » قل : لا إله إلا الله » كلمة أحاج لك بها عند الله » » فقال 
أبو جهل وعبد الله بن ألي أمية : يا أبا طالب » ترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزالا يكلماه 

حتى قال آخر شيء كلمهم به : على ملة عبد المطلب E‏ 
ما لم أنه عنك » » فتزلت : اکا لی والدیےءامواان سفوا للمشْركين ور 
افق يبد ماک ل أب ا e‏ : ۱۳ ونزلت 
لتكلا ىنىب 4" ١1١‏ عدم 

ولا حاجة إلى بيان ما كان عليه أبو طالب من الحياطة والمنع » فقد كان الحصن الذي 
تحتمي به الدعوة الإسلامية من هجمات الكبراء والسفهاء » ولكنه بقي على ملة الأشياخ من 
)١(‏ تارج إسلام للشاه أكبر خان النجيب أبادي ٠۲١/١‏ , وفي المصادر اختلاف كبير في الشهر الذي توفي فيه 

أبو طالب » وهذا الذي رجحناه إنما رجحناه لأن أكثر المصادر متفقة على أن موته كان بعد ستة أشبر من 

الخروج من الشعب » وأن الحصار كان ثلاثة أعوام , وأن بدء الحصار كان ليلة هلال الحرم سنة سبع » وإذن 

ا من النبوة . 


2( مختصر السيرة للشيخ عبد الله النجدي ص١١١‏ . 
)۳( 12 0317 ۸/۱ . 


- ۱0 


أجداده » فلم يفلح كل الفلاح . ففي الصحيح عن العباس بن عبد المطلب ء قال للنبي عه : 
ما أغنيت عن عمك » فإنه كان يحوطك ويغضب لك ؟ قال : هو في ضحضاح من نارء ولولا 
أنا لكان في الدرك الأسفل من النار"' . 

وعن أبي سعيد الخدري أنه مع النبي عه - وذكر عنده عمه ‏ فقال : لعله تنفعه 
شفاعتي يوم القيامة » فيجعل في ضحضاح من النار تبلغ كعبيه'" . 


خديجة إلى رحمة الله 

وبعد وفاة أي طالب بنحو شهرين أو ثلائة ‏ على اختلاف القولين - توفيت أم المؤمنين 
خديجة الكبرى رضي الله عنها » كانت وفاتها في شهر رمضان في السنة العاشرة من النبوة » وها 
خمس وستون سنة » ورسول الله ع إذ ذاك في الخمسين من عمره" . 

إن خديجة كانت من نعم الله الجليلة على رسول الله ع » بقيت معه ربع قرن تحن عليه 
وتواسيه بنفسها ومالها » يقول رسول الله ڪه : « امنت بي حين كفر بي الناس » وصدقتني حين 
كذبي الناس › وأشم ركتني في مالها حين حرمني الناس › ورزقي الله ولدها > وحرم ولد 
غيرها ٩‏ . 

وني الصحيح عن أي هريرة قال : أتى جبريل النبي عه » فقال : يا رسول الله هذه 
خديجة » قد أتت » معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب » فإذا هي أتتك فاقراً عليها السلام من 
ربها » وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب9 . 

وقعت هاتان الحادثتان ا مر تان خلال أيام معدودة » فاهتزت مشاعر الحزن والألم في قلب 
)۲-١(‏ صحيح البخاري › باب قصة أي طالب ٥٤۸/۱‏ . 
(۳) نص على موتها في رمضان من تلك السنة ابن الجوزي في التلقيح ص۷ › والعلامة المنصور فوري في رحمة 

للعالمين 1515/7 وغيرهما . 
)٤(‏ رواه الإمام أحمد في مسنده ١١8/5‏ . 
(ه) صحيح البخاري . باب تزوج النبي که خديجة وفضلها 079/١‏ . 

ات 


رسول الله عه , ثم لم تزل تتوالى عليه المصائب من قومه » فقد كانوا تجرأوا عليه » وكاشفوه 
بالنكال والأذى بعد موت أي طالب » فازداد غما على غم » حتى يكس منهم » وخرج إلى 
الطائف » رجاء أن يستجيبوا لدعوته أو يؤووه وينصروه على قومه » فلم ير من يؤوي ولم ير 
ناصراً » وآذوه مع ذلك أشد الأذى » ونالوا منه ما لم يئله قومه . 

وكا اشتدت وطأة أهل مكة على النبي عه » اشتدت على أصحابه » حتى التجأ رفيقه أبو 
بكر الصديق رضي الله عنه إلى ا هجرة عن مكة » فخرج حتى بلغ برك الغماد » يريد الحبشة › 
اها ادغ ق دوا اكات 

قال ان اسسحاق ا هلك أبو طالب الت قرش من رسول اله که من الآذى مالم 
تطمع به في حياة أي طالب » حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش » فنار على رأسه تراباً » ودخل 
بيته » والتراب على رأسه » فقامت إليه إحدى بناته » فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي › 
ورسول الله عله يقول ها : لا تبكي يا بنية » فإن الله مانع أباك . قال : ويقول بين ذلك : 
ما نالت مني قريش شيعا أكرهه حتى مات أبو طالب'" . 

ولأجل توالي مثل هذه الآلام في هذا العام سماه رسول الله عي عام الحزن » وبهذا اللقب 
صار معروفاً في التارج . 


الزواج بسودة رضي الله عنها: 

وني شوال من هذه السنة - سنة ٠١‏ من النبوة - تزوج رسول الله مله سودة بنت زمعة » 
كانت ممن أسلم قدي » وهاجرت الهجرة الثانية إلى الحبشة » وكان زوجها السكران بن عمرو › 
وكان قد أسلم وهاجر معها » فمات بأرض الحبشة » أو بعد الرجوع إلى مكة » فلما حلت 
خطبها رسول الله عه وتزوجها » وكانت أول امرأة تزوجها بعد وفاة خديجة » وبعد عدة أعوام 
وهبت نوبتها لعائشة!" . 


› ٠۲١/١ صرح الشاه أكبر خان النجيب ابادي بأن هذه الوقعة كانت في هذه السنة انظر تاريخ إسلام‎ )١( 
. 087 ٠٠٥۲/١ والقصة بطوها مروية في ابن هشام ۳۷۲/۱ » ۳۷۳ . 574 » وني صحيح البخاري‎ 
. 1١5/١ ابن هشام‎ )۲( 
. ٠١ص ء تلقيح فهوم أهل الأثر‎ ٠٠١/۲ (؟) رحمة للعاملين‎ 
11ت‎ 


عوامل الصبر والثبات 


وهنا يقف الحليم حيران » ويتساءل عقلاء الرجال فوا بينهم : ما هي الأسباب والعوامل التي 
بلغت بالمسلمين إلى هذه الغاية القصوى » والحد المعجز من الثبات ؟ كيف صبروا على هذه 
الاضطهادات التي تقشعر لسماعها الجلود » وترجف لا الأفقدة ؟ ونظراً إلى هذا الذي يتخالج 
القلوب » نرى أن نشير إلى بعض هذه العوامل والأسباب إشارة عابرة بسيطة : 

» إن السبب الرئيسي في ذلك أولاً وبالذات هو الايمان بالله وحده ومعرفته حق المعرفة‎ - ١ 
فالايمان ا جازم إذا خالطت بشاشته القلوب يزن الجبال ولا يطيش » وإن صاحب هذا الايمان‎ 
المحكم وهذا اليقين ا جازم یری متاعب الدنيا مهما كثرت وكبرت وتفاقمت واشتدت  يراها في‎ 
› جنب إيمانه  طحالب عائمة فوق سيل جارف جاء ليكسر السدود المنيعة والقلاع الحصينة‎ 
فلا يبالي بشيء من تلك المتاعب » أمام ما يجده من حلاوة إيمانه وطراوة إذعانه وبشاشة يقينه‎ 
.)۷:۱۳( 4 اا یدیدهت جا جا نااشع الاس مگ ن آل‎ « 

ويتفرع من هذا السبب الوحيد عا أخرى تقوي هذا الثبات والمصابرة وهي : 

۲ - قيادة مهوي إليها الأففدة » فقد كان النبي عب - وهو القائد الأعلى للأمة الاسلامية 
بل وللبشرية جمعاء - يتمتع من جمال الخلق وکال النفس . ومكارم الأخلاق > والشيم النبيلة 
والشمائل 0 .ما تتجاذب إليه القلوب ؛ وتتفانى دونه النفوس › وكانت أنصبته من الكمال 
الذي ي يعشق لم يرزق بمثلها بشر » وكان على أعلى قمة من الشرف والنبل والخير والفضل » وكان 

ا والأمانة والصدق » ل م يقار ولم يشك فيه أعداؤه فضلاً 
عن محبيه ورفقائه » لا تصدر منه كلمة إلا ويستيقنون صدقها . 


اجنمع ثلاث فر من فيش » کان قد استمع کل واحد نهم إل الرآن رأ عن صاحیه ن 
١١8‏ - 


انكشف سرهم » فسأل أحدهم أبا جهل - وكان من أولئك الثلاثة - ما رأيك فيا معت من 
محمد ؟ فقال : ماذا معت ؟ تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف » أطعموا فاطعمنا » وحملوا 
فحملنا » وأعطوا فأعطينا » حتى إذا تحاذينا على الركب » وكنا كفرسي رهان » قالوا : لنا نبي يأتيه 
الوحي من السماء » فمتى ندرك هذه ؟ واللهلا نؤمن به أبدا ولا نصدقه9" . 

وكان أبو جهل يقول : يا محمد إنا لا نكذبك ولكن نكذب با جعت به » فانزل الله 
وو کو وَلكنَالظَامِينَ با ت الله حون f‏ 

وغمزه الكفار يومأ ثلاث مرات » فقال في الثالثة : يا معشر قريش » جفتكم بالذج » 

هم تلك الكلمة » حتى إن أشدهم عداوة يرفؤؤه بأحسن ما يجد عنده . 

ولا ألقوا عليه سلا جزور وهو ساجد دعا عليهم » فذهب عنهم الضحك » وساورهم الهم 
والقلق » وأيقنوا أمهم هالكون . 

ودعا على عتيبة بن أي لهب فلم يزل على يقين من لقاء ما دعا به عليه » حتى إنه حين رأى 
الأسد قال : قتلني والله - محمد - وهو بمكة . 

وكان أبي بن خلف يتوعده بالقتل . فقال : بل أنا أقتلك إن شاء الله » فلما طعن با في 
عنقه يوم أحد - وكان خدشأً غير كبير - كان أي يقول : إنه قد كان قال لي بمكة : أنا أقتلك . 
فوالله لو بصق علي لقتني - وسيأتي . 

وقال سعد بن معاذ ‏ وهو بمكة ‏ لأمية بن خلف : لقد سمعت رسول الله عوك يقول : 
نهم - أي المسلمين - قاتلوك » ففزع فزعا شديداً » وعهد أن لا يخرج عن مكة » ولا ألجأه أبو 
جهل للخروج يوم بدر اشترى أجود بعير بمكة لهكنه من الفرار » وقالت له امرأته : 
يا أبا صفوان » وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي ؟ قال : لا والله ما أريد أن أجوز معهم إلا 
قرييا9) . 


. ۳۱۹/۱ ابن هشام‎ )١( 

(۲) رواه الترمذي في تفسير سورة الأنعام ٠۳۲/۲‏ . 
(۳) ابن هشام ۸٤/۲‏ . 

. ٥1۳/۲ انظر صحيح البخاري‎ )٤( 


Na 


هكذا كان حال أعدائه عه » أما أصحابه ورفقاؤه فقد حل منهم محل الروح والنفس » 
وشغل منهم مكان القلب والعين » فكان الحب الصادق يندفع إليه اندفاع الماء إلى الحدور › 
وكانت النفوس تنجذب إليه انجذاب الحديد إلى المغناطيس . 

وكان من أثر هذا الحب والتفاني أمهم كانوا ليرضون أن تندق أعناقهم ولا يخدش له ظفر أو 
يشاك شوكة . 


وطىء أبو بكر بن أي قحافة يوم بمكة » وضرب ضرباً شديداً » دنا منه عتبة بن ربيعة » 
فجعل يضربه بنعلين محصوفين » ويحرفهما لوجهه , ونزا على بطن أي بكر » حتى ما يعرف وجهه 
من أنفه » وحملت بنو تم أبا بكر في ثوب » حتى أدخلوه منزله » ولا يشكون في موته » فتكلم 
آخر النہار فقال : ما فعل رسول الله عه » فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه » ثم قاموا وقالوا لأمه أم 
الخير : انظري أن تطعميه شيعا أو تسقيه إياه » فلما حلت به ألحت عليه » وجعل يقول : ما فعل 
رسول الله عر ؟ فقالت : والله لا علم لي بصاحبك » فقال : اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب 
فأسأليها عنه » فخرجت حتى جاءت أم جميل » فقالت : إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد 
الله » قالت : ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله » وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى 
ابنك ذهبت » قالت : نعم فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعاً دنفاً » فدنت أم جميل › 
وأعلنت بالصياح » وقالت : والله إن قوماً نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر » وإني لأرجو أن 
ينتقم الله لك منهم » قال : فما فعل رسول الله عه ؟ قالت : هذه أمك تسمع › قال : فلا 
شيء عليك منها » قالت : سالم صالح » فقال : أين هو ؟ قالت : في دار ابن الأرقم قال : فإن 
لله عل أن لا أذوق طعاماً ولا أشرب شراباً أو اتي رسول الله ع4 » فأمهلتا » حتى إذا هدأت 

. الرجل » وسكن الناس » خرجتا به » یتکیء عليهما » حتى أدخلتاه على رسول الله ع . 
وسننقل نوادر الحب والتفاني في مواقع شتى من هذه المقالة » ولا سيا ما وقع في يوم أحد . 

وما وقع من خبيب وأمثاله . 

© - الشعور بالمسكولية ‏ فكان الصحابة يشعرون شعوراً تامأ ما على كواهل البشر من 
المسكولية الفخمة الضخمة » وأن هذه المسئولية لا يمكن عنما الحياد والانحراف بحال » فالعواقب ٠‏ 


= 


التي تترتب على ال لفرار عن تحملها أشد وخامة وأكبر ضرراً عما هم فيه من الاضطهاد › وأن 
الخسارة التي تلحقهم - وتلحق البشرية جمعاء - بعد هذا الفرار لا يقاس بحال على المتاعب التي 

٤‏ - الإيمان بالآخرة ‏ وهو ما كان يقوي هذا الشعور - الشعور بالمسئولية - فقد كانوا 
على يقين جازم من انهم يقومون لرب العالمين » يحاسبون باعمالهم دقها وجلها » صغيرها 
وا EE‏ ل ؛ فكانوا يقضون ۔حباتہم 

رص ر ی مغر 

ا والرجاء » يرجون رحمة ربهم ويخافون عذابه » وكانوا 3 رن مانو وموس 
0 0 رم م رجعونَ 4 وكانوا يعرفون أن الدنيا بعذابها ونعيمها لا تساوي جناح بعوضة في 
جنب الا رة ¢ وكانت هذه المعرفة القوية بول هم متاعب الدنيا ومشاقها ومرارتها . غ٠‏ حی م 
يكونوا يكترثون لما ويلقون إليبا بالا . 

ه ‏ القران - وني هذه الفترات العصيبة الرهيبة الحالكة كانت تنزل السور والآيات تقم 
الحجج والبراهين .عل مبادىء الإسلام - التي كانت الدعوة تدور حوها ‏ بأساليب منيعة 
خلابة » وترشد المسلمين إلى أسس قدر الله أن يتكون عليها أعظم وأروع مجتمع بشري في العام 
- امجتمع الاسلامي - وتشر مشاعر المسلمين ونوازعهم على الصير والتجلد > تضر ب لذلك 

2 ا صر ر‎ e2 رز‎ e E 

الأمثال » ؛ وتبين م ما فيه من الحكم : م شمان دلوا الک َة ومايأيځ مالين 
0 دمع A 58 1A‏ مر دمةه ر2 سے صر سے می 

/ بم البأسَآه والضراء ورازْلواحيّ يفولا سول الذي مومع‎ E 
رعسم‎ is 2 له و« هط ساسم 0 ور چ وا‎ 

دصر الله د ألاان ررر ) )۲ (TI:‏ لال 89 أحي بآ لنّا سأن يتركوا أن يقولواً 
ر رچ ن AE E‏ 

ا تون ا دتتا ين من لمهم كليعلمن اهاب صدفوا لمي 
ألْكَدْيِينَ © (۲۹ :۳۰۲۰۱ ). 

> كانت للك الايات غل رات الكنار وان ر ا ورلا 2 ES E‏ 
م تحذرهم مرة عن عواقب وخيمة ‏ إن أصروا على غيم وعنادهم - في جلاء ووضوح » مستدلاً 
بأيام الله 6 والشواهد التاريحية التي ندل على سنه ة الله 2 أوليائه وأعدائه 4 وتلطفهم مرة 4 وتودي 

حق التفهم والإرشاد والتوجيه » حتى ينصرفوا عما هم فيه من الضلال المبين . 

وكان القران يسير بالمسلمين في عالم آخر 4 ويبصرهم من مشاهد الكون 4 وجمال الربوبية ¢ 
وکال الألوهية » واثار الرحمة والرأفة > وتحليات الرضوان ما يحنون ! اليه حنينا لا يقوم أي عقبة . 





YT 


وكانت في طي هذه الآيات خطابات للمسلمين » فما يبشرهم رهم برحمة منه ورضوان 
- وجنات هم فيا نيم مقيم » وتصور لمم صورة أعدائهم من الكفرة الطغاة الظالمين » يحاكمون › 
ويصادرون » ثم يسحبون في النار على وجوههم › ذوقوا مس سقر . 

٦‏ - البشارات بالنجاح - ومع هذا كله كان المسلمون يعرفون منذ أول يوم لاقوا فيه الشدة 
والاضطهاد ‏ بل ومن قبله ‏ أن الدخول في الإسلام ليس معناه جر المصائب والحتوف . بل إن 
الدعوة الإسلامية يدف - منذ أول يومها - إلى القضاء على الجاهلية الجهلاء ونظامها الغاثم › 
وأن أهدافها الأساسية بسط النفوذ على الأرض والسيطرة على الموقف السيامي في العام “ 
لتقود الأمة الانسانية والجمعية البشرية إلى مرضاة الله . وتخرجهم من عبادة العباد إلى عبادة الله . ) 

وكان القران ينزل بہذه البشارات - مرة بالتصريح وأخرى بالكناية - ففي تلك الفترات 
القاصمة التي ضيقت الأرض على المسلمين ؛ وكادت تخنقهم » وتقضي على حياتهم » كانت تنزل 
الآيات بما جرت بين الأنبياء السابقين وبين أقوامهم الذين قاموا بتکذیہم والكفر بهم » وكانت 
تشتمل هذه الآيات على ذكر الأحوال التي تطابق ماما أحوال مسلمي مكة وكفارها » ثم تذكر 
هذه الآيات با تمخضت عنه تلك الأحوال من إهلاك الكفرة والظالمين » وإيراث عباد الله 
الأرض والديار . فكانت في هذه القصص إشارات واضحة إلى فشل أهل مكة في المستقبل › 
ونجاح المسلمين مع نجاح الدعوة الإسلامية . 

وني هذه الفترات نزلت آيات تصرح ببشارة غلبة المؤمنين قال تعالى : ولق سَبِقَتَ 
امتا بادا مريت € المنصوروت ا ون ندافم اللو 00 د 
واب ر فسوف ب ی اا تجاه 9 ا دار بساح اء صَبًا صباحالسدَر) 
(۳۷ ۰ ۱۷۱ - ۱۷۷( وقال ل ونار (04 : 45) وقال :0ند 
مهناك مَهِرُوم ين لحرا )1١ : A‏ ونزلت في الذين هاجروا إلى الحبشة : «وألدين 
اکرو یالوین عم اموأ لتر َه یلد EI‏ رو َك وكاو 
يمون ١4‏ : 41) وسألوه عن 3 يوسف فأنزل الله في طيها : لََد انف يُوسفق 
وإخويهءاينت ك لسابلت) 19 : ۷) أي فأهل مكة السائلون يلاقون ما لاق إخوانه من 
٠‏ الفشل » MS,‏ و وقال وهو يذكرالرسل كللذ ڪفرو لي 
کنخ کک کین ا كن 


Ys 








جا سے 





e 


)١4 ٩۳:۱ ٤(4 ذلك لمن حاف مقای و وخَافوعی د‎ a ALR 
وحينا كانت الحرب مشتعلة بين الفرس والرومان » وكان الكفار يحبون غلبة الفرس بصفتهم‎ 
مشركين » والمسلمون يحبون غلبة الرومان بصفتهم مؤمنين بالله والرسل والوحي والكتب واليوم‎ 
الاخروكانت الا‎ 
البشارة الواحدة » بل صرح ببشارة أخرى وهي نصر الله للمؤمنين حيث قال : «[ وميد‎ 
ECE No يفرح المۆي نوبت ل‎ 1 

دوي عه يديا Sci‏ 
الموسم » وقام بين الناس في عكاظ ومجنة وذي امجاز » لتبليغ الرسالة » لم يكن يبشرهم بالجنة 
فحسب » بل يقول لهم بكل صراحة » يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا » وتَلكوا بها 
العرب » وتدين لكم بها العجم » فإذا متم كنتم ملوكاً في الجنة(© . 

وقد أسلفنا ما أجاب به النبي عي عتبة بن ربيعة حين أراد مساومته على رغائب الدنياء 
وما فهمه ورجاه عتبة من ظهور أمره عليه الصلاة والسلام . 

وكذلك ما أجاب به النبي عي آخر وفد جاء إلى أي طالب » > فقد صرح هم أنه يطلب 
منهم كلمة واحدة يعطونها » تدين لهم العرب » ويملكون العجم . 

قال خباب بن الأرت : أتيت النبي َيه وهو متوسد برده » وهو في ظل الكعبة » وقد لقينا 
من المشركين شدة » فقلت : ألا تدعو الله » فقعد » وهو محمر وجهه » فقال : لقد كان من 
قبلكم ايشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه » وليتمن 
اله هذا الأمر حت يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله زاد بيان الراوي -- 
والذئب على غنمه ''' وفي رواية ولكنكم تستعجلون' . 


ولم تكن هذه البشارات مخفية مستورة » بل كانت فاشية مكشوفة , يعلمها | الكفرة » ا 
كان يعلمها المسلمون » حتى كان الأسود , بن المطلب وجلساؤه إذا رأوا أصحاب النبي اله 





. رواه الترمذي وقد مضى مرارا‎ )١( 
. ٥٤۳/١ صحيح البخاري‎ )۲( 
. ٥٠١/١ نفس المصدر‎ )0( 


11ت 


تغامزوا ہم » وقالوا : قد جاءك ملوك الأرض » سيغلبون على ملوك كسرى وقيصر › ثم يصفرون 
يفقوت" 1 

وأمام هذه البشارات الستقبل المجيد المستنير في الدنيا » مع ما فيه من الرجاء الصالح الكبير 
البالغ إلى النہاية في الفوز بالجنة » كان الصحابة يرون أن الاضطهادات التي تتوالى علييم من كل 
جانب » والمصائب التي تحيط بهم من كل الأرجاء ‏ ليست إلا : و سحابة صيف عن قليل 
تقشع ) 5 

هذا ولم يزل الرسول عله يغذي أرواحهم برغائب الإيمان » ويزكي نفوسهم بتعليم الحكمة 
والقران » ويربهم تربية دقيقة عميقة » يحدو بنفوسهم إلى منازل سمو الروح » ونقاء القلب › 
ونظافة الخلق » والتحرر من سلطان الماديات » والمقاومة للشبوات » والتزوع إلى رب الأرض 
والحهاوات > ويذكي جمرة قلوهم > ويخرجهم من الظلمات إلى النور » ويأخذهم بالصبر على 
الأذى والصفح الجميل وقهر النفس » فازدادوا سا في الدين › وعزوفا عن الشہوات › وام 
في سبيل المرضاة » وحنيناً إلى الحنة > وحرصاً على العلم » وفقهاً في الدين » ومحاسبة للنفس وقهرا 
للتزعات » وغلبة على العواطف » وتسيطراً على الثائرات والهائجات » وتقيدا بالصبر والهدوء 
والوقار . ) 





. ۸٤ص فقه السيرة‎ )١( 


المرحلة الثالئة 
دعوة الإسلام خار ج مكة 


الرسول ‏ بَا فى الطائنف 

في شوال* ‏ سنة عشر من النبوة ( في أواخر مايو أو أوائل يوج كه 1015م ) جرح 
اي 7 إل لانت + بو تيعد عن 32 كبو یی ميا + سارها ا چن کی ب 
وذهوبأ » ومعه مولاه زيد بن حارثة » وكان كلما مر على قبيلة في الطريق دعاهم إلى الاسلام ‏ 
فلم تجب إليه واحدة منها . فلما انتهى إلى الطائف عمد ثلاثة إخوة من رؤساء ثقيف . وهم عبد 
اليل ومسعود وحبيب أبناء عمرو بن عمير الثقفي . > فجلس إلييم ودعاهم إلى الله » وإلى نصرة 
الاسلام » فقال أحدهم : هو يمرط ثياب الكعبة ( أي يمزقها ) . إن كان الله أرسلك » وقال 
الآخر : أما وجد الله أحداً غيرك » وقال الثالث يا eT‏ 
أعظم خطرا من ا ا ا 

عنهم رسول الله عه » وقال لهم : إذ فعلم ما فعلم فاكتموا عني 

وأقام رسول الله ع بين أهل الطائف عشرة أيام » لا يدع أحداً من أشرافهم إلا جاءه 
وكلمهء فقالوا اخرج من بلادناء وأغروا به سفهاءهم » فلما أراد الخروج تبعه سفهاقف 
وعبيدهم » يسبؤته ويصيحون به » حتى اجتمع عليه الناس » فوقفوا له سماطين ( أي صفين ) 
وجعلوا يرمونه بالحجارة وبكلمات من السفه » ورجموا عراقيبه » حتى اختضب نعلاه بالدماء . 
CEES‏ د ل يا اكذلك حی 





. وهو الراجح عندي‎ » ۱۲۲/١ صرح بذلك النجيب ابادي في تار إسلام‎ )١( 


2 170 


واطمآن » دعا بالدعاء ا الذي E E at A‏ 
على أنه ل يؤمن به أحد » قال : 


اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ء وقلة حيلتي » وهواني على الناس » يا أرحم الرامين ٠‏ 
أنت رب المستضعفين » وأنت ربي » إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ؟ أم إلى عدو ملكته 
و ا ري ا O‏ 
عسوي ا أن تنزل بي غضبك » أو يحل على 
له حذ قفا من هذ لعب واذهب به إل هذا الرجل اسع 
مد يذه إليه قائلا : « باسم الله ٠‏ » ثم أكل . 

فقال عداس : إن هذا الكلام ما يقوله آمل هذه البلاد » فقال له رسول الله ع : من 
البلاد أنت ؟ وما دينك ؟ قال : أنا نصراني » من أهل « نينوى ) E‏ 
الرجل الصاح يونس بن متى . قال له : وما يدريك ما يونس بن متى ؟ قال رسول الله ع : 
ذاك أحى » كان نبياً وأنا نبي » فأكب عداس على رأس رسول الله ع ويديه ورجليه يقبلها . 

فقال ابنا ربيعة أحدهما للاخر : أما غلامك فقد أفسده عليك :قلعا اعا و 
ا ا اا د 
دينه . ۰ 
Ke elt pr e‏ و 
أهل مكة . 

وقد روى البخاري تفصيل القصة سلوب عو عرو ةتون ار أن عائشة رصي الله 
عنها حدثته أمها قالت للنبي عل : هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد ؟ قال : 


- 1755 


قيت من قومك ما لقيت » وكان أشد ما لقيت منم يوم العقبة » إذ عرضت نفسي على ابن 
و اما > فلم يجبي إلى تاتس ران ودر سد الى ر 
أظلتني الو ا سود لو 
عليك وقد بغت الله اليك ملك الجبال لتأمره ما كت شئت فيهم . فنادابلي ملك الجبال » > فسلم 
علي . ثم قال : يا محمد » ذلك » فما شئت › إن E e‏ شكت أن أطبق عليهم الأخشبين - أي 
: لفعلت » والأخشبان : هما جبار مكة + ابو قيش والدي زقابله وهو فخقغان اب قال 
الي زه : بل أرجو أن يخر ج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك 
به شيعا( . 

وي هذا الجواب الذي ادل به الرسول ا تتجل شخصيته الفذة > وما کان عليه من 

وأفاق رسول الله عو » واطمأن قلبه ؛ لأجل هذا النصير الي الذي أده انت عة 
يج اميا e‏ 
مصدر يعين موضع إقامته مَل فيه . 

وخلال إقامته هناك بعث الله إليه نفا من اجن ۽ ذاكرهم الله في موضعين من القران » في 
سورة, الأحقاف : # ولذ صر فال ليك قر مَنَأَلْحِنَ > يتمعو الْفَرْءَانَ فما حَصَوُوهُ قال 

نيوأ موي66 E‏ 


و هدىا الح ولل طرین و مسقم لا قومتا جوا داعی اله وَءَامِنْوابهيَغْفِرَ 
الححكم من د نود بوركم مَنْعَذَا لير 6 ٤٦(‏ ا م 
وف سورة الحن : لا یا انه اسم رماب فقا وأا عا اکا عاج 


ییا ل ایند فام ویرد راا ا عام الآية الخامسة عشرة 


ا سس س 





)١(‏ صحيح البخاري . كتاب بدء الخاق ۰٥۸/۱‏ ؛ مسلم . باب ما لقي النبي عي من أذ المشركين والمنافقية 
5 . 


TNS 


ومن سياق هذه الآيات - وكذا من سياق الروايات التي وردت في تفسير هذا الحادث - 
تبين أن النبي ته لم يعرف بحضور ذلك النفر من امن » وإنما علم ذلك حين أطلعه الله عليه 
ببذه الآيات » وأن حضورهم هذا كان لأول مرة » ويقتضي سياق الروايات أنهم وفدوا بعد ذلك 
فار + 

وحقاً كان هذا الحادث نصراً آخر أمده الله من كنوز غيبه المكنون بجنوده التي لا يعلمها إلا 
هوء ثم إن الآيات التي نزلت بصدد الحادث كانت في طيها بشارات بنجاح دعوة النبي عه 
وأن أي قوة من قوات الكون لا تستطيع أن تحول بينها وبين نجاحها : « ومنلاب داع الله 
بس بمج زفي رامین دُوندأوْلِياء لِك ف کل شین 0(4؛ : 0١‏ ران 
دن أن ان تج ر مه فیا رض وکن نمج ر هرا © (۷۲ : )1١‏ . 

أمام هذه النصرة » وأمام هذه البشارات » أقشعت سحابة الكابة وا حزن واليأس » الي 
كانت مطبقة عليه منذ أن حرج من الطائف 'مطرودا مدحوراً » حتى صمم على العود إلى مكة › 
وعلى القيام باستعناف خطته الاولى في عرض الاسلام وابلاعٌ رسالة الله الخالدة بنشاط جديد 
وجد وحماس . 

وحيتكذ قال له زيد بن حارثة : كيف تدخل عليهم وقد أحرجوك ؟ يعني قريشاً » فقال : 
يا زيد إن الله جاعل لما ترى فرجا ورجا › وإن الله ناصر دينه ومظهر نبيه . 

وسار رسول الله چ حتى إذا دنا من مكة مكث بحراء ؛ وبعث رجلاً من خزاعة إلى 
الأخنس بن شريق ليجيره » فقال : أنا حليف » والحليف لا يجير . فبعث إلى سبيل بن عمرو ؛ 
فقال سيل : إن بني عامر لا تجير على بني كعب » فبعث إلى المطعم بن عدي » فقال المطعم : 
نعم » ثم تسلح ودعا بنيه وقومه فقال : البسوا السلاح › وكونوا عند أركان البيت › فإني قد 
أجرت محمداً » ثم بعث إلى رسول الله مُه : أن ادخل » فدخل رسول الله چ ومعه زید بن 
حارثة حتى انتهى إلى المسجد الحرام » فقام المطعم بن عدي على راحلته فنادى يا معشر قريش ؛ 
إني قد أجرت محمداً فلا ييبجه أحد منكم » وانتبى رسول الله عه إلى الركن فاستلمه » وصلى 
ركعتين » وانصرف إلى بيته » ومطعم بن عدي وولده محدقون به بالسلاح حتى دخل بيته . 


- 58 


وقيل : إن أبا جهل سال مطعماً : أمجير أنت أم متابع - مسلم -؟ قال : بل محير . قال : 


وقد حفظ رسول الله عه للمطعم هذا الصنيع » فقال في أسارى بدر : لو كان المطعم بن 
عدي حيا م كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له . 


٤۷» 47/١ وزاد المعاد‎ ١ 457 2 45١ ٤۲۰ 2 4١9/١ التقطنا تفصيل حادث الطائف من ابن هشام‎ )١( 
۷۲ ۷١/١ ورحمة للعالمين‎ ٠٤١ 21١47 2١14١ص ومختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي‎ 
23154 ۱۲۴/۱ وتاريخ إسلام للنجيب ابادي‎ ٠ ۷ ۳ 

)۲( صحيح البخاري ٥۷۳/۲‏ . 


1ك 


عرض الإسلام على القبائل والأفراد 


في ذي القعدة سنة عشر من النبوة - في أواخر يونيو أو أوائل يوليو سنة 4١م‏ - عاد 
رسول کا عرض الاسلام على القبائل والأفراد » ولاقتراب ا موسم 
كان الناس يأتون إلى مكة رجالاً » وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق » لقضاء فريضة 
الحج » وليشهدوا منافع لهم » ويذكروا الله في أيام معلومات » فانتهز رسول الله عه هذه 
الفرصة ‏ فأتاهم قبيلة قبيلة يعرض عليهم الإسلام » ويدعوهم إليه ؛ ؛ 5 كان يدعوهم منذ 
السنة الرابعة من النبوة .. 


وحنيفة » وسليم » وعبس » وبنو نصر » وبنو البكاء » وكندة » وكلب » والحارث بن كعب › 
وعذرة » والحضارمة > فلم يستجب منهم أحد(") : 

وهذه القبائل التي سماها الزهري لم يكن عرض اللاسلام عليها في سنة واحدة » ولا في موسم 
واحد » بل إا كان ما بين السنة الرابعة من النبوة إلى اخر موسم قبل الهجرة . ولا يمكن تسمية 
ب يوان روات ا اين واي العلامة النصور فوري أن 
رك 4 وهاك ا 8 
)١(‏ روى ذلك الترمذي » انظر مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص۹٤‏ .. 
(۲) رحمة للعالمين ۷٤/١‏ » وبه جزم النجيب ابادي » انظر تاريخ إسلام 178/١‏ . 


عت 


: بنو كلب - أن النبى عه إلى بطن منهم » يقال هم بنو عبد الله » فدعاهم إلى الله‎ - ١ 
وعرض عليهم نفسه » حت إنه ليقول لهم : يا بني عبد الله » إن الله قد أحسن اسم أبيكم » فلم‎ 
. يقبلوا منه ما عرض عليهم‎ 

١‏ - بنو حنيفة - أتاهم في منازهم فدعاهم إلى الله ؛ وعرض عليهم نفسه » فلم يكن أخد 
من العرب اقبح عليه ردا منهم . 

۳ - وأ إلى بني عامر بن صعصعة » فدعاهم إلى الله » وعرض عليهم نفسه » فقال 

بحيرة بن فراس ( رجل منهم ) : والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب » ثم 
قال : أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك » ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من 
بعدك ؟ قال : الأمر إلى الله » يضعه حيث يشاء » فقال له : أفنبدف نحورنا للعرب دونك » فإذا 
أظيرك :الله كاف الاقر ا ل جاج 0 ك 
ولا رجعت بنو عامر تحدثوا إلى شيخ لهم لم يواف الموسم » لكبر سنه » وقالوا له : جاءنا فق 

من قريش من بني عبد المطلب » يزعم أنه نبي » يدعونا إلى أن نعه » ونقوم معه » وتخرج به إلى 
بلادنا » فوضع الشيخ يديه على رأسه . ثم قال : يابني عامر هل لها من تلاف ؟ لذناباها''! من 
مطلب ؟ والذي نفس فلان بيده ما تقوها إسماعيلي قط » وإنها لحق » فاین رأيكم كان عنکم ا٠‏ ؟ 


المؤمنون من غير أهل مكة: 

وكا عرض رسول الله عَم الإسلام على القبائل والوفود » عرض على الأفراد والأشخاص . 
وحصل من بعضهم على ردود صا حة » وامن به عدة رجال بعد هذا الموسم بقليل . وهناك لوحة 
منهم : 

١‏ - سويد بن صامت - کان شاعرا لبيبا من سكان يغرب » يسميه قومه الكامل » لجلده 
وشعره وشرفه ونسبه » جاء مكة حاجا أو معتمراً » فدعاه رسول الله عله إلى الإسلام » فقال : 
لعل الذي مغك مكل الذي مي فال له رول الك مله + وا الذي محل :قال + کک 
لقمان . قال : اعرضها عل . فعرضها » فقال له رسول الله عه : إن هذا الكلام حسن » والذي 
1600 ات اذا أفلت من ال فط الأخد يدتاباف»: 

(۲) ابن هشام 1514/١‏ ۰ 155 . 


1 7 أت 


معي أفضل من هذا » قران أنزله الله تعالى علي » هو هدى ونور » فتلا عليه رسول الله عله 
القران » ودعاه إلى الإسلام » فأسلم » وقال : إن هذا لقول حسن . فلما قدم المدينة لم يلبث أن 
قتل يوم بعاث( .. وكان إسلامه في أوائل سنة ١١‏ من النبوة“ . 

۲ - إياس بن معاذ ‏ کان غلاماً حدثاً من سكان يغرب » قدم في وفد من الأوس » جاءوا 
يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج » وذلك قبيل حرب بعاث في أوائل سنة ١١‏ 
من النبوة » إذ كانت نيران العداوة متقدة في يثرب بين القبيلتين ‏ وكان الاوس أقل عددا من 

2 د الله / / |! 
الخزرج - فلما علم رسول الله ع قدمهم جاءهم فجلس إليهم » وقال لهم : هل لكم في خير 
مما جثتم له ؟ فقالوا : وما ذاك ؟ قال : أنا رسول الله » بعثني إلى العباد » أدعوهم أن يعبدوا الله 
ولا يشركوا به شيئا » وأنزل عل الكتاب » ثم ذكر لهم الاسلام » وتلا عليهم القران » فقال 
إياس بن معاذ : أي قوم » هذا والله خير مما جقتم له » فأخذ أبو الحيسر أنس بن رافع ‏ رجل 
كان في الوفد ‏ حفنة من تراب البطحاء فرمى بها وجه إياس » وقال : دعنا عنك » فلعمري لقد 
جئنا لغير هذا » فصمت إياس وقام رسول الله قله » وانصرفوا إلى المدينة من غير أن ينجحوا في 

وبعد رجوعهم إلى يغرب لم يلبث إياس أن هلك » وكان هلل ويكبر ويحمد » ويسبح عند 
موته » فلا يشكون أنه مات مسلما" . 

۲ أبو ذر الغفاري - وكان من سكان نواحي يارب » ولا بلغ إلى يغرب خبر مبعث 
النبي هيه سويد بن صامت وإياس بن معاذ وقع في أذن أي ذر أيضاً» وصار سببا 
لاسلامةه9 .2 
حي ونه ودر NE‏ لی :طاق إلى هذا الرجل وكلمه ‏ واي ره 
فانطلق › > فلقيه » ثم رجع » فقلت : ما عندك ؟ فقال : والله لقد رأيت رجلا يأمر با لير › > وینہی 
)١(‏ نفس المصدر 157654757٠ 476/١‏ ء رحمة للعالمين ۷٤/١‏ . 

2( تاريخ إسلام للنجيب ابادي 1 . 

(۳) ابن هشام ٤۲۷/۱‏ » 458 » وتاريخ إسلام للنجيب آبادي ١75/١‏ . 

(4) نفس المصدر الأخير ١78/١‏ . ْ 
- ۲ 


عن الشر » فقلت له : لم تشفني من الخبر » فأخذت جرابا وعصا » ثم أقبلت إلى مكة » فجعلت 
لا أعرفه » وأكره أن أسال عنه » وأشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد . قال : فمر بي علي . 
فقال : كأن الرجل غريب ؟ قال : قلت : نعم . فقال : فانطلق إلى المنزل » فانطلقت معه › 
قلت لا . قال : فانطلق معي » قال : فقال : ما أمرك ؟ وما أقدمك هذه البلدة ؟ قال : قلت 
له.: إن كتمت عل أخبرتك » قال : فإني أفعل » قال : قلت له : بلغنا أنه قد خرج ههنا رجل 
يزعم أنه نبي الله فأرسلت أخي يكلمه » فرجع ولم يشفني من الخبر » فأردت أن ألقاه . 

E‏ جين واي لعي د 
rE‏ ا کا ا 
مكاني » فقال لي : يا أبا ذر » اكتم هذا الأمر » وارجع إلى بلدك » فإذا بلغك ظهورنا فأقبل . 
فقلت : والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم » فجكت إلى ا مسجد وقريش فيه » 
فقلت : يا معشر قريش › إني أشبد أن لا إله إلا الله » وأشبد أن محمد عبده ورسوله › فقالوا : 
قوموا إلى هذا الصابىء . فقامواء فضربت لأموت » فأدركني العباس » فأكب علي ء > ثم اقبل 
Op‏ ا دبي و نيدي 
ا eR‏ 

یرای وا یا ای ر وی 
لقبيلته إمارة أو شبه إمارة في بعض نواحي الين » قدم مكة في عام ١١‏ من النبوة » فاستقبله أهلها 
قبل وصوله إليها » وبذلوا له أجل تحية وأكرم التقدير » وقالوا له : يا طفيل » إنك قدمت بلادناء 
وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بناء وقد فرق جماعتنا » وشتت أمرنا » وإنما قوله 
كالسحر » يفرق بين الرجل وأبيه » وبين الرجل وأخيه » وبين الرجل وزوجه » وإنا نحشى عليك 


)غ0( صحيح البخاري باب قصة زمزم 15/١‏ 2 ۰ وباب إسلام ابي ذر cot4/\‏ م6 . 
r‏ 


يقول طفيل : فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيا ولا أكلمه » حتى حشوت 
أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا ؛ فرقا من أن يبلغني شيء من قوله » قال فغدوت إلى 
المسجد » فإذا هو قائم يصلي عند الكعبة » فقمت قربا منه » فأبى الله إلا أن يسمعني بعض 
قوله » فسمعت كلاماً حسنا » فقلت في نفسي : واثكل أمي , والله إني رجل لبيب شاعر » 
ما يخفى علي الحسن من القبيح » فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول ؟ فإن كان حسنا 
قبلته » وان كان قبيحا تركته » فمكثت عق اتعرب ال و نابج حى إدالوخل ينه 
NEMA O‏ بالكرسف » ثم 
ماع بعض كلامه » وقلت له : اعرض علي أمرك » فعرض علي الإسلام › وتلا علي القران » فوالله 
ما معت قولاً قط أحسن منه » ولا أمرأ أعدل منه » فأسلمت وشبدت شهادة الحق » وقلت له : 
إني مطاع في قومي » وراج جع إليهم » وداعيهم إلى الاسلام » فاد ع الله أن يجعل لي اية » فدعا . 

وكانت آيته أنه ما دنا من قومه جعل الله نوراً في وجه مثل المصباح » فقال : اللهم في غير 
وجهي » أخشى ان يقولوا : هذه مثلة » فتحول النور إلى سوطه » فدعا أباه وزوجته إلى الاسلام 
فأسلماء وأبطا عليه قومه في الإسلام لکن لم يزل بهم حتی هاجر بعد الخندق7) ومعه سبعون أو 
انون بيتأ من قومه » وقد أبلى في الاسلام بلاء حسناً » وقتل شهيدا يوم اليامة . 

ه ‏ ضهاد الأزدي - كان من أزد شنوءة من الين » وكان يرق من هذا اليج » قدم مكة 
فسمع سفهاءها يقولون : إن محمد مجنون » فقال : لو أني أتيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على 
يدي » فلقيه » فقال : يا محمد » إني أرقي من هذا الرج » فهل لك ؟ فقال رسول الله عه : إن 
الحمد الله نحمده ونستعينه » من يېده الله فلا مضل له » ومن يضلله فلا هادي له » وأشبد أن 
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ء وأشہد أن محمدا عبده ورسوله » أما بعد . 

فقال : أعد علّ كلماتك هؤلاء ‏ فأعادهن عليه رسول الله عي ثلاث مرات » فقال : 
لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء » فما معت مثل كلماتك هؤلاء » ولقد 
بلغن قاموس البحر » هات يدك أبايعك على الإسلام » فبايعه" . 


. 588/١ بل وبعد الحديبية » فقد قدم المدينة ورسول الله عه یبر . انظر ابن هشام‎ )١( 

(۲) ابن هشام ۰۳۸۲/۱ ۳۸۳ ۰ ۳۲۸١ ۳۸٤‏ رحمة للعالمين 81١/١‏ » ۸۲ مختصر سيرة الرسول للتيخ 
عبد الله النجدي ص 4 ١‏ » تاريخ إسلام للنجيب ابادي ١١7/١‏ . 

2( رواه مسلم . > مشكاة المصابيح . باب علامة النبوة اه . 


± 


ست نسمات طيبة من أهل يثرب: 

وقي مومسم احج من سنة ١‏ من النبوة ‏ يوليو سنة هم وجدت الدعوة الاسلامية 
لفحات الظلم والطغيان طيلة أعوام . 

وكان من حكمته مَل إزاء ما كان يلقى من أهل مكة من التكذيب والصد عن سبيل 
المشركين!! . 

خرج كذلك ليلة ومعه أبو بكر وعلي » فمر على منازل ذهل وشيبان بن ثعلبة وكلمهم في 
الاسلام . وقد دارت بين أبي بكر وبين رجل من ذهل أسكلة وردود طريفة » وأجاب بنو شيبان 
بأرجى الأجوبة » غير أنهم توقفوا في قبول الإسلام'" . 

م مر رسول الله ع بعقبة منى » فسمع أصوات رجال يتكلمون » فعمدهم حتى 
لحقهم » وكانوا ستة نفر من شباب يثرب » كلهم من الخزرج » وهم : 


) أسعد بن زرارة ( من بني النجار‎ )١( 
) عوف بن الحارث بن رفاعة › ابن عفراء ( من بني النجار‎ )۲( 
) رافع بن مالك بن العجلان ( من بني زريق‎ )۳( 
) قطبة بن عامر بن حديدة ( من بني سلمة‎ )٤( 
) عقبة بن عامر بن نابي ( من بني حرام بن كعب‎ )©( 
) جابر بن عبد الله بن رئاب ( من بني عبيد بن عم‎ )5( 


وكان من سعادة أهل يثرب اہم كانوا برد مو حلفا مع :يبو الد أن نبا من 
الانبياء مبعوث في هذا الزمان » سيخرج فنتبعه » ونقتلكم معه قتل عاد وإرم' . 


. ۱۲۹/۱ تاريخ إسلام للنجيب ابادي‎ )١( 

(۲) انظر مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص ٠١١ ١٠١١ 61١6٠0‏ . 
(60) رحمة للعالمين ۸٤/١‏ . 

. ٥٤١ ١ 479/١ ء وابن هشام‎ ٥۰/۲ زاد المعاد‎ )٤( 


- ١7560 بل‎ 


فلما الحقهم رسول الله عو قال لهم : من أنتم » قالوا : نفر من الخزرج » قال : من موالي 
الييود ؟ أي حلفائهم » قالوا : نعم . قال : أفلا تحلسون أكلمكم ؟ قالوا : بى . فجلسوا معه » 
فشرح لهم حقيقة الاسلام ودعوته ؛ ودعاهم إلى الله عز وجل » وتلا عليهم القران . فقال بعضهم 
لبعض : تعلمون واللّه يا قوم » إنه للنبي الذي توعد به يهود » فلا تسبقنكم إليه » فأسرعوا إلى 
إجابة دعوته وأسلموا . 

وكانوا من عقلاء يغرب » أنبكتهم الحرب الأهلية التي مضت من قريب » والتي لا يزال هيبا 
مستعرا » فأملوا أن تكون دعوته سبباً لوضع الحرب » فقالوا : إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينم من 
العداوة والشر ما بينم » فعسى أن يجمعهم الله بك » فسنقدم عليهم » فندعوهم إلى أمرك › 
ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين , فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك : 

ولا رجع هؤلاء إلى المدينة حملوا إليها رسالة الإسلام » حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا 
وفيها ذكر رسول الله ع . 


استطراد تزويج رسول الله َا بعائشة: 
وفي شوال من هذه السنة ‏ سنة ١١‏ من النبوة ‏ تزوج رسول الله َيه عائشة الصديقة 
رضي الله عنها » وهي بنت ست سنين وبنى بها بالمدينة في شوال في السنة الأولى من الهجرة وهي 


س ت CI‏ 
مسا دسح سال . 


. ٤)۳۰, ٤۲۹ 2 1458/١ نفس المصدر‎ )١( 
„. 2/۱ صحيح البخاري‎ > ٠١ تلقيح فهوم أهل الأثر ص‎ - 
ا‎ 


الاسر اع والمعرا اج 


وبينا النبي عي في هذه المرحلة التي كانت دعوته تشق فيها طريقاً بين النجاح 
والمعراج . 

واختلف في تعيين زمنه على أقوال شتی : 

e hh 

ا ا وو ١‏ 05006 

4 - وقيل : قبل ال هجرة بستة عشر شهرأ » أي في رمضان سنة ١7‏ من النبوة . 

ه - وقيل : قبل الهجرة بسنة وشهرين » أي في الحرم سنة ١1‏ من النبوة . 

” - وقيل : قبل الهجرة بسنة » أي في ربيع الأول سنة ٠١‏ من النبوة . 

وردت الأقوال الثلاثة الأول بأن خديجة رضي الله عنها توفيت في رمضان سنة عشر من 
النبوة » وكانت وفاتها قبل أن تفرض الصلوات الخمس » ولا حلاف أن فرض الصلوات 
الخمس كانت ليلة الاسراء“ . أما الأقوال الثلاثة الباقية فلم أجد ما أرجح راخدا فليا + غير 
أن سياق سورة الاأسراء يدل على أن الاسراء متآخر ا 
)١(‏ انظر هذه الأقوال زاد المعاد ۲ » مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص۸٤۱‏ » ١49‏ » رحمة 

للعالمين 77/١‏ وتار إسلام للنجيب ابادي ١١4/١‏ . 


ا" 


وروى أمة الحديث تفاصيل هذه الوقعة . وفيا بلي نسردها بإيجاز : 

قال ابن القم : أسري برسول الله ته » بجسده على الصحيح » من المسجد الحرام إلى 
بيت المقدس » راكب على البراق » صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام » فنزل هناك » وصلى 
بالأنبياء إماماً » وربط البراق بحلقة باب المسجد . 

م عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا » فاستفتح له جبريل » ففتح له › 
فرأى هنالك ادم أبا البشر » فسلم عليه » فرحب به » ورد عليه السلام » وأقر بنبوته » وأراه الله 
أرواح الشهداء عن هينه » وأرواح الأشقياء عن يساره . 

تم عرج به إلى السماء الثانية » فاستفتح له » فرأى فيها يحى بن زكريا وعيسى بن مريم » 
فلقيهما وسلم عليهما » فردا عليه » ورحبا به » وأقرا بنبوته . 

ثم عرج به إلى السماء الثالثة » فرأى فيها يوسف » فسلم عليه » فرد عليه ورحب به » وأقر 
بنبوته . 

تم عرج به إلى السماء الرابعة » فرأى فيها إدريس » فسلم عليه » ورحب به وأقر بنبوته . 

ثم عرج به إلى السماء الخامسة » فرأى فيها هارون بن عمران » فسلم عليه » ورحب به » وأقر 
بنبوته . 

تم عرج به إلى السماء السادسة فلقي فيها موسى بن عمران » فسلم عليه ورحب به » وأ 
بنبوته . 

فلما جاوزه بكى موسی » فقيل له : ما ييكيك ؟ فقال أبكي لأن غلا مث من بدي 
يدخل الحنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي . 

م عرج به إلى السماء السابعة » فلقي فيها إبراهيم عليه السلام » فسلم عليه » ورحب به › 
وأقر بنبوته . 

تم رفع إلى سدرة المنتهى » ثم رفع له البيت المعمور . 

ثم عرج به إلى الحبار جل جلاله » فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى » فأوحى إلى 
عبده ما أوحى » وفرض عليه خمسين صلاة » فرجع حتى مر على موسی » فقال له : بم أمرك ؟ 


- ۱۳A - 


قال بحمسين صلاة : قال : إن أمتك لا تطيق ذلك » ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك » 
فالتفت إلى جبريل » كأنه يستشيره في ذلك » فأشار : أن نعم » إن شكت » فعلا به جبريل حتى 
أتى به الجبار تبارك وتعالى » وهو في مكانه ‏ هذا لفظ البخاري في بعض الطرق - فوضع عنه 
عشرأء ثم أنزل حتى مر بموسى » فأخبره » فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف » فلم يزل 
يتردد بين موسى وبين الله عز وجل » حتى جعلها خمساء فأمره موسى بالرجوع وسؤال 
التخفيف » فقال : قد استحيبت من ربي » ولكني أرضى وأسلم » فلما بعد نادى مناد : قد 
امضيت فريضتي وخففت عن عبادي - انتهى(2 . 

م ذكر ابن القيم خلافاً في رؤيته َه ربه تبارك وتعالى » ثم ذكر كلاماً لابن تيمية بهذا 
الصدد ‏ وحاصل البحث أن الرؤية بالعين لم تثبت أصلا وهو قول لم يقله أحد من الصحابة . 
وما نقل عن ابن عباس من رؤيته مطلقا ورؤيته بالفؤاد فالأول لا ينافي الثاني . 

ثم قال : وأما قوله تعالى في سورة النجم فإ مدنا دل © (07 : ۸) فهو غير الدنو الذي 
في قصة الإسراء » فإن الذي في سورة النجم هو دنو جبريل » وتدليه » کا قالت عائشة وابن 
مسعود » والسياق يدل عليه » وأما الدنو والتدلي في حديث الإسراء فذلك صرج في أنه دنو الرب 
تبارك وتعالى وتدليه » ولا تعرض في سورة النجم لذلك > بل فيه أنه راه نزلة أخرى عند سدرة 
لمنتبى . وهذا هو جبريل » راه محمد مَل على صورته مرتين : مرة في الأرض » ومرة عند سدرة 
المنتبى » واللّه أعلم!" انتهى . 

وقد وقع حادث شق صدره ا هذه المرة اا > وقد رأى ضمن هذه الرحلة اورا 
عديدة : 

عرض عليه اللبن والخمر » فاختار اللبن » فقيل : هديت الفطرة أو أصبت الفطرة » أما 
إنك لو أحذت الخمر غوت أمتك . 

ورأى أربعة أمبار في الجنة : نهران ظاهران » ونهران باطنان » والظاهران هما : النيل والفرات › 


. ٤۸ ٤۷/۲ زاد المعاد‎ )١( 
› 04۸ › 14416 £۷1 › £۷۰ › 485٠ 488 › 50/١ »ء وانظر صحيح البخاري‎ ۸ > ٤۷/۲ زاد المعاد‎ )۲( 
4140 ALATA} وصحيح مسلم‎ ٠» 5 .مه‎ 64 


١58 


ومعنى ذلك أن رسالته ستتوطن الأودية الخصبة في النيل والفرات » وسيكون أهلها حملة الإسلام 
جيلاً بعد جيل » وليس معناه أن مياه النهرين تنبع من الجنة . 
ورأى مالك خازن النار » وهو لا يضحك » وليس على وجهه بشر وبشاشة » وكذلك رأى 
الجنة والنار . ظ 

ورأى أكلة أموال اليتامى ظلما هم مشافر كمشافر الابل » يقذفون في أفواههم قطعاً من نار 
كالأفهار » فتخرج من أدبارهم . 

ورأى أكلة الربا هم بطون كبيرة » لا يقدرون لأجلها أن يتحولوا عن مكانهم » وير بهم ال 
فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم . 

ورأى الزناة بين أيديهم لحم مين طيب إلى جنبه الحم غث منتن » يأكلون من الغث المنتن › 
ويتركون الطيب السمين . 

ورأى النساء اللاتي يدخلن على الرجال من ليس من أولادهم » راهن معلقات بشديہن . 

ورأى عيراً من أهل مكة في الإياب والذهاب » وقد دهم على بعير ند هم » وشرب ماءهم 
من إناء مغطى وهم ناتمون , ثم ترك الاناء مغطى » وقد صار ذلك دليلاً على صدق دعواه في 
صباح ليلة الاسراء' . 

قال ابن القيم : فلما أصبح رسول الله َيِه في قومه أخبرهم بما أراه الله عز وجل من آياته 
الكبرى » فاشتد تكذيبهم له وأذاهم وضراوثُهم عليه » وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس › 
فجلاه الله له » حتى عاينه » فطفق يخبرهم عن اياته » ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئا » 
وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه » وأخبرهم عن وقت قدومها > وأخبرهم عن البعير الذي 
يقدمها وكان الأمر م قال » فلم يزدهم ذلك إلا نفورأ » وألى الظالمون إلا كفورا" . 

يقال سمي أبو بكر رضي الله عنه صديقاً ؛ لتصديقه هذه الواقعة حين كذبما الناس29 . 
)١(‏ المصادر السابقة وابن هشام 2591/١‏ 401 »4.۳ 140861404 4056. 
(۲) زاد المعاد 48/١‏ » وانظر أيضا صحيح البخاري 584/7 . وصحيح مسلم 45/١‏ » وابن هشام 4037/١‏ » 

۳ . 
(۳) نفس المصدر الأخير 589/١‏ . 

1١40 


وأوجز وأعظم ما ورد ن ا هف الرحلة هو فرك تمان و ردم من نيا 2۷7 
ا همك اه فى الايا لو دا رى پا تھی مک ت لسوت رارض 
وَليَكْونَ مِنَلْمُوقِينَ4 (5 : )7١‏ وقال لمومى : ا ریک مِنْءَليَ لكر 4 ( ۲۰ : ۲۳ ) 
وقد بين مقصود هذه الارادة بقوله : «إوَلِيَكْونَ مِنَالْمُوقِفِينَ4 فبعد استناد علوم الأنبياء إلى رؤية 
الآيات يحصل لهم من عين اليقين ما لا يقادر قدره » وليس الخبر كالمعاينة » فيتحملون في سبيل 
لله ما لا يتحمل غيرهم » وتصير جميع قوات الدنيا عندهم كجناح بعوضة لا يعباون بها إذا 
ما تدول عليهم با محن والعذاب . 

والحكم والأسرار التي تكمن وراء جزئيات هذه الرحلة إنما حل بحنها كتب أسرار الشريعة » 
ولكن هنا حقائق بسيطة تتفجر من ينابيع هذه 1 المباركة وتتدفق إلى حدائق أزهار السيرة 
النبوية - على صاحبها الصلاة والسلام والتحية - أرى أن أسجل بعضأً منها بالإيجاز : 

يرى القارىء في سورة الاسراء أن الله ذكر قصة الإسراء في اية واحدة فقط » ثم أخذ في 
ذ کر فضائح اليهود وجراعهم ٤‏ نهم ينهدا القران هدي للي هي أقوم »> فر ما يظن القارىء 
أن الآيتين ليس بينهما ارتباط » والأمر ليس كذلك » فإن الله تال يشتير عدا الأستلوب 8 أن 
الاسراء إتما وقع إلى بيت المقدس ؛ لأن اليبود سيعزلون عن منصب قيادة الأمة الانسانية ؛ لا 
ارتكبوا من الجحراكم التي لم يبق معها جال لبقائهم على هذا المنصب » وأن الله سينقل هذا المنصب 
فعلاً إلى رسوله َيه » ويجمع له مركزي الدعوة الإبراهيمية كليهما » فقد إن أوان انتقال القيادة 
الروحية من أمة إلى أمة » من أمة ملأت تاريخها بالغدر والخيانة والإثم والعدوان . إلى أمة تتدفق 
بالبر والخيرات » ولا يزال رسوها يتمتع بوحي القران الذي هدي للتي هي أقوم . 

ولكن كيف تنتقل هذه القيادة » والرسول يطوف في جبال مكة مطرودا بين الناس » هذا 
السؤال يكشف الغطاء عن حقيقة أخرى » وهي أن دوراً من هذه الدعوة الاسلامية قد أوشك 
إلى النهاية والقام » وسيبدأً دور آخر يختلف عن الأول في مجراه » ولذلك نرى بعض الآيات 
تشتمل على إنذار سافر ووعيد شديد بالنسبة إلى المشركين ودا ار ]أن يك فيه مرا مرفي 
موا ی ايها ْول مره ادرا 4 ( :15 ) وکم أهلكنًا مب رون 
من بعد نه و 5 ريك ِذُوْبٍ عاو حيرا بصا 4 ( ۱۷ : ١١7‏ ) وبجنب هذه الايات 
آيات أخرى تبين لامسلمين قواعد الحضارة وبنودها ومبادئما التي يبتنى عليها مجتمعهم 


- ۱٤١ - 


لإسلامي > كأمهم قد أووا إلى الأرض > تملكوا فيها أمورهم من جميع النواحي » وكونوا وحدة 
مياسكة تدور علا رحى الجدمع ‏ قفي إشارة إل أن لرسول مه سيجد ملجا وما تقر في 
أمره » ويصير مركزا لبث دعوته في أرجاء الدنيا.. هذا سر من أسرار هذه الرحلة المباركة » يتصل 
ببحثنا » فاثرنا ذكره . 

ولأجل هذه الحكمة وأمثالها نرى أن الإسراء إنما وقع إما قبيل بيعة العقبة الأول أو بين 
العقبتين » والله أعلم , 


EE 


بيعة العقبة الأولى 


قد ذكرنا أن ستة نفر من أهل يثرب أسلموا في مومم الحج سنة ١١‏ من النبوة » وواعدوا 
رسول لله عله إبلاغ رسالته في قومهم . 

وكان من جراء ذلك أن جاء في الموسم التالي - موسم الحج سنة ١7‏ من النبوة يوليو سنة 
١0م‏ - اثنا عشر رجلاً » فيهم خمسة من الستة الذين كانوا قد اتصلوا برسول الله عي في العام 
السابق - والسادس الذي لم يحضر هو جابر بن عبد الله بن رئاب - وسبعة سواهم . وهم : 


)١(‏ معاذ بن الحارث » ابن عفراء من بي النجار ( من المحزرج) 
(۲) ذكوان بن عبد القيس من بني زريق ( من المحزرج ) 
(۳) عبادة بن الصامت من بي غنم ( من المحزرج) 
)٤(‏ يزيد بن ثعلبة من حلفاء بي عنم ( من المحسزرج ) 
(5) العباس بن عبادة بن نضلة من بني سام (من الحزرج) 
(1) أبو ایم بن التيهان من بني عبد الأشبل ( من الأوس ) 
)¥( رن ا من بني عمرو بن عوف ( من الأوس ) 


الأخيران من الأوس » والبقية كلهم من الخزر ج . 

اتصل هؤلاء برسول الله عه عند العقبة بمنى » فبايعوه بيعة النساء » أي وفق بيعتهن التي 

روى البخاري عن عبادة بن الصامت أن رسول الله ع قال : تعالوا » بايعوني على أن 
لا تشركوا بالله شيئاً » ولا تسرقوا » ولا تزنواء ولا تقتلوا أولادم » ولا تأتوا بيبتان تفترونه بين 
() رحمة للعالمين ۸/۱ وابن هشام 451/١‏ :47 ع ٤۳۲‏ . 


ل ۳ - 


أيديكم وأرجلكم » ولا تعصوني في معروف » فمن وفى منكم فأجره على الله » ومن ع أصاب من 
ذلك شيا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة » ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله » فأمره إلى 
الله ؛ إن شاء عاقبه » وإن شاء عفا عنه . قال : فبايعته - وفي نسخة فبايعناه - على ذلك . 


ا لي 
ليعلم المسلمين فيها شرائع الاسلام »ويفقههم في الدين › وليقوم بنشر الاسلام بين الذين لم يزالوا ) 
على الشرك » واختار هذه السفارة شاباً من شباب الاسلام من السابقين الأولين » وهو 
مصعب بن عمير العبدري رضي الله عنه . 


النجاح المغتبط:. 


نزل مصعب بن عمير على أسعد بن زرارة » وأخذا يبشان الاسلام في أهل يثرب بجد 
وحماس » وكان مصعب يعرف بالمقرىء . ) 

ومن أروع ما يروى من نجاحه في الدعوة أن أسعد بن زرارة حرج به یوما يريد دار بني عبد 
لأشبل ودار بني ظفر » فدلا في حائط من حوائط بني ظفر » وجلسا على | كر يقال لاخر 
مرق » واجتمع إليبما رجال من المسلمين - وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدا قومهما من 
ني عبد الأشبل يومكذ على الشرك - فلما سمعا بذلك قال سعد لأسيد : اذهب إلى هذين اللذين 
قد أتيا ليسفها ضعفاءنا فازجرضما ء ونجهما عن أن بها دارينا » فإن سعد بن زرارة ابن خاي . 
ولولا ذلك لكفيتك هذا . 

تاحك اديه خيرفه وأقبل: ليباه فا ره اغد كال لعب > هذا صا تومه قد جا 
فاصدق الله فيه » قال مصعب : إن يجلس أكلمه . وجاء أسيد فوقف عليهما متشةاً » وقال : 
ما جاء بكما إلينا ؟ تسفهان ضعفاءنا ؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة » فقال له 
مصعب : أو تجلس فتسمع » فإن رضيت أمرأً قبلته » وإن كرهته كف عنك ما تکره » فقال : 





)11( صحيح البخاري » باب علامة الإيمان حب الأنصار /١‏ » باب وفود الأنصار ١/ذههء ١‏ واللفظ من 
هذا الباب » وباب قوله تعالى : # إذا جاءك المؤمنات # ۷۲۷/۲ , باب الحدود كفارة ٠١١/7‏ 


- 1 - 


أنصفت » ثم ركز حربته وجلس » فكلمه مصعب بالاسلام » وتلا عليه القران . قال : فوالله 
لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم , في إشراقه وتهلله » ثم قال : ما أحسن هذا وأجمله ؟ 
كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين ؟ 

فالا له : تغتسل » وتطهر ثوبك » ثم تشهد شهادة الحق » ثم تصلي ركعتين . فقام واغتسل » 
وطهر ثوبه » وتشهد وصلى ركعتين » ثم قال : إن وراني رجلا إن تبعكما لم يتخلف عنه أحد من 
قومه » وسأرشده إليكما الآن - سعد بن معاذ ‏ ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد في قومه › 
وهم جلوس في ناديهم » فقال سعد : أحلف بالله لقد جاءك بغير الوجه الذي ذهب به من 
عند م . 

فلما وقف أسيد على النادي قال له سعد : ما فعلت ؟ فقال : كلمت الرجلين فوالله 
مارات اباسا وقد خا فقالا > تفعل ها اخ : 

وقد حدثت أن بني حارثة خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه - وذلك أمهم قد عرفوا أنه ابن 
خالتك - ليخفروك » فقام سعد مغضبا للذي ذكر له » فاخذ حربته » وخرج إليهما » فلما راهما 
مطمئنين عرف أن أسيدا إنما أراد منه أن يسمع منهما » فوقف عليهما متشي » ثم قال لأسعد بن 
زرارة : والله يا أبا أمامة لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني » تغشانا في دارنا بجا 
نكره ؟ 

وقد كان أسعد قال لمصعب : جاءك والله سيد من ورائه قومه » إن يتبعك لم يتخلف عنك 
منم أحد» فقال مصعب لسعد بن معاذ : أو تقعد فتسمع ؟ فإن رضيت أمرأ قبلته » إن 
كرهته عزلنا عنك ما تكره » قال : قد أنصفت » ثم ركز حربته فجلس » فعرض عليه الاسلام › 
وقرأ عليه القران » قال : فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم » في إشراقه وتهلله » ثم قال : 
كيف تصنعون إذا أسلمتم ؟ فالا : تغتسل » وتطهر ثوبك » ثم تشہد شهادة الحق » ثم تصلي 
ركعتين . ففعل ذلك . 


ثم أخذ حربته » فاقبل إلى نادي قومه ‏ فلما رأوه قالوا : نحلف بالله لقد رجع بغير الوجه 
الذي ذهب به . 


فلما وقف عليهم قال : يا بني عبد الأشهل » كيف تعلمون أمري فيكم ؟ قالوا : سيدنا 
ج20 ا 


وأفضلنا رأياً » وأمننا نقيية » قال : فإن كلام رجالكم ونسائكم عل حرام حتى تؤمنوا بال 
ر . فما أمبى فيهم رجل ولا امرأة إلا مسلماً ومسلمة إلا رجل واحد - وهو الأصيرم - 
تأخر إسلامه إلى يوم أحد » فأسلم ذلك اليوم وقاتل وقتل » ولم يسجد لله سجدة » فقال 
النبي عله : « عمل قليلاً وأجر كثيراً » . 

. وأقام مصعب في بيت أسعد بن زرارة يدعو الناس إلى الإسلام » حتى لم تبق دار من دور 
الأنصا ر إلا وفيها رجال ونساء مسلمون » إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد وخطمة ووائل » 
ونيب كا امار ووو بعري EP‏ 
الخندق سنة خمس من الهجرة . 

وقبل حلول مومم الحج التاللي ‏ أي حج السنة الثالثة عشرة- عاد مصعب بن عمير عمير إلى 
مكة » يحمل إلى رسول الله عله بشائر الفوز » ويقص عليه خبر قبائل يغرب » وما فيها من 
مواهب الخير » وما لها من قوة ومنعة(" . 


. ٥١/۲ وزاد المعاد‎ > ofYg CETACETY ETT ابن هشام ليق‎ )١( 


- ۱٤ - 


بيعة العقبة الثانية 


في موسم الحج في السنة الثالثة عشرة من النبوة - يونيو سنة 77م - حضر لأداء مناسك 
الحج بضع وسبعون نفسا من المسلمين من أهل يثرب » جاءوا ضمن حجاج قومهم من 
المشركين » وقد تساءل هؤلاء المسلمون فيا بينهم - وهم لم يزالوا في يغرب أو كانوا في الطريق - 
حتى متى نترك رسول الله عه يطوف ويطرد في جبال مكة ويخاف ؟ 

فلما قدموا مكة جرت بينهم وبين النبي عَتكُه اتصالات سرية » أدت إلى اتفاق الفريقين على 
أن يتجمعوا في أوسط أيام التشريق في الشعب الذي عند العقبة حيث الجمرة الأولى من منى › 
وأن يتم هذا الاجتّاع في سرية تامة في ظلام الليل . 

ولنترك أحد قادة الأنصار يصف لنا هذا الاجتاع التاريخي » الذي حول مجرى الأيام في 
صراع الوثنية والإسلام » يقول كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه : 


خرجنا إلى الحج » وواعدنا رسول الله عه بالعقبة من أوسط أيام التشريق » وكانت 
الليلة التي واعدنا رسول الله عله ها » ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام » سيد من ساداتنا 
وشريف من أشرافنا » أخذناه معنا وكنا نكمم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا ‏ فكلمناه » 
وقلنا له : يا أبا جابر » إنك سيد من ساداتنا » وشريف من أشرافنا » وإنا نرغب بك عما أنت فيه 
أن تكون حطبا للنار غداً » ثم دعوناه إلى الاسلام وأخبرناه بميعاد رسول الله له إيانا العقبة › 
قال : فأسلم وشهد معنا العقبة » وكان نقيباً » . 

» قال كعب : « فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا »> حتى إذا مضى ثلث الليل حرجنا 
من رحالنا ميعاد رسول الله عله » نتسلل تسلل القطا مستخفين » حتى اجتمعنا في الشعب عند 


١86:1 


العقبة » ونحن ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان من نسائنا ؛ نسيبة بنت كعب - أم عمارة - من بني 
مازن بن النجار » وأسماء بنت عمرو - أم منيع ‏ من بني سلمة » . 

٠‏ فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله يه حتى جاءنا » ومعه ( عمه ) العباس بن 
عبد المطلب - وهو يومئذ على دين قومه ‏ إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه » وتوثق له » 


وكان أول متكلم9" .. 


بداية المحادثة وتشريح العباس خطورة المسئولية: 

ET‏ کا امجلس بدأت الحادثات لابرام التحالف الديني والعسكري » وكان أول 
ا ARAP‏ تكلم ليشرج هم - يكل 

« يا معشر الخزرج - - وكان العرب يسمون الأنصار خزرجاً » خزرجها وأوسها كليهما - إن 
محمد منا حيث قد علمتم » وقد منعناه من قومنا من هو على مثل رأينا فيه » فهو في عز من 
قومه » ومنعة في بلده » وإنه قد انى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم » فإن كنتم ترون أنكم وافون ‏ 
له بما دعوتوه إليه » ومانعوه ممن خالفه » فأنتم وما تحملتم من ذلك » وإن كنتم ترون أنكم 
مسلموه ه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الأن فدعوه ¢ فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده ©. 
قال كعب : فقلنا له : قد سمعنا ما قلت » فتكلم يا رسول الله » فخذ لنفسك ولربك 


ما ا 5 


وهذا الجواب يدل على ما كانوا عليه من عزم وتصمم وشجاعة وإيمان وإخلاص في تحمل 
هذه المسؤولية العظيمة » وتحمل عواقبها الخطيرة . 
وألقى رسول الله لَه بعد ذلك بيانه » ثم تمت البيعة . 


. ٤٤١ ۰ 4540/١ ابن هشام‎ )1١( 
. ٤٤١) ٤٤١/١ نفس المصدر‎ )۲( 


-١8- 


ینود البيعة: 


وقد روى ذلك الامام أحمد عن جابر مفصلا . قال جابر : قلنا : يا رسول الله على 
ما نبايعك ؟ قال : 


. على السمع والطاعة في النشاط والكسل‎ )١( 

(۲) وعلى النفقة في العسر واليسر . 

(۳) وعلى الأمر بالمعروف والنبي عن المنكر . 

. وعلى أن تقوموا في الله , لا تأحذ > في الله لومة لاثم‎ )٤( 

(5) وعلى أن تنصروني إذا قدمت إليكم » وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم 
وأبناء م » ولكم الجنة"" . 

وني رواية كعب - التي رواها ابن إسحاق - البند الأخير فقط من .هذه البنود » ففيه « قال 
كعب . كلم رسول الله بء فلا القرآن » ودعا إلى الله ورغب في الأسلام » ثم قال : 
أبايعكم على أن تنعوني مما تمنعون منه نساءك وأبناءم . فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال : 
نعم » والذي بعثلك بالحق ( نبياً ) لفنعنك مما نع انا منه » فبايعنا يا رسول الله » فنحن والله 
أبناء الحرب وأهل الحلقة » ورثناها كابرا ( عن كابر ) . 

قال : فاعترض القول ‏ والبراء يكلم رسول الله عه - أبو اليثم بن التيبان » فقال : 
يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال حبالاً » وإنا قاطعوها - يعني اليهود - فهل عسيت إن نحن 
فعلنا ذلك » ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟ 

قال : فتبسم رسول الله عله » ثم قال : بل الدم الدم » والهدم الهدم » أنا منكم وأنتم مني » 
أحارب من حاربتم » وأسالم من سال . 


)03( رواه الامام أحمد باسناد حسن » وصححه الجا وابن حبان » انظر ختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله 
النجدي صه 5 ١‏ » وروی ابن إسحاق ما يشبه هذا عن عبادة بن الصامت › وفيه بند زائد » وهو وأن 
لا ننازع الآمر أهله ٠‏ انظر ابن هشام 4514/١‏ . 

(۲) العرب تكني عن المرأة بالإزار وتكني أيضاً بالازار عن النفس . 

(۳) ابن هشام ٤٤۲/۱‏ . 


ا 


التأكيد من خطورة البيعة: 

وبعد أن تمت امحادئة حول شروط البيعة » وأجمعوا على الشروع في عقدها قام رجلان من 
الرعيل الأول ممن أسلموا في مواسم سنتي ٠١ » ١١‏ من النبوة » قام أندهما تلو الآخر » ليو كدا 
للقوم خطورة المسؤولية » حتى لا يبايعوه إلا على جلية من الامر » وليعرفا مدى استعداد القوم 
للتضحية ويتاكدا من ذلك . 

قال ابن إسحاق : لما اجتمعوا للبيعة قال العباس بن عبادة بن نضلة : هل تدرون علام 
تبايعون هذا الرجل ؟ قالوا : نعم » قال : إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس › 
فإن كنتم ترون أنكم إذا مبكت أموالكم مصيبة » وأشرافكم قتلا أسلمتموه » فمن الآن » فهو 
والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة » وإن كنت ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نهكة 
الأموال وقتل الأشراف فخذوه › فهو والله خير الدنيا والآخرة . 

قالوا : فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف » فمالنا بذلك يا رسول الله إن نحن 
وفينا بذلك ؟ قال : الحنة . قالوا ابسط يدك › فبسط يده فبايعوه(“ . ) 

وفي رواية جابر ( قال ) : فقمنا نبايعه » فأخذ بيده أسعد بن زرارة - وهو أصغر 
السبعين - فقال رويد يا أهل يغرب » إنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه 
رسول الله » وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة » وقتل خيارم » وأن تعضكم السيوف » فإما 
أنتم تصبرون على ذلك فخذوه » وأجرك على الله » وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه › 
فهو أعذرلكم عند الله . 


عقد البيعة: ظ 

وبعد إقرار بنود البيعة » وبعد هذا التأكيد والتأكد بدأ عقد البيعة بالمصافحة » قال جابر 
- بعد أن حكى قول أسعد بن زرارة ‏ : فقالوا يا أسعد » أمط عنا يدك » فوالله لا نذر هذه 
البيعة » ولا نستقيلها" . 
)١(‏ نفس المصدر 445/١‏ . 
(؟) رواه الامام أحمد من حديث جابر . 
(5) نفس للصدر . 


¬ ۱0٩ د‎ 


وحينئذ عرف أسعد مدى استعداد القوم للتضحية في هذا السبيل » وتأكد منه - وكان هو 
فكان هو السابق إلى هذه البيعة . قال ابن إسحاق : فبنو النجار يزعمون أن أبا أمامة أسعد بن 
زرارة كان أول من ضرب على يده . 

وبعد ذلك بدأت البيعة العامة » قال جابر : فقمنا إليه رجلا رجلاً فأخذ علينا البيعة » 
يعطينا بذلك الجحنة9) , 

وأما بيعة المرأتين اللتين شهدتا الوقعة فكانت قولاً . ما صافح رسول الله عله امرأة أجنبية 
قط" . 


وبعد أن تمت البيعة طلب رسول الله عي انتخاب اثني عشر زعا يكونون نقباء على 
قومهم e‏ : أخرجوا إل منكم اثني 
عشر نقيباً ؛ ليكونوا على قومكم بما فیہم 


فتم انتخابهم في الحال » وكانوا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس . وهاك أسماؤهم : 


نقباء الخزرج: 
)١(‏ أسعد بن زرارة بن.عدس . 
EE EO‏ 
(*) عبد الله بن رواحة بن علبة . 
غ0( رافع بن مالك بن العجلان . 





معرور ( ابن هشام 447/١‏ ) قلت : لعلهم حسبوا ما دار بينهما وبين الرسول عه بيعة » وإلا فأحرى الناس 
بالتقديم إذ ذاك هو أسعد بن زرارة . والله أعلم : 

(۲) مسند الإمام أحمد . 

(۳) انظر صحيح مسلم باب كيفية بيعة النساء ٠١١/۲‏ . 


- 01 


(5) البراء بن معرور بن صخر . 
(5) عبد الله بن عمرو بن حرام . 
(۷) عبادة بن الصامت بن قيس . 
(۸) سعد بن عبادة بن دلم . 
(9) المنذر بن عمرو بن خنيس . 


نقباء الأوس: 

. أسيد بن حضير بن ماك‎ )١( 

(۲) سعد بن خيثمة بن الحارث . 

(۳) رفاعة بن عبد المنذر بن زبير( . 

ولا تم اتتخاب هؤّلاء النقباء أخذ عليهم النبي ع2 ميثاقاً آخر بصفتهم رؤساء مسؤولين . 

قال لهم : « أنتم على قومكم بما فيم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم » وأنا كفيل 
على قومي - يعني المسلمين - » قالوا : نعم 
شيطان يكتشف المعاهدة: 
2 ولماتم إبرام المعحاهدة » وكان القوم على وشك الانفضاض › اكتشفها أحد الشياطين › 
وحيث جاء هذا الاكتشاف في اللحظة الأخيرة » ولم يكن يمكن إبلاغ زعماء قريش هذا الخبر 
سرا ليباغتوا ا جتمعين وهم في الشعب ؛ قام ذلك الشيطان على مرتفع من الأرض » وصاح بأنفذ 
صوت “مع قط : 9 يا أهل الأخاشب - المنازل - هل لكم في محمد والصباة معه ؟ قد اجتمعوا 
را ظ 

فقال رسول الله عه « هذا أزب العقبة » أما والله يا عدو الله لأتفرغن لك » . ثم أمرهم أن 
ينفضوا إلى رحالهم”" . ) ) 


() زير بالباء الموحدة » وقيل بدل رفاعة » أبو اليم ين التيهان » ابن هشام ٤٤٤ ٠ 447/١‏ 4456 . 
(۲) زاد المعاد 01/7 . 
- 0۲ا - 


استعداد الأنصار لضرب قريش: 
وعند ماع صوت هذا الشيطان قال العباس بن عبادة بن نضلة : 5 والذي بعثك باحق » 
إن شئت نفيلن على أهل منى غدا بأسيافنا » . فقال رسول الله له : لم نؤمر بذلك » ولكن 


ارجعوا إلى رحالكم » فرجعوا وناموا حتى أصبحوا" . 


قريش تقدم الاحتجاج إلى رؤساء يثرب: 

وما قرع هذا الخبر اذان قريش وقعت فيم ضجة أثارت القلاقل والأحزان » لأمهم كانوا على 
معرفة تامة من عواقب مثل هذه البيعة ونتائجها بالنسبة إلى أنفسهم وأمواهم » فما إن أصبحوا 
حتى توجه وفد كبير من زعماء مكة وأكابر مجرميها إلى ميم أهل يغرب » ليقدم احتجاجه الشديد 
على هذه المعاهدة . فقد قال : 

ويا معشر الخزرج » إنه قد بلغنا أنكم قد - «ااح ا 
ا و ی ا ی ا نسب تنشب ارب 
بیننا وبينهم منكم )7 . 

ولا كان مشركو الخزرج لا يعرفون شيعا عن هذه البيعة ؛ لأنها تمت في سرية تامة » وفي 
ظلام الليل » انبعث هؤلاء المشركون يحلفون بالله : ما كان من شيء ۰ وما علمناه » حتى أتوا 
عبد الله بن ألي بن سلول » فجعل يقول : هذا باطل » وما كان هذا » وما كان قومي ليفتاتوا عل 
مثل هذا » لو كنت بيغرب ما صنع قومي هذا حتى يؤامروني . 

أما المسلمون فنظر بعضهم إلى بعض » ثم لاذوا بالصمت » فلم يتحدث أحد منم بنفي أو 
إثبات . 


.ومال زعماء فريش إلى تصديق المشركين ؛ فرجعوا خائبين . 


. ٤٤۸/۱ ابن هشام‎ )١( 
. 448/١ نفس المصدر‎ )۲( 


١6د‎ 


تأكد الخبر لدى قريش ومطاردة المبايعين: 
عاد زعماء مكة وهم على شبه اليقين من كذب هذا الخبر » لكنهم لم يزالوا يتنطسونه 

- يكثرون البحث عنه ويدققون النظر فيه حتى تأكد لديهم أن الخبر صحيح » والبيعة قد تمت 
فعلاً . وذلك بعد ما نفر الحجيج إلى أوطائهم » فسارع فرسانهم بمطاردة اليثربيين » ولكن بعد 
فوات الأوان » إلا أنهم تمكنوا من رؤية سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو » فطاردوهما ء فأما المنذر 
فأعجز القوم » وأما سعد فالقوا القبض عليه » فربطوا يديه إلى عنقه بنسع رحله » وجعلوا يضربونه 
ويجرونه ويجرون شعره حتى أدخلوه مكة » فجاء المطعم بن عدي والحارث بن حرب بن أمية 
فخلصاه من أيديهم . إذ كان سعد يجير مما قوافلهما المارة بالمدينة » وتشاورت الاأنصار حين 
فقدوه أن يكروا إليه » فإذا هو قد طلع عليهم » فوصل القوم جميعاً إلى المدينة”© . 

هذه هي بيعة العقبة الثانية - التي تعرف ببيعة العقبة الكبرى - وقد تمت في جو تعلوه 
عواطف الحب والولاء والتناصر بين أشتات المؤمنين » والثقة والشجاعة والاستبسال في هذا 
السبيل » فمؤمن من أهل يارب يحنو على أخيه المستضعف في مكة » ويتعصب له » ويغضب 
من ظالمه » وتجيش في حناياه مشاعر الود لهذا الأخ الذي أحبه بالغيب في ذات الله . 

ولم تكن هذه المشاعر والعواطف نتيجة نزعة عابرة تزول على مر الأيام » بل كان مصدرها 
هو الإبمان بالله وبرسوله وبكتابه » إيمان لا يزول أمام أي قوة من قوات الظلم والعدوان » إيمان إذا 
هبت ريحه جاءت بالعجائب في العقيدة والعمل › وبهذا الايمان استطاع المسلمون أن يسجلوا 
على أوراق الدهر أعمالاً » ويتركوا عليها اثارأ » خلا عن نظائرها الغابر والحاضر » وسوف يخلو 
المستقبل . 


)0 زاد المعاد ۱/۲ e<‏ ؛ ابن هشام c0 tEA/\‏ £0۰ . 


١685 


طلائع الهجرة 


وبعد أن تمت بيعة العقبة الثانية » ونجح الإسلام في تأسيس وطن له وسط صحراء توج 
بالكفر والجهالة - وهو أخطر كسب حصل عليه الإسلام منذ بداية دعوته - أذن 
رسول الله عي للمسلمين بالهجرة إلى هذا الوطن . 

ولم يكن معنى الهجرة إلا إهدار المصالح » والتضحية بالأموال » والنجاة بالشخص 
فحسب » مع الإشعار بأنه مستباح منبوب » قد يبلك في أوائل الطريق أو نهايتها » وبأنه يسير 
نحو مستقبل مبهم » لا يدري ما يتمخض عنه من قلاقل وأحزان . 

وبدأ الممسلمون يباجرون » وهم يعرفون كل ذلك » وأخذ المشركون يحولون بينهم وبين 
خروجهم » لما كانوا يحسون من الخطر » وهاك تماذج من ذلك : 

)١(‏ كان من أول المهاجرين أبو سلمة - هاجر قبل العقبة الكبرى بسنة على ما قاله ابن 
إسحاق - وزوجته وابنه » فلما أجمع على الخروج قال له أصباره : هذه نفسك غلبتنا عليا, 
أرأيت صاحبتنا هذه ؟ علام نتركك تسیر بها في البلاد ؟ فأخذوا منه زوجته » وغضب آل أي 
سلمة لرجلهم » فقالوا : لا نترك ابننأ معها إذ نزعتموها من صاحبنا » وتحاذبوا الغلام بينهم 
فخلعوا يده » وذهبوا به . وانطلق أبو سلمة وحده إلى المدينة » وكانت أم سلمة بعد ذهاب 
زوجها » وضياع ابنها تخرج كل غداة بالأبطح تبكي حتى عسي » ومضى على ذلك نحو سنة » 
فرق لها أحد ذوتها وقال : ألا تحرجون هذه المسكينة ؟ فرقتم بينها وبين زوجها وولدها فقالوا لا : 
الحقي بزوجك إن شكت » فاسترجعت ابنها من عصبته » وخرجت تريد المدينة ‏ رحلة تبلغ 
خمسماثة كيلو مترا - ولیس معها أحد من خلق الله »> حتى إذا كانت بالتنعيم ليها عثان بن 
طلحة بن أي طلحة » وبعد أن عرف جاها شيعها حتى أقدمها إلى المدينة » فلما نظر إلى قباء 


1١606 


قال : زوجك في هذه القرية فادخليها على بركة الله » ثم انصرف راجعاً إلى مكة”" . 

(۲) ولا أراد صبيب المجرة قال له كفار قريش : أتيتنا صعلوكاً حقيراً » فكثر مالك عندنا » 
وبلغت الذي بلغت » ثم تريد أن اا ا 
أرأيتم إن جعلت لكم مالي , أتخلون سبيلي ؟ قالوا : e‏ 
ذلك رسول الله َيه فقال : رخ صبيب »2 ربح صبيب”") 

(۳) وتواعد عمر بن الخطاب » وعياش بن أبي ربيعة » وهشام بن العناص بن وائل موضعا 
يصبحول عنده » ثم يهاجرون إلى المدينة » فاجتمع عمر وعياش وحبس عنهما هشام . 

ولا قدما المدينة ونزلا بقباء قدم أبو جهل وأخوه الحارث إلى عياش - وأم الثلاثة واحدة ‏ 
:فقالا له : إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط » ولا تستظل بشمس حتى تراك » فرق لها . 
و PES‏ ب يو دي بح 
PPOO i OE YEE‏ 
O e 4‏ ال SE SPOS‏ 
ل لل : لی فأناخ وأا ليتحول عليها ik‏ بالأرض عدوا عليه فأوثقاء 
وکا ا ا : يا أهل مكة ھکذا فافعلوا بسقهائكم > کج فعلنا 
نفا عدا 

هذه ثلاثة تماذج لما كان المشركون يفعلونه بمن يريد الهجرة إذا علموا ذلك . ولكن مع كل 





. ٤۷۰۰٤٩۹٩ 1454/١ ابن هشام‎ )۱( 

(7) . نفس المصدر ٤۷۷/١‏ . 

)۳( يقي هشام وعياش في قيد الكفار حتى إذا هاجر رسول الله ع قال يوم : من لي بعياش وهشام ؟ فقا 
الوليد بن الوليد : أنا لك يا رسول الله بهما . فقدم الوليد مكة مستخفياً . ولقي امرأة تحمل إليهما طعاماً فتبعها ظ 
حتى عرف موضعهما » وكانا محبوسين في بيت لا سقف له ۽ فلما أمبى تسور الجدار » وقطع قيديهما وحملهما 
على بعيره حتى قدم المدينة انظر ابن هشام ٤۷١ . ٤۷١ . ٤۷٤/١‏ » وكان قدوم عمر المدينة في عشرين من 
الصحابة ( صحيح البخاري ١/ىهه‏ ). 


- ۱۵0٦ - 


ذلك خرج الناس أرسالا يتبع بعضهم بعض . وبعد شهرين وبضعة أيام من بيعة العقبة الكبرى لم 
يبق بمكة من المسلمين إلا رسول الله مُه وأبو بكر وعلي - أقاما بأمره لهما ‏ وإلا من احتبسه 
ل 5 م 1 0 ا 5 ٠‏ £ 5 

المشركون كرها . وقد أعد رسول الله عي جهازه ينتظر متى يؤمر بالخروج » وأعد أبو بكر 
جهازه' ' . 

روى البخاري عن عائشة قالت : قال رسول الله عي للمسلمين إني اریت دار هک 
بارض الحبشة إلى المدينة » وتجهز أبو بكر قبل المدينة » فقال له رسول الله عي على رسلك » 
فإني أرجو أن يؤذن لي » فقال له أبو بكر : وهل ترجو ذلك بأني أنت ؟ قال : نعم فحبس أبو 
بكر فة عل رسيول الله کک لمح ,وغل راحلتين كانتا عنده ورق السمر - وهو 
اقبط بت ارنعة اشر 





, ٥۲/۲ زاد المعاد‎ )١( 
5 oor/\ صحيح البخاري » باب هجرة البي عله وأصحابه‎ (2 
ت 10ت‎ 


ق دار الندوة «برلمان قریش» 


ولا رأى المشركون أصحاب رسول الله عي قد تجهزوا وخرجوا » وحملوا وساقوا الذراري 
والأطفال والأموال إلى الأوس والخزرج » وقعت فيم ضجة أثارت القلاقل والأحزان » وأخذ 
ا" لم يسبق له مثيل » فقد تحسد أمامهم الخطر احق قيقى العظم » الذي يدد 
نهم الوثني والاقتصادي » فقد كانوا يعلمون ما في شخصية محمد _ مقر دهن غانة قرة 
8 مع كال القيادة والإرشاد » وما في أصحابه من العزية والاستقامة والفداء في سبيله » ثم 
ما في قبائل الأوس والخزرج من قوة ومنعة » وما في عقلاء هاتين القبيلتين من عواطف السلم 
والصلاح » والتداعي إلى نبذ الأحقاد فا بينهما » بعد أن ذاقوا مرارة الحروب الأهلية طيلة أعوام 
من الدهر . 
کا کانوا يعرفون ما للمدينة من الموقع الاستراتيجي بالنسبة إلى المحجة 6 التی تر 
بساحل البحر الأْمر من الین إلى الشام. وقد كان أهل مكة يتاجرون إلى الشام بقدر ربع مليون 
دينار ذهب ونا > سوى ما کان لأهل الطائف وغيرها . ومعلوم أن مدار هذه التجارة كان على 
استقرار الأمن في تلك الطريق . 
فلا يخفى ما كان لقريش من الخطر البالغ في ركز الدعوة الإسلامية في يثرب » ويجابهة 
000 ظ 
شعر المشركون بتفاقم الخطر الذي كان يبدد کیانہم »> فصاروا يبحثون عن 5 الوسائل 
لدفع هذا الخطر ء الذي مبعثه الوحيد هو حامل لواء دعوة الاسلام محمد عة . 


وفي يوم الخميس 5١‏ من شهر صفر سنة ١ ٤‏ من النبوة » الموافق ١١‏ من شهر سبتمبر سنة 


OAS‏ د 


75م - أي بعد شهرين ونصف تقريبا من بيعة العقبة الكبرى - عقد برلان مكة ( دار 
الندوة ) في أوائل النبار”" أخطر اجتّاع له في تاريخه » وتوافد إلى هذا الاجتاع جميع نواب القبائل 
القرشية » ليتدارسوا خخطة حاسمة تكفل القضاء سريعاً على حامل لواء الدعوة الإسلامية » وتقطع 
تيار نورها عن الوجود نہائيا 

وكانت الوجوه البارزة في هذا الاجتاع الخطير من نواب قبائل قريش : 

. ابو جهل بن هشام » عن قبيلة بني محزوم‎ )١( 

(۲) جبير بن مطعم » وطعيمة بن عدي » والحارث بن عامر » عن بي نوفل بن عبد 
مناف . 

(۳) شيبة وعتبة ابنا ربيعة وأبو سفيان بن حرب » عن بني عبد #مس بن عبد مناف . 

)٤(‏ النضر بن الحارث ( وهو الذي كان ألقى على رسول الله عي سلا جزور ) عن بني 
عبد الدار 

(5) ابو البختري بن هشام » وزمعة بن الاسود » وحكم بن حزام عن بني أسد بن عبد 
العرى . 

(1) نبيه ومنبه أبنا الحجاج » عن بني سهم . 

(۷) أمية بن خلف » عن بني جمح . 

ey‏ 000 ا د عل لت لا 
hes‏ 0 . قال RS‏ 
معهم . 


(۱) أخذنا هذا التاريم بعد مراجعة جعة التحقيقات التي سجلها العلامة محمد سلهان المنصور فوري في رحمة للعالمين 
CVI 01°04 < ۹۰۱|‏ . 
(۲) يدل على انعقاد الاجتاع في أوائل النهار ما رواه ابن إسحاق أن جبريل أخبر النبي عي بمؤامرة: هذا الاجتاع 
وأذن في الهجرة . ثم ما رواه البخاري من حديث عائشة أن النبي عي جاء أبا بكر في نحر الظهيزة وقال له : 
« قد أذن في الخروج » وسيأتي . 
9 د 


النقاش البرلاني والإجماع على قرار غاشم بقتل النبي ‏ كل : 
وبعد أن تكامل الاجتاع بدأ عرض الاقتراحات والحلول » ودار النقاش طويلاً . قال 
أبو الأسود : نخرجه من بين أظهرنا وننفيه من بلادنا » ولا نبالي أين ذهب » ولا حيث وقع » فقد 
أصلحنا أمرنا وألفتنا ا كانت . 
قال الشيخ النجدي : لا والله ما هذا لكم برأي » ألم تروا حسن حديثه » وحلاوة منطقه › 
وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به ؟ والله لو فعلم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب » ثم 
يسير بهم إليكم - بعد أن يتابعوه ‏ حتى يطأك بهم في بلا دک » ثم يفعل بكم ما اراد » دبروا فيه 
ريا غير هذا . 
قال أبو البختري : احبسوه في الحديد » وأغلقوا عليه باب » ثم تربصوا به ما أصاب أمثاله 
من الشعراء الذين كانوا قبله ‏ زهيراً والنابغة ‏ ومن مضى منهم من هذا الموت » حتى يصيبه 
ما أصابهم . 
قال الشيخ النجدي : لا والله ما هذا لكم برأي » والله لفن حبستموه - کا تقولون ‏ 
ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه » فلأوشكوا أن يثبوا عليكم » فينزعوه 
من أيديكم » ثم يكائروم به » حتی يغلبوم على أمركم . ما هابا لكم برأي » فانظروا في غيره . 
وبعد أن رفض البلمان هذين الاقتراحين قدم إليه اقتراح ثم وافق عليه جميع أعضائه » تقدم 
به كبير مجرمي مكة أبو جهل بن هشام . قال أبو جهل : الله إن لي فيه رأيً ما ارام وقعتم عليه 
بعد ء قالوا : وما هو يا أبا الحكم ؟ قال : أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شاباً جليداً نسيبا 
وسيطاً فيناء ثم نعطي كل فتى منهم سيفاً صارماً » ثم يعمدوا إليه » فيضربوه بها ضربة رجل 
واحد » فيقتلوه » فنستريح منه » فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا » فلم يقدر 
بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا » فرضوا منا بالعقل » فعقلناه لهم . 
' قال الشيخ النجدي : القول ما قال الرجل » هذا الرأي الذي لا أرى غيره . ووافق برلمان 
مكة على هذا الاقتراح الآثم بالإجماع » ورجع النواب إلى بيوتهم » وقد صمموا على تنفيذ هذا 
القرار فور" . . 
)١(‏ انظر ابن هشام ٤۸۲ » ٤۸۱ › 548١/١‏ . 


2-116 


هجرة النبس - ويد 


ولا تم اتخاذ القرار الغاشم بقتل النبي ع نزل إليه جبريل بوحي ربه تبارك وتعالى » فأخبره 
بمؤامرة قريش » وأن الله قد أذن له في الخروج » وحدد له وقت الهجرة قائلا : لا تبت هذه الليلة 
عل فراشك الذي كنت تنيت عله . 

وذهب النبي ع في الحاجرة إلى ألي بكر رضي الله عنه ؛ ليبرم معه مراحل الهجرة » قالت 
عائشة رضي الله عنها : بينا نحن جلوس في بيت ألي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر هذا 
رسول الله عه متقنعاً » في ساعة لم يكن يأتينا فيا » فقال أبو بكر : فداء له أبي وأمى . والله 
ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر . 

قالت : فجاء رسول الله عه فاستأذن » فأذن له » فدخل » فقال النبي عه لأبي بكر : 
أحرج من عندك » . فقال أبو بكر : إغما هم أهلك » بأبي أنت يا رسول الله . قال : « فإني قد 
أذن لي في الخروج » » فقال أبو بكر : الصحبة بأبي أنت يا رسول الله ؟ قال رسول الله عل 
« نعم 6 . 

وبعد إبرام حطة المجرة رجع رسول الله عي إلى بيته » يننظر مجيء الليل . 


تطويق منزل الرسول - ميا : 


أما أكابر مجخرمي فريش فقضوا نهارهم في الإعداد لتنفيذ الخطة ا مرسومة التي أبرمها برلمان مكة 
( دار الندوة ) صباحا » واختير لذلك أحد عشر رئيساً من هؤلاء الأكابر » وهم : 


. ٥۲/۲ ابن هشام 4۸۲/۱ ء زاد المعاد‎ )١( 
.oor/\ صحيح البخاري » باب هجرة النبي عي وأصحابه‎ (۲) 
"5 Ys 


(۱) أبو جهل بن هشام . 

(۳) عقبة بن أي معيط . 

. النضر بن الحارث‎ )٤( 

(5) أمية بن خلف . 

(۷) طعيمة بن عدي . 

(۸) أبو لهب 

(9) ابي بن خلف . 

. نبيه بن الحجاج‎ )٠١( 

5 أخوه منبه 5 اجاح(‎ (١ ١١ 
, عليه“‎ 

وكانوا على ثقة ويقين جازم من نجاح هذه المؤامرة الدنية » حتى وقف أبو جهل وقفة الزهو 
والخيلاء » وقال مخاطباً لأصحابه المطوقين في سخرية واستهزاء : إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه 
على أمره كنتم ملوك العرب والعجم » ثم بعثتم من بعد موتكم » فجعلت لكم جنان كجنان 
الاردن » وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذج , ثم بعثتم من بعد موتكم » ثم جعلت لكم نارا تحرقون 
فا" . 

وقد كان ميعاد تنفيذ تلك المؤامرة بعد منتصف الليل » فباتوا متيقظين ينتظرون ساعة 
الصفر ؛ ولكن الله غالب على أمره » بيده ملكوت السماوات والأرض » يفعل ما يشاء » وهو يجير 
ولا جار عليه » فقد فعل ما خاطب به الرسول لھ فيا بعد : ودی بك اين كفو 
KRA 2‏ ا 7 و جر 
يشتوك أو لوك أو رجو کڈ وکرو ویک اوا راڪرد 4 (2: 0 


. ٥۲/۲ زاد المعاد‎ )١( 
. ٤۸۲/۱ ابن هشام‎ )۲( 
. 285/١ نفس المصدر‎ )۳( 


ك 


الرسول ‏ ا يغادر بيته: 

ومع غاية استعداد قريش لتنفيذ خطتهم فقد فشلوا فشلاً فاحشاً . ففي هذه الساعة الحرجة 
قال رسول الله عه لعلي بن أبي طالب : ثم على فراشي » وتسج ببردي هذا الحضرمي الأخضر » 
فنم فيه » فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم ‏ وكان رسول الله عه ينام في برده ذلك إذا 
نام . 

م خرج رسول الله ع » واخترق صفوفهم » وأخذ حفنة من البطحاء فجعل يذره على 
IED MS‏ 9 وجعلنا منبا DEE‏ 
ج هم سَدَاأفْسكهم دهم لايرو 4( ۲٢‏ 4 ) فلم بيق منهم رجل إلا وقد وضع على 
ا نی إلى بيت ابي بكر » فخرجا من خوخة في دار أب بكر ليلا حتى لحقا بغار ثور 
في اتحاه الي" . 

وبقي احاصرون ينتظرون حلول ساعة الصفر » وقبيل حلوها جلت هم الخيبة والفشل » فقد 
جاءهم رجل ممن لم يكن معهم › وراهم ببابه فقال : ما تنتظرون ؟ قالوا محمدا . قال : خبتم 
وخسرتم » قد والله مر بككم » وذر على رؤوسكم التراب » وانطلق لحاجته » قالوا والله ما أبصرناه , 
وقاموا ينفضون الراب عن رؤوسهم . 

ولكنهم تطلعوا من صير الباب فرأوا علي ؛ فقالوا والله إن هذا محمد ناما » عليه بردة » فلم 
يبرحوا كذلك حتى أصبحوا . وقام علي عن الفراش » فسقط في أيد.هم » وسألوه عن 
رسول الله ينه » فقال : لا علم لي به" . 


من الدار إلى الغار: 


. 28*40 287/١ نفس المصدر‎ )١( 
. ٥۲/۲ ء زاد المعاد‎ ٤۸۳/١ نفس المصدر‎ )۲( 
. نفس المصدرين السابقين‎ )۳( 


17 ات 


۲ سبتمبر سنة 577 م . وأتى إلى دار رفيقه ‏ وأمن الناس عليه في صحبته وماله ‏ أبي . 
بكر رضي الله عنه . ثم غادرا منزل الأخير من باب خلفي » ليخرجا من مكة على عجل » وقبل 
أن يطلع الفجر . 

ولا كان النبي عي يعلم أن قريشاً ستجد في الطلب » وأن الطريق الذي ستتجه إليه 

الأنظار لأول وهلة هو طريق المدينة الرئيسي المتجه شالا » فقد سلك الطريق الذي يضاده تماما » 
وهو الطريق الواقع جنوب مكة » والمتجه نحو الين . سلك هذا الطريق نحو خمسة أميال » حتى 
بلغ إلى جبل يعرف بجبل ثور » وهذا جبل شاعم » وعر الطريق » صعب المرتقى » ذو أحجار 
كثيرة » فحفيت قدما رسول الله عه » وقيل : بل كان يمشي في الطريق على أطراف قدميه كي 
يفي أثره فحفيت قدماه » وأيا ما كان ؛ فقد حمله أبو بكر حين بلغ إلى الجبل » وطفق يشتد به 
حتى انتهى به إلى غار في قمة الجبل » عرف في التاريخ بغار ثور" . 


إذهما ق الغار: 


ولا انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : والله لا تدخله حتى أدخله قبلك » فإن كان فيه شيء 
أصابني دونك » فدخل فكسحه » ووجد في جانبه ثقباً فشق إزاره وسدها به » وبقي منها اثنان 
فالقمهما رجليه » ثم قال لرسول الله ریه : ادخل . فدخل رسول الله عه > ووضع رأسه في 
حجره ونام » فلدغ أبو بكر في رجله من الجحر » ولم يتحرك تخافة أن ينتبه رسول الله عو : 
فسقطت دموعه على وجه رسول الله عي » فقال : مالك يا أبا بكر ؟ قال لدغت » فداك أي 
وأمي » فتفل رسول الله عه > فذهب ما يجده" . 


)١(‏ رحمة للعالمين 0 - ويكون شهر صفر هذا من السنة الرابعة عشرةمن النبوة إذا فرضنا بداية السنين من شهر 
محرم » وأما إذا بدأنا السنين من الشبر الذي أكرم الله فيه نبيه عي بالنبوة » فيكون شير صفر هذا من السنة 
- الثالثة عشرة قطعا . وعامة من يكتب في السيرة ريما يختار هذا » ورا يختار ذلك » فكثيراً ما يتدخبط في ترتيب 
الوقائع » ويقع في أغلاط ونظرا إلى ذلك اخترنا بداية السنين من شهر مرم . 
(؟) رحمة للعالمين 460/١‏ » مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص ١57‏ . 
)"( رواه رزين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه » وفيه ثم انتقض عليه ( أي رجع أثر السم حين موته ) وکان 
سبب موته . انظر مشكاة المصابيح » باب مناقب ألي بكر ٥٥٦/۲‏ . ) ا 


- ۱٤ 


وكمنا في الغار ثلاث ليال » ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد . وكان عبد الله بن 
أي بكر يبيت عندهما . قالت عائشة : وهو غلام شاب ثقف لقن » فيد لح من عندهما بسحر » 
بصيع مع تريش بك كبالت م افلا يمع مرا يكتادانة يه إلا رعا ی اا غير ذلك 
حين تلط الظلام . و ( كان ) يرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم › 
فيريحها علييما حين تذهب ساعة من العشاء » فيبيتان في رسل - وهو لبن منحتهما 
ورضيفهما - حتى ينعق بهما عامر بن فهيرة بغلس » يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي 
الثلاث' . وكان عامر بن فهيرة يتبع بغنمه أثر عبد الله بن أي بكر بعد ذهابه إلى مكة ليعفي 
عليه 9 . 

أما قريش فقد جن جنونها حينا تأكد لديما إفلات رسول الله عه صباح ليلة تنفيذ 
المؤامرة . فأول ما فعلوا بهذا الصدد أمهم ضربوا علياً » وسحبوه إلى الكعبة » وحبسوه ساعة » 
علهم يظفرون جخبر هما : 

رلا لم يحصلوا من علي على جدوى جاءوا إلى بيت أبي بكر » وقرعوا بابه » فخرجت إلمهم 
أسماء بنت أبي بكر » فقالوا ها : أين أبوك ؟ قالت : لا أدري والله أين أي ؟ فرفع أبو جهل يده 
وكان فاحشا خبيثاً - فلطم خدها لطمة طرح منها قرطها . 

وفررت فريش في جلسة طارئة مستعجلة استخدام - جميع الوسائل التي يمكن بها القبض على 
الرجلين » فوضعت ججميع الطرق النافذة من مكة ( في جميع الجهات ) تحت المراقبة المسلحة 
الشديدة » ا قررت إعطاء مكافاة ضخمة قدرها مائة ناقة بدل كل واحد منهما لمن يعيدهما إلى 
قريش حيين أو ميتين » کائنا من كان( . 





. ۴۳۹/۷ انظر فتح الباري‎ )١( 

(۲) صحيح البخاري ١/7مه‏ , ٥٥٤‏ , 
(۳) ابن هشام ٤۸٦1/۱‏ . 

. 95/١ رحمة للعالمين‎ )٤( 

() ابن هشام ١‏ ]لامع . 

)ا( انظر صحيح البخاري ٤/١‏ . 


- 1١506 د‎ 


وحينكد حجحدت الفرسان والمشاة وقصاص الأثر ف في الطلب › وانتشروا في الجبال والوديان » 
والوهاد والهضاب » لكن من دون جدوى وبغير عائدة . 
) وقد وصل المطاردون إلى باب الغار » ولكن الله غالب على أمره » روى البخاري عن أنس 

۴ 9 ااه . : 00 Es‏ ا A‏ 5 57 
عن أي بكر قال : كنت مع النبي عي في الغار فرفعت رأمبي » فإذا أنا بأقدام القوم » فقلت 
يا نبي. الله لو أن بعضهم طاطأ بصره رانا . قال : اسكت يا أبا بكر , اثنان الله الما » وفي 
لفظ : ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالنهما"! . 

. وقد كانت معجزة أكرم الله بها نبيه عي » فقد رجع المطاردون حين لم يبق بينه وبينهم إلا 
خطوات معدودة . 
في الطريق إلى المدينة: 

وحين حمدت نار الطلب › » وتوقفت أعمال دوريات التفتيش » وهدأت ثائرات فريش بعد 
استمرار المطاردة الحثيثة ثلاثة أيام بدون جدوى » تيا رسول الله عي وصاحبه للخروج إلى 
المدينة . 

وكانا قد استاجرا عبد الله بن أريقط الليثي » وكان هاديا خريتا ‏ ماهرا بالطريق - وكان على 
دين كفار قريش » وأمناه على ذلك » وسلما إليه راحلتيهما » وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال 
براحلتيهما » فلما كانت ليلة الإثنين - غرة ربيع الأول سنة ١ه/"١‏ سبتمبر سنة ٦۲۲‏ م 
جاءهما عبد الله بن أريقط بالراحلتين وحيتكذ قال أبو بكر للنبي عي : بابي أنت يا رسول الله » 
خذ إحدى راحلتي هاتين . وقرب إليه أفضلهما . فقال رسول الله عه : بلقن . 

وأتتهما أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما بسفرتهما » ونسيت أن تجعل لها عصاما » فلما 
لمتحي لو Ch E E E‏ وطاق الك لوالاب 
وانتطقت بالآخر » فسميت ذات النطاقين' . 
)0 صحيح البخاري 913/1« ممه غوم يكن انوع أي بک افة عل نے بز حبيه الوجيد ر ما ری أذ 

با بكر لما رأى القافة اشتد حزنه على رسول الله ع وقال : إن قتلت فنا أنا رجل واحد » وإن قتلت أنت 


هلكت الأمة ء فعندها قال له رسول الله ع م لا تحزن إن الله معنا © انظر مختصر سيرة الرسول للشيخ 
عبد الله النجدي ص۱۹۸ . 


)۲( صحيح البخاري ١‏ مه > ٥٥٩‏ وابن هشام ۱ . 


1ت 


نم ارتحل رسول الله عه وأبو بكر رضي الله عنه » وارتحل معهما عامر بن فهيرة » وأخذ بهم 
الدليل - عبد الله بن أريقط - على طريق الساحل . 

وأول ما سلك بهم بعد الخروج من الغار أنه أمعن في اتجاه الجنوب نحو الين » ثم اتحه غربا 
نحو الساحل » حتى إذا وصل إلى طريق لم يألفه الناس اتجه شالا على مقربة من شاطىء البحر 
الأحمر » وسلك طريقا لم يكن يسلكه أحد إلا نادراً . 

وقد ذكر ابن إسحاق المواضع التي مر بها رسول الله عَم في هذا الطريق قال : لما خرج 
بهما الدليل سلك بهما أسفل مكة » ثم مضى بهما على الساحل حتى عارض الطريق أسفل من 
عسفان » ثم سلك بہما على أسفل أي › ثم استجاز بهما حتى عارض بهما الطريق بعد أن أجاز 
قديداً » ثم أجاز بهما من مكانه ذلك » فسلك بہما الخرار » ثم سلك بهما ثنية المرة » ثم سلك 
هما لقفاء ثم أجاز بهما مدلحة لقف » ثم استبطن بهما مدلجحة يجاح » ثم سلك بهما مرجح 
محاج » ثم تبطن بهما مرجح ذي الغضوين » ثم بطن ذي كشر » ثم أخذ بهما على الجداجد , ثم 
غل الاجره ثم سلكت مها دا سل مرج وظن أعداء مد فين تم عل الايد ثم أجاذ 
بهما الفاجة » ثم هبط بهما العرج » ثم سلك بهما ثنية العائر - عن يمين ركوبة ‏ حتى هبط بهما 
بطن رثم » ثم قدم بهما على قباء("'2 . وهاك بعض ما وقع في الطريق : 

)١(‏ روى البخاري عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام 
قائم الظهيرة » وخلا الطريق » لا يمر فيه أحد ‏ فرفعت لنا صخرة طويلة للها ظل لم تات عليها 
الشمس » فنزلنا عنده » وسويت للنبي عي مكانا بيدي » ينام عليه » وبسطت عليه فروة » 
وقلت : ثم يا رسول الله » وأنا أنفض لك ما حولك » فنام » وخرجت أنفض ما حوله » فإذا أنا 
براع مقبل بغنمه إلى الصخرة » يريد منها مثل الذي أردنا » فقلت له : لمن أنت يا غلام ؟ فقال : 
لرجل من أهل المدينة أو مكة . قلت : أني غنمك لبن ؟ قال : نعم . قلت : أفتحلب ؟ قال : 
نعم . فأخذ شاة » فقلت : انفض الضرع من التراب والشعر والقذى . فحلب في كعب كثبة 
من لبن » ومعي إداوة حملتها للنبي عي » يرتوي منها » يشرب ويتوضا , فأتيت النبي عي 
فكرهت أن أوقظه » فوافقته حين استيقظ » فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفله » فقلت . 


. ٤۹۲ » 191١/١ ابن هشام‎ )١( 


11 


اشرب يا رسول الله » فشرب حتى رضيت » ثم قال : أل يأن الرحيل ؟ قلت : بلى » قال : 
فارتحلنا'"؟ . 

(۲) كان من داب ابي بكر رضي الله عنه أنه كان ردفاً للنبي عه » وكان شيخاً يعرف » 
PP‏ بصنت وو الوا اد يدهي 
ار . 


(۳) وتبعهما في الطريق سراقة بن مالك . قال سراقة : بيها أنا جالس في مجلس من مجالس 
قومي بني مدخ ۽ أقبل رجل منهم حتى قام علينا » ونحن جلوس » فقال : يا سراقة » إفي رأيت آنفا 
أسودة بالساحل > أراها محمداً وأصحابه . قال سراقة : فعرفت أنهم هم . فقلت له : إنهم ليسوا 
بهم » ولكنك رأيت فلاتا وفلاناً انطلقوا بأعيننا » ثم لئت في امجلس ساعة » ثم قمت فدخلت » 
فأمرت جاربتي أن تخرج فرسي » وهي من وراء أكمة › ؛ فتحبسها علي » وأخذت رمحي فخرجت به 
من ظهر البيت » فخططت بزجه الأرض » وخفضت عاليه » حتى أتيت فرسي » فركبتها » فعرفتها 
تقرب بي حتى دنوت منهم» فعثرت بي فرسي فخررت عنهاء فقمت» فأهويت يدي إلى 
كنانتي» فاستخرجت منها الأزلام» فاستقسمت بهاء أضرهم أم لا؟ فخرج الذي أكره 
فركبت فرسي وعصيت الأزلا» تقرب بي» حتى إذا سمعت قراءة رسول الله يلل - 
وهو لا يلتغت» وأبو بكر يكثر الالتفات ‏ ساحت يدا فرسي في الأرض» حتى بلغتا 
الركبتين» فخررت عنهاء ثم زجرتها فنهضت» فلم تكد تخرج يديهاء فلما استوت 
قائمة إذا لأثر یدیا غبار ساطع في السماء مثل الدخان » فاستقسمت بالا زلام » فخرج الذي 
أكره » فناديتبم بالأمان » فوقفوا » فركبت فرسبي حتى جثتهم » ووقع في نفسي حين لقيت 
ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله عر » فقلت له : إن قومك قد جعلوا فيك 
الدية » وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم » وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني » ولم يسألاني . 


. 51١/١ صحيح البخاري‎ )١( 
. 087/١ روى ذلك البخاري عن أنس‎ )۲( 


- ۱1A - 


إلا أن قال : أخف عنا » فسالته أن يكتب لي كتاب أمن » فأمر عامر بن فهيرة » فكتب لي في 
رقعة من ادم » ثم مضى رسول الله ڪه . 

وني رواية عن أبي بكر قال : ارتحلنا » والقوم يطلبوننا » فلم يدركنا منهم أحد غير سراقة بن 
ا ؛ فقلت : هذا الطلب قد لحقنا يارسول الله » فقال: «الاتَحخرَّن 
إِسَ لله مَعَص] 4" . 

ورجع سراقة » فوجد الناس في الطلب » فجعل يقول : قد استبرأت لكم الخبر » قد كفيتم 
ما ههنا . وكان أول النهار جاهدا عليبما » واخره حارسا هما" . 

- (4) ومر في مسيره ذلك حتى مر بخيمتي أم معبد الخزاعية » وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي 

بفناء الخيمة » ثم تطعم وتسقي من مر بها » فسألاها : هل عندها شيء ؟ فقالت : والله لو كان 
عندنا شيء ما أعوزم القرى والشاء عازب » وكانت سنة شهباء . 

فنظر رسول الله عله إلى شاة في كسر الخيمة » فقال : ما هذه الشاة يا أم معبد ؟ قالت : 
شاة خلفها الجهد عن الغنم » فقال : هل بها من لبن ؟ قالت : هي أجهد من ذلك . فقال : 
أتأذنين لي أن أحلبها ؟ قالت : نعم بأبي وأمي » إن رأيت بها حلب فاحلبها . فمسح 
رسول الله عله بيده ضرعها, وسمى الله ودعا » فتفاجت عليه ودرت » فدعا بإناء لها يربض 
الرهط » فحلب فيه حتى علته الرغوة » فسقاها » فشربت حتى رويت » وسقى أصحابه حى 
رووا » ثم شرب » وحلب فيه ثانيا » حتى ملا الاناء » ثم غادره عندها فارتحلوا . 

فمالبئت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافاً يتساوكن هُزالاً » فلما رأى اللبن 
عجب » فقال : من أين لك هذا ؟ والشاء عازب » ولا حلوبة في البيت ؟ فقالت : لا والله إلا 
أنه مر بنا رجل مبارك كان من حدیثه كيت وكيت » ومن حاله كذا وكذا , قال : إفي والله أراه 
صاحب قريش الذي تطلبه » صفيه لي يا أم معبد » فوصفته بصفاته الرائعة بكلام رائع کان 
السامع ينظر إليه وهو أمامه ‏ وسننقله في بيان صفاته عي في أواخر المقالة ‏ فقال أبو معبد : 
)١(‏ نفس المصدر 0١‏ وكان مقر بني مد بالقرب من رابغ » وتبعهما سراقة حينا كانا مصعدين من قديد 

- زاد المعاد 57/7 _ فالأغلب أنه تبعهما في اليوم الثالث من رحيلهما . 
(۲) صحيح البخاري 015/١‏ . 


(۳) زاد المعاد ؟/7ه . 


س 


والله هذا صاحب قريش الذي ذكروا من أمره ما ذكروا » لقد هممت أن أصحبه › ولأفعلن إن 
وجدت إلى ذلك سبيلا » وأصبح صوت بمكة عالياً يسمعونه ولا يرون القائل : 


جزی الله رب العرش خير جزائه رفي فيقين چ خيمج إ' ١‏ معبد 
فيا لقصي ما زوى الله عنكم he TEE‏ 


ليبن بني كعب مكان فتاتهم ومقعدها للمؤمنين عرصد 
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها فإنكم إن تسألوا الشاة تشبد 

قالت أماء : ما درينا أين توجه رسول الله عه إذ أقبل رجل من الحن من أسفل مكة 
فانشد هذه الابيات 4 والناس يتبعونه ويسمعول صوته ولا يرونه »؛ حی خرج من أعلاها : 
قالت : فلما معنا قوله عرفنا حيث توجه رسول الله مي » وأن وجهه إلى المدينة“ . 

(5) وفي الطريق لقي النبي عه أبا بريدة » وكان رئيس قومه » خرج في طلب النبي ع5 
وأبي بكر؛ رجاء أن يفوز بالمكافأة الكبيرة التي كانت قد أعلنت عنها قريش» ولما واجه 
رسول الله ع وكلمه أسلم مکانه مع سبعين رجلاً من قومه » ثم تزع عمامته » وعقدها بره ء 
فاتخذها راية تعلن بأن ملك الأمن والسلام قد جاء ايلا الدنيا عدلاً وقسطاً . 

(1) وني الطريق لقي رسول اللْمعَه الزيير » وهو في ركب المسلمين » كانوا تجاراً قافلين 
من الشام » فكسا الزيير رسول الله ية وأبا بكر ثياباً بيضاء“. 


النزول بقباء: 


ظ في يوم الأثنين ۸ ربيع الأول سنة ١4‏ من النبوة - وهي السنة الأولى من المجرة - الوافق ظ 
۳ سبتمبر سنة 1۲۲ م نزل رسول الله عه بقباء . [ 


)0( زاد المعاد or/Y‏ 1ه. 
(۲) رحمة للعالمين ٠١١/١‏ . 
69 روى ذلك البخاري عن عروة بن الزيير ٥٥٤/١‏ . ظ 
(4) رحمة للعالمين ٠١7/١‏ وفي هذا اليوم تم عمره له ثلاثة وخمسين عاماً كاملا لا وكس ولا شطط » وتم على 
نبوته ثلاثة عشر عاماً كاملاً عند من يقول : إنه أكرم بالنبوة في 4 ربيع الأول في سنة 4١‏ من عام الفيل » وأما = 
- ۱۷۰ 


قال عروة بن الزيير : سمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله عي من مكة » فكانوا 
يغدون كل غداة إلى الحرة » فيتنظرونه حتى يردهم حر الظهيرة » فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا 
انتظارهم » فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يبود على أطم من اطامهم لامر ينظر إليه » فبصر 
برسول الله عله وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب » فلم يملك اليبودي أن قال باعلى صوته 
يا معاشر العرب » هذا جد م الذي تنتظرون » فثار المسلمون إلى السلاح""أ 
قال ابن القيم : وسمعت الرجة والتكبير في بني عمرو بن عوف » وكير المسلمون فرحا 
بقدومه » وخحرجوأ للقائه » فتلقوه وحيوه بتحية ا جدترا به ا ر والسكينة 
۶ رر رر ر رر ریس 
تغشأه » والوحي ينزل عليه : فان اله ھوموللە و جر جِبْرِيلٌ وصح المرمين منينوالماتحكة بعد 
لكظهر 4 (55: 4)" . 
بني عمرو بن عوف » وذلك يوم الإثنين من شهر ربيع الأول . فقام ابو بكر للناس » وجلس 
ا طا e‏ ا اا : 
رسول الله عي صامتا » فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله عي يحبي - وني 
عليه بردائه » فعرف الناس رسول الله عي عند ذلك" . 
وكانت المدينة كلها قد زحفت للاستقبال » وكان يوما مشهوداً لم تشهد المدينة مثله في 
تارهاع وق رای ا لبود صدق بشارة حبقوق النبي : إن الله جاء من التهان » والقدوس من 
جبال فاران9) . 


ونزل رسول الله عَم بقباء على كلثوم بن الهدم » وقيل : بل على سعد بن خيثمة » والأول 
أثبت » ومكث علي بن أي طالب بمكة ثلاثا » حتى أدى عن رسول الله َيه الودائع التي كانت 


= من يقول : إنه أكرم بالنبوة في رمضان سنة 4١‏ من عام الفيل فعنده يتم على نبوته - في ذلك اليوم - اثنى عشر 
عا ھت أشي وا يوما أ ا 

)1( صحيح البخاري ١أههه‏ . 

(۲) زاد المعاد ۲/٤ه‏ . 

هه صحيح البخاري 000/١‏ . 

(1) صحيفة حبقوق ( ۳: ” ) . 


1171 د 


عنده للناس » ثم هاجر ماشياً على قدميه » حتى لحقهما بقباء » ونزل على كلثوم بن الهدم” . 

وأقام رسول الله عي بقباء أربعة أيام : الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس" . وأسس 
مسجد قباء وصلى فيه » وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة » فلما كان اليوم الخامس 
- يوم الجمعة - ركب بأمر الله له » وأبو بكر ردفه » وأرسل إلى بني النجار ‏ أخواله ‏ فجاؤوا 
متقلدين سيوفهم » فسار نحو المدينة » فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف » فجمع بهم في 
المسجد الذي في بطن الوادي › وكانوا مائة رجل'!" . 


الدخول ق المدينة: 
وبعد الجمعة دحل النبي عار المدينة ‏ ومن ذلك اليوم “میت بلدة يغرب كدينة 
الرسول عي > ويعبر عنها بالمدينة مختصراً - وكان يوم تايا أغر » فقد كانت البيوت والسكك 
ترتج بأضوات التاجميد والتقديس 4 وكانت بنات الأنصار تتغنى بهذه الأبيات فرحا ورور ؟). 
ايف البدر علينا من : يات الوداع 
وجب الشكر علينا مادعا له داع 
أجنا لصوت قيضا جعت بالأمر المطاع 
والأنصار إن لم يكونوا أصحاب ثروات طائلة ؛ إلا أن كل واحد منهم كان يتمنى أن يتزل 
الرسول عي عليه . فكان لا يمر بدار من دور الأنصار إلا أخذوا خطام راحلته : هلم إلى العدد 


)1( زاد المعاد ٥٤/۲‏ . ابن هشام 497/١‏ » رحمة للعالمين ٠١۲/١‏ . 

(۲) هذا ما رواه ابن إسحاق » انظر ابن هشام 4414/١‏ وهو الذي اختاره العلامة المنصور فوري انظر رحمة للعالمين 
٠ ۲/١‏ » وفي صحيح البخاري أنه أقام بقباء أربعاً وعشرين ليلة )7١1/١(‏ وبضع عشرة ليلة )005/١(‏ وأربع 
عشرة ليلة )070/١(‏ وهذا الأخير هو الذي اختاره ابن القع » وقد صرح هو نفسه أن نزوله بقباء كان يوم 
الاثنين وخروجه يوم الجمعة ( زاد المعاد ۲ »۰ هه ) ومعلوم أن فصل ما بينهما لا يزيد على عشرة أيام سوى 
يومي الدخول والخروج » ومعهما لا يزيد على اثني عشر یوما إذا كانا من أسبوعين . 

فه صحيح البخاري ١أههه‏ »> ۰٥۰‏ زاد المعاد ٠٥/۲‏ » ابن هشام ۹4/۱ رحمة للعالمين ٠١۲/١۱‏ . 

)٤(‏ ذكر ابن القيم أن إنشاد هذه الأشعار كان عند مرجعه عله من تبوك » ووهم من يقول : إنما كان ذلك عند 
مقدمه المدينة ( زاد المعاد )٠١/۳‏ لكن ابن القم لم يأت على هذا التوهيم بدليل يشفي » وقد رجح العلامة 
المنصور فوري أن ذلك كان عند مقدمة المدينة » ومعه دلائل لايمكن ردها انظر رحمة للعالمين ٠١5/١‏ . 


VT 


والعدة والسلاح والمنعة » فكان يقول لهم : خلوا سبيلها فإنها مأمورة » فلم تزل سائرة به حتى 
وصلت إلى موضع المسجد النبوي اليوم فبركت » ولم ينزل عنها حتى مبضت وسارت قليلا » ثم 
التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول » فنزل عنها » وذلك في بني النجار - أخواله - 
َيه . وكان من توفيق الله لها » فإنه أحب أن ينزل على أخواله يكرمهم بذلك » فجعل الناس 
يكلمون رسول الله عه في النزول عليهم » وبادر أبو أيوب الأنصاري إلى رحله » فأدخله بيته ‏ 
فجعل رسول الله عي يقول : المرء مع رحله » وجاء أسعد بن زرارة فأحذ بزمام راحلته » وكانت 
عنده!" . 

وفي رواية أنس عند البخاري » قال نبي الله عله : أي بيوت أهلنا أقرب ؟ فقال 
أبو أيوب: انا يا رسول اللهء هذه داري» وهذا بابي. قال: فانطلق فهيء لنا مقيلاء قال: 
قوما على بركة الله”"©. 

وبعد أيام وصلت إليه زوجته سودة » وبنتاه فاطمة وأم كلثوم » وأسامة بن زيد » وأم أيمن , 
وخرج معهم عبد الله بن أي بكر بعيال أي بكر ومنهم عائشة » وبقيت زينب عند أي العاص » 
لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد بدرا" . 

قالت عائشة : لما قدم رسول الله عه المدينة وعك أبو بكر وبلال » فدخلت عليهما 
فقلت : يا أبت كيف تحدك » ويا بلال كيف تحدك » قالت : فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى 


يقول : ظ 
كل امسرىء مصبّح في أهله والموت أدنى من شراك نعله 
وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته ويقول : 
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وحولي إذخر وجليل 
وهل أردن يوماً مياه مجة وهل يبون لي شامة وطفيل 


. زاد المعاد ؟/هه‎ ٠١٠١/١ رحمة للعالمين‎ )١( 
. ٥٥٦/١ صحيح البخاري‎ )۲( 
. ٠٥٥/۲ زاد المعاد‎ )۳( 


IVT 


قالت عائشة : فجعت رسول الله ْلَه » فأخبرته » فقال : اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا 
مكة أو أشد حباً » وصححها » وبارك في صاعها ومدها » وانقل حماها فاجعلها بالجحفة!" . 


إلى هنا انتبى قسم من حياته عه » وتم دور من الدعوة الإسلامية » وهو الدور المكي . 


. ۸٩ 584/١ صحيح البخاري‎ )۱( 
VE 


الحياة فى المدينة 


يمكن تقسم العهد المدني إلى ثلاث مراحل : 
Ca a CAE‏ ايا الرائيل بن O‏ 
فيما الأعداء إلى المدينة لاستغصال خضرائها من الخارج . وهذه المرحلة تنتبي إلى صلح 
الحديبية في ذي القعدة سنة " من أهجرة . 


؟ - مرحلة الهدنة مع الزعامة الوثنية » وتنتبي بفتح مكة » في رمضان سنة نان من 
أهجرة > وهي مرحلة دعوة الملوك إلى الاسلام . 

۳ مرحلة دخول الناس في دين الله أفواجا » وهي مرحلة توافد القبائل والأقوام إلى 
المدينة » وهذه المرحلة تد إلى انتهاء حياة الرسول عي في ربيع الأول سنة ١١‏ من الهجرة . 


- ١/6 





SVs 


المرحلة الأولى 
ال حالة الراهنة فى المدينة 


عند الهجرة 


لم يكن معنى المجرة ال E‏ 
الا ا SN‏ 

ولا شك أن رسول الله يدم هو الإمام والقائد والمهادي في بناء هذا المجتمع » وكانت 
إليه أزمة الأمور بلا نزاع . 

والأقوام التي كان يواجهها رسول الله عي و في المدينة كانت على ثلاثة أصناف » 
يختلف أحوال كل واحد منها بالنسبة إلى الآخر اختلافاً واضحاً » وكان يواجه بالنسبة إلى 
كل قبي منيع سال غديدة غر اسائ الى کان جما بالنسبة آل الأخرى رها 
الأصناف الثلاثة هي : 

. أصحابه الصفوة الكرام البررة رضي الله عنهم‎ - ١ 

۲ - المشركون الذين لم يؤمنوا بعد » وهم من صمم قبائل المدينة . 

۳ - اليبود . 

أ - والمسائل التي كان يواجهها بالسسبة إلى أصحابه هو أن ظروف المدينة بالنسبة إلههم 


كانت تختلف تامأ عن الظروف التي مروا بها في مكة » فهم في مكة وإن كانت مجمعهم 
كلمة جامعة » وكانوا يستهدفون إلى أهداف متفقة › إلا أ: نهم كانوأ متفرقين في بيوتات 


شتى » مقهورين أذلاء مطرودين › يكن هم من الأمر شيء» راغا كان لأر يد أعداب 


في الدين » فلم يكن هؤّلاء المسلمون يستطيعون أن يقيموا مجتمعا إسلامياً جديدا بمواده التي 


اب 


لا يستغني عنها أي مجتمع إنساني في العا م » ولذلك نرى السور المكية تقتصر على تفصيل 
المبادىء الاسلامية » وعلى التشريعات التي يمكن العمل بها لكل فرد وحده » وعلى المحث 
على البر والخير ومكارم الأخلاق » والاجتناب عن الرذائل والدنايا . 

أما في المدينة فكان أمر المسلمين بأيديبم منذ أول يوم » ولم يكن عليهم سيطرة أحد من 
الناس » فقد آن لهم أن يواجهوا بمسائل الحضارة والعمران » وبمسائل المعيشة والاقتصاد » وبمسائل 
السياسة والحكومة » وبمسائل السلم والحرب » والتنقيح الكامل ني مسائل الحلال والحرام والعبادة 
والأخلاق وما إلى ذلك من مسائل الحياة . ) 

كان قد آن لهم أن يكونوا مجتمعاً جديداً » مجتمعاً إسلاميا » يختلف في جميع مراحل الحياة 

عن المجتمع الجاهلي » ويمتاز عن أي ممع يوجد في العالم الانساني » ويكون مثلاً للدعوة 
الإسلامية التي عانى ها المسلمون ألواناً من النكال والعذاب طيلة عشر سنوات . 

ولا يخفى أن تكوين أي مجتمع على هذا الفط لا يمكن أن يستتب في يوم واحد » أو شهر 
واحد » أو سنة واحدة » بل لا بد له من زمن طويل » > يتكامل فيه التشريع والتقنين مع التثقيف 
والتدريب والتربية تدرا » وكان الله كفيلا بهذا التشريع › E‏ رسول الله e‏ قاما بتنفيذه » 
والإإرشاد إليه » وتربية المسلمين وفقه هوا وار بعت ف ا لا مین رسولا م مهم يلوأ شلوا علوم 


ا رگ مالكب ا( (YY):‏ 


وكان الصحابة رضي الله عنهم مقبلين عليه بقلوسهم › a.‏ رون پا 
« وَإِذَا تليت عل ءايزا د تايمنا © ( ۸: ؟ ) وليس تفصيل هذه المسائل كلها من 
مباحث موضوعنا فنقتصر منها على قدر الحاجة . 

كان هذا أعظم ما يواجهه رسول الله عي بالنسبة إلى المسلمين › وهذا الذي كان هو 
المقصود ‏ على نطاق واسع ‏ من الدعوة الإسلامية » والرسالة المحمدية » ولكن لكيه 
قضية طارئة الع ES‏ ع وول دلت كانت ا 

كانت جماعة المسلمين مشتملة على قسمين : قسم هم في أرضهم وديارهم وأموالهم . 
لا يمهم من ذلك إلا ما يهم الرجل وهو آمن في سسربه » وهم الأنصار » وكان بينهم تنافر 
مستحكم وعداء مزمن منذ أمد بعيد . وكان بجانب هؤلاء قسم آخر ‏ وهم المهاجرون - فاتهم 


- ۱۷A - 


كل ذلك » ونجوا بأنفسهم إلى المدينة » ليس هم ملجأ يأوون إليه » ولا عمل يعملونه لمعيشتهم » 
ولا مال يبلغون به قواماً من العيش » وكان عدد هؤلاء اللاجئين غير قليل » وكانوا يزيدون یوما 
فيوماً » فقد كان أذن بالهجرة لكل من ١‏ امن بالله ورسوله . ومعلوم أن المدينة م تكن على ثروة 
طائلة › فتزعزع ميزانها الاقتصادي > وفي هذه الساعة الحرجة قامت القوات المعادية للاسلام 
ييه ا فاد فلع لأجلها التضوردات رتا الو 
- أما القوم الثاني - وهم المشركون من صمم قبائل المدينة - فلم تكن هم سيطرة على 

المسلمين » وكان منهم من يتخال حه الشكوك » ويتردد في ترك دين الاباء » ولكن لم يكن يبطن 
العداوة والكيد ضد الاسلام والمسلمين » ولم تمض عليهم مدة طويلة حتى أسلموا وأخلصوا دينهم 
لله . 

وكان فيهم من يبطن شديد الإحن والعداوة ضد رسول الله عله والمسلمين » ولكن لم يكن 
يستطيع أن يناوئهم » بل كان مضطراً إلى إظهار الود والصفاء نظرا إلى الظروف » وعلى رأس 
هؤلاء عبد الله بن أبي » فقد كانت الأوس والخزرج اجتمعوا على سيادته بعد حرب بعاث » ولم 
يكونوا اجتمعوا على سيادة أحد قبله . وکانوا قد نظموا له الخرز » ليتوجوه ويملكوه » وكان على 
وشك أن يصير ملكا على أهل المدينة إذ باغت مجيء رسول الله عَم » وانصراف قومه عنه إليه » 
فكان يرى أنه استلبه ملكا > فكان يبطن شديد العداوة ضده - ولا رأى الظروف لا تساعده 
على شركه » وأنه يحرم الفوائد الدنيوية أظهر الإسلام بعد بدر » ولكن بقي مستبطنا الكفر . 
غا المكيدة مول الك عكر ان الآ وان اک ناضحا ب مه 
الرؤساء الذين حرموا المناصب المرجوة في ملكه - يساهمونه ويدعمونه في تنفيذ خططه . ورا 
كانوا يتخذون بعض الأحداث » وضعاف العقول من المسلمين عملاء لهم ؛ لتنفيذ خططهم . 

ج - أما القوم الشالث - وهم اليهود - فقد كانوا انحازوا إلى الحجاز زمن الاضطهاد 
ll‏ والروماني كا أسلفنا » وكانوا في الحقيقة عبرانيين » ولكن بعد الانسحاب إلى الحجاز 
صبغوا بالصبغة العربية في الزي واللغة والحضارة » حتى صارت أسماء قبائلهم أو أفرادهم عربية ) 
وحتى قامت بينهم وبين العرب علاقة الزواج والصهر ‏ إلا أنهم تحفظوا بعصبيتهم الجنسية » وم 
يندمجوا في العرب قطعا » بل كانوا يفتخرون بجنسيتهم الإسرائيلية - اليهودية -- وكانوا يحتقرون 
العرب احتقارا بالغا حتى کانوا يسمونهم أميين بمعنى أنهم وحوش سذج » وأراذل متأخرون » 


VO 


لس علا ره #2 سے 


وكانوا يرون أن أموال العرب مباحة م » يأكلونها كيف شاعوا» ف الوا لیس فى لمكن 
سيل ( 10:7 )ول يكن هم تحمس في نشر دينهم وإغا جل بضاعتهم الدينية هي :| لفأل 
والسحر والنفث والرقية وامشاها » وبذلك كانوا يرون انفسبم اصحاب علم وفضل وقيادة 
ا ظ 
وكانوا مهرة في فنون الكسب والمعيشة › فكانت في أيديهم تجارة الحبوب والقر والخمر 
والثياب » كانوا يوردون الثياب والحبوب والخمر » ويصدرون القر » وكانت لهم أعمال من دون 
ذلك هم ا عاملون » فكانوا يأخذون المنافع من عامة العرب أضعافاً مضاعفة , ثم لم يكونوا 
يقتصرون على ذلك » بل كانوا أكالين للربا » كانوا يقرضون شيوخ العرب وساداتهم » ليكتسب 
هؤلاء الرؤساء مدائح من الشعراء » وسمعة بين الناس بعد a‏ درق بولا ظائلة م 
كانوا يرتهنون أرض هؤلاء الرؤساء وزروعهم وحوائطهم ثم لا يلبثون إلا أعواما حتى يتملكونها . 

وكانوا أصحاب دسائس ومؤامرات وعتو وفساد » يلقون العداوة والشحناء بين القبائل 
العربية المجاورة » ويغرون بعضها على بعض بكيد خفي لم تكن تشعره تلك القبائل » فلا تزال في 
حروب دامية متواصلة » ولا تزال أنامل المهود تؤجج نيرائها كلما رأتها تقارب الخمود والانطفاء » 
وبعد هذا التحريض والاغراء كانوا يقعدون على جانب » يرون ساكتين ما يحل ببؤلاء العرب › 
نعم كانوا يزودونهم بقروض ثقيلة ربوية حتى لا يحجموا عن الحرب لعسر النفقة » وبهذا العمل 
كانوا يحصلون على منفعتين > كانوا يتحفظون على كيانهم ايودي » وينفقون سوق الربا ؛ ليأكلوه 
أضعافاً مضاعفة » ويكسبوا ثروات طائلة 

وكانت في یارب منہم ثلاث قبائل مشهورة : 

. بنو قينقا ع » كانوا حلفاء الخزرج » وكانت ديارهم داخل المدينة‎ )١( 

(۲) بنو النضير . ' 00 

(۳) بنو قريظة » وهاتان القبيلتان كانتا حلفاء الأوس » وكانت ديارهما بضواحي المدينة . 

وهذه القبائل هي التي كانت تثير الحروب بين الأوس والخزرج منذ أمد بعيد » وقد سامت 
n‏ 

55 فإن اليهود لم يكن يرجى منهم أن ينظروا إلى الاسلام إلا بعين البغض والحقد ع 


IR 


فالرسول لم يكن من جنسهم حتى ليسكن جاش عصبيتهم الجنسية التي كانت متغلبة على 
نفسيامهم وعقليتهم » ثم دعوة الاسلام لم تكن إلا دعوة صالحة تؤلف بين أشتات القلوب › 
وتطفىء نار العداوة والبغضاء » وتدعو إلى التزام الأمانة في الشؤون » وإلى التقيد بأكل الحلال 
من طيب الأموال » ومعنى كل ذلك أن قبائل يأرب العربية ستتالف فوا بينها » وحينئذ لابد من أن 
تفلت من برائن اليبود » فيفشل نشاطهم التجاري » ويحرموا أموال الربا الذي كانت تدور عليه 
رحى ثروتهم » بل رما تما أن تتيقظ تلك القبائل » فتدخل في حسام الاموال الربوية التي 
أخذها اليهود » فتقوم بإرجاع أرضها وحوائطها التي أضاعتها إلى المبود في تادية الربا . 

كان اليهود يدخلون كل ذلك في حسابهم منذ عرفوا أن دعوة الاسلام تحاول الاستقرار في 
يغرب » ولذلك كانوا يبطنون أشد العداوة ضد الاسلام » وضد رسول الله عَيْيتُهُ منذ أن دخل 
يغرب » وإن كانوا لم يتجاسروا على إظهارها إلا بعد حين . 

OREN‏ اا ا ا ا 
او 0 . قالت لما قله سول ا م 
المدينة » ونزل قباء في بني عمرو بن عوف » غدا عليه أي ؛ حبي بن أخطب » وعمي أبو ياسر بن 
أخطب » مغلسين » قالت : فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس » قالت : فأتيا كالين 
كسلانين ساقطين يمشيان اهوینی . قالت : فهششت إليهما ا كنت أصنع : فوالله ما التفت إلي 
واحد منهما » مع ما بهما من الغم . قالت : وسمعت عمي أبا ياسر » وهو يقول لأني » حبي بن 
أخطب : أهو هو ؟ قال : نعم والله » قال : أتعرفه وتثبته ؟ قال : نعم » قال : فما في نفسك 
منه ؟ قال : عداوته والله ما بقيت() . 

ويشيل يذلاك اھا ما رواد ه البخاري في إسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه » فقد كان 
حبرأ من فطاحل علماء الود » ولا مع بمقدم رسول الله عه المدينة في بني النجار جاءه 
مستعجلا » وألقى إليه أسئلة لا يعلمها إلا نبي › ٠‏ ولا مع ردوده عَم عليها آمن به ساعته 
ومكانه » ثم قال له : إن اليبود قوم بہت » إن علموا بإسلامي قبل أن تساهم بهتوني عندك › 


. ۱۹ہ‎ ) ٥۱۸/۱ ابن هشام‎ )١( 


- ۱۸1 - 


فأرسل رسول الله عه فجساعت الهود > ودحل عبد الله بن سلام البيت » فقال 
رسول الله ع : أي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟ قالوا : أعلمنا وابن أعلمنا » وأخخيرنا وابن 
أخيرنا ( وفي لفظ : ) سيدنا وابن سيدنا » ( وي لفظ آخر : ) خيرنا وابن خيرنا وأفضلنا وابن 
أفضلنا » فقال رسول الله عو : أفرأيتم إن أسلم عبد الله ؟ فقالوا : أعاذه الله من ذلك ( مرتين أو 
ثلاثا)ء فخرج إليهم عبد الله فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله . فقالوا : 
شرنا وابن شرنا » ووقعوا فيه . ( وفي لفظ ) فقال : يا معشر اليهود اتقوا الله » فوالله الذي لا إله إلا 
هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله » وأنه جاء بحق . فقالوا : كذبت2" . 

وهذه أول تحربة تلقاها رسول الله عه من اليبود » في أول يوم دحل فيه المدينة . 

هذا كله من حيث الداخلية » وأما من حيث الخارجية ؛ فإن ألد قوة ضد الإسلام هي 
قريش » كانت قد جربت منذ عشرة أعوام - حينا كان المسلمون تحت يديها - كل أساليب 
الارهاب والتهديد والمضايقة وسياسة التجويع والمقاطعة » وأذاقتهم التنكيلات والويلات » وشنت 
عليهم حربا نفسية مضنية مع دعاية واسعة منظمة » ثم لما هاجر المسلمون إلى المدينة صادرت 
أرضهم وديارهم وأموالهم » وحالت بينهم وبين أزواجهم وذرياتهم » بل حبست وعذبت من قدرت 
عليه » ثم لم تقتصر على هذا » بل تامرت على الفتك بصاحب الدعوة عه والقضاء عليه » وعلى 
دعوته » ولم تأل جهدا في تنفيذ هذه المؤامرة . وبعد هذا كله - لما نجا المسلمون إلى أرض تبعد 
عنها خمسوائة كيلو مثرا ‏ قامت بدورها السياسي لما لها من الصدارة الدنيوية والزعامة الدينية بين 
أوساط العرب » بصفتها ساكنة الحرم ومجاورة بيت الله وسدنته » فأغرت غيرها من مشركي 
الجزيرة ضد أهل المدينة » حتى صارت المدينة في شبه مقاطعة شديدة » قلت مستورداتها » في 
حين كان عدد اللاجئين يزيد يومأ فيوما . إن « حالة الحرب » قائمة يقيناً بين هؤلاء الطغاة من 
أهل مكة وبين المسلمين في وطنهم الحديد » ومن السفه تحميل المسلمين أوزار هذا الخصام9 . ٠‏ 

كان حقاً للمسلمين أن يصادروا أموال هؤّلاء الطغاة » کا صودرت أموالهم » وأن يدالوا 
عليهم من التنكيلات بمثل ما أدالوا بها » وأن يقيموا في سبيل حياتهم العراقيل کا أقاموها في سبيل 


)0( انظر صحيح البخاري 40۹/۱ › 057 011 . 
(۲) الكلمة الأخيرة محمد الغزالي في فقه السيرة ص۲١٠‏ . 


١85 


حياة المسلمين » وأن يكال لهؤلاء الطغاة صاعاً بصاع , حتى لا يجدوا سبيلاً لإبادة المسلمين » 
واستئصال خضرائهم . 

هذه هي القضايا والمشاكل التي كان يواجهها رسول الله عه حين ورد المدينة بصفته 
رسولاً هاديا وإماماً قائداً . 

وقد قام رسول الله ع بدور الرسالة والقيادة في المدينة » وأدلى إلى كل قوم بما كانوا 
يستحقونه من الرأفة والرحمة أو الشدة والنكال ‏ ولا شك أن الرحمة كانت غالبة على الشدة 
والعنت - حتى عاد الأمر إلى الاسلام وأهله في بضع سنوات » وسيجد القارىء كل ذلك جليا 
في الصفحات الاتية : 


- 187 


بناء مجتمع جديد 


قد أسلفنا أن نزول رسول الله ع بالمدينة في بني النجار كان يوم الجمعة ( ١١‏ ربيع الأول 
سنة ١ه‏ الموافق ۲۷ سبتمير سنة 7 57م ) » وأنه نزل في أرض أمام دار ألي أيوب » وقال : ههنا 
المتزل إن شاء الله » ثم انتقل إلى بيت أي أيوب . 
بناء المسجد النبوي: 
وأول خخطوة خطاها رسول الله َيه بعد ذلك هو إقامة المسجد النبوي . ففي المكان الذي ' 
ركت فيه ناقته أمر ببناء هذا المسجد » واشتراه من غلامين يتيمين كانا يملكانه » وساهم في بنائه 
بنفسه » فكان ينقل اللبن والحجارة ويقول : 
اللهم لا عيش إلا عيش الآأحرة فاغفر للأنصار والمهاجرة 
وكان يقول : ظ 
ما الخال لا فيال حجر “هيدا انسس رشنا طهر 
وكان ذلك ما يزيد نشاط الصحابة في البناء حتى إن أحدهم ليقول : 
لفن قعدنا والنبىي يعمل لذاك مناالعمل المضلل 
20 وكانت في ذلك المككان قبور المشركين » وكان فيه خرب ونخل وشجرة من غرقد » فأمر 
رسول الله عه بقبور المشركين فنبشت » وبالخرب فسويت » وبالنخل والشجرة فقطعت » 
وصفت في قبلة المسجد » وكانت القبلة الى بيت المقدس > وجعلت عضادتاه من حجارة › 
وأقيمت حيطانه من اللبن والطين » وجعل سقفه من جريد النخل » وعمده الجذوع » وفرشت ٠‏ 
أرضه من الرمال وا حصباء » وجعلت له ثلاثة أبواب » وطوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع » 
والجانبان مثل ذلك أو دونه » وكان اساشة قريب من ثلاثة أذرع . ) 
A4 -‏ - 


وبنى بیوتا إلى جانبه » بيوت الحجر باللبن » وسقفها بالجريد والجذوع » وهي حجرات 
أزواجه عه » وبعد تكامل الحجرات انتقل إلمها من بيت ألي أيوب7) 

ولم يكن المسجد موضعاً لأداء الصلوات فحسب » بل كان جامعة يتلقى فيها المسلمون 
تعاليم الاسلام وتوجيباته » ومنتدى تلتقي وتتالف فيه العناصر القبلية امختلفة التي طالما نافرت بينها 
التزعات الجاهلية وحرويها » وقاعدة لادارة جميع الشكون وبث الانطلاقات › واا لعقد احالس 


الاستشارية والتنفيذية . 
لهم هناك دار ولا مال ولا أهل ولا بنون 


وني أوائل امهجرة شرع الأذان » النغمة العلوية التي تدوي في الآفاق » كل يوم خمس مرات » 
والتي ترتج لما أنحاء عالم الوجود . وقصة رؤيا عبد الله بن زيد بن عبد ربه بهذا الصدد معروفة 
رواها الترمذي وأبو داود وأحمد وابن خزية . 


المؤاخاة بين المسلمين: 

م النبي َه ( ببناء المسجد ) مركز التجمع والتالف ؛ بسن عرس ارو 
ما يأثره التاريغ » وهو عمل المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار . قال ابن القم : ثم اخى 
رسول لله عه بين المهاجرين والأنصار » في دار أنس بن مالك » وكانوا تسعين رجلاً » نصفهم 

من المهاجرين » ونصفهم من الأنصار » حى ينهم على المواساة » ويتوارثون بعد الموت دون ذوي 
الأرحام > إلى حين وقعة بدر » فلما أنزل الله عز وجل وأولواًا لامب بعصم أو لوسَعْضِ» 
۷١ : ۸ (‏ )رد التوارث » دون عقد الأخوة . 


وقد قيل إنه اخى بين المهاجرين بعضهم مع بعض موّاخاة ثانية ... والثبت الأول » 
والمهاجرون كانوا مستغنين با الاسلام وأخحوة الدار وقرابة الت عن عمد مواخحاة حلاف 
المهاجرين - الأنصار ١‏ ا ھے , 

)0 صحيح البخاري ¥1/۱ ٠‏ 00۵ › .8ه زاد المعاد 5/7ه . 


(۲( انظر بلوغ المرام لابن حجر العسقلاني صه ١‏ 
(۳) زاد المعاد ٥٦/۲‏ . 





- 1868 


ومعنى هذا الإخاء ‏ کا قال محمد الغزالي ‏ أن تذوب عصبيات الجاهلية » فلا حمية إلا 
للاسلام » وأن تسقط فوارق النسب واللون والوطن » فلا يتقدم أحد أو يتأخر إلا بمروءته وتقواه . 

قد جعل الرسول ب هذه الأخوة عقداً نافذاً » لا لفظاً فارغاً » وعملاً يرتبط بالدماء 
والأموال » لا تحية تارثر اا 
بأروع الأمثال" . 

فقد روى البخاري أنهم لما قدموا المدينة آخى رسول الله عه بين عبد الرحمن وسعد بن 
الربيع » فقال لعبد الرحمن : إني أكثر الأنصار مالا » فاقسم مالي نصفين › ولي امرأتان » فانظر 
أعجبهما إليك فسمها لي » أطلقها » فإذا انقضت عدتها فتزوجها » قال : بارك الله لك في أهلك 
ومالك » وأين سوقكم ؟ فدلوه على سوق بني قينقاع » فما انقلب إلا ومعه فضل من أقط ومن » 
م تابع الغدو » ثم جاء يوم وبه أثر صفرة » فقال البي ع : مهم ؟ قال : : تروجت . قال 7 

سقت إليها ؟ قال : نوأة من ذهب ° 7 

وروى عن أي هريرة قال : قالت الأنصار للنبي عت : اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل . 
قال : لا . فقالوا : فتكفونا المؤنة » ونشرككم في القرة . قالوا : “معنا وأطعنا”) . 

وهذا يدلنا على ما كان عليه الأنصار من الحفاوة البالغة بإخوانهم المهاجرين » ومن التضحية 
والإيثار والود والصفاء » وما كان عليه المهاجرون من تقدير هذا الكرم حق قدره » فلم يستغلوه 
ولم ينالوا منه إلا بقدر ما يقيم أودهم . 

e‏ شه الزاخاء 5 وا فا کیا وخا را لک رد 
ميثاق التحالف الإسلامى: 

وكا قام رسول الله مُه بعقد المؤاخاة بين المؤمنين » قام بعقد معاهدة أزاح بها كل ما كان 
)1١9‏ فقه السيرة ص١۰٤۱ ٠ . ٠١١)‏ 
(۲) صحيح البخاري . باب إخاء النبي عه بين المهاجرين والأنصار 581/١‏ . 
(۳) صحيح البخاري ‏ باب إذا قال : اكفني مؤنة النخل إلخ ۳٠۲/١‏ . 

مكراد 


من حزازات الجاهلية » والنزعات القبلية » ولم يترك ممالا لتقاليد الجاهلية » وهاك بنودها 
0 

, سأ بل ٤‏ 5 | 5 200 ْ - 

هذا كتاب من محمد النبي - عو - بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويغرب ومن تبعهم 
فلحق بهم » وجاهد معهم : 

. أمهم أمة واحدة من دون الناس‎ )١( 

(۲) المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم » وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط 
بين المؤمنين » وكل قبيلة من الانصار على ربعتهم يتعاقلون مغاقلهم الأول » وكل طائفة منهم 

(۴) وأن المؤمنين لا يتركون مفرحاأ بينہم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل . 

(5) وأن المؤمنين المتقين على من بغى منهم » أو ابتغى دسيعة“ ظلم أو إِثم أو عدوان أو 
فساد بين الو منين . 

١ وأن یدہم عليه يها 4 ولو كان ولد أحدهم‎ (0 ١ 

(1) ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر . 

(۷) ولا ينصر كافرا على مؤمن . 

(8) وأن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم . 

(9) وأن من تبعنا من يبود فإن له النصر والأسوة » غير مظلومين ولا متناصرين عليهم . 

)٠١(‏ وأن سلم المؤمنين واحدة » لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على 
سواء وعدل بينهم . 

(۱۲) وانه لا يجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا , ولا يحول دونه على ممن . 

. وأنه من اعتبط مؤمنا!" قتلاً عن بينة فإنه قود به » إلا أن يرضى ولي المقتول‎ )١5( 


ا 
)١(‏ الدسع : الدفع كالدسر . والمعنى أي طلب دفع ظلم . لسان العرب بتصرف . 
ر١)‏ اعتيط مؤمناً قتلا : قتله بلا جناية كانت منه ولا جريرة توجب قتله . لسان العرب . 


~ AY - 


)١4(‏ وأن المؤمنين عليه كافة ولا يحل لهم إلا قيام عليه 

)١١(‏ وأنه لا يحل لمومن أن ينصر محدثا ولا يؤويه » وانه من نصره أو اواه فإن عليه لعنة الله 
وغضبه يوم القيامة » ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل . 

(11) وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد عه . 
أثر المعنويات فى المجتمع: ظ 

ببذه الحكمة » وببذه الحذاقة أرسى رسول الله عر قواعد مجتمع جديد » ولكن كانت 
. هذه الظاهرة أثراً للمعاني التي كان يتمتع بها أولفك الأمحاد بفضل صحبة النبي عه » وكان 
النبي َه يتعهدهم بالتعليم والتربية وتزكية النفوس والحث على مكارم الأخلاق » ويؤدبهم 
باداب الود والاخاء والمجد والشرف والعبادة والطاعة . 

ساله رجل : أي الاسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام » وتقرأ السلام على من عرفت ومن 
لم تعرف(" . 

قال عبد الله بن سلام : لما قدم النبى عى المدينة جكت » فلما تبينت وجهه » عرفت أن 
وجهه ليس بوجه كذاب » فكان أول ما قال : يا أيها الناس أفشوا السلام » وأطعموا الطعام › 
وصلوا الأرحام » وصلوا بالليل والناس نيام » تدخلوا الجنة بسلام" . 

وكان يقول : لا يدخل الحنة من لا اق جاره بوائقه0 2 . 

ويقول : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده“ . ٠‏ 


. ٥۰۳۰٥۰۲/۱ ابن هشام‎ )١( 

(۲) صحيح البخاري 425/١‏ . 

(۳) رواه الترمذي وابن ماجه والدارمي . مشكاة المصابيح ١58/١‏ . 
(4) رواه مسلم » مشكاة المصابيح ٤۲١/۲‏ . 

(ه-7) صحيح البخاري 5/١‏ . 


- \AA- 


ويقول : المؤمنون كرجل واحد » إن اشتكى عينه اشتكى كله » وإن اشتكى رأسه اشتكى 


كله() , 
ويقول : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" . 
ويقول : لا تباغضوا , ولا تحاسدوا » ولا تدابروا » وكونوا عباد الله إخواناً ولا يحل لمسلم أن 
بجر أخاه فوق ثلاثة أيام( . 
ويقول : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه » ومن كان في حاجة أخيه كان الله في 


حاجته » ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة » ومن ستر مسلما 
سره الله يوم القيامة9؟ . 


ويقول : ارحموا من في الأرض ير مکم من في السا“ . 

ويقول : ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جانبه . 

ويقول : سباب المؤمن فسوق » وقتاله كفر" . 

وكان يجعل : إماطة الأذى عن الطريق صدقة » ويعدها شعبة من شعب الايمان“ . 

وكان يحم على الانفاق > ويذكر من فضائله ما تتقاذف إليه القلوب » فكان يقول : 
الصدقة تطفىء الخطايا ا يطفىء الماء التار“ . 


ويقول : أيما مسلم كسا مسلما ثوبا على عري » كساه الله من خضر الجنة » وأيما مسلم 





. 477/١ رواه مسلم » مشكة المصابيح‎ )١( 

(۲) متفق عليه » مشكاة المصابيح ۲ » صحيح البخاري ۸٩۹۰/۲‏ . 

(۳) صحيح البخاري 815/7 . 

. 4717/7 متفق عليه مشكاة المصابيح‎ )٤( 

. ۱٤/۲ جامع الترمذي‎ > ۲٣٣/۲ بدن ان داود‎ 25١ 

(1) رواه البيقي في شعب الإيمان » مشكاة المصابيح ٤۲٤/۲‏ . 

(۷) صحيح البخاري ۸٩۳/۲‏ . 

)^( والحديث في ذلك مروي في الصحيحين » انظر مشكاة المصابيح ١517/١1/١‏ . 
(9) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه » مشكاة المصابيح ١4/١‏ . 


IAs 


أطعم مسلما على جوع أطعمه الله من ثمار الحنة » وأيما مسلم سقى مسلماً على ظماً سقاه الله من 
الرحيق الختوم“ . 

ويقول : اتقوا النار ولو بشق ثّرة » فإن لم تحد فبكلمة طيبة“ . 

ويجانب هذا كان يحث حثاً شديداً على الاستعفاف عن المسألة » ويذكر فضائل الصبر 
والقناعة » كان يعد المسألة كدوحاً أو خدوشاً أو خموشأ في وجه السائل . اللهم إلا إذا كان 
مضطرا » كا كان يحدث هم با في العبادات من الفضائل والأجر والثواب عند الله وكان يربطهم 
بالوحي النازل عليه من السماء ربطاً موثقاً يقرؤه عليهم » ويقرؤونه » لتكون هذه الدراسة إشعاراً ما 
عليهم من حقوق الدعوة » وتبعات الرسالة » فضلاً عن ضرورة الفهم والتدبر . 

وهكذا رفع معنوياتهم ومواهبهم » وزودهم باعل القم والأقدار والمثل » حتى صاروا صورة 
لأعلى قمة من الكمال عرفت في تاريخ البشر بعد الأنبياء . 

يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : من كان مستناً فليستن بن قد مات » فإن الحي 
لاتؤمن عليه الفتنة » أولئك أصحاب محمد مب » كانوا أفضل هذه الأمة » أبرها قلوباً » 
الس ا ل ا 0 
واتبعوهم على أثرهم » وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم » فإنهم كانوا على الهدى 
0 

م إن هذا الرسول القائد الأعظم ا كان يتمتع من الصفات المعنوية والظاهرة » ومن 

ا والمواهب والأيجاد والفضائل ومكارم الأحلاق ومحاسن الأعمال » با جعلته مهوي إليه 
الأفقدة » وتتفانى عليه النفوس » فما يتكلم بكلمة إلا ويبادر صحابته - رضي الله عنهم - إلى 
امتثالها » وما يأتي برشد وتوجيه إلا ويتسابقون إلى التحلي به . 


عثل هدا استطاع النبي عي أن يبني في المدينة مجتمعا جديدا > اروع واشرف مجتمع عرفه 


. ١59/١ سنن ابي داود » وجامع الترمذي . مشكاة المصابيح‎ )١( 

(۲) صحيح البخاري ۱۹۰/۱ › ۸٩۹۰/۲‏ . 

(6) انظر في ذلك أبا داود والترمذي والنساني وابن ماجه والدارمي » مشكاة المصابيح ٠١۳/١‏ . 
)٤(‏ رواه رزين » مشكاة المصابيح ۳۲/١‏ . 


ان 


التاريخ » وأن يضع لمشاكل هذا المجتمع حلا تتنفس له الإنسانية الصعداء » بعد أن كانت تعبت 
ن عياش الزمان ودراجير الطلمات. . 
الزمان حتى صرف وجهتها » وحول مجرى التاريم والايام . 


د 


معاهدة مع اليهود 


بعد أن هاجر النبي ع إلى المدينة » ووثق من رسوخ قواعد المجتمع الإسلامي الجديد › 
بإقامة الوحدة العقائدية والسياسية والنظامية بين المسلمين » رأى أن يقوم بتنظم علاقاته بغير 
المسلمين » وكان همه في ذلك هو توفير الآمن والسلام والسعادة والخير للبشرية جمعاء » مع تنظم 
المنطقة في وفاق واحدء فسن في ذلك قوانين السماح والتجاوز التي لم تعهد في عالم مليء 
بالتعصب والتغالي . 

وأقرب من كان يجاور المدينة من غير المسلمين هم المبود - كا أسلفنا ‏ وهم وإن كانوا 
يبطنون العداوة للمسلمين » لكن لم يكونوا أظهروا أية مقاومة أو خصومة بعد » فعقد معهم 
رسول الله عه معاهدة ترك لهم فيها مطلق الحرية في الدين والمال » ولم يتجه إلى سياسة الإبعاد 
أو المصادرة والخصام . ظ 

وجاءت هذه المعاهندة ضمن المعاهدة التي تمت بين المسلمين أنفسهم » والتي مر ذكرها 
قريباً . وهاك أهم بنود هذه المعاهدة : 
بنود المعاهدة: 

ل ل ل د 
كذلك لغير بني عوف من اليهود . 

(۲) وإن على المبود نفقتهم » وعلى المسلمين نفقتهم . 

(۳) وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة . 

. وإن بينهم النصح والنصيحة › والبر دون الالم‎ )٤( 

-147- 


. (0) وإنه لم يام امرؤ بحليفه . 

(1) وإن النصر للمظلوم . 

(۷) وإن اليبود يتفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين . 

(۸) وإن يثرب حرام جوفها لأجل هذه الصحيفة . 

(9) وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى 
لله عز وجل » وإلى محمد رسول الله عه . 

. وإنهلا تجار قريش ولا من نصرها‎ )٠١( 

)١١(‏ وإن بينهم النصر على من دهم يثرب ... على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي 

(؟١)‏ وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو الم“ . 

وبإبرام هذه المعاهدة صارت المدينة وضواحيها دولة وفاقية » عاصمتها المدينة ورئيسها - إن 
صح هذا التعبير - رسول الله عه » والكلمة النافذة والسلطان الغالب فيها للمسلمين » وبذلك 
أصبحت المدينة عاصمة حقيقية للاسلام . 

ولتوسيع منطقة الأمن والسلام عامد النبي ع قبائل أخرى في المستقبل بمثل هذه 
المعاهدة » حسب الظروف » وسياني ذ كرها . 


)3( انظر ابن هشام ١/".مه‏ 5.ه. 


- ۱۹۳ -- 


الكفاح الدامي 


استفزازات قريش ضد المسلمين بعد الهجرة واتصالهم بعبدالله بن أبي: 

قد أسلفنا ما كان يأتي به كفار مكة من التنكيلات والويلات ضد المسلمين » وما فعلوا بهم 
عند الحجرة » ما استحقوا لأجلها المصادرة والقتال » إلا أمهم ل يكونوا ليفيقوا من غيهم » ويمتنعوا 
عن عدوائهم › » بل زادهم غيظاً أن فاتهم المسلمون ووجدوا مأمنأ ومقرأ بالمدينة » فكتبوا إلى عبد 
الله بن أبي بن سلول » وكان إذ ذاك مشركا بصفته رئيس الأنصار قبل الهجرة - فمعلوم ام كانوا 
مجتمعين عليه » وكادوا يجعلونه ملكأ على أنفسهم لولا أن هاجر رسول الله عي وأمنوا به - كتبوا 
إليه وإلى أصحابه المشركين يقولون لهم في كلمات باتة : 

إنكم اويتم صاحبنا » وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه » أو لنسيرن إليكم بأجمعنا » حتى 
نقتل مقاتلتكم » ونستبيح نساء 6 

وبمجرد بلوغ هذا الكتاب قام عبد الله بن ألي ليتثل أوامر إخوانه المشركين من أهل مكة 
- وقد كان يحقد على النبي عه » لما يراه أنه استلبه ملكه ‏ يقول عبد الرحمن بن كعب : فلما 
بلغ ذلك عبد الله بن أبي ومن كان معه من عبدة الأوثان اجتمعوا لقنال رسول الله َه » فلما 

بلغ ذلك النبي ع لقعم » فقال : لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ » ما كانت تكيدم بأكثر 
ما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم ‏ تريدون أن تقاتلوا أبناء م وإخوانكم > فلما ”معوا ذلك من 
ابي ع ت تفرقوا" . 

- امتنع عبد الله بن أي بن سلول عن إرادة القتال عند ذاك ؛ لما رأى خورا أو رشداً في 
(۱) أبو داود باب خبر النضير . 
(۲) نفس المصدر . 

ظ 144 


أصحابه » ولكن يبدو أنه كان متواطفاً مع قريش » فكان لا يجد فرصة إلا وينتهزها لإيقاع الشر 
بين المسلمين والمشركين » وكان يضم معه اليهود ؛ ليعينوه على ذلك , ولكن تلك هي حكمة 
النبي عو التي كانت تطفىء نار شرهم حينا بعد حين" . 


إعلان عزيمة الصد عن المسجد الحرام: 

م إن سعد بن معاذ انطلق إلى مكة معتمراً » فنزل على أمية بن خلف بمكة » فقال لأمية : 
انظر لي ساعة خلوة لعلي أن أطوف بالبيت » فخرج به قريبا من لقف النہار » فلقيهما أبو جهل 
فقال : يا أبا صفوان » من هذا معك ؟ فقال : هذا سعد » فقال له أبو جهل : ألا أراك تطوف 
بمكة امنا وقد أويتم الصباة » وزعمتم أنكم تنصرونهم » وتعينونهم > أما والله 0 أنك مع أي 
صفوان ما رجعت إلى أهلك سالا » فقال له سعد ورفع صوته عليه : أما والله لقن منعتني هذا 
لأمنعك ما هو أشد عليك منه » طريقك على أهل المدينة" . 


قريش تهدد المهاجرين: 

ثم إن قريشاً أرسلت إلى المسلمين تقول هم : لا يغرنكم أنكم أفلتمونا إلى يغرب » سناتيكم 
فنستأصلكم ونبيك خضراء م في عقر دارگ" . 

ولم يكن هذا كله وعيدا جردا » فقد تأكد عند رسول الله َيه من مكائد قريش وإرادتها 
على الشر ما كان لأجله لا يبيت إلا ساهرا» أو في حرس من الصحابة » فقد روى مسلم في 
صحيحه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: سهر رسول الله يا مقدمه المدينة ليلة» فقال: 
ليت رجلاً صا حاً من أصحابي يحرسني الليلة » قالت فبيئا نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح » 
فقال : من هذا ؟ قال : سعد بن أبي وقاص › فقال له رسول الله عي : ما جاء بك ؟ فقال : 
وقع في نفسبي خوف على رسول الله عه » فجفت أحرسه » فدعا له رسول الله عوه نم 
نام . 
)١(‏ انظر في هذا الصدد صحيح البخاري 1۰۰/۲ › 974091756565 . 
)۲( صحيح البخاري » كتاب المغازي ۳/۲ . 
(۳) رحمة للعالمين ١١5/١‏ . 

سبيل الله ٤٠٤/١‏ . 

15946 


ولم تكن هذه الحراسة مختصة ببعض الليالي بل كان ذلك أمرأً مستمراً» فقد روى عن 


عائشة قالت : كان رسول الله رس ليلا حتى نزل وو عمك مالاس 
فأخرج رسول الله عَويلك رأسه من القبة › فقال : يا أيها الناس انصرفوا عني فقد عصمني الله عز 
جل" . ٠‏ 

ر 


ولم يكن الخطر مقتصرا على رسول الله عا ٠‏ بل على المسلمين كافة » فقد روى أبي بن 
كعب » قال : لما قدم رسول الله مُه وأصحابه المدينة واوتهم الأنصار رمتهم العرب عن قوس 
واحدة » وكانوا لا يبيتون إلا بالسلاح ولا يصبحون إلا فيه . 


الإذن بالقتال: 
ا هذه الظروف.الخطيرة التي كانت تهدد كيان المسلمين بالمدينة › ی اكات تنبىء عن 
قريش أ لا يفيقون عن غيهم ١‏ ولا يمتنعون عن عردهم ال أنزل الله عار الإذن القتال 


8 ا رم2 


للمسلمين » ولم يفرضه عليهم قال تعالى : « أَذِن لذن علوت نَهُم ظلْموأوإنَالله 
علْنصَرهم لَفَرِيرٌ ) (۲۲ : 09) . 

وأنزل هذه الأية ضبرر ايات ار شدتہم إلى أن هذا الآذن إنما هو الإزاحة الباطل » 
شعائر الله » قال تعالى : <( لي محر ضما موا الصلوة وءاتوأ]لركر: 
موا لمع روف وتهوأعنالمنكر 4 (۲ :6( 

والصحيح الذي لا مندوحة عنه أن هذا الاذن إنما نزل بالمدينة بعد الهجرة » لا بمكة » 
ولكن لا يمكن لنا القطع بتحديد ميعاد التزول . 

نزل الإذن بالقتال » ولكن كان من الحكمة إزاء هذه الظروف ‏ التي مبعثها الوحيد هو قوة 
قريش وتمردها ‏ أن يبسط المسلمون سيطرتهم على طريق قريش التجارية المؤدية من مكة إلى 
الشام » واختار رسول الله عه لبسط هذه السيطرة خطتين : 

الأولى : عقد معاهدات الحلف أو عدم الاعتداء مع القبائل التي كانت مجاورة هذا 
ای ا الت ان ا ذا الطرين ونا بين اا ا وقد بلقنا مانت د ع 


. ٠۳١١/۲ جامع الترمذي أبواب التفسير‎ )١( 
A 


الييود » وكذلك كان عقد معاهدة الحلف أو عدم الاعتداء مع جهينة قبل الأخذ في النشاط 
العسكري » وكانت مساكنهم على ثلاثة مراحل من المدينة » وقد عقد معاهدات أثناء دورياته 
الك وان د ها 

القانية : إرسال البعوث واحدة تلو الأخرى إلى هذا الطريق . 


الغزوات والسرايا قبل بدرا": 

ولتنفيذ هاتين الخطتين نذا فى الین النشاط العسكري فعلاً بعد نزول الاذن بالقتال , 
وقاموا بحركات عسكرية هي أشبه بالدوريات الاستطلاعية » وكان المطلوب منها هو الذي أشرنا 
اليه من الاستكشاف والتعرف على الطرق المحيطة بالمدينة » والمسالك المؤدية إلى مكة » وعقد 
المعاهدات مع القبائل ان الطرق » وإشعار مشركي يثرب ويبودها وأعراب 
البادية الضاربين حوفا 3 المفلييئ أقوياء » وأنهم تخلصوا من ضعفهم القديم » وإنذار قريش 
عقبى طيشها » حتى تفيق عن غيها الذي لا تزال تتوغل في أعماقه » وعلها تشعر بتفاقم الخطر 
على اقتصادها وأسباب معايشها فتجنح إلى السلم » وتمتنع عن إرادة قتال المسلمين في عقر 
دارهم » وعن الصد عن سبيل الله » وعن تعذيب المستضعفين من المؤمنين في مكة » حتى 
يصير المسلمون أحراراً في إبلاغ رسالة الله في ربوع الجزيرة . 

وفها يلي أحوال هذه السرايا بالإيجاز : 

ا سيل النخر و رمطان ننه هد اراق س اك ام سول :أت ع 
على هذه السرية حمزة بن عبد المطلب » وبعثه في ثلائين رجلاً من المهاجرين » يعترض عيراً 
لقريش جاءت من الشام » وفيها ابو جهل بن هشام في ثلاتمائة رجل » فبلغوا عن بجر ون 
ناحية العيص”'' . فالتقوا واصطفوا للقتال . فمشى مجحدي بن عمرو الجهني - كان حليفاً 
للفريقين جميعاً ‏ بين هؤلاء وهؤلاء » حتى حجز بينهم » فلم يقتتلوا . 

وله أو لواء عدو رمعل الله ر كان ایض وو كان حاقل آنا فرق 
كناز بن حصن الغنوي . 

)01 سمى المؤرخون ما خرج فيه النبي عي بنفسه غزوة » حارب فيبا أم لم يحارب وما خرج فيه أحد قادته سرية . 
(۲) العيص - بالكسر ‏ مكان بين ينبع والمروة ناحية البحر الأحمر . 
-191- 





١‏ - سرية رابغ » في شوال سنة ١‏ من الحجرة - أبيل سنة 1۲۲۳م » بعث سول لله ع 
عبيدة بن الحارث بن المطلب في ستين راكب من المهاجرين » فلقي أبا سفيان - وهو في مائتين ‏ 
على بطن رابغ » وقد ترامى الفريقان بالنبل » ولم يقع قتال . 
وي هذه السرية انضم رجلان من جيش مكة إلى المسلمين » رهما المقداد بن عمرو المهراني » 
وعتبة بن غزوان المازني » وكانا مسلمين » حرجا مع الكفار ؛ ليكون ذلك وسيلة للوصول إلى 
المسلمين . وكان لواء عبيدة أبيض » وحامله مسطح بن أثاثة بن المطلب بن عبد مناف . 

 “‏ مسرية الخرَّار2'2 » في ذي القعدة سنة ١ه‏ الموافق مايو سنة 5377م » بعث رسول 
الله عه سعد بن أي وقاص في عشرين راكباً » يعترضون عير لقريش » وعهد إليه أن لا يجاوز 
الخرار » فخرجوا مشاة يكمنون بالنہار ويسيرون بالليل حتى بلغوا الخرار صبيحة خمس » فوجدوا 
العير قد مرت بالامس 

كان لواء سعد رضي الله عنه أبيض » وحمله المقداد بن عمرو . 

؛ - غزوة الأبواء أو ودان“ - في صفر سنة 1ه الموافق أغسطس سنة 1۲۳م » خرج 
رسول الله عَم بنفسه » بعد أن استخلف على المدينة سعد بن عبادة » في سر سبعين رجلا من 
e‏ 


زمانه ¢ وهاك نص المعاهدة : ٠‏ 


هذا كتاب من محمد رسول الله لبني ضمرة » فإنهم امنون على أمواهم وأنفسيم وإن لهم 
nd‏ واد الى أذ واس الور 
أجابوه" . 

وهذه أول غزوة غزاها رسول الله عه » وكانت غيبته خمس عشرة ليلة » وكان اللواء 
أبيض » وحامله حمزة بن عبد المطلب . 
)١(‏ الخرار - بالفتح فالتشديد ‏ بالقرب من الجحفة . ' 
(۲) وداث ‏ بالفتح فالتشديد . موضع بين مكة والمدينة » بينه وبين رابغ مما يلي المدينة تسعة وعشرون ميلا » 

والابواء موضع بالقرب من ودان . 
(۳) انظر المواهب اللدنية ۷٠/١‏ وشرحه للزرقاني . 


-1١548- 


ه ‏ غزوة بواط 2 في شہر ربيع الاول سنة ۲ه سبتمبر سنة ۳٣1۲م‏ » خرج رسول 
الله عله في مائتين من أصحابه » يعترض عير لقريش فما أمية بن خلف الجمحي ومائة رجل 
من قريش » والفان وخمسمائة بعير » فبلغ بواطا من ناحية رضوى ' ولم يلق كيدا . 

واستخلف في هذه الغزوة على المدينة سعد بن معاذ » واللواء كان أبيض » وحامله سعد بن 

- غزوة سفوان » في شہر ربيع الأول سنة ۲ه سبتمبر سنة 1۲۳م أغار كرز بن جابر 
الفهري في قوات خفيفة من المشركين على مراعي المدينة » ونبب بعض المواشي » فخرج رسول 
الله َيه في سبعين رجلا من أصحابه لمطاردته » حتى بلغ واديا يقال له سفوان من ناحية بدر » 
ولكنه لم يدرك كرزا وأصحابه » فرجع من دون حرب » وهذه الغزوة تسمى بغزوه بدر الاولى . 

واستخلف في هذه الغزوة على المدينة زيد بن حارثة » وكان اللواء أبيض » وحامله علي بن 
أي طالب . 

¥ غزوة ذي العشيرة ب فق جادي الأول » وجمادي الآخرة سنة ٢ه‏ الموافق توقمير 

8 ا صاش > .. 0000 :ْ 

وديسمير سنة 77م » خرج رسول الله عه في خمسين ومائة ويقال : في مائتين » من 
المهاجرين » ولم يكره أحدا على الخروج » وخرجوا على ثلاثين بعيرا يعتقبونها » يعترضون عيرا 
لقريش » ذاهبة إلى الشام » وقد جاء الخبر بفصوها من مكة فيا أموال لقريش › فبلغ ذا 
العشيرة!'" » فوجد العير قد فاتته بايام » وهذه هي العير التي حرج في طلبها حين رجعت من 
الشام » فصارت سببا لغزوة بدر الكبرى . 

وكان خروجه عَم في أواخر جمادى الأولى » ورجوعه في أوائل جمادى الآخرة على ما قاله 
ابن إسحاق » ولعل هذا هو سبب اختلاف أهل السير في تعيين شبر هذه الغزوة . 

وف هذه الغزوة عقد رسول الله عي معاهدة عدم اعتداء مع بني مدلح وحلفائهم من بي 
صم 


)١(‏ بواط ( بالضم ) ورضوى » جبلان فرعان أصلهما من جبال جهينة : ما يلي طريق الشام » بينه وبين المدينة نحو 


(۲) العشيرة ‏ مصغراً » ويقال : العشيراء بالمد » وقيل : العسيرة بالمهملة - موضع بناحية ينبع . 
5 


واستتخلف على المدينة في هذه الغزوة أبا سلمة بن عبد الأسد امخزومي ‏ وكان اللواء في هذه 
الغزوة أبيض » وحامله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه . 

ادح سر ا - في رجب سنة ۲ه الموافق يناير سنة ٤۲٦م‏ » بعث رسول الله عي 
عبد الله بن + جحش الأسدي إلى نخلة في اثني عشر رجلاً من المهاجرين » كل اثنين يعتقبان على 

وكان رسول الله َك كتب له كتاباء وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين » ثم ينظر 
فيه . فسار عبد الله » ثم قرا الكتاب بعد يومين » فإذا فيه « إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى 
تازل نخلة بين مكة والطائف » فترصد بها عير قريش » وتعلم لنا من أخبارهم » فقال : معا 
وطاعة » وأخبر أصحابه بذلك » وأنه لا يستكرههم » فمن أحب الشهادة فلينبض » ومن كره 
الموت فليرجع » وأما أنا فناهض » فنبضوا كلهم , غير أنه لما كان في أثناء الطريق أضل سعد بن 
أي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا هما كانا يعتقبانه » فتخلفا في طلبه . 

وسار عبد الله بن جحش حتى نزل بنخلة » فمرت عير لقريش تحمل زبيباً وأدمأ وتجارة ‏ 
وفيها عمرو بن الحضرمي وعثان ونوفل ابنا عبد الله بن المغيرة والحكم بن كيسان مولى بني 
المغيرة » فتشاور المسلمون وقالوا : نحن في آخر.يوم من رجب + الشير الحرام »إن فانلناهم 
انتبكنا الشهر الحرام » وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم › ثم اجتمعوا على اللقاء » فرمى أحدهم 
عمرو بن الحضرمي فقتله » وأسروا عثان والحكم » وأفلت نوفل » ثم قدموا بالعير والأسيرين إلى 
المدينة » وقد عزلوا من ذلك الخمس » وهو أول خمس كان في e‏ 
وأول أسيرين في الإسلام . 

وأنكر رسول الله عه ما فعلوه » وقال :ما أمرتكم بقعال في الشبر الحرام » ووقف التصرف 
في العير والأسيرين . 0 / : ١‏ 

ووجد المشركون فيا حدث فرصة لاتهام المسلمين بانهم قد أحلوا ما حرم الله » وكثر في 
ذلك القيل والقال » تى نزل الوحي حاسم هذه الأقاويل » وأن ما عليه المشركون أكبر وأعظم مما 
ارتكه المسلمون ‏ ) 

«يحَلُوتَكَعَنِألكَم الحا ِقتَالِفِهِفلوِسَالَفِهِ کروم سور وكفربه 
e‏ مِنهأ كير عِنْدَأََهوَالْفِقَنَة كبري لفل 201:4 

۰ 


فقد صرح هذا الوحي بأن الضجة التي افتعلها المشركون لاثارة الريبة في سيرة المقاتلين 
المسلمين لا مساغ ها » فإن الحرمات المقدسة قد انتبكت كلها في محاربة الاسلام » واضطهاد 
أهله » ألم يكن المسلمون مقيمين بالبلد الخرام حين تقرر سلب أموالهم وقتل نبيهم ؟ فما الذي 
أعاد لهذه الحرمات قداستها فجأة » فأصبح انتهاكها معرة وشناعة ؟ لا جرم أن الدعاية التي أذ 
ينشرها المشركون دعاية تبتنى على وقاحة ودعارة . 

وبعد ذلك أطلق رسول الله ع سراح الأسيرين » وأدى دية المقتول إلى أوليائه“ . 


¥ ¥ ¥ 


تلكم السرايا والغزوات قبل بدر » لم يجر في واحدة منها سلب الأموال وقتل الرجال » إلا 
بعد ما ارتكبه به الشركون: في قيادة كرر بن جابر الفهري ٠‏ فالبداية إا هي من المشركين مع 
ما كانوا قد أوتوه قبل ذلك من الأفاعيل . 

وبعد وقوع ما وقع في سرية عبد الله بن جحش تحقق خوف المشركين » وتجسد أمامهم 
الخطر الحقيقي » ووقعوا فيا كانوا يحشون الوقوع فيه » وعلموا أن المدينة في غاية من التيقظ 
والتربص » تترقب كل حركة من حركاتهم التجارية » وأن المسلمين يستطيعون أن يزحفوا إلى 
ثلاثمائة ميل تقريباً » ثم يقتلوا ويأسروا رجاهم » ويأخذوا أموالهم » ويرجعوا سالمين غين » وشعر 
هؤلاء المشركون بأن تحارتهم إلى الشام أمام حطر دام » لكنهم بدل أن يفيقوا عن غيهم ويأخذوا 
طريق الصلاح والموادعة - كا فعلت جهينة وبنو ضمرة - ازدادوا حقداً وغيظا » وصمم 
صناديدهم وكبراؤهم على ما كانوا يوعدون ويهددون به من قبل » من إبادة المسلمين في عقر 
دارهم » وهذا هو الطيش الذي حاء بهم ا بدر . 

أما المسلمون فقد فرض الله علمهم القتال بعد وقعة سرية عبد الله بن جحش › في شهر 
شعبان سنة ١هء‏ وأنزل في ذلك انات ينات «[ ولوا سبی لاا اَذ توو 
ع دو اکال لایع ب المع دت ر وا عن ادرف رارف ونه 
)١(‏ أخذنا تفاصيل هذه السرايا والغزوات من زاد المعاد ۸۳/۲ › 84 ۰ ۰۸١‏ وابن هشام 551/١‏ إلى 508 2 

a الأول ادر‎ 245521458445١54 ۲۱١/۲ 21١52 ۱۱۰/۱ ورحمة للعالمين‎ 

هذه الغزوات والسرايا » وفي تعيين عدد الخارجين فيها . واعتمدنا في ذلك على تحقيق العلامة ابن القيم والعلامة 

المنصورفوري . 


ERE 


ا 22 د م Ar Corrs‏ ت ⁄ رە م 2چت 2 ع 4 
أحرجوة: والفدنة أسدين ألمتل ولائقلوهم عند السجد رار یلوک o‏ 
0 هش گر الگ ين ا ان انوا ناه عَمُور يحم 6 ووه کی کون نة 


3014 صر 


ون الله انهو مَلاعْدون ال4 ١17:1 "١‏ وميم 


و 


ثم لم يلبث أن أنزل الله تعالى علميم ایات من نوع آخر » يعلمهم فيبا طريقة القتال ‏ ويحثهم 
عليه » وبين هم بعض أحكامه ادا قيفرو صر بَالرَابحوة امور شدوالوَاقَ 
امنب وماد حى لر مكلك ولد شا لاسرم كنإو tee‏ 
عض وین واف سپیل الله فان بض عله ی6 سید چم وَيصَلِح باهم ن و ا لمت ةعرقها 
کہ © اا زیی این ت واا صر يكبت ادامر 1/06 :4 » ٦ » ٠‏ » 


ثم ذم الله الذين طفقت أفهدمهم ترجف وتخفق حين سمعوا الأمر بالقتال : # فاد آ أنزكَ 

راو 200 رم سه م اس سل لود رو 01 
0 كمه وذ كرفب لقتال رات ت دين ف فلو مهم رض ينر و دإ ك نالمعي 
عه مَِالْمَوَبٌ 4 الآية (47 : )٠١‏ . 

وإيجاب القتال والحض عليه › والأمر بالاستعداد له هو عين ما كانت تقتخ قب الا رال 
ولو كان هناك قائد يسبر أغوار الظروف لأمر جنده بالاستعداد لجميع الطوارىء » فكيف بالرب 
العليم المتعال › فالظروف كانت تقتضي عراكاً داميا , بين الحق والباطل 1 وكانت وقعة سرية 
عبد الله بن جحش ضربة قاسية على غيرة المشركين وحميتهم » المتهم » وتركتهم يتقلبون على مثل 
الجمر . 

وآيات الأمر بالقتال تدل بفحواها على قرب العراك الدامي » وأن النصر والغلبة فيه 
للمسلمين نبائيا » انظر كيف يأمر الله المسلمين بإخخرا ج المشركين من حيث أخرجوهم » وكيف 
يعلمهم أحكام الجند المتغلب في الأسارى > والاثخان في الأرض > حتى تضع الحرب أوزارها ظ 
| ا . ولكن ترك كل ذلك مستوراً ؛ حتى يأتي كل رجل با 


وي هذه 7 5-5 ف شعبان ۲ھ /فبراير 4م أمر الله تعالى بتحويل القبلة من بيت 





555 حقق الأسعاذ الك أبو الأعل المودودي ا مدلل أن سورة محمد رلت قبل بدر )2 راجع تفهم القران 
۱۲/٥‏ . 
ل ا 


المقدس إلى المسجد الحرام » وأفاد ذلك أن الضعفاء والمنافقين من اليبود الذين كانوا قد دخلوا في 
صفوف المسلمين لاثارة البلبلة انكشفوا عن المسلمين » ورجعوا إلى ما كانوا عليه » وهكذا 
تطهرت صفوف المسلمين عن كثير من أهل الغدر والخيانة . 

وفي تحويل القبلة إشارة لطيفة إلى بداية دور جديد » لا ينتبي إلا بعد احتلال المسلمين هذه 
القبلة » أو ليس من العجب أن تكون قبلة قوم بيد أعدائهم » وإن كانت بأيديهم فلا بد من 
لصا يوما ها :: 

وبعد هذه الأوامر والاشارات زاد نشاط المسلمين » واشتدت نزعاتهم إلى الجهاد في سبيل 
الله ولقاء العدو في معركة فاصلة . 


ب 


غزوة بدر الكبرى 
أول معركة من معارك الإسلام الفاصلة 


سبب الغزوة: 

قد أسلفنا في ذكر غزوة العشيرة أن عيراً لقريش أفلتت من النبي عو في ذهابها من مكة 
إلى الشام » ولما قرب رجوعها من الشام إلى مكة بعث رسول الله عي طلحة بن عبيد الله 
وسعيد بن زيد إلى الشمال » ليقوما باكتشاف خبرها » فوصلا إلى الحوراء » ومكثا حتى مر بہما 
أبو سفيان بالعير » فأسرعا إلى المدينة » وأخبرا رسول الله عي بابر . 

كانت العير مركبة من ثروات طائلة من أهل مكة » ألف بعير موقرة بالأموال » لا تقل عن 
خمسين ألف دينار ذهبي » ولم يكن معها من الحرس إلا نحو أربعين رجلا . 

إنها فرصة ذهبية لعسكر المدينة » وضربة عسكرية وسياسية واقتصادية قاصمة ضد المشركين 
لو أمهم فقدوا هذه الثروة الطائلة » لذلك أعلن رسول الله عله في المسلمين قائلاً : هذه عير 
قريش فيا أموالهم » فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها .. 

ولم يعزم على أحد بالخروج » بل ترك الأمر للرغبة المطلقة › لما أنه لم يكن يتوقع عند هذا 
الانتداب أنه سيصطدم بجيش مكة ‏ بدل العير - هذا الاصطدام العنيف في بدر » ولذلك 
تخلف كثير من الصحابة في المدينة » وهم يحسبون أن مضي رسول الله ع في هذا الوجه لن 
يعدو ما ألفوه في السرايا الماضية » ولذلك لم ينكر على أحد تخلفه في هذه الغزوة . 


مبلغ قوة الجيش الإسلامي وتوزيع القيادات: 
واستعد رسول الله ع للخروج ومعه ثلامائة وبضعة عشر رجلا (271» أو 23514 
۷ رجلا ) » ۸۲ أو ۸۳ أو ۸٦‏ من المهاجرين » و١5‏ من الأوس و١۷٠‏ من الخزرج . وم 


RPE 


يحتفلوا لهذا الخروج احتفالاً بليغأ » ولا اتحذوا أهبتهم كاملة » فلم يكن معهم إلا فرسان » فرس 
والثلاثة على بعير واحد » وكان رسول الله عه وعلي ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيرا 
واحدا . 

واستخلف على المدينة وعلى الصلاة ابن أم مكتوم » فلما كان بالروحاء رد أبا لبابة بن 
عبد المنذز » واستعمله على المدينة . 

ودفع لواء القيادة العامة إلى مصعب بن عمير القرشي العبدري » وكان هذا اللواء أبيض . 

وقسم جيشه إلى كتيبتين : 

. كتيبة المهاجرين » وأعطى علمها على بن أي طالب‎ - ١ 

- كتيبة الأنصار » وأعطى علمها سعد بن معاذ . 

0 اليمنة ا ( وعل امسر‎ AN 
: القيادة العامة في يده ار أعلى للجيش‎ 
الجيش الإسلامي يتحرك نحو بدر:‎ 

سار رسول الله عه في هذا الجيش غير المتأهب » فخرج من نقب المدينة » ومضى على 
الطريق الرئيسي المؤدي إلى مكة » حتى بلغ بثر الروحاء ولا ارتحل منها » ترك طريق مكة بيسار » 
وانحرف ذات اليين على النازية ( يريد بدرا ) » فسالك في ناحية منها » حتى جزع واديا يقال له 
رحقان » بين النازية وبين مضيق الصفراء » ثم مر على المضيق » ثم انصب منه حتى قرب من 
الصفراء » وهنالك بعث بسبَس بن عمرو الجهني وعدي , 57 الزغباء الجهني إلى بدر يتجسسنان 
له أخبار العير . 
النذير فى مكة: 

وأما حبر العير فإن أبا سفيان ‏ وهو المسؤول عنبها - كان على غاية من الحيطة والحذر » 
فقد كان يعلم أن طريق مكة محفوف بالأخطار » وكان يتحسس الأخبار » ويسأل من لقي من 


5١0 


الركبان » ولم يلبث أن نقلت إليه استخباراته بأن محمدا - عه - قد استنفر أصحابه ليوقع 
بالعير » وحينكذ استأجر أبو سفيان ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة » مستصرخا لقريش 
بالنفير إلى عيرهم » لهنعوه من محمد - عه - وأصحابه » وخرج ضمضم سريعاً حتى أنى 
مكة » فصرخ ب ببطن الوادي واقفأ على بعيره » وقد جدع أنفه » وحول رحله » وشق قميصه › 
دفول با عدر فر اا م اک ارک مع أي فيان فك عرض نلا تملا في 
أضحابة» لا ارى أن تذركوها + الغوت الغوت:. 


اهل مكة يتجهزون للغزو: 

فتحفز الناس سراعا » وقالوا : أيظن محمد وأصحابه أن تكون كير ابن الحضرمي ؟ كلا » 
واللّه ليعلمن غير ذلك » فكانوا بين رجلين » إما خخارج » وإما باعث مكانه رجلا » وأوعبوا في 
الخروج » فلم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أي هب » فإنه عوض عنه رجلاً كان له عليه 
ل لي 0 


قوام الجيش المكى: 
وكان قوام هذا الجيش نحو ألف وثلامائة مقاتل في بداية سيره » وكان معه مائة فرس وستائة 
0 وجمال كثيرة لا يعرف عددها بالضبط › وكان قائدذه العام أبا 0 
التكرة كبر هه ا م ااا ف ٠‏ فاا تحرو پیا قشعا ويوما کر من 
الإبل . 
ولا أجمع هذا الجيش على المسير » ذكرت قريش ما كان بينها وبين بني بكر من العداوة 
ظ والحرب » فخافوا أن تضربهم هذه القبائل من ٠‏ الخلف » فيكونوا بين نارين » فكاد ذلك يثنيهم » 
ولكن حيئذ تبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن + جعشم المدلجي - سيد بني كنانة - 
فقال لهم : أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه . 


255 


جيش مكة يتحرك: 

د خرجوا من ديارهم » ک) قال الله : ل بطر وَرِضَاءأَلتَاسَ و و کے عن سَييِلٍ 
له © » وأقبلوا ما قال رسول الله عو - « بحدهم وحديدهم » يحادون الله ويحادون رسوله » » 
لوغ دواع ل ردقد رت 4 > وعلى حمية وغضب وحنق على رسول الله عو وأصحابه » لاجتراء هؤلاء 
على قوافلهم . 

تحركوا بسرعة فائقة نحو الشهال في تجاه بدر » وسلكوا في طريقهم وادي عسفان » ثم قديد , 
ثم الجمحفة » وهناك تلقوا رسالة جديدة من أي سفيان يقول هم فما : إنكم إنما خرجتم لتحرزوا 
عبرم ورجالكم وأموالکم » وقد تحاها اله فارجعرا . 


وكان من قصة أي سفيان أنه كان يسير على الطريق الرئيسي » ولكنه لم يزل حذرأ متيقظاً : 
وضاعف حركاته الاستكشافية » ولا اقترب من بدر تقدم عيره » حتى لقي محدي بن عمرو ‏ 
وسال عن جي المدينة + قال : ما رات أخندا أنكره الا أن قله را را کی قد اناا إلى هذا 
اكل 2 اتان شن ها :ع «اتطلقا 6 فادر او متفياق ال ماعا > فأخذ من أبعار 
بعيرهما » ففته » فإذا فيه النوى » فقال : هذه والله علائف يغرب » فرجع إلى ره شبريعا + 
وضرب وجهها محولا اتجاهها نحو الساحل غرباً » تاركاً الطريق الرئيسي الذي ير ببدر على اليسار 
ومهذا نجا بالقافلة من الوقوع في قبضة جيش المدينة » وأرسل رسالته إلى جيش مكة التي تلقاها في 
الجحفة . 


هم الجيش المكي بالرجوع ووقوع الانشقاق فيه: 
وللاتر سه ماسجا ماس رع 0 أبو جهل في 
كبرياء وغطرسة قائلا : والله لا نرجع حتى نرد بدرا› فنقيم بها ثلاثا فن فننحر الجزور » ونطعم 
الطعام » > ونسقي الخمر > وتعزف لنا القيان » وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا » فلا يزالون 
ولكن على رغم أي جهل أشار الأخنس بن شريق بالرجوع فعصوه » فرجع هو وبنو زهرة 
N‏ 


- وكان حليفاً همم ورئيسا عليهم في هذا النفير - فلم يشبد بدرا زهري واحد ‏ ورا حولي 
ثلاثمائة رجل » واغتبطت بنو زهرة بعد برأي الأخنس بن شريق » فلم يزل فيهم مطاعاً معظماً . 
وأرادت بنو هاشم الرجوع » فاشتد عليهم أبو جهل » وقال : لا تفارقنا هذه العصابة حتى 
25-6 ظ 
فسار جيش مكة وقوامه ألف مقاتل بعد رجوع بني زهرة - وهو يقصد بدرا - فواصل 
سيره حتى نزل قريبا من بدر » وراء كثيب يقع بالعدوة القصوى على حدود وادي بدر . 


حراجة موقف الجيش الإسلامي : 

أما استخبارات جيش المدينة فقد نقلت إلى رسول الله عر - وهو لا يزال في الطريق 
بوادي ذفران ‏ خبر العير والنفير » وتأكد لديه بعد التدبر في تلك الأخبار أنه لم يبق مجال 
للاجتناب عن لقاء دام » وأنه لابد من إقدام يبنى على الشجاعة والبسالة » والجراءة » والحسارة » 
فمما لا شك فيه أنه لو ترك جيش مكة يجوس خلال تلك المنطقة يكون ذلك تدعماً لمكانة 
قريش العسكرية:» وامتداداً لسلطائها السياسي » وإضعافاً لكلمة المسلمين وتوهيناً ها » بل ريا 
تبقى الحركة الإسلامية بعد ذلك جسداً لا روح فيه » ويجرؤ على الشر كل من فيه حقد أو غيظ 
على الاسلام في هذه المنطقة . 

وبعد هذا كله فهل يكون هناك أحد يضمن للمسلمين أن يمنع جيش مكة عن مواصلة 
ا وا وو ويغزو المسلمين في عقر دارهم . كلا » فلو 
حدث من جيش المدينة نكول ما لكان له أسوأ الأثر على هيبة المسلمين وسمعتهم . ) 
المجلس الاستشاري | 

ونظراً إلى هذا التطور الخطير المفاجىء عقد رسول الله سه مجلساً عسكرياً استشاريا 
أعلى 5 أشار فيه فيه إلى الوضع الراهن » وتبادل فيه الرأي مع عامة جيشه » وقادته E‏ ترعزع 
قلوب فريق من e‏ ؛ وخافوا اللقاء الدامي »وهم الذين قال الله فهم ل کما حر جك ريك من 
كالح ددر بام الْمَؤْمِنِينَ رهشون O‏ دكن لبان 
ساون إ لمو وهم ينظرون ‏ وأما قادة الجيش ؛ فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن › 


- ° A- 





“م قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن » ثم قام المقداد بن عمرو فقال : « يا رسول الله » امض لما 
أراك الله فنحن معك » والله لا نقول لك م قالت بنو إسرائيل لمومبى : اذهب أنت وربك 
فقاتلا إنا ههنا قاعدون » ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون , فو الذي بعثك 
بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه ۲ . 

فقال له رسول الله عه خيرا ودعا له به . 

وهؤلاء القادة الثلاثة كانوا من المهاجرين , وهم أقلية في اليش » فأحب رسول الله لت 
أن يعرف رأي قادة الأنصار » لأمهم كانوا يمثلون أغلبية الجيش » ولأن ثقل المعركة سيدور على 
كواهلهم » مع أن نصوص العقبة لم تكن تلزمهم بالقتال خارج ديارهم ‏ فقال بعد ماع كلام 
هؤلاء القادة الثلاثة : « أشيروا عل أيها الناس » وإنغا يريد الأنصار » وفطن إلى ذلك قائد 
الانصار وحامل لوامبم سعد بن معاذ » فقال : 

والله » لكانك تريدنا يا رسول الله ؟ 

قال : أجل . 

قال : « فقد امنا بك » فصدقناك » وشهدنا أن ما جعت به هو الحق » وأعطيناك على ذلك 
عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة » فامض يا رسول الله لما أردت فوالذي بعثك بالحق لو 
استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك » ما تخلف منا رجل واحد » وما نكره أن تلقى 
بنا عدوا غدا » إنا لصبر في الحرب » صدق في اللقاء » ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك » فسر 
بنا على بركة الله » . 

وفي رواية أن سعد بن معاذ قال لرسول الله عي : لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقا 
عليها أن لا تنصرك إلا في ديارهم » وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم » فاظعن حيث شت » 
وصل حبل من شئت » واقطع حبل من كت » وخذ من أموالنا ما شعت » وأعطنا ما شعت » 
وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت » وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك » فو الله لشن 
سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك » ووالله لن استعرضت بنا هذا البحر فخضته 
لخضناه معك . 

فسر رسول الله عه بقول سعد » ونشطه ذلك » ثم قال : سيروا وأبشروا » فإن الله تعالى 
قد وعدني إحدى الطائفتين , والله لكاني الآن أنظر إلى مصارع القوم . 

- 7١9 - 


ال يش الإسلامي يواصل سيره: 
ثم ارتحل رسول الله عه من ذفران » فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر » ثم انحط منها إلى 
بلد يقال له الدية » وترك الحنان بيمين - وهو كثيب عظم الأصل ثم نزل قريب من بدر . 


الرسول ‏ :1 يقوم بعملية الاستكشاف: 

وهناك قام بنفسه بعملية الاستكشاف مع رفيقه في الغار أي بكر الصديق رضي الله عنه » 
وبينا هما يتجولان حول معسكر مكة إذا هما بشيخ ن العرت:ه افسالة.رسول الله ا غ 
قريش وعن محمد وأصحابه ‏ سأل عن الجيشين زيادة في التكتم - ولكن الشيخ قال : لا أخبر 
حتى تخبراني ممن نتا ؟ فقال له رسول الله عه : إذا أخبرتنا أخبرناك » قال : أو ذاك بذلك ؟ 
قال : نعم . ) 

قال الشيخ : فإنه بلغني أن محمدأ وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا ء فإن كان صدق الذي 
أخبرني فهو اليوم بمكان كذا وكذا - للمكان الذي به جيش المدينة - وبلغني أن قريشاً خرجوا 
يوم كذا وكذاء فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم و كذا وكذا ‏ للمكان الذي به 

ولا فرغ من خبره قال : من انها ؟ فقال له رسول الله عه نحن من ماء » ثم انصرف عنه » 
وبقي الشيخ يتفوه » ما من ماء ؟ أمن ماء العراق ؟ 


الحصول على أهم المعلومات عن الجيش المكي: 

وي مساء ذلك اليوم بعث استخباراته من جديد » ليبحث عن أخبار العدو » وقام هذه 
العملية ثلاثة من قادة المهاجرين ؛ علي بن اللي طالب والزبير بن العوام وسعد بن الي وقاص ي نفر 
من أصجابه » ذهبوا إلى ماء بدر » فوجدوا غلامين يستقيان لجيش مكة › فالقوا عليهما القبض 
وجاعوا بهما إلى الرسول عي > وهو في الصلاة » فاستخبرهما القوم , فقالا : نحن سقاة قريش 
بعثونا نسقيهم من الماء » فكره القوم ورجوا أن يكونا لأبي سفيان - لا تزال في نفوسهم بقايا أمل 
في الاستيلاء على القافلة ‏ فضربوهما موجعاء حتى اضطر الغلامان أن يقولا : نحن 

لأبي سفيان » فتركوهما . 

7١ - ظ‎ 


ولا فرغ رسول الله َيه عن الصلاة قال هم كالعاتب : إذا صدقاكم ضربتوهما وإذا 
كذبام تركتموهما » صدقا والله » إنهما لقريش . 

ثم حاطب الغلامين قائلا : أخبراني عن قريش » قالا : هم وراء هذا الكثيب الذي ترى 
بالعدوة القصوى » فقال هما : 5 القوم ؟ قالا : كثير . قال : ما عدتهم ؟ قالا : لا ندري › 
قال : ک ينحرون كل يوم ؟ قالا : یوما تسعاً ويوماً عشرا » فقال رسول الله عه : القوم فا بين 
التسعمائة إلى الألف » ثم قال هما : فمن فيهم من أشراف قريش ؟ قالا : عتبة وشيبة ابنا ربيعة » 
وأبو البخري بن ا و ؛ ونوفل بن خويلد » والحارث بن عامر » وطعيمة بن 
عدي » والنضر بن الحارث وزمعة بن الأسود » وأبو جهل بن هشام » وأمية بن خلف في رجال 
“مياهم . 

فأقبل رسول الله عله على الناس » فقال : هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها . 


نزول المطر: ظ 

وأنزل الله عز وجل في تلك الليلة مطرأً واحداً » فكان على المشركين وابلاً شديداً منعهم من 
التقدم » وكان على المسلمين طلا طهرهم به » وأذهب عنهم رجس الشيطان » ووطاً به الأرض » 
وصلب به الرمل » وثبت الاقدام » ومهد به المتزل » وربط به على قلوبهم . 


الجيش الإسلامى يسبق إلى أهم المراكز العسكرية: 

وتحرك رسول الله ع بجيشه » ليسبق المشركين إلى ماء بدر » ويحول بينهم وبين الاستيلاء 
عليه » فتزل عشاء أدنى ماء من مياه بدر » وهنا قام الحباب بن المنذر كخبير عسكري وقال : 
يا رسول الله » أرأيت هذا المنزل » أمنزلاً أنزلكه الله » ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه ؟ أم هو 
الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال : بل هو الرأي والحرب والمكيدة » قال : يا رسول الله » فإن هذا 
ليس بمنزل » فامهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم - قريش - فننزله ونغوّر - أي خرب - 
ما وراءه من القلب » ثم نبني عليه حوضا » فنملأه ماء » ثم نقاتل القوم » فنشرب ولا يشربون » 
فقال رسول الله عو : لقد أشرت بالرأي 

ممع بردو اد ا ی یولع ف ل ٤‏ 
صنعوا الحياض » وغوروا ما عداها من القلب . 
-771١-‏ 


مقر القيادة: 

5 59 :. نا صاالله . 
المسلمون مقرأ لقيادته » استعدادا للطوارىء » وتقديرا للهزيمة قبل النصر » حيث قال : « يا نبي 
الله ألا نبني لك عريشاً تكون فيه » ونعد عندك ركائبك » ثم نلقى عدونا » فإن عزنا الله وأظهرنا 
على عدونا كان ذلك ما أحببنا » وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك » فلحقت جن وراءنا 
من قومنا » فقد تحلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن باشد لك حبا منهم » ولو ظنوا أنك تلقى 
حرباً ما تخلفوا عنك » يمنعك الله بهم » يناصحونك » ويجاهدون معك » . 

فأثنى عليه رسول الله عي حيرا » ودعا له بخير » وبنى المسلمون عريشا على تلك مرتفع يقع 
في الشهال الشرتي لميدان القتال » ويشرف على ساحة المعركة . 

کا تم اتتخاب فرقة من شباب الأنصار بقيادة سعد بن معاذ » يحرسون رسول الله عو 
حول مقر قيادته . 


تعبئة الجيش وقضاء الليل: 

ثم عباً رسول الله عل جيشه » ومشى في موضع المعركة » وجعل يشير بيده : هذا 
مصرع فلان غدا إن شاء الله » وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله" , ثم بات رسول الله ع 
يصلي إلى جذع شجرة هنالك » وبات المسلمون ليلهم هادىء الأنفاس منير الآفاق » غمرت 
E er‏ لير 2 اح هلد با 
یکم اماس امةن ورل یکم ناماو ما یھ رکم یو وذ هب عور 
لطن وبر یط عل فلو ا ا ۴ (۸: ۱۱( . 


كاذك عتم الليله ليله اللتمعة + السابع عدر من راق ا ا ار ون 
خروجه في ۸ أو ۱۲ من نفس الشهر . 


)١( -‏ انظر جامع الترمذي أبواب الجهاد » باب ما جاء في الصف والتعبئة 7١1/١‏ . 
(۲) رواه مسلم عن أنس ء انظر مشكاة المصابيح ٠٤١/۲‏ . 
IS‏ 


الجميش المكى فى عرصة القتال ووقوع الانشقاق فيه: 

أما قريش ؛ فقضت ليلتها هذه في معسكرها بالعدوة القصوى » ولا أصبحت أقبلت في 
كتائبها » ونزلت من الكثيب إلى وادي بدر » وأقبل نفر منهم إلى حوض رسول الله عي » فقال : 
دعوهم » فما شرب أحد منهم يؤْمئذ إلا قتل » سوى حكم بن حزام » فإنه لم يقتل » وأسلم بعد 
ذلك »روسن ا ا اجتي في امون فال لا والذاي عا عن بيو باد افلم 
اغات ويد بعث عمير بن وهب الجمحي ؛ للتعرف على مدى قوة جيش المدينة » فدار عمير 
بفرسه حول العسكر ريحم ا فل وجل + درن فللا أو مرن وگن 
أمهلوني حتى أنظر أللقوم كمين أو مدد ؟ فضرب في الوادي حتى أبعد » فلم ير شيئا » فرجع 
إلهم فقال : ما وجدت شيئا » ولكني قد رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا » نواضح يغرب 
تحمل الموت الناقع » قوم ليس معهم منعة ولا ملجا إلا سيوفهم › والله ما أرى أن يقتل رجل منهم 
حتى يقتل رجلا منكم » فإذا أصابوا منكم أعدادك » فما خير العيش بعد ذلك » فروا رأيكم . 

وحينئذ قامت معارضة أخرى ضد أي جهل جهل - المصمم عل على المعركة ‏ تدعو إلى العودة 
بالحيش إلى مكة دوغا قتال ‏ فقد شى حكم بن حزام في الناس » وأى عتبة بن ربيعة فقال : 
يا أبا الوليد إنك كبير قريش » وسيدها والمطاع فيا » فهل:لك إلى خير تذكر به إلى اخر الدهر ؟ 
قال : وما ذاك يا حكيم ؟ قال : ترجع بالناس » وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي 
- المقتول في سرية نخلة - فقال عتبة : قد فعلت » أنت ضامن عل بذلك » إنما هو حليفي فعلّ 
عقله ديته وما أصيب من ماله . 

ثم قال عتبة لحكيم بن حزام : فأت ابن الحنظلية - أبا جهل » والحنظلية أمه - فإني 
لا أحشى أن يشجر أمر الناس غيره . 

م قام عتبة بن ربيعة خطيباً فقال : يا معشر قريش » إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا حمدا 
وأصحابه شيئاً » والله لشن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر إلى وجه رجل يكره النظر إليه » قتل ابن 
عمه أو ابن خاله أو رجلا من عشيرته » فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب » فإن أصابوه 
فذاك الذي أردتم » وإن كان غير ذلك ألفا م ولم تعرضوا منه ما تريدون . 


IS 


الطريق إلى الشام العدوة الدنيا إلى المدينة العدوة القصوى 

معسكر فريش القلعة موقع قربة بدر البساتين معسكر اميش الإسلامي 
سكنى البدو مقابر شبداء بدر المقيرة العامة المبل الأسفل إلى مكة الشمال 
خريطة غزوة بدر 





- ۲۱€ 


وانطلق حكيم بن حزام إلى ألي جهل - وهو يبب درعاً له - قال يا أبا الحكم إن عتبة 
أرسلني بكذا وكذا » فقال أبو جهل : انتفخ والله سحره حين رأى محمداً وأصحابه » كلا والله 
لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد » وما بعتبة ما قال » ولكنه رأى أن محمداً وأصحابه أكلة 
جزور » وفيهم ابنه - وهو أبو حذيفة بن عتبة كان قد أسلم قدي وهاجر - فتخوفكم عليه . 

ولما بلغ عتبة قول أبي جهل : « انتفخ والله سحره ٠‏ » قال عتبة : سيعلم مصفر استه من 
انتفخ سحره » أنا أم هو ؟ وتعجل أبو جهل مخافة أن تقوى هذه المعارضة . فبعث على إثر هذه 
الحاورة إلى عامر بن الحضرمي - أخي عمرو بن الحضرمي المقتول في سرية عبد الله بن جحش - 
فقال : هذا حليفك ( أي عتبة ) يريد أن يرجع بالناس » وقد رأيت ثأرك بعينك » فقم فانشد 
خفرتك » ومقتل أخيك » فقام عامر » فكشف عن استه » وصرخ : واعمراه » واعمراه فحمي 
القوم » وحقب أمرهم ‏ واستوثقوا على ما هم عليه من الشر » وأفسد على الناس الرأي الذي 
دعاهم إليه عتبة . وهكذا تغلب الطيش على الحكمة » وذهبت هذه المعارضة دون جدوى . 


الجيشان يتراءان: 

ولا طلع المشركون » وتراى الجمعان قال رسول الله عله : « اللهم هذه قريش قد أقبلت 
يلاها وفخرها . تحادك وتكذب رسولك » اللهم فنصرك الذي وعدتي » اللهم أحنهم 
الغداة » . وقد قال رسول الله عه - ورأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر - إن يكن 
في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر › إن يطيعوه يرشدوا . 

وعدل رسول الله عه صفوف المسلمين » وبينا هو يعدها وقع أمر عجيب » فقد كان في 
يده قدح يعدل به » وكان سواد بن غزية مستنصلا من الصف » فطعن في بطنه بالقدح وقال : 
١‏ استو يا سواد » » فقال سواد : يا رسول الله أوجعتني فأقدني » فكشف عن بطنه » وقال : 
« استقد ) » فاعتنقه سواد وقبل بطنه » فقال : وما حملك على هذا يا سواد » ؟ قال : 
يا رسول الله قد حضر ما ترى » فاردت أن يكون اخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك . فدعا 
له رسول الله عو خير . 

ولا تم تعديل الصفوف أصدر أوامره إلى جيشه بأن لا يبدأوا القتال حتى يتلقوا منه الأوامر 


STO 


الأخيرة » ثم أدلى إلهم بتوجيه حاص في أمر الحرب فقال : « إذا أكثبوك - يعني كثروك _ 
فارموهم » واستبقوا نبلكم'" » ولا تسلوا السيوف حتى يغشوك”"2 » ثم رجع إلى العريش هو 
وأبو بكر خاصة » وقام سعد بن معاذ بكتيبة الحراسة على باب العريش . 

أما المشركون فقد استفتح أبو جهل في ذلك اليوم فقال : اللهم أقطعنا للرحم » واتانا با 
لا نعرفه » فاحنه الغداة » اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم » وني ذ ذلك أنزل 
اله إن تقح همد جا ڪم کم الکتح وَإ نپوا مهو کیرک ون تود وأ تعد ون نی 


نکر فش کم سینا کر (48: .)١5‏ 


ساعة الصفر وأول وقود المعركة: 

وكان أول وقود المعركة الأسود بن عبد الأسد الخزومي - وكان رجلاً شرساً سيء الخلق - 
حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه » فلما التقيا ضربه حمزة » فاطن قدمه بنصف ساقه وهو دون 
الحوض » فوقع على ظهره تشخب رجله دما نحو أصحابه » ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه : 
يريد أن تبر يمينه » ولكن حمزة ثنى عليه بضربة أخرى أنت عليه وهو داخل الحوض . 
المبارزة: 

وكان هذا أول قتل أشعل نار المعركة » فقد خرج بعده ثلاثة من خيرة فرسان قريش كانوا 
من عائلة واحدة » وهم عتبة وأخوه شيبة ابنا ربيعة » والوليد بن عتبة » فلما انفصلوا من الصف 
طلبوا المبارزة » فخرج إلمهم ثلاثة من شباب الأنصار » عوف ومعوذ ابنا الحارث - وأمهما 
عفراء ‏ وعبد الله بن رواحة » فقالوا : من أنتم ؟ قالوا : رهط من الأنصار . قالوا : أكفاء كرام » 
ما لنا بكم حاجة » وإنما نريد بني عمنا » ثم نادى مناديهم : يا محمد » أخرج إلينا أكفاءنا من 
قومنا » فقال رسول الله عه م ياغبيدة بن اخارت» رقم يا جره 6« وقم .يا علي » » فلما 
قاموا ودنوا منهم › قالوا : من أنتم ؟ فأخبروهم » فقالرا : أنتم أكفاء كرام » فبارز عبيدة ‏ وكان 
)١(‏ صحيح البخاري ٥1۸/۲‏ . 
(١‏ عفن أت داود في سل السيوف عند اللقاء ۳/۲ 1 

5 


أسن القوم - عتبة بن ربيعة » وبارز حمزة شيبة » وبارز علي الوليد'“ » فأما حمزة وعلي فلم يمهلا 
قرننهما أن قتلاهما » وأما عبيدة فاختلف بينه وبين قرنه ضربتان » فأئخن كل واحد منهما 
صاحبه » ثم كر علي وحمزة على عتبة فقتلاه واحتملا عبيدة » وقد قطعت رجله ؛ فلم يزل صمتا 
حتى مات بالصفراء بعد أربعة أو خمسة أيام من وقعة بدر » حينا كان المسلمون في طريقهم إلى 
المدينة . 


ر عد 
وكان علي يقسم بالله أن هذه الآية نزلت فيهم فإ هلذان خصمان ا خلصموأ في ركيم الآبة . 


الهجوم العام: 

وكانت نبهاية هذه المبارزة بداية سيئة بالنسبة إلى المشركين › فقدوا ثلاثة من خيرة فرسائهم 
وقادتهم دفعة واحدة » فاستشاطوا غضبا » وكروا على المسلمين كرة رجل واحد , 

وأما المسلمون فبعد أن استنصروا ربهم » واستغاثوه » وأخلصوا له » وتضرعوا إليه » تلقوا 
هجمات المشمركين المتوالية > وهم مرابطون ف مواقعهم « واقفون موقف الدفاع ( وقد الحقوا 
بالمشركين خسائر فادحة › وهم يقولون : أحد أحد . 


الرسول ‏ ية يناشد ربه: 

وأما رسول الله عه ؛ فكان منذ رجوعه بعد تعديل الصفوف يناشد ربه ما وعده من 
النصر » ويقول : « اللهم أنجز لي ما وعدتني » اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك » . حتى إذا حمي 
الوطيس » واستدارت رحى الحرب بشدة » واحتدم القتال » وبلغت المعركة قمتهاء قال : 
؛ اللهم إن تبلك هذه العصابة اليوم لا تعبد » اللهم إن شعت لم تعبد بعد اليوم أبدا » . وبالغ في 
الابتهبال حتى سقط رداؤه عن منكبيه » فرده عليه الصديق » وقال : حسبك يا رسول الله » 
ألححت على ربك . 


۳ 1 ع رس ء 0 عر ر ر 0 عرو ل ريو هم 


)١١‏ هنذا عل ما قاله ابن إسحاق » وفي رواية أحمد واي داود أن عبيدة بارز الوليد » وعلي بارز شيبة » وحمرة بارز 
عتبة . مشكاة المصابيح 5417/17 . 


TV2 


الرضت » ' وأوحى رسوله ووی اوا کرت # - أي أنهم 


نزول الملائكة: 


وأغفى رسول الله تله إغفاءة واحدة ‏ ثم رفع رأسه فقال e‏ 
على ثناياه النقع » ( أي الغبار ) . وني رواية محمد بن إسحاق : قال رسول الله عو : « أبشر 
يا أبا بكر » أتاك نصر الله » هذا جبريل أخذ بعنان فرسه يقوده » على ثناياه النقع » . 

Ilo‏ سح 

ثم حرج رسول الله عه من باب العريش » وهو يشب في الدرع » ويقول :3 سيرم انع 
1 3954 الاسم مو شيا سم ب ا ل 
NICS E‏ 

ا جح سس صا ر سا م 
وفمه من تلك القبضة » وفي ذلك أنزل الله : # وما میک ذرميت ولل 0 تەرى 4 
.)١7:8(‏ 


الهجوم المضاد: 

وحينئذ أصدر إلى جيشه أوامره الأخيرة بالهجمة المضادة فقال : « شدوا » » وحرضهم على 
القتال » قائلا : « والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير 
مدبر إلا أدخله الله الجنة » » وقال وهو يحضهم على القتال : « قوموا إلى جنة عرضها السموات 
والأرض » » ( وحينئذ ) قال العمير بن الحمام : ج . بم » فقال رسول الله عله : « ما يحملك 
على قولك : بخ . بخ ٠‏ ؟ قال : لاء والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها › قال : 
١‏ فإنك من أهلها » . فأخرج ترات من قرنه » فجعل يأكل منهن » ثم قال : لفن أنا حيبت حتى 
اكل تراتي هذه إنها لحياة طويلة » فرمى بما كان معه من القر » ثم قاتلهم حتى قتل7" . 

وكذلك سأله عوف بن الحارث - ابن عفراء - فقال : يا رسول الله ما يضحك الرب من 
عبده ! قال غمسه يده في العدو حاسراً » فز ع درعا كانت عليه » فقذفها , ثم أخذ سيفه فقاتل 
القوم حتى قتل . 


. ۳۳٠۱/۲ رواه بعك ۱۳۹/۲ ؛ مشكاة المصابيح‎ )١١ 





- Y\A- 


وحين أصدر رسول الله عي الأمر بال هجوم المضاد كانت حدة هجمات العدو قد 
ذهبت » وفتر حماسه » فكان هذه الخطة الحكيمة أثر كبير في تعزيز موقف المسلمين » فإمهم حينا 
تلقوا أمر الشد والهجوم ‏ وقد كان خاحي لحرن عل E‏ قامرا بحرم كاسع مرينء 
فجعلوا يقلبون الصفوف . ويقطعون الأعناق ٠‏ وزادهم نشاطأ وحدة أن رأوا رسول الله عات 
يشب في الدرع » ويقول في جزم وصراحة ‏ سيهرم! | ع ويول نادير 4 فقاتل المسلمون أشد 
القتال » ونصرتهم الملائكة » ففي رواية ا قال : كان يومئذ يندر رأس الرجل 
لا يدري من ضربه » وتندر يد الرجل لا يدري من ضربها » وقال ابن عباس : بيه رجل من 
حا اح ل ار را 
يقل افم .سيروم + : فنظر إلى المشرك أمامه » فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله َيه » 
فقال : ١‏ صدقت » ذلك من مدد السماء الثالثة”") » . وقال أبو داود المازني ا لأتبع رجلا من 
المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي » فعرفت أنه قد قتله غيري . وجاء رجل 
من الأنصار بالعباس بن عبد المطلب أسيراً » فقال العباس : إن هذا والله ما أسرني درل 
رجل أجلح من أحسن الناس وجها على فرس أبلق » وما أراه في القوم » فقال الأنصاري 
أسرته يا رسول الله » فقال : « اسكت فقد أيدك الله بملك كريم » . 


وما رى إبليس 1 قة بن مالك بن جعشم المدلجي 5 ذكرناء ول 

يكن فارقهم منذ ذلك الوقت - فلما رأى ما يفعل الملائكة بالمشركين فر ونكص على عقبيه » 

وتخت به الحارث بن هشام - وهو يظنه سراقة ‏ فوكز في صدر الحارث فألقاه » ثم خرج 
هارا » وقال له الم ن : إلى أين يا سراقة ؟ ألم تكن قلت : إنك جار لنا » لا تفارقنا ؟ فقال : 


رها ا ون > إني أخاف الله » والله شديد العقاب » ثم فر حتى ألقى نفسه في البحر . 
الهزيمة الساحقة: 
وندات. أمارانك الفشل والاضطراب في صفوف المشركين » وجعلت تتهدم أمام حملات 


(۱) روى مثل ذلك مسلم ٩۳/۲‏ وغيره . 


TIN 


المسلمين العنيفة » واقتربت المعركة من نهايتها » وأخذت جموع المشركين في الفرار والانسحاب 
المبدد » وركب المسلمون ظهورهم ياسرون ويقتلون حتى تمت عليهم الزيمة . 


صمود أبي جهل: 

أما الطاغية الأكبر أبو جهل › فإنه لما رأى أول أمارات الاضطراب في صفوفه حاول أن 
يصمد في وجه هذا السيل » فجعل يشجع جيشه » ويقول لهم في شراسة ومكابرة : لا ييزمنكم 
خذلان سراقة إياكم » فإنه كان على ميعاد من محمد » ولا يبولنكم قتل عتبة وشيبة والوليد » فإنهم 
قد عجلوا » فواللات والعزى لا نرجع حتى نقرنهم بالحبال » ولا ألفين رجلا منكم قتل مہم 
رجلا ولكن 'خذوهم أخذا » حتى نعرفهم بسوء صنيعهم . 

ولكن سرعان ما تبدى له حقيقة هذه الغطرسة » فما لبث إلا قليلاً حتى أخذت الصفوف 
تتصد ع أمام تيارات هجوم المسلمين . نعم بقي حوله عصابة من المشركين » ضربت حوله 
سياجاً من السيوف وغابات من الرماح » ولكن عاصفة هجوم المسلمين بددت هذه السياج 
وأقلعت هذه الغابات » وحينعذ ظهر هذا الطاغية » وراه المسلمون يجول على فرسه » وكان الموت 
ينتظر أن یشرب من دمه بايدي غلامين انصاريون . 


مصرع أبي جهل: 

قال عبد الرحمن بن عوف : إني لفي الصف يوم بدر إذ التفت » فإذا عن يميني وعن يساري 
فتيان حديثا السن » فكأني لم آمن بمكائهما » إذ قال لي أحدهما سرا من صاحبه : يا عم » أرني 
با جهل » فقلت : يا ابن أخي » فما تصنع به ؟ قال : أخبرت أنه يسب رسول الله عر ؛ 
قال : والذي نفسي بيده لثن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الاعجل منا » فتعجبت 
لذلك . قال : وغمزني الآحر » فقال لي مثلها » فلم أنشي أن نظرت إلى أني جهل يحول في 
الناس » فقلت : ألا تريان ؟ هذا صاحبكما الذي تسألاني عنه » قال : فابتدراه بسيفيهما فضرباه 
حتى قنلاه » ثم انصرفا إلى رسول الله ی » فقال : « أيكما قتله » ؟ فقال كل واحد منهما : أنا 
قعلقه » قال : وهل مسحتا سيفيكما » ؟ فقالا : لاء فنظر رسول الله عه إلى السيفين » 


1 


فقال : « كلام قتله ۲ » وقضى رسول الله عي بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح » والرجلان 
معاذ بن عمرو بن الجموح ومعوذ بن عفراء" . 

وقال ابن إسحاق : قال معاذ بن عمرو بن الجموح : معت القوم » وأبو جهل في مثل 
الحرجة - والحرجة : الشجر الملتف » أو شجرة من الأشجار لا يوصل إليها » شبه رماح 
المشركين وسيوفهم التي كانت حول ألي جهل الحفظه بهذه الشجرة - وهم يقولون : أبو الحكم 
لا خلص إليه » قال :فلما سمعتها جعلته من شأني فصمدت نحوه » فلما أمكنني حملت عليه › 
فضربته ضربة أطنت قدمه ‏ أطارتها - بنصف ساقه » فوالله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة 
تطيح من حت مرضخة النوى حين يضرب بها . قال : وضربني ابنه عكرمة على عاتقي » فطرح 
يدي » فتعلقت بجلدة من جنبي » وأجهضني القتال عنه » فلقد قاتلت عامة يومي وإني لأسحبها 
خلفي » فلما اذتني وضعت عليها قدمي , ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها'" ثم مر باي جهل 
- وهو عقير - معوذ بن عفراء » فضربه حتى أثبته » فتركه وبه رمق » وقاتل معوذ حتى قتل . 

ولا انتبت المعركة قال رسول الله َيه : من ينظر ما صنع أبو جهل ؟ فتفرق الناس في 
طلبه » فوجده عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وبه آخر رمق » فوضع رجله على عنقه » وأخذ 
لحيته ليحتز رأسه » وقال : هل أخزاك الله يا عدو الله ؟ قال : وبماذا أخزاني ؟ أعمد من رجل 
قتلتموه"' ؟ أو هل فوق رجل قتلتموه ؟ وقال : فلو غير أكار قتلي » ثم قال ا 
اليوم ؟ قال : لله ورسوله , ثم قال لابن مسعود - وكان قد وضع رجله على عنقه - لقد ارتقيت 
مرتقى صعباً يا رويعي الغنم » وكان ابن مسعود من رعاة الغنم في مكة . 

وبعد أن دار بينهما هذا الكلام احتز ابن مسعود رأسه » وجاء به إلى رسول الله كله ء 
فقال : يا رسول الله » هذا رأس عدو الله أبي جهل ء فقال : ١‏ الله الذي لا إله إلا هوم ؟ 
فرددها ثلاث , نم قال : « الله أكبر » الحمد لله الذي صدق وعده » ونصر عبده » وهزم الأحزاب 
وحده » انطلق أرنيه » » فانطلقنا فأريته إياه » فقال : « هذا فرعون هذه الأمة » . 


)١(‏ صحيح البخاري ٥٦۸/۲ » 411/١‏ » مشكاة المصابيح ٠ ٠٠۲/۲‏ وإغا حص بالسلب واحداً منهما لأن 
الثاني قتل شهيداً في نفس المعركة . 

(۲( بقي معاذ هذا إلى زمن عثان بن عفان رضي الله عنه . 

)۳( أي ليس علي عار فلن أبعد أن أكون رجلاً قتله قومه . 


- 755١ 


من روائع الإيمان قى هذه المعركة 

لقد أ لفنا نموذجين رائعين من عمير بن الحمام وعوف بن الحاردث ‏ ابن عفراء ‏ وقد 
تحلت في هذه المعركة مناظر رائعة » تبرز فيها قوة العقيدة وثبات المبداً » ففي هذه المعركة التقى 
الآباء بالأبناء » والأخوة بالأخوة » خالفت بينهما المبادىء » ففصلت بينهما السيوف » والتقى 
المقهور بقاهره » فشفى منه غيظه . ) 


١‏ - روى ابن إسحاق عن ابن عباس أن النبي ع قال لأصحابه : « إني قد عرفت أن 
رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهاً > لا حاجة لهم بقتالنا » فمن لقي أحداً من بني 
هاشم فلا يقتله » ومن لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله » ومن لقي العباس بن عبد المطلب 
فلا يقتله » فإنه إنما أخرج مستكرهاً » » فقال أبو حذيفة بن عتبة : أنقتل اباءنا وأبناءنا وإخواننا 
وعشيرتنا ونترك العباس » > والله لفن لقيعه لألحمنه ‏ أو لألجمنه ‏ بالسيف 
رسول الله يله » فقال لعمر , بن الخطاب : ويا أبا حفص » أيضرب وجه عم رسول الله ل 
بالسيف » » فقال عمر : يا رسول الله » دعني فلأضرب عنقه بالسيف » فوالله لقد نافق . 

فكان أبو حذيفة يقول : ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ » ولا أزال منها 
خحائفا!لا أن تكفرها عني الشهادة . فقتل يوم اليامة شبيداً . 

53220 E 
بمكة » وكان لا يؤذيه ولا يبلغ عنه شيء يكرهه » وكان ممن قام في نقض صحيفة مقاطعة بي‎ 
فا وبي ا‎ 

ولكن أبا البختري قعل رغم هذا كله » وذلك أن الجذر بن زياد البلوي لقيه في المعركة ۽ 
ومعه زميل له > يقاتلان سوياً » فقال المجذر : يا أبا البختري إن رسول الله عي قد نهانا عن 
قتلك » فقال : وزميلي ؟ فقال امجذر : اراد ناح وري روات وهال ا 
| أنا وهو جميعاً » ثم اقتتلا » فاضطر المجذر إلى قتله . 

۳ كان عبد الرحمن ب قوف الاين على و ا قله کان ج 
بدر مر به عبد الرحمن » وهو واقف مع ابنه علي بن أمية » آخذا بيده » ومع عبد الرحمن أدراع 
قد استلببا » وهو يحملها » فلما رآه قال : هل لك فى ؟ فأنا خير من هذه الأدراع التي معك »› 

5 00 


ما رأيت كاليوم قط » أما لكم حاجة في اللبن ؟ - يريد أن مس أسرني افتديت منه بإبل كثيرة 
اللبن -. فطرح عبد الرحمن الأدرا ع » وأخذهما يمشي ببما » قال عبد الرحمن : قال لي أمية بن 
خلف وأنا بينه وبين ابنه : من الرجل منكم المعلم بريشة النعامة في صدره ؟ قلت : ذاك حمزة بن 
عبد المطلب » قال : ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل . 

قال عبد الرحمن : فوالله إني لأقودهما إذ راه بلال معي » وكان أمية هو الذي يعذب بلالا 
بمكة » فقال بلال : رأس الكفر أمية بن خلف » لا نجوت إن نجا قلت : أي بلال » أسيري 
قال : لا نجوت إن نجا وحوح رس الي باد E‏ 
E‏ ی اک ماين عل 0 e‏ 
شيعا كع اا ج وا ا E re,‏ 
ات ای راک ر 
فضربوه بالسيف من تحته حتى قتلوه » وأصاب بعض السيف رجل عبد الرحمن بن عوف(“ . 

. وقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يومعذ خاله العاص بن هشام بن المغيرة‎ - ٤ 

ه - ونادى أبو بكر الصديق رضي الله عنه ابنه عبد الرحمن - وهو يومئذ مع المشركين - 
فقال : أين مالي يا خبيث ؟ فقال عبد الرحمن 

ل يق غير ف ويعبوب وصارم يمسل ضلال الشي" 

١‏ - ولا وضع القوم أيدمهم يأسرون » ورسول الله َيه في العريش » وسعد بن معاذ قام 
غل ابه رة عتوشحا سيقه : ری رسول الله عه في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع 
الناس » فقال له : والله لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم ؟ قال : أجل والله يا رسول الله . 





. ۸٩/۲ زاد المعاد‎ )١( 
AE 


كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك فكان الإئخان في القتل بأهل الشرك أحب إلي من 
استبقاء الرجال . 

۷ - واتقطع يومفذ سيف عكاشة بن محصن الأسدي » فأ رسول الله عه فأعطاه جذلاً 
من حطب » فقال : « قاتل بهذا يا عكاشة شة ۲ » فلما أخذه من رسول الله ل هزه » فعاد سيفا 
في يده طويل القامة » شديد المتن أبيض الحديدة » فقاتل به حتى فتح الله تعالى للمسلمين » 
وكان ذلك السيف يسمى العون » ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد , حتى قتل في حروب الردة 
وهو عنده . 

۸ - وبعد انتهاء المعركة مر مصعب بن عمير العبدري بأخيه أبي عزيز بن عمير » الذي 
خاض المعركة ضد المسلمين » مر به وأحد الأنصار يشد يده » فقال : مصعب للأنصاري : 
شد يديك به » فإن أمه ذات متاع › ؛ لعلها تفديه منك » فقال أبو عزيز لأخيه مصعب : : أهذه 
وصاتك لي ؟ فقال مصعب : إنه - أي الأنصاري - أي دونك . 

۹ - ولا أمر بإلقاء جيف المشركين في القليب » وأخذ عتبة بن ربيعة فسحب إلى القليب » 
نظر رسول الله حه في وجه ابنه أي حذيفة » فإذا هو كتيب قد تغير › فقال : ويا أبا حذيفة 
لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء » ؟ فقال : لاوالله » يا رسول الله ما شككت في أي 
ولا مصرعه » ولكنني كنت أعرف من أي رأياً وحلماً وفضلاً » فكنت أرجو أن يبديه ذلك إلى 
الاسلامء فلما فلما رأيت ما أصابه » وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له 
أحزنني ذلك . فدعا له رسول الله يي بخير » وقال له خيرا . 
فى افريقين 

نتهت المعركة بهزيمة ساحقة بالنسبة إلى المشركين » ويفتح مبين بالنسبة للمسلمين › وقد 
اللو وي E EF GE‏ 0 


أما امش ركون فقد الحقتهم خسائر فادحة » قتل منهم سبعون وأسر سبعون » وعامتهم القادة 
والزعماء والصناديد . 


ولا انقضت الحرب أقبل رسول الله عه حتى وقف على القتلى › »> فقال : « بكس العشيرة 


- = 


كنتم لنبيكم » كذبتموني وصدقي الناس › وخذتقوني ونصرني الناس . واخرجتموني واواني 
الناس » » ثم أمر بهم » فسحبوا إلى قليب من قلب بدر . 
£ 10 00 اند 0 £ 8 0 1 

وعن أبي طلحة أن نبي الله عي أمر يوم بدر باربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش . 
فقذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مخبث . وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال »› 
فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها » ثم مشى » وأتبعه أصحابه حتى قام على 
شفة الركى » فجعل يناديهم باسمائهم وأسماء ابائهم » « يا فلان بن فلان » يا فلان بن فلان » 
أيسرك أنكم أطعتمم الله ورسوله ؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حا » فهل وجدتم ما وعد ربكم 
حا » ؟ فقال عمر : يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح ها ؟ قال النبي عه : « والذي 
نفس محمد بيده » ما أنتم باسمع لما اقول منهم » » وفي رواية « ما أنتم باسمع منم » ولكن 
لا جيبون )206 . 


مكة تتلقى أنباء الهزيمة: 

فر المشركون من ساحة بدر في صورة غير منظمة » تبعثروا في الوديان والشعاب › وابحهوا 
صوب مكة مذعورين › لا یدرون كيف يدخلونها خجلا . 

قال ابن إسحاق : وكان أول من قدم بمصاب قريش الحيسهان بن عبد الله الخزاعي » فقالوا : 
ما وراءك ؟ قال : قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم ابن هشام » وأمية بن خلف في 
رجال من الزعماء سماهم . فلما أخذ يعد أشراف قريش قال صفوان بن أمية وهو قاعد في 
الحجر : والله إن يعقل هذا , فاسالوه عني » قالوا : ما فعل صفوان بن أمية قال : هاهو ذا جالس 
في ال حجر » وقد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا . 

وقال أبو رافع - مولى رسول الله عه - : كنت غلاما للعباس » وكان الاسلام قد دخلنا 
أهل البيت » فأسلم العباس » وأسلمت أم الفضل » وأسلمت » وكان العباس يكم إسلامه › 
وكان أبو لهب قد تحلف عن بدر » فلما جاءه الخبر كبته الله وأخزاه » ووجدنا في أنفسنا قوة 
وعزاً » وكنت رجلاً ضعيفاً أعمل الأقداح » أنحتها في حجرة زمزم » فوالله إني حالس فيها أنحت 
أقداحي » وعندي أم الفضل جالسة » وقد سرنا ما جاءنا من الخبر » إذ أقبل أبو هب يجر رجليه 


- 770 


بشير » حتى جلس على طنب الحجرة(" » فكان ظهره إلى ظهري » فبينا هو جالس إذ قال 
الناس : هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قد قدم » فقال له أبو هب : هلم إلي » 
فعندك لعمري الخبر » قال : فجلس إليه » والناس قيام عليه . فقال : يا ابن أخي أخبرني كيف 
كان أمر الناس ؟ قال : ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا » يقتلوننا كيف شاءوا » 
وياسروننا كيف شاءوا » وام الله مع ذلك ما لمت الناس » لقينا رجال بيض على خيل بلق بين 
السماء والأرض » والله ما تليق“ شيا » ولا يقوم لها شيء . 

قال أبو رافع : فرفعت طنب الحجرة بيدي » ثم قلت : تلك والله الملائكة . قال : فرفع 
أبو لهب يده » فضرب بها وجهي ضربة شديدة » فثاورته » فاحتملني فضرب بي الأرض » ثم برك 
على يضربني » وكنت رجلا ضعيفا » فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة › فأخذته » 
فضربته به ضربة فعلت في رأسه شجة منكرة » وقالت : استضعفته أن غاب عنه سيده » فقام 
مولي ذليلا » فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتلته ( وهي قرحة تتشاءم بها 
العرب » فتركه بنوه » وبقي ثلاثة أيام لا تقرب جنازته » ولا يحاول دفنه » فلما خافوا السبة في 
تركه حفروا له » ثم دفعوه بعود في حفرته » وقذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه ) . 

هكذا تلقت مكة أنباء الهزيمة الساحقة في ميدان بدر ».وقد أثر ذلك فيهم أثرا سيئاً جدأ , 

حتى منعوا النياحة على القتلى » لثلا يشمت بهم المسلمون ٠.‏ ' 

ومن الطرائف أن الأسود بن المطلب أصيب ثلاثة من أبنائه يوم بدر » وكان يحب أن يبكي 
عليهم » وكان ضرير البصر » فسمع ليلا صوت نائحة » فبعث غلامه » وقال : انظر هل أحل 
النحب ؟ هل بكت قريش على قتلاها ؟ لعلى أبكي على ألي حكيمة - ابنه - فإن جوفي قد 
احترق » فرجع الغلام وقال : إِنما هي امرأة تبكي على بعير لها أضلته » فلم يتّالك الأسود نفسه 
وقال : 0 ظ ظ 
٠‏ أتبكي أن يض المابعير 2 ويمنعهامن النوم السهود 
فلا تبكي على بكر ولكن على بدر تقاصرت الحدود 

على بدر سراة بني هصيص ومخزوم ورهط أبي الود 

() طنب الحجرة : طرفها .ا 
(۲) لاتبقي شيئا . 


217 


کی اذ کف عل عقيل وبكي حارف اسن سيره 


که ي ا ما من ا 
الا قد ساد بعدهم رجال ولول يوم بدر نم يسوووا 
المدينة تتلقى أنباء النصر: 


ولا تم الفتح للمسلمين أرسل رسول الله ع بشيرين إلى أهل المدينة » ليعجل هم 
البشرى » أرسل عبد الله بن رواحة بشيرا إلى أهل العالية » وأرسل زيد بن حارثة إلى أهل 
السافلة . 

وكان اليهود والمنافقون قد أرجفوا في المدينة بإشاعة الدعايات الكاذبة » حتى أمهم أشاعوا 
حو محل اي اللاي بولا أن اعد لاقي ن خان كا افر ن 
رسول الله ع - قال : لقد قتل محمد » وهذه ناقته نعرفها » وهذا زيد لا يدري ما يقول من 
الرعب » وجاء فلا“ . 


فلما بلغ الرسولان أحاط بهما المسلمون » وأخذوا يسمعون منهما الخبر » حتى تأكد لديم 
فتح المسلمين » فعمت البهجة والسرور » واهتزت أرجاء المدينة هليلا وتكبيرا » وتقدم رؤوس 
المسلمين - الذين كانوا بالمدينة - إلى طريق بدر ؛ ليبنكوا رسول الله َيه بهذا الفتح المبين . 

الا وو تي ا ای 8011 الي كلت 
عند عؤان بن عفان > كان رسول الله عي َيه خلفني عليها مع عؤان . 
الجيش النبوي يتحرك نحو المدينة: 

اقام رول الله ل يبلن ا بعد انتهاء المعركة ثلاثة أيام » وقبل رحيله من مكان المعركة وقع 


حلاف بين الجيش حول الغنام » وما اشتد هذا الخلاف أمر رسول الله ع بأن يرد الدميع 
ا > ففعلوا » ثم نزل الوحي بحل هذه المشكلة . 

عن عبادة بن الصامت قال : خرجنا مع النبي عه » فشبدت معه بدراً فالتقى الناس » 
فهزم الله العدو » فانطلقت طائفة في اثارهم يطاردون ويقتلون » وأكبت طائفة على ا مغنم يحرزونه 
(۱) فلاً: منهزماً . 


1ت 


ويجمعونه » وأحدقت طائفة برسول الله عه لا يصيب العدو منه غرة » حتى إذا كان الليل » 
وفاء الناس بعضهم إلى بعض قال الذين جمعوا الغنائم : نحن حويناها » وليس لأحد فيها نصيب 
وقال الذين خرجوا في طلب العدو : لستم أحق بها مناء نحن نحينا منها العدو وهزمناه » وقال 
الذين أحدقوا برسول الله عا : خفنا أن يصيب العدو منه غرة فاشتغلنا به ۽ فأنزل الله 
«( تلوكس ا ندال تل لهال وا ا راطيثرا 
لَه ورسو له إن كنم مُؤْمِنِينَ 4 ( ۸ : ١‏ ) فقسمها رسول الله عه بين المسلمين“ . 
وبعد أن أقام رسول الله عله ببدر ثلاثة أيام تحرك بجيشه نحو المدينة ومعه الأسارى من 
المشركين » واحتمل معه النفل الذي أصيب من المشركين » وجعل عليه عبد الله بن كعب » 
O‏ ل رار بر ار 
المسلمين على السواء » بعد أن أنخذ منها الخمس . 

وعندما وصل إلى الصفراء أمر بقتل النضر بن الحارث - وكان هو حامل لواء المشركين يوم 
بدر ء وكان من أكابر مجرمي قريش > ومن أشد الناس كيدا للاسلام » إيذاء لرسول الله ع - 
فضرب عنقه علي بن أبي طالب . ) 

ولا وصل إلى عرق الظبية أمر بقتل عقبة بن أبي معيط » وقد أسلفنا بعض ما كان عليه من 
إيذاء رسول الله عه » فهو الذي كان ألقى سلا جزور على رأس رسول الله زل وهو في 
الصلاة » وهو الذي خنقه بردائه » وكاد يقتله لولا أن يعترض أبو بكر رضي الله عنه » فلما أمر 
بقتله قال : من للصبية يا محمد ؟ قال : النار" . قتله عاصم بن ثابت الأنصاري » ويقال 
علي بن أي طالب . 

كانه هتين TT EA‏ الحرب ء فلم يكونا من الأشارف 
و لد اي ونث الا 


وفود اا ٠.‏ 
ولا وصل إلى الروحاء لقيه يه رؤوس السلمين - الذين كانوا قد خرجوا للتبنئة والاستقبال حين 


(۱) أخرجه اد ۳۲۳/١‏ . 254 والحجالم ۳۲۹/۲ . 
© و ذلك ادسحانت الصحاح » انظر سنن أي داود مع حاشيته عون المعبود ٠۲/۳‏ . 


- TTA - 


ييه من الرسولين ديكية لع . وحينئذ قال لهم سلمة ب ن سلامة : ما الذي 
تتكوننا به ؟ فوالله إن لقينا إلا عجائز صلعاً كالبدن ‏ فتبسم رسول الله یھ ثم قال : « يا ابن 


يا رسول الله ما كان تحلفي عن بدر وأنا أظن أنك تلقى عدوا » ولكن ظننت أنها عير » ولو 
ظننت أنه عدو ما تخلفت » فقال رسول الله ع : « صدقت ٠‏ . 
ثم دحل رسول الله عه المدينة مظفرا منصورا » قد خافه كل ES‏ 

فأسلم بشر كثير من أهل المدينة » وحينغذ دخل عيذ اله ين أن وأصحانة ف الاسام ظاهرا. 

رقدم الأسارى بعد بلوغه المدينة بيوم » فقسمهم على أصحابه » وأوصى بهم خيرا » فكان 
الصحابة بأكلوك القرن وبقدمرن لأسراقي اليد غلا بوضية رسول الله 4192 .. 
قضية الأسارى: 

ولا بلغ رسول الله ع المدينة استشار أصحابه في الأسارى » فقال أبو بكر : يا رسول الله 
هؤلاء بنو العم والعشيرة ة والإخوان » وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية » فيكون ما أخذناه قوة لنا 
على الكفار » وعسبى أن يبديهم الله فركوثوا نا يدا : 

قال رل عق :ا ی يان الطاب ال كلق : وان ما أرق ما رای 
أبو بكر » ولكن أرى أن تمكنني من فلان - قريب لعمر - فاضرب عنقه » وتكن عليا من 
عقيل بن أي طالب فيضرب عنقه » وتكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه » حت يعلم أعداء 
الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين » وهو لاء صناديدهم واعتبت وقادتهم . 

فهوي رسول الله ع ما قال أبو بكر » ول يبو ما قلت » وأخذ منهم الفداء » فلما كان 
ماذا ييكيك أنت وصاحبك ؟ فإن وجدت بكاء بكيت » وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما » 
فقال رسول الله عله : « للذي عرض عل أصحابك : من أخذهم الفداء » فقد عرض عل 
عذابهم أدنى من هذه الشجرة - شجرة قريبة 7 
)١(‏ تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص٣۲‏ . 

- 776 - 


وأنزل الله تعال اکا نيان 2 ا ربخن | رض نردوم عَرَضٌ 
لديا واله ر رید لير رایرک 9 9 ولد کت أله سبق لَمسَكفيم]أحَذع 
عَذَابْعَظيّ) ر( ۸ : (TAY‏ 

ظ وکاب فلي س من ف مرو ال ( اا ت اه رب : ٤‏ ) ففيه 
الاذن باذ الفدية من الأسارى ولذلك لم يعذبوا » وإنما نزل العتاب لانم أسروا الكفار قبل أن 
يشخنوا في الأرض » ثم إهم قبلوا الفداء من أولفك الجرمين الذين لم يكونوا أسرى حرب فقط » بل 
كانوا أكابر محرمي الحرب الذين لا يتركهم قانون الحرب الحديث إلا ويحاكمهم › ولا يكون 
الحكم في الغالب إلا بالاعدام أو بالحبس حى الموت . 

واستقر الأأمر على رأي الصديق فأخذ منهم الفداء » وكان الفداء من أربعة الاف درهم » إلى 
ثلاثة الاف درهم » إلى ألف درهم ء وكان أهل مكة يكتبون » وأهل المدينة لا يكتبون » فمن لم 
يكن عنده فداء دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة يعلمهم › فإذا حذقوا فهو فداء . 

ومن رسول الله عه على عدة من الأسارى » فأطلقهم بغير فداء » منم : المطلب بن 
حنطب » وصيفي بن أي رفاعة » وأبو عزة الممحي » وهو الذي قتله أسرأ في أحد » وسيأتي . 

ومن على ختنه أي العاص بشرط أن يلي سبيل زينب » وكانت قد بعثت في فدائه بمال › 
بعلت فيه بقلادة لها كانت عند خحديجة » أدخحلتها بها على أي العاص » فلما رآها رسول الله ع 
رق ها رقة شديدة » واستاذن أصحابه في إطلاق اي العاص ففعلوه » واشترط رسول اله کر 
على أبي العاص أن لي سبي زينب » فخلاها > فهاجرت » وبعث رسول الله عه زيد بن 
حارثة ورجلا من الأنصار » فقال : كونا ببطن يأجج حتى تر بكما زينب فتصحباها › فخرجا 
حتى رجعا بها » وقصة هجرتها طويلة مؤلمة . 

كان الا سيل ون عسو 36 جا مكنا فال ع : ا رسول الل ازع 
بن عمرو يدلع لسانه » فلا يقوم خطيباً عليك في موطن أبدا » بيد أن 
رسول الله عو رفض هذا الطلب » احترازا عن الثلة » وعن بطش الله يوم القيامة . 

وخرج سعد بن النعمان معتمراً فحبسه فحبسه أبو سفيان » وكان ابنه عمرو بن اي سفيان في 
الأسرى » فبعثوا به إلى أني سفيان فخلى سبيل سعد . 

د 


القران يتحدث حول موضوع المعركة: 

وحول موضوع هذه المعركة نزلت سورة الأنفال » وهذه السورة تعليق إِلي ‏ إن صح هذا 
التعبير - على هذه المعركة » يختلف كثيرا عن التعاليق التي ينطق بها الملوك والقواد بعد الفتح . 

إن الله تعالى لفت أنظار المسلمين - أولاً - إلى التقصيرات والتقاريظ الأخلاقية التي كانت 
قد بقيت فيهم » وصدرت بعضها منهم » ليسعوا في تكميل نفوسهم وتزكيتها عن هذه التقاريظ . 

ثم ثنى بما كان في هذا الفتح من تأييد الله وعونه ونصره بالغيب للمسلمين . ذكر لهم ذلك 
لفلا يغتروا بشجاعتهم وبسالتهم » فتتسور نفوسهم الغطرسة والكبرياء » بل ليتوكلوا على الله 
ويطيعوه ويطيعوا رسوله عليه الصلاة والسلام . 

م بين لهم الأهداف والأغراض النبيلة التي خخاض الرسول عه لأجلها هذه المعركة الدامية 
الرهيبة » ودهم على الصفات والأخلاق التي تسببت في الفتوح وني المعارك . 

ثم حاطب المشركين والمنافقين واليهود وأسارى المعركة » وعظهم موعظة بليغة » تهديهم إلى 
الاستسلام للحق والتقيد به . 

ثم حاطب المسلمين حول موضوع الغنائم » وقنن لهم مبادىء وأسس هذه المسألة . 

م بين وشرع لهم من قوانين الحرب والسلم ما كانت الحاجة تمس إليها بعد دخول الدعوة 
الإسلامية في هذه المرحلة » حتى تاز حروب المسلمين عن حروب أهل الجاهلية » ويقوم هم 
التفوق في الأخلاق والقيم والمثل » ويتأكد للدنيا أن الاسلام ليس محرد وجهة نظرية » بل إنه 
يثقف أهله عمليا على الأسس والمبادىء التي يدعو إليها . 

ثم قرر بنودا من قوانين الدولة الإسلامية التى تقيم الفرق بين المسلمين الذين يسكنون داخل 
حدودها 6 والذين يحكيون خحارجها 1 

وفي السنة الثانية من الهجرة فرض صيام رمضان » وفرضت زكاة الفطر » وبينت أنصبة الزكاة 
ظ الأخرى > وكانت فريضة زكاة الفطر وتفصيل أنصبة الركاة الأخرى تحفيفا لكثير من الأوزار 


IES 


الذي وقع في شوال سنة ١ه‏ إثر الفتح المبين الذي حصلوا عليه في غزوة بدر » فما أروع هذا 

العيد السعيد الذي جاء به الله بعد أن توج هامتهم بتاج الفتح والعز » هما أروق منظر تلك 

الصلاة التي صلوها بعد أن خرجوا من بيوتهم يرفعون أصواتهم بالتكبير والتوحيد والتحميد » وقد 

فاضت قلوبهم رغبة إلى الله » وحنينا إلى رحمته ورضوانه بعد ما أولاهم من النعم » وأيدهم به من 
2 عدر ده داورل 


2 ل عو سس 2< غ8 مسد ا لس ر سس د و ءوسو ل 
أن ينتخطفكم الناس فعاو, وأَيّدَ 2 رو وررَقکم من ا لطبت لمڪم کون 4 


.)55:4( 


E 


النشاط العسكري بين بدر وأحد 


إن معركة بدر كانت أول لقاء مسلح بين المسلمين والمشركين » وكانت معركة فاصلة » 
أب ال نهر ١‏ اا شين الب قاطبة » والذين كانوا أشد استياء لنتائج هذه 
المعركة هم أولئك الذين منوا خسائر فادحة مباشرة ؛ وهم المشركون » أو الذين كانوا يرون عزة 
المسلمين وغلبتهم ضرباً قاصا على كيانهم الديني والاقتصادي » وهم اليبود . فمنذ أن انتصر 
المسلمون في معركة بدركان هذان الفريقان يحترقان غيظاً وحنقاً على المسلمين دَق أَشَدٌ 
آلا سعد وة لزن اموا الهو ودر أَشْرَأ» ذه :۲ ) وكانت في المدينة بطانة 
للفريقين دخلوا في الاسلام حين م ببق محال لوقارهم » وهم عبد الله بن أي وأصحابه » ولم 
تكن هذه الفرقة الثالثة أقل غيظا من الأوليين . 
وكانت هناك فرقة رابعة » وهم البدو الضاربون حول المدينة » لم يكن يبمهم مسالة الكفر 
والإيمان » ولكنهم كانوا أصحاب سلب ونهب » فأخذهم القلق » واضطربوا لهذا الاتتصار › 
وخافوا أن تقوم في المدينة دولة قوية تحول بينهم وبين اكتساب قوتهم عن طريق السلب والنبب » 
فجعلوا يحقدون على المسلمين وصاروا لهم أعداء . 
وهكذا أحاطت الأخطار بالمسلمين من كل جانب » ولكن هذه الفرق تباينت في سلوكها 
إزاء المسلمين » وأخذ كل فريق الطريقة التي راها كفيلة ببلوغ غايته . فبينا كانت المدينة وما 
حوها تظاهر بالإسلام » وتأخذ في طريق المؤامرات والدسائس والتحرشات والاستفزازات » 
كانت فرقة من اليبود تعلن بالعداوة » وتكاشف عن الحقد والغيظ » وكانت مكة تہدد بالضرب 
القاصم ونعلن بأخذ الثأر والنقمة » وتبتم بالتعبعة العامة جهاراً » وترسل إلى المسلمين بلسان 
حاها » تقول بانه : 


0 


ولا بدمن يوم أغر محجل يطول استاعي بعلذه للنوادب 
| وفعلاً » فقد قادت غزوة قاصمة إلى أسوار المدينة عرفت في التارخ بغزوة أحد » والتي كان 
ها أثر مبيء على معة المسلمين وهيبتهم . 


غزوة بني سليم بالكدر 


أول ما نقلت استخبارات المدينة إلى النبي مُه بعد بدر أن بني سليم من قبائل غطفان 
تحشد قواتها للغزو على المدينة » فباغت النبي عله في مائتي راكب هذه القبائل المتحشدة في عقر 
دارها » وبلغ إلى مناز هم في موضع يقال له الككذر(" . ففر بنو سليم وتركوا في الوادي خمسوائة 

بعير استولى عليه جيش المدينة » وقسمها رسول الله عه بعد إخراج ج الخمس فأصاب كل رجل 
بعيرين » وأصاب غلاماً يقال له ٠‏ ويسار » فأعتقه . 


وأقام النبي عي في ديارهم ثلاثة أيام » ثم رجع إلى المدينة . 
وكانت هذه الغزوة في شوال سنة جيعد اارجوع من ير بسبعة أيام » واستخلف في هذه 
الغزوة على المدينة سباع بن عرفطة . وقيل : ابن أم مكتوم!" . 


)١(‏ الكدر » بالضم فالسكون : طير في لونها كدرة » وهو ماء من مياه بني سليم يقع في نجد على الطريق التجارية 
الشرقية الحيوية بين مكة والشام . ش 
(۲) زاد المعاد ٩۰/۲‏ ء ابن هشام ٤۳/۲‏ » 44 » مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص75 . 


- 5158 - 


مؤامرة لاغتيال النبى ‏ بلا - 


كان من أثر هزيمة المشركين في وقعة بدر أن اشتاطوا غضباً » وجعلت مكة تغلي كالمرجل 
ضد النبي عه » حتى تامر بطلان من أبطاها أن يقضوا على مبدأ هذا الخلاف والشقاق » ومثار 
هذا اذل وافوان في زعمهم » وهو اني مه . 

جلس عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية في الحجر بعد وقعة بدر يسير - وكان 
عمير من شياطين قريش » من كان يؤؤذي النبي عي وأصحابه وهم بمكة - وكان ابنه وهب بن 
عمير في أسارى بدر » فذكر أصحاب القليب ومصابهم » فقال صفوان : والله إن في العيش 
بعدهم خير . 

قال له عمير : صدقت والله » أما والله لولا دين عل ليس له عندي قضاء » وعيال أخثشى 
عليهم الضيعة بعدي » لركبت إلى محمد حتى أقتله » فإن لي قبلهم علة , ابني سير في أيدِيهم . 

فاغتنمها صفوان وقال : عل دينك » أنا أقضيه عنك » وعيالك مع عيالي » أواسييم 
ما بقواء لا يعي :كيء ويعجر عنم . 

فقال له عمير : فاكتم عني شأني وشانك . قال : أفعل . 

ثم أمر عمير بسيفه فشحذ له وسم » ثم انطلق حتى قدم به المدينة » فبيئا هو على باب 
المسجد ينيخ راحلته راه عمر بن الخطاب - وهو في نفر من المسلمين يتحدثون ما أكرمهم اللهبه 
يوه درت فال مر : هذا الكلب عدو الله عمير ما جاء إلا لشر . نم دخل على على النبي ع 
فقال : يا نبي الله هذا عدو الله عمير قد جاء متوشحا سيفه › قال : فأدخله على » فأقبل عمير 
فلببه بحمالة سيفه » وقال لرجال من الأنصار : ادخلوا على رسول الله عي » فاجلسوا عنده 
واحذروا عليه من هذا الخبيث » فإنه غير مأمون , ثم دخل به » فلما راه رسول الله ع .- وعمر 

- 0 - 


اخذ بحمالة سيفه في عنقه ‏ قال : أرسله يا عمر » ادن يا عمير » فدنا وقال : أنعموا صباحاً : 
فقال النبي عه : قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير » بالسلام » تحية أهل الجنة . 
ثم قال : ما جاء بك يا عمير ؟ قال : جفت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه . 
قال : فما بال السيف في عنقك ؟ قال : قبحها الله من سيوف » وهل أغنت عنا شيعاً ؟ 
قال : اصدقني ما الذي جعت له ؟ قال : ما جعت إلا لذلك . 
قال : بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر » فذكرتًا أصحاب القليب من قريش » ثم 
قلت : لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حت أقتل محمد » فتحمل صفوان بدينك وعيالك 
على أن تقتلني والله حائل بينك وبين ذلك . 
ظ قال عمير : أشهد أنك رسول الله » قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر 
السماء » وما يتزل عليك من الوحي » وهذا أمر ل يحضره إلا أنا وصفوان » فوالله إني لأعلم 
ما أتاك به إلا الله » فالحمد لله الذي هداني للإسلام » وساقي هذا المساق » ثم تشهد شادة ‏ 
الحق » فقال رسول الله مكلت : فقهوا أخاك في دينه » وأقرئوه القران » وأطلقوا له أسيره . 
وأما صفوان فكان يقول : أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام تنسيكم وقعة بدر . وكان يسأل 
الركبان عن عمير » حتى أخبره راكب عن إسلامه » فحلف صفوان أن لا يكلمه أبداً » ولا ينفعه 
بنفع ابدا . 
ورجع عمير إلى مكة أقام بها يدعو إلى الإسلام فأسلم على يديه ناس كثير2"© . 


غزوة بني قينقاع: 

قدمنا بنود المعاهدة التي عقدها رسول الله عه مع اليبود . وقد كان حريصاً کل احرص 
على تنفيذ ما جاء في هذه ال معاهدة , وفعلا لم يأت من المسلمين ما يخالف حرفا واحدا من 
نصوصها . ولكن اليهود الذين ملأوا تاريخهم بالغدر والخيانة ونكث العهود » ل يلبثوا أن تمشوا مع 
طبائعهم القديمة » وأخذوا ي طريق الدس والمؤامرة والتحريش وإثارة القلق ب : 
صفوف المسلمين . وهاك مثالاً من ذلك : 
)١(‏ ابن هشام 1/1 55726 . 


- ۳ 


نموذج من مكيدة اليهود: 

قال ابن إسحاق : مر شاس بن قيس - وكان شيخاً ( يبودياً ) قد عسا(© عظم الكفر : 
دد القن فل المسلمين ع ود ال ف دعل قر من أضبحات«رشول الله ج من 
الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم » يتحدثون فيه » فغاظه ما رأى من ألفتهم وجماعتهم وصلاح 
ذات بينبم على الاسلام » بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية » فقال : قد اجتمع ملا 
بني قيلة بہذه البلاد » لا والله مالنا معهم إذا اجتمع ملوهم بها من قرار » فأمر فتى شابا من يهود 
كان معه » فقال : اعمد إليهم » فاجلس معهم ء ثم اذكر يوم بعاث وما كان من قبله » وأنشدهم 
بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار » ففعل » فتكلم القوم عند ذلك » وتنازعوا وتفاخروا » حتى 
توائب رجلان من الحيين على الركب فقاولا » ثم قال أحدهما لصاحبه : إن شثتم رددناها الآن 
جذعة - يعني الاستعداد لإحياء الحرب الأهلية التي كانت بينهم - وغضب الفريقان جميعاً » 
وقالوا : قد فعلنا مؤعد ك الظاهرة - والظاهرة : الحرة ‏ السلاح السلاح » فخرجوا إلا 
( وكادت تنشب الحرب ) 

فبلغ ذلك رضول الله عَم » فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه المهاجرين » حتى جاءهم 
فقال : يا معشر المسلمين » الله الله » أبدعوى الجاهلية » وأنا بين أظهرك » بعد أن هدا الله 
للاسلام وأكرمكم به » وقطع به عنكم أمر الجاهلية » واستنقذ م به من الكفر » وألف بين 
قلويكم ؟ 

فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان » وكيد من عدوهم » فبكوا » وعانق الرجال من الأوس 
والخزرج بعضهم بعضا » ثم انصرفوا مع رسول الله مه سامعين مطيعين قد أطفاً الله عنم كيد 
عدو الله شاس بن قيس . 

هذا نموذج مما كان اليبود يفعلونه ويحاولونه من إثارة القلاقل والتحريشات في المسلمين › 
وإقامة العراقيل في سبيل الدعوة الإسلامية . وقد كان لهم خطط شتى في هذا السبيل » كانوا 
يبثون الدعايات الكاذبة » ويؤمنون وجه النهار » ثم يكفرون اخره ؛ ليزرعوا بذور الشكوك في 


. عسا الشيخ : كبر‎ )١( 


(۲( ابن هشام o0°/\‏ ¢ 00 ., 


TY 


قلوب الضعفاء » وكانوا يضيقون سبل المعيشة على من امن إن كان لهم به ارتباط مالي » فإن كان 
لهم عليه يتقاضونه صباح مساء » وإن کان له عليهم يأكلونه بالباطل » ويمتنعون عن أدائه » وكانوا 
يقولون : إنما كان علينا قرضك حينا كنت على دين ابائك » فأما إذ صبوت فليس لك علينا من 
سیب .. 

كانوا يفعلون كل ذلك قبل بدر » على رغم المعاهدة التي عقدوها مع رسول الله عله , 
وكان رسول الله ع وأصحابه يصبرون على كل ذلك ؛ حرصاً على رشدهم » وعلى بسط الأمن 
والسلام في المنطقة . 


بنو قينقاع ينقضون العهد: 

لكنهم ما رأوا أن الله قد نصر الموّمنين نصرا مؤزراً في ميدان بدر » وأنهم قد صارت هم عزة 
وشوكة وهيبة في قلوب الأقاصي والأداني » تميزت قدر غيظهم وكاشفوا بالشر . والعداوة , 
وجاهروا بالبغي والاذى . ظ 

وكان أعظمهم حقدأ وأكبرهم شرا كعب بن الأشرف - وسيأتي ذكره ‏ م أن أشر طائفة 
من طوائفهم الثلاث هم ود بني قينقاع » كانوا يسكنون داخل المدينة ‏ في حي باسمهم ‏ 
وكانوا صاغة وحدادين وصناع الظروف والأواني » ولأجل هذه الحرف كانت قد توفرت لكل 
رجل منهم الات الحروب » وكان عدد المقاتلين فيم سبعمائة » وكانوا أشجع يهود المدينة » وكانوا 
أول من نكث العهد والميثاق من اليهود . 

فلما فتح الله للمسلمين في بدر اشتد طغيائهم » وتوسعوا في تحرشاتهم ا » فكانوا 
يثيرون الشغب » ويتعرضون بالسخرية » ويواجهون بالأذى كل من ورد سوتهم من الان 
حتى أخذوا يتعرضون لنسائهم 

وعندما تفاقم أمرهم واشتد بغيهم » جمعهم رسول الله عيبا > فوعظهم ودعاهم إلى الرشد 
وال هدى » وحذرهم مغبة البغي والعدوان » ولكنهم ازدادوا في شرهم وغطرستهم . 

روى ابو داود وغيره » عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لما أصاب رسول الله عو قریشا 


(1) ذكر المفسرون تماذج لفعلاتهم هذه في تفسير سورة آل عمران وغيرها . 


- YTA- 


يوم بدر » وقدم المدينة » جمع اليهود في سوق بني قينقاع . فقال : يا معشر يبود » أسلموا قبل أن 
يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً . قالوا : يا محمد » لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفرا من 
قريش » كانوا أغمارا لا يعرفون القتال » إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس ‏ وأنك لم تلق 


مثلنا . فأنزل الله تعالى: ولتار گرا سوت وکرو ال جکر وَبِنْسالمهاد 


کے كليل م - ر سے وگ سے سے ہے س کے 


يا قدحان كم ءايه فى ذ فَكَمَيْنِ التمتافِعة فک تقول ف یی روان ری كاف يرتم 
ملت رآ المي ن وا يويد بترو من دن مكف للكت للت رة و ابر سر4 
OFT)‏ 

كان معنى ما أجاب به بنو قينقاع هو الإعلان السافر بالحرب » ولكن كظم النبي عل 
غيظه » وصبر بر المسلمون » وأخذوا ينتظرون ما تتمخض عنه الليالي . 

وازداد اهود - من بني قينقاع - جراءة » فقلما لبثوا أن أثاروا في المدينة قلا واضطراباً ‏ 
وسعوا إلى حتفهم بظلفهم » وسدوا على أنفسهم أبواب الحياة . 

روى ابن هشام عن أبي عون أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها » فباعته في سوق بني 
قينقاع » وجلست إلى صائغ » فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت » فعمد الصائغ إلى 
طرف وما فعقده إلى ظهرها - وهي غافلة ‏ فلما قامت انكشفت سوأتها » فضحكوا بها » 
فصاحت » فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله - وكان يبودياً - فشدت اليهود على 
المسلم فقتلوه » فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود » فوقع الشر بينهم وبين بني 
قينقا ع۶“ . 


الحصار ثم التسليم ثم الجلاء: 


وحينعذ عيل صبر رسول الله عله » فاستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر » وأعطى 
لواء المسلمين حمزة بن عبد المطلب » وسار بجنود الله إلى بني قيتقاع » ولا رأوه تحصنوا في 
حصونهم » فحاصروهم أشد الحصار » وكان ذلك يوم السبت للنصف من شوال سنة ۲ ه» 
ودام الحصار خمس عشرة ليلة إلى هلال ذي القعدة » وقذف الله في قلوبهم الرعب - الذي إذا 


)0( سنن أ داود مع عون المعبود ٠ ١٠١/۳‏ ابن هشام .oo/\‏ 
(۲) ابن هشام 6غ . 


7764 - 


أراد خذلان قوم وهزيمتهم أنزله عليهم وقذف في قلوءهم - فنزلوا على 2 رسول الله عه في 
رقابهم وأموالهم ونسأتهم وذريتهم » فأمر جم فكتفوا . 

وحينئذ قام عبد الله بن أي سلول بدوره النفاقي » فألح على رسول اذ يكل أن يصدر عنهم 
عفواً » فقال : يا محمد » أحسن في موالي - وكان بنو قينقا ع حلفاء الخزرج - فابطا عليه رسول 
الله عه » فكرر ابن ألي مقالته » فاعرض عنه » فأدخل يده في جيب درعه » فقال له رسول الله 
عه : أرسلني » وغضب حت رأوا لوجهه ظللاً » ثم قال : ويحك » أرسلني . ولكن المنافق مضى 
على إصراره » وقال : لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي » أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع قد 
منعوني من الأحمر والأسود » وتحصدهم في غداة واحدة ؟ إني والله امرؤ أأخشى الدوائر 

وعامل رسول الله عي هذا المنافق - الذي لم يكن بضى على إظهار إسلامه إلا نحو شهر 
واحد فحسب - عامله بالمراعاة » فوهبهم له » وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه بها » 
فخرجوا إلى أذرعات الشام » فقل أن لبثوا فيها حتى هلك أكارهم . ظ 

وقبض رسول الله عه منهم أموالهم » فأخذ منها ثلاث قسي ودرعين وثلاثة أسياف وثلاثة 
رماح » وخمس غناتمهم » وكان الذي تولى جمع الغنام محمد بن مسلمة”" . 


غزوة السويق: ظ 
بنا كان صفوان بن أمية واليهود والمنافقون يقومون بمؤامراتهم وعملياتهم » كان أبو سفيان 
يفكر في عمل قليل المغارم ظاهر الأثر » يتعجل به ؛ ليحفظ مكانة قومه » ويبرز ما لديهم من 
قوة » وكان قد نذر أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا » فخرج في مائتي راكب ليبر 
هينه » حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له نيب » من المدينة على بريد أو نحوه » ولكنه ل يجرؤ 
على مهاجمة المدينة جهارا » فقام بعمل هو أشبه بأعمال القرصنة » فإنه دحل في ضواحي المدينة 
في الليل مستخفياً تحت جناح الظلام » فأتى حبي بن أخطب » فاستفتح بابه » فأهى وخاف 
فانصرف إلى سلام بن مشكم - سيد بني النضير » وصاحب كتزهم إذ ذاك » فاستاذن عليه 
فأذن » فقراه وسقاه ا حمر » وبطن له من خبر الناس » ثم حرج أبو سفيان في عقب ليلته حتى ای 
أصحابه » فبعث مفرزة منهم » فأغارت على ناحية من المدينة يقال ها 9 العريض » » فقطعوا 
(۱) زاد المعاد ۰۷۱/۲ ٩۱‏ ۰ ابن هشام ٤۹ 48 ٤۷/۲‏ . ) 
€“ 


وأحرقوا هناك أسواراً من النخل » ووجدوا رجلاً من الأنصار وحليفاً له في حرث لما فقتلرهما » 
وفروا راجعين إلى مكة . 

وبلغ رسول الله م ع الخبر > فسارع لمطاردة آي سفيان وأصحابه » ولكنهم فروا ببالغ 
السرعة » وطرحوا سويقا كثيرا من أزوادهم ومزيناتهم يتتمفون به » فتمكنوا من الإفلات ٠‏ وبلغ 
يسول الله ملل إل وو الكدر ثم اتصرف رابحا .وحمل الوق جا کر الكفار می 
سويقهم » وسموا هذه المناوشة بغزوة السويق . وقعت في ذي الحجة سنة ۲ ه بعد بدر بشهرين › 
واستعمل على المدينة في هذه الغزوة أبا لبابة بن عبد المنذر2" . 


غزوة ذى أمر: 

وهي أكبر حملة عسكرية قادها رسول الله عي قبل معركة أحد » قادها في الحرم سنة 
٣‏ ها . 

وسببها أن استخبارات المدينة نقلت إلى رسول الله عه أن جمعا كبيراً من بني علبة ومحارب 
ا وو الإغارة على أطراف المدينة » فندب رسول الله عه المسلمين » وخرج في 
أربعمائة وخمسين مقاتلا ما بين راكب وراجل » واستخلف على المدينة عفان بن عفان . 
1 وني أثناء الطريق قبضوا على رجل يقال له جبار من بي ثعلبة » فأدخل على رسول الله 
عه ٠‏ فدعاه إلى الإسلام فأسلم , ٠‏ فضمه إلى يلال #بوضار دلبلا غ السلمين إلى ار 
ل 

وتفرق الأعداء في رؤوس ابال حين سمعوا بقدوم جيش المدينة . أما النبي عله فقد وصل 

بجيشه إلى مكان تجمعهم » وهو الماء المسمى « بذي أمر » فأقام هناك صفرأً كله - من سنه 
a‏ الع ارت غو المسلعيق 0 ورل علوم الرضيه اة 
رجع إلى المدينة . 





(۱) زاد المعاد ٩۱ ۰ ٩۰/۲‏ ۰ ابن هشام ٤٥ › ٤٤/۲‏ . 
(۲) ابن هشام ٤1/۲‏ ء زاد المعاد ۹۱/۲ > ویذ کرون أن محاولة اغتيال النبي عه من قبل دعثور أو غورث الحاربي 
كانت في هذه الغزوة . والصحيح أنها في غير هذه الغزوة انظر صحيح البخاري ٥۹۳/۲‏ . 
- 35851 


كان كعب بن الأشرف من أشد اليبود حنقاً على الاسلام والمسلمين » وإيذاء لرسول الله 
عه » وتظاهراً بالدعوة إلى حربه . ظ 

كان امن قبيلة طي :من بتي ناك - وأمه من , بني النضير » وكان غنيا مترفا معروفاً بجماله 
في العرب » شاعراً من شعرائها » وكان حصنه في شرق جنوب المدينة في خلفيات ديار بي 
النضير . 

ولا بلغه أول خير عن انتصار المسلمين » وقتل صناديد قريش في بدر قال : أحق هذا ؟ 
هؤلاء أشراف العرب » وملوك الناس » والله إن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير 
من ظهرها . 

ول تأكد لديه احبر » انبعث عدو الله ميجو رسول الله عه ولمسلمين » ومدح عدوهم » 
ويحرضهم عليهم » ولم يرض بهذا القدر حتى ركب إلى قريش فنزل على المطلب بن أي وداعة 
السبمي » وجعل ينشد الأشعار يبكي فيا على أصحاب القليب من قتلى المشركين » يثير بذلك 
حفائظهم ‏ > ويذكي حقدهم على النبي ع » ويدعوهم إلى حربه » وعندما كان بمكة سأله 
أبو سفيان والمشركون : أديننا أحب إليك أم دين محمد وأصحابه ؟ وأي الفريقين أهدى سبيلا ؟ 
فقال : أنتم أهدى منهم سبيلا » وأفضل » وفي ذلك أنزل الله تعالى ترد ایی KA‏ 
يباين ا ٽڪ كي َباَت وَاَلطَمُوت ويو لون ادبن كَفروأهؤْلا أهدَئونَ 
لذِنَءَامبُواْسَبِيل 4 ( ؛: ١ه).‏ 

ريك كح ان چ لاحل عر عد وكيب ل تلماه با و 
ويؤذيهم بسلاطة لسانه أشد الايذاء . 

وحیعذ قال رسول الله له : من لكعب بن الأدرف ؟ فإنه اذى الله ورسوله » فانتدب له 
محمد بن مسلمة » وعباد بن بشر » وأبو نائلة - واسمه سلكان بن سلامة » وهو أخو كعب من 
الرضاعة - والحارث بن أوس » وأبو عبس بن حبر » وكان قائد هذه المفرزة محمد بن مسلمة . 

وتفيد الروايات في قل كعب بن الأشرف أن رسول الله عل لما قال : من لكعب بن 
الأشرف ؟ فإنه قد اذى الله ورسوله » فقام محمد بن مسلمة فقال : أنا يا رسول الله » أتحب أن 
أقتله ؟ قال : نعم . قال : فأذن لي أن أقول شيئا . قال: قل . 


ا 


فاتاه محمد بن مسلمة » فقال : إن هذا الرجل قد سألنا صدقة » وإنه قد عنانا . 

قال كعب : واللّه لقلنه . 

قال محمد بن مسلمة : فإنا قد اتبعناه » فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير 
شانه ؟ وقد أردنا أن تسلفنا وسقا أو وسقين . 

قال ابن مسلمة : أي شيء تريد ؟ 

قال : كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب ؟ 

قال : فترهنوني أبناء كم . 

قال : كيف نرهنك أبناءنا » فيسب أحدهم » فيقال : رهن بوسق أو وسقين . هذا عار 
علينا » ولكنا نرهنك اللأمة » يعني السلاح . 

فواعده أن يأتيه . 

وصنع أبو نائلة مثل ما صنع محمد بن مسلمة » فقد جاء كعبا فتناشد معه أطراف الأشعار 
سويعة » ثم قال له : ويحك يا ابن الأشرف » إني قد جعت لحاجة أريد ذكرها لك فاكتم عني . 

قال أبو نائلة : كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء » عادتنا العرب » ورمتنا عن قوس واحدة › 
وقطعت عنا السبل حتى ضاع العيال » وجهدت الأنفس » وأصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا , 
ودار الحوار على نحو ما دار مع ابن مسلمة » وقال أبو نائلة أثناء حديثه : إن معي أصحابا لي على 
مثل رأبي » وقد أردت أن اتيك بهم فتبيعهم وتحسن في ذلك . 

وقد تجح ابن مسلمة وأبو نائلة في هذا الحوار إلى ما قصدا » فإن كعب لن ينكر معهما 
السلاح والأصحاب بعد هذا الحوار . 

وفي ليلة مقمرة - ليلة الرابع عشر من شر ربيع الأول سنة ٣ه‏ - اجتمعت هذه المفرزة إلى 

اا 


رسول الله يِه » فشيعهم إلى بقيع الغرقد » ثم وجههم قائلاً : انطلقوا على اسم الله > اللهم 
أعنهم > ثم رجع إلى بيته » وطفق يصلي ويناجي ربه . 

وانتبت الفرزة إلى حصن كعب بن الأشرف » فهتف به أبو نائلة » فقام ليتزل إلمهم » 
فقالت له امرأته ‏ وكان حديث العهد بها : أين تخرج هذه الساعة ؟ أسمع صوتاً كانه يقظر منه 
الدم . 

قال كعب : إنما هو أخي محمد بن مسلمة » ورضيعي أبو نائلة » إن الكريم لو دعي إلى . 
طعنة أجاب » ثم خرج إليهم وهو متطيب ينفح رأسه . 

وقد كان أبو نائلة قال لأصحابه : إذا ما جاء فإني اخذ بشعره فأشمه » فإذا رأيتموني 
Gs‏ 0 
أبو نائلة : هل لك يا ابن الأشرف أن نتقاشى إلى شعب العجوز فنتحدث بقية ليلتنا ؟ قال : إن 
شكتم » فخرجوا يشون » فقال أبو نائلة وهو في الطريق : ما رأيت كا ليلة طياً أعطر قط » وزهي . 
كفب اسع فال : عندي أعطر نساء العرب » قال أبو نائلة : أتأذن لي أن أشم رأسك ؟ 
قال : نعم فأدخل يده في رأسه فشمه وأشم أصحابه . 

ثم مشى ساعة ثم قال : أعود ؟ قال كعب : نعم » فعاد لمثلها » حتى اطمأن . 

ثم مشى ساعة ثم قال : أعود ؟ قال : نعم » فأدخل يده في رأسه » فلما استمكن منه قال : 
دونكم عدو الله » فاختلفت عليه أسيافهم › » لكتها لم تغن شيعا فأخذ محمد بن سلمة مولا 
فوضعه في ثنته » ثم تحامل عليه حتى بلغ عانته » فوقع عدو الله قتيلاً » وكان قد صاح صيحة 
شديدة أفزعت من حوله > فلم يبق حصن إلا أوقدت عليه النيران . 

ورجعت المفرزة وقد أصيب المحازث بن أوس بذ باب بعض سيوف أصحابه فجرح ونزف 
م N TS RS‏ 

يبع آثارهم » فاحتملوه » حتى إذا بلغوا بقيع الغرقد كبروا» وسمع رسول الله ع تكبيرهم » 
داك أب ف کار کےا کا قال : انی قا نیف 


- ٤٤ 


یا رمتول الله ورموا برأس الطاغية بين يديه » فحمد الله على قتله › وتفل على جرح الحارث 
فبرأ وم يوذ بعده') . 

ولا علمت اليبود اليبود بمصرع طاغيتها كعب بن الأشرف دب الرعب في قلوبهم العنيدة , 
وعلموا أن الرسول عه لن يتوانى في استخدام القوة حين يرى أن النصح لا يجدي نفعاً لمن يريد 
العبث بالأمن وإثارة الاضطرابات وعدم احترام المواثيق » فلم يحركوا ساکنا لقتل طاغيتهم »> بل 
لزموا الهدوء » وتظاهروا بإيفاء العهود » واستكانوا » وأسرعت الأفاعي إلى جحورها تختىء فيها . 

وهكذا تفرغ الرسول له - إلى حين - لمواجهة الأخطار التي كان يتوقع حدوثئها خارج 
المدينة 4 وأصبح المسلمون وقد فف عنهم كير من المتاعب الداخحلية الي كانوا يتوجسونها 6 
ويشمون رائحتها بين اونة وأخرى . 


عزوة بحران 
وهي دورية قتال كبيرة »> قوامها ثلاعائة مقاتل › قادها الرسول عام في شېر ربيع الآخر 


سنة ٣ه‏ إلى أرض يقال ها بحران - وهي معلل بالحجاز في ناحية الفرع - فأقام بها شهر ربيع 
الآخر ثم جمادى الأول ر من السنة الثالثة من الحجرة ) ثم رجع إلى المدينة » ولم يلق حربا . 


سرية زيد بن حارثة 


وهي آخر وأنجح دورية للقتال قام بها المسلمون قبل أحد» وقعت في جمادى 
الآخرة سنة ٣ه.‏ 


)١(‏ أخذنا تفاصيا ل هذه الوقعة من ابن هشام 81/1 » ۵۲ » 5ه » 04 . 01.66 , ٥۷‏ » وصحيح البخاري 
٠ ۴4/۱‏ ۰ ۰ 7/لالاه . وسنن أي داود مع عون المعبود ٤١ » ٤۲/۲‏ » وزاد المعاد ٩١/١‏ . 
(۲) ابن هشام ٠ ١١ » ٠۰/۲‏ وزاد المعاد ٩۱/۲‏ . واختلفت المصادر في تعيين سبب هذه الغزوة فقيل : إن 
استخبارات المدينة نقلت إلى رسول الله عه أن بني سليم يحشدون قوات كبيرة لغزو المدينة أو أطرافها » وقيل : 
بل حرج يريد قريشاً » وهذا الثاني هو الذي ذكره ابن هشام واختاره ابن القيم ‏ حتى لم يذكر الأول رأساً - 
وهو الموجه » وذلك لأن ديار بني سليم لم تكن بناحية الفرع . وإنما هي في نجد بعيدة عن ناحية الفرع . 
- 7586 - 


وتفصيلها أن قريشاً بقيت بعد بدر يساورها القلق والاضطراب » وجاء الصيف واقترب 
موسم رحلتها إلى الشام » فأخذها هم آخر 

قال صفوان بن أمية لقريش - وهو الذي انتخبته قريش في هذا العام لقيادة ا أل 
الشام ‏ : إن محمد وصحبه عوروا علينا متجرنا » فما ندري كيف نصنع بأصحابه » وهم 
لا يبرحون الساحل ؟ وأهل الساحل قد وادعهم ودخل عامتهم معه » فما ندري أين نسلك ؟ 
وإن أقمنا في دارنا هذه أكلنا رؤوس أموالنا » فلم يكن لها من بقاء . وإنما حياتنا بمكة على التجارة 
إلى الشام في الصيف » وإلى الحبشة في الشتاء . 

ودارت المناقشة حول هذا الموضوع » فقال الأسود بن عبد المطلب لصفوان : تنكب 
الطريق على الساحل وخذ طريق العراق - وهي طريق طويلة جداً تخترق نجدا إلى الشام » وتمر في 
شرق المدينة على بعد كبير منها » وكانت قريش تجهل هذه الطريق كل اجهل - فأشار الأسود بن 
ين لاقي ASIK aE E e ٠‏ 
رائده في هذه الرحلة . 

وخرجت عير قريش يقودها صفوان , بن أمية » اخذة الطريق الجديدة » إلا أن أنباء هذه 
القافلة وخطة سيرها طارت إلى المدينة . وذلك أن سليط , بن النعمان - وكان قد أسلم - اجتمع 
في مجلس شرب - وذلك قبل تحريم الخمر - مع نعم بن مسعود الأشجعي - ولم يكن أسلم إذ 
ذاك ‏ فلما أخذت الخمر من نعم تحدث بالتفصيل عن قضية العير وخطة سيرها » فأسرع 
سليط إلى النبي عي يروي له القصة . 

وجهز رسول الله عي لوقنه حملة قوامها مائة راكب في قيادة زيد بن حارثة الكلبي »› 
وأسرع زيد حتى دهم القافلة بغتة ‏ على حين غرة - وهي تنزل على ماء في أرض نجد يقال له 
قردة - بالفتح فالسكون - فاستولى عليها كلها » ولم يكن من صفوان ومن معه من حرس القافلة 
إلا الفرار بدون أي مقاومة . 

مير المسلمون دليل القافلة ‏ فرات بن حيان » وقيل : ورجلين غيره ‏ وحملوا غنيمة 

¥ الأواني والفضة كانت تحملها القافلة » قدرت قيمتها بمائة ألف » قسم رسول الله عله 
هذه الغنيمة على أفراد السرية بعد أخذ الخمس » وأسلم فرات بن حيان على يديه ع4 . 
(۱) ابن هشام ۰۰/۲ ء ١ه‏ ء فقه السيرة ص۱۹۰ › رحمة للعالمين 5١9/7‏ . 


٤ 


وكانك ماساة شديدة ونكية كبيرة أصابت قريشا بعد تر اشحد ها قلق قريشن »> وزاذجها 
هما وحزنا . ول يبق أمامها إلا طريقان » إما أن تمتنع عن غطرستها وكبريائها » وتأخذ طريق 
الموادعة والمصالحة مع المسلمين » أو تقوم بحرب شاملة تعيد لما مجدها التليد وعزها القديم › 
وتقضي على قوات المسلمين » بحيث لا يبقى هم سيطرة على هذا ولا ذاك » وقد اختارت مكة 
الطريق الثانية » فازداد إصرارها على المطالبة بالثار » والتبيوٌ للقاء المسلمين في تعبئة كاملة › 
وتصميمها على الغزو في ديارهم » فكان ذلك وما سبق من أحداث المهيد القوي لمعركة أحد . 


TENS 


غزوة أحد 


استعداد قريش لعركة ناقمة: 

٠‏ كانت مكة تحترق غيظاً على المسلمين مما أصابها في معركة بدر من مأساة الهزيمة وقتل 
الصناديد والأشراف » وكانت تجيش فيها نزعات الانتقام وأخذ الثأر » حتى إن قريشاً كانوا قد 
منعوا البكاء على قتلاهم في بدر » ومنعوا من الاستعجال في فداء الأسارى ؛ حتى لا يتفطن 
المسلمون مدى مأساتهم وحزنهم . ظ 

وعلى إثر غزوة بدر اتفقت قريش على أن تقوم بحرب شاملة ضد المسلمين » تشفي غيظها › 
وتروي غلة حقدها » وأخذت في الاستعداد للخوض في مثل هذه المعركة . 

وكان عكرمة ؛ بن أي جهل » وصفوان بن أمية » وأبو سفيان بن حرب » وعبد الله بن 
ني ربيعة أكثر زعماء قريش نشاطأ وتحمس خوض المعركة . 

وأول ما فعلوه بهذا الصدد اپ احتجزوا العير التي كان قد نجا بها أبو سفيان والتي كانت 
سبباً لمعركة بدرء وقالوا للذين كانت فيها أموالهم : يا معشر قريش » إن محمدا قد وتر وقتل 
حيار » فأعينونا بهذا المال على حربه » لعلنا أن ندرك منه ثرا » فأجابوا لذلك » فباعوها , 
0 ألف خير والمال خمسين ألف دينار » وفي د الله ا ا 


1 که > رم م و2 26 اي اخ ع ع و عله مو 1 12 
i‏ 21 ْ ظ 


- ثم فتحوا باب التطوع لكل من أحب المساهمة في غزو المسلمين من الأحابيش وكنانة وأهل 
عهامة » وأخذوا لذلك أنواعاً من طريق التحريض » حتى إن صفوان بن أمية أغرى أبا عزة الشاعر 


- YEA- 


العهد بأن لا يقوم ضده - أغراه على أن يقَوّم بتحريض القبائل ضد المسلمين » وعاهده أنه إن 
رجع عن الغزوة حيا يغنيه » وإلا يكفل بناته » فقام أبو عزة بتحريض القبائل بأشعاره التي كانت 
تذكي حفائظهم » کا اختاروا شاعرا اخر ‏ مسافع بن عبد مناف الجمحي - لنفس المهمة . 

وكان أبو سفيان أشد تأليباً على المسلمين بعد ما رجع عن غزوة السويق خائباً لم ينل ما في 
نفسه » بل أضاع مقدارا كبيراً من تمويناته في هذه الغزوة . 

وزاد الطينة بلة - أو زاد النار إذكاء » إن صح هذا التعبير - ما أصاب قريشاً أخيراً في سرية 
زيد بن حارثة من الخسارة الفادحة التي قصمت فقار اقتصادها » وزودها من الحزن واهم 
ما لا يقادر قدره » وحينئذ زادت سرعة قريش في استعدادها للخوض في معركة تفصل بينهم وبين 
المسلمين . 


قوام جيش قريش وقيادته: 

وما استدارت السنة كانت مكة قد استكملت عدتها » واجتمع إليها من المشركين ثلاثة 
الاف مقاتل من قريش والحلفاء والأحابيش » ورأى قادة قريش أن يستصحبوا معهم النساء , 
حتى يكون ذلك أبلغ في استّاتة الرجال دون أن تصاب حرماتهم وأعراضهم » وكان عدد هذه 
النسوة خمس عشرة امرأة . 

وكان سلاح النقليات ني هذا الجيش ثلاثة الاف بعير » ومن سلاح الفرسان مائتا فرسر() 
جنبوها طول الطريق » وكان من سلاح الوقاية سبعمائة درع . 

وكانت القيادة العامة إلى أي سفيان بن حرب » وقيادة الفرسان إلى خالد بن الوليد » يعاونه 
عكرمة بن أي جهل » أما اللواء فكان إلى بني عبد الدار . 


جيش مكة يتحرك: 
تحرك الجيش المكي بعد هذا الإعداد التام نحو المدينة » وكانت الثارات القديمة والغيظ 
الكامن يشعل البغضاء بي القلوب . ويشف عما سوف يقع من قتال مرير . 





. 745/17 زاد المعاد ۲ وهو المعروف . وني فتح الباري مائة فرس‎ )١( 


- ۹ - 


الاستخبارات النبوية تكشف حركة العدو: 

وكان العباس بن عبد المطلب يرقب حركات قريش واستعداداتها العسكرية » فلما تحرك هذا 
الجيش بعث العباس رسالة مستعجلة إلى النبي له » ضمنها جميع تفاصيل الحيش . 

وأسرع رسول العباس بإبلاغ الرسالة » وجدٌ في السير حتى إنه قطع الطريق بين مكة والمدينة 
- التي تبلغ مسافتها إلى خمسوائة كيلو مترا - في ثلاثة أيام » وسلم الرسالة إلى النبي عو وهو في 
مسجك قباء . 

رأ الرسالة على النبي عي بي بن كعب » فأمره بالکتان » وعاد مسرعا إلى ل ادل 
الرأي مع قادة المهاجرين والأنصار . 


استعداد المسلمين للطوارىء: 
0-0 المدينة ف حالة استنفار عام ¢ لا يفارق رجاها السلاح »› حتى وهم ف الصلاة »› 
ا ا ی 
بحراسة رسول الله ع » فكانوا يبيتون على بابه وعليهم السلاح . 
وقامت عل مداخل المدينة وأنقابها مفرزات تحرسها » خوفا من أن يؤخذوا على غرة . 
وقامت دوريات من المسلمين ‏ لاكتشاف تحركات العدو - تتجول حول الطرق التي 
يحتمل أن يسلكها المشركون للاغارة على المسلمين . 
الجيش المكى إلى أسوار المدينة: ‏ 
وتابع جيش مكة سيره على الطريق الغربية الرئيسية المعتادة » ولما وصل إلى الأبواء اقترحت 
ام او ا عو ا 


افر ا وی ا 
ذات الین » حتى نزل قريباً بجبل أحد في مكان يقال له عينين » في بطن السبخة » من قناة على 


e 2 


شفير الوادي - الذي يقع شمالي المدينة - فعسكر هناك يوم الجمعة السادس من شير شوال سنة 
ثلاث من الهجرة . 
المجلس الاستشاري لأخذ خطة الدفاع: 

ونقلت استخبارات المدينة أخبار جيش مكة خبرا بعد خبر » حتى الخبر الأخير عن 
معسكره » وحينئذ عقد رسول الله ع مجلساً استشارياً عسكرياً أعلى » تبادل فيه الرأي لاختيار 
الموقف » وأخبرهم عن رؤيا رآها » قال : إني قد رأيت والله خيرا » رأيت بقراً يذج » ورأيت في 
ذباب سيفي ثلما » ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة » وتأول البقر بنفر من أصحابه 
قتلون » وتأول الثلمة في سيفه برجل يصاب من أهل بيته » وتأول الدرع بالمدينة . 

ثم قدم رأيه إلى صحابته أن لا يخرجوا من المدينة» وأن يتحصنوا بهاء فإن أقام المشركون 
بمعسكرهم أقاموا بشر مقام وبغير جدوى » وإن دخلوا المدينة قاتلهم المسلمون على أفواه الأزقة › 
والنساء من فوق البيوت » وكان هذا هو الرأي . ووافقه على هذا الرأي عبد الله بن أي بن سلول 
را المنافقين - وكان قد حضر انمجلس بصفته أحد زعماء الخزرج . ويبيدو أن موافقته هذا 
الرأي لم تكن لأجل أن هذا هو هو الموقف الصحيح من حيث الوجهة العسكرية » بل ليتمكن من 
التباعد عن القتال دون أن يعلم بذلك اد > وشاء الله أن يفتضح هو وأصحابه - لأول مرة ‏ 
أمام المسلمين » ويتكشف عنم الغطاء الذي كان كفرهم ونفاقهم يكمن وراءه » ويتعرف 
المسلمون في أحرج ساعتهم على الأفاعي التي كانت تتحرك تحت ملابسهم وأكامهم . 

فقد بادر جماعة من فضلاء الصحابة من فاته الخروج يوم يدر » فأشاروا على الي كه 
بالخروج » وألحوا عليه في ذلك . حتى قال قائلهم : يا رسول الله » كنا نتمنى هذا اليوم وندعوا 
لله » فقد ساقه إلينا وقرب المسير » اخرج إلى أعدائنا , > لا يرون أنا جَبنَا عنهم . 

وكان في مقدمة هؤلاء المتحمسين حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله عل الذي كان 


قدأروى فرند سيفه في معركة بدر - فقد قال للنبي ع : والذي أنزل عليك الكتاب لا أطعم 
طعاما حح تى أجالدهم بسيفي خارج المديئة(١)‏ 3 





. ١١/١ السيرة الحلبية‎ )١( 


50١ - 


ورفض رسول الله مه رأيه مام رأي الأغلبية » واستقر الرأي على الخروج من المدينة » 
واللقاء في الميدان السافر . 
تكتيب الجيش الإسلامي وخروجه إلى ساحة القتال: 

ثم صل النبي ع بالناس يوم الجمعة » فوعظهم وأمرهم با لحد والاجتهاد » وأحبر أن هم 
النصر بما صبروا » وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم » ففرح الناس بذلك . ظ 

ثم صلى بالناس العصر » وقد حشدوا وحضر أهل العوالي » ثم دخل بيته » ومعه صاحباه أبو 
بكر وعمر » فعمماه وألبساه » فتدجج بسلاحه » وظاهر بين درعين ( أي لبس درعاً فوق 
درع ) » وتقلد السيف » ثم خرج على الناس . 

وكان الناس ينتظرون خروجه » وقد قال لهم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير : استكرهم 
رسول لله تله على الخروج » فردوا الأمر إليه » ندموا جما على ما صنعواء فلما حرج قاو 
له : يا رسول الله ما كان لنا أن تخالفك » فاصنع ما شكت » إن أحببت أن تمكث بالمدينة 
فافعل . فقال رسول الله عه : ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته - وهي الدرع - أن يضعها » حتى 
يحكم الله بينه وبين عدوه“ . 

وقسم النبى لله جيشه إلى ثلاث كتائب : 

ا ار س ا 

(۲) كنيبة الأوس من الأنصار » وأعطى لواءها أسيد بن حضير . 

(۳) كتيبةالخزرج من الأنصار » وأعطى لواءها الحباب بن المنذر . ظ 

وكان الجيش متألفا من ألف مقاتل › ؛ فيهم مائة دارع وخمسون فارسا" + وقيل لم يكن من 
الفرسان أحد » واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم على الصلاة من بقي في المدينة » وأذن 
بالرحيل » فتحرك الجيش نحو الشهال » وخرج السعدان أمام النبي ع يعدوان دارعين. 
(1) راه أحمد والنسائي والحام وابن إسحاق . 
(۲) قاله ابن القيم ني الهدى ۲ ۰ ٩۲‏ . وقال ابن حجر : هو غلط بين . وقد جزم مومى بن عقبة بأنه لم يكن معهم 


في أحد شيء من الخيل ؛ ووقع عند الواقدي كان معهم فرس لرسول الله مويه وفرس أي بردة ( فتح الباري 
(To 0/۷‏ . ۰ 


- o ءة‎ 


ولا جاوز ثنية الوداع رأى كتيبة حسنة 'التسليح منفردة عن سواد الجيش › فسأل عنها : 
فأخير أ: جم الجود من خلفاء ارج » » يرغبون المساهمة في القتال ضد المشركين » فسأل : هل 
أسلموا ؟ فقالوا : لا . فأبى أن يستعين بأهل الكفر على أهل الشرك . 


استعراض الجيش: 

OE OO,‏ استصغرة وم بره 
نظيفا للقغال و ان ي عة اين عر ن الطاب + اساك بن ريك واد بين طهر 
وزيد بن ثابت » وزيد بن أرقم » وعرابة بن أوس » وعمرو بن حزم » وأبو سعيد الخدري » 
وزيد بن حارثة الأنصاري » وسعد بن حبة » ويذكر في هؤلاء البراء بن عازب » لكن حديثه في 
البخاري يدل على شہوده القتال ذلك اليوم . 

وأجاز رافع بي دع :وسرة بن نتنب عل ضفر ستهما ٠‏ وذلك أن راقع بن خدج كان 
ماهر في رماية النبل فأجازه » فقال سمرة : أنا أقوى من رافع . أنا أصرعه » فلما أخبر 
رسول الله ع بذلك أمرهما أن يتصارعا أمامه » فتصارعا » فصر ع سمرة رافعاً » فأجازه أيضاً . 


المبيت بين أحد والمدينة: 
وفي هذا المكان أدركهم المساء 6 فصل المغرب 5 ثم صلل العشاء 1 وبات هنالك ؛ وانتتخب 


اك ٠‏ بطل 


تمرد عبدالله بن أبى وأصحابه: 
وقبل طلوع الفجر بقليل أدلح » حتى إذا کان بالشوط صلل الفجر »› وكان بعقربة جدا فن 
العدو فقد كان يراهم ويرونه » وهناك ترد عبد الله بن أي المنافق » فانسحب بنحو ثلث العسكر 
- ثلاغائة مقاتل - قائلاً : ما ندري علام نقتل أنفسنا ؟ ومتظاهراً بالاحتجاج بأن الرسول لل 
رك رأيه وأطاع غيره . 





. ومعلوم أن بني قينقاع كان قد تم إجلاؤهم عقب بدر‎ )۳٤/۲( روى ذلك ابن سعد وفيه أنهم من بني قینقا ع‎ )١( 


كه 


ولا شك أن سبب هذا الانعزال لم يكن هو ما آبداه هذا المنافق من رفض رسول الله َيه 
أيه » وإلا لم يكن لسيره مع الجيش النبوي إلى هذا المكان معنى . بل لو كان هذا هو السبب 
لانعزل عن الجيش منذ بداية سيره » بل كان هدفه الرئيسي من هذا القرد - في ذلك الظرف 
الدقيق - أن يحدث البلبلة والاضطراب في جيش المسلمين على مرأى ومسمع من عدوهم » حتى 
ينحاز عامة الجيش عن النبي ع » وتتبار معنويات من يبقى معه » بينا يتشجع العدو » وتعلو 
همته لرؤية هذا المنظر » فيكون ذلك أسرع إلى القضاء على النبي عو وأصحابه الخلصين » 
ويصحو بعد ذلك الحو لعودة الرياسة إلى هذا المنافق وأصحابه . 

وكاد المنافق ينجح في تحقيق بعض ما كان مهدف إليه » فقد همت طائفتان - بنو بنو حارثة من 
الأوس > وبنو سلمة من الخزرج - أن تفشلاء ولكن الله تولاهما » فثبتنا بعد ما سرى فيهما 
الاضطراب وهمتا بالرجوع لاحات وا يقل الله ال «إذهمّت طَأَيَِنَانِ نكم 
أن تَفسَلاواللَه و اول َه لست وكل الْمؤ بو .)١١١:5(‏ ظ 

وحاول عبد الله بن حرام - والد حابر بن عبد الله - تذكير هؤلاء المنافقين بواجبهم في هذا 
الظرف الدقيق » فتبعهم وهو يونخهم TT‏ ؛ ويقول تعالوا قائلوا في سبيل الله أو 
ادفعوا » قالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع . . فرجع عنم عبد الله بن حرام قائلاً : أبعد م 
n‏ 


عمس سراق وس وھ و م 2ه هدء سر ' رزج < لوح سه ل م کر 
تارتل 5 1 7 رم 6 


و م 2و 


أيهم ماس في فلو بوم واه أكون 4 (1707:5). 


بقية الجيش الإسلامي إلى أحد: 
وبعد هذا القرد والانسحاب قام النبي عه ببقية الجيش - وهم سبعمائة مقاتل - ليواصل 
سيره نحو العدو » وكان معسكر المشركين يحول بينه وبين أحد في مناطق كثيرة » فقال : « من 
رل يرج ہا عل الق من كنب ا أي من قريب من طريق لا ور ا عام ! 
فقال أبو خيثمة : أنا يا رسول الله » ثم اختار طريقاً قصيرا إلى أحد يمر بحرة ني حارثة 
ومزارعهم » تارك جيش المشركين إلى الغرب . 
508 - 


ومر الحيش في هذا الطريق بحائط مربع بن قيظي - وكان منافقا ضرير البصر - فلما أحس 
بالحيش قام يحثو التراب في وجوه المسلمين , ويقول : لا أحل لك أن تدخل حائطي إن كنت 
سول الله فابتدره القوم ليقتلوه » فقال : ١‏ لا تقتلوه فهذا أعمى القلب أعمى البصر ) . 

ونفذ رسول الله عه ؛ حتى نزل الشعب من جبل أحد في عدوة الوادي »> فعسكر بجيشه 
مستقبلا الدينة » وجاعلاً ظهره إلى هضاب جيل أحد » وعلى هذا صار جد جيش العدو فاصلا بين 
خطة الدقاع: 

وهناك عبأ رسول الله عه جيشه > وهرأهم صفوفا لقتال » فانتخب منهم فصيلة من الرماة 
الماهرين » قوامها خمسون مقاتلا » وأعطى قيادتها لعبد الله بن جبير بن النعمان الأنصاري 
الأوسي البدري › وأمرهم بانمرکز على جبل يمع على الضفة الجنوبية من وادي قناة - وعرف فيا 
بعد بجبل الرماة - جنوب شرق معسكر المسلمين › > على بعد حوالي مائة وخمسين مترأ من مقر 
الجيش الاسلامي . 

والهدف من ذلك هو ما أبداه رسول الله عله في كلماته التي ألقاها إلى هولاء الرماة فقد 
قال لقائدهم : اشع ليل عاب > لا يأتون من خلفنا » إن كانت لنا أو علينا فاثبت 
مكانك لا نؤتين من قبلك )20 . م قال للرماة ٠:‏ احموا ظهورنا » فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا » 
ha‏ ا او وا 
أرسل لیک . 

وبتعيين هذه الفصيلة ف الخبل مع هذه الأوامر العسكرية الشديدة سد رسول الله علا 
الثلمة الوحيدة التي كان يمكن لفرسان المشركين أن يتسللوا من ورائها إلى صفوف المسلمين › 





. 5556/5 ابن هشام‎ )١( 
. ٠٠٠١/۷ روى ذلك أحمد والطبراني وا حا م عن ابن عباس . انظر فتح الباري‎ )۲( 
. 155/١ صحيح البخاري › كتاب الجهاد‎ )۳( 


5086 


أما بقية الجيش فجعل على الميمنة المنذر بن عمرو » وجعل على الميسرة الزبير بن العوام > 
يسانده المقداد بن الأسود.. وكان إلى الزيير مهمة الصمود في وجه فرسان خالد بن الوليد › 
وجعل في مقدمة الصفوف نخبة ممتازة من شجعان المسلمين ورجالا هم المشهورين بالنجدة 
والبسالة » والذين يوزنون بالالاف . 

ولقد كانت خطة حكيمة ودقيقة جداً » تتجلى فيها عبقرية قيادة النبي عي العسكرية 
- وأنه لا يمكن لأي قائد مهما تقدمت كفاءته أن يضع خطة أدق وأحكم من هذا فقد احتل 
أفضل موضع من ميدان المعركة » مع أنه نزل فيه بعد العدو » فقد مى ظهره ويمينه بارتفاعات 
الجبل » وحمى ميسرته وظهره ‏ حين يحتدم القتال - بسد الثلمة الوحيدة التي كانت توجد في 
جانب الجيش الاسلامي > واختار لمعسكره سا ر يحتمي به اذا نزلت اهزية 
بالمسلمين - ولا يلتجىء إلى الفرار » حتى يتعرض للوقوع في قبضة الأعداء المطاردين وأسرهم : 
ويلحق مع ذلك خسائر فادحة إلى أعدائه إن أرادوا احتلال معسکره وتقدموا اليه › وألجا أعداعه 
إلى قبول موضع منخفض يصعب عليهم جدا أن يحصلوا على شيء من فوائد الفتح إن كانت 
الغلبة هم » ويصعب عليهم الإفلات من المسلمين المطاردين إن كانت الغلبة للمسلمين » کا أنه 
عوض النقص العددي في رجاله باختيار نخبة ممتازة من أصحابه الشجعان البارزين . 


وهكذا تمت تعبئة الجيش النبوي صباح يوم السبت السابع من شهر شوال سنة ٣ه‏ . 


الرسول ‏ كه ينفث روح البسالة فى الجيش: 

ونبى الرسول عب الناس عن الأخذ في القتال حتى يأمرهم ‏ وظاهر بين درعين » وحرض 
أصحابه على القتال » وحضهم على المصابرة والجلاد عند اللقاء » وأخذ ينفث روح الحماسة 
د في أصحابه 3 حقی جرد سيفا باترا ونادى أصحابه 0 من يأحذ هذا السيف بحقه » ؟ 

ويا يي يا وا حقه ا رسول اله ؟ قال e‏ 
0 . قال : أنا اخذه بحقه يا رسول الله » فأعطاه إياه . 

وكان أبو دجانة رجلا شجاعاً يختال عند الحرب » وكانت له عصابة حمراء إذا اعتصب بها 
اباجيا وس يي ا م 0 


- 0 - 


يتبختر بين الصفين » وحيتكذ قال رسول الله عه : « إنها لمشية يبغضبا الله إلا في مثل هذا 
الموطن » . 


تعبنة الجيش المكى : 

أما المشركون فعبأوا جيشهم حسب نظام الصفوف » فكانت القيادة العامة إلى أي سفيان 
صخر بن حرب الذي مركز في قلب الحيش » وجعلوا على الميمنة خالد بن الوليد - وكان إذ ذاك 
مشركاً - وعلى الميسرة عكرمة بن أي جهل » وعلى المشاة صفوان بن أمية » وعلى رماة النبل عبد 
الله بن أي ربيعة . 

أما اللواء فكان إلى مفرزة من بني عبد الدار » وقد كان ذلك منصبهم منذ أن اقتسمت بنو 
غد تاف المناضيت التي ورئوها من قصي بن كلاب - کا أسلفنا في أوائل المقالة - وكان 
لا يمكن لأحد أن ينازعهم في ذلك » تقيداً بالتقاليد التي ورثوها كابرا عن كابر » بيد أن القائد 
العام - أبا سفيان ‏ ذكرهم بما أصاب قريشا يوم بدر حين أسر حامل لوائهم النضر بن 
الحارث » وقال هم ليستفز غضبهم ويثير حميتهم : يا بني عبد الدار » قد وليتم لواءنا يوم بدر 
فأصابنا ما قد رأيتم » وإنما يؤتي الناس من قبل راياتهم » إذا زالت زالوا » فإما أن تكفونا لواءنا » 
وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه . 

ونجح أبو سفيان في هدفه » فقد غضب بنو عبد الدار لقول أبي سفيان أشد الغضب › 
هموا به وتواعدوه » وقالوا له : نحن نسلم إليك لواءنا ؟ ستعلم غدا إذا التقينا كيف نصنع . وقد 
ثبتوا عند احتدام المعركة حتى أبيدوا عن بكرة أبييم . 


مناورات سياسية من قبل قريش: 

وقبيل نشوب ال معركة حاولت قريش إيقاع الفرقة والتزاع داحل صفوف المسلمين . فقد 
أرسل أبو سفيان إلى الأنصار يقول لهم : « خلوا بيننا وبين ابن عمنا فننصرف عنكم » فلا حاجة 
لنا إلى قتالكم » ولكن أين هذه المحاولة أمام الابمان الذي لا تقوم له الجبال » فقد رد عليه الأنصار 
ردأ عنيفاً » وأسمعوه ما یکره . 

أربت ناغة العفر > وتدانت القتان > فقامت قريش عخاولة اخرى فس القرض + 


56,7 


فقد خرج إليم عميل خائن يسمى أبا عامر الفاسق - واسمه عبد عمرو بن صيفي » وكان 
يسمى الراهب » فسماه رسول الله عه الفاسق » وكان رأس الأوس في الجاهلية . فلما جاء 
الإسلام شرق به» وجاهر رسول لله تله بالمداوةء فخرج من امدينة » وذهب إلى قريش 
. يولم على رسول الله َه ويحضهم على قتاله » ووعدهم بأن قومه إذا رأوه أطاعوه » ومالوا معه 
- فكان أول من خرج إلى المسلمين في الأحابيش وعبدان أهل مكة » فنادى قومه وتعرف 
لمهم » وقال : يا معشر الأوس » أنا أبو عامر . فقالوا : لا أنعم الله بك عينا يا فاسق . فقال : 
لقد أصاب قومي بعدي شر . ( ولا بدأ القتال قاتلهم قتالاً شديدا وراضخهم بالحجارة ) . 
وهكذا فشلت قريش في محاولتها الثانية للتفريق بين صفوف أهل الإيمان ويدل عملهم هذا 
على ما كان يسيطر عليمم من خوف المسلمين وهيبتهم » مع كثرتهم وتفوقهم في العدد والعدة . 


جهود نسوة قريش فى التحميس: 
وقامت نسوة قريش بنصيبهن من المشاركة في المعركة » تقودهن هند بنت عتبة زوجة ألي 

سفيان » فكن يتجولن في الصفوف » ويضربن بالدفوف » يستنبضن الرجال » ويحرضن على 
القتال » ويثرن حفائظ الأبطال » ويحركن مشاعر أهل ١‏ الطعان والضراب والنضال » فتارة يخاطبن 
أهل اللواء فيقلن : . 

ويمابني عبد الدار وا حماة الأدبار 

ضرباً بكل بتار 
وتارة يأززن قومهن على القتال وينشدن : 
إن فن ووا 
أو تدبووا نفارق | فاق غر وامق 


أول وقود المعركة: 0 
- وتقارب الجمعان » وتدانت الفئتان » وبدأت مراحل القتال » وكان أول وقود المعركة حامل 
لواء المشركين طلحة ب بن أبي طلحة العبدري ‏ وكان من أشجع فرسان قريش » يسميه المسلمون ِ 
كبش الكتيبة » خرج وهو راكب على جمل » يدعو إلى المبارزة » فأحجم عنه الناس لفرط 
YOA.-‏ - 


شجاعته » ولكن تقدم إليه الزير » ولم يمهله بل وثب إليه وثبة الليث » حتى صار معه على جمله › 
ثم اقتحم به الأرض » فألقاه عنه وذبحه بسيفه . 

ورأى النبي عله هذا الصراع الرائع » فكبر وكبر المسلمون » وأثنى على الزيير » وقال في 
حقه : إن لكل نبي حواريا » وحواربي الزبير' . 


ثقل المعركة حول اللواء وإبادة حملته: 

ثم اندلعت نيران المعركة » واشتد القتال بين الفريقين في كل نقطة من نقاط الميدان » وكان 
ثقل المعركة يدور حول لواء المشركين . فقد تعاقب بنو عبد الدار لحمل اللواء بعد قتل قائدهم 
طلحة بن أبي طلحة » فحمله أخوه أبو شيبة عهان بن أبي طلحة » وتقدم للقتال وهو يقول : 

إن على أمل اللواء حقا أن قصب المي ةا ا 

فحمل عليه حمزة بن عيد المطلب » فضربه على عاتقه ضربة بترت يده مع كتفه » حو 
وصلت إلى سرته » فبانت رثته . 

ثم رفع اللواء أبو سعد بن أي طلحة » فرماه سعد بن أي وقاص بسهم أصاب حنجرته , 
فأدلع لسانه ومات ينه . وقيل : بل خرج أبو سعد يدعو إلى البراز » فتقدم إليه علي بن أي 
طالب » فاختلفا ضربتين » فضربه علي فقتله . | 

ثم رفع اللواء مسافع بن طلحة بن أي طلحة » فرماه عاصم بن ثابت بن أي الأقلح بسهم 
فقتله » فحمل اللواء بعده أخوه كلاب بن طلحة بن أبي طلحة » فانقض عليه الزيير بن العوام 
وقاتله حتى قتله » ثم حمل اللواء أخوهما الجلاس بن طلحة بن أبي طلحة » فطعنه طلحة بن عبيد 
الله طعنة قضت على حياته » وقيل : بل رماه عاصم بن ثابت بن أي الأقلح بسهم فقضى عليه . 

هه لآو س لفن ناخد بيك أن طلحة عبد اه بن :عفان بن عبد دار قتلوا 
جميعاً حول لواء المشركين » ثم حمله من بني عبد الدار أرطاة بن شرحبيل » فقتله علي بن أي 
طالب » وقيل : حمزة بن عبد المطلب » ثم حمله شري بن قارظ فقتله قزمان ‏ وكان منافقا قاتل 
مع المسلمين حمية » لا عن الاسلام - ثم حمله أبو زيد عمرو بن عبد مناف العبدري › فقتله 
قزمان أيضاً » ثم حمله ولد لشرحبيل بن هاشم العبدري فقتله قزمان أيضا . 


. ٠۸/۲ ذكره صاحب السيرة الحلبية‎ )١( 





- 5606 


فهؤلاء عشرة من بني عبد الدار - من حملة اللواء - أبيدوا عن اخرهم ‏ ولم يبق منهم أحد 
يحمل اللواءء فتقدم غلام هم حبشي - امه صواب ‏ فحمل اللواء , وأبدى من صنوف 
الشجاعة والثبات ما فاق به مواليه من حملة اللواء الذين قتلوا قبله » فقد قاتل حتى قطعت يداه » 
فبرك على اللواء بصدره وعنقه ؛ لملا يسقط حتى قتل وهو يقول : اللهم هل أعذرت » يعني هل 
أعذرت ؟20 . 
' وبعد أن قتل هذا الغلام - صواب - سقط اللواء على الأرض » ولم يبق أحد يحمله » فبقي 
ساقطا . 


القتال في بقية النقاط: 


وبيها كان ثقل المعركة » يدور حول لواء المشركين » كان القتال المرير حجري في سائر نقاط 
المعركة » وكانت روح الإيمان قد سادت صفوف المسلمين » فانطلقوا خلال جنود الشرك 
انطلاق الفيضان تنقطع أمامه السدود , وهم يقولون « أمت » أمت » » كان ذلك شعاراً لهم يوم 
أحد . ظ 

أقبل أبو دجانة معلماً بعصابته الحمراء » اخذاً بسيف رسول الله ييه » مصمماً على أداء 
حقه » فقاتل حت أمعن في الناس » وجعل لا يلقى مشركاً إلا قتله » وأخذ بهد صفوف المشركين 
هدا . قال الزبير بن العوام : وجدت في نفسي حين سألت رسول الله عه السيف فمنعنيه » 
وأعطاه أبا دجانة » وقلت أي في نفسي : أنا ابن صفية عمته » ومن قريش » وقد قمت إليه » 
فسألته إياه قبله فاتاه إياه وتركني » والله لأنظرن ما يصنع ؟ فاتبعته فأخرج عصابة له حمراء » 
فعصب بها رأسه » فقالت الأنصار : أخرج أبو دجانة عصابة الموت » فخرج وهو يقول : 
أنا الذي عاهدني حليلي وحن بالسفح لدى النخيل 
أن لا أن الدهسير ف الك ااب ادرا 

فجعل لا يلقى أحدا إلا قتله ‏ وكان في المشركين رجل لا يدع لنا جريحاً إلا ذفف عليه : 
فجعل كل واحد منہما يدنو من صاحبه » فدعوت الله أن يجمع بينهما فالتقياء فاختلفا 
)١١‏ كان بلسانه لكنة يقلب الذال إلى الزاي . 
(؟) الكيول : اخر الصفوف . يعني أنه لا يقاتل في مؤخرة الصفوف . بل يظل أبداً في المقدمة . 

e 


ضربتين » فضرب المشرك أبا دجانة فاتقاه بدرقته » فعضت بسيفه » فضربه أبو دجانة فقتله“ . 

ثم أمعن أبو دجانة في هد الصفوف . حتى خلص إلى قائدة نسوة قريش » وهو لا يدري 
بها . قال أبو دجانة : رأيت إنساناً يخمش الناس خمشا شديداً فصمدت له » فلما حملت عليه 
اليف ولول قاذا امراة + فاكرمت»«سيف رسول الله 4282 أن اضرب به امرأة: 

وكانت تلك المرأة هي هند بنت عتبة . قال الزبير بن العوام رأيت أبا دجانة قد حمل السيف 
على مفرق رأس هند بنت عتبة » ثم عدل السيف عنما » فقلت : الله ورسوله أعله2؟ . 

زقائل ره بن عبد لطي كال لبوك الها جد al o‏ للم عتيطن اجر دون 
يغامر مغامرة منقطعة النظير » ينكشف عنه الابطال كا تتطاير الاوراق أمام الرياح الهوجاء ‏ 
فبالاضافة إلى مشاركته الفعالة في إبادة حاملى لواء المشركين ؛ فعل الأفاعيل بأبطاللهم الآخرين 
حتى صرع وهو في مقدمة المبرزين » ولكن لا کا تصرع الابطال وجها لوجه في ميدان القتال › 
وإنغا كا يغتال الكرام في حلك الظلام . 
مصرع أسد الله حمزة بن عبدالمطلب: 

يقول قاتل حمزة وحشي بن حرب : كنت غلاما لجبير بن مطعم » وكان عمه طعيمة بن 
عدي قد أصيب يوم بدر » فلما سارت قريش إلى أحد قال لي جبير : إنك إن قتلت حمزة عم 
محمد بعمي فأنت عتيق . قال : فخرجت مع الناس - وكنت رجلا حبشياً أقذف بالحربة قذف 
الحبشة قلما أخطىء بها شيعا - فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصره » حتى رأيته في 
عرض الناس مثل مثل احمل الأورق » يهد الناس هدا ما يقوم له شيء » فوالله إني لأعبيً له أريده » 
فاستتر منه بشجرة أو حجر ليدنو مني » إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى › و فلما راه حمزة قال 
له : هلم إلي يا ابن مقطعة البظور - وكانت أمه ختانة - قال : فضربه ضربة كأنما أخطاً 
رأسه9) . 

قال : وهززت حربتي » حتى إذا رضيت منها دفعتها إليه » فوقعت في ثنته ‏ أحشائه - حتى 
حرجت من بين رجليه » وذهب لينوء نحوي فغلب » وتركته وإياها حتى مات » ثم أنيته فأخذت 
)1( ابن هشام 1۸/۲ › 59 . 
)١(‏ نفس المصدر 1۹/۲ . 
(؟) أخطا رأسه » يقال عند المبالغة في الاصابة . 


711 


حربتي ثم رجعت إلى العسكر » فقعدت فيه » ولم يكن لي بغيره حاجة » وإنها قتلته لأعتق » فلما 
قدمت مكة عتقت . 


السيطرة على الموقف: 
وبرغم هذه الخسارة الفادحة الي لحقت بالمسلمين بقتل أسد الله وأسد رسوله حمزة بن 
عبد المطلب »› ؛ ظل المسلمون مسيطرين على الموقف كله » فقد قائل يوذ أبو بكر » وعمر بن 
اا بن ألي طالب » والزيير بن العوام > ومصعب بن عمير وطلحة بن عبيد الله » 


وعبد الله بن جحش » وسعد بن معاذ » وسعد بن عبادة » وسعد بن الربيع » وأنس بن النضر 
وأمثالهم قتالاً فل عزائم المشركين » وفتت في أعضادهم . 
من أحضان المرأة إلى مقارعة السيوف والدرقة: 

وكان من الأبطال المغامرين يومئذ حنظلة الغسيل ‏ وهو حنظلة بن أي عامر » وأبو عامر 
هذا هو الراهب الذي سمي بالفاسق . والذي مضى ذكره قريباً - كان حنظلة حديث عهد 
بالعرس » فلما مع هواتف الحرب - وهو على امرأته - انخلع من أحضانها » وقام من فوره إلى 
Ey‏ لحي ا ابد ايا امج A‏ 
بو E‏ ب ابوت 
نصيب فصيلة الرماة فى المعركة: 

وكانت للفصيلة التي عينها الرسول عي على جبل الرماة يد بيضاء في إدارة دفة القتال 
لصالح الجيش الإسلامي » فقد هجم فرسان مكة بقيادة خالد بن الوليد يسانده أبو عامر 
الفاسق › ثلاث مرات ليحطموا جناح الجيش الإإسلامي الس > حی يتسر بوا إلى ظهور 
المسلمين ›¿ a E E‏ 
الرماة رشقوهم بالنبل حتى فشلت هجماتهم التلارثڻ 0 . 
)١(‏ ابن هشام 1۹/۲ ۰ ۰۷۰ ٠۷١‏ ۷۲ » صحيح البخاري ااا ا د و ا 


وقتل مسيلمة الكذاب بحربته تلك » وشهد اليرموك ضد الرومان . 
(۲) انظر فتح الباري ۳٤٦/۷‏ . 





- ۲ - 


الهزيمة تنزل بالمشركين 

هكذا دارت رحى الحرب الزبون » وظل الحيش الاسلامى الصغير مسيطرا على الموقف 
كله » حتى خارت عزاتم أبطال المشركين » وأخذت صفوفهم تتبدد عن اليين والشمال والامام 
والخلف » كان ثلاثة الاف مشرك يواجهون ثلاثين ألف مسلم » لا بضع مئات قلائل » وظهر 
المسلمون في أعلى صور الشجاعة واليقين . 

وبعد أن بذلت قريش أقصى جهدها لسد هجوم المسلمين أحست بالعجز والخور » 
وانكسرت متا - حتى لم يجترىء أحد منها أن يدنو من لوائها » الذي سقط بعد مقتل صواب ‏ 
قله تور رك الخدت ى الاتسسانه وكات ال لار ت ما كانت 
تتحدث به في نفوسها من أخذ الثأر والوتر والانتقام » وإعادة العز والجحد والوقار . 

قال ابن إسحاق : ثم أنزل الله نصره على المسلمين » وصدقهم وعده » فحسوهم بالسيوف 
حتى كشفوهم عن المعسكر ‏ وكانت الزيمة لا شك فيها . روى عبد الله بن الزيير عن أبيه أنه 
قال : والله لقد رايتني انظر إلى خدم ‏ سوق - هند بن عتبة وصواحبها مشمرات هوارب › 
ما دون أخذهن قليل ولا كثير .. إل" وفي حديث البراء بن عازب عند البخاري ني 
الصحيح : فلما لقيناهم هربوا » حتى رأيت النساء يشتددن في الجبل » يرفعن سوقهن قد بدت 
خلاخيلهن'" . وتبع المسلمون المشركين » يضعون فيهم السلاح » وينتهبون الغنائم . 
غلطة الرماة الفظيعة: 

وبين كان الحيش الإسلامي الصغير يسجل مرة أخرى نصراً ساحقاً على مكة لم يكن أقل 
روعة من بن اندر اللي اك يوم نهر ريت من اذاي فة ار غلبا تة تت ارج 
ماما » وأدت إلى إلحاق الخسائر الفادحة بالمسلمين » وكادت تكون سببأ في مقتل النبي عه ء 
وقد تركت أسوأ أثر على سمعتهم » والهيبة التي كانوا يتمتعون بها بعد بدر . 

لقد أسلفنا نصوص الأوامر الشديدة التي أصدرها رسول الله عي إلى هؤلاء الرماة » 
بلزومهم موقفهم من الجبل في كل حال من النصر أو الهزيمة » لكن على رغم هذه الأوامر 
)١(‏ ابن هشام ۷۷/۲ . 
(۲) صحيح البخاري ٥۷۹/۲‏ . 

2 


المشددة ؛ لما رأى هؤلاء الرماة أن المسلمين ينتهبون غناتم العدو » غلبت أثارة من حب الدنياء 
فقال بعضهم لبعض : الغنيمة » الغنيمة » ظهر أصحابكم » فما تنتظرون ؟ ٠‏ 

أما قائدهم عبد الله بن جبير » فقد ذكرهم أوامر الرسول عر وقال : أنسيتم ما قال لكم 
رسول الله عَم ؟ ظ 

ولكن الأغلبية الساحقة لم تلق لهذا التذكير بالا » وقالت : والله لنأتين الناس فلنصيبن من 
الغنيمة“ . ثم غادر أربعون رجلا من هؤلاء الرماة مواقعهم من الحبل » والتحقوا بسواد الجيش , 
ليشاركوه في جمع الغنائم » وهكذا حلت ظهور المسلمين » ولم يبق فيها إلا ابن جبير وتسعة من 
أصحابه » التزموا مواقفهم » مصممين على البقاء ختى يوذن هم أو يبادوا . 


خالد بن الوليد يقوم بخطة تطويق الجيش الإسلامي 

وانتهز خالد بن الوليد هذه الفرصة الذهبية » فاستدار بسرعة خاطفة » حتى وصل إلى 
مؤخرة الجيش الإسلامي » فلم يلبث أن أباد عبد الله بن جبير وأصحابه » ثم انقض على 
المسلمين من خلفهم » وصاح فرسانه صيحة عرف المشركون النبزمون بالتطور الحديد » فانقلبوا 
على المسلمين » وأسرعت امرأة منهم - وهي عمرة بنت علقمة الحارثية ‏ فرفعت لواء المشركين 
المطروح على التراب » فالتف OEE‏ حتى اجتمعوا 
على المسلمين » وثبتوا للقتال » وأحيط المسلمون من الأمام والخلف » ووقعوا بين شقي الرحى 


موقف الرسول الباسل إزاء عمل التطويق: 

وكان رسول الله عه حينئذ في مفرزة صغيرة - تسعة نفر من أصحابه - في مؤخرة 
المسلمين(” » كان يرقب حالدة المسلمين ومطاردتهم المشركين ؛ أذ بوغت بفرسان خالد مباغتة 
كاملة » فكان أمامه طريقان » إما أن ينجو - بالسرعة - بنفسه وبأصحابه التسعة إلى ملجاً 
مأمون > ويترك جيشه المطوق إلى مصيره المقدور › واما أن يخاطر بنفسه فيدعو أسحانة 
يجدعهم حوله ء وذ بهم جممة قوية يشق بها الطريق ميشه المطوقة إلى هضاب أحد . 
(0 روى ذلك الخاري م عبت البراء بن عازب ٠ E‏ 
(۲) في صحيح مسلم (۷/۲. ٠‏ أنه عه أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش . 
(۳) يدل عليه قوله تعالى : والرسول يدعوك في أخراكم . (۳ : )٠١۳‏ . 


UE 


وهناك تحلت عبقرية الرسول يه وشجاعته المنقطعة النظير » فقد رفع صوته ينادي 
اانه : غباد الل »ع وهو يعرف أن ال كن موك عفرن ضرته فل أن مه السلموت 2 
ولكنه ناداهم ودعاهم مخاطرا بنفسه في هذا الظرف الدقيق . 

وفعلا فقد علم به المشركون فخلصوا إليه » قبل أن يصل إليه المسلمون . 


دد المسلمين فى الموقف: 

أما المسلمون فلما وقعوا في التطويق طار صواب طائفة منهم » فلم تكن تيمها إلا أنفسها » 
فقد أخذت طريق الفرار » وتركت ساحة القتال » وهي لا تدري ماذا وراءها ؟ وفر من هذه 
الطائف: بعضهم إلى المدينة حتى دخلها , وانطلق بعضهم إلى فوق الجبل » ورجعت طائفة أخرى 
فاختلطت بالمشركين » والتبس العسكران » فلم يتميزوا » فوقع القتل في المسلمين بعضهم من 
بعض . روى البخاري عن عائشة قالت : لما .كان يوم أحد هزم المشركون هزيمة بينة » فصاح 
إبليس : أي عباد اللهأخرام ‏ أي احترزوا من ورائكم - فرجعت أولاهم . فاجتلدت هي 
وأخراهم » فبصر جذيفة » فإذا هو بأبيه اليان » فقال : أي عباد الله أي أبي . قالت : فوالله 
ما احتجزوا عنه حتى قتلوه » فقال حذيفة : يغفر الله لكم » قال عروة : فوالله ما زالت في حذيفة 
بقية خير حتى لحق بالله20 . 

وهذه الطائفة حدث داخل صفوفها ارتباك شديد » وعمتها الفوضى . وتاه منها الكثيرون › 
لا يدرون أين يتوجهون » وبينا هم كذلك إذ سمعوا صائحا يصيح : إن محمدا قد قتل . فطارت 
بقية صوابهم » وانہارت الروح المعنوية » أو كادت تنهار في نفوس كثير من أفرادها » فتوقف من 
توقف منهم عن القتال » وألقى بأسلحته مستكينا » وفكر آخرون في الاتصال بعبد الله بن أي 
- رأس المنافقين - لياحذ لهم الأمان من أي سفيان . 

ومر ببؤلاء أنس بن النضر » وقد ألقوا بأيدييم فقال : ما تنتظرون ؟ فقالوا : قتل 
رسول الله عه » قال : ما تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله » ثم 
)١(‏ صحيح البخاري 559/١‏ ۰ 581/5 » وفتح الباري 851/17 ۰ 6577 557 وذكر غير البخاري أن 

رسول الله عله أراد أن يديه . فقال حذيفة : تصدقت بديته على المسلمين » فزاد ذلك حذيفة خيراً عند 

النبي عي . انظر مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص54 . 

516 - 


قال : اللهم إني أعتذر إليك ما صنع هؤلاء » يعني المسلمين ‏ وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني 
المشركين » ثم تقدم فلقيه سعد بن معاذ » فقال : أين يا أبا عمر ؟ فقال أنس : واها لر الجنة 
يا سعد » إفي أجده دون أحد ء ثم مضى فقاتل القوم حتى قتل » فما عرف حتى عرفته أخته . 
- بعد نهاية المعركة ‏ ببنانه » وبه بضع وثمانون ما بين طعنة برح » وضربة بسيف › ورمية 
يوذ ظ 

ونادى ثابت بن الدحداح قومه » فقال : يا معشر الأنصار » إن كان محمد قد قتل ‏ فإن 
الله حي لا يموت » قاتلوا على دينكم » فإن الله مظفرك وناصرك . فنبض إليه نفر من الأنصار › 
مسح كن جيه ربياه عادر ا ا جاتيم يحي ا 
أضيكانه 0 . 

ومر رجل من المهاجرين برجل من الأنصار › وهو يتشحط في دمه » فقال : يا فلان 
أشعرت أن محمداً قد قل ؟ فقال الأنصاري : إن كان محمد قد قتل فقد بلغ › فقاتلوا عن 
ديتكم7" . 

ومثل هذا الاستبسال والتشجيع عادت إلى جنود المسلمين روحهم المعنوية » ورجع إليهم 
رشدهم وصوابهم » فعدلوا عن فكرة الاستسلام أو الاتصال بابن ألي » وأخذوا سلاحهم» 
يهاجمون تيارات المشركين » وهم يحاولون شق الطريق إلى مقر القيادة » وقد بلغهم أن خبر مقتل 
نبي عَم كذب متلق » فزادهم ذلك قوة على قوتهم » فنجحوا في الإفلات عن التطويق » وني 
التجمع حول مركز منيع بعد أن باشروا القتال المرير » وجالدوا بضراوة بالغة . 

وكانت هناك طائفة ثالثة لم يكن يبمهم إلا رسول الله عل . ققد كرت هذه الطائفة إلى 
رسول الله عه > وعمل التطويق في بدايته » وني مقدمة هؤلاء أبو بكر الصديق » وعمر بن 
الخطاب » وعلي بن أي طالب وغيرهم رضي الله عنهم كانوا في مقدمة المقاتلين ) > فلما أحسوا 
Ea‏ عليه الصلاة والسلام والتحية عصارو وميد ا 


. ٥۷۹/۲ صحيح البخاري‎ 47 ۰ ٩۳/۲ زاد المعاد‎ )١( 
. ۲۲/۲ السيرة الحلبية‎ )۲( 
. 45/7 زاد المعاد‎ )۳( 


- ۲1 - 


احتدام القتال حول رسول الله مير : 

وبينا كانت تلك الطوائف يي التطويق » تطحن بين شقي رحى المشركين » كان 
العراك محتدما حول رسول الله لار > وقد ذكرنا أن المشركين لما بدأوا عمل التطويق م يكن مع 
A‏ فلما نادى المجبلية ` هلم إلي » أنا رسول الله » جمع صوته 
المشركون وعرفوه » فكروا إليه وهاجموه . ومالوا إليه بثقلهم قبل أن يرجع إليه أحد من جيش 
المسلمين » فجرى بين المشركين وبين هؤلاء النفر التسعة من الصحابة عراك عنيف » ظهرت فيه 

روى مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله عي أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار 
ورجلين من قريش » فلما رهقوه قال : من يردهم عنا وله الجنة ؟ أو هو رفيقي في الجنة ؟ فتقدم 
رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل » ؛ ثم رهقوه أيضا فلم يزل كذلك حتى قثل السبعة ٠‏ فقال 
رسول لك عل لصا اى المرشيين د ا ات 

وكان اخ هو لاء السبعة هو عمارة بن يزيد , بن السكن › قاتل حتى أثبتته الجراحة 
E‏ 


أحرج ساعة فى حياة الرسول - ية : 


وبعد سقوط | بن السكن بقي الرسول بُ في القرشيين فقط » قفي الصحيحين عن أي 
عهان قال : لم ببق مع النبي عَم في بعض تلك الأيام التي يقاتل فين غير طلحة بن عبيد الله 
وسعد ( بن أي وقاص )' وكانت أحرج ساعة بالنسبة إلى حياة رسول الله ييه » وفرصة ذهبية 
بالنسبة إلى المشركين » ولم يتوان المشركون في انتهاز تلك الفرصة » فقد ركزوا حملتهم على 
النبي عه وطمعوا في القضاء عليه DEEN‏ و ا اا 
رباعيته الينى السفلى » وكلمت شفته السفلى » وتقدم إليه عبد الله بن شهاب الزهري » فشجه في 


05 صحيح مسلم » باب غزوة أحد 1۷/۲ . 

(۲) وبعد لحظة فاءت إلى رسول الله عه ففة من المسلمين فأجهضوا الكفار عن عمارة » وأدنوه من 
رسول الله ع » فوسده قدمه » فمات وخده على قدم رسول الله ع . ( ابن هشام 41/5 ) . 

(۳) صحيح البخاري 5۲۷/۱ ۰ ٥۸۱/۲‏ . 


1ت 


جببته . وجاء فارس عنيد هو عبد الله بن قمئة فضرب على عاتقه بالسيف ضربة عنيفة » شكا 
لأجلها أكثر من شر إلا أنه لم يتمكن من هتك الدرعين » ثم ضرب على وجنته عه ضربة 
أخرى عنيفة كالأولى » حتى دخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته » وقال : خذها وأنا ابن 
قمئة . فقال رسول الله عله له وهو يمسح الدم عن وجهه : أقماك الله“ . 

وني الصحيح أنه مه كسرت رباعيته » وشج في رأسه » فجعل يسلت الدم عنه ويقول : 
ا ا ا بهم » وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله » فأنزل الله عز وجل : 
0 تن 1ك مہ الاتر نو أب مکی ازام وإ يلو . 

وني رواية الطبراني أنه قال يومئذ : اشتد غضب الله على قوم دموا وجه رسوله » ثم مكث 
ساعة ثم قال : اللهم اغفر لقومي فإمهم لا يعلمون . وكذا في صحيح مسلم أنه كان يقول : 
رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون؛ » وني الشفاء للقاضي عياض أنه قال : اللهم اهد قومي ‏ 
فإنهم لا يعلمون7' . ظ 

ولا شك أن المشركين كانوا يهدفون القضاء على حياة رسول الله عو » إلا أن القرشيين 
سعد بن أي وقاص وطلحة بن عبيد الله قاما ببطولة نادرة » وقاتلا ببسالة منقطعة النظير » حتى لم 
يترا - وهما اثنان فحسب - سبيلاً إلى نجاح المشركين في هدفهم » وكانا من أمهر رماة العرب » 
فتناضلا حتى أجهضا مفرزة المشركين عن رسول الله عه . 

اس اا ا E‏ 
وأمي “ . ويدل على مدى كفاءته أن النبي عه لم يجمع أ أبويه لأحد غير سعد" . 
)0( وقد ممع الله دعاء رسوله َه » فعن ابن عائذ أن ابن قمعة « انصرف إلى أهله » فخرج إلى غنمه » فوافاها على 

ذروة جبل » فدخل فيها » فشد عليه تيسها فنطحه نطحة أرداه من شاهق الجبل فتقطع ( فتح الباري 

۷ ) وعند الطبراني فسلط الله عليه تيس جبل » فلم يزل ينطحه حتى قطعه قطعة قطعة ( فتح الباري 

. (۴/۷ 


(۲) صحيح البخاري ٥۸۲/۲‏ » وصحيح مسلم ۱۰۸/۲ . 
(۳) فح الباري ۳۷۳/۷ . 

5( صحيح مسلم باب غزوة أحد ٠١8/7‏ . 

(ه) كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى 8١/١‏ . 
(5-/ا) صحيح البخاري ٠ ٤0۷/۱‏ 5480/7 0۸۱ . 





- ۲1A - 


وأما طلحة بن عبيد الله فقد روى النسالي عن جابر قصة تجمع المشر كين حول 
رسول الله تلل ومعه تفر من الأنصار . قال جابر : فأدرك المشركون رسول الله مكل فقال : من 
للقوم » فقال طلحة : أنا » ثم ذكر جابر تقدم الأنصار » وقتلهم واحدا بعد واحد بنحو ما ذكرنا 
فق و مل فاحل اا ضر کی تقد طلاحة فل جار + فل طا قال ااا 
عشر حتى ضربت يده فقطعت أصابعه » فقال : حَسٌ » فقال النبي عي لو قلت : بسم الله 
لرفعتك الملائكة والناس ينظرون » قال : ثم رد الله المشركين“ . ووقع عند الحاك في الإكليل أنه 
جرح يوم أحد تسعا وثلاثين » أو خمساً وثلاثين » وشلت إصبعه » أي السبابة والتي تليها ”© . 

وروى البخاري عن قيس بن أبي حازم قال : رأيت يد طلحة شلاء » وق بها النبي عي 
يوم أحد9" . 


. ١ . الله ا‎ E 

وروى الترمذي أن النبي عه قال فيه يومعذ : « من ينظر إلى شيد يمشي على وجه الأرض 
فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله )9 . 

وروى أبو داود الطيالسي عن عائشة قالت : كان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد قال : ذلك 
اليوم كله لطلحة9 . 

يا طلحة بن عبيد الله قد وجبت لك الجنان وبوأت الم | العينا() 

وفي ذلك الظرف الدقيق والساعة الحرجة أنزل الله نصره بالغيب » ففي الصحيحين عن 
كاشد القتال » ما رايتهما قبل ولا بعد . وفي رواية يعني جبريل وميكائيل”” . 


)0 شح الباري ۲۷ »۰ وسنن النسالي ٥۳ » ٥۲/۲‏ . 

(۲) نفس المصدر الأول ٠٠۱/۷‏ . 

(۳) صحيح البخاري ۰۰۲۷/۱ ۸۱/۲ . 

. ۸٦/۲ مشكاة المصابيح 555/17 , ابن هشام‎ )٤( 

(5) فتح الباري 301/17 . 

(1) مختصر تاريخ دمشق ۸۲/۷ ( من هامش شرح شذور الذهب ص4 ١١‏ ) . 
)¥( صحيح البخاري 5 . 


a 


بداية تجمع الصحابة حول الرسول - بي -: 

وقعت ب حر e‏ خاطفة . وإلا فالمصطفون لسارم ماه 
E PN NE ECE iY‏ 
سول الله کک با لقي من المراساتة ب وبيج من الانصنار قف هلا :الاح فد ابت 
الجراحات » وسعد وطلحة يكافحان أشد الكفاح - فلما وصلوا أقاموا حوله سياجا من 
أجسادهم وسلااحهم » وبالغوا في وقايته من ضربات العدو > ورد هجماتهم : وكان ول من رجع 


إليه هو ثانيه في الغار أبو بكر الصديق رضي الله عنه . 
روى ابن حبان في صحيحه عن عائشة قالت N‏ 


انصرف الناس كلهم عن النبي عي > فكنت أول من فاء إلى النبي ع » فرأيت بون يديه 
رجلا يقاتل عنه ويحميه » قلت : كن طلحة » فداك أي وأمي » > كن طلحة » فداك أبي وأمي › 
فلم أنشب أن أدركني أبو عبيدة بن الحراح » واذا هو يشتد كأنه طير طير » حتى ل حقني » فدفعنا إلى 
ل يله » فإذا طلحة بين يديه صرياً» فقال الي ا : « دونكم أخاك فقد أوجب » » 
وقد رمي النبي ع في وجنته » حتى غابت حلقتان من حاق المغفر في وجنته » فذهبت 
لأنزعهما عن النبي عي فقال أبو عبيدة : نشدتك بالله يا أبا بكر إلا تركتني . قال : فأحذ 
بفيه » فجعل ينضضه كراهية أن يؤذي رسول الله عله . ثم استل السهم بفيه » فندرت ثنية 
أي عبيدة » قال أبو بكر : ثم ذهبت لآخذ الآخرء فقال أبو عبيدة : نشدتك بالله يا أبا بكر 
إلا تركتني › > قال فأخذه فجعل ينضضه حتى استله » فندرت ثنية أي عبيدة الأخرى » تم تم قال 
رسول الله لل : « دونكم أحاك » فقد أوجب » » قال : فأقبلنا على طلحة نعال حه . وقد أصابته 
بضع عشرة ضربة!" . ( وهذا أيضاً يدل على مدى كفاءة طلحة ذلك اليوم في الكفاح 
والنضال ) . | ال | 

وخلال هذه اللحظات الحرجة اجتمع حول النبي عله عصابة من أبطال المسلمين » منهم 
أبو دجانة » ومصعب بن عمير » وعلي بن أبي طالب » وسهل بن حنيف » ومالك بن سنان والد 
أبي سعيد الخدري . وأم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية » وقتادة بن النعمان » وعمر بن 
الخطاب » وحاطب بن أي بلتعة » وسهل بن حنيف » وأبو طلحة . 

. ٩٥/۲ زد المعاد‎ )١( 


1ت 


کا كان عدد المشركين يتضاعف كل ان » وبالطبع فقد اشتدت حملاتهم » وزاد ضغطهم 
على المسلمين » حتى سقط رسول الله عه في حفرة من الحفر التي كان أبو عامر الفاسق يكيد 
م > فجحشت ركبته » وأخذ علي بيده » واحتضنه طلحة بن عبيد الله حتى استوى قاما > وقال 
نافع بن جبير ا من المها رين نشول : شهدت أحدا » فنظرت إلى النبل يأني من كل 
ناحية رسول الله عه وسطها » كل ذلك يصرف عنه » ولقد رأيت عبد الله ابن شهاب الزهري 
قول يوعد دلو عل سد اكلا توت إن نا ورل الله 2 إلى جه ما معه أجد: 
ثم جاوزه » فعاتبه في ذلك صفوان » فقال : والله ما رأيته » أحلف بالله أنه منا منوع . فخرجنا 
أربعة . فتعاهدنا وتعاقدنا على قتله » فلم تحلص إلى ذلك . 


البطولات النادرة: 

وقام المسلمون ببطولاات نادرة وتضحيات رائعة 2 ۾ يعرف ها التارجخ E‏ . کان 
أبو طلحة يسور نفسه بين يدي رسول الله عه » ويرفع صدره ليقيه عن سہام العدو . قال 
أنس : لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي عي » وأبو طلحة بين يديه مبحوب عليه بحجفة له » 
وكا رجلا راسا فنديك النزع » كسر يومئذ قوسين أو ثلاث » وكان الرجل يمر معه بجعبة من 
النبل » فيقول : « اتثرها لأبي طلحة » . قال : ويشرف النبي عي ينظر إلى القوم » فيقول 
E E‏ 

5900 فكان إذا رمى تشرف ا م 05 موقع نبله . 

وقام أبو دجانة أمام رسول الله عل » فترس عليه بظهره » والنبل يقع عليه وهو لا يتحرك . 

وبع حاطب بن أي بلتعة عتبة بن أبي وقاص - الذي كسر الرباعية الشريفة - فضربه 


() زد المعاد ٩۷/۲‏ . 


(۲) صحيح البخاري ٥۸۱/۲‏ . 
(۳) نفس المصدر 1.05/١‏ . 


STV 


بالسيف حتى طرح رأسه » ثم أخذ فرسه وسيفه . وكان سعد بن ألي وقاص شديد الحرص على 
قتل أخيه - عتبة هذا إلا أنه لم يظفر به » بل ظفر به حاطب . 

وكان سہل بن حنيف أحد الرماة الأبطال » بايع رسول الله عَيتّهِ على الموت » ثم قام بدور 
فعال في ذود المشركين . 

وكان رسول الله ع يباشر الرماية بنفسه » فعن قتادة بن النعمان ال رول له َيه رمى 
عن قوسه حتى اندقت سيتها('» » فأخذها قتادة بن النعمان » فكانت عنده » وأصيبت يومئذ عينه 
حتى وقعت على وجنته » فردها رسول الله عي بيده » فكانت أحسن عينيه وأحدهما . 

وقاتل عبد الرحمن بن عوف حتى أصيب فوه يومئذ فهتم » وجرح عشرين جراحة أو أكثر » 
أصابه بعضها في رجله فعرج . 

وامتص مالك بن سنان والد أبي سعيد بيني ای الک من وم کک ی اا ان 
و مجه » . فقال : والله لا أمحه أبدا . ثم أدبر يقاتل » فقال النبى تلل : ٠‏ من أراد أن ينظر إلى 
رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا . فقتل شهيدا » | 

وقاتلت أم عمارة » فاعترضت لابن قمئة في أناس من المسلمين » فضربها ابن قمئة على 
عاتقها ضربة تركت جرحا أجوف » وضربت هي ابن قمئة عدة ضربات بسيفها » لكن كانت 
عليه درعان فنجا » وبقيت أم عمارة حتى أصابها اثنا عشر جرحا . 

وقاتل مصعب بن عمير بضراوة بالغة » يدافع عن النبي عه هجوم ابن قمئة وأصحابه » 
وكان اللواء بيده » فضربوه على يده الينى حتى قطعت » فأخذ اللواء بيده اليسرى » وصمد في 
وجوه الكفار حتى قطعت يده اليسرى » ثم برك عليه بصدره وعنقه حتى قتل » وكان الذي قتله 
هو ابن قمئة » وهو يظنه رسول الله لشبهه به - فانصرف ابن قمئة إلى المشركين » وصاح : إن 
محمدا قد قتل" . 
إشاعة مقتل النبي ‏ يك وأثره على المعركة: 


ولم عض على هذا الصياح دقائق » حتى شاع خبر مقتل النبي عي في المشركين والمسلمين 
(۱) سيتها : ما عطف من طرفيها . ) 
(۲) انظر ابن هشام ۷۳/۲ ۰ ۰۸۰ ۰۸۱ ۰۸۲ ۸۳ وزاد المعاد ۹۷/۲ . 

- ۷ - 


وهذا هو الظرف الدقيق الذي خارت فيه عزائم كثير من الصحابة المطوقين » الذين لم يكونوا مع 
رسول الله عله > وانبارت معنوياتهم » حتى وقع داخل صفوفهم ارتباك شديد » وعمتها الفوضى 
والاضطراب » إلا أن هذه الصيحة خففت بعض التخفيف من مضاعفة هجمات المشركين ؛ 
لظنهم أنهم نجحوا في غاية مرامهم » فاشتغل الكثير منهم بتمثيل قتلى المسلمين . 


الرسول ‏ ية - يواصل المعركة وينقذ الموقف: 

ولا قتل مصعب أعطى رسول الله عه اللواء على بن أني طالب » فقاتل قنالاً شدي 
وقامت بقية الصحابة الموجودين هناك ببطولاتهم النادرة يقاتلون ويدافعون . 

وحينئذ استطاع رسول الله أن يشق الطريق إلى جيشه المطوق » فأقبل إليهم » فعرفه 
كعب بن مالك - وكان أول من عرفه - فنادى بأعلى صوته : يا معشر المسلمين أبشروا » هذا 
رسول الله عه ٠‏ فأشار إليه أن أصمت ؛ وذلك لثلا يعرف موضعه المشركون . إلا أن هذا 
الصوت بلغ إلى اذان المسلمين » فلاذ إليه المسلمون » حتى تجمع حوله حوالي ثلائين رجلاً من 
الصحابة . 

وبعد هذا التجمع أخذ رسول الله عه في الانسحاب المنظم إلى شعب الجبل » وهو يشق 
الطريق بين المشركين المهاجمين » واشتد المشركون في هجومهم ؛ لعرقلة الانسحاب إلا أمهم 
فشلوا أمام بسالة ليوث الاسلام . 

تقدم عثان بن عبد الله بن المغيرة ‏ أحد فرسان المشركين - إلى رول الله ا وهو 
يقول : لا جوت إن نا . وقام رسول الله ع المواجهته : . إلا أن الفرس عثرت في بعض الحفر » 
فنازله الحارث بن الصمة » فضرب على رجله فأقعده » ثم ذفف عليه » وأخذ سلاحه » والتحق 
برسول الله َيه . 

وعطف عبد الله بن جابر ‏ فارس اخر من فرسان مكة - على الحارث بن الصمة ‏ 
فضرب بالسيف على عاتقه » فجرحه حتى حمله المسلمون » ولكن انقض أبو دجانة - البطل 
المغامر ذو العصابة الحمراء ‏ على عبد الله بن جابر » فضربه بالسيف ضربة أطارت رأسه . 

وأثناء هذا القتال المرير » كان المسلمون يأخذهم النعاس أمنة من الله » كا تحدث عنه 


- VF - 


1 
AME لابن‎ SAFE 
OE A Fn ا‎ 
N 3S RAUSING? 

2 10 OUT 
اران ديد‎ anni اا‎ 
یکا تيس ر‎ Sl ng KEK UNE Silt 

4 9 Î 
` حبجم‎ 


کک 
ا 


5 
O‏ 
ا ماله 
يي 


UUW 
NN 


IHW 


4 
م 2 
محتيي هه 
Hetil‏ 0 
ال 0 1 2/11481 
UU 04‏ ل 
| ]ا يي 

il 


3 


مد 


tilt, 
(tu CWUBCLLS EEC i 


1 

لمم CULL‏ 
ملعاال 
ال 
HULL‏ ا 1 
Wt 10‏ 
اللا 00 
UN‏ امنا م11 Mt‏ 

NULL 


/ 


)١(‏ الطريق الذي فاء منه 
من فاء إلى النبي َيه . 
(۲) الطريق الذي فر منه 
٠‏ المهزمون إلى هضاب أحد 
بعل الانتكاسة . 
(*) الطريق الذي فر منه 
المنبزمون إلى المدينة 
بعد الانتكاسة . 


۷ے 


HUNAN سم‎ 
HRI 


§ 
بيد 3 
XE‏ 
دا 


IT a 
/ ار‎ 


0 


7 


HH OH, 
VINO, itin uıudjit 
II 





القران . قال أبو طلحة : كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد » حتى سقط سيفي من يدي 
ا اسقط وا ج ا 

وكثل هذه البسالة بلغت هذه الكتيبة - في انسحاب منظم - إلى شعب الجبل وشق لبقية 
الجيش طريقا إلى هذا المقام المأمون » فتلاحق به في الجبل » وفشلت عبقرية خالد أمام عبقرية 


زرل الله ا 


مقتل أبى بن خلف: 

قال ابن إسحاق : فلما أسند رسول الله عو في الشعب أدركه ألي بن خلف وهو يقول : 
أين محمد لا جوب إن نجا ؟. فقال القوم : يا رسول الله أيعطف عليه رجل منا ؟ فقال رسول 
الله عله : دعوه . فلما دنا منه تناول رسول الله عي الحربة من الحارث بن الصمة » فلما 
أخذها منه انتفض انتفاضة تطايروا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انتفض » ثم استقبله › 
وأبصر ترقوته من فرجة بين سابغة الدرع والبيضة » فطعنه فيها طعنة تدأدأ ‏ تدحرج ‏ منها عن 
فرسه مراراً » فلما رجع إلى قريش وقد خحدشه في عنقه خدشا غير كبير » فاحتقن الدم قال : 
قتلني والله محمد . قالوا له : ذهب والله فؤادك » والله إن بك من بأس » قال : إنه قد كان قال لي 
بممكة : أنا أقتلك0 فوالله لو بصق عل لقتلني » فمات عدو الله بسرف » وهم قافلون به إلى 
مكة”" » وني رواية أي الأسود عن عروة : أنه كان يخور خوار الثور ويقول : والذي نفسي بيده 
لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا جميعا9؟ . 


وف أثناء انسحاب رسول الله عله إلى الحبل عرضت له صخرة من الجبل ٠‏ فنبض اليا 


. ٥۸۲/۲ صحيح البخاري‎ )١( 

(۲) وذلك أن رسول الله عه لما كان بمكة كان يلقاه أبي هذا » فيقول : يا محمد إن عندي العود فرساً أعلفه كل 
يوم فرقاً من ذرة » أقتلك عليه » فيقول رسول الله عله » بل أنا أقتلك إن شاء الله . 

(۳) ابن هشام ۸٤/۲‏ , زاد المعاد ٩۷/۲‏ . 

)0 مختصر سيرة الرسول َه للشيخ عبد الله النجدي ص١5؟‏ . 


519/6 


ليعلوها » فلم يستطع » لأنه كان قد بدن وظاهر بين الدرعين ؛ وقد أصابه جرح شديد . فجلس 
تحته طلحة بن عبيد الله » فنبض به حتى استوى عليها وقال : أوجب طلحة » أي اللحنة . 


اخر هجوم قام به المشركون: . 

ولا تمكن رسول الله عي من مقر قيادته في الشعب ؛ قام المشركون باخر هجوم حاولوا به 
النيل من المسلمين . قال ابن إسحاق : بينا رسول الله عي في الشعب إذ علت عالية من قريش 
الجبل - يقودهم أبو سفيان وخالد بن الوليد - فقال رسول الله عله : اللهم إنه لا ينبغي هم أن 
يعلونا » فقاتل عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرين حتى أهبطوهم من الجبل2" . 

وني مغازي الأموي أن المشركين صعدوا على الجبل » فقال رسول الله عي لسعد : أجبنهم 
- يقول : ارددهم ‏ فقال : كيف أجبنهم وحدي ؟ فقال ذلك ثلاثا » فاخذ سعد سهما من 
کنانته » فرمى به رجلا فقتله » قال : ثم حذت سهمي أعرفه فرميت به أخخر » فقتلته » ثم أخذته 
أعرفه فرميت به اخر فقتلته فهبطوا من مكانهم » فقلت : هذا سهم مبارك » فجعلته في كنانتي . 
فكان عند سعد حتى مات › ثم كان عند بنيه9؟ . 
تشويه الشهداء: ظ 

وكان هذا اخر هجوم قام به المشركون ضد النبي عد . ولا لم يكونوا يعرفون من مصيره 
شيئا - بل كانوا على شبه اليقين من قتله ‏ رجعوا إلى مقرهم ‏ واخذوا يتمياون للرجوع إلى 
مكة » واشتغل من اشتغل منهم - وكذا اشتغلت نساؤهم - بقتلى المسلمين › يمثلون بهم › 
ويقطعون الآذان والأنوف والفروج » ويبقرون البطون » وبقرت هند بنت عتبة كبد حمزة » 
فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها » فلفظتها » واتحذت ٠ن‏ الآذان والأنوف خدما ‏ خلاخيل - 
وقلائر) . ) 


. 25/7 ابن هشام‎ )١( 
. نفس المصدر‎ )۲( 
. ٩٥/۲ اد المعاد‎ )۳( 
. ٩۰/۲ ابن هشام‎ )٤( 


- ۲۷1 - 


مدى استعداد أبطال المسلمين للقتال حتى نهاية المعركة: 

وفي هذه الساعة الأخيرة وقعت وقعتان » تدلان على مدى استعداد أبطال المسلمين 
للقتال » ومدى استّاتتهم في سبيل الله . 

١‏ - قال كعب بن مالك : كنت فيمن خرج من المسلمين » فلما رأيت تشيل المشركين 
بقتلى المسلمين قمت فتجاوزت » فإذا رجل من المشركين جمع اللآمة يجوز المسلمين وهو يقول : 
استوسقوا کا استوسقت جزر الغ » وإذا رجل من المسلمين ينتظره » وعليه لامته » فمضيت 
حتى كنت من ورائه » ثم قمت أقدر المسلم والكافر ببصري » فإذا الكافر أفضلهما عدة وهيئة › 
فلم أزل أنتظرهما حتى التقيا » فضرب المسلم الكافر ضربة فبلغت وركه وتفرق فرقتين » ثم كشف 
المسلم عن وجهه وقال : كيف ترى يا كعب ؟ آنا أبو دجانة“ . 

؟ ‏ جاءت نسوة من المؤّمنين إلى ساحة القتال بعد نهاية المعركة » قال أنس : لقد رأيت 
عائشة بنت أي بكر وأم سلم » وأنهما لمشمرتان - أرى خدم سوقهما - تنقزان القرب على 
متونهما » تفرغانه في أفواه القوم » ثم ترجعان فتملامهما ء ثم تحيئان فتفرغانه في أفواه القوم" . 
وقال عمر : كانت ( أم سليط ) تزفر لنا القرب يوم أحد© . 

وكانت في هؤلاء النسوة أم أيمن » إنها لما رأت فلول المسلمين يريدون دخول المدينة › 
أخذت تحثو في وجوههم التراب » وتقول لبعضهم : هاك المغزل » وهلم سيفك . تم سارعت إلى 
ساحة القتال » فأخذت تسقي الجرحى » فرماها حبان ( بالكسر ) ابن العرقة بسهم » فوقعت 
وتكشفت » فأغرق عدو الله في الضحك » فشق ذلك على رسول الله عد » فدفع إلى سعد بن 
ني وقاص سبما لا نصل له » وقال : ارم به » فرمى به سعد » فوقع السهم في نحر حبان » فوقع 
مستلقيا حتى تكشف > فضحك رسول الله ی حتى بدت نواجذهء ثم قال : استقاد ها سعد ١‏ 
أجاب الله دعوته' . 


. أي استجمعوا وانضموا‎ )١( 
. ٠۷/٤ البداية والنهاية‎ )۲( 


0( صحيح البخاري t.T/\‏ له . 
)٤(‏ نفس المصدر 401١/١‏ . 


(ه) السيرة الحلبية ۲۲/۲ . 


- VV 


بعد انتهاء الرسول - َك إلى الشعب: 


ولا استقر رسول الله عو في مقره من الشعب خرج علي بن أي طالب » حتى ملا درقنه 
ماء من المهراس - قيل : هو صحخرة منقورة تسع كثيرا وقيل : امم ماء بأحد فجاء به إلى 
رسول الله ع ليشرب منه » فوجد له ريحاً فعافه » فلم یشرب منه » وغسل عن وجهه الدم » 
وصب على رأسه وهو يقول : اشتد غضب الله على من دمى وجه نبيه20 . 

وقال سبل : والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله َه » ومن كان يسكب الماء 
وما دووي ؟ كانت فاطمة ابنته تغسله » وعلى بن ألي طالب يسكب الماء بالمجن » فلما رأت 
فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة من حصير » فأحرقتها » فألصقتها » فاستمسك ‏ 
لدم . ٠‏ 

وجاء محمد بن مسلمة بماء عذب سائغ » فشرب منه النبي عه » ودعا له خير" » وصلى 
الظهر قاعداً من أثر الجراح » وصلى المسلمون خلفه قعودً؟ . 
شماتة أبي.سفيان بعد نهاية المعركة وحديثه مع عمر: 

ولا تكامل تيو المشركين للانصراف » أشرف أبو سفيان على الجبل » فنادى : أفيكم 
محمد ؟ فلم يجيبوه . فقال : أفيكم ابن أي قحافة ؟ فلم يجيبوه . فقال : أفيكم عمر بن 
الخطاب ؟ فلم يجيبوه ‏ وكان النبي عي منعهم من الاجابة - ول يسأل إلا عن هؤلاء الثلاثة 
لعلمه وعلم قومه أن قيام الإسلام بهم . فقال : أما هؤلاء فقد كفيتموهم » فلم يملك عمر نفسه 
أن قال : يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياء » وقد أبقى الله ما يسوءك ‏ فقال : قد كان فيكم 
مثلة لم امر بها ولم تسوني . 

م قال : اعل هبل . 

فقال النبي عي : ألا تجيبونه ؟ فقالوا : فما نقول ؟ قال : قولوا : الله أعلى وأجل . 
)١(‏ ابن هشام ۸٥/۲‏ . 
(۲) صحيح البخاري ٥۸4/۲‏ . 


)۳( الشيرة الحلبية ٠١/۲‏ . 
() ابن هشام ۸۷/۲ . 


- TVA - 


م قال : لنا العزى ولا عزى لكم . 

فقال النبي عو : ألا تحيبونه ؟ قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : الله مولانا » ولا مولى 
و 

ثم قال أبو سفيان : أنعمت فعال » يوم بيوم بدر » والحرب سجال . 

فأجاب عمر » وقال : لا سواء » قتلانا في الجنة » وقتلاكم في النار 

ثم قال أبو سفيان : هلم إلي يا عمر » فقال رسول الله ع : اثنه فانظر ما شأنه ؟ 
فجاءه » فقال له أبو سفيان : أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمد ؟ قال عمر : اللهم لاء وإنه 
ليستمع كلامك الأن . قال : أنت أصدق عندي من ابن قمكة وأبر(" . 


مواعدة التلاقي فى بدر: 

قال ابن إسحاق : ولا انصرف أبو سفيان ومن معه نادى : إن موعد؟ بدر العام القابل . 
فقال رسول الله عه لرجل من أصحابه : قل : : نعم ) > هو بيننا وبينك موعد(' . 
التثببت من موقف المشركين: 

ثم بعث رسول الله عه علي بن أي طالب » فقال : احرج في آثار القوم فانظر ماذا 
يصنعون ؟ وما يريدون ؟ فإن كانوا قد جنبوا الخيل » وامتطوا الابل فإنهم يريدون مكة .. 
ترا ر لواو الابل فإنهم يريدول المدينة » والذي نفسي بيده لثن أرادوها ا 
إلييم فيبا › » ثم لأناجزتهم . قال علي : فخرجت في اثارهم أنظر ماذا يصنعون » فجنبوا الخيل 
وامتطوا الإبل » ووجهوا إلى مكة . 


وفرغ الناس لتفقد القتلى والجرحى بعد منصرف قريش . قال زيد بن ثابت : بعثني رسول 





. 04/۲ صحيح البخاري‎ › ٩٤/۲ زاد المعاد‎ 0 ٤ ۰ ۹۳/۲ ابن هشام‎ )١( 
. ٩٤/۲ ابن هشام‎ )۲( 


(۳) ابن هشام 14/7 ء وفي فتح الباري أن الذي خرج في اثار المشركين هو سعد بن أي وقاص )٣٤۷/۷(‏ . 
- ۷۹ - 


الله عه يوم أحد أطلب سعد بن الربيع » فقال لي : إن رأيته فأقرئه مني السلام » وقل له : يقول 

لك رسول الله عر : كيف تحدك ؟ قال : فجعلت أطوف بين القتلى » فأتيته وهو بآخر رمق ٠»‏ 
وفيه سبعون ضربة : ما بين طعنة برح » وضربة بسيف » ورمية بسهم » فقلت : يا سعد › إن 
رسول الله عله يقرأ عليك السلام » ويقول لك : أخبرني كيف تحدك ؟ فقال : وعلى رسول 
الله عو السلام » قل له : يا رسول الله أجد ريم الجنة » وقل لقومي الأنصضار : لا عذر لكم عند 
الله إن حلص إلى رسول الله عه وفيكم عين تطرف » وفاضت نفسه من وقته“ . 

ووجدوا في الجرحى الاصيرم - عمرو بن ثابت - وبه رمق يسير » وكانوا من قبل يعرضون 
) عليه الإسلام فيأباه » فقالوا : إن هذا الأصيرم ما جاء به ؟ لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الأمرء ثم 
اة : ما الذي جاء بك ؟ أحدب على قومك » أم رغبة في الاسلام ؟ فقال : بل رغبة في 
الإسلام » امنت بالله ورسوله » ثم قاتلت مع رسول الله عه حتى أصابني او 
وقنه » فذكروه لرسول الله عه » فقال : هو من أهل الجحنة . قال أبو هريرة : ولم يصل لله صلاة 
قط . 

ووجدوا في الجرحى قزمان - وكان قد قاتل قتال الأبطال » قتل وحده سبعة أو څانية من 
المشركين - وجدوه قد أثبتته الجراحة » فاحتملوه إلى دار بني ظفر » وبشره المسلمون فقال : والله 
إن قاتلت إلا عن أحساب قومي » ولولا ذلك ما قاتلت . فلما اشتد به الجراح نحر نفسه . وكان 
رسول الله عل يقول : إذا ذكر له » إنه من أهل النار” - وهذا هو مصير المقاتلين في سبيل 
الوطنية أو في أي سبيل سوى إعلاء كلمة الله » وإن قاتلوا تحت لواء الاسلام » بل وفي جيش 
الرسول والصحابة . 

وعلى عككس من هذا كان في القتلى رجل من يبود بني ثعلبة » قال لقومه : يا معشر يبود والله 
' لقد علمتم أن نصر محمد عليكم حق . قالوا : إن اليوم يوم السبت . قال : لا سبت لكم . فأخذ 
سيفه وعدته » وقال اميت تيار E‏ تاروع نا قال عق ريه كال 
رسول الله عه : مخيريق خیر ېود“ . 
)١١‏ زاد المعاد 45/7 . 
ر نفس المصدر ٩٤/۲‏ ء وابن هشام 10/7 . 
- نفس المصدر الأول ۹۷/۲ ٩۸ ٠‏ ء وابن هشام ۸۸/۲ . 
)٤(‏ ابن هشام ۸۸/۲ ۰ ۸٩‏ . 


- A ° - 


جمع الشهداء ودفنهم: 

وأشرف رسول الله عه على الشهداء » فقال : أنا شهيد على هؤلاء , إنه ما من جرج جرح 
في الله إلا والله يبعثه يوم القيامة » يدمى جرحه اللون لون الدم » والريج ري مسك . 

وكان أناس من الصحابة قد نقلوا قتدلاهم إلى المدينة » فامر أن يردوهم فيدفنوهم في 
مضاجعهم . وأن لا یغسلوا » وان يدفنوا کا هم بثيابهم بعد نزع الحديد والجلود . وكان يدفن 
الاثنين والثلاثة في القبر الواحد , وع بين الرجلين في ثوب واحد » ويقول : أيهم أكثر أخذا 
للقران ؟ فإذا أشاروا إلى رجل قدمه في اللحد » وقال : أنا شهيد على هؤّلاء يوم القيامة . ودفن 
عبد الله بن عمرو بن حرام » وعمرو بن الجموح في قير واحد لما كان بينهما من اة . 

وفقدوا نعش حنظلة » > فتفقدوه » فوجدوه في ناحية فوق الا بط ا قأخير 
رسول الله عي أصحابه أن الملائكة تغسله ء ثم قال : سلوا أهله ما شأنه ؟ فسألوا امرأته » 
فأخبرتهم الخبر . ومن هنا سمي حنظلة : غسيل الملائكة“ . 

ولا رأى ما بحمزة - عمه وأخيه من الرضاعة - اشتد حزنه » وجاءت عمته صفية تريد أن 
تنظر أخاها حمزة » فأمر رسول الله عله ابنها الزيير أن يصرفها » لا ترى ما بأخيها » فقالت : 
ول ؟ وقد بلغي أن قد مثل بأخي ۽ > وذلك في الله » فما أرضانا بجا كان من ذلك > لأحتسبن 
ولأصبرن إن شاء الله . فأتته » فنظرت إليه » > فصلت عليه دعت له واسترجعت واستغفرت 
له . ثم أمر رسول الله عي بدفنه مع عبد الله بن جحش - وكان ابن أخته » وأخاه من 
الرضاعة . 

قال ابن مسعود : ما رأينا رسول الله ع باكياً قط أشد من بكائه على حمزة بن 
عبد المطلب » وضعه في القبلة » ثم وقف على جنازته » واتتحب حتى نشع من البكاء“ والنشع : 
اى 





. ٩۸/۲ نفس المصدر‎ )١١( 

(۲) زاد المعاد ۹۸/۲ > وصحيح البخاري 984/7'. 

(۳) زد المعاد ٩٤/۲‏ . 

(4) رواه ابن شاذان , انظر مختصر سيرة رسول الله عه للشيخ عبد الله النجدي ص٠٠۲‏ . 


- #58١ 


وكان منظر الشهداء مريعاً جدأ يفتت الأكباد . قال خباب : ( إن ) حمزة لم يوجد له كفن 
إلا بردة ملحاء » إذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه » وإذا جعلت على قدميه قلصت عن 
رأسه حتى مدت على رأسه » وجعل على قدميه الإذخر" . 

وقال عبد الرحمن بن عوف : قتل مصعب بن عمير وهو خير مني » وكفن في بردة إن غطي 
رأسه بدت رجلاه » وإن غطي رجلاه بدا رأسه » وروي مثل ذلك عن خباب » وفيه « فقال لنا 
لنبي عة غطوا بها رأسه واجعلوا على رجله الإذخر 6(" . ظ 


الرسول ۔ كَل يثني على ربه عز وجل ويدعوه: 

روى الامام أحمد » لما كان يوم أحد وانكفاً المشركون » قال رسول الله عو : استووا حتى 
أثي على ربي عز وجل » فصاروا خلفه صفوفاً » فقال : 

اللهم لك الحمد كله » اللهم لا قابض لما بسطت » ولا باسط لما قبضت » ولا هادي لمن 
أضللت » ولا مضل لمن هديت » ولا معطي لما منعت » ولا مانع لما أعطيت ولا مقرب ل 
باعدت » ولا مبعد لما قربت . اللهم : ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك . 

اللهم إني أسألك النعيم المقيم » الذي لا يحول ولا يزول . اللهم : إني أسألك العون يوم 
العيلة » والأمن يوم الخوف . اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا . اللهم حبب 
إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا » وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان › واجعلنا من الراشدين . اللهم 
توفنا مسلمين وأحينا مسلمين » وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين » اللهم قاتل الكفرة 
الذين يكذبون رسلك » ويصدون عن سبيلك » واجعل عليهم رجزك وعذابك . اللهم قاتل 
الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحى“ . 


الرجوع إلى المدينة» ونوادر الحب والتفاني: 
ولا فرغ رسول الله عله من دفن الشهداء والثناء على الله والتضرع إليه انصرف راجعاً إلى 
)١(‏ رواه أحمد » مشكاة المصابيح ٠٤١/١‏ . 


(۲) صحيح البخاري 5۷۹/۲ : ٥۸٤‏ . 
() رواه البخاري في الأدب المفرد , والإمام أحمد في مسنده ٤٠٤/۳‏ . 


- YAY - 


المدينة » وقد ظهرت له نوادر الحب والتفاني من الموّمنات الصادقات » ا ظهرت من المومنين في 
أثناء المعركة . 


لقيته في الطريق حمنة بنت جحش » فنعى إليها أخوها عبد الله بن جحش » فاسترجعت 
OR DOSE‏ وي DO‏ 
a‏ 
ea r‏ تحبين + قالت : أرونيه > i‏ 
ا e e‏ تريد صغيرة() . 
فقال e‏ ب ات دیا رو بن ب فن : أما إذ رأيتك 
م موسا N ge eel‏ 
ارو ا ی ا ا ل 
منهم » فقال : اللهم أذهب حزن قلوبهم » واجبر مصيبتهم و حسن الخلف على من خلفوا“ . 


الرسول ‏ بي فى المدينة: 


وانتبى نتهى رسول الله مَك مساء ذلك اليوم ‏ يوم السبت السابع من شر شوال سنة ٣ه‏ - 
إلى المدينة . فلما انتهى إلى أهله ناول سيفه ابنته فاطمة . فقال : اغسلي عن هذا دمه يا بنية ؛ 
فوالله لقد صدقيي اليوم . ونا وها علي ر ای : وهذا أيضأ فاغسل عنه دمه » 
فوالله لقد صدقني اليوم » فقال رسول الله علقم “كن كنت صدقت: الققال ) لقد صدى نواه 
سهل بن حنيف وأبو دجانة) . 

. ۹۸/۲ ابن هشام‎ )١( 
. 48/9 نفس المصدر‎ )۲( 
. ۷/۲ السيرة الحلبية‎ )۳( 
۱۰۰/۲ ابن هشام‎ )4( 


_ YAT - 


قتلى الفريقين: 

اتفقت جل الروايات على أن قتلى المسلمين كانوا سبعين » وكانت الأغلبية الساحقة من 
الأنصار » فقد قتل منهم خمسة وستون رجلاً » واحد وأربعون من الخزرج » وأربع وعشرون من 
الأوس » وقتل رجل من اليهود . وأما شهداء المهاجرين فكانوا أربعة فقط . 

وأما قتلل المشركين فقد ذكر ابن إسحاق أنهم اثنان وعشرون قتيلاً » ولكن الاحصاء الدقيق 
- بعد تعميق النظر في جميع تفاصيل المعركة التي ذكرها أهل المغازي والسير » والتي تتضمن ذ كر 
قل المشركين في مختلف مراحل القتال - يفيد أن عدد قتلى المشركين سبعة وثلاثون » لا اثنان 
وعشرون . والله أعلم”"2 . ظ 


حالة الطوارىء فى المدينة ظ 
بات المسلمون في المدينة - ليلة الأحد الثامن من شر شوال سنة ٣ه‏ بعد الرجوع عن 
معركة أحد - وهم في حالة الطوارقء > باتوا - وقد أمبكهم التعب » ونال منهم أي منال - 
يحرسون أنقاب المدينة ومداخلها » ويحرسون قائدهم الأعلى رسول الله عو خاصة , إذ كانت 
تتلاحقهم الشببات من كل جانب . 


غزوة حمراء الأسد: 

وبات الرسول عه وهو يفكر في الموقف » فقد كان ياف أن المشركين إن فكروا في أنهم لم 
يستفيدوا شيئاً من النصر والغلبة التي كسبوها في ساحة القتال » فلا بد من أن يندموا على ذلك » 
ويرجعوا من الطريق لغزو المدينة مرة ثانية » فصمم على أن يقوم بعملية مطاردة الجيش المكي . 

قال أهل المغازي ما حاصله : إن النبي ع نادى في الناس » وندبهم إلى المسير إلى لقاء 
العدو - وذلك صباح الغد من معركة أحد » أي يوم الأحد الثامن من شبر شوال سنة ۲ه - 
0 وقال : لا يخرج معنا إلا من شبد القتال » فقال له عبد الله بن أبي : أركب معك ؟ قال : لا » 
واستجاب له المسلمون على ما بهم من الجرح الشديد » والخوف المزيد › وقالوا : “معا وطاعة › 
(1) أنظر اين هشام 17/6 ۱۲۴ ۰۱۲۲ ۰۱۲۱۰۱۲۰ ۰۱۲۷ ۰۱۲۸ ۱۲۹ ۰ فتح الباري 501/9 

وغزوة أحد محمد أحمد باشغيل ص۲۷۸ ٠‏ ۲۷۹ 2 ۲۸۰ . 


= ات 


واستسأذنه جابر بن عبد الله » وقال : يا رسول الله » إني أحب أن لا تشهد مشهداً إلا كنت 
معك » وإنما خلفني لي على بناته » فأذن لي » أسير معك » فأذن له . 

وسار رسول الله َيه والمسلمون معه » حتى بلغوا حمراء الأسد » على بعد ثمانية أميال من 
المدينة فعسكروا هناك . 

وهناك أقبل معبد بن أبي معبد الخزاعي إلى رسول الله عه فأسلم - ويقال : بل كان على 
شركه » ولكنه كان ناصحاً لرسول الله عه » لا كان بين خزاعة وبني هاشم من الحلف » فقال : 
يا محمد » أما والله لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك » ولوددنا أن الله عافاك - فأمره 
رسول الله ع أن يلحق أبا سفيان فيخذله . 

ولم يكن ما حافه رسول الله عه من تفكير المشركين في العودة إلى المدينة إلا حقاً » فإ 
لأ نزلوا بالروحاء على بعد ستة وثلائين ميلا من المدينة تلاوموا فيا بينهم » وقال بعضهم لبعض : لم 
تصنعوا شیا » أصبم شوكتهم وحدهم » تم تركتموهم » وقد بقي منهم رؤوس يجمعون لكم » 

وييدو أن هذا الرأي جاء سطحيا من لم يكن يقدر قوة الفريقين ومعنوياتهم تقديرا 
صحيحا ‏ ولذلك خالفهم زعم مسئول ‏ صفوان بن أمية » قائلا : يا قوم لا تفعلوا فإني 
والدولة لكم » فإني لا امن إن رجعتم أن تكون الدولة عليكم . إلا أن هذا الرأي رفض أمام رأي 
بجيشه من مقره لحقه معبد بن ألي معبد الخزاعي » ولم يكن يعرف أبو سفيان بإسلامه » فقال : 
ما وراءك يا معبد ؟ فقال معبد - وقد شن عليه حرب أعصاب دعائية عنيفة - : محمد قد 
خرج في أصحابه » يطلبكم في جمع لم أر مثله قط » يتحرقون عليكم ترقا » قد اجتمع معه من 
كان تخلف عنه في يومكم » وندموا على ما ضيعوا » فيهم من الحنق عليكم شيء لم ار مثله قط . 

قال أبو سفيان : ويحك » ما تقول ؟ 

قال : والله ما أرى أن ترتحل حتى ترى نواصي الخيل - أو - حتى يطلع أول الجيش من وراء 
هذه الاكمة . 


YAO - 


فقال أبو سفيان : والله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصلهم . 

وحينئذ ابارت عزائم الجيش المكي » وأخذه الفزع والرعب » فلم ير العافية إلا في مواصلة 
الانسحاب والرجوع إلى مكة . بيد أن أبا سفيان قام بحرب أعصاب دعائية ضد الجيش 
الإسلامى » لعله ينجح في كف هذا الجيش عن مواصلة المطاردة » وطبعا فهو ينجح في 
الاجتناب عن لقائه » فقد مر به ركب من عبد القيس يريد المدينة » فقال : هل أنتم مبلغون عني 
محمداً رسالة » وأوقر لكم راحلتكم هذه زبيباً بعكاظ إذا نيتم إلى مكة ؟ ظ 

قالوا : نعم . 

قال : فابلغوا محمداً أنا قد أجمعنا الكرة ؛ لنستأصله ونستأصل أصحابه . 

فمر الركب برسول الله مه وأصحابه » وهم بحمراء الأسد » فأخبرهم بالذي قاله أبو 
سفيان » وقالوا : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم » فزادهم - أي زاد المسلمين قوهم ذلك - 


سس ا و س ی ا و و ر ۸ھ کے ب ل ل lL‏ کر سه سام 9 ٠‏ 
إماناً ل وقا لو أحسجتا الله ويم الوڪ يل لو انقلبوأيتعمة مِنَ اللووفضل لم يمسسهم سوء 
والله ذو فضإ عَظِيمٍ 4. 






ر2 جه اسه يوار سدح 


سا ماك 3 
واتبعوا رضون الله 
8 شوال سنة ۳ه - ثم رجع إلى المدينة . وأخذ رسول الله عه قبل الرجوع إلى 
المدينة أبا عزة الجمحي - وهو الذي كان قد منَّ عليه من أسارى بدر ؛ لفقره وكثرة بناته » على 
أن لا يظاهر عليه أحداً » ولكنه نكث وغدر » فحرض الناس بشعره على النبي عه والمسلمين 
يا أسلفنا » وخرج لمقاتلتهم في أحد - فلما أخذه رسول الله عَم قال : يا محمد أقلني » وامنن 
على » ودعني لبناتي » وأعطيك عهداً أن لا أعود ثل ما فعلت » فقال َه : لا تمسح عارضيك 
بمكة بعدها وتقول : خدعت محمداً مرتين » لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين » ثم أمر الزبير أو 

کا حكم بالاعدام في جاسوس من جواسيس مكة » وهو معاوية بن المغيرة بن اني العاص › 
جد عبد الملك بن مروان لأمه » وذلك أنه لما رجع المشركون يوم أحد جاء معاوية إلى ابن عمه 
عڻان بن عفان رضي الله عنه » فاستأمن له عهان رسول الله ع » فأمنه على أنه إن وجد بعد 

-781- 


ثلاث قتله » فلما خلت المدينة من الجيش الإسلامي أقام فبا أكثر من ثلاث يتجسس لحساب 
قريش » فلما رجع الجيش خرج معاوية هاربا » فأمر رسول الله عي زيد بن حارثة رر 
ياسر › فتعقباه حتى قتلاه(' . 

وما لا شلك فيه أن غزوة حمراء الأسد ليست بغزوة مستقلة ‏ إنما هى جزء من غزوة أحد 
وتتمة ها » وصفحة من صفحاتها . 

تلك هي غزوة أحد بجميع مراحلها وتفاصيلها » وطالما بحث الباحثون حول مصير هذه 
الغزوة » هل كانت هزيمة أم لا ؟ والذي لا يشك فيه أن التفوق العسكري في الصفحة الثانية من 
القتال كان للمشركين » وأ كانوا مسيطرين على ساحة القتال » وأن خسارة الأرواح والنفوس 
كانت في جانب المسلمين أكثر وأفدح » وأن طائفة من المؤمنين انبزمت قطعاً » وأن دفة القتال 
جرت لصاح الحيش المكي , لكن هناك أمورا تمنعنا أن نعبر عن كل ذلك بالنصر والفتح . 

فمما لا شك فيه أن الجيش المكي لم يستطع احتلال معسكر المسلمين » وأن المقدار الكبير 
من الجيش المدني لم يلتجىء إلى الفرار - مع الارتباك الشديد والفوضى العامة - بل قاوم بالبسالة 
حتى تجمع حول مقر قيادته » وأن كفته لم تسقط إلى حد أن يطارده الجيش المكي » وأن أحداً 
من جيش المدينة لم يقع في أسر الكفار » وأن الكفار لم يحصلوا على شيء من غنم المسلمين , 
أن الكفار لم يقوموا إلى الصفحة الثالثة من القتال مع أن جيش المسلمين لم بزل في معسكره , 
وأمهم ل يقيموا بساحة القتال يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام - كا هو دأب الفاتحين في ذلك الزمان - 
بل سارعوا إلى الانسحاب وترك ساحة القتال » قبل أن يتركها المسلمون » ولم يجترئوا على 
الدحول في المدينة لهب الذراري والأموال » مع أنها على بعد عدة خطوات فحسب »› وكانت 
مفتوحة وخالية تماما . 

كل "اتيز كدالنا اذز ما صل ی یک اکر ا ود وة د 
بإلحاق الخسائر الفادحة بالمسلمين » مع الفشل فيا كانوا دفول إليه من إبادة الجيش الاسلامي 





)21 أخذنا تفصيل غزوة أحد ؛ وحمراء الاسد من ابن هشام ل 50-05 ٠‏ وزاد المعاد 95 إلى ۱۰۸ ؛ وفتح 
الباري 3/7 ؛ ؟ إلى ۷ مح صحيح البخاري . ومختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي من ص ٤۲‏ + 
أ لاج ؟ » وقد احلنا على المصادر الااخرى ف مواضعها . 


لأ ان 


بعد عمل التطويق - وكثيراً ما يلقى الفاتحون بمثل هذه الخسائر التي نالا المسلمون - أما أن ذلك 
كان نصراً وفتحاً فكلا وحاشا . 

٠‏ بل يؤكد لنا تعجيل أي سفيان في الانسحاب والانصراف ؛ أنه كان يخاف على جيشه 
المعرة والهزيمة لو جرت صفحة ثالثة من القتال » ويزداد ذلك تأكدا حين ننظر إلى موقف أي 
شان عن غووة راء الاك ) 

وإذن فهذه الغزوة إنما كانت حرباً غير منفصلة » أخذ كل فريق بقسطه ونصيبه من النجاح 
والخسارة » ثم حاد كل منهما عن القتال » من غير أن يفر عن ساحة القتال ويترك مقره لاحتلال 
العدو ‏ و هذا هو معنى الحرب غير المنفصلة . 

وإلى هذا يشير قوله تعالى : ولا تَهِمُواف بتعا الهو إنتكونوأتا لمون إِنهم يألو 
ص ر ےسب یو ے رصي کے 2 57 ¢ - 
گا کا لمو رت و جود نوما جوک( : )٠١ ٤‏ فقد شبه أحد العسكرين بالاخر 


ي وإيقاع الألم » ما يفيد أن الموقفين كانا متاثلين » وأن الفريقين رجعا وكل غير غالب ٠‏ 


القرآن يتحدث حول موضوع المعركة: 

ونزل القرآن يلقي ضوءاً على جميع المراحل المهمة من هده المعركة مرحلة مرحلة » ويدلي 
تعليقات تصرح بالأسباب التي أدت إلى هذه الخسارة الفادحة » وأبدى النواحي الضعيفة التي لم 
تزل موجودة في طوائف أهل الإيمان بالنسبة إلى واجبهم في مثل هذه المواقف الحاسمة » وبالنسبة 
إلى الأهداف النبيلة السامية التي أنشعت للحصول عليها هذه الأمة » التي تمتاز عن غيرها بكونها 
خير أمة أخرجت للناس . 

ا تحدث القران عن موقف النافقين » ففضحهم » وأبدى ما كان في باطنهم من العداوة لله 
ولرسوله » مع إزالة الشبهات والوساوس التي كانت تختلج بقلوب ضعفاء المسلمين » والتي كان 
يثيرها هو لاء المنافقون وإخوانهم الييود - أصحاب الدس والمؤامرة - وقد أشار إلى الحكم 
والغايات المحمودة التي تمخضت عنبا هذه المعركة . 

نزلت حول موضوع المعركة ستون آية من سورة آل عمران تبتدىء بذكر أول مرحلة من 
مراحل المعركة : وإ عدوت من اهلك وئ امو مين مَمَْعِدَ للْقِتَال» (۳ : )١١١‏ وتترك 


ذه و سمه 


ني اتا تاها ابا على نتائج هذه المعركة وحكمتها قال تعالى : «ماكان الله ليذ را لمۇمنين 


صو 


- YAA- 


7 و دص ر 503 و رص 2 رو ر سی 
ع م ا یکی برای ياوه ن pe‏ أله 
و Ea‏ ص 26 2 21 م 


الحكم والغايات المحمودة فى هذه الغزوة: 

قد بسط ابن القيم م على هذا الموضوع بسطا تاما “ . وقال ابن حجر : قال العلماء : 
وكان في قصة أحد وما أصيب به المسلمون فيها من الفوائد والحكم الربانية شياع عظيمة نبا 
تعريف المسلمين سوء عاقبة المعصية » وشوّم ارتكاب النهي » لما وقع من ترك الرماة موقفهم الذي 
أمرهم الرسول عو أن لا يبرحوا منه . ومنها أن عادة الرسل أن تبتلى وتكون ا العاقبة » والحكمة 
في ذلك أنهم لو انتصروا داعا دحل في المؤمنين من ليس منهم » ولم يتميز الصادق من غيره » ولو 
انكسروا داعا لم يحصل المقصود من البعئة » فاقتضت الحكمة الجمع بين الأمرين لقييز الصادق 
من الكاذب » وذلك أن نفاق المنافقين كان محفيا عن المسلمين » فلما جرت هذه القصة › 
وأظهر أهل النفاق ما أظهروه من الفعل والقول عاد التلويح تصريحاً » وعرف المسلمون أن هم 
عدوأ في دورهم » فاستعدوا لهم وتحرزوا منهم . ومنها أن في تأخير النصر في بعض المواطن هضما 
للنفس » وكسراً لشماختها » فلما ابتلي المؤمنون صبروا » وجزع المنافقون . ومنها أن الله هيا لعباده 
المأمتين متازل داز کات لا تبلغها أعماهم : فقيض هم أسباب الابتلاء والمحن ليصلوا إليها . 
ومنها أن الشهادة من أعلى مراتب الأولياء فساقها إليهم . ومنبها أنه أراد إهلاك أعدائه » فقيض هم 
الأسباب التي يستوجبون بها ذلك من كفرهم وبغيهم وطغيائهم في أذى أوليائه » فمحص بذلك 
ذنوب المؤمنين » ومحق بذلك الكافرين"" . 





. ١٠٠١م انظر زاد المعاد 5 الى‎ )١( 


A۹ -‏ م 


السرايا والبعوث بين أحد والأحزاب 


كان لاساة أحند أثر سبيء على معة المؤمنين ) فقد ذهبت رهم » وزالت هيبتبم عن 
النفوس » وزادت المتاعب الداخلية والخارجية على المؤمنين » وأحاطت الأخطار بالمدينة من كل 
جانب » وكاشف اليهود والمنافقون والأعراب بالعداء السافر » وهمت كل طائفة منهم أن تنال من 
امؤمنين » بل طمعت في أن تقضي علمم » وتستأصل شأفهم .| 

فلم يحض على هذه المعركة شهران حتى هيات بنو أسد للاغارة على المدينة » ثم قامت قبائل 
عضل وقارة في شهر صفر سنة 4ه بمكيدة » سببت في قتل عشرة من الصحابة » وفي نفس 
الشبر قامت ينو عامر يمكيدة مثلها > سببت في قتل سبعين.من الصحابة ‏ وتعرف هذه الوقعة 
بوقعة بثر معونة » ولم تزل بنو نضير خلال هذه المدة تجاهر بالعداوة حتى قامت في ربيع الأول 
سنة ٤ه‏ بمكيدة جهدف إلى قتل النبي عي » وتجرأت بنو غطفان » حتى همت بالغزو على المدينة 
في جمادی الاولى سنة ٤ه‏ . 

فرج المسلمين التي كانت قد ذهبت في معركة أحد تركت المسلمين ‏ إلى حين - يبددون 
بالأخطار » ولكن تلك هي حكمة محمد عه التي صرفت وجوه التيارات وأعادت للمسلمين 

هيبتهم المفقودة » وأكسبت لهم العلو والمحد من جديد › وأول ماأقدم عليه بهذا الصدد هي حركة 
لمطاردة التي قام بها إلى مراء الأسد » فق حفظ بها مقداراً يرا من سمعة جيشه » واستعاد ب 
من هيبتهم ومكانتهم ما ألقى اليبود والمنافقين في الدهش والذهول . ثم قام بمناورات أعادت 
للمسلمين هيبتهم » بل زادت فما » وني الصفحة الاتية شيء من تفاصيلها : 
سرية أبي سلمة: 

أول من قام ضد المسلمين بعد نكسة أحد هم بنو أسد بن خزيمة » فقد نقلت استخبارات 

- 1549 - 


المدينة أن طلحة وسلمة ابني خويلد قد سارا في قومهما ومن أطاعهما » يدعون بني أسد بن خزيمة 
ا صلا 

إلى حرب رسول الله عه . 

4 صزابد 5 ا EE‏ 

فسارع رسول الله عي إلى بعث سرية قوامها مائة وخمسون مقاتلا من المهاجرين 
والأنصار » وأمر عليهم أبا سلمة وعقد له لواء » وباغت أبو سلمة بني أسد بن خزيمة في ديارهم 
قبل أن يعوموا بغارتهم » فتشتتوا في الأمر » وأصاب المسلمون ابلا وشاء لهم » فاستاقوها » وعادوا 
إلى المدينة سالمين غاتمين لم يلقوا حربا . 

كان مبعث هذه السرية حين استبل هلال الحرم سنة 4ه ء وعاد أبو سلمة وقد نغر عليه 
جرح كان قد أصابه في أحد , فلم يلبث حتى ا 


بعث عبدالله بن أنيس: 


وني اليوم الخامس من نفس الشهر - الحرم سنة 4ه - نقلت الاستخبارات أن خالد بن 
سفيان الهذلي يحشد الجموع لحرب المسلمين » فأرسل إليه النبي عي عبد الله بن أنيس ليقضي 
عليه . 


وظل عبد الله بن أنيس غائبا عن المدينة ثماني عشرة ليلة ,ثم قدم يوم السبت لسبع بقين من 
الحرم » وقد قتل خالداً وجاء برأسه » فوضعه بين يدي النبي عو » فاعطاه عصا ء وقال : 


بعت الرجيع : 


وفي شهر صفر من نفس السنة - أي الرابعة من الهجرة - قدم على رسول الله عي قوم من 


عضل وقارة » وذكروا أن فيهم إسلاماً . وسألوا أن يبعث معهم من يعلمهم الدين › ويقر هم 
القران » فبعث معهم ستة نفر - في قول ابن إسحاق وفي رواية البخاري أمهم كانوا عشرة - وأمر 
عليم مرئد بن أبي مرثد الغنوي - في قول ابن إسحاق وعند البخاري أنه عاصم بن ثابت جد 
عاصم بن عمر بن الخطاب - فذهبوا معهم »فلما كانوا بالرجيع - وهو ماء هذيل بناحية الحجاز 


ليسم سس و كه 


. ۱١۸/۲ زاد المعاد‎ )1١( 
. 56 . ٦1۹/۲ نفس المصدر ۱۰۹/۲ ., وابن هشام‎ )۲( 


a 


بين رابغ وجدة ‏ استصرخوا عليهم حيا من هذيل يقال هم بنو الحيان » فتبعوهم بقرب من مائة 
رام » واقتصوا اثارهم حتى الحقوهم » فأحاطوا بهم - وكانوا قد لحأوا إلى فدفد - وقالوا : لكم 
العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلا . فأما عاصم فأنى من التزول » وقاتلهم في 
أصحابه » فقتل منهم سبعة بالنبل » وبقي خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر فأعطوهم العهد 
والميشاق مرة أخرى » فنزلوا إلهم » ولكنهم غدروا بهم وربظوهم بأوتار قسيهم » فقال الرجل 
الثالث : هذا أول الغدر » وألى أن يصحبهم » فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم » فلم يفعل » 
فقتلوه » وانطلقوا بخبیب وزيد فباعوهما بمكة » وكانا قتلا من رؤوسهم يوم بدر » فأما خبيب 
فمكث عندهم مسجوناً » ثم أجمعوا على قتله » فخرجوا به من الحرم إلى التنعيم » فلما أزمعوا على 
صلبه.قال : دعوني حتى أركع ركعتين » فتركوه فصلاهما » فلما سلم قال : والله لولا أن تقولوا : 
إن مالي جزع لزدت » ثم قال : اللهم أحصهم عدداً » واقتلهم بددأ » ولا تبق منهم أحداء ثم 
قال : 


لقد أجمع الأحزاب حولي وألبوا قبائلهم واستجمعوا كل مجمع 
وقد قربوا أناءهم ونساءهم وقربت من جذع طويل منع 
إلى الله أشكو غربتي بعد كربتي 2 وما جع الأحزاب لي عند مضجعي 
فذا العرش صيرني على ما يراد بي فقد بضعوا لحمي وقد بؤس مطعمي 
وقد حيروني الكفر والموت دونه فقد ذرفت عيناي من غير مدمع 


وات أبالي حين أقل مسلما 


وذلك في. ذات الاله وان ا 
فقال له أبو سفيان 


عل أي شق کان ف الله مضجعي 
ييارك على أوصال شلو ممزع 


: أيسرك أن محمداً عندنا نضرب عنقه » وأنك في أهلك ؟ فقال : 


لا والله ما يسرني أني في أهلي وأن محمداً في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه . 


م علو ووكلرا شمن خرن ج م جا مرو ين اة السري» بح غد ا 
لاسو ا حي ير الي الور وي ال 


العنب » وما بمكة تمرة . 


ت 


وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية فقتله بأبيه . 


وبعثت قريش إلى عاصم ليوتوا بشبيء من جسده يعرفونه - وكان عاصم قتل عظها من 
عظمائهم يوم بدر - فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر - الزنابير - فحمته من رسلهم » فلم 
دروا مه عل تقوب اقام لعفا اللا ع أن لا یا مقر كو رولا میں مكرك برا 
عبد ا .ف فرظ انه اد لمزم يفك اه ع فل جا 


وفي نفس الشهر الذي وقعت فيه مأساة الرجيع وقعت مأساة أخرى أشد وأفظع من الأولى » 
وهي التي تعرف بوقعة بكر معونة . 

وملخصما أن أبا براء عامر بن مالك ( المدعو بملاعب الأسنة ) قدم على رسول الله عل 
المدينة » فدعاه إلى الاسلام فلم يسلم ولم يبعد » فقال : يا رسول الله لو بعثت أصحابك إلى 
أهل نجد يدعونهم إلى دينك ؛ لرجوت أن يجيبوهم » فقال : « إني أخاف عليهم أهل نجد » » 
فقال أبو براء : أنا جار هم » فبعث معه أربعين رجلا - في قول ابن إسحاق » وني الصحيح أنهم 
كانوا سبعين » والذي في الصحيح هو الصحيح - وأمر عليهم المنذر بن عمرو أحد بني ساعدة 
الملقب بالمعتق يموت » وكانوا من خيار المسلمين وفضلائهم وساداتهم وقرائهم » فساروا يحتطبون 
بالنبار » يشترون به الطعام لأهل الصفة › ويتدارسون القران » ويصلون بالليل » حتى نزلوا بثر 
معونة - وهي أرض بين بني عامر وحرة وبني سليم - فنزلوا هناك » ثم بعثوا حرام بن ملحان خا أم 
سليم بكتاب رسول الله ع إلى عدو الله عامر بن الطفيل » فلم ينظر فيه » وأمر رجلا فطعنه 
بالحربة من خلفه » فلما أنفذها فيه ورأى الدم قال حرام : الله أكبر » فزت ورب الكعبة . 

ثم استنفر عدو الله لفوره بني عامر إلى قحال الباقين » فلم يجيبوه لأجل جوار أي براء » 
فاستنفر بني سلم › فأجاشه عضية وزغل وذكوان » فجاءوا حتى احاطوا باصحاب 
رسول الله ع » فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم » إلا كعب بن زيد بن النجار » فإنه ارتث من 
بين القتلى » فعاش حتى قتل يوم الخندق . 

وكان عمرو بن أمية الضمري والمنذر بن عقبة بن عامر في سرح المسلمين » فرأيا الطير تحوم 
11111 011111 ۲ » صحيح البخاري ۵1۸/۲ » 2.2559 86ه . 


“r - 


على موضع الوقعة » فتزل المنذر » فقاتل المشركين حتى قتل مع أصحابه » وأسر عمرو بن أمية 
الضمري » فلما أخبر أنه من مضر جز عامر ناصيته » وأعتقه عن رقبة كانت على أمه . 

ورجع عمرو بن أمية الضمري إلى النبي عه حاملاً معه أنباء المصاب الفادح » مصرع 
سبعين من أفاضل المسلمين » تذكر نكبتهم الكبيرة بنكبة أحد ؛ إلا أن هؤلاء ذهبوا في قتال 
واضح ؛ وأولئك ذهبوا في غدرة شائنة . ) 

ولا كان عمرو بن أمية في الطريق بالقرقرة من صاءر قناة » نزل في ظل شجرة وجاء رجلان 
من بي كلاب فنزلا معه » فلما ناما فتك بهما عمرو » وهو یری أنه قد أصاب ثار أصحابه » 
وإذا معهما عهد من رسول الله عه لم يشعر به » فلما قدم أخبر رسول الله عي بما فعل . 
فقال ا ا والشكل ابد وا من اال وساناي الييود('؟ » وهذا 
الذي صار سببا لغزوة بني النضير کا سيذكر . 

وقد تألم النبي عو لأجل هذه المأساة » ولأجل مأساة الرجيع اللتين وقعتا خلال أيام 
معدودة() تألما شديدا » وتغلب عليه الحزن والقلق » حتى دعا على هؤلاء الأقوام والقبائل التي 
قامت بالغدر والفتك في أصحابه » ففي الصحيح عن أنس قال : دعا النبي عي على الذين قتلوا 
أصحابه يبر معونة ثلاثين صباحاً › يدعو في صلاة افر عل ركل ود كرات ولحيان وعصية › 
ويقول الع اس يي ا ل لس E‏ 
؛ بلغوا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه » فترك رسول الله عو قنوته 


e 
قد أسلفنا أن امود 2 يتحرقون عل يد لحار » إلا أب 1 بكر أصحاب‎ 
من الحيل لقاع الايذاء بالمسلمين. دون أن يقوموأ للمتال > مع ما كان بينيم وبين‎ . 0 

)1( انظر ابن هشام \AT/Y‏ إلى ۸ » وزاد المعاد ١٠١ 6٠ ٩۹/۲‏ » صحيح البخاري 01117 1 كمه . 
(۲) ذكر الواقدي أن خبر أصحاب ؛ الرجيع وخبر أصحاب بثر معونة أتى النبي لق في ليلة واحدة . 
)۳( وی ان تعد عن ی ر 2 وعد ع أحد ما وجد على أصحاب بثر معونة « مختصر 
سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص٠٠۲ ٠‏ . 
(؟) البخاري 0۸7/۲ › 0۸۷ .كمه . 


585 - 


المسلمين من عهود ومواثيق , وأنهم بعد وقعة بني قينقاع » وقتل كعب بن الأشرف خافوا على 
أنفسهم » فاستكانوا والتزموا الهدوء والسكوت . 

ولكنهم بعد وقعة أحد تحرأوا » فكاشفوا بالعداوة والغدر » وأخذوا يتصلون بالمنافقين 

ابن : 5 5 ل , 1 5 

وصبر النبي عي » حتى ازدادوا جرأة وجسارة بعد وقعة الرجيع وبئر معونة » حتى قاموا 
عؤامرة تجدف القضاء على النبي عو . 

وبيان ذلك أنه عَم حرج إليهم في نفر من أصحابه » وكلمهم أن يعينوه في دية الكلابيين 
اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري - وكان ذلك يجب عليهم حسب بنود المعاهدة ‏ فقالوا : 
ينتظرون وفاءهم بما وعدوا » وجلس معه أبو بكر وعمر وعلي وطائفة من أصحابه . 

وخلا الهود بعضهم إلى بعض » وسوّل لهم الشيطان الشقاء الذي كتب عليهم » فتامروا 
قعله عي » وقالو واب ا ا PP‏ اك 
هممتم به » وإنه لنقض العهد الذي بيننا وبينه » لكنهم عزموا على تنفيذ خطتهم . 

: ابل ه 5 

ونزل جبريل من عند رب العالمين على رسوله عه يعلمه بما هموا به » فنبض مسرعا , 
ELROD TSA‏ 
rae TF‏ 
يجد يهود مناصا من الخروج » بی ون ممما EEE‏ 

E‏ عر ص 

IIE Ep‏ کے مکی ولام فیک 
أحدا أبدا وإن قورت 6 نص تک 4 وتنصر قر يظة من 2 

وهناك عادت للود ثقتهم » واستقر رأيهم على المناوأة » وطمع رئيسهم حبي بن أخطب فيا 
)١(‏ يوؤخذ ذلك مما رواه أبو داود في باب خبر النضير ١١17 » ١١5/5‏ « عون المعبود شرح سنن أي داود » . 


۔ 86> 


قاله رأس المنافقين » فبعث إلى رسول الله ع يقول : إنا لا نخرج من ديارنا » فاصنع ما بدا 
لك . 

ولا شك أن الموقف كان حرجا بالنسبة إلى المسلمين , فإن اشتباكهم بخصومهم في هذه 
الفترة امحرجة من تاريخهم لم يكن مأمون العواقب » وقد رأيت كلب العرب عليهم » وفتكهم 
الشنيع ببعوتهم » ثم إن يبود بني النضير كانوا على درجة من القوة تجعل استسلامهم بعيد 
الاحتال » وتجعل فرض القتال معهم محفوفا بالمكاره » إلا أن الحال التي جدت بعد مأساة بكر 
معونة وما قبلها زادت حساسية المسلمين بجراتم الاغتيال والغدر التي أخذوا يتعرضون ها جماعات 
وأفرادا » وضاعفت نقمتهم على مقترفيها » ومن ثم قرروا أن يقاتلوا بني النضير - بعد همهم باغتيال 
الرسول عي - مهما تكن النتائج . 

فلما بلغ رسول الله عه جواب حبي بن أخطب كبر وكير أصحابه » ثم نمض لناجزة 
القوم » فاستعمل على المدينة ابن أم مكتوم وسار إلمهم » وعلي بن ألي طالب يحمل اللواء » فلما 
انتبى إليهم فرض عليهم الحصار . 

والتجاً , بنو النضير إلى خصرايم ٠‏ فأقاموا عليها يرمون بالنبل والحجارة » وكانت خخيلهم 
وبساتينهم عونا لهم في ذلك » فأمر بقطعها وتحريقها » وني ذلك يقول حسان : 
وهان على مراة بني لوي | حريق بالبويرة EY‏ 

الور ايم فلخل بني النضير » وفي ذلك أنزل الله تعانى إمَاقطْعس مم نلْيِنَةٍ 
رڪڪ مو هاقا مَدَعَكَأْصُولِهَاِإِذنْسَهِ 4 ١‏ 0000008 ) 

واعتزلتہم E‏ وخانهم عبد الله بن اي وحلفاؤهم من غطفان . فلم يحاول أحد أن 
يسوق لهم خيرأء أو يدنع عدم ندا رفذا نن معاد رطان تقس > وجعل مثلهم : 
وکل الادقا انس ا کگفرفلما کر قال اک بری نلك 4 ( 5ه 1١:‏ ) . 

SE‏ سا ده ست ليال فقط » وقيل. اسن ترا - حتى قذف الله في 
قلوهم الرعب » فاندحروا وتبيأوا للاستسلام ولإلقاء السلاح : فارسلوا إلى رسول الله هه : : 
نحن تخرج عن المدينة » فأنزهم على أن يخرجوا عنها بنفوسهم وذراريهم » وأن لهم ما حملت الإبل إلا 
السلاح . 


- ۹7 - 


فنزلوا على ذلك » وخربوا بيوتهم بأيديهم » ليحملوا الأبواب والشبابيك » بل حتى حمل 
بعضهم الأوتاد وجذوع السقف » ثم حملوا النساء والصبيان » وتحملوا على ستّائة بعير » فترحل 
أكثرهم وأكابرهم كحبي بن أخطب وسلام بن أبي الحقيق إلى خيبر » وذهبت طائفة منهم إلى 
الشام » وأسلم منهم رجلان فقط يامين بن عمرو وابو .سعد بن وهب » فاحرزا أمواهما . 

وقبض رسول اله عو سلاح بي النضير » واستولى على أرضهم وديارهم وأموالهم » فوجد 

من السلاح خمسين درعاً » وخمسين بيضة » وثلامائة وأربعين سيفاً . 

وكانت أموال بني النضير وديارهم خالصة لرسول الله عي » يضعها حيث يشاء » ولم 
يخمسها لأن الله أفاءها عليه » ولم يوجف المسلمون عليها بخيل ولا ركاب » فقسمها بين 
المهاجرين الأولين خاصة » إلا أنه أعطى أبا دجانة وسبل بن حنيف الأنصاريين لفقرهما » وكان 
ينفق منها على أهله نفقة سنة» ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله . 

كانت غزوة بني النضير في ربيع الأول سنة 4 من الهجرة » أغسطس ١1۲م‏ وأنزل الله في 
هذه الغزوة سورة الحشر بأكملها » فوصف طرد اليهود » وفضح مسلك المنافقين » وبين أحكام 
الفيء » وأثنى على المهاجرين والأنصار » وبين جواز القطع والحرق في أرض العدو للمصالح 
الحربينة » وأن ذلك ليس من الفساد في الأرض » وأوصى المومنين بالتزام التقوى والاستعداد 
للاخرة » ثم ختمها بالثناء على نفسه وبيان أسمائه وصفاته . 


وكان ابن عباس يقول عن سورة الحشر : قل : سورة النضير' . 


غزوة نحاد: 
ومهذا النصر الذي أحرزه المسلمون - في غزوة ! ني النضير - دون تضحيات توطد علطام 
في المدينة » وتحاذل المنافقون عن الجهرة بكيدهم 1 وأمكن الرسول ا ان يتفرغ لقمع الأعراب 
الذمن ا 0 بعد اج وتوایو عل 2 الدعاة رجاها في نذالة وكفران") » 


. ٥۷١» ٥۷٤/۲ صحيح البخاري‎ » 1١١ ابن هشام ۱۹۰/۲ ۰ 0191 1457ء زاد المعاد 1/7لاء‎ )١( 
. 7١ كلمة لمحمد الغزالي في فقه السيرة ص4‎ )۲( 


- 4۷ - 


فقبل أن يقوم النبي عه بتأديب أولئك الغادرين نقلت إليه استخبارات المدينة بتحشد 
جموع البدو والأعراب من بني حارب وبني ثعلبة من غطفان » فسارع النبي عي إلى الخروج » 
يجوس فياني نجد » ويلقي بذور الخوف في أفهدة أولئك البدو القساة ؛ حتى لا يعاودوا مناكرهم 
التي ارتكبوها مع المسلمين 

وأضحى الأعراب الذين مردوا على النبب والسطو لا يسمعون بمقدم المسلمين إلا حذروا 
وعنعوا في رؤوس الجبال . وهكذا أرهب المسلمون هذه القبائل المغيرة وخلطوا بمشاعرهم الرعب » 
ثم رجعوا إلى المدينة امنين . 

وقد ذكر أهل المغازي والسير بهذا الصدد غزوة معينة غزاها المسلمون في أرض نجد في شہر 
ربيع الثاني أو جمادى الأولى سنة 4ه » ويسمون هذه الغزوة بغزوة ذات الرقاع . أما وقوع الغزوة 
خلال هذه المدة فلا شك فيه . وهذا الذي كانت تقتضيه ظروف المدينة » فان موسم عزوة بدر 
التي كان قد تواعد بها أبو سفيان حين انصرافه من أحد كان قد اقترب » وإخلاء المدينة » مع 
ترك البدو والاعراب على تمردهم وغطرستهم › والخروج لمثل هذا اللقاء الرهيب - لم يكن من 
مصالح سياسة الحروب قطعا » بل كان لا بد من خضد شوكتهم » وكف شرهم قبل الخروج لمثل 
هذه الحرب الكبيرة التي كانوا يتوقعون وقوعها في رحاب بدر . 

وأما أن تلك الغزوة التي قادها الرسول عه في ربيع أو جمادى الأولى سنة ٤ه‏ هي غزوة 
الرقاع فلا يصح » فإن غزوة ذات الرقاع شهدها أبو هزئرة واو مومى الأشعري رضي الله عنهما . 
وكان إسلام آي هريرة قبل غزوة خيبر بأيام 4 وكذلك أبو موسی الأشعري رضي الله عله واف 
النبي عي بخيبر . وإذن فغزوة ذات الرقاع بعد خيبر » ويدل على تأخرها عن السنة الرابعة أن 
ابي ع صلى فيبا صلاة الخوف » وكانت أول شرعية صلاة الخوف في غزوة عسفان » 
ولا خلاف أن عزوة E‏ كانت بعد الختدق 4 وكانت غزوة الخندق ف أواخر السنة 
الخامسة . 


غزوة بدر الثانية: 


ولا حضد المسلمون شوكة الأعراب »> وكفكفوا شرهم » أخذوا يتجهزون للاقاة عدوهم 
الأكبر . > ققد ار العام 4 وحصر الموعد المضروب مع" قریش في عزوة أحن وحق 
-598 - 


محمد عه وصحبه أن يخرجوا ؛ ليواجهوا أبا سفيان وقومه » وأن يديروا رحى الحرب كرة 
أخرى » حتى يستقر الأمر لأهدى الفريقين وأجدرهما بالبقاء0؟ . 

ففي شعبان سنة 4ه يناير سنة 57م » خرج رسول الله عه لموعده في ألف وخمسمائة » 
وكانت الخيل عشرة أفراس » وحمل لواءه على بن أي طالب » واستخلف على المدينة عبد الله بن 
رواحة وانتهى إلى بدر ءفاقام بها ينتظر المشركين . 

وأما أبو سفيان » فخرج في ألفين من مشركي مكة » ومعهم خمسون فرسا » حتى انتهى إلى 

خرج أبو سفيان » من مكة متثاقلاً » يفكر في عقيى القتال مع المسلمين » وقد أخذه 
الرعب » واستولت على مشاعره الهيبة » فلما نزل بر الظهران خار عزمه » فاحتال للرجوع »› 
وقال لأصحابه : يا معشر قريش إنه لا يصلحكم إلا عام حصب ترعون فيه الشجر وتشربون فيه 
اللبن » وإن عامكم هذا عام جدب » وإني راجع فارجعوا . 

ويبدو أن الخوف والهيبة كانت مستولية على مشاعر الجيش أيضا » فقد رجع الناس ولم يبدوا 
أي مصادمة هذا الرأي وأي إصرار وإلحاح على مواصلة السير للقاء المسلمين . 

وأما المسلمون فأقاموا ببدر ثانية أيام ينتظرون العدو » وباعوا ما معهم من التجارة فربحوا 
بدرهم درهمين » ثم رجعوا إلى المدينة وقد انتقل زمام المفاجأة إلى أيديهم » وتوطدت هيبتهم في 
النفوس وسادوا على الموقف . 

وتعرف هذه الغزوة ببدر الموعد » وبدر الثانية » وبدر الآخرة وبدر الصغرى . 
غزوة دومة الجندل: 

عاد رسول الله عو من بدر » وقد ساد المنطقة الأمن والسلام » واطمأنت دولته » فتفرغ 
للتوجه إلى أقصى حدود العرب حتى تصير السيطرة للمسلمين على الموقف › ويعترف بذلك 
الموالون والمعادون . 
)١(‏ كلمة محمد الغزالي في فقه السيرة ٠٠١‏ . 
(۲) انظر لتفصيل هذه الغزوة ابن هشام ۲۰۹/۲ » 7٠١١‏ ء زاد المعاد ١١١۲/۲‏ . 


ا" 


مكث بعد بدر ل ؛ ثم جاءت إليه الأخبار بان القبائل حول 
دومة الجندل - قريباً من الشام - تقطع الطريق هناك » وتنهب ما يمر بها » وأمها قد حشدت جمعا 
كبيراً تريد أن تهاجم المدينة » فاستعمل رسول الله عه على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري  »‏ 
وخرج في ألف من المسلمين حمس ليال بقين من ربيع الأول سنة هه » وأخذ رجلا من بني 
عذرة دليلا للطريق يقال له مذكور . 


حرج يسير الليل ويكمن النهار ؛ حتى يفاجىء أعداءهم وهم غارون الحم 
مغربون » فهجم على ماشيتهم ورعائهم » فأصاب من أصاب » وهرب من هرب . 

وأما أهل دومة الجندل ففروا في كل وجه » فلما نزل المسلمون بساحتهم لم يجدوا أحداً : 
وأقام رسول الله عه أياماً » وبث السرايا وفرق الجيوش » فلم يصب منهم أحداً » ثم رجع إلى 
المدينة » ووادع في تلك الغزوة عيينة بن حصن » ودُومة بالضم » موضع معروف بمشارف 
الشام » بينها وبين دمشق خمس يال » وبعدها من المدينة خمس عشرة ليلة . 

بهذه الاقدامات السريعة الحاسمة » وبهذه الخطط الحكيمة الحازمة نجح النبي ڪيل في بسط 
الأمن ؛ وتنفيذ السلام في المنطقة والسيطرة على الموقف › ونحويل مجرى الأيام لصالح المسلمين › 
وتخفيف المتاعب الداخلية والخارجية التي كانت قد توالت عليهم » وأحاطتهم من كل جانب › 
فقد سكت المنافقون واستكانوا » وتم إجلاء قبيلة من اليبود » وبقيت الأخرى تظاهر بإيفاء حق 
الجوار وبإيفاء العهود والمواثيق » واستكانت البدو والأعراب » وحادت قريش عن مهاجمة 
الحلمين »روبج المبنلمون قرصة انا أك ر الات رب فان 


اراك 


غزوة الأحزاب 


عاد السلام والأمن » وهدأت الجزيرة العربية بعد الحروب والبعثات التي استغرقت أكثر من 
سنة كاملة » إلا أن اليبود - الذين كانوا قد ذاقوا ألوانا من الذلة والموان نتيجة غدرهم وخيانتهم 
ومؤامراتهم ودسائسهم - لم يفيقوا من غيهم » ولم يستكينوا ولم يتعظوا بما أصابهم نتيجة الغدر 
والتامر » فبعد نفيهم إلى خيبر ظلوا ينتظرون ما يحل بالمسلمين نتيجة المناوشات التي كانت قامة 
بين المسلمين والوثنيين . ولا تحول مجرى الأيام لصالح المسلمين » وتمخضت الليالي والأيام عن 
بسط نفوذهم » وتوطد سلطائهم » تحرق هؤلاء اليبود أي تحرق . 

وشرعوا في التامر من جديد على المسلمين » وأخذوا يعدون العدة » لتبيئة ضربة إلى المسلمين 
تكون قاتلة لا حياة بعدها . ولا لم يكونوا يحدون في أنفسهم جرأة على مناورة المسلمين مباشرة › 
خططوا هذا الغرض خطة رهيبة . 

خرج عشرون رجلاً من زعماء اليهود وسادات بني النضير إلى قريش بمكة » يحرضونهم على 
غزو الرسول عَيُهُ » ويوالونهم عليه » ووعدوهم من أنفسهم بالنصر هم » فأجابتهم قريش › 
وقريش قد أخلفت وعدها في الخروج إلى بدر » فرأت في ذلك إنقاذ سمعتها والبر بكلمتها . 

ثم حرج هذا الوفد إلى غطفان » فدعاهم إلى ما دعا إليه قريشأً » فاستجابوا لذلك » ثم 
طاف الوفد في قبائل العرب يدعوهم إلى ذلك ؛ فاستجاب له من استجاب » وهكذا نجح ساسة 
اليهود وقادتهم في تاليب أحزاب الكفر على النبي عل ودعوته والمسلمين . 

وفعلا حرجت من الجنوب قريش وكنانة وحلفاؤهم من أهل تهامة - وقائدهم أبو سفيان - 
في أربعة الاف » ووافاهم بنو سليم بمر الظهران » وخرجت من الشرق قبائل غطفان : بنو فزارة » 


قبائل العرب فى العهد النبوي ظ 





يقودهم عيينة بن حصن » وبنو مرة » يقودهم الحارث بن عوف » وبنو اشجع يقودهم مسعر بن 
رخيلة کا حرجت بنو اسد وغيرها . 
واتحهت هذه الأحزاب » وتحركت نحو المدينة على ميعاد كانت قد تعاقدت عليه . 


وبعد أيام تجمع حول المدينة جيش عرمرم يبلغ عدده عشرة الاف مقاتل › جيش رما يزيد 
عدده على جميع من في المدينة من النساء والصبيان والشباب والشيوخ : 

ولو بلغت هذه الأحزاب الحزبة والجنود المجندة إلى أسوار المدينة بغتة لكانت أعظم خطر 
على كيان المسلمين مما يقاس » را تبلغ إلى استمصال الشافة وإبادة الخضراء » ولكن قيادة المدينة 
كانت قيادة متيقظة » لم تزل واضعة أناملها على العروق النابضة » تتجسس الظروف » وتقدر 
ما يتمخض عن مجراها » فلم تكد تتحرك هذه الجيوش عن مواضعها حتى نقلت استخبارات 
المدينة إلى قيادتها فيها بهذا الزحف الخطير . 

وسارع رسول الله عله إلى عقد مجلس استشاري أغلى » تناول فيه موضوع خخطة الدفاع 
عن كيان المدينة » وبعد مناقشات جرت بين القادة وأهل الشورى » اتفقوا على قرار قدمه 
الصحابي النبيل سلمان الفارسي رضي الله عنه . قال سلمان : يا رسول الله » انا كنا بأرض فارس 

وأسرع رسول الله عه إلى تنفيذ هذه الخطة » فوكل إلى كل عشرة رجال أن يحفروا من 
الخندق أربعين ذراعاً . 

وقام المسلمون جد ونشاط يتحفرول الخندق » ورسول الله عر يحنهم ويساهمهم في عملهم 
هذا » ففي البخاري عن سبل بن سعد › ٠‏ قال : كنا مع رسول الله عه في الخندق » وهم 
يحفرون » ونحن ننقل التراب على أكتادنا“ » فقال رسول الله علي : 

القت لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للمهاجرين والأنصار“ 

وعن أنس : خرج رسول الله عب إلى الخندق » فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة 
باردة » فلم يكن هم عبيد يعملون ذلك هم . فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال : 
)١(‏ أكتادنا : بالمثناة جمع كيد وهو ما بين الكاهل إلى الظهر . 
(۲) صحيح البخاري باب غزوة الخندق ٥۸۸/۲‏ . 

5 


اللهم إن العسيش عيش الأخحرة فاغفر للأنصار والمهاجرة 
فقالوا محيبين له : 
نحن الذين ببايعملوا مح مدا عل الجهاد ما بقيناأبراًة'ا 
وفيه عن البراء بن عازب قال : رأيته عه ينقل من تراب الخندق حتى وارى عني الغبار 
جلدة بطنه وار لحي شعت را كاحت او ررح ودر يدل من التراب .2 
ويقول : 
اللهم لولا أنت مااهتدينا ولا تصدقنا ولا ص يفا 
فانزلن سک ت علينا وثتبت الأقدام إن لاق ا 
ااال ق اعيا ,وااو و ےا 
قال : ثم يمد بها صوته باخرها » وني رواية 
إن الآل اقبدد عاي ونارو ةا 
كان المسلمون يعملون بهذا النشاط وهم يقاسون من شدة الجوع » ما يفتت الأكباد قال 
أنس A a E‏ ؛ يصع م برعا ج سيِحة!") توضع 
وقال أبو طلحة O OO‏ 
فرفع رسول الله عه عن حجرين" ٠.‏ ) 
وبهذه المناسبة وقع في حفر الخندق ايات من أعلام النبوة » رأى جابر بن عبد الله في 
البي عه حصا شديداً » فذح ببيمة وطحنت امرأنه صاعاً من شعير ثم القس من 
رسول الله عه سرأً أن يأتي في نفر من أصحابه » فقام النبي يلل بجميع أهل الخندق » وهم 
ألف فأكلوا من ذلك الطعام وشبعوا » وبقيت برمة اللحم تغط.به کا هي , > وبقي العجين يحبر کا 
(1) نفس المصدر . 
(۲) نفس المصدر ٥۸۹/۲‏ . 
2( نفس المصدر 500 :1 والاهالة : الدهن الذي يوتدم به سواء كان زيتا أو سمنا أو شحما سنخة : أي تغير 
طعمها ولونها من قدمها . 
(5) رواه الترمذي مشكاة المصابيح 458/5 . 
E‏ 


هو" . وجاءت أخت النعمان بن بشير بحفنة من تر إلى الخندق ليتغدى أبوه وخاله » فمرت 
برسول الله عَم فطلب منہا القر وبدده فوق ثوب » ثم دعا أهل الخندق فجعلوا يأكلون منه . 
وجعل القر يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه » وإنه يسقط من أطراف الثوب" . 

وأعظم من هذين ما رواه البخاري عن جابر قال : إنا يوم الخندق نحفر » فعرضت كدية 
شديدة » فجاؤوا النبي عي فقالوا : هذه كدية عرضت في الخندق » فقال : أنا نازل » ثم قام 
وبطنه معصوب بحجر - ولبثنا ثلاثة لا نذوق ذواقا - فأخذ النبي عي المعول » فضرب فعاد 
كثيباً أهيل أو أهيم" , أي صار رملاً لا يټاسك . 

وقال البراء : لما كان يوم الخندق عرضت ننا في بعض الخندق صخرة لا تأحذ منها المعاول » 
فاشتكينا ذلك لرسول الله عه » فجاء وأخذ المعول فقال : بسم الله ثم ضرب ضربة » وقال : الله 
أكبر » أعطيت مفاتيح الشام , والله إني لأنظر قصورها الحمر الساعة » ثم ضرب الثانية فقطع 
اخر » فقال : الله أكبر » أعطيت فارس » والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن » ثم ضرب 
الثالثة » فقال : بسم الله » فقطع بقية الحجر » فقال : الله أكبر » أعطيت مفاتيح الين » والله إفي 
لار ارات صان مار 

وروى ابن إسحاق مثل ذلك عن سلمان الفارسي رضي الله عنه © . 

ولا كانت المدينة تحيط بها الحرات والجبال وبساتين من النخيل من كل جانب سوى 
الشهال » وكان النبي عه يعلم كخبير عسكري حاذق أن زحف مثل هذا الجيش الكبير » 
ومهاجمة المدينة ‏ لا يمكن إلا من جهة الشال » اتحذ الخندق في هذا الجانب . 

وواصل المسلمون عملهم في حفره » فكانوا يحفرونه طول النهار » ويرجعون إلى أهليهم في 


. ۸٩ . ٥۸۸/۲ روى ذلك البخاري‎ )١( 

(۲) ابن هشام ۲۱۸/۲ . 

(۳) صحيح البخاري ٥۸۸/۲‏ . 

(4) سنن النساني ٠٦/۲‏ » وأحمد في مسنده واللفظ ليس للنساي » وفيه عن رجل من الصحابة . 
() ابن هشام ۲۱۹/۲ . 


E U I 


امساء » حتى تكامل الخندق حسب الخطة المنشودة » قبل أن يصل الجيش الوثني العرمرم إلى 
أسوار المدينة') 1 

وأقبلت قريش في أربعة الاف » ري حو ا من رومة بين الحرف وزعابة » 

ر ص رر 22و رر ی 5 ديو ود 

0 ولما را الھور الات 3 ماوعدنا أله صدف لله ورسولم 

وماراد هم إلا ایمتاو سلتا 4 ( ۲۳ : ۲ .)١‏ ظ 
سخ کے حوس 

وأما 0 وضعفاء النفوس فقل تزعرعت قلوهم لرؤية هلا الجيش «وَإِدْيقولالْمقِفَونَ 
لديف فلو بهم عرض ماود لله وره سول اروا (I:‏ . 

ورج رسول الله عر في ثلاثة الاف من المسلمين » فجعلوا ظهورهم إلى جبل سلع 
فتحصنوا به.ء والختدق يينهم وبين الكفار . وكان شعارهم ١‏ حم لا ينصرون » » واستخلف على 
المدينة ابن أم مكتوم 9 وأمر بالنساء والذراري فجعلوا اطام المدينة . 

ول ا ا کن ماه الل واقتحاء الدية::.وجدرا' عدا یا حول بيه 
وبينها » فالتجاوا إلى فرض الحصار على المسلمين » بيا لم يكونوا مستعدين له حين خرجوا من 
ديارهم » إذ :كانت هذه الخطة ‏ كا قالوا ‏ مكيدة ما عرفتها العرب » فلم يكونوا أدخلوها في 
حسابهم راسا . ) 

وأحذ المشركون o‏ م ل ا 
ظ وأحذ المسلمون يتطلعون إلى جولات المشركين » يرشقونهم بالنبل » حتى لا يجترئوا على الاقتراب 
منه + ولا يستطيغوا أن يقتحموة » أو يبيلوا عليه التراب » ليبنوا به طريقا يمكنهم من العبور . 

وكره فوارس من قريش أن يقفوا حول الخندق من غير جدوى في ترقب نتائج الحصار › فإن 
ذلك لم يكن من شيمهم » فخرجت منها جماعة فيبا عمرو بن عبد ود وعكرمة بن بي جهل 
وضرار بن الخطاب وغيرهم » فتيممو! مكانا ضيقاً من الخندق فاقتحموه » وجالت بهم خيلهم في 
ا 0 ا 
)0( ن العدر TAET‏ 


EE 


كلمة حمي لأجلها - وكان من شجعان المشركين وأبطالهم - فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب 
وجهه » ثم أقبل على عل » فتجاولا وتصاولا » حت قتله على رضي الله عنه » وانهزم الباقون حتى 
اقتحموا من الخندق هاربين » وقد بلغ بهم الرعب إلى أن ترك عكرمة رنحه وهو منهزم عن عمرو . 

ا المشركون في بعض الأيام حاولة بليغة » لاقتحام الخندق ٠‏ أو لبناء الطرق فيها › 
ولكن المسلمين كافحوا مكافحة محيدة » ورشقوهم بالنبل وناضلوهم أشد النضال حتى فشل 
المشركون في محاولتهم . 

ولأجل الاشتغال بمثل هذه المكافحة الشديدة فات بعض الصلوات عن رسول الله للم 
والمسلمين » ففي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه : أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق » 
فجعل يسب كفار قريش . فقال : يا رسول الله ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس أن 
تغرب » فقال النبي عو : « والله ما صليتها » » فنزلنا مع النبي عي بطحان » فتوضاً للصلاة 
وتوضأنا ها » فصلى العصر بعدما غربت الشمس ثم صلى بعدها ا مغرب . 

وقد استاء رسول الله ع لفوات هذه الصلاة حتى دعا على المشركين » ففي البخاري عن 
علي عن النبي عه أنه قال يوم الكتتدق: ا اله علي بترم فورم تارا © شغلونا عن 
الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس”" . 

وفي مسند أحمد والشافعي أنهم حبسوه عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء ء 
فصلاهن جميعاً . قال النووي : وطريق الجمع بين هذه الروايات أن وقعة الخندق بقيت أياما 
فكان هذا في بعض الأيام » وهذا في بعضہا . انتبى”" . 

ومن هنا يوذ أن محاولة العبور من المشركين » .والمكافحة المتواصلة من المسلمين دامت 
ااا إلا أن ادق كا كان انا ون الليشيى. جر ما قال باش رحب دافية ا 
اقتصروا على المراماة والمناضلة . 

وني هذه المراماة قتل رجال من الحيشين » يعدون على الأصابع ستة من المسلمين وعشرة من 
المشركين » بيغا كان قتل واحد أو اثنين منهم بالسيف . 
)١(‏ صحيح البخاري ٥۹۰/۲‏ . 
(۲) نفس المصدر . 
(۳) مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص۲۸۷ » وشرح مسلم للنووي ۲۲۷/۱ . 

ا 


7558 


خريطة غز 


وة 


7 
3 





وني هذه المراماة رُمي سعد بن معاذ رضي الله عنه بسهم فقطع منه الأكحل » رماه رجل من 
قريش يقال له حبان بن العرقة » فدعا سعد : اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إل أن 
أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه » اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا 
وبينبم » فإن کان بقي من حرب قريش شيء فابقني لهم ؛ حتى أجاهدهم فيك » وإن كنت 
وضعت الحرب فافجرها واجعل موتتي فيا“ . وقال في اخر دعائه : ولا تتفي حت تقر عيني من 
بني قريظة' '' . 

وبيئا كان المسلمون يواجهون هذه الشدائد على جبهة المعركة كانت أفاعي الدس والتامر 
تتقلب في جحورها » تريد إيصال السم داخل اجسادهم . انطلق كبير مجحرمي بني النضير إلى 
ديار بني قريظة فاق كيين امد" لقرظي - سيد بني قريظة » وصاحب عقدهم وعهدهم › 
وكان قد عاقد رسول الله عو على أن ينصره إذا أصابته حرب کا تقدم - فضرب عليه حي 
الباب » فاغلقه كعب دونه . فما زال يكلمه حت فتح له بابه » فقال حي : إني قد جئتك 
يا كعب بعز الدهر وببحر طام » جئتك بقريش على قادتها وسادتها » حتى أنزلتهم بمجمع الأسيال 
من رومة » وبغطفان على قادتها وسادتہا حى اتيم بذنب تقمى إلى جانب أحد » قد عاهدولي 
وعاقدوني على أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمدا ومن معه . 

فقال له كعب : جتني والله بذل الدهر وبجهام قد هراق ماؤه » فهو يرعد ويبرق »ليس فيه 
شيء » ويحك يا حي ! فدعني وما أنا عليه » فإني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاءً . 

فلم يزل حبي بكعب يفتله في الذروة والغارب » حتى سمح له على أن أعطاه عهداً من الله 
وميثاقا : لئن رجعت قريش وغطفان » ولم يصيبوا محمدا ان ادخل معك في حصنك » حتى 
يصيبني ما أصابك » فنقض كعب بن أسد عهده » وبرىء ما كان بينه وبين المسلمين » ودخل 
مع المشركين في المحاربة ضد المسلمين”) 

وفعلا قد قامت يبود بني قريظة بعمليات الحرب . قال ابن إسحاق : كانت صفية بنت 
عبد المطلب في فارع حصن حسان بن ثابت » وكان حسان فيه مع النساء والصبيان » قالت 
)١(‏ صحيح البخاري ٥٩۹۱/۳‏ . 


(۲) ابن هشام ۳۳۷/٣۳‏ . 
(۳( ابن هشام ۲۲۰/۲ » ۲۲۱ . 


ا 


صفية : فمر بنا رجل من يبود » فجعل يطيف بالحصن » وقد حاربت بنو قريظة » وقطعت 
ما بينها وبين رسول الله عي » وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا » ورسول الله عه والمسلمون في 
نحور عدوهم » لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إن أتانا ات » قالت : فقلت يا حسان » إن هذا 
اليبودي کا ترى يطيف بالحصن » وإني والله ما امنه أن يدل على عورتنا مَنْ وراءنا من يبود » وقد 
شغل عنا رسول الله يه وأصحابه » فانزل إليه فاق . قال : والله لقد عرفت ما أنا بصااحب 
هذا » قالت : فاحتجزت7 ثم أخذت عمودا , ثم نزلت من الحصن إليه » فضربته بالعمود حتى . 
قتلته » ثم رجعت إلى الحصن » وقلت:: يا حسان انزل إليه فاسلبه اا 
أنه رجل . قال : ما لي بسلبه من حاجة”" . 

وقد كان لهذا الفعل المجيد من عمة الرسول الله عي أثر عميق في حفظ ذراري المسلمين 
ونسائهم » ويبدو أن المبود ظنوا أن هذه الاطام والحصون في منعة من الجيش الاسلامي - مع أا 
كانت خالية عنهم تماما - فلم يجترئوا مرة ثانية للقيام بمثل هذا العمل » إلا انم أخذوا يمدون 
اتاو رس ی ا اي 
مؤنهم عشرين ) 

وانتهى الخبر إلى رسول الله َيه وإلى المسلمين فبادر إلى تحقيقه » حتى يستجلي موقف 
قريظة » فيواجهه بما يجب من الوجهة العسكرية » وبعث لتحقيق الخبر السعدين : سعد بن 
معاذ » وسعد بن عبادة » وعبد الله بن رواحة » وخوات بين جبير » وقال : « انطلقوا حى تنظروا 
أحق ما بلغنا عن هؤّلاء القوم أم لا ؟ فإن كان حقاً فالحنوا لي لحنا أعرفه » ولا تفتوا في أعضاد 
الناس » وإن كانوا على الوفاء فاجهروا به للناس » . فلما دنوا منيم وجدوهم على أخبث 
ما يكون » فقد جاهروهم بالسب والعداوة ‏ ونالوا من رسول الله عه » وقالوا : من رسول الله ؟ 
لا عهد بيننا وبين محمد » ولا عقد . فانصرفوا عنهم » فلما أقبلوا على رسول الله عه لحنوا له » 
وقالوا : عضل وقارة » أي أنهم على غدر » كغدر عضل وقارة اشا الرجيع . 


)1( احتجزت : شدت وسطها . 
( ابن هشام ۲ يحمل هذاالحديث على أن حسانا كان جبانا » وقد دفع هذا بعض العلماء وأنكره ٠‏ وذلك 
أن الحديث منقطع الإسناد » ولو صح لهجي به حسان » وإن صح الحديث فرعا كان حسان معتلا في ذلك 
اليوم 1 وهذا أولى ما تاول 1 
STN‏ 


وعلى رغم محاولتهم إخفاء الحقيقة تفطن الناس للية الأمر » فتجسد أمامهم خطر رهيب . 

وقد كان أحرج موقف يقفه المسلمون » فلم يكن يحول بينهم وبين قريظة شيء يمنعهم من 
ضربهم من الخلف » بيا كان أمامهم جيش عرمرم لم يكونوا يستطيعون الانصراف عنه » وكانت 
ذراريهم ونساؤهم بمقربة من هؤلاء الغادرين في غير منعة وحفظ ل كا يقول الله تعالی : 
ل ولاعت الابصروبلفت قوب الحتاجر ونون ,الله الظنونا بل هتالك ابتلى 
مويك وزو راودا 4 ( ۲۳ : ٠١ ٠٠١‏ ) ونجم الفاق من بعض النافقين . 
حتى قال : كان محمداً يعدنا أن ناكل كنوز كسرى وقيصر › وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه 
أن يذهب إلى الغائط . وحتى قال بعض اخر في ملا من رجال قومه: إن بيوتناعورة من العدو , 
فأذن نا أن تخرج » فنرجم إلى دارناء او اديه EE‏ بنو سلمة بالفشل وني هؤلاء 
أنزل الله تعالى ليقو موود اينف قلووم رض اوعدا اله ورَسُولْمُوٍِلاميورًا 9 
وإذقالت طايفة منم يكاهليثر ب لامقام لک مجعو ومرن منیا لی قو لون 
اعام زيول وا (Tei)‏ 

اما رسول الله َيه فتقنع بثوبه حين أناه غدر قريظة » فاضطجع ومكث طويلاً » حی 
اشتد على الناس البلاء » ثم غلبته روح الأمل :قيض يقول + الله أكبرء أبشروا يا معشر 
المسلمين بفتح الله ونصره )» ثم أحذ يخطط محاببة الظرف الراهن ن¿ » وكجزء من هذه الخطة كان 

يبعث الحرس إلى المدينة ؛ لعلا يول الذراري والنساء على غرة » ولكن كان لا بد من إقدام 

حاسم » يفضي إلى تاذل الأحزاب » وتحقيقاً هذا الهدف أراد أن يصالح عبينة بن حصن 
والحارث بن عوف رئيسي غطفان على ثلث مار المدينة ؛ حتى ينصرفا بقومهما اا السلعون 
لالحاق الهزيمة الساحقة العاجلة على قريش التي اختبروا مدى قوتها وبأسها مراراً » وجرت 
امراوضة على ذلك » فاستشار السعدين في ذلك » فقالا : يا رسول الله إن كان الله أمرك بہذا 
فسمعا وطاعة » وإن كان شيء تصنعه لنا فلا حاجة لنا فيه » لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على 
الشرك بالله وعبادة الأوئان » وهم لا يطمعون أن يأكلوا منہا رة إلا قرى أو بيعاً » فحين أكرمنا 
الله بالاسلام وهدانا له » وأعزنا بك نعطيهم أموالنا ؟ والله لا نعطيهم إلا السيف » فصوب رأمهما 
وقال : « إنما هو شيء أصنعه لكم , لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة ) 





Te 


ثم إن الله عز وجل - وله الحمد ‏ صنع أمرأ من عنده خذل به العدو » وهزم جموعهم › 
الأشجعي - رضي الله عنه - جاء إلى رسول الله َيِل فقال : يا رسول الله إني قد أسلمت ». 
وإن قومي لم يعلموا بإسلامي » فمرني ما شعت » فقال رسول الله عر : « إا أنت رجل 
واحد » فخذل عنا ما استطعت » فإن الحرب خدعة » » فذهب من فوره إلى بني قريظة - وكان 
عشيراً لهم في الجاهلية ‏ فدخل عليهم وقال : قد عرفتم ودي إياكم » وخخاصة ما بيني وبينكم › 
قالوا : صدقت . قال : فإن قريشاً ليسوا مثلكم » البلد بلدكم فيه أموالكم وأبناقم ونساوم , 
لا تقدرون أن تتحولوا منه إلى غيره » وإن قريشاً وغطفان قد جاؤوا لحرب محمد وأصحابه » وقد 
ظاهرتوهم عليه » وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره » فإن أصابوا فرصة انتهزوها » وإلا لحقوا 
يعطوك رهائن . قالوا : لقد أشرت بالرأي . 

ثم مضى نعم على وجهه إلى قريش » وقال لهم : تعلمون ودي لكم ونصحي لكم ؟ قالوا : 
نعم » قال : إن اليهود قد ندموا على ما كان منم من نقض عهد محمد وأصحابه » وإنهم قد 
راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونہا إليه » ثم يوالونه عليكم » فإن سألوك رهائن 
فلا تعطوهم , ثم ذهب إلى غطفان » فقال لهم مثل ذلك . 

فلما كان ليلة السبت من شوال. ستة ٥ه‏ بعثوا إلى اليهود : أنا لسنا بأرض مقام » وقد 
هلك الكراع والخف » فانهضوا بنا حتى نناجز محمدا » فأرسل سل إليهم اليهود أن اليوم هو يوم 
مد ري امي وو اد بور E‏ م ع 

تبعثوا الينا رهائن . فلما جاءتهم رسلهم بذلك قالت قريش وغطفان : صدقكم والله نعم » فبعشوأ 
إلى اليبود : إنا والله لا نرسل إليكم أحدا » فاخرجوا معنا حتى نناجز محمدا “الت تريظة : 


0 صدقكم والله نعم . فتخاذل الفريقان » ودبت الفرقة بين صفوفهم › وخارت عزاكهم : 


وكان المسلمون يدعون الله تعالى  :‏ اللهم استر عوراتنا وامن روعاتنا » ودعا 
رسول الله عه على الأحزاب » قال : « اللهم منزل الكتاب : سريع الحساب » اهزم الأحزاب › 
اللهم اهزمهم وزلزهم ٠‏ . 
)١(‏ صحيح البخاري كتاب الجهاد 411/١‏ » وكتاب المغازي ٥۹۰٤۲‏ . 
ظ 17 


وقد مع الله دعاء رسوله والمسلمين » فبعد أن دبت الفرقة في صفو ف المشركين » وسرى 
ينهم التخاذل » أرسل الله عليهم جنداً من الرج » فجعلت تقوض خيامهم , ولا تدع لمم قدراً 
إلا كفأتها » ولا طنبأً إلا قلعته ‏ ولا يقر لحم قرار » وأرسل جنداً من الملائكة بزلزلونهم » ويلقون 
في قلوهم الرعب والخوف . 

وأرسل رسول الله ع في تلك الليلة الباردة القارسة حذيفة بن الیان ياتيه برهم » 
فوجدهم على هذه الحال » وقد تهيأوا للرحيل » فرجع إلى رسول الله ر4 » فأخيره برحبل 
القوم » فأصبح رسول الله عه وقد رد الله عدوه بغيظه لم ينالوا خيراً» وكفاه الله قتالهم » 
فصدق وعده » وأعز جنده » ونصر عبده » وهزم الاحزاب وحده » فرجع إلى المدينة . 

وكانت غزوة الخندق سنة خمس من الهجرة في شوال على أصح القولين ٠‏ وأقام المشركون 
حاصرين رسول الله ع والمسلمين شهراً أو نحو شهر » ويبدو بعد الجمع بين المصادر أن بداية 
فرض الحصار كانت في شوال » ونبايقه في ذي القعدة » وعند ابن سعد أن انصراف 
رسول الله عه من الخندق كان يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة . 

إن معركة الأحزاب لم تكن معركة خسائر ؛ بل كانت معركة أعصاب » لم يجر فيها قتال 
مرير › إلا انا كانت من أحسم المعارك في تاريخ الاسلام » تمخضت عن تاذل المشركين » 
وأفادت أن اية قوة من قوات العرب لا تستطيع استمصال القوة الصغيرة التي تدمو في المدينة › 
لأن العرب لم تكن تستطيع أن تأتي بجمع أقوى مما أنت به في الأحزاب » ولذلك قال 
رسول الله عو حين أجل الله الأحزاب : « الآن نغزوهم ولا يغزوننا » نحن نسير إليهم ٠‏ . 





)0( صحيح البخاري ۹۰/۲ 5 
7١*52‏ 


غزوة بني قريظة 


وني اليوم الذي رجع فيه رسول الله إلى المدينة » جاءه جبريل عليه السلام عند الظهر » وهو 
يغتسل في بيت أم سلمة » فقال : أو قد وضعت السلاح ؟ فإن الملائكة لم تضع أسلحتهم , 
وما رجعت الآن إلا من طلب القوم » فانبض بمن معك إلى بني قريظة » فإني سائر أمامك أزلزل 
بهم حصونهم » وأقذف في قلوبهم الرعب » فسار جبريل في موكبه من الملائكة . 

فأمر رسول الله عب موّذناً فأذن في الناس : من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا 
بني قريظة . واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم » وأعطى الراية علي بن أي طالب › وقدّمه إلى 
بني قريظة فسار علي حتى إذ دنا من حصونهم سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله عله . 

وخرج رسول الله هه في موكبه من المهاجرين والأنصار » حتى نزل على بر من ابآر قريظة 
يقال لها بكر أنا» وبادر المسلمون إلى امتثال أمره » ونبضوا من فورهم » وتحركوا نحو قريظة › 
وأدركتهم العصر في الطريق » فقال بعضهم : لا نصليها إلا في بني قريظة كا أمرنا » حتى أن رجالا 
منبم صلوا العصر بعد العشاء الآخرة » وقال بعضهم : لم يرد منا ذلك » وإنما اراد سرعة 
الخروج » فصلوها في الطريق » فلم يعنف واحدة من الطائفتين . 

هكذا تحرك الجيش الاسلامي نحو بني قريظة أرسالاً » حتى تلاحقوا بالنبي ميه » وهم 
ثلاثة آلاف » والخيل ثلاثون فرسأ » فنازلوا حصون بني قريظة » وفرضوا عليهم الحصار .- 

ولا اشتد عليهم الحصار عرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد ثلاث خصال : إما أن 
يسلمواء ويدخلوا مع محمد عه في دينه » فيأمنوا على دمائهم وأموالهم وأبنائهم ونسائهم - وقد 
قال لهم : والله لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل » وأنه الذي تجدونه في كتابكم - وإما أن يقتلوا 
ذرارتهم ونساءهم بأيد.هم » ويخرجوا إلى النبي عو بالسيوف مصلتين » يناجزونه حتى يظفروا 
بهم » أو يقتلوا عن اخرهم > وإما أن يبجموا على رسول الله عه وأصحابه » ويكبسوهم يوم 
السبت ؛ لأمهم قد أمنوا أن يقاتلوهم فيه » فأبوا أن يجيبوه إلى واحدة من هذه الخصال الثلاث » 

514 


وحینګذ قال سيدهم كعب بن أسد ( في انزعاج وغضب ) : ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه 
ليلة واحدة من الدهر حازما . 

ولم ببق لقريظة بعد رد هذه الخصال الثلاث إلا أن ينزلوا على حكم رسول الله بء 
لكنهم أرادوا أن يتصلوا ببعض حلفائهم من المسلمين » لعلهم يتعرفون ماذا سيحل بهم إذا نزلوا 
على حكمه ‏ فبعثوا إلى رسول الله َي أن أرسل إلينا أبا لبابة نستشيره » وكان حليفاً لهم 
وكانت أمواله وولده في منطقتهم » فلما رأوه قام إليه الرجال » وجهش النساء والصبيان يبكون في 
وجهه » فرق لهم . وقالوا : يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد ؟ قال : نعم ! وأشار بيده 
إلى حلقه » يقول إنه الذي , ثم علم من فوره أنه خان الله ورسوله فمضى على وجهه . ولم يرجع 
إلى رسول الله عه » حتى ألى المسجد النبوي بالمدينة » فربط نفسه بسارية المسجد » وحلف أن 
لا يحله إلا رسول الله عه بيده » وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبداً . فلما بلغ رسول الله مَل 
خبره - وكان قد استبطأه - قال : أما أنه لو جاءني لاستغفرت له » أما إذ قد فعل ما فعل فما أنا 
بالذي أطلقه من مكانه حتى یتوب الله عليه . 

وبرغم ما أشار إليه أبو لبابة قررت قريظة النزول على حكم رسول الله َيه » ولقد كان 
باستطاعة اليهود أن يتحملوا الحصار الطويل ؛ لتوفر المواد الغذائية والمياه والآبار ومناعة 
الحصون » ولأن ١‏ لمسلمين كانوا يقاسون البرد القارس والجوع الشديد وهم في العراء » مع شدة 
التعب الذي اعتراهم ؛ لمواصلة الأعمال الحربية من قبل بداية معركة الأحزاب » إلا أن حرب 
قريظة كانت حرب أعصاب » فقد قذف الله في قلومهم الرعب » وأخذت معنوياتهم تنهار » وبلغ 
هذا الانبيار إلى نبايته أن تقدم علي بن أي طالب » والزيير بن العوام » وصاح على : يا كتيبة 
الإيمان » والله لأذوقن ما ذاق حمزة أو لأفتحن حصنهم . 

وحينئذ بادروا إلى النزول على حكم رسول الله عو » وأمر رسول الله َه باعتقال 
الرجال » فوضعت القيود ف اندي تحت اغراف مد ين اة الأنصاري» وجعلت النساء 
والذراري بمعزل عن الرجال في ناحية » وقامت الأوس إلى رسول الله عب فقالوا : يا رسول الله » 
قد فعلت في بني قينقاع ما قد علمت » وهم حلفاء إخواننا الخزرج » وهؤلاء موالينا » فأحسن 
فمهم » فقال : ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم ؟ قالوا : بلى » قال : فذاك إلى سعد بن 
معاذ . قالوا : قد رضينا . 


751١6 


فأرسل إلى سعد بن معاذ » وكان في المدينة » م يبخرج معهم ؛ للجرح الذي كان أصاب 
أكحله في معركة الأحزاب » فأركب حماراً» وجاء إلى رسول الله به » فجعلوا يقولون وهم 
كنفيه : يا سعد » أجمل في مواليك فأحسن فيهم » فإن رسول الله ع قد حكمك لتحسن 
فهم » وهو ساكت لا يرجع إليهم شيعا » فلما أكثروا عليه قال : لقد ان لسعد أن لا تأخذه في 
الله لومة لاثم » فلما سمعوا ذلك منه رجع بعضهم إلى المدينة فنعى إليهم القوم . 

ولا انتبى سعد إلى النبي له قال للصحابة : قوموا إلى سيدم . فلما أنزلوه قالوا : 
يا سعد » إن هؤّلاء القوم قد نزلوا على حكمك . قال : وحكمي نافذ عليهم ؟ قالوا : نعم 
قال : وعلى المسلمين ؟ قالوا : نعم . قال : وعلى من ههنا ؟ ‏ وأعرض بوجهه ‏ وأشار إلى ناحية 
رسول الله عل إجلالاً له وتعظياً - قال : نعم وع . قال : فإني أحكم فيهم أن يقتل الرجال » 
وتسبى الذرية » وتقسم الأموال » فقال رسول الله عه : لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق 
سبع حماوات . 

وكان حكم سعد في غاية العدل والانصاف » فإن بني قريظة بالإضافة إلى ما ارتكبوا من 
الغدر الشنيع - كانوا قد جمعوا لإبادة المسلمين ألفا وخمسمائة سيف » وألفين من الرماح » 
وثلاائة درع » وخمسمائة ترس وحجفة »> حصل علا المسلمون بعد فتح ديارهم . 

وأمر رسول الله عقيل فحبست بنو قريظة في دار بنت الحارث امرأة من بتي النجار ؛ 
وحفرت لم خنادق في سوق المدينة » ثم أمر بهم فجعل يذهب بهم إلى الحنادق أرسالاً أرسالاً ٠‏ 
وتضرب في تلك الخنادق أعناقهم . فقال من كان بعد في الحبس لرئيسهم كعب بن أسد : 

ما جرا يصيع با ؟ فقال ل : افي كل موطن لا تعقلون أما ترون الداعي لا يتزع ؟ والذاهب منكم 
لا يرجع ؟ هو والله القتل . وكانوا ما بين الستائة إلى السبعمائة » فضربت أعناقهم . 

وهكذا تم استفصال أفاعي الغدر والخيانة » الذين كانوا قد نقضوا الميئاق الو كد » وعاونوا 
e‏ المسلمين في أحرج ساعة كانوا مرون بها في حياتهم - وكانوا قد صاروا 
بعملهم هذا من أكابر مجرمي الحروب الذين يستحقون الحاكمة والأعدام ‏ . 

ول مع هؤلاء شيطان بي النضير » وأحد أكابر بجي معركة الأحزاب حبي بن أخطب 
والد صفية أم المومنين رضي الله عنها » > كان قد دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت علهم 
قريش وغطفان ؛ وفاءً لكعب بن أسد جما كان عاهده عليه حينا جاء يثيره على الغدر والخيانة أيام 


- ۳۱7 - 


غزوة الأحزاب » فلما أتي به - وعليه حلة قد شقها من كل ناحية بقدر أغلة لفلا يسليها - 
مجموعة يداه إلى عنقه بحبل » قال لرسول الله ع : أما وله ما لمت نفسي في معاداتك » ولكن 
من يغالب الله يغلب . ثم قال : أيها الناس » لا بأس بأمر الله » كتاب وقدر وملحمة كتنبا الل 
على بني إسرائيل » م جلس فضربت عنقه . 

وقتل من نسائهم امرأة واحدة » كانت قد طرحت الرحا على خلاد بن سويد فقتلته » فقتلت 
لأجل ذلك . 

وكان قد أمر رسول الله بقتل من عن ت ر من ١ل‏ جک ی جد ع 
القرظي . فترك حيا » فأسلم » وله صحبة . 

واستوهب ثابت بن قيس الزبير بن باطا وأهله وماله - وكانت للزيير يد عند ثابت - فوهبهم 
له » فقال ثابت بن قيس : قد وهبك رسول الله عل إل » ووهب لي مالك وأهلك فهم لك . 
فقال الزيير بعد أن علم بمقتل قومه : سألتنك بيدي عندك يا ثابت إلا الحقتني بالأحبة » فضرب 
عنقه » وألحقه بالأحبة من اليهود » واستحيا ثابت - من ولد الزيير بن باطا - عبد الرحمن بن 
الزيير» فأسلم , > وله صحبة . واستوهبت أم المنذر سلمى بنت قيس النجارية رفاعة بن سموأل 
القرظي . ؛ فوهبه لها » فاستحيته » فاسلم > وله صحبة . 

وأسلم منهم تلك الليلة نفر من قبل النزول » فحقنوا دماءهم وأمواهم وذراردهم . وخرج تلك 
الليلة عمرو - وكان رجلا لم يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله عق - فراه محمد بن 
مسلمة قائد الحرس النبوي » فخلى سبيله حين عرفه » فلم يعلم أين ذهب . 

وقسم رسول الله ع أموال بني قريظة بعد أن أخرج منها الخمس » فأسهم للفارس ثلاثة 
أسهم > سهمان للفرس وسيم للفارس » وأسهم للراجل سهما واحداً » وبعث من السبايا إلى نجد 
نحت إشراف سعد بن زيد الأنصاري » فابتاع بها خيلا وسلاحاً . 

واصطفى رسول الله عه لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خناقة » فكانت عنده 
حتى توفي عنها وهي في ملكه » هذا ما قاله ابن إسحاق”" وقال الكلبي : إند عه أعتقها : 
وتزوجها سنة "ه » وماتت مرجعه من حجة ة الودا ع فدفها بالبقيع!" . 
)١(‏ انظر ابن هشام 15/1 ؟ . 
(۲) تلقيح فهوم أهل الأثر ص؟١‏ . 

ظ - 3717 


ولا أتم أمر قريظة أجيبت دعوة العبد الصالح سعد بن معاذ رضي الله عنه - التي قدمنا 
ذكرها في غزوة الأحزاب - وكان النبي عي قد ضرب له نحيمة في المسجد ليعوده من قريب » 
فلما تم أمر قريظة انتقضت جراحته . قالت عائشة : فانفجرت من لبته فلم يرعهم - وي 
مسجد خيمة من بني غفار - إلا والدم ي يسيل إليهم » فقالوا ل ا » ما هذا يآتينا من 
قبلكم » فإذا سعد يغذوا جرحه دما » فمات منها" . 

وفي الصحيحين عن جابر أن سول الله مه قال : اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن 
معاذ" . صحح الترمذي من حديث أنس : قال : لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال 
المنافقون ا أخف جنازته » فقال رسول الله ع : « إن الملائكة كانت تحمله 6(" . 


قتل في حصار بتي قريظة رجل واحد من المسلمين » وهو خلاد بن سويد » الذي طرحت 
عليه الرحى امرأة من قريظة » ومات في الحصار أبو سنان بن حصن أخو عكاشة . 

أما أبو لبابة » فأقام مرتبطاً ست ليال » تأتيه امرأنه في وقت كل صلاة فتحله للصلاة » ثم 
يعود فيرتبط بالجذع » > ثم نزلت توبعه على رسول الله عه سَحَرأء وهو في بيت أم سلمة » 
فقامت على باب حجرتها » وقالت لي : يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك » فثار الناس 
ليطلقوه» فأب أن يطلقه أحد إلا رسول الله عو » فلما مر النبي عي حارجا إلى صلاة الصبح 
أطلقه . 

وقعت هذه الغزوة في ذي القعدة سنة هه » ودام الحصار ` خمسا وعشرين ليلة . 

وأنزل الله تعالى في غزوة الأحزاب وبني قريظة آيات من سورة الأحزاب » علق فيا على أهم 
جزئيات الوقعة بين حال المؤمنين والمنافقين » ثم تحذيل الأحزاب » ونتائج الغدر من أهل 
الكتاب . 





. ٥٩۱/۲ صحيح البخاري‎ )١( 

(۲) صحيح البخاري 0١‏ »وصحیح مسلم ۲۹٤/۲‏ 2 وجامع الترمذي Yol‏ . 

(۳) جامع الترمذي ۲۲٣/۲‏ . 

)٤(‏ ابن هشام ۲۳۷/۲ ع ۲۳۸ » وانظر لتفصيل هذه الغزوة ابن هشام إلى ۲۷۳ وصحيح البخاري 
۰۲ ۹۱ ء زاد المعاد ۲ ۷۳ ۷٤‏ مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص۲۸۷ › 
A4 A^‏ 4۰ . 


TVA 


النشاط العسكري بعد هذه الغزوة 


مقتل سلام بن أي احقيق 

اب د 0 رذ رسول الله يله , فلم 
فر المسلمون من أمر قريظة استأذنت الخزرج رسول الله زه في قتله » وكان قتل كعب بن 
الاشرف على أيدي رجال من الاو غت الخزرج في إحراز فضيلة مثل فضيلتهم ؛ فلذلك 
أسرعوا إلى هذا الاسعذان . 

وأذن رسول الله عي في قتله » ونبى عن قتل النساء والصبيان » فخرجت مفرزة قوامها 
خمسة رجال » كلهم من بني سلمة من الخزرج » قائدهم عبد الله بن عتيك . 

خرجت هله المفرزة » واتجهت نحو خيبر » إذ كان هناك حصن أي رافع » فلما دنوا منه 
و غ ال وا ح الناس بسرحهم - قال عبد الله بن عتيك لأصحابه : اجلسرا 
تكاتكتو: خان مان واف لواب , فن أن لديل : ؛ فأقبل حتى دنا من الباب » ثم تقنع 
شوبه كآنه يقضي حاجته » وقد دخل الناس » فهتف به البواب : يا عبد الله إن كنت تريد أن 
تدخل فادخل » فإلي أريد أن أغلق الباب . 

ا ا ان ار لاب 
فرعاال دا ا O‏ 
أغلقت علي من داخخل . قلت : إن القوم لو نذروا بي لم يخلصوا إلي حتى أقتله » فانتبيت إليه : 
)١١‏ انظر فتح الباري 547/10 . 

6 أي المفاتيح على وتد . 
- ۳۱۹ - 


فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله » > لا أدري أين هو من البيت . قلت : أبا رافع » قال : :من 
هذا ؟ فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف وأنا دهش » فما أغنيت شيئا » وصاح » 
فخرجت من البيت فأمكث غير بعيد ‏ ثم دخلت إليه » فقلت : وما هذا الصوت يا أبا رافع ؟ 
فقال : لأمك الويل » إن رجلا في البيت ضربني قبل بالسيف › > قال : فأضربه ضربة أثخنته وم 
أقتله م وضعت ضبيب السيف في بطنه حت أخذ في ظهره » فعرفت أني قنلته » فجعلت أخح 
الأبواب باباً بابا » حتى انتهيت ت إلى درجة له » فوضعت رجلي » وأنا أرى أني قد انتهيت إلى 
الأرض » فوقعت في ليلة مقمرة » فانكسرت ساق » فعصبتها بعمامة » ثم انطلقت حتى جلست 
على الباب . فقلت : لا أخرج الليلة حتى أعلم أقتلته؟ فلما صاح الديك صاح الناعي على 
السور فقال : أنعي أبا رافع تاجر أهل الحجاز » فانطلقت إلى أصحابي فقلت : النجاء » فقد 
قتل الله أبا رافع . فانتبيت إلى النبي له » فحدثته فقال : « ابسط رجلك » فبسطت رجلي 
فمسحها فكانا لم أشتكها ۲(“ . : 

هذه رواية البخاري » وعند ابن إسحاق أن جميع النفر دخلوا على لي رافع » واشتر كوا في 
قله » وأن الذي تحامل عليه بالسيف حتى قتله هو عبد الله بن أنيس » وفيه أنهم لا قتلو ليلا ٠‏ 
وانكسرت ساق عبد الله بن عتيك حملوه » وتوا منهرأ من عيونهم فدخلوا فيه » وأوقد اليبود 
. النيران » واشتدوا في كل وجه » حتى إذا يفسوا رجعوا إلى صاحبهم » وإنهم حين رجعوا احتملوا 
عبد الله بن عتيك حتى قدموا على رسول الله ّ4 . 

كان مبعث هذه السرية في ذي القعدة أو ذي الحجة سنة ٥ه"‏ . 

ولما 2 رسول الله عه من الأحزاب وقريظة » واقتص من مجرمي الحروب أخذ يوجه 


حملات تاديبية إلى القبائل والأعراب » الذين لم يكونوا يستكينون للأمن والسلام إلا بالقوة 
القاهرة . 





)0( صحيح البخاري ۷/۲ . 
(۲) ابن هشام ۲۷٣ » ۲٤۷/۲‏ . 
7( رحمة للعالمين Y/Y‏ مع ما يؤخذ من المصادر الأخرى المذكورة في غزوة الأحزاب وقريظة . 


7٠5 ل‎ 


سرية محمد بن مسلمة: 

كانت أول سرية بعد الفراغ من الأحزاب وقريظة » وكان عدد قوات هذه السرية ثلاثين 
راكبا . 

تحركت هذه السرية إلى القرطاء » بناحية ضرية بالبكرات من أرض نجد » وبين ضرية 
والمدينة سبع ليال » تحركت لعشر ليال خلون من امحرم سنة 5ه إلى بطن بني بكر بن كلاب » 
فلما أغارت عليهم هرب سائرهم » فاستاق المسلمون نعم وشاءً » وقدموا المدينة لليلة بقيت من 
امحرم ومعهم ثمامة بن أثال الحنفي سيد بني حنيفة » كان قد خرج متنكرا لاغتيال النبي َك 
افر ف ما الا اة ايلوا فلا جاع يه ريظ ره ما ف ا 
المسجد » فخرج إليه النبي عي فقال : « ما عندك يا ثمامة » ؟ فقال : عندي خير يا محمد , 
إن تقتل تقتل ذا دم » وإن تنعم تنعم على شاکر » وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شعت › 
فتركه » ثم مرّ به مرة أخرى » فقال له مثل ذلك » فرد عليه کا رد عليه أولأء ثم مر مرة ثالثة 
فقال ‏ بعد ما دار بينهما الكلام السابق : أطلقوا قامة » فأطلقوه » فذهب إلى نحل قريب من 
المسجد » فاغتسل » ثم جاءه فأسلم » وقال : والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إليّ من 
وجهك » فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليّ » ووالله ما كان على وجه الأرض دين أبغض عل 
من دينك » فقد أصبح دينك أحب الأديان إليّ » وإن خيلك أخذتي وأنا أريد العمرة » فبشره 
رسول الله عه » وأمره أن يعتمر » فلما قدم على قريش قالوا : صبأت يا ثامة » قال : لا والله » 
ولكني أسلمت مع محمد عي » ولا والله لا يأتيكم من الهامة حبة حنطة حتى يأذن فيها 
رسول الله عقا . وكانت يمامة ريف مكة » فانصرف إلى بلاده » ومنع الحمل إلى مكة » حتى 
جهدت قريش » وكتبوا إلى رسول الله عه يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى مامة يحل إلييم حمل 
الطعام » ففعل رسول الله يلكو . 
غزوة بني لحيان: 

بنو لحيان هم الذين كانوا قد غدروا بعشرة من أصحاب رسول الله عي بالرجيع » وتسببوا 
في إعدامهم » ولكن لما كانت ديارهم متوغلة في الحجاز إلى حدود مكة » والتارات الشديدة قائمة 
(۲) زاد المعاد ۱۱۹/۲ » مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص۲۹۲ › ۲۹۳ . 


T= 


بين المسلمين وقريش والأعراب » لم يكن يرى رسول الله عي أن يتوغل في البلاد بمقربة من 
العدو الأكبر » فلما تخاذلت الأحزاب » واستوهنت عزائمهم » واستكانوا للظروف الراهنة إلى حد 
ماء رأى أن الوقت قد ان لأن يأخذ من بني لحيان ثأر أصحابه المقتولين بالرجيع » فخرج إلمهم 
في ربيع الأول أو جمادى الأول سنة 5ه في مائتين من أصحابه » واستخلف على المدينة ابن أم 
مكتوم » وأظهر أنه يريد الشام ء ثم أسسرع السسير حتى انتهى إلى بطن غران - واد بين أج 
وعسفان » حيث كان مصاب أصحابه » فترحم عليهم ودعا لهم - وسمعت به بنو الحيان » فهربوا 
في رؤوس الحبال » فلم يقدر منهم على أحد » فأقام يومين بأرضهم » وبعث السرايا » فلم يقدروا 
عليهم » فسار إلى عسفان » فبعث عشرة فوارس إلى كراع الغميم لتسمع به قريش » ثم رجع إلى 
المدينة » وكانت غيبته عنها أربع عشرة ليلة 


متابعة البعوث والسرايا: 

ثم تابع رسول الله عه في إرسال البعوث والسرايا . وهاك صورة مصغرة منها : 

ا حو ا وا ري ا 00 
ا 

؟ - سرية محمد بن مسلمة إلى ذي القصة » في ربيع الأول أو الآخر سنة 5ه . خرج ابن 
حلي وهم مائة ‏ فلما ناموا 

۳ سسيرية أي O OT o‏ ا 
ىلعل إلر شل اسای عبد وسا ای وه آرت را إل انی 
فساروا ليلتهم مشاة » ووافوا بني ثعلبة مع الصبح » فأغاروا عليهم » فأعجزوهم هربا في المبال > 
وأصابوا رجلا واحدا فأسلم » وغنموا نعماً وشاءً . 

٤‏ - سرية زيد بن حارثة إلى الجموم » في ربيع الآخر سنة 5ه . والحموم ماء لبني سلم في 
مر الظهران » حرج إلهم زيد فأصاب امرأة من مزينة يقال لها حليمة » فدلتهم على محلة من بني 


1ت 


سليم أصابوا فيها نعماً وشاءً وأسرى » فلما قفل بما أصاب » وهب رسول الله عله للمزينية نفسها 
وزوجها . 

ه - سرية زيد أيضأ إلى العيص » في جمادى الأولى سنة ٦ه‏ » في سبعين ومائة راكب » 
رفيا عات أموال عير د اده و الخاض خر رسيو الله 102 مولت أنه 
العافى ع انان ريسب اعجار ا واف أن طالب نف رول اه رد امال العير عليه 
ففعلت » وأشار رسول الله عه على الناس برد الأموال من غير أن يكرههم » فردوا الكثير 
والقليل والكبير والصغير » حتى رجع أبو العاص إلى مكة » وأدى الودائع إلى أهلها  »‏ أسلم 
وهاجر » فرد عليه رسول الله ع زينب بالنكاح الأول بعد ثلاث سنين ونيف . کا نبت في 
الحديث الصحيح” ردها بالنكاح الأول ؛ لأن اية تحريم المسلمات على الكفار لم تكن نزلت إذ 
ذاك » وأما ما ورد من الحديث من أنه رد عليه بنكاح جديد أو رد عليه بعد ست سنين فلا يصح 
معنى » کا أنه ليس بصحيح سندا . والعجب ممن يتمسكون بهذا الحديث الضعيف » فإنهم 
يقولون : إن أبا العاص أسلم في أواخر سنة مان قبيل الفتح » ثم يناقضون أنفسهم » فيقولون : إن 
زينب ماتت في أوائل سنة ثمان . وقد بسطنا الدلائل في تعليقنا على بلوغ المرام » وجنح موسى بن 
عقبة أن هذا الحادث وقع في سنة ۷ من قبل أي بصير وأصحابه » ولكن ذلك لا يطابق الحديث 
الصجيخ ولا الضف 

#فبضرية رد عا آل ارف أ ره ى هادي الآ م ف رج ردن 
غنسة عشر رجلا إل ني علب » قهرت الأعراب » وساف أن يكون رسول الله ته سار 
إليهم » فأصاب من نعمهم عشرين بعيرأ » وغاب أربع ليال . 

۷ - سرية زيد أيضاً إلى وادي القرى » في رجب سنة 1ه . خرج زيد في اثني عشر رجلا 
إلى وادي القرى ؛ لاستكشاف حركات العدو إن كانت هناك » فهجم عليهم سكان وادي 
القرى » فقتلوا تسعة » وأفلت ثلاثة فيهم زيد بن حارثة” . 


. انظر سنن ابي داود مع شرحه عون المعبود باب إلى متى ترد عليه امرأته إذا ألم بعدها‎ )١( 

(۲) انظر الكلام على الحديثين في تحفة الأحوذي ۱۹٩/۱۹۰/۲‏ . 

(۳) رحمة للعالمين ۲۲۹/۲ » وانظر هذه السرايا المصدر المذكور » وزاد المعاد ۱۲۰/۲ ۰ ۱۲۱ » ٠١۲‏ وحواشي 
تلقيح فهوم أهل الأثر ص58 › ۲۹ . 


TIT = 


۸ - سرية الخبط - تذكر هذه السرية في رجب سنة ۸ه » ولكن السياق يدل على أنها 
كانت قبل الحديبية » قال جابر » بعثنا النبي ع في ثلاثمائة راكب أميرنا أبو عبيدة بن الجراح » 
نرصد عيرا لقريش » فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط » فسمى جيش الخبط » فنحر رجل 
ثلاث جزائر » ثم نحر ثلاث جزائر » ثم حر ثلاث جزائر » ثم إن أبا عبيدة هاه » فالقى إلينا البحر 
دابة يقال لا : العنير » فأكلنا منه نصف شبر » وأدهنا منه » حتى ثابت منه أجسامنا , 
وصلحت » وأخذ أبو عبيدة ضلعا من أضلاعه » فنظر إلى أطول رجل في الجيش وأطول جمل » 
فحمل عليه » ومر تحته » وتزودنا من لحمه وشائق » فلما قدمنا المدينة » أتينا رسول الله عه 
فذكرنا له ذلك » فقال : هو رزق أخرجه الله لكم » فهل معكم من لحمه شيء تطعمونا › 
فأرسلنا إلى رسول لله عي من . | 

وإنما قلنا : إن سياق هذه السرية يدل على أنه كانت قبل الحديبية ؛ لأن المسلمين لم يكونوا 
يتعرضون لعير قريش بعد صلح الحديبية . 


. ١4546 ۱٤٥/۲ صحيح مسلم‎ › 571 1۲٥/۲ صحيح البخاري‎ )١( 
TIE 


غزوة بني المصطلق أو غزوة المريسيع 
(في شعبان سنة 3ه) 


وهذه الغزوة وإن لم تكن طويلة الذيل » عريضة الأطراف » من حيث الوجهة العسكرية ؛ 
إلا آنها وقعت فيا وقائع أحدثت البلبلة والاضطراب في المجتمع الإسلامي » وتمخضت عن 
افتضاح المنافقين ‏ والتشريعات التعزيرية التي أعطت المجتمع الاسلامي صورة خاصة من النبل 
والكرامة وطهارة النفوس . ونسرد الغزوة أولاً > ثم نذكر تلك الوقائع . 

كانت هذه الغزوة في شعبان سنة ست من الهجرة على أصح الأقوال“ . وسببها أنه بلغه 
َه أن رئيس بني المصطلق الحارث بن أي ر 
حرب رسول الله » فبعث بريدة بن الحصيب الأسلمي ؛ لتحقيق الخبر فاتاهم » ولقي الحارث بن 
أي ضرار وكلمه ورجع إلى رسول الله عي فأخبره الخير . 

وبعد أن تأكد لديه عي صحة الخبر ندب الصحابة » وأسرع في الخروج » وكان خروجه 
لليلتين خلتا من شعبان » وخرج معه جماعة من المنافقين لم يخرجوا في غزاة قبلها » واستعمل على 


)١(‏ والدليل على ذلك ما ثبت في حديث الافك من أن القضية كانت بعدما أنزل الحجاب » واية الحجاب نزلت في 
شأن زينب » وزينب إذ ذاك كانت تحته » فإنه عه سأها عن عائشة فقالت : أحمي معي وبصري . قالت 
عائشة : وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي عه » وأما ما وقع في حديث الافك من أن سعد بن معاذ 
وسعد بن عبادة تنازعا في أصحاب الافك » ومعلوم أن سعد بن معاذ مات عقب غزوة بني قريظة » فالظاهر أن 
هذا وهم الراوي » فقد روى ابن إسحاق حديث الإفك عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن 
عائشة » فلم يذكر فيه سعد بن معاذ بل ذكر أسيد بن حضير » قال أبو محمد بن حزم : وهذا هو الصحيح 
الذي لا شك فيه » وذكر سعد بن معاذ وهم ( وانظر زاد المعاد ١١5/7‏ ) والعجب من محمد الغزالي أنه نسب 
إلى ابن القيم أنه يعتبر هذه الغزوة من حوادث السنة الخامسة ( فقه السيرة ص۲۲۳ ) مع أن كلامه في اهدي 
١٠١/۲ (‏ ) ياي عن ذلك . 


Y0 د‎ 


المدينة زيد بن حارثة » وقيل أبا ذر » وقيل تميلة بن عبد الله الليثي » وكان الحارث بن ضرار قد 
وجه عيناً ؛ ليأتيه بخبر الجيش الإسلامي » فألقى المسلمون عليه القبض وقتلوه . 

ولا بلغ الحارث بن أي ضرار ومن معه مسير رسول الله عه وقتله عينه » خافوا خوفا 
شديدا » وتفرق عنهم من كان معهم من العرب » وانتبى رسول الله عي إلى المريسيع - بالضم 
فالفتح مصغراً » اسم لاء من مياههم في ناحية قديد إلى الساحل - فتهبيووا للقتال » وصف 
رسول الله عَم أصحابه » وراية المهاجرين مع أبي بكر الصديق » وراية الأنصار مع سعد بن 
عبادة » فتراموا بالنبل ساعة » ثم أمر رسول الله عي فحملوا حملة رجل واحد» فكانت 
النصرة . وانهزم المشركون » وقتل من قتل » وسبى رسول الله عه النساء والذراري والنعم 
والشاء » ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد » قتله رجل من الأنصار ظناً منه أنه من العدو . 

كذا قال أهل المغازي والسير » قال ابن القم : وهو وهم » فإنه لم يكن بينهم قتال » وإنها 
أغار علهم على الماء فسيى ذراريهم وأموالهم كا في الصحيح : أغار رسول الله َل على بني 
المصطلق وهم غارون » وذكر الحديث”" انتهى . 

وكان من جملة السبي جويرية بنت الحارث سيد القوم » وقعت في سهم ثابت بن قيس 
فكاتبها » فأدى عنها رسول الله عه وتروجها » فأعتق المسلمون بسبب هذا التزويج مائة أهل 
بيت من بني المصطلق قد أسلموا » وقالوا : أصهار رسول الله عر . 

وأما الوقائع التي حدثت في هذه الغزوة ؛ فلأجل أن مبعثها كان هو رأس النفاق عبد الله بن 
أني وأصحابه ؛ نرى أن نورد أولاً شيئاً من أفعالهم في المجتمع الإسلامي . 
دور المنافقين قبل غزوة بني المصطلق: 

امسا مرا أذ عبد لطررى أ ودعي عل E EE‏ 
رسول الله عه حنقاً شديداً . لأن الأوس والخزرج كانوا قد اتفقوا على سيادته » وكانوا ينظمون 
له الخرز ؛ ليتوجوه إذ دحل فيهم الإسلام » فصرفهم عن ابن أني > کان یری أن رسول الله عل 
و 


(1) وانظر صحيح البخاري كتاب العتق ۳٠٠/۱‏ , وانظر أيضاً فتح الباري ٠٤۲۱/۷‏ . 
)۲( ا ا ل ا ا 


e 


وقد ظهر حنقه هذا وتحرقه منذ بداية الهجرة قبل أن يتظاهر بالاسلام » وبعد "أن تظاهر به . 
ركب رسول الله عي مرة على مار ؛ ليعود سعد بن عبادة » فمر بمجلس فيه عبد الله بن أبي » 
فخمر ابن أي أنفه وقال : لا تغبروا علينا . ولا تلا رسول الله عي على المجلس القران » قال : 
اجلس في بيتك » ولا تغشنا في مجلسنا''2 . 

وهذا قبل أن يتظاهر 0 تظاهر به بعد بدر » لم يزل إلا عقوا لله ولرصولة 
وللمؤمنين » ولم يكن يفكر إلا في تشتيت المجتمع الإسلامي »› وتوهين كلمة الإسلام » وكان 
يوالي أعداءه » وقد تدخل في أمر , نی قينقاع جا ذكرنا » وكذلك ل ار 
والغدر والتفريق بين المسلمين » وإثارة الارتباك والفوضى في صفوفهم بما مضى 

وكان من شدة مكر هذا المنافق وخداعه بالمؤمنين » أنه كان بعد التظاهر بالاسلام » يقوم 
كل جمعة حين يجلس رسول الله عي للخطبة » فيقول : هذا رسول الله عي بين أظهركم » 
الحا ا يي سو بر ال ل اكينوم 
رسول الله عله وبخطب » وكان من وقاحة هذا المنافق أنه قام في يوم الجمعة التي بعك اليل - مع 
ما ارتكبه من الشر والغدر الشنيع - قام ليقول ما كان يقوله من قبل » فأخذ المسلمون بثيابه من 
نواحيه » وقالوا له : اجلس أي عدو الله » لست لذلك باهل » وقد صنعت ما صنعت » فخرج 
يتخطى رقاب الناس وهو يقول : والله لكأنما قلت بحرا أن قمت أشدد أمره » فلقيه رجل من 
الأنصار بباب المسجد فقال : ويلك » ارجع يستغفر لك رسول الله عي » قال : والله ما أبتغي 
أن يستغفر لى“ . 

وكانت له اتصالات ببني النضير يؤامر معهم ضد المسلمين » حتى قال لهم : لئن أخرجتم 
لنخرجن معكم » ولئن قوتلم لننصرنكم . 

وكذلك فعل هو وأصحابه في غزوة الأحزاب من : إثارة 0 
في قلوب المؤمنين ما قد قص الله تعالى في سورة الأحزاب ل وإذيقول مقو وان . 


وو سس سم وعديو 


ا ا ل :ا لاع وا إلى قوله 0 سو لاب e‏ و 


(۱) ابن هشام 6581/١‏ ۸۷ . صحيح البخاري ٩۲٤/۲‏ » وصحيح مسلم ٩/۲‏ . 
(۲) ابن هشام ٠۰٥/۲‏ . 


TVS 


رع ص ووت ا 2 ٤ی‏ 7 ص کن صوص ایک م 0 1 
أت الاأحزاب نودوأ وَأنهم بادون فى في الأعراب سوت عن أنبا اي وک وڙڪ ايک 


بيد أن جميع أعداء الاسلام من اليهود والمنافقين والمشركين كانوا يعرفون جیا أن سبب غلبة 
الإسلام ليس هو التفوق المادي » وكثرة السلاح والجيوش والعدد ؛ وإغا السبب هي القم 
والأخلاق وامثل التي يتمتع بها امجتمع الإسلامي » وكل من يمت بصلة إلى هذا الدين » وكانوا 
يعرفون أن منبع هذا الفيض إنما هو رسول الله عي . الذي هو امل الأعلى إلى حد 
الأعجاز - لمذه القم . 

كا عرفوا بعد إدارة دفة الحروب طيلة خمس سنين » أن القضاء على هذا الدين وأهله لا يمكن 
بطريق استخدام السلاح » فقرروا أن يشنوا حرباً دعائية واسعة ضد هذا الدين من ناحية 
الأخلاق والتقاليد » وأن يجعلوا شخصية الرسول أول هدف هذه الدعاية . ولا كان المنافقون هم 
الطابور الخامس في صفوف المسلمين » ولكونهم سكان المدينة » كان يمكن هم الاتصال 
بالمسلمين واستفزاز مشاعرهم كل حين . تحمل فريضة الدعاية هؤلاء المنافقون » وعلى رأسهم ابن 
اي . 

وقد ظهرت خطتهم هذه جلية بعد غزوة الأحزاب » حينا تزوج رسول الله عه بأم 
المؤمنين زينب بنت جحش » بعد أن طلقها زيد بن حارثة » كان من تقاليد العرب أنهم كانوا 
يعتبرون المتبنى مثل الابن الصلبي » فكانوا يعتقدون حرمة حليلة المتبني على الرجل الذي تبناه , 
فلما تزوج النبي عه بزينب وجد المنافقون ثلمتين ‏ حسب زعمهم - لإثارة المشاغب ضد 
ابي عه . 
٠‏ الأولى : أن زوجته هذه كانت زوجة ة خامسة » والقران م يكن أذن في الزواج ج بأكثر من 
أربع نسوة » فكيف صح له هذا الزواج ؟ 

الثانية :أن زينب كانت زوجة ابنه - متبناه - فالزواج بها من أكبر الكبائر » حسب تقاليد 
العرب - وأكثروا من الدعاية في هذا السبيل » واختلقوا قصصا وأساطير » قالوا : إن محمدا راها 
MEA E‏ وو VLA‏ ع عا 
نشروا هذه الدعاية الختلقة نكر يفيك بقيت اثاره في كتب التفسير والحديث إلى هذا الزمان » وقد 


TIA 


أثرت تلك الدعاية أثرأ قويأ في صفوف الضعفاء حى نزل القران بالايات البينات » فيبا شفاء لما 
ل لاور ب رى ب انكر عله الدعاية أن الله استفتح سورة ة الأحزاب بقوله : کا 


ع سر ص« وم 


اتیاق للهلا تلع | ْنَا فقون اه َا ماک 4 0 
وهذه إشارات عابرة » وصورة مصغرة مما اقترفه المنافقون قبل غزوة بني اللصطلق › وكان 
النبي ع يكابد كل ذلك بالصبر واللين والتلطف » وكان عامة المسلمين يحترزون عن شرهم › 
أو يتحملونه بالصبر » إذ كانوا قد عرفوهم بافتضاحهم مرة بعد أخرى » حسب قوله تعالى : 
r 1 A cA ere‏ 22 2س e 5 nil‏ 
ایق ئت نكرب ف کل عار کاو رابب 2 لابثوؤرب ولا 


. )۱۲٣: ٩( 4 روک‎ 


دور المنافقين فى غزوة بني المصطلق: 
ولما كانت نت غزوة بي بني المصطلق » وخر انا و مكار وله تعالى : 9لَوَحَرجوافيك 
صر ص م ل اخ © اک روئ مر وح جح صر سر 
رادو ملحا وا ل موا سغوتكم الوه 4 فقد وجدوا متنفسين للتنفس 
بالشر فأثاروا الارتباك الشديد في صفوف المسلمين » والدعاية الشنيعة ضد النبي ع » وهاك 
بعض التفصيل عنها . 


4 قول المنافقين: ظ لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل‎ .١ 


كان رسول الله عي بعد الفراغ من الغزو مقي على المريسيع » ووردت واردة الناس » ومع 
فاقلا » فصرخ الجهني : يا معشر الأنصار . وصرخ جهجاه : يا معشر المهاجرين . فقال 
رسول الله عه : أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ؟ دعوها فإنها منتنة . وبلغ ذلك عبد الله بن 
آي بن سلول فغضب - وعنده رهط من قومه › فيهم زيد ! بن أرقم غلام حدث - وقال : أو قد 
فعلوها » قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا » والله ما نحن وهم إلا کا قال الأول : من كلبك يأكلك › 
أما والله لعن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ‏ ثم أقبل على من حضره فقال لحم : هذا 


د 


ما فعلتم بأنفسكم » أحللتموهم بلادك » وقاسمتموهم أموالكم » أما والله لو أمسكتم عنهم 
ما بأيديكم لتحولوا إلى غير دارم . 

فأخبر زيد بن ارقم عمه بالخبر » فأخبر عمه رسول الله ع وعنده عمر › فقال عمر : مر 
عباد بن بشر فليقتله . فقال : فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ؟ لاء 
ولكن أذن بالرحيل . وذلك في ساعة لم يكن يرتحل فيا » فارتحل الناس » فلقيه أسيد بن حضير 
فحياه » وقال : لقد رحت في ساعة منكرة ؟ فقال له : أو ما بلغك ما قال صاحبكم ؟ يريد ابن 
أبي » فقال : وما قال ؟ قال : زعم أنه إن رجع إلى المديعة ليخرجن الأعز منها الأذل > قال : 
فانت يا رسول الله » تحرجه منها إن شعت > هو والله الذليل وأنت العزيز » ثم قال : يا رسول الله » 
ارفق به » فوالله لقد جاءنا الله بك » وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه ٠‏ فإنه یری أنك استلبته 
ملكا . 

م مشى بالناس يومهم ذلك حتى أمسى » وليلتهم حتى أصبح › وصدر يومهم ذلك حتى 
آذتهم الشمس » ثم نزل بالناس » فلم يليثوا أن وجدوا مس الأرض » فوقعوا نيام . فعل ذلك'؛ 
ليشغل الناس عن الحديث . 

أما ابن أي فلما علم. أن زيد بن أرقم بلغ الخبر جاء إلى رسول الله عله » وحلف بالله 
ما قلت ما قال » ولا تكلمت به » وقال من حضر من الأنصار : يا رسول الله » عسى أن يكون 
الغلام قد أوهم في حديثه » ولم يحفظ ما قال الرجل » > فصدقه » قال زيد : فأصابني هم لم يصبني 
مثله قط » فجلست في بيتي » فأنزل الله © اجا مكيفو 4 إلى قوله 8 شاا شور 
فقوا م من هن درشول یمر 14 9ے ااال . 
فأرسل إل رسول الله عله فقرأها عل ثم قال : إن الله قد صدقك . 

وكان ابن هذا المنافق ‏ وهو عبد الله بن عبد الله بن أبي ‏ رجلا صالحاً من الصحابة 
الأخيار » فتبرأ من أبيه » ووقف له على باب المدينة » واستل سيفه » فلما جاء ابن أبي قال له : 
والله لا تجوز من ههنا حتى يأذن لك رسول الله عه » فإنه العزيز وأنت الذليل » فلما جاء 


(۱) انظر صحيح البخاري 4949/١‏ › ۷۲۷/۲ › ۷۲۸ › ۷۲۹ › وابن هشام ۲۹۰/۲ » ۲۹۲۰۲۹۱ . 


e 


النبي عه أذن له » فخلى سبيله » وكان قد قال عبد الله بن عبد الله بن أبي : يا رسول الله إن 
أردت قتله فمرني بذلك » فأنا والله أحمل إليك اس 


۲ 9 حديت الافك: 


وني هذه الغزوة كانت قصة الإفك » وملخصها أن عائشة رضي الله عنها كانت قد حرج بها 
رسول الله عه معه في هذه الغزوة بقرعة أصابتها » وكانت تلك عادته مع نسائه » فلما رجعوا 
من الغزوة نزلوا في بعض المنازل » فخرجت عائشة لحاجتها » ففقدت عقدا لأختها كانت أعارتها 
إياه » فرجعت تلتمسه في الموضع الذي فقدته فيه في وقتها » فجاء النفر الذين كانوا يرخلون 
هودجها فظنوها فيه فحملوا اهود ج » ولا ينكرون خفته ؛ لأمها رضي الله عنها كانت فتية السن لم 
يغشها اللحم الذي كان يثقلها » وأيضاً فإن النفر لما تساعدوا على حمل الودج لم ينكروا خفته » 
ولو كان الذي حمله واحدا أو اثنين لم يخف عليهما الحال » فرجعت عائشة إلى منازهم › وقد 
أصابت العقد » فإذا ليس به داع ولا جيب » فقعدت في المنزل » وظنت أنهم سيفقدونها 
فيرجعون في طلبها » واللّه غالب على أمره » يدبر الأمر فوق عرشه کا يشاء » فغلبتها عيناها , 
فنامت » فلم تستيقظ إلا بقول صفوان بن المعطل : إنا لله وإنا إليه راجعون » زوجة 
رسول الله مه ؟ - وكان صفوان قد عرس في أخريات الحيشٍ لأنه كان كثير النوم » فلما راها 
عرفها » وكان يراها قبل نزول الحجاب » فاسترجع وأناخ راحلته » فقربها إليها » فركبتها ء 
وما كلمها كلمة واحدة › ولم تسمع منه إلا استرجاعه , ثم سار بها يقودها » حتى قدم بها » وقد 
نزل الجيش في حر الظهيرة » فلما رأى ذلك الناس تكلم كل منهم بشاكلته » وما يليق به » 
ووجد الخبيث عدو الله ابن أي متنفسا » فتنفس من كرب النفاق والحسد الذي بين ضلوعه › 
فجعل يستحكي الإفك » ويستوشيه » ويشيعه » ويذيعه » ويجمعه » ويفرقه » وكان أصحابه 
يتقربون به إليه » فلما قدموا المدينة أفاض أهل الافك في الحديث » ورسول الله عليه ساكت 
لا يتكلم » ثم استشار أصحابه ‏ لما استلبث الوحي طويلاً ‏ في فراقها » فأشار عليه على رضي 
الله عنه أن يفارقها » ويأخحذ غيرها » تلويحاً لا تصريحاً » وأشار عليه أسامة وغيره بإمساكها » وأن 
لا يلتفت إلى كلام الأعداء . فقام على المنبر يستعذ من عبد الله بن أي » فأظهر أسيد بن حضير 





. نفس المصدر الأخير » ومختصر السيرة للشيخ عبد الله النجدي ص۲۷۷‎ )١( 


ا 


سيد الأوس رغبته في قتله » فأحذت سعد بن عبادة ‏ سيد الخزرج وهي قبيلة ابن أبي - الحمية 
القبلية » فجرى بينهما كلام تثاور له الحيان » فخفضهم رسول الله ع حتى سكتوا وسكت . 

أما عائشة ؛ فما رجعت مرضت شرا » وهي لا تعلم عن حديث الإفك شيئاً » سوى أنها 
كانت لا تعرف من رسول الله عه اللطف الذي كانت تعرفه حين تشتكي > فلما نقهت ` 
خرجت مع أم مسطح إلى البراز ليلا » > فعثرت أم مسطح في مرطها » فدعت على ابنها » 
فاستنكرت ذلك عائشة منها » فأخيرتها الخبر » فرجعت عائشة واستأذنت رسول الله ي ؛ 
لتأتي أبويها وتستيقن الخير , ثم أتتبما بعد الإذن حتى عرفت جلية الأمر » فجعلت تبكي » فبكت 
ليلتين ويوما » لم تكن تكتحل بنوم » ولا يرقا ها دمع » حتی ظنت أن البكاء فاتق كبدها » وجاء 
رسول الله عه في ذلك » فتشېد وقال : أما بعد يا عائشة ‏ فإنه قد بلغي عنك كذا وكذا » فإن 
كنت بريئة فسيبرئك الله » وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوني إليه » فإن العبد إذا 
اعترف بذنبه » ثم تاب إلى الله تاب الله عليه . 

وحينئذ قلص دمعها » وقالت لكل من أبويها أن يجيبا » فلم يدريا ما يقولان » فقالت : والله 
لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم » وصدقتم به » فلن قلت لكم : إني 
بريكة - والله يعلم أني بريئة - لا تصدقوني بذلك » ولثن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم إني منه 
بريكة - لتصدقي والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف . قال :(قصير ميل وآللَهُ 
المستعان عل مَاتصِفُونَ # . 

ثم تحولت واضطجعت » ونزل الوحي ساعته » فسُرّي عن رسول الله عه وهو يضحك » 
فكانت أول كلمة تكلم بها : يا عائشة » أما الله فقد برأك » فقالت ها أمها : قومي إليه .. 
فقالت عائشة - إدلالاً ببراءة ساحتها » وثقة بمحبة رسول الله عب - : والله لا أقوم إليه » 
ولا أحمد إلا الله . ظ 

والذي أنزله الله بشان الافك هوقوله تعالى : تالس جا وپالجفك ء بتک . الععشر 
الآيات . 

يماد لل لان سک ی ألا سان وو لان رت بس بس 
ثانين » ول يحد الخبيث عبد الله بن أي مع أنه رأس أهل الإفك » والذي تولى كبره » إما لآن 


- TY - 


الحدود تحفيف لأهلها » وقد وعده الله بالعذاب العظم في الآخرة » وإما للمصلحة التي ترك 
لأجلها قتله“ . 

وهكذا وبعد شبر أقشعت سحابة الشك والارتياب والقلق والاضطراب عن جو المدينة › 
وافتضح رأس النافقين افتضاحا لم يستطع أن يرفع رأسه بعد ذلك » قال ابن إسحاق : وجعل 
بعد ذلك إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعنفونه . فقال 
رسول الله مله لعمر : كيف ترى يا عمر ؟ أما والله لو قتلته يوم قلت لي اقتله لأرعدت له 
لو ٠١ £ ١ ٤‏ ااا © 
أف » ولو أمرتها اليوم بقتله لقتلته . قال عمر : قد والله علمت لأمر رسول الله عم أعظم بركة 
من أمري'" . 


(۱) صحيح البخاري 1٩۹۷ ۰ 1۹1/۲ ۰ 5514/١‏ ۰ 1۹۸ ۰ زاد المعاد ۱۱۳/۲ ۰ ١١5 ۰ 1١4‏ وابن هشام 
۲ إلى ۳۰۷ . 
(۲) ابن هشام ۲۹۳/۲ . 


رويك 


البعوث والسرايا بعد غزوة المريسيع 


. سرية عبد الرحمن بن عوف إلى ديار بني كلب بدومة الجندل » في شعبان سنة "ه‎ - ١ 
: أقعده رسول الله عه بين يديه » وعممه بيده » وأوصاه بأحسن الأمور في الحرب » وقال له‎ 
» إن أطاعوك فتزوج ابنة ملكهم › » فمكث عبد الرحمن بن عوف ثلاثة أيام يدعوهم إلى الاسلام‎ 
فأسلم القوم وتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ » وهي أم ألي سلمة » وكان أبوها رأسهم‎ 
. وملكهم‎ 

ا بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر بفدك » في شعبان سنة ٦ه‏ . وذلك أنه 
بلغ رسول الله أن بها جمعا يريدون أن يمدوا الود » فبعث إليها علياً في مائتي رجل » وكان يسير 
الليل ويكمن النهار » فأصاب عيناً هم » فأقر أمهم بعثوه إلى خيبر يعرضون عليهم نصرتهم على أن 
يجعلوا لهم تمر خيبر » ودل العين على موضع تجمع بني سعد » فاغار عليهم على » فأخذ خمسمائة 
بعير وألفي شاة » وهربت بنو سعد بالظعن » وكان رئيسهم وبر بن عليم . 

۳ - سرية أي بكر الصديق أو زيد بن حارثة إلى وادي القرى » في رمضان سنة 5ه . 

كان بطن فزارة يريد اغتيال النبي عله » فبعث رسول الله عه أبا بكر الصديق قال سل ين 
الأكوع : وخرجت معه » حتى إذا صاينا الصبح أمرنا فشننا الغارة » فوردنا الماء » فقتل أبو بكر 
من قتل » ورأيت طائفة وفيهم الذراري » فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فأدركتهم » ورميت 
بسهم بينهم وبين الخبل » فلما رأوا السهم وقفوا ٠‏ فهم امرأة هي أم قرفة عليها قشع من أديم » معها 
. ابنتها من أحسن العرب » فجكت بهم أسوقهم إلى أي بكر » فنفلني ابو بكر ابنتها » فلم أكشف 
ها ٹوا » وقد سأله رسول الله مله بنت آم قرفة » فبعث با إلى مكة » وفدي بها أسرى من 


- 7758 - 


المسلمين هناك . 

وكانت أم قرفة شيطانة تحاول اغتيال النبي َه » وجهزت ثلاثين فارسا من أهل بيتها 
لذلك » فلاقت جزاءها وقتل الثلاثون . 

٤‏ - سرية كرز بن جابر الفهري” إلى العرنيين » في شوال سنة 1ه وذلك أن رهطأ من 
عكل وعرينة أظهروا الإسلام » وأقاموا بالمدينة فاستوخموها » فبعئهم رسول الله عه في ذود في 
با ا يي ا 
الإبل وكفروا بعد إسلامهم » فبعث في طلبهم كرزا الفهري في عشرين من الصحابة » ودعا على 
العرنيدن : اللهم اعم عليهم الطريق » واجعلها عليهم أضيق من مسك » ٠‏ فعمى الله علييم السبيل » 
فأدركوا » فقطعت أيديهم وأرجلهم » وسملت أعينهم » جزاء وقصاصا با فعلوا » ثم تركوا في ناحية 
الحرة حتى ماتوا وحديثهم في الصحيح عن أنس . 

ويذكر أهل السير بعد ذلك سرية عمرو بن أمية الضمري مع سلمة بن بي سلمة » في 
شوال سنة 5ه ء أنه ذهب إلى مكة لاغتيال أي سفيان > لأن أبا سفيان كان أرسل أعرابياً 
لاغتيال النبي عي » بيد أن المبعوثين م ينجحا في الاغتيال » لا هذا » ولا ذاك » ويذكرون أن 
عمراً قتل في الطريق ثلاثة رجال » ويقولون إن عمرا أخذ جثة الشبيد خبيب في هذا السفر › 
والمعروف أن خبيبا استشهد بعد الرجيع بأيام أو أشهر » ووقعة الرجيع كانت في صفر سنة ٤ه‏ » 
فلا أدري هل اختلط السفران على أهل السير » أو كان الأمران في سفر واحد في السنة الرابعة » 
وقد أنكر العلامة المنصور فوري أن تكون هذه السرية سرية حرب أو مناوشة . والله أعلم . 

هذه هي السرايا والغزوات بعد الأحزاب » وبني قريظة » لم يجر في واحدة منها قتال مرير » 
وانما وقعت فيا وقعت مصادمة خفيفة » فليست هذه البعوث إلا دوريات استطلاعية » أو 
تحركات تأديبية ؛ لارهاب الأعراب والأعداء الذين لم يستكينوا بعد . ويظهر بعد التأمل في 
الظروف أن حرى الأيام كان قد أخذ في التطور بعد غزوة الأحزاب » وأن أعداء الإسلام كانت 
)١(‏ انظر صحيح مسلم ۸۹/۲ ويقال : إن هذه السرية كانت سنة سبع . 

3 هذا هو الذي كان قد أغار على سرح المدينة قبل بدر في غزوة سفوان ثم أسلم وقتل شهيداً يوم فتح مكة . 
(۳) زاد المعاد ١77/9‏ . 
)٤(‏ صحيح البخاري ٠١7/7‏ . 

6 - 


معنوياتهم في انيار متواصل » ولم يكن بقي لهم أمل في نجاح كسر الدعوة الإسلامية وخضد 
شوكتها.» إلا أن هذا التطور ظهر جلياً بصلح الحديبية » فلم تكن الهدنة إلا الاعتراف بقوة 
الإسلام » والتسجيل على بقائها في ربوع الجزيرة العربية . 


- 1 - 


وقعة الحدييبية 
(ق ذي المعدة سنة ٦‏ هے) 

سبب عمرة الحديبية: 

ولا تقدم التطور ف الدزيرة العربية إلى حول كبر ا ( أخزيت طلائع الفتح 
الأعظم وتجاح الدعوة الاسلامية بدو شيعأ فشيكا 4 وبدات المهيدات لاقرار حق المسلمين ن 
أداء عبادتهم في المسجد الحرام » الذي كان قد صد عنه المشركون منذ ستة أعوام . 

أري رسول الله مَك في المنام وهو بالمدينة + أنه دخخل هو وأضحاية المسجد الخرام »أذ 
مفتاح الكعبة » وطافوا واعتمروا » وحلق بعضهم وقصر بعضهم » فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا . 
وحسبوا أ: نهم داخلو مكة عامهم ذلك . وأخبر أصحابه أنه معتمر فتجهزوا للسفر . 


استنفار المسلمين: 

واستنفر العرب ومن حوله من البوادي ليخرجوا معه » فأبطأ كثير من الأعراب » وغسل 
ثيابه » وركب ناقته القصواء . واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم أو نميلة الليثي » وخرج منها يوم 
الإثنين غرة ذي القعدة سنة 5ه » ومعه زوجته أم سلمة » في ألف وأربعمائة » ويقال ألف 


المسلمون يتحركون إلى مكة: 
وتحرك في اتجاه مكة » فلما كان بذي الحليفة قلد الهدي وأشعره » وأحرم بالعمرة » ليأمن 
الناس من حربه » وبعث بین يديه عينا له من خزاعة يخيره عن قريش » حتى إذا كان قريباً من 
عسفان أتاه عينه » فقال : إفي تركت كعب بن لوؤي قد جمعوا لك الأحابيش » وجمعوا لك 
جموعا وهم مقاتلوك . وصادوك عن البيت . واستشار النبي عه أصحابه وقال : « أترون نميل 
f V-‏ 


إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم ؟ فإن قعدوا قعدوا موتورين محزونين » وإن نجوا يكن 
عنق قطعها الله » أم تريدون أن نوم هذا البيت فمن صدنا عنه قاتلناه » ؟ فقال أبو بكر : الله 
ورسوله أعلم » إنما جئنا معتمرين » لم نجىء لقتال أحد » ولكن من حال بيننا وبين البيت 
قاتلناه » فقال النبي عي : « فزوحوا » فراحوا » . 


محاولة قريش صد المسلمين عن البيت: 

) وكانت قريش لما سمعت روج النبي ل عقدت مجلساً استشارياً » قررت فيه صد 
امسلمين عن البيت كيفما يمكن ؛ فبعد أن أعرض رسول الله ع عن الأحابيش » نقل إليه 
رجل من بني كعب أن قريشا نازلة بذي طوى » وأن مائتي فارس في قيادة خالد ؛ بن الوليد مرابطة 
بكراخ الغميم » في الطريق الرئيسي الذي يوصل إلى مكة . وقد حاول خالد صد المسلمين » فقام 
بفرسانه إزاءهم يترااى الجيشان » ورأى خالد المسلمين في صلاة الظهر يركعون ويسجدون 
فقال : لقد كانوا على غرة » لو كنا حملنا عليهم لأصبنا منهم » ثم قرر أن يميل على المسلمين 
- وهم في صلاة العصر - ميلة واحدة » ولكن الله أنزل حكم صلاة الخوف » ففاتت الفرصة 
خالدا . 


58 الطريق 3-9 الاحتناب عن اللقاء الدامي: 


البو وي و مادو السب وجي 
يفضي إلى الحرم مارا بالتنعيم » تركه إلى اليسار » فلما رأى خالد قترة الجيش الإسلامي قد خالفوا 
عن طريقه انطلق يركض نذيرا لقريش ظ 

وسار رسول الله عه » حتى إذا كان بثنية المرار بركت راحلته » فقال الناس : حل حل » 
فأ لحت » فقالوا : خلأت القصواء » خلأت القصواء ‏ فقال النبي ره : « ما خخلأت القصواء 
وما ذاك ها بخلق » ولكن حبسها حابس الفيل » » ثم قال : « والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة 
يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها » » ثم زجرها فوثبت به » فعدل حتى نزل بأقصى 


FFA 


الحديبية » على مد قليل الماء » إنما يتبرضه”" الناس تبرضا » فلم يلبث أن نزحوه » فشكوا إلى 
رسول الله عَم العطش » فانتزع سهماً من كنانته » ثم أمرهم أن يجعلوه فيه » فوالله ما اقيق 
هم بالري حتى صدروا . 


بديل يتوسط بين رسول الله بي وقريش: 

ولا اطمان رسول الله عي جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة » وكانت خزاعة 
عيبة“ نصح لرسول الله عه من أهل تهامة » فقال : إني تركت كعب بن لوؤي » نزلوا أعداد 
مياه الحديبية › معهم العوذ المطافيإ © › وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت . قال 
رسول الله ع : « إنا لم نجىء لقتال أحد » ولكن جئنا معتمرين » وإن قريشاً قد أنبكتهم 
ا حرب وأضرت بهم » فإن شاعءوا ماددء هم » ولوا بيني وبين الناس » وإن شاعوا أن يدخلوا فيا 
دخل فيه الناس فعلوا » وإلا فقد جموا ‏ وإن أبوا إلا القتال فوالذدي ی يلاه اتانيه كل 
أمري هذا حتى تنفرد سالفتي » أو لينفذن الله أمره . 

قال بديل : سأبلغهم ما تقول » فانطلق حتى أنى قريشاً : إن قد جئتكم من عند هذا 
الرجل » وبمعته يقول قولاً » فإن شكتم عرضته عليكم . فقال سفهاؤهم : لا حاجة لنا أن تحدثنا 
عنه بشيء . وقال ذو الرأي منهم هات ما سمعته . قال : “ممعته يقول كذا وكذا » فبعثت قريش 
مكرز بن حفص » فلما راه رسول الله عَم قال : هذا رجل غادر » فلما جاء وتكلم قال له مثل 
ما قال لبديل وأصحابه » فرجع إلى قريش وأخبرهم . 


رسل قريش: 

م قال رجل من كنانة ‏ امه الحليس بن علقمة - : دعوني انه . فقالوا : آنه . فلما 
أشرف على النبي .عي وأصحابه قال رسول الله ع هذا فلان » وهو من قوم يعظمون البدن » 
فابعثوها » فبعثوها له , واستقبله القوم يلبون » فلما رأى ذلك . قال : سبحان الله ما ينبغي و لاء 





. شد : حوض‎ )١( 

(۲) يتيرض : يأخذ منه القليل . 

(9) عيبة نصح الرجل : موضع سره . 

(4) استعار العوذ المطافيل للنساء مع أولادهن » والعوذ : الإبل حديثة النتاج » والمطافيل : التي معها أولادها . 
AM‏ 


أن. يصدوا عن البيت » فرجع إلى أصحابه فقال : رأيت البدن قد قلدت وأشعرت » وما أرى أن 
يصدوا » وجرى بینه وبين قريش كلام أحفظه . ظ 

فقال عروة بن مسعود الثقفي : إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها » ودعوني اته 
فقالوا : انه » فاتاه » فجعل يكلمه » فقال له النبي عه نحوا من قوله لبديل » فقال له عروة عند 
ذلك : أي محمد » أرأيت لو استأصلت قومك . هل معت بأحد من العرب اجتاح أهله 
قبلك » وإن تكن الأخرى فوالله إني لأرى وجوهاً » وأرى أوباشاً من الناس خلقاً أن يفروا 
ويدعوك » فقال له أبو بكر : امصص بظر اللات » أنحن نفر عنه » ؟ قال : من ذا ؟ قالوا : أبو 
بكر » قال : أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت عندي لم أجزك بها لأجبتك . وجعل يكلم 
النبي ره » وكلما كلمه أخذ بلحيته » والمغيرة بن شعبة عند رأس النبي عي ومعه السيف 
وعليه المغفر » فكلما أهوى عروة إلى لحية النبي عله ضرب يده بنعل السيف » وقال : أخر 
يدك عن لحية رسول الله عه فرفع عروة رأسه وقال : من ذا ؟ قالوا : المغيرة بن شعبة » فقال : 
أي غدر » أو لست أسعى في غدرتك ؟ وكان المغيرة صحب قوماً في الجاهلية فقتلهم › وأخذ 
أموالهم » ثم جاء فأسلم » فقال النبي عه : أما الإسلام فأقبل » وأما المال فلست منه في شيء 
( وكان المغيرة ابن أخي عروة ) . 

ثم إن عروة جعل يمرق أصحاب رسيل الله عه وعلاقتهم به » فرجع إلى أصحابه » فقال : 
أي قوم والله لقد وفدت على الملوك » على قيصر وكسرى والنجاشي » والله ما رأيت ملكأ يعظمه 
أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا » والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم › 
فدلك بها وجهه وجلده » وإذا أمرهم ابتدروا أمره » وإذا توضا كادوا يقتتلون على وضرئه » وإذا 
تكلم خفضوا أصواتهم عنده » وما يحدون إليه النظر تعظيا له » وقد عرض عليكم خطة رشد 
فاقبلوها . ظ ظ 
هو الذي كف أيديهم عنكم: 

ولا رأى شباب قريش الطائشون » الطامحون إلى الحرب » رغبة زعمائهم في الصلح › فكروا 
في خخطة تحول بينهم وبين الصلح » فقرروا أن يخرجوا ليلا ويتسللوا إلى معسكر المسلمين » ويحدثوا 
أحداثاً تشعل نار الحرب » وفعلاً قد قاموا بتنفيذ هذا القرار » فقد حرج سبعون أو ثمانون منهم 


758٠ - 


ليلا فهبطوا من جبل التنعيم » وحاولوا التسلل إلى معسكر المسلمين > غير أن محمد بن مسلمة قائد 
الحرس اعتقلهم جميعا. ورغبة في الصلح أطلق سراحهم E EEE‏ 
لله « وار ی کف ایهم عدي يديك عنم سل مأ د بعْدٍ أن أظفركم عليه 


.)55:54( 


عثمان بن عفان سفيرا إلى قريش: 

وحينئذ أراد رسول الله عه أن يبعث سفيراً يؤكد لدی قريش موقفه وهدفه من هذا 
السفر » فدعا عمر , بن المخطاب ليرسله إلمهم » فاعتذر قائلا : يا رسول الله ليس لي بمكة أحد من 
بني كعب يغضب ل إن أوذيت » فأرسل عڻان بن عفان » فإن عشيرته بها » وإنه مبلغ 
ما أردت » فدعاه » وأرسله إلى قريش » وقال : أخبرهم أنا لم نأت لقتال » وإِغا جثنا عماراً , 
وادعهم إلى الإسلام . وأمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين » ونساء مؤمنات » فيبشرهم بالفتح › 
ويخبرهم أن الله عز وجل مظهر دينه بمكة » حتى لا يستخفي فيها أحد بالإيمان . 

فانطلق عهان حتى مر على قريش ببلدح » فقالوا : أين تريد ؟ فقال : بعثني رسول الله عه 
كذا وكذا » قالوا : قد معنا ما تقول » فانفذ لحاجتك » وقام إليه أبان بن سعيد بن العاص » 
فرحب به ثم أسرج فرسه » فحمل عفان على الفرس » وأجاره وأردفه حتى جاء مكة » وبلغ الرسالة 
إلى زعماء قريش . فلما فرغ عرضوا عليه أن يطوف بالبيت ‏ لكنه رفض هذا العرض » وای أن 
يطوف حتى يطوف رسول الله عي . 


إشاعة مقتل عثمان وبيعة الرضوان: 

واحتبسته قريش عندها - ولعلهم أرادوا أن يتشاوروا فيا بينهم في الوضع الراهن › وييرموا 
أمرهم » ثم يردوا عنهان بجواب ما جاء به من الرسالة ‏ وطال الإحتباس » فشاع بين المسلمين أن 
عئان قتل » فقال رسول الله عي لما بلغته تلك الاشاعة : لا نبرح حتى نناجز القوم » ثم دعا 
أصحابه إلى البيعة » فثاروا إليه يبايعونه على أن لا يفروا » وبايعته جماعة على الموت » وأول من ٠‏ 
بايعه أبو سنان الأسدي » وبايعه سلمة بن الأكوع على الموت ثلاث مرات » في أول الناس 
ووسطهم واخرهم » وأخذ رسول الله ميت بيد نفسه وقال : هذه عن عثان » ولا تمت البيعة جاء 


7551 - 


عثهان فبايعه » ولم يتخلف عن هذه البيعة إلا رجل من المنافقين يقال له جد بن قيس . 

أذ رسول الل تله هذه اليعة تحت شجرة » وكان عمر آخذا بيده » ومعقل بن يسار 
اخذا بغصن الشجرة يرفعه عن رسول الله عله » وهذه هي بيعة الرضوان التي أنزل الله فيها 
ولتد رضت دعن الشؤي ويب ؤي ينولك کال ) الآية )١18 : ٤۸(‏ . 


إبرام الصلح وبنوده: 

وعرفت قريش حراجة الموقف » فأسرعت إلى بعث سيل بن عمرو لعقد الصلح » وأكدت 
له أن لا يكون في الصلح إلا أن يرجع عنا عامه هذا » لا تتحدث العرب عنا أنه دخلها علينا 
عنوة أبدأ . فأتاه سبيل بن عمرو » فلما رآه عليه السلام قال : قد سهل لكم أمرم » أراد القوم 
الصلح حين بعثوا هذا الرجل » فجاء سهيل فتكلم طويلاً , * م اتفقا على قواعد الصلح وهي 
هذه : ) 

لب الول - ع - يرجع من عامه » فلا يدخحل مكة وإذا كان العام القابل دخلها 
المسلمون فأقاموا بها ثلاثا » معهم سلاح الراكب » السيوف في القرب » ولا تتعرض قريش لهم 
بأي نوع من أنواع التعرض . 

۲ - وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين » يأمن فيها الناس » ويكف بعضهم عن بعض . 

؟ - من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه » ومن أحب أن يدخل في عقد 
قريش وعهدهم دخل فيه » وتعتير القبيلة التي ت تضم إلى أي الفريقين جزم من ذلك الفريق » قأي 
عدوان تتعرض له أي من هذه القبائل يعتبر عدواناً على ذلك الفريق . 

3 جن أل عب من زوق عي اراد ويه أي لا ميم اکا چو با 
قريشاً من مع محمد - أي هارباً منه ‏ ل يرد عليه . ظ 

ا لي ا ا 
بجي ايو ادباو : لو نعلم أك رسول الله ما صددناك عن 
لبي ل حي مرو ري برك ال : إني رسول الله وإن كذبتموني ‏ 


TE 


وأمر علياً أن يكتب محمد بن عبد الله » ويمحو لفظ رسول الله » فأبى على أن يمحو هذا اللفظ ‏ 
فمحاه عه بيده » ثم تمت كتابة الصحيفة » ولا تم الصلح دخلت خزاعة في عهد 
رسول الله عه - وكانوا حليف بني هاشم منذ عهد عبد المطلب كا قدمنا في أوائل المقالة › 
فكان دخوهم في هذا العهد ؛ تأكيداً لذلك الحلف القديم - ودخلت بنو بكر في عهد قريش . 


رد أبي جندل: 

وبينا الكتاب يكتب إذ جاء أبو جندل بن سهيل يرسف في قيوده » قد خرج من أسفل مكة 
حتى رمى بنفسه بين ظهور المسلمين » فقال سيل : هذا أول ما أقاضيك عليه على أن ترده . 
فقال النبي عله : إنا لم نقض الكتاب بعد . فقال : فوالله إذاً لا أقاضيك على شيء أبدا . فقال 
النبي عي فأجزه لي . قال : ما أنا بمجيزه لك . قال : بلى فافعل » قال : ما أنا بفاعل . وقد 
ضرب سهيل أبا جندل في وجهه » وأخذ بتلابيبه وجره ؛ ليرده إلى المشركين » وجعل أبو جندل 
يصرخ بأعلى صوته : يا معشر المسلمين أأردٌ إلى المشركين يفتنوني في ديني ؟ فقال 
رسول الله عل : يا أبا جندل اصبر واحتسب » فإن الله جاعل لك ومن معك من المستضعفين 
فرجاً ومخرجاً » إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحاً » وأعطيناهم على ذلك » وأعطونا عهد الله فلا 
نغدر بهم . 

فوثب عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع ألي جندل يمشي إلى جنبه ويقول : اصبر يا أبا 
جندل » فإنما هم المشركون » وإنما دم أحدهم دم كلب » ويدني قائم السيف منه » يقول عمر : 
رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه » فضن الرجل بأبيه » ونفذت القضية . 


النحر والحلق للحل عن العمرة: 

ولا فرغ رسول الله عله من قضية الكتاب قال : قوموا » فانحروا » فوالله ما قام منهم أحد 
حتى قال ثلاث مرات » فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة » فذكر لها ما لقي من 
الناس » فقالت : يا رسول الله أتحب ذلك ؟ اخرج » ثم لا تكلم أحدا كلمة حتى تنحر بدنك » 
وتدعو حالقك فيحلقك » فقام فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك » نحر بدنه » ودعا 
حالقه فحلقه » فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا » وجعل بعضهم يحلق بعضاء حتى كاد 


- r - 


بعضهم يقتل بعضاً غما » وكانوا نحروا البدنة عن سبعة » والبقرة عن سبعة » ونحر رسول الله عل 
جملاً كان لأني جهل > كان في أنفه برة من فضة . ليغيظ به المشركين ٠‏ ودعا رسول الله ع 
للمحلقين ثلاثاً بالمغفرة وللمقصرين مرة وفي هذا السفر أنزل الله فدية الأذى لمن حاق رأسه 
| بالصيام » أو الصدقة » أو النسك في شأن كعب بن عجرة . 


الاباء عن رد المهاجرات 

ثم جاء نسوة مؤمنات فسأل أولياؤهن أن يردهن عليهم بالعهد الذي تم في الحديبية » فرفض 
طلبهم هذا » بدليل أن الكلمة التي كتبت في المعاهدة بصدد هذا البند هي : ( وعلى أنه لا ياتيك 

منا رجل » وإن كان على دينك إلا رددته علينا )'“ فلم تدخل النساء ي العقد رأساً . وأنزل الله 
في ذلك کا این اموا اجا س امز متت مهت انحو حتى بلغ غ بعصم بعصم 
الک از) » فكان رسول الله ع يمتحنهن بقوله تعالى اا الى إذاجاء NAE‏ بايعتك 
لكأن لامش رك باه سا إل » فمن أقرت بهذه الشروط قال لها : قد بايعتك . ثم 1 یکن 

يردهن . 

وطلق المسلمون زوجاتهم الكافرات بهذا الحكم . فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في 
الشرك . تزوج بإحداهما معاوية › وبالأخرى صفوان بن أمية . 
ماذا يتمخض عن بنود المعاهدة: 

هذه هي هدنة الحديبية » ومن سبر أغوار بنودها مع خلفياتها لا يشك أنها فتح عظم 
للمسلمين » فقريش ل تكن تعترف بالمسلمين أي اعتراف » بل كانت تهدف استعصال 
شأفتهم » وتنتظر أن. تشہد يومأ ما نايتهم » وكانت تحاول بأقصى قوتها الحيلولة بين الدعوة 
الاسلامية » وبين الناس > بصفتها ممثلة الزعامة الدينية والصدارة الدنيوية في جزيرة العرب ١‏ ومجرد 
الجنوح إلى الصلح اعتراف بقوة المسلمين » وأن قريشا لا تقدر على مقاومتهم . ثم البند الثالث 
يدل لفحواه على أن قريشاً نسيت صدارتها الدنيوية وزعامتها الدينية » وأنها لاتهمها الآن إلا 
نفسہا » أما سائر الناس وبقية جزيرة العرب فلو دخلت في الاسلام بأجمغها » فلا يهم ذلك 
لعفف سم 1 ل بأي نوع من أنواع التدخل . أليس هذا فشلاً ذريعاً بالنسبة إلى 

- 55 


ب ؟ وشحاً مبينأ بالنسبة إلى المسلمين ؟ إن الحروب الدامية التي جرت بين المسلمين وبين 

عدائهم لم تكن أهدافها - بالنسبة إلى المسلمين - مصادرة الأموال وإبادة الأرواح » وإفناء 
0-6 إكراه العدو على اعتناق الاسلام » وإغا كان الهدف الوحيد الذي يهدفه المسلمون من 
هذه الحروب هو الحرية الكاملة للناس في العقيدة والدين #8 فمن شَاء فلمُؤمِن ومن شََ 
خ4 . لا يحول بينهم وبين ما يريدون أي قوة من القوات , وقد حصل هذا الهدف بجميع 
أجزائه ولوازمه » وبطريق ربما لا يحصل بمثله في الحروب مع الفتح المبين » وقد كسب المسلمون 
لأجل هذه الحرية نجاحاً كبيراً في الدعوة ‏ فبينا كان عدد المسلمين لا يزيد على ثلاثة آلاف فبل 
الهدنة ؛ صار عدد الجيش الإسلامي في سنتين عند فتح مكة عشرة الاف . 


أما البند الثاني ؛ فهو جزء ثان لهذا الفمح المبين » فالمسلمون لم يكونوا بادئين بالحروب » 
ونما بدأتها فريك يفول الله ال «وهم کد وڪ أبَكَ_مَرَرَ 4 أما المسلمونفلم 
يكن المقصود من دورياتهم العسكرية إلا أن تفيق قريش عن غطرستها » وصدها عن سبيل الله 
وتعمل معهم بالمساواة » كل من الفريقين يعمل على شاكلته فالعقد بوضع الحرب عشر 
سنون حد لهذه الغطرسة والصد » ودليل على فشل من بدأ الحرب وضعفه واتهياره . 

ما البند الأول ؛ فهو حد لصد قريش عن المسجد الحرام ‏ فهو أيضاً فشل لقريش » وليس 
فيه ما يشفي قريشأً سوى أنها نجحت في الصد لذلك العام الواحد فقط . 

أعطت قريش هذه الخلال الثلاث للمسلمين » وحصلت ارح اج بن ردي 
ما في البند الرابع ؛ ولكن تلك الخلة تافهة جدا » ليس فيها شيء يضر بالمسلمين ؛ فمعلوم أن 
المسلم ما دام مسلما لا يفر عن الله ورسوله » وعن مدينة الإسلام » ولا يفر إلا إذا ارتد عن 
الاسلام ظاهرا أو باطنا » فإذا ارتد فلا حاجة إليه للمسلمين » وانفصاله من امجتمع الي 
خير من بقائه فيه » وهذا الذي أشار إليه رسول الله عه بقوله : إنه من ذهب منا إليهم فأبعده 
لله“ » وأما من أسلم من أهل مكة - فهو وإن لم يبق للجوئه إلى المدينة سبيل - لكن أرض الله 
و م نكن اھ ر امان سينا یکی يدرف أمل الدج عن ااا هين 
وهذا الذي أشار إليه النبي عر بقوله « ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجا ومحرجا ل" 


1( صحيح مسلم باب صلح الحديبية 1.0/۲ 
(۲) نفس المصدر . 





2:0 لان 


والأخذ بمثل هذا الاحتفاظ » وإن كان مظهر الاعتزاز لقريش » لكنه في الحقيقة ينبىء عن 
شدة انزعاج قريش وهلعهم وخورهم » وعن شدة خوفهم على كيانهم الوثني » وكأمهم كانوا قد 
أحسوا أن كيانهم اليوم على شفا جرف هار » لا بد له من الأخذ بمثل هذا الاحتفاظ ٠‏ وما سمح 
به البى مله من أنه لا يسترد من فر إلى قريش من المسلمين > فليس هذا إلا دليلاً على أنه 
يعتمد على تثبيت كيانه وقوته كال الاعتاد » ولا يخاف عليه من مثل هذا الشرط . 


حزن المسلمين ومناقشة عمر مع النبي - مي -: 

هذه هي حقيقة بنود هذه المدنة » لكن هناك ظاهرتان عمت لأجلهما المسلمين كابة 
وحزن شديد » الأولى : أنه كان قد أخبرهم أنا سنأتي البيت فنطوف به » فماله يرجع ولم يطف 
به ؟ الغانية : أنه رسول الله عه وعلى الحق » والله وعد إظهار دينه » فماله قبل ضغط قريش ؛ 
وأعطي الدنية في الصلح ؟ كانت هاتان الظاهرتان مثار الريب والشكوك والوساوس والظنون . 
وصارت مشاعر المسلمين لأجلهما جريحة » بحيث غلب الهم والحزن على التفكير في عواقب بنود 
الصلح . ولعل أعظمهم حزناً كان عمر بن الخطاب » فقد جاء إلى النبي عي وقال : يا رسول 
الله ألسنا على حق وهم على باطل ؟ قال : بلى . قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ 
قال : بلى . قال : ففيم نعطى الدنية في ديننا » ونرجع ولا يحكم الله بيننا وبينهم ؟ قال : يا ابن 
الطاب إل :رسول الله ولت أعصيه :وهو اتاضري »© ولن يضيعق أبدا . قال + أو ليس كدت 
تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال : بلى » فأخبرتك أنا ناتيه العام ؟ قال : لا . قال : فإنك 
اتيه ومطوف به . 

م انطلق عمر متغيظاً فأ أبا بكر » قال له کا قال لرسول الله كه » ورد عليه أبو بكر ء 
کرد عليه رسول الل م سواء » وزد : فاستمسك بغرزه حتى توت » فوالله إنه لعلى الحق . 

ثم نزلت ل إتافتحتالك سَحَامْبِيئًا € إلخ فارسل رسول الله إلى عمر فأقرأه إياه » فقال : 
يا رسول الله أو فتح هو ؟ قال : : نعم . فطابت نفسه ورجع . ٠‏ 

ثم ندم عمر على ما فرط منه ندم شديداً . قال عمر : فعملت لذلك أعمالا » مازلت 
أتصدق وأصوم وأصلى وأعتق من الذي صنعت يومئذ » مخافة كلامي الذي تكلمت به » حتى 


ا 


رجوت أن يكون يرا(" . 


انحلت أزمة المستضعفين: 

ولا رجع رسول الله عه إلى المدينة » واطمأن بها انفلت رجل من المسلمين » تمن كان 
يعذب من مكة » وهو أبو بصير رجل من ثقيف حليف لقريش » فأرسلوا في طلبه رجلين وقالوا 
لنبي عله العهد الذي جعلت لناء فدفعه النبي عَْكه إلى الرجلين ‏ » فخرجا به حتى باغا ذا 
الحليفة » فتزلوا يأكلون من تمر لهم » فقال أبو بصير لأحد الرجلين : والله إني لأرى سيفك هذا 
يا فلان جيدا . فاستله الآخر » فقال : أجل . والله إنه لجيد » لقد جربت به ثم جربت . فقال 
أبو بصير : أرني أنظر إليه » فأمكنه منه » فضربه حتى برد . 

وفر الآخر حتى أنى المدينة » فدخل المسجد يعدو » فقال رسول الله عله حين راه : لقد 
رأى هذا ذعرأ » فلما انتهى إلى النبي عله قال : قتل صاحبي » وإفي لمقتول » فجاء أبو بصير 
وقال : يا نبي الله » قد والله أوفى الله ذمتك » قد رددتني إليهم . ثم أنجاني الله منهم » قال رسول 
الله : ويل أمه » مسعر حرب لو كان له أحد » فلما مع ذلك عرف أنه سيرده إلههم » فخرج 
حتى اتی سيف البحر » وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل » فلحق بأبي بصير » فجعل لا يخرج 
من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير » حتى اجتمعت منهم عصابة . فوالله ما يسمعون 
بعير حرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها » فقتلوهم وأخذوا أموالهم . فأرسلت قريش إلى 
ابي تله تناشده الله والرحم لما أرسل > فمن أتاه فهو امن » فأرسل النبي عه إلييم » فقدموا 
عليه المدينة" . 
إسلام أبطال من قريش: 


وي أوائل سنة ۷ من الهجرة بعد هذه الهدنة أسلم عمرو بن العاص وخالد بن الوليد 


» ۳۷۹ ۰۳۷۸/۱ إلى 458 » صحيح البخاري‎ ٤۳۹/۷ انظر لتفصيل هذه الغزوة والهدنة » فتح الباري‎ )١( 
۳۰۸/۲ ء ابن هشام‎ ٠١501١8 0110/1 صحيح مسلم‎ ۰ ۷۱۷ ۰۰ . COAAÎY TAY لمك‎ 
عفر ميرة ابول شيخ عبد‎ ۷ TE TFT Jl 
. 1١ › تاریخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص۳۹‎ ۰ 5٠6 إلى‎ ٠ الله النجدي ص"‎ 

(۲) المصادر السابقة . 


- ۳V - 


(0) 


وعثهان بن طلحة » ولا حضروا عند النبي عه قال : إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدهاا“ . 


اختلفوا كثيرا في تعيين السنة التي أسلم فيها هؤلاء الصحابة » وعامة كتب أسماء الرجال تصرح أمها سنة هان ء 
ولكن قصة إسلام عمرو بن العاص عند النجاشي معروفة » وأسلم خالد وعثان بن طلحة حين رجع عمرو بن 
العاص من الحبشة فإنه بعد الرجوع قصد المدينة فلقياه في الطريق » وحضر الثلاثة عند النبي عه وأسلموا 
وهذا يقتضي أنهم أسلموا في أوائل سنة سبع . والله أعلم . 

- TEA- 


المرحلة الثانية 
طور جديد 


إن هدنة الحديبية كانت بداية طور جديد في حياة الاسلام » والمسلمين » فقد كانت قريش 
أقوى قوة وأعندها وألدها في عداء الاسلام » وبانسحابها عن ميدان الحرب إلى رحاب الأمن 
والسلام » انكسر أقوى جناح من أجنحة الأحزاب الثلاثة - قريش وغطفان واليهود - ولا كانت 
قريش ممثلة للوثنية وزعيمتها في ربوع جزيرةالعرب , انخفضت حدة مشاعر الوثنيين » وانہارت 
نزعاتها العدائية إلى حد كبير » ولذلك لا نرى لغطفان استفزازا كبيرا بعد هذه الهدنة » وجل 
ما جاء منهم إنما جاء من قبل إغراء اليهود . 

أما الممود فقد كانوا جعلوا خيبر بعد جلائهم عن يثرب وكرا للدس والتتامر . كانت 
شياطينهم تبيض هناك وتفرخ » وتؤجج نار الفتنة » وتغري الأعراب الضاربة حول المدينة » 
وتبيت للقضاء على النبي عي والمسلمين . أو لالحاق الخسائر الفادحة بهم : ولذلك كان أول 
إقدام حاسم من النبي عي بعد الهدنة هو شن الحرب الفاصلة على هذا الوكر . 

ولكن هذه المرحلة التي بدات بعد المذنة أعطت للمسلمين فرصة كبيرة » لنشر الدعوة 
الإسلامية وإبلاغها » وقد تضاعف نشاط المسلمين في هذا المجال » وبرز نشاطهم في هذا الوجه 
على نشاطهم العسكري . ولذلك نرى أن نقسم هذه المرحلة على قسمين : 

. النشاط في محال الدعوة » أو مكاتبة الملوك والأمراء‎ )١( 

(۲) النشاط العسكري 

وقبل أن نتابع النشاط العسكري في هذه المرحلة » نتناول موضوع مكاتبة الملوك والأمراء » 
إذ الدعوة الاسلامية هي المقدم طبع » بل ذلك هو الهدف الذي عانى له المسلمون ما عانوه من 
المصائب والالام » والحروب والفتن › والقلاقل والاضطرابات . 

- 5484 - 


مكاتبة الملوك والأمراء 


في أواخر السنة السادسة حين رجع رسول الله عي من الحديبية كتب إلى الملوك يدعوهم 
إلى الاسلام . 
جا ع ا سم لا يلون إلا عات 
هذا النقش ثلائة أسطر ا 7 E‏ > هكذا : 
الله 
و 
| عمد 
فوري أن النبي عله دا اله ى الحا ا ا 
بأيام”'2 . وفيا يلي نصوص هذه الكتب » وبعض ما تمخضت عنه . 
.١‏ الكتاب إلى النجاشى ملك الحبشة: 
وهذا النجاشي امه أصحمة بن الاجر > كتب إليه النبي عي مع عمرو بن أمية الضمري 
لس 1 ئي الحرم سنة سي من الهجرة ار الا ا 00 
ا الس عا ايدان 
(۱) صحيح صحيد البخاري ۸۷۲/۲ ١‏ ۸۷۳ . 
0( رحمة للعالمين ١/5‏ . 


70:4 دن 


فقد ورد في آخر الكتاب ذكر هؤلاء المهاجرين بهذا اللفظ ( وقد بعثت إليكم ابن عمي جعفراً 
ومعه نفر من المسلمين » فإذا جاءك فأقرهم ودع التجبر ) . 

وروی البيبقي عن ابن إسحاق نص كتاب كتبه النبي عه إلى النجاشي وهو هذا : هذا 
كتاب من محمد التبي إلى النجا؛ شي الأصحم عظم الحبشة ¿ > سلام على من اتبع الهدى » وامن 
بالله ورسوله , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له » ٠‏ م يتخذ صاحبة ولا ولد . وأن محمدا 


عبده ورسوله ‏ وأدعوك بدعاية الإسلام »فإني أنا رسوله فأسلم تسلم ٠‏ #قل يتاه لالكتي تاوا 
إل ڪلم رسوا م بَيْمَسَا فیک لای رار يه يتا ولایس خد بعض مضا 
باصن وناك إن توأ مولو أش هد اياناس يمور 4 فإن أبيت فإن عليك إم 
النصاري من قومك . 

وقد أورد المحقق الكبير الد كتور حميد الله ( باريس ) نص كتاب قد عار عليه في الماضي 
القريب و أورده ابن الق مع الاختلاف في كلمة فقط ‏ وبذل الدكتور في تحقيق ذلك 
النص جهدا بليغا واستعان في ذلك كثيرا باكتشافات العصر الحديث » وأورد صورته في الكتاب 
وهو هكذا . 


بسم الله الرحمن الرحم 

من محمد رسول الله إلى النجاشي عظم الحبشة » سلام على من اتبع اهدي » أما بعد فإني 
أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن © وأشيد أن عيسى ابن 
مريم روح الله وكلمته + ألقاها إلى :مرق الغول:الطاجة اللنصية ات م اهن روج ق 
كا خلق ادم بيده » وإني أدعو إلى الله وحده لا شريك له ء والموالاة ة على طاعته » وأن تتبعني » 
وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله عه » وإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل » وقد بلغت 
ونصحت » فاقبل نصيحتي » والسلام على من اتبع الهدى . 

وأكد الدكتور امحترم أن هذا هو نص الكتاب الذي كتبه النبي عه إلى النجاشي بعد 
الحديبية » أما.صحة هذا النص فلا شك فيها بعد النظر في الدلائل » وأما أن هذا الكتاب هو 
الذي كتب بعد الحديبية فلا دليل عليه » والذي أورده البييقي عن ابن إسحاق أشبه بالكتب التي 


)01( انظر رسول أكرم كي سيامبي زند كي ( بالأردو » ص۸ ToC ١125:3565:‏ يولي 
زاد المعاد : أسلم أنت بدل والسلام على من اتبع الهداى . انظر زاد المعاد ٠١/۳‏ . 


62ت 


كتبها النبي عه إلى فرك وأمراء النصاري بعد الحديبية » فإن فيه الآية الكرعة : « اهل 
الكت الول حلم لِمَمِ # إلخ م كان دأبه في تلك الكتب > وقد ورد فيه اسم الأصحمة 
صريحا » وأما النص الذي أورده الدكتور حميد الله » فالأغلب عندي أنه نص الكتاب الذي كتبه 
النبي عي بعد موت أصحمة إلى خليفته » ولعل هذا هو السبب في ترك الاسم . 

- وهذا الترتيب ليس عندي عليه دليل قطعي سوى الشبادات الداخلية التي تؤديها نصوص 

هذه الكتب . والعجب من الدكتور حميد الله أنه جزم أن النص الذي أورده البييقي عن | 
عباش هو نص الكتاب الذي كتبه النبي يه بعد موت أصحمة إلى خليفته مع أن اسم أصحمة 
وارد في هذا النص صريحا والعلم عند الله“ . 

ولا بلغ عمرو بن أمية الضمري كتاب النبي عه إلى النجاشي أخذه النجاشي » ووضعه 
على عينه ونزل عن سريره على الأرض » وأسلم على يد جعفر بن أني طالب . وكتب إلى 
النبي عله بذلك › وهاك نصه . 

٠‏ بسم الله الرحمن الرحم 

إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله 

وبركاته » والله الذي لا إله إلا هو . أما بعد : 


فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيا ذكرت من أمر عيسى » فورب السماء والأرض » إن 
عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا » إنه کا قلت » وقد عرفنا ما بعشت بها إلينا » وقد قرينا ابن 
عمك وأصحابك فأشهد أنك رسول الله صادقاً مصدقا وقد بايعتك » وبايعت ابن عمك » 
وأسلمت على يديه لله رب العا مين . ظ 


ركان النبي عه قد طلب من النجاشي أن نرسل جعفراً ومن معه من مهاجري الحبشة › 
فأرسلهم في سفينتين مع عمرو بن أمية الضمري » فقدم بهم على النبي عي وهو بخيبر("» . توفي 
النجاشي هذا في رجب سنة تسع من الهجرة بعد تبوك » ونعاه النبي عه يوم وفاته » وصلى عليه 
)1غ( انظر هذه المباحث كتاب الدكتور حميد الله « رسوم أكرم كي سياسي زندكي » ص۸ ٠‏ » إلى ١١5‏ ومن 

۱ إلى ۱۳١‏ . 
(۲) زاد المعاد ٦1/۳‏ . 
(۳) ابن هشام ۳۰۹/۲ . 


7052 


صلاة الغائب . ولا مات وتخلف على عرشه ملك آخر كتب إليه النبي عي كتابا اخر 
ولا يدرى هل أسلم أم لا 04 . 


وكتب النبي عله إلى جر بن متى”" . الملقب بالمقوقس ملك مصر والاسكندرية : ١‏ بس 
الله الرحمن ن الرحم » من محمد عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظم القبط . سلام على من اتبع 
المدى » أما بعد » فإني أدعوك بدعاية الإسلام » أسلم تسلم » وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين . 
فإن توليت فإن عليك إثم أهل القبط. «إيتأهلالكتب تا تیا وا حكلمة سوام بیت تا وښ 

o . >‏ سرح راع ل رمه 2 م 

نمالا اه و اشر بویا ولا خد بس ایتا أي ين طون اه فإن ولوا 
فَقولواً ات ھدوا انا شیو 4 . 

واختار لحمل هذا الكتاب حاطب بن ألي بلتعة . فلما دحل حاطب على المقوقس قال له : 
إنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى , فأخذه الله نكال الآخرة والأولى » فانتقم به ثم انتقم 
منه » فاعتبر بغيرك » ولا يعتبر غيرك بك . 

فقال المقوقس : إن لنا دينا لن ندعه إلا لما هو خير منه . 

فقال حاطب : ندعوك إلى دين الإسلام الكافي به الله ققد ما سواه » إن هذا النبي دعا 
الناس فكان أشدهم عليه قريش , وأعداهم له اليهود » وأقرمهم منه النصارى » ولعمري ما بشارة 
موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد » وما دعاؤنا إياك إلى القران إلا كدعائك أهل التوراة إلى 
الانجيل > فكل نبي أدرك قومأ فهم أمته » فالحق عليهم أن يطيعو يطيعوه » وأنت ممن أدركه هذا النبي » 
ولسنا نهاك عن دين المسيح » ولكنا نامرك به . 


. 994/7 ربا يؤخذ هذا مما رواه مسلم عن انس‎ )١( 
؛ وقال الدكتور حميد الله « إن اسمه‎ ١78/١ هذا على رأي العلامة المنصورفوري في كتابه رحمة للعالمين‎ )۲( 
. ١ 8١ص بنيامين » انظر : رسول أكرم كي سيامبي زندكي‎ 
والذي أورده الدكتور حميد الله أخذاً من صورة الكتاب الذي‎ ٦١/۳ هذا النص أورده ابن القيم في زاد المعاد‎ )۴( 
ش عار عليه في الماضي القريب يختلف بعض كلماته عن هذا النص ء ففيه « فأسلم تسلم يؤتك الله » الخ . وفيه‎ 
. ٠۳۷ 02 ۱۳٣۱ص «إثم القبط » بدل قوله « إِثم أهل القبط » انظر : رسول أكرم كي سيامبي زندكي‎ 


E Û E 


. فقال المقوقس : إني قد نظرت في أمر هذا النبي » فوجدته لا يأمر بمزهود فيه » ولم أجده 
بالساحر الضال » ولا الكاهن الكاذب » ووجدت معه اية النبوة بإخراج الخبء والاخبار 
بالنجوى وسأنظر . 

ظ وأخذ كتاب النبي ع فجعه في حق من عاح » وتم عليه ودنع ب إلى جارة له م 
دعا کاتباً له يكتب بالعربية » فکتب إلى رسول الله عل : 

٠‏ بسم الله الرحمن الرحيم » محمد بن عبد الله من المقوقس عظم القبط » سلام عليك » أما 
بعد » فقد قرأت كتابك » وفهمت ما ذكرت فيه , وما تدعو إليه » وقد علمت أن نبيا بقي » 
وكنت أظن أنه يخرج بالشام » وقد أكرمت رسولك » وبعثت إليك بجاريتين » لهما مكان في 
القبط عظم » وبكسوة » وأهديت إليك بغلة لتركبها » والسلام عليك . 


وم يزد على هذا ولم يسلم » والجاريتان مارية » وسيرين ٠‏ والبغلة دلدل بقيت إلى رمن 
ماو ۽ واد النبي َيه مارية سرية له » وهي التي ولدت له إبراهم . وأما سيرين فأعطاها 
سان ہو ابت الانصاري . 


؟. الكتاب إلى كسرى ملك فارس: 


وكتب النبي عله إلى كسرى ملك فارس « بسم الله الرحمن الرحيم » من محمد رسول الله 
إلى كسرى عظم فارس » سلام على من اتبع الهدى » وامن بالله ورسوله » وشهد أن لا إله إلا الله 
وحده لا شريك له ؛ وأن محمد عبده ورسوله ؛ وأدعوك بدعاية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس 
كافة » لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين » فأسلم تسلم » فإن أبيت فإن إثم المجوس 
عليك . 

واختار لحمل هذا الكتاب عبد الله بن حذافة السبمي » فدفعه السهمي إلى عظم البحرين › 
ولا ندري هل بعث عظم البحرين رجلا من رجالاته » أم بعث عبد الله السهمي » وأيا ما كان 
فلما قرىء الكتاب على كسرى مزقه » وقال في غطرسة : عبد حقير من رعيتي يكتب امه قبلي » 
ولا بلغ ذلك رسول الله عه قال : مزق الله ملكه , وقد کان کا قال , فقد كتب كسرى إلى 
باذان عامله على الين : ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين » فلياتياني 


- 7086 


به . فاختار باذان رجلين من عنده » وبعثهما بكتاب إلى رسول الله مرك يأمره أن ينصرف 
معهما إلى كسرى » فلما قدما المدينة » وقابلا النبي عي قال أحدهما : إن شاهنشاه ( ملك 
ملوك ) كسرى قد كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليك من ياتيه بك » وبعثي إليك 
لتنطلق معي وقال قولاً #هديدياً » فأمرهما النبي َه أن يلاقياه غدا . 

ل ا ات 
جنوده هزيمة منكرة أمام جنود قيصر » فقد قام شيرويه بن كسرى على أبيه فقتله » وأخذ الملك 
لنفسهء وكان ذلك في ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الأولى سنة سبع » وعلم 
رسول الله عي الخبر من الوحي » فلما غدوا عليه أخبرهما بذلك : فقالا : هل تدري ما تقول ؟ 
إنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر » أفنكتب هذا عنك » ونخبره الملك . قال : نعم أخبراه ذلك 
عني » وقولا له إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ كسرى ! وينتبي إلى منتبى الخف والحافر . وقولا 
له : إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك » وملكتك على قومك من الابناء » فخرجا من عنده حى 
قدما على باذان فأخبراه الخبر » وبعد قليل جاء كتاب بقتل شيرويه لأبيه » وقال له شيرويه في 
كتابه : انظر الرجل الذي كان كتب فيه أي إليك › فلا عهجه حتى ياتيك أمري . 

وكان ذلك سبباً في إسلام باذان ومن معه من أهل فارس بالهن7" . 
.٤‏ الكتاب إلى قيصر ملك الروم: 

وروى البخاري ضمن حديث طويل نص الكتاب الذي كتبه النبي عه إلى ملك الروم 
هرقل . وهو هذا : 

٠‏ بسم الله الرحمن الرحيم » من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظم الروم » سلام على من 
تمع ادى » أسلم تسلم » أسلم يؤتك الله أجرك مرتين » فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين » 
«يتأهلالكتب تاوا ڪلم ترسو امیت تا وبین ألا بالا له وََاهتْركَ بوتاو 
1 خا ابت يباين دون اک کان وو مو E AAS as‏ 4 . 
(۲) محاضرات تاريخ الأم الاسلامية للخضري ١47/١‏ » ضح الباري ۱۲۷/۸ ء ٠۲۸‏ وانظر رحمة للعالمين أيضا 


€ 
(۳) صحيح البخاري الج ه. 


- 75606 


واختار لحمل هذا الكتاب دحية بن خليفة الكلبي » وأمره أن يدفعه إلى عظم بصرى » 
ليدفعه إلى قيصر » وقد روى البخاري عن ابن عباس أن أبا سفيان بن حرب أخيره أن هرقل 
أرسل إليه في ركب من قريش » وكانوا تجاراً بالشام في المدة التي كان رسول الله عه ماد فيها أبا. 
- سفيان وكفار قريش » فأتوه وهم بإيلياء''" » فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم » ثم دعاهم 
ودعا ترجمانه فقال : يكم أقرب نسباً بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ قال أبو سفيان : فقلت 
أنا أقربهم نسباً » فقال : ادنوه مني » وقربوا أصحابه » فاجعلوهم عند ظهره , ثم قال لترجمانة : 
إني سائل هذا عن هذا الرجل » فإن كذبني فكذبوه » فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبا 
ثم قال: أول ما سألني عنه أن قال : كيف نسبه فيكم ؟ فقلت : هو فينا ذو نسب » قال : 
فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله ؟ قلت : لا . قال : فهل كان من ابائه من ملك ؟ 
قلت : لا . قال : فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ؟ قلت : بل ضعفاؤهم . قال : أيزيدون أم 
ينقصون ؟ قلت : بل يزيدون . قال : فهل يرتد أحد منم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه : 
قلت : لا . قال : فهل تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قلت : لا . قال : فهل يغدر ؟ 
قلت : لا ء ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها ‏ قال : ول تمكنني كلمة أدخل فيها شيعا 
غير هذه الكلمة ‏ قال : فهل قاتلتموه ؟ قلت : نعم . قال : فكيف كان قتالكم إياه ؟ قلت : 
الحرب بیننا وبينه سجال » ينال منا وننال منه . قال : ماذا يأمرك ؟ قلت : يقول : اعبدوا الله 
وحده » ولا تشركوا به شيئاً » واتركوا ما يقول اباؤم » ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف 
والصلة . فقال للترجمان : قل له : سالتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب » وكذلك 
الرسل تبعث في نسب من قومها » وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول قبله » فذكرت أن 
لا . قلت : لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله » وسالتك هل 
كان من ابائه من ملك فذكرت أن لا » فقلت : فلو كان من ابائه من ملك قلت : رجل يطلب 
)١(‏ كان قيصر جاء إذ ذاك في إيلياء ‏ بيت المقدس ‏ من حمص » شكراً لما من الله عليه من إلحاق الزيمة الساحقة 
بالفرس ( انظر صحيح مسلم ۹۹/۲ ) » وكانت الفرس قد قتلوا كسرى أبرويز » وصا حوا الروم على رد ما كانوا 
قد احتلوا من بلاد قيصر ء وردوا إليه الصليب الذي تزعم النصارى أن المسيح عليه السلام كان قد صلب 
عليه » فكان قيصر قد جاء إلى إيلياء ( بيت المقدس ) سنة 1۲۹م ( أي سنة ۷ه ) يضع الصليب في 

موضعه » ويشكر الله على هذا الفتح المبين . 

- ۳0٦ - 


ملك أبيه » وسألتك هل كتتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال » فذكرت أن لا» فقد 
أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس » ويكذب عل الله » وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم 
ضعفاؤهم » فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه » وهم أتباع الرسل » وسألتك أيزيدون أم ينقصون ؟ 
فذكرت أنهم يزيدون » وكذلك أمر الإيمان حتى يتم » وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن 
يدخل فيه ؟ فذكرت أن لا » وكذلك الايمان حين تخالط بشاشته القلوب » وسألتك هل يغدر ؟ 
فذكرت أن لا » وكذلك الرسل لا تغدر » وسألتك بماذا يأمر ؟ فذكرت أنه يأمرك أن تعبدوا 
لله » ولا تشركوا به شيا » وينهام عن عبادة الأوثان » ويأمرك بالصلاة والصدق والعفاف › فإن 
كان ما تقول حقأً فسيملك موضع قدمي هاتين » وقد كنت أعلم أنه خارج » ولم أكن أظنه أنه 
منكم » فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه » ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه » ثم 
دعا بكتاب رسول الله عو فقرأه » فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده » وكثر 
اللغط » وأمر بنا فأخرجنا » قال : فقلت لأصحابه حين أخرج: م او أن كس 
إنه ليخافه ملك بني الأصفر » فما زلت موقناً بأمر رسول الله عه أنه سيظهر حتى أدخل الله 
عل الإسلام . 

هذا ما راه أبو سفيان من أثر هذا الكتاب على قيصر ء وقد كان من أثره عليه أنه أجاز 
دحية بن خليفة بن الكلبي » حامل كتاب الرسول ءيه بمال وكسوة » ولا كان دحية بحسمى 
في الطريق لقيه ناس من جذام » فقطعوها عليه » فلم يتركوا معه شيعا » فجاء رسول الله عل 
قبل أن يدخل بيته » فأخيره » فبعث رسول الله عه زيد بن حارثة إلى حسمى » وهي وراء 
وادي القرى في خمسمائة رجل » فشن زيد الغارة على جذام » فقتل فيهم قتلاً ذريعاً » واستاق 
نعمهم ونساءهم » فأخذ من النعم ألف بعير » ومن الشاء خمسة آلاف » والسبي مائة من النساء 
والصبيان . 

وكان بين النبي عو وبين قبيلة جذام موادعة , فأسرع زيد بن رفاعة الجذامي أحد زعماء 
هذه القبيلة بتقديم الاحتجاج إلى النبي يه » وكان قد أسلم هو ورجال من قومه ونصروا دحية 


حين قطع عليه الطريق » فقبل النبي عي احتجاجه وأمر برد الغنائم والهسبي . 


. ٩٩ › 98/9 صحيح مسلم‎ . 4/١ صحيح البخاري‎ )١( 
 ”ةهال-‎ 


وعامة أهل المغازي يذكرون هذه السسرية قبل الحديبية » وهو خطأ واضح » فإن بعث 
الكتاب إلى قيصر كان بعد الحديبية . ولذا قال ابن الق : هذا بعد الحديبية بلا شك(" . 


0 . الكتاب إلى المندر بن ساوى: ‏ 


وكتب التي مه إلى منذر بن ساوى حا البحرين كناب يدعوه فيه إلى الإسلام » وبعث 
إليه العلاء بن الحضرمي بذلك الكتاب » فكتب المنذر إلى رسول الله ع : أما بعد يا رسول 
الله» فإني قرأت كتابك على أهل البحرين » فمنهم من أحب الإسلام وأعجبه » ودخل فيه . 
ومنبيم من کرهه › وبأرضي حوس وهود > فأحدث إلى في ذلك أمرك > فكتب إليه 


رسول الله ع : 

« بسم الله الرحمن الرحيم » من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى » سلام عليك » فإني 
أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو » وأشبد أن محمدا عبده ورسوله » أما بعد فإني أذكرك الله 
عز وجل » فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه » وإنه من يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني , 
ومن نصح لهم فقد نصح لي » وإن رسلي قد أثنوا عليك خيرا » وإني قد شفعتك في قومك » 
فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه » وعفوت عن أهل الذنوب » فاقبل منهم » وإنك مهما تصلح 
فلم نعزلك عن عملك ومن أقام على يهودية أو محوسية فعليه الجزية »(" . 

57. الكتاب إلى هوذة بن على صاحب اليمامة: 

وكتب النبي عي إلى هوذة بن علي صاحب الهامة : 

١‏ بسم الله الرحمن الرحيم » من محمد رسول الله إلى هوذة بن علي » سلام على من اتبع 
الهدى » واعلم أن ديني سيظهر إلى منتبى الخف والحافر » فأسلم تسلم » وأجعل لك ما تحت 
يديك » . 

.سيان لين طن EE EN a‏ نذا 
الكتاب توما أنزله . وحياه » وقرأ عليه الكتاب » فرد عليه رداً دون رد » وكتب إلى النبي زه : 


. 8 +وعانية تلمح بهن أهل الأثر ص‎ ١١۲/۲ انظر زاد المعاد‎ )١( 
والتص الذي أورده الدكتور حميد الله عدا من عور الكتاب الذي عثر عليه في‎ . 57 > “١/۳ (؟) زاد المعاد‎ 
. » لا إله غيره » بدل قوله : « لا إله إلا هو‎ ٠ الماضي القريب يختلف في كلمة واحدة » ففيه‎ 


. OA = 


ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله » والعرب تباب مكاني » فاجعل لي بعض الأمر أتبعك » وأجاز 
سليطأً يجائزة » وكساه أثواباً من نسج هجر ء فقدم بذلك كله على النبي عه فأخيره » وقرأ 
النبي عو كتابه فقال : لو سألني قطعة من الأرض ما فعلت » باد وباد ما في يديه . فلما 
انصرف رسول الله مَل من الفتح جاءه جبريل عليه السلام بأن هوذة مات » فقال 
النبي ع : أما إن الهامة سيخرج بها كذاب يتنبى » يقتل بعدي » فقال قائل : يا رسول الله 
من يقتله ؟ فقال : أنت وأصحابك » فكان كذلك . 


۷. الكتاب إلى ال حارث بن أبي شمر الغسانی صاحب دمشق: 

كتب إليه النبي مَل : « بسم الله الرحمن الرحيم » من محمد رسول الله إلى الحارث بن أي 
شمر » سلام على من اتبع ال هدى » وامن به وصدق » وإني أدعوك إلى أن تومن بالله وحده 
لا شريك له ء يبقي لك ملكك » . 

واختار لحمل هذا الكتاب شجاع بن وهب من بني أسد بن خزيمة » ولا أبلغه الكتاب 
قال : من يتزع ملكي مني ؟ أنا سائر إليه . ولم يسل . 
۸. الكتاب إلى ملك عمان: 

وكتب النبي عو كتاباً إلى ملك عمان جيفر وأخيه عبد اني الجلندى » ونصه  :‏ بسع الله 
الرحمن الرحيم » من محمد بن عبد الله إلى جيفر وعبد ابني الجلندى » سلام على من اتبع الهدى ‏ 
أما بعد» فإني أدعوما بدعاية الاسلام » أسلما تسلما » فإني رسول الله (عَكك) إلى الناس كافة › 
لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين » فإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما » وإن أبيما أن 
تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل » وخيلي تحل بساحتكما » وتظهر نبوتي على ملككما » . 

واختار لحمل هذا الكتاب عمرو بن العاص رضي الله عنه . قال عمرو : فخرجت حتى 
انتبيت إلى عمان » فلما قدمتها عمدت إلى عبد - وكان أحلم الرجلين » وأسبلهما خلقاً - 
فقلت : إني رسول رسول الله عه إليك وإلى أحيك » فقال : أ حي المقدم علي بالسن والملك » 
)1١(‏ زد المعاد 1۳/۳ . 
(؟) نفس المصدر ٦۲/۳‏ . محاضرات تاريخ الأم الإسلامية للخضري ١45/١‏ . 

- هم 


وأنا أوصلك إليه حتى يقرأ كتابك » ثم قال : وما تدعو إليه ؟ قلت : أدعو إلى الله وحده 
لا شريك له » وتخلع ما عبد من دونه » وتشهد أن محمدا عبده ورسوله . قال : يا عسرو » إنك 
ابن سيد قومك » فكيف صنع أبوك ؟ فإن لنا فيه قدوة . قلت : مات ولم يؤمن بمحمد له . 
ووددت أنه كان أسلم وصدق به » وقد كنت أنا على مثل رأيه حتى هداني الله للاسلام . قال : 
فمتى تبعته ؟ قلت : قريباً . فسألني أين كان إسلامك ؟ قلت : عند النجاشي » وأخبرته أن 
النجاشي قد أسلم » قال : وكيف صنع قومه بملكه » فقلت أقروه واتبعوه . قال : والأساقفة 
والرهبان تبعوه ؟ قلت : نعم . قال : انظر يا عمرو ما تقول » إنه ليس من خصلة في رجل أفضح 
له من الكذب . قلت : ما كذبت » وما نستحله في ديننا » ثم قال : ما أرى هرقل علم بإسلام 
النجاشي . قلت : بى » قال : فبأي شيء علمت ذلك ؟ قلت : كان النجاشي يخرج له خرجاً » 
فلما أسلم وصدق بمحمد عي » قال : لا والله لو سألني درهماً واحداً ما أعطيته » فبلغ هرقل 
ل ا 
هرقل : رجل رغب في دين » فاختاره ل لنفسه ‏ ما أصنع به ؟ والله لولا الضن بملكي لصنعت ا 
صنع . قال : انظر ما تقول يا عمرو ؟ قلت : والله صدقتك . قال عبد : فأخبرني ما الذي يأمر 
به وينبى عنه ؟ قلت : يامر بطاعة الله عز وجل » وينبى عن معصيته » ويامر بالبر وصلة الرحم ١‏ 
وينبى عن الظلم والعدوان » وعن الزنا » وعن الخمر » وعن عبادة الحجر والوثن والصليب . قال : 
ما أحسن هذا الذي يدعو إليه » لو كان أخي يتابعني عليه لركبنا حتى نؤمن بمحمد ل 
ونصدق به » ولكن أخي أضر بملكه من أن يدعه ويصير ذنبا . قلت : إنه إن أسلم ملكه 
رسول الله عه على قومه . فأخذ الصدقة من غنيهم فيردها على فقيرهم . قال : إن هذا لخلق 
حسن . وما الصدقة ؟ فأخبرته بما فرض رسول الله عي في الصدقات في الأموال حتى انتبييت 
إلى الابل . قال : يا عمرو . وتؤخذ من سوائم مواشينا التي ترعى الشجر وترد المياه ؟ فقلت : 
نعم » فقال : والله ما أرى قومي في بعد دارهم وكثرة عددهم يطيعون لهذا . قال : فمكثت ببابه 
أياما » وهو يصل إلى أخيه فيخبره كل خبري » ثم إنه دعاني يوما فدخلت عليه » فأخذ أعوانه 
بضبعي » فقال : دعوه ‏ فأرسلت » فذهبت لأجلس » فأبوا أن يدعوني أجلس » فنظرت إليه 
فقال : تكلم بحاجتك » فدفعت إليه الكتاب مختوما » ففض خاتمه » وقرأ حتى انتهى إلى اخره » ثم 
دفعه إلى أخيه فقرأه مثل قراءته » إلا أني رأيت أخاه أرق منه » قال : ألا تخبرني عن قريش كيف 


716 - 


صنعت ؟ فقلت : تبعوه » إما راغب في الدين » وإما مقهور بالسيف . قال : ومن معه ؟ قلت : 
الناس قد رغبوا في الإسلام واختاروه على غيره , وعرفوا بعقوهم مع هدي الله إياهم أنهم كانوا في 
ضلال » فما أعلم أحدا بقي غيرك في هذه الخرجة » وأنت إن لم تسلم اليوم وتبعته توطئك الخيل 
وتبيد حضراءك » فأسلم تسلم » ويستعملك على قومك » ولا تدخل عليك الخيل والرجال قال : 
دعني يومي هذا » وارجع إلي غدا . 

فرجعت إلى أخيه فقال ويا عفرو إن رجو انسمل اند تيضق علكه., حتى إذا كان 
الغد أتيت تيت إليه » فأبى أن يأذن لي » فانصرفت إلى أخيه » فأخبرته أني لم أصل إليه » > فأوصلني 
إليه » فقال : إني فكرت فيا دعوتي إليه » فإذا أنا أضعف العرب إن ملكت رجلا ما في يدي » 
وهو لا تبلغ خيله ههنا » وإن بلغت خیله لقت قنالاً ليس كقتال من لاق . قلت : آنا حارج 
غداً » فلما أيقن بمخرجي خلا به أحوه » فقال : ما نحن فها ظهر عليه » وكل من أرسل إليه قد 
أجابه » فأصبح فأرسل إلي » فأجاب إلى الإسلام هو وأحوه جميعاً » وصدقا النبي عله » وخليا 
يني وبين الصدقة , وبين الحكم فيا بينهم , وكانا لي عونا على من خالفني2" . 

وسياق هذه القصة تدل على أن إرسال الكتاب إليهما تأخر كثيرا عن كتب بقية الملوك › 
والأغلب أنه كان بعد الفتح . 

وبهذه الكتب كان النبي عه قد أبلع دعوته إلى أكثر ملوك الأرض . فمنهم من امن به 
ومنهم من كفر . ولكن شغل فكرة هؤلاء الكافرين » وعرف لديهم باسمه ودينه . 


. 57 2. 1۲/۳ زاد المعاد‎ )١( 


- ۳٦۱ - 


النشاط العسكري 
بعد صلح ال حديبية 


غزوة الغابة أو غزوة ذي قرد 


هذه الغزوة حركة مطاردة ضد فصيلة من بني فزارة قامت بعمل القرصنة في لقاح 
رسول لله ع . 

وهي أول غزوة غزاها رسول الله عه بعد الحديبية » وقبل خيبر . ذكر البخاري في ترجمة 
باب أمها كانت قبل خيبر بثلاث » وروى ذلك مسلم مسنداً من حديث سلمة بن الأكوع . 
وذكر الجمهور من أهل المغازي أنها كانت قبل الحديبية وما في الصحيح أصح مما ذكره هل 
المغازي'“ . 

وخلاصة الروايات عن سلمة بن الأأكوع بطل هذه الغزوة أنه قال : بعث رسول الله عل 
هر حم ات رباع راا س يقري أل جلي + فقا ميسن ذا ید رجن زی عد 
أغار على الظهر » فاستاقه أجمع › وقتل راعيه » فقلت : يا رباح خذ هذا الفرس فابلغه طلحة › 
وأحبر رسول الله َيِل . ثم قمت على أكمة » واستقبلت المدينة » فناديت ثلاث : يا صباحاه » ثم 
خرجت في اثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجر أقول : ظ 

أنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع 

فوالله ما زلت أرميهم وأعقر بهم » فإذا رجع إل فارس جلست في أصل الشجرة » ثم رميته 
فعقرت به » حتى إذا دخلوا في تضايق الحبل علوته » فجعلت أرميهم بالحجارة » فما زلت 
كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله تعالى من بعير من ظهر رسول الله عي إلا خلفته وراء ظهري » 
وخلوا بيني وبينه » ثم اتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة » وثلاثين رمحا يستخفون » 
)١(‏ انظر صحيح البخاري باب غزوة ذات قرد ۳/۲ . أنه وضحيع نسلم بايا رو ی و بل 


٠6 14‏ ء وفتح الباري 45١ + ٤1۰/۷‏ 45176 ء زاد المعاد ۱۲١/۲‏ . 


75175 - 


ولا يطرحون شيئاً إلا جعلت عليه آراما من الحجارة » يعرفها رسول الله عر وأصحابه . حتى 
أتوا متضايقاً من ثنية فجلسوا يتغدون » وجلست على رأس قرن » فصعد إلي منهم أربعة في 
الجبل » قلت : هل تعرفونني ؟ أنا سلمة بن الأكوع » لا أطلب رجلا منكم إلا أدركته ء 
ولا يطلبني فيدركني » فرجعوا . فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله عي يتخللون 
الشجر . فإذا أولهم أخرم » وعلى أثره أبو قتادة » وعلى أثره المقداد بن الأسود » فالتقى عبد الرحمن 
وأخرم » فعقر بعبد الرحمن فرسه » وطعنه عبد الرحمن فقتله » وتحول على فرسه ولحق أبو قتادة 
بعبد الرحمن فطعنه فقتله » وولى القوم مدبرين » نتبعهم , أعدو على رجلي » حتى يعدلوا قبل 
غروب الشمس إلى شعب فيه. اء يقال له ذا قرد » ليشربوا منه » وهم عطاش » فاجايتهم عنه › 
فما ذاقوا قطرة منه » ولحقني رسول الله عي والخيل عشاء » فقلت : يا رسول الله إن القوم 
عطاش » فلو بعثتني في مائة رجل استنقذت ما عندهم من السرح » وأخذت باعناق القوم › 
فقال : يا ابن الأكوع . ملكت فأسجح 22 , ثم قال : إنهم ليقرون الآن في غطفان . 

وقال رسول الله عه : خير فرساننا اليوم أبو قتادة » وخير رجالتنا سلمة . وأعطاني 
سهمين » سهم الراجل وسهم الفارس » وأردفني وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة . 

استعمل رسول الله عن على المدينة في هذه الغزوة ابن أم مكتوم » وعقد اللواء للمقداد بن 
عمرو(" . 


. أسجح : أي سل والمعنى قدرت فاعف‎ )١( 
. ١7٠/17 انظر المصدرين السابقين , وزاد المعاد‎ )۲( 


كوا >" 


(عزوة خيبر ووادي القرى) 
(في المحرم سنة /اله) 


كانت خيبر مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على بعد ستين أو ثمانين ميلا من المدينة في 

جمة الشهال > وهي الان قرية في مناخها بعض الوخامة . 
الا 

ولا اطمآن رسول الله ع من أقوى أجنحة الأحزاب الثلاثة › ا أمنا باتأ بعد ا هدنة 
أراد أن يحاسب الحناحين الباقيين ‏ اليهود وقبائل نجد ‏ حتى يتم الأمن والسلام » ويسود الهدوء 
في المنطقة » ويفرغ المسلمون من الصراع الدامي المتواصل إلى تبليغ رسالة الله والدعوة إليه . 

وما كانت خيبر هي وكرة الدس والتآمر » ومركز الاستفزازات العسكرية ومعدن التحرشات 
وإثارة الحروب » كانت هي الحديرة بالتفات المسلمين أولا . 

أما كون خيبر بهذه الصفة » فلا ننسبى أن أهل خيبر هم الذين حزبوا الأحزاب ضد 
المسلمين » وأثاروا بني قريظة على الغدر والخيانة » ثم أخذوا في الاتصالات بالمنافقين - الطابور 
الخامس في المجتمع الاسلامي - وبغطفان وأعراب البادية ‏ الجناح الثالث من الأحزاب - وكانوا 
هم أنفسهم يبيئون للقتال » فالقوا المسلمين بإجراءاتهم هذه في محن متواصلة » حتى وضعوا خطة 
لاغتيال النبي عله » وإزاء ذلك اضطر المسلمون إلى بعوث متوالية » وإلى الفتك برأس هؤلاء 
لمتامرين » مثل سلام بن أبي الحقيق » وأسير بن رزام » ولكن الواجب على المسلمين إزاء هؤلاء 
الييود كان أكبر من ذلك . وإنا أبطأوا في القيام بهذا الواجب ؛ لأن قوة أكبر وأقوى وألد وأعند 

- وهي قريش - كانت مجاببة للمسلمين » فلما انتبت هذه المجاببة صفا الجو محاسبة 
هؤلاء امجرمين » واقترب هم يوم الحساب . 


TIE 


الخروج إلى خيبر: 

قاال ابن إسحاق : أقام رسول الله عي بالمدينة حين رجع من الحديبية ذا الحجة وبعض 
الحرم » ثم حرج في بقية الحرم إلى خيبر . 

قال المفسرون : إن خيبر كانت وعدا وعدها الله تعالى بقوله : « وعد ا مغانم 


ص ر کر ر ر صر کر ايا 


مكديره تأخدوئها فَعَجَلَ لک هذ 4 ( ٠١: ٤۸‏ ) يعني صلح الحديبية » وبالمغائم الكثيرة خيبر 
عدد الجيش الاسلامي: 

ولا كان المنافقون وضعفاء الابمان تخلفوا عن رسول الله ع في غزوة الحديبية 
تعال ثبيه چ فيهم قائلا 2 لكيس الف وك تکوم وا 
دروياتت یشو انر راکمه ا ا لاله من 
AEE ER EF‏ وی45 قات 

» :أن أن ا راغب في الجهاد‎ E ١ 
. فلم يخرج إلا أصحاب | لشجرة ة وهم ألف وأربعمائة‎ 
. الليثي » والأول أصح عند المحققين("‎ 

وحينعذ قدم أبو هريرة المدينة مسلما » فواى سباع بن عرفطة في صلاة الصبح فلما فرع من 
صلاته اتی سباعا فزوده » حتى قدم على رسول الله عه وکلم المسلمين فاشركوه وأصحابه في 
سهماتهم . 
اتصال المنافقين باليهود: 

وقد قام المنافقون يعملون لليهود » فقد أرسل رأس النافقين عبد الله بن ألي إلى يهود خيبر : 
أن محمد قصد قصد م وتوجه إليكم 4 فخلوا حذرم 4 ولا تخافوا منه »› فإن عدد م وعدتكم 
كثيرة » وقوم محمد شرذمة قليلون » عزّل لا سلاح معهم إلا قليل . فلما علم ذلك أهل خيير . 
أرسلوا كنانة بن ألي الخقيق وهوذة بن قيس إلى غطفان . يستمدونهم ۽ لأ نهم كانوا حلفاء يبود 
)١(‏ انظر فتح الباري ۷ »ء زاد المعاد ۱۳۳/۲ . 


3 3 


9 


- 7530060 


خيبر » ومظاهرين لهم على المسلمين . وشرطوا لهم نصف ثمار خيبر إن هم غلبوا المسلمين . 
الطريق إلى خيبر: 
وسلك رسول الله عه في اتجاهه نحو حيمر جبل عصر ( بالكسر وقيل بالتحريك ) ثم على 
الصهباء » ثم نزل على واد يقال له الرجيع » وكان بينه وبين غطفان مسيرة يوم وليلة » فتبيات 
غطفان وتوجهوا إلى خيير » لإمداد اليهود » فلما كانوا ب ببعض الطريق سمعوا من خلفهم حساً 
ولغطأ » فظنوا أن المسلمين أغاروا على أهاليهم وأموالهم فرجعوا » وخلوا بين رسول الله إل وبين 
خيبر . 
ثم دعا رسول الله ع الدليلين ا يسلكان بالجيش - وكان امم أحدهما 
حسيل - ليدلاه على الطريق الأحسن » حتى يدخل خيبر من جهة الشهال - أي جهة الشام - 
فيحول بين اليهود وبين طريق فرارهم إلى الشام کا يحول بينهم وبين غطفان . 
قال أحدهما : أنا أدلك يا رسول الله - عر - » فأقبل حتى انتهى إلى مفرق الطرق 

المتعددة وقال : يا رسول الله هذه طرق يمكن الوصول من كل منها إلى المقصد » فأمر أن يسميها 
له واحداً واحداً . قال : اسم واحد منها حزن فألى النبي عه من سلوكه » وقال : اسم الآخر 
شاش » فامتنع منه أيضاً وقال : امم آخر حاطب . فامتنع منه أيضاً » وقال حسيل : فما بقي إلا 
واحداً قال عمر : ما اسمه قال : مرحب » فاختار النبي عه سلوكه . 
بعض ما وفع فى الطريق: 

» عن سلمة بن الأكوع قال : خرجنا مع النبي مه إلى خيير فسرنا ليلا » فقال‎ ١ 
رجل من القوم لعامر : يا عامر ألا تسمعنا من هنوباتك ؟ ب وکان.عامر رجلا شاعرا. - فنزل‎ 
: يحدو بالقوم . يقول‎ 

اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا 

فاغفر فداء لك ما اتقينا ‏ وثبت الاققدام إن لاقآهينا 

وألقفين سكينةعلينا إنا إذا صيح بناأبينا 
وبالصياح عولوا علينا 


57 - 


فقال رسول الله عقا : ومن هذا السائق » ؟ قالوا : عامر بن الأكوع . قال : و يرحمه 
الله » . قال رجل من القوم : وجبت يا نبي الله » لولا أمتعتنا به(“ 

وكانوا يعرفون أن رسول الله عه لا يستغفر لانسان يخصه إلا استشهد” 2 وقد وقع في 
حرب خیبر . 

؟ - وفي الطريق أشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير ( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا 
اله ) فقال رسول الله عله أريعر نعل اشک ع كن ا غد آعم راغا 4 اک 
تدعون سميعاً قري" . 

۳ - وبالصبياء من أدنى خيبر صلى العصر » ثم دعا بالأزواد » فلم يؤت إلا بالسويق فامر به 
فثري » فأكل وأكل الناس » ثم قام إلى المغرب » فمضمض » ومضمض الناس . ثم صلى وم 
يتوضاً2؟» » ثم صلى العشاء“ . 
الجيش الاسلامى إلى أسوار خيبر: 

بات المسلمون الليلة الأخيرة التي بدأ في صباحها القتال قربا من خيبر » ولا تشعر بهم 
اليهود.» وكان النبي ب إذا أنى قوماً بليل لم يقربهم حتى يصبح » فلما أصبح صلى الفجر 
بغلس » وركب المسلمون » فخرج أهل خيبر بمساحيهم ومكاتلهم » ولا يشعرون » بل خخرجوا 
لأرضهم » فلما رأوا الحيش قالوا : محمد » والله محمد والخميس » ثم رجعوا هاربين إلى مدينتهم » 
فقال النبي عه : « الله أكبر » خربت خيبر » الله أ بر خربت خيبر . إنا إذا نزلنا بساحة قوم 
فساء صباح المنذرين"" 

وكان النبي مي احتار لمعسكره منزلاً » فأتاه حباب بن المنذر فقال : يا رسول الله أرأيت 
هذا المنزل أنزلكه الله » أم هو اللأي في الحرب ؟ قال : « بل هو الرأي » » فقال : يا رسول الله 
)0( صحيح البخاري باب غزوة خيير ٩۰۲/۲‏ » صحيح مسلم باب غزوة ذي قرد وغيرها 116/1 . 

(۲) نفس المصدر الآخير . 


)"( صحيح البخاري ٠٠٠/۲‏ . 
(4) نفس المصدر ٠.۳/۲‏ . 


(ه) مغازي الواقدي ( غزوة خير ص۲١١‏ ) . 
)( صحيح البخاري باب غزوة خيبر 4/۲ . 
TAV‏ 


إن هذا المنزل قريب جداً من حصن نطاة » وجميع مقاتلي خيبر فيها » وهم يدرون أحوالنا » ونحن 
لا ندري أحواهم » وسبهامهم تصل إلينا . وسهامنا لا تصل إليهم » ولا نأمن من بياتهم » وأيضاً 
هذا بين النخلات » ومكان غائر » وأرض وخيمة » لو أمرت بمكان خال عن هذه المفاسد نتخذه 
معسكراً . قال عله : « الرأي ما أشرت » ثم تحول إلى مكان آخر » . 

ولا دنا من خيبر وأشرف عليها قال : « قفوا » . فوقف الحيش فقال : « اللهم رب السعاوات 
السبع وما أظللن » ورب الأرضين السبع وما أقللن » ورب الشياطين وما أضللن » فإنا لنسألك 
خير هذه القرية » وخير أهلها » وخير ما فيها » ونعوذ بك من شر هذه القرية » وشر هلها » وشر 
ما فيها » أقدموا بسم الله ۲( . 
التهيؤ للقتال وحصون خيبر: 

ولا كانت ليلة الدخول قال : « لآعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه 9 
ورسوله » » فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله َكل > كلهم يرجو أن يعطاها فقال : ؛ 
عل بن أن طالب »» قار :ها رول لله حو شتک عي ال :ف سل له أ 
فبصق رسول الله عل في عينيه يداي وكيا لو اه وين 
للخم إل السلا :اوه باهي علي سن بن له في ا انيدي ال بف 
واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم9 . 

وكانت خيبر منقسمة إلى شطرين » شطر فيها خمسة حصون : 


۳ - حصن قلعة الزيير 
٤‏ - حصن أي 5 
)١(‏ ابن هشام ۳۲۹/۲ . ظ 
)( وكان لأجل هذه الشكوى تخلف في أول المسير » ثم لحق بايش . 
(۳) صحيح البخاري باب غزوة خيبر ٠٠٠/۲‏ » 507 » ويؤّخذ من بعض الروايات أن إعطاء الراية لعلي كان بعد 
فشل عدة محاولات لفتح حصن من حصونهم . والراجح عند الحققين هو ما ذكرنا . 
- ۳۸ - 


ه - حصن النزار . 
والحصون الثلاثة الأولى تقع في منطقة يقال ها ( النطاة ) , وأما الحصنان الآخران فيقعان 
في منطقة تسمى بالشق . 
أما الشطر الثاني » ويعرف بالكتيبة » ففيه ثلاثة حصون فقط : 
١‏ - حصن القموص ( كان حصن بني أي الحقيق من بني النضير ) . 
حصن الوطيح . 
اا 
وني خيبر حصون وقلاع غير هذه الثانية » إلا أنبا كانت صغيرة لا تبلغ إلى درجة هذه 
القلا ع في مناعتها وقوتها . 
والقتال المرير إنما دار في الشطر الأول منها » أما الشطر الثاني فحصونها الثلاثة مع كثرة 
المحاربين فيبا سلمت دونما قتال . 


بدء المعركة وفتح حصن ناعم: 

وأول حصن هاحمه المسلمون من هذه الحصون العانية هو حصن ناعم ¢ وكان خط الدفاع 
الأول لليبود لمكانه الاستراتيجي . وكان هذا الحصن هو حصن مرحب البطل اليبودي الذي 
كان يعد بالألف . 

خرج علي بن أي طالب رضي الله عنه بالمسلمين إلى هذا الحصن » ودعا اليهود إلى 
الاسلام ¢ فرفضوا هذه الدعوة ( وبرزوا الى المسلمين ومعهم ملكهم مر حب > فلما حرج إلى 
ميدان القتال دعا إلى المبارزة . قال سلمة بن الأكوع : فلما أتينا خيبر خرج ملكهم مرحب 


يخطر بسيفه يقول : 
قد علمت خيير أني مرحب شاكي السلاح بطل مرب 
إذا الحروب أقبلت تلهب 
فبرز له عمي عامر فقال : 


قد علمت خيبر أني عامر شاكي السلاح بطل مغامر 
- 5714 - 


فاختلفا ضربتين » فوقع سيف مرحب في ترس عمي عامر » وذهب عامر يسفل له » وكان 
سيفه قصيرا » فتناول به ساق اليبودي ليضربه » فيرجع ذباب سيفه » فاصاب عين ركبته فمات 
منه » وقال فيه النبي ع : « إن له لأجرين وجمع بين أصبعيه » إنه لحاهدٌ يحاهدٌ قل عرني مشى 
سا مثله ٩(4‏ , 2 
- ويبدو أن مرحباً دعا بعد ذلك إلى البراز مرة أخرى » وجعل يرتجز بقوله : قد علمت خيبر 
أي مرحب .. إلخ» فبرز له على بن أي طالب . قال سلمة بن الأكوع : فقال علي : 

أنا الذي متي أمي حيدره كليث غابات كريهالمنظره ‏ 

اوفييم بالصاع كيل السندره 

فضرب راس مرحب فقتله » ثم كان الفتح على يديه“ . 

ولا دنا على رضي الله عنه من حصونهم اطلع يبودي من رأس الحصن » وقال : من أنت » 
فقال : أنا على بن أبي طالب » فقال اليهودي : علوتم وما أنزل على موسى . 

ثم خرج ياسر أخو مرحب وهو يقول : من يبارز ؟ فبرز إليه الزيبر » فقالت صفية أمه : 
يا رسول الله » يقتل ابي ؟ قال : « بل ابنك يقتله » . فقتله الزيير . 

ودار القتال المرير حول حصن ناعم » قتل فيه عدة سراة من اليهود » انارت لأجله مقاومة 
الود » وعجزوا عن صد هجوم المسلمين » ويؤخذ من المصادر أن هذا القتال دام أياما لاق 
المسلمون فيها مقاومة شديدة » إلا أن اليبود يشسوا من مقاومة المسلمين » فتسللوا من هذا الحصن 
إلى حصن الصعب » واقتحم المسلمون حصن ناعم . 


فتح حصن الصعب بن معاذ: 
وكان حصن الصعب الحصن الثاني من حيثث القوة والمناعة بعل حصن ناعم 4 قام المسلمون 
)١(‏ صحيح مسلم باب غزوة خيبر 177/7 » باب غزوة ذي قرد وغيرها ١٠١/۲‏ ء صحيح البخاري باب غزوة 
خيبر ٦۰۳/۲‏ . ) 
(۲) بين المصادر اختلاف كبير في الرجل الذي قتل مرحباً » وفي اليوم الذي قتل فيه » وفتح هذا ا حصن . وبعض 
هذا الاحتلاف موجود في سياق روايات الصحيحين أيضاً » وهذا الترتيب أخذناه بعد ترجيح سياق رواية 
البخاري . ش | 


TV 


بالهجوم عليه تحت قيادة الحباب بن المنذر الأنصاري » ففرضوا عليه الحصار ثلاثة أيام » وفي 
اليوم الثالث » دعا رسول الله عَم لفح هذا الحصن دعوة خاصة . 

وروی ابن إسحاق : أن بني سهم من أسلم أتوا رسول الله عي » فقالوا : لقد جهدنا 
وما بأيدينا من شيء » فقال : « اللهم إنك قد عرفت حاهم › وأن ليست بهم قوة » وأن ليس 
بيدي شيء أعطيهم إياه » فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غناء » وأكثرها طعاما وود كأ » . فغدا 
الناس ففتح الله عز وجل حصن الصعب بن معاذ » وما بخيبر حصن كان أكثر طعاماً وو دكا 
منه('؟ . 

ولا ندب النبي عي المسلمين بعد دعائه لمهاجمة هذا الحصن كان بنو أسلم هم المقاديم في 
المهاجمة . ودار البراز والقتال أمام الحصن . ثم فتح الحصن في ذلك اليوم قبل أن تغرب 
الشمس . ووجد فيه المسلمون بعض المنجنيقات والدبابات . 

ولأجل هذه امجاعة الشديدة التي ورد ذكرها في رواية إبن إسحاق كان رجال من الجيش قد 
ذبحوا الحمير » ونصبوا القدور على النيران » فلما علم رسول الله ع بذلك نى عن لحوم الحمر 


الانسية. 


فتح قلعة الزبير: 


وبعد فتح حصن ناعم والصعب تحيل اليبود من كل حصون النطاة إلى قلعة الزيير » وهو 
حصن منيع في رأس قلة » لا تقدر عليه الخيل والرجال لصعوبته وامتناعه » ففرض عليه 
رسول الله عه الحصار » وأقام محاصرا ثلاثة أيام . فجاء رجل من اليبود » وقال : يا أبا القاسم 
إنك لو أقمت شهرا ما بالوا » إن لهم شرابا وعيونا تحت الأرض » يخرجون بالليل ويشربون منها » 
م يرجعون إلى قلعتهم فيمتنعون منك » فإن قطعت مشربهم عليه أصحروا لك . فقطع ماءهم 
عليهم » فخرجوا فقاتلوا أشد القتال » قتل فيه نفر من المسلمين » وأصيب نحو العشرة من 
اليبود » وافتتحه رسول الله عا . 


(۱) ابن هشام ملخصاً ۳۳۲/۲ » والودك : دمم اللحم . 
۳V1 -‏ - 


فتح قلعة أبي: 

- وبعد فتح قلعة الزيير انتقل اليبود إلى قلعة أي وتحصنوا فيه » وفرض المسلمون عليهم 
الحصار » وقام بطلان من اليهود واحد بعد الآخر بطلب المبارزة » وقد قتلهما أبطال المسلمين › 
وكان الذي قتل المبارز الثاني هو البطل المشهور أبو دجانة “ماك بن خرشة الأنصاري صاحب 
العصابة الحمراء » وقد أمسرع أبو دجانة بعد ققله إلى اقتحام القلعة » واقتحم معه الجيش 
الاسلامي » وجرى قتال مرير ساعة داخل الحصن » ثم تسلل اليهود من القلعة » وتحولوا إلى 


حصن النزار اخر حصن في الشطر الأول . 
فتح حصن النزار: 


كان هذا الحصن أمنع حصون هذا الشطر » وكان اليهود على شبه اليقين بان المسلمين 
لا يستطيعون اقتحام هذه القلعة » وإن بذلوا قصاري جهدهم في هذا السبيل › ولذلك أقاموا في 
هذه القلعة مع الذراري والنساء » بيا كانوا قد أخلوا منها القلاع الاربعة السابقة . 

وفرض المسلمون على هذا الحصن أشد الحصار » وصاروا يضغطون عليهم بعنف » ولكون 
الحصن يقع على جبل مرتفع منيع لم يكونوا يجدون سبيلاً للاقتحام فيه » أما الييود فلم يجترئوا 
للخروج من الحصن . للاشتباك مع قوات المسلمين » لكنهم قاوموا المسلمين مقاومة عنيدة برشق 
النبال » وبالقاء الحجارة . 

وعندما استعصى حصن النزار على قوات المسلمين » أمر النبي عه بنصب الات 
المنجنيق » ويبدو أن المسلمين قذفوا بها القذائف » فاوقعوا الخلل في جدران الحصن » واقتحموه › 
ودار قتال مرير في داخل الحصن » انهزم أمامه اليهود هزيمة منكرة » وذلك لأمهم ل يتمكنوا من 
التسلل من هذا الحصن كا تسللوا من الحصون الأخرى » بل فروا - من فروا - من هذا الحصن 
تاركين للمسلمين نساءهم وذراريهم . ) 
وبعد فتح هذا الحصن المنيع تم فتح الشطر الأول من خيبر » وهي ناحية النطاة والشق › 
وكانت في هذه الناحية حصون صغيرة أخرى » إلا أن الييود بمجرد فتح هذا الحصن أخلوا هذه 
الحصون » وهربوا إلى الشطر الثاني من بلدة خيبر . 


- VY - 


فتح الشطر الثاني من خيبر: 

ولا فتح ناحية النطاة والشق › تحول رسول الله عي إلى أهل الكتيبة والوطيح والسلام 
حصن أي الحقيق من بني النضير » وجاءهم كل فل كان انهزم من النطاة والشق » وتحصن هوٌلاء 

واختلف أهل المغازي هل جرى هناك قتال في أي حصن من حصونها الثلاثة أم لا ؟ 
فسياق ابن إسحاق صرع في جريان القتال لفتح حصن القموص . بل يؤخذ من سياقه أن هذا 
الحصن تم فتحه بالقتال فقط من غير أن يجري هناك مفاوضة للاستسلام . 

أما الواقدي » فيصرح تام التصريح أن قلاع هذا الشطر الثلاثة إا أحذت بعد المفاوضة › 
ويمكن أن تكون المفاوضة قد جرت لاستلام حصن القموص بعد إدارة القتال . وأما الحصنان 
الاخران فقد سلما إلى المسلمين دوتما قتال . 

ومهما كان فلما أنى رسول الله عه إلى هذه الناحية. الكتيبة ‏ فرض على أهلها أشد 
الحصار 1 ودام الحصار أربعة عشر يوما › واليبود لا يخرجون من حصونهم › حتى هم 
رسول الله عه أن ينصب عليهم المنجنيق » فلما أيقنوا بال هلكة سألوا رسول الله لل الصلح . 
المحاوضة: 

وأرسل ابن أي الحقيق إلى رسول الله عي : أنزل فأكلحك ؟ قال : نعم فتزل » وصالح على 
حقن دماء من في حصونبهم من المقاتلة » وترك الذرية هم » ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم »› 
ويخلون بين رسول الله ع وبين ما كان لهم من مال وارض وعلى الصفراء والبيضاء ‏ أي 
الذهب والفضة - والكراع والحلقة إلا ثوباً على ظهر إنسان”" » فقال رسول الله َيه : وبرئت 
منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئاً » فصا حوه على ذلك . وبعد هذه المصالحة تم 
تسليم الحصون إلى المسلمين » وبذلك ثم فتح خيبر . 
)١(‏ ابن هشام ۳۳۱/۲ › 7/75 . 
(۲) ولكن صرح في رواية أي داود أنه عاهد على أن المسلمين يسمحون لليهود عند جلاثهم عن خيبر أن يأخذوا من 

الأموال ما حملت ركابهم ( انظر سنن ألي داود » باب ما جاء في حكم أرض خيير ۷٦/۲‏ ) . 
(۳) زاد المعاد ١757/9‏ . 


VT - 


قتل ابني أبي الحقيق لنقض العهد: 
ول رغم هله امعاهدة غيب ابا ني اقيق مالا کارا + خبها مسكا فيه مال وسل لی بن 
أخطب » كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير . 


قال ابن إسحاق : وأتي رسول الله عه بكنانة بن الربيع » وكان عنده كنز بني النضير » 
فسأله عنه » فجحد أن يكون يعرف مكانه » فاتی رجل من اليهود فقال : إني رأيت كنانة يطيف 
بهذه الخربة كل غداة . فقال : رسول الله ع2 لكنانة : أرأيت إن وجدناه عندك أأقتلك ؟ قال : 
نعم ! فأمر بالخربة » فحفرت » فأخرج منها بعض كتزهم » ثم سأله عما بقي » فألى أن يؤّديه . 
فدفعه إلى الزيير » وقال : عذبه حتى تستأصل ما عنده » فكان الزيير يقدح بزند في صدره حتى 
فرق عل ليد ل ن ور إلى د بن الما + أرب ت التو بن 
مَسلمة ( وكان محمود قتل تحت جدار حصن ناعم ألقى عليه الرحى » وهو يستظل بالجدار 
فمات ). 

وذكر ابن القيم أن رسول الله عه أمر بقتل اني ألي الحقيق » وكان الذي اعترف عليبما 
باخفاء الال هو ابن عم كنانة . | 

دی و اڈ ا سا جت ی بن لماي زات کت يان أبن ای تی 
وكانت روا حديثة عهد بالدخول . 
قسمة الغنانم: 

وأراد رسول الله عل أن يحلى اليبود من خيبر » فقالوا : يا محمد » دعنا نكون في هذه 
الأرض نصلحها » ونقوم عليبا » فنحن أعلم بها منكم » ولم يكن لرسول الله َيه ولا لأصحابه 
غلمان يقومون عليها » وكانوا لا يفرغون يقومون عليها » فأعطاهم خيبر على أن هم الشطر من كل 
زرخ » ومن كل غر ما يدا لرسول للم أن قرهم . وكان عبد لله بن رواحة تخرصه عم . 

وقسم أرض خيبر على ستة وثلائين سهماً » وجمع كل سهم مائة سهم » فكانت ثلاثة الاف 
وستائة سهم » فكان لرسول الله عه والمسلمين النصف من ذلك وهو ألف وثمانمائة سهم › 
لرسول الله عه سم كسهم أحد المسلمين » وعزل النصف الآخر وهو ألف ولانمائة سهم › 


- 3”07 


ب راه وما يزل يعن أمور الین > وإغا قسنت عل الف وقافالة سبوب لا كانت 
طعمة من الله لأهل الحديبية من شد منهم ومن غاب » وكانوا ألفا وأربعمائة وكان معهم مائتا 
فرس » لكل فرس سہمان » فقسمت على ألف وقانفائة سهم » فصار للفارس ثلاثة أسهم » 
وللراجل سهم واحد'" . 

ويدل على كثرة مغانم خيبر ما رواه البخاري عن ابن عمر قال : ما شبعنا حتى فتحنا 
خيبر » وما رواه عن عائشة قالت : لما فتحت خيبر قلنا : الآن نشبع من الغر" . ولا رجع 
رسول الله عله إلى المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم إياها من 
النخيل حين صار لهم بخيبر مال ونخيل7" . 


قدوم جعفر بن أبي طالب والاشعريين: 

وني هذه الغزوة قدم عليه ابن عمه جعفر بن أبي طالب وأصجابه » ومعهم الأشعريون أبو 
موسبى وأصحابه . 

قال أبو موسى : بلغنا حرج رسول الله َه ونحن بالين » فخرجنا مهاجرين - أنا وأخوان 
لي - في بضع وخمسين رجلا من قومي » فركبنا سفينة ‏ فالقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة ‏ 
فوافقنا جعفرا وأصحابه عنده » فقال : إن رسول الله عي بعثنا وأمرنا بالاقامة » فأقيموا معنا » 
فأقمنا معه حتى قدمنا فوافقنا رسول الله عي حين فتح خيبر » فأسهم لناء وما قسم لأحد غاب 
عن فتح خيبر شيعا إلا لمن شبد معه ‏ إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه » قسم لهم 


معهم9؟ . 
ولا قدم جعفر على النبي عه تلقاه وقبله » وقال : والله ما أدري بأيهما أفرح ؟ بفتح خيبر 
ام عدوم و 


. ۱۳۸ ۰ ۱۳۷/۲ زاد المعاد‎ )١( 

(۲) صحيح البخاري 509/7 . 

(۳) زاد المعاد ۱٤۸/۲‏ ء صحيح مسلم 975/7 . 

(4) صحيح البخاري 447/١‏ » وانظر أيضاً ضح الباري 184/7 » 488 487٠1447٠‏ . 
(ه) زد المعاد ۱۳۹/۲ . 


„V0 - 


وكان قدوم هؤلاء على أثر بعث الرسول ع إلى النجاشي عمرو بن أمية الضمري » يطلب 
توجيههم إليه » فأرسلهم النجاشي على مركبين » وكانوا ستة عشر رجلاً » معهم من بقي من 
نسائهم وأولادهم » وبقيتهم جاؤوا إلى المدينة قبل ذلك . 
الزواج بصفية: 

ذكرنا أن صفية جعلت في السبايا حين قتل زوجها كنانة بن أي الحقيق لغدره » ولا جمع 
السبي جاء دحية بن خليفة الكلبي » فقال : يا نبي الله » أعطني جارية من السبي . فقال : 
اذهب فخذ جارية . فأخذ صفية بنت حي » فجاء رجل إلى النبي ع فقال : يا نبي الله 
أعطيت دحية صفية بنت حبي سيدة قريظة وبني النضير » لا تصلح إلا لك » قال : ادعوه بها . 
فجاء بهاء فلما نظر إليها النبي عه قال : خذ جارية من السبي غيرها » وعرض عليها 
النبي عه الإسلام فأسلمت » فأعتقها وتزوجها » وجعل عتقها صداقها » حتى إذا كان بسد 
وأولم عليبا حيس من القر والسمن والسويق » وأقام عليها ثلاثة أيام في الطريق يني بها“ . 

ورأى بوجهها خضرة » فقال : ما هذا ؟ قالت : يا رسول الله » رأيت قبل قدومك علينا 
كان القمر زال من مكانه » وسقط في حجري »ء ولا والله ما أذكر من شأنك شيا » فقصصتها 
على زوجي » فلطم وجهي . فقال : عنين هذا الملك الذي بالمدينة29 . 


أمر الشاة المسمومة: 

ولا اطمن رسول الله بخيير بعد فتحها أهدت له زينب بنت الحارث » - امرأة سلام بن 
تښک - شاة مصلية » وقد سألت أي عضو أحب إلى رسول الله عب ؟ فقيل ها : الذراع » 
فأكثرت فيها من السم » E LG O‏ 
رسول الله مه تناول الذراع » فلاك منها مضغة » فلم يسغها يسخها » ولفظها › ا : إن هذا 


. ٠۲۸/١ محاضرات تاريخ الأ الإسلامية للخضري‎ )١( 
. ۱۳۷/۲ صحيح البخاري ۱| ۰/۲ ۰ ۰ 0 زاد المعاد‎ )۲( 
. ۴٣۹/۲ نفس الصدر الأخيرء واین هشام‎ 7 


TVs 


العظم ليخبرني أنه مسموم . ثم دعا بها فاعترفت » فقال : ما ملك على ذلك ؟ قالت : قلت : 
إن كان ملكا استرحت منه » وإن کان نبياً فسيخير» فتجاوز عنها . 

وكان معه بشر بن البراء بن معرور » أخذ منها أكلة » فأساغها » فمات منبا . 

واختلفت الروايات في التجاوز عن المرأة وقتلها » وجمعوا بأنه تجاوز عنها أولاً » فلما مات 


TT 
قتلى الفريقين فى معارك خيبر:‎ 


من اشجع » وواحد من أسلم » وواحد من أهل خيبر » والباقون من الأنصار . 

ويقال : إن شهداء المسلمين في هذه المعارك لم١‏ رجلا . وذكر العلامة المنصور فوري ١8‏ 
رجلا ثم قال: : في وجدت بعد التنفحص.7؟ اسما » واحد منها في الطيري فقط » وواحد عند 
الواقدي فقط . وواحد مات لأجل أكل الشاة المسمومة » وواحد اختلفوا هل قتل في بدر أو 
خيبر . والصحيح أنه قتل في بدر . 

أما قتلى اليبود فعددهم ثلائة وتسعون قتيلاً . 
فدك: 

ولا بلغ رسول الله َي إلى خيبر » بعث محيصة بن مسعود إلى يبود فدك ؛ ليدعوهم إلى 
الإسلام فابطأوا عليه » فلما فتح الله خيبر قذف الرعب في قلوبهم » فبعثوا إلى رسول الله كك 
يصالحونه على النصف من فدك ١‏ ؛ بمثل ما صالح عليه أهل خيبر » فقبل ذلك منهم » فكانت فدك 
لرسول الله يله خالصة » لأنه لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب . 





. فتح الباري 4۹/۷ > وأصل القصة مروية في البخاري مطولاً وختصراً‎ ١٤١ ۱۳۹/۲ انظر زاد المعاد‎ )١( 
۳۳۸ , ۳۳۷/۲ ولي ابن هشام‎ ۸۰ ۰ ۰/۲ ۰ ۱ 

(۲) رحمة للعالمین ۲۹۸/۲ , ۲۹۹ ۲۷١‏ . 

(۳) ابن هشام ۳۳۷/۲ ٣٣۳‏ . 


- VV - 


وادي القرى: 

ولا فرغ رسول الله عَم من خيبر » انصرف إلى وادي القرى » وكان بها جماعة من اليبود » 
وانضاف إليهم جماعة من العرب . 

فلما نزلوا استقبلتهم يهود بالرمي وهم على تعبئة » فقتل مدعم عبد لرسول الله ع » فقال 
الناس : هنيئاً له الجنة » فقال النبي عله : كلا . والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم 
خيير من المغانم » لم تصبها المقاسم » لتشتعل عليه نار . فلما مع بذلك الناس جاء رجل إلى 
النبي يله بشراك أو شراكين » فقال النبي عله : شراك من نار أو شراكان من نار“ . 

ثم عباً رسول الله عله أصحابه للقتال » وصفهم » ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة » وراية 
إلى الحباب بن المنذر » وراية إلى سبل بن حنيف » وراية إلى عبّاد بن بشر ء ثم دعاهم إلى 
الإسلام فأبوا » وبرز رجل منهم » فبرز إليه الزيير بن العوام فقتله ‏ ثم برز أخر فقتله » ثم برز اخر 
فبرز إليه علي , بن أبي طالب رضي الله عنه فقتله » جتى قتل منهم أحد عشر رجلا » كلما قتل 
منم رجل دعا من بقي إلى الإسلام . 

وكانت. الصلاة تحضر هذا اليوم الع اسح ب ضرت إلى الإإسلام وإلى 
الله ورسوله » فقاتلهم حتى مسوا » وغدا عليهم ٠‏ فلم ترا تفع الشمس قيد رح حتى أعطوا 
ما بأيديهم » وفتحها عنوة » وغنمه الله أمولهم » وأصابوا أثاثاً ومتاعاً كثيرا . 

وأقام رسول الله َيه بوادي القرى أربعة أيام » وقسم على أصحابه ما أصاب بها » وترك 
الأرض والنخل بأيدي اليهود » وعاملهم عليه" ( کا عامل أهل خيير ) . 
ثيماء : 


المسلمين › ابل يعوا من ا ف و الصاح . قبل ذلك منهم رسول الله ههه » 
وأقاموا بأموا م 6 وكتب هم بذلك كايا ( وهاك نصه : هذا كتاب محمد وضول الله لبي 


(1) صحيح البخاري 1۰۸/۲ . 
(۲) زد المعاد ٠٤١ ١ ۱٤71/۲‏ . 
09) نفس المصدر ٠٤١/۲‏ . 


- TVA - 


عاديا » إن هم الذمة » وعليبم الجزية » ولا عداء ولا جلاء » الليل مد , والنهار شد » وكتب 
خالد بن سعید . 


العودة إلى المدينة: 

ثم أخذ رسول الله في العودة إلى المدينة » وفي مرجعه ذلك سار ليلة » ثم نام في آخر الليل 

ببعض الطريق » وقال لبلال : كتليل وتيك لالرصيات وعر سيت ل ا عانور 
م يسيقظ أحد ء حت شرم الشمس ؛ ورل من اميقظ مد ذلك رسرل اذ »غ 
السفر9') . 
سرية أبان بن سعيد: 

كان النبي ع يعرف أكثر من كل قائد عسكري أن إخلاء المدينة اما بعد انقضاء 
الأشبر الحرم ليس من الحزم قطعاً » بينا الأعراب ضاربة حوها تطلب غرة المسلمين للقيام بالنبب 
والسلب أو أعمال القرصنة » ولذلك أرسل سرية إلى نجد لارهاب الأعراب » تحت قيادة أبان بن 
سعيد » بنا کان هو إلى خيبر » وقد رجع أبان بن سعيد بعد قضاء ما كان واجبا عليه » فوا 
النبي عي يبر » وقد افتتحها . 

والأغلب أن هذه السرية كانت في صفر سنة ۷ه . ورد ذكر هذه السرية في البخاري”” . 
قال ابن حجر : لم أعرف حال هذه السرية9؟ . 





)01( ابن سعد . 
(۲) ابن هشام ٠ ۳٤١١/۲‏ والقصة معروفة مروية في عامة كتب الحديث : وانظر زاد المعاد ١٤۷/۲١‏ . 
(۳) انظر صحيح البخاري باب غزوة خيبر 1۸/۲ › 1۰۹ . 
(5) فح الباري 151/17 . 
79/4 - 


بقية السرايا والغزوات 


فى السنة السابعة 


غزوة ذات الرقاع: 

ولا فرغ رسول الله عه عن كسر جناحين قويين من أجنحة الأحزاب الثلاثة ؛ تفرغ تامأ 
للالتفات إلى الجناح الثالث » أي إلى الأعراب القساة الضاربين في فيافي نجد » والذين ما زالوا 
يقومون بأعمال النبب والسلب بين اونة وأخرى . 

ولا كان هؤلاء البدو لا تجمعهم بلدة أو مدينة » ولم يكونوا يقطنون الحصون والقلاع › 
كانت الصعوبة في فرض السيطرة عليهم وإخماد نار شرهم تام تزداد بكثير عما كانت بالنسبة إلى 
أهل مكة وخيبر » ولذلك لم تكن تحدي فيهم إلا حملات التأديب والارهاب » وقام المسلمون 
O‏ 
قام رسول الله $ بتحملة تاديبية عرفت بعزوه ةذات لرقاع . 

وعامة أهل المغازي يذكرون هذه الغزوة في السنة الرابعة » ولكن مساهمة أبي موسى 
وقعت في شهر ربيع الأول سنة ۷ه . 

وملخص ما ذكره أهل السير حول هذه الغزوة أن النبي ع ممع باجماع مار أو بني ثعلبة 
وبني محارب من غطفان ؛ فأسرع بالخروج إلہم ف امات أو سبعمائة من أصحابه 3 واستعمل 
ا ا خا ين ان + وسار کر ا و e‏ 
يومئذ صلاة الخوف . 


لوكت 


وني البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : حرجنا مع رسول الله عه ونحن 
ستة نفر بيننا بعير نعتقبه » فنقبت أقدامنا » ونقبت قدماي » وسقطت أظفار »> فكنا نلف على 
بو ووو a‏ ا 

وفيه عن جابر : كنا مع النبي عي بذات الرقاع » فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها 
ا > يستظلون بالشجر . ونزل 
نول اله 282 غك شج تعلق چا سف :قال جا : فنمنا نومة ؛ فجاء رجل من 
المشركين » فاخترط سيف رسول الله عله » فقال : أتخافني ؟ قال : لا . قال : فمن يمنعك 
مني ؟ قال : الله . قال جابر : فإذا رسول الله ع يدعونا > فجئنا فإذا عنده أعرابي جالس › 
فقال رسول الله عقا : إن هذا اخترط سيفي وأنا نام ؛ فاستيقظت وهو في يده صلتا » فقال 
لي : من يمنعك مني ؟ قلت : الله . فها هو ذا جالس . ثم لم يعاتبه رسول الله ع . 

وني رواية : وأقيمت الصلاة فصلى بطائفة ركعتين , ثم تأخروا » وصلى بالطائفة الأأخرى 
ركعتين » وكان للنبي عه أربع » > وللقوم ركعتان(" . 

وفي رواية أي عوانة : فسقط السيف من يده » فأخذه رسول الله عي » فقال : من يمنعك 
مني ؟ قال : كن خير اخذ . قال : تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ؟ قال الأعرابي : 
أعاهدك أن لا أقاتلك ‏ ولا أكون مع قوم يقاتلونك , قال : فخلى سبيله . فجاء إلى قومه » فقال 
جنتكم من عند خير الناس ° 

بريه اباي سحاد عي يعر فى أي بثر e‏ ث0 
لکن ظاهر كلامه أنهما قصتان في غزوتين والله أعله* . 

وي مرجعهم من هذه الغزوة سبوا امرأة من المشركين » فنذر زوجها أن لا يرجع حتى يهريق 





(1) صحيح البخاري باب غزوة ذات الرقاع ٥۹۲/۲‏ » وصحيح مسلم باب غزوة ذات الرقاع ١18/5‏ . 
(۲) صحيح البخاري ٥۹۳/۲ » 14.8 ٤0۷/۱‏ . 

(*) مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص٤٠۲‏ » وانظر فتح الباري 415/7 . 

. ٥۹۳/۲ صحيح البخاري‎ )٤( 

. ٤۲۸/۷ فح الباري‎ )٥( 


- FA\ - 


دماً في أصحاب محمد عل » فجاء ليلاً » وقد أرصد رسول الله ع رجلين ربيئة20 للمسلمين 
من العدو » وهما عباد بن بشر وعمار بن ياسر » فضرب عباداً وهو قائم يصلي بسهم فنزعه » و م 
يطل صلاته » حتى رشقه بثلاثة اسم » فلم ينصرف منها حتى سلم » فأيقظ صاحبه » فقال : 
سبحان الله » هلا نبهتني » فقال : إني كنت في سورة فكرهت أن أقطعها" . 

كان لهذه الغزوة أثر في قذف الرعب في قلوب الأعراب القساة » وإذا نظرنا إلى تفاصيل 
السرايا بعد هذه الغزوة ؛ نرى أن هذه القبائل من غطفان لم تحترىء أن ترفع رأسها بعد هذه 
الغزوة » بل استكانت شيا فشيئاأ حتى استسلمت » بل وأسلمت > حتى نرى عدة قبائل من هذه 
الأعراب تقوم مع المسلمين في فتح مكة » وتغزو حنيناً » وتأخذ من غنامها » ويبعث إليها 
المصدقون فتعطي صدقاتها بعد الرجوع من غزوة الفتح , > فبهذا تم كسر الأجنحة الثلاثة التي 
كانت ممثلة في الأحزاب » وساد المنطقة الأمن والسلام » واستطاع المسلمون بعد ذلك أن يسدوا 
يسهولة كل خلل وثلمة حدثت في بعض المناطق من بعض القبائل » بل بعد هذه الغزوة بدات 
القهيدات لفتوح البلدان والممالك الكبيرة » لأن داخل البلاد كانت الظروف قد تطورت لصالح 
الاسلام والمسلمين . 

وبعد الرجوع من هذه الغزوة أقام رسول الله عي إلى شوال سنة /اه . وبعث في خلال 
ذلك عدة سرايا » وهاك بعض تفصيلها : 

١‏ - سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى بي الملوح بقديد » في صفر أو ربيع الأول سنة 
۷ه . كان بنو الملوح قد قتلوا أصحاب بشير بن سويد » فبعثت هذه السرية لاخذ الثار . فشنوا 
الغارة في الليل فقتلوا من قتلوا » وساقوا النعم » وطاردهم جيش كبير من العدو » حتى إذا قرب 
من المسلمين نزل مطر » فجاء سيل عظيم حال بين الفريقين ايم 
الانسحاب . 

تعر ی ای رن لاضن رفن مط اق 

٣‏ - سرية عمر بن الخطاب إلى تربة في شعبان سنة ۷ه . ومعه ثلاثون رجلا » كانوا 
(۲) زد المعاد ۱۱۲/۲ » وانظر لتفصيل مباحث هذه الغزوة ابن هشام ۲۰۳/۲ › إلى ۲۰۹ ء زاد المعاد ١١١/5‏ > 

| . 178 إلى‎ ٤۱۷/۷ ع فتح الباري‎ 0١ 


STAT = 


يسيرون الليل ويستخفون في النہار » وأتى الخبر إلى هوازن فهربوا » وجاء عمر إلى محالم » فلم 
يلق أحدا فانصرف راجعا إلى المدينة . 

4 - سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة بناحية فدك في شعبان سنة ۷ه » في 
ثلاثين رجلا . خرج إلمهم واستاق الشاء والنعم » > ثم رجع فأدركه الطلب عند اليل » فرموهم 
بالنبل حتى قي نبل بشير وأصحابه » فقتلوا < جميعا إلا بشير فإنه ارتث إلى فدك » فأقام عند يبود , 
حتى برأت جراحه » فرجع إلى المدينة . 

RN بجا‎ ee, eT 
2 وي بو‎ r a 
قال : لا إله إلا الله . فقال النبي عه » هلا شققت عن قلبه فتعلم أصادق هو أم كاذب ؟‎ 

- سرية عبد لله بن رواحة إلى خبير في شوال سنة /اه في ثلاثين راكيا . وذلك أن أسيرا 
FY A a r‏ 
أفضى إلى قتل أسير وأصحابه الثلاثين . 

۷ - سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى يمن وجبار ( بالفتح » أرض لغطفان وقيل لفزارة 
ا ا اين اا ا KEE‏ ب 
مومع اميا ا ويم 

۸ - سرية أي حدرد الأسلين إلى الغابة . ذكرها ابن القع في سرايا السنة السابعة قبل 
عمرة القضاء » وملخصها أن رجلا من جشم بن معاوية أقبل في عدد كبير إلى الغابة » يريد أن 
خطة حربية حكيمة » وهزم العدو هزيمة منكرة » واستاق الكثير من الابل والغن”"2 . 

)١١‏ زاد المعاد ٠. ٠١٠١ > ١٤۹/۲‏ وانظر لتفصيل هذه السرايا رحمة للعالمين ۲۲۹/۲ > ۲۰ 38636 » زاد المعاد 

٠٠١ 6044/5‏ تلقيح فهوم أهل الأثر مع حواشيها ص٠۳‏ ومختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله 

النجدي ص۳۲۲ › ۳۲۴۳ 2 774 . 


-_ TAT - 


عمرة الفضاء 


قال الحا : تواترت الأخبار أنه عه لما هل ذو القعدة أمر أصحابه أن يعتمروا قضاء 
عمرتهم » وأن لا يتخلف منهم أحد شهد الحديبية » فخرجوا إلا من استشهد » وخرج معه اخرون 
معتمرين » فكانت عدتهم ألفين سوى النساء والصبيان . اه . 

واستخلف على المدينة عويف أبا رهم الغفاري » وساق ستين بدنة » وجعل عليها ناجية بن 
جندب الأسلمي » وأحرم للعمرة من ذي الحليفة » ولى » ولى المسلمون معه » وخرج مستعدا 
بالسلاح والمقاتلة » خشية أن يقع من قريش غدر › فلما بلغ يأجج وضع الأداة كلها . 
الحجف » والمجان » والنبل » والرماح » وخلف عليها أوس بن خولي الأنصاري في مائتي رجل ١‏ 
ودخل بسلاح الراكب والسيوف في القرب”" . 

وكان رسول الله عه عند الدخول راكب على ناقنه القصواء » والمسلمون متوشحو 
السيوف » محدقون برسول الله عي يلبون . ظ 

وخرج المشركون إلى جبل قعيقعان ‏ الحبل الذي في شمال الكعبة ‏ ليروا المسلمين ‏ 
قالوا فيا بينهم : إنه يقدم عليكم وفد وهنتهم حمى يارب » فأمر النبي عه أصحابه أن برملوا 
الأشواط الثلاثة » وأن بمشوا ما بين الركنين . ولم منعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا 
الابقاء» وإنما أمرهم بذلك ليري المشركين قوته , کا أمرهم ال ؛ أي أن يكشفوا 
المناكب الينى » ويضعوا طرفي الرداء على اليسرى . 


)0( فتح الباري ٠٠١7‏ 
(9) نفس المصدر وزاد المعاد ١51/5‏ . 


. 1١5/١ مجح الخاري وتلا ا الوه ؛ صحيح مسلم‎ 6 ٠ 


SEAS 


ع ا التي تطلعه على الحجون - وقد صف المشركون 
ينظرون إليه ‏ فلم يزل يلبي حتى استلم الركن بمحجنه » ثم طاف › وطاف المسلمون ع 
وه أو وراة وين واي ونبرل 0171 ابو رفيا E‏ 
خحلوا بني الكفر عن سبيله خلولوا قفكلالخير في رسوله 
قد أنزل الرحمن في تنزيله6 في صحف تتلى على رسووله 
يارب إني موّمن بهقيله إني رأيت الح في ق وله 
جان جر الق قل ية الجن اش فلل تي 
ا اا بذهم يارس a‏ 

وني حديث أنس فقال عمر : يا ابن رواحة بين يدي رسول الله عه » وني حرم الله تقول 
الشعر ؟. فقال له النبي عي : ٠‏ حل عنه يا عمر » فلهو أسرع فيهم من نضح النبل 296 . 

ورمل رسول الله عه والمسلمون ثلاثة أشواط » فلما رآهم المشركون قالوا : هؤلاء الذين 
زعمتم أن الحمى قد وهنتم » هؤلاء أجلد من كذا وكذا . 

ولا فرغ من الطواف سعى بين الصفا والمروة » فلما فرغ من السعي » وقد وقف الحدي عند 
المروة » قال : « هذا المنحر وكل فجاج مكة منحر » . فنحر عند المروة وحلق هناك » وكذلك 
فعل المسلمون » ثم بعث ناسا إلى ياجج » فيقيموا على السلاح » وياتي الآخرون فيقضون 

أقام رسول الله عه بمكة ثلاثا » فلما أصبح من اليوم الرابع أتوا علياً. فقالوا : قل 
لصاحبك : اخرج عنا » فقد مضى الأجل » فخرج النبي عي . ونزل بسرف فأقام بها . 

ولا أراد الخروج من مكة تبعتهم ابنة حمزة » تنادي يا عم يا عم » فتناوها على » واختصم فيها 
علي وجعفر وزيد » فقضى النبي عي الجعفر , لأن خالتها كانت تحته . 

وني هذه العمرة تزوج النبي َي بميمونة بنت الحارث العامرية » وكان رسول الله عله قبل 


. اضطربت الاشعار وترتيبها في الروايات فجمعنا بين شتيتها‎ )١( 
. 1۷/۲ رواه الرمذي > أبواب الاسعذان اه باب ما جاء في انشاد الشعر‎ )١١ 
. 1١5/١ صحيح مسلم‎ )۳( 

- 5786 - 


الدخول في مكة بعث جعفر بن أي طالب بون يديه إلى ميمونة » فجعلت أمرها إلى العباس » 
وكانت أختها أم الفضل تحته » فزوجها إياه » فلما خرج من مكة خلف أبا رافع ليحمل ميمونة 
إليه خين يمشي » فبنى بها بسرف0" . 

رومیت هذه العمرة بعمرة القضاء ؛ إما لأا كانت قضاء عن عمرة الحديبية » أو لأا 
وقعت حسب المقاضاة أي المصالحة التي وقعت في الحديبية » والوجه الثاني رجحه المحققون9) 
وهذه العمرة تسمى بأربعة أسماء : القضاء » والقضية » والقصاص ء والصلح“ . 

وبعد الرجوع من عمرة القضاء بعث عدة سرايا » هاك تفصيلها : 

١‏ - سرية ابن أبي العوجاء » في ذي الحجة سنة ۷ه » في خمسين رجلا بعثه رسول الله إلى 
بي سام » ليدعوهم إلى الإسلام » فقالوا : لا حاجة لنا إلى ما دعوتنا ء ثم قاتلوا قتالاً شديداً . 
جرح فيه أبو العوجاء » وأسر رجلان من العدو . 

؟ - سرية غالب بن عبد الله إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفدك في صفر سنة 
4ه . بعث في مائتي رجل » فأصابوا من العدو نعماً » وقتلوا منهم قتلى . 

۳ - سرية ذات أطلح في ربيع الأول سنة ۸ه . كانت بنو قضاعة قد حشدت جموعا 
كبيرة للاغارة على المسلمين » فبعث إليهم رسول الله عله كعب بن عمير الأنصاري في خمسة 
عشر رجلا » فلقوا العدو » فدعوهم إلى الإسلام » فلم يستجيبوا هم » وأرشقوهم بالنبل حتى 
استشهدوا كلهم إلا رجل واحد » فقد ارتث من بين القتلى!" . 

؛ - سرية ذات عرق إلى بني هوازن في ربيع الأول سنة ۸ه . كانت بنو هوازن قد أمدت 
الأعداء مرة بعد أخرى » فأرسل إليه شيعا بن وهب الأسدي في خمسة وعشرين رجلا » 
فاستاقوا نعماً من العدو » ولم يلقوا كيدا . 


)0 زاد المعاد ٠١١/۲‏ . 

(؟) انظر زاد المعاد ١77/1١‏ » فتح الباري ب/.. 

(6) انظر نفس المصدر الأخير . 

. ۲۳١٠/۲ رحمة للعالمين‎ )٤( 

() نفس المصدر وتلقيح فهوم أهل الأثر لابن الموزي ص77 حاشية . 
۳A1 -‏ - 


معركة مؤنة 


وهذه المعركة أكبر لقاء مثخن » وأعظم حرب دامية خاضها المسلمون في حياة 
رسول الله عه > وهي مقدمة وتمهيد لفتوح بلدان النصارى » وقعت في جمادى الأول سنة 
۸ھ وفق أغسطس أو سبتمبر سنة 5175م . 

ومو تة ( بالضم فالسكون ) هي قرية بأدنى بلقاءالشام » بينها وبين بيت المقدس مرحلتان . 

وسبب هذه المعركة أن رسول الله عل بعث الحارث بن عمير الأزدي بكتابه إلى عظم 
بصرى » فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني - وكان عاملا على البلقاء من أرض الشام من قبل 
قيصر - فأوئقه رباطأ » ثم قدمه » فضرب عنقه . 

وكان قتل السفراء والرسل من أشنع الحرائم » يساوي بل يزيد على إعلان حالة الحرب » 
فاشتد ذلك على رسول الله عله حين نقلت إليه الأخبار » فجهز اليه جيشأ قوامه ثلاثة آلاف 
مقاتل » وهو أكبر جيش إسلامي » لم يجتمع قبل ذلك إلا في غزوة الأحزاب . 
أمراء الجيش ووصية رسول الله بيا - إليهم: 

1 ا طا : 

امن رسول الله 432 عل :هذا الع ريدن حا وال ران جا ويد رة وان 
قتل جعفر فعبد الله بن رواحة 6( . وعقد هم لواء أبيض » ودفعه إلى زيد بن حارثة . 
)1( زاد المعاد ٠٠٠١/۲‏ » فتح الباري 51١/10‏ . 


(۲) صحيح البخاري باب غزوة مؤتة من أرض الشام 51١١/7‏ . 
۳) مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص۲۷٠‏ . 


- FAY - 


اک عمير ب 000 إلى ا 0 
So aS‏ 


توديع الجيش الإسلامي وبكاء عبدالله بن رواحة 
ولا تبياً الجيش الإسلامي للخروج حضر الناس » ودعوا أمراء رسول الله عه » وسلموا 
عليهم » وحينئذ بكى أحد أمراء الجيش » عبد الله بن رواحة » فقالوا : ما يبكيك ؟ فقال : أما 
والله ما بي حب الدنيا » ولا صبابة بكم » ولكني معت رسول الله عي يقرأ اية من كتاب الله 
يذكر فيها النار « ون نکر ل لد وارد ها کان عل ريك حتما مّقْضِيًا © ( ۱۹ : ۷۱ ) فلست 
أدري كيف لي بالصدر بعد الورود ؟ فقال المسلمون : صحبكم الله بالسلامة » ودفع عنكم › 
ورد م إلينا صالحين غانمين › فقال عبد الله بن رواحة 
لكنني أسأل الرحمن مغفرة 2 وضربة ذات فرغ“ تقذف الزبدا 
أو تة راق حن غه عة تاجف او رولد 
حى يقال إذا مروا على جدثي“ أرشدهالله من غاز » وقد رشدا 
م حرج القوم » وخرج رسول الله عه مشيعاً لهم حتى بلغ ثنية الوداع » فوقف 
وودعهم'' . 
تحرك الجيش الإسلامي» ومباغتته حالة رهيبة: 
وتحرك اليش الاسلامي في اتجاه الشهال حتى نزل معان » من أرض الشام » مما يل الحجاز 
الشهالي » وحيتئذ نقلت إليهم الاستخبارات بأن هرقل نازل بماب من أرض البلقاء في مائة ألف من 
الروم » وانضم إليهم من لخم وجذام وبلقين وبهراء وبلي مائة ألف . ظ 
)١(‏ نفس المصدرء وه للعالمين ۲۷٠١/۲‏ . 
(۲) الفرغ : السعة . 
(؟) الحدث : القر . | 
(4) بن هشام ۳۷۲۳/۲ ۰ 4 ۳١‏ » زاد المعاد ؟/67١‏ » مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص۴۲۷ . 


- FAA- 


المجلس الاستشاري بمعان: 


لم يكن المسلمون أدخلوا في حسابهم لقاء مثل هذا الجيش العرمرم » الذي بوغتوا به في هذه 
الارض البعيدة - وهل هجم جيش صغير » قوامه ثلاثة الاف مقاتل فحسب » على جيش كبير 
عرمرم » مثل البحر الخضم » قوامه مائتا ألف مقاتل ؟ حار المسلمون » وأقاموا في معان ليلتين 
يفكرون في أمرهم » وينظرون ويتشاورون , ثم قالوا : نكتب إلى رسول الله عه » فنخبره بعدد 
عدونا » فإما أن يمدنا بالرجال » وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له . 

ولكن عبد الله بن رواحة عارض هذا الرأي » وشجع الناس » قائلا : يا قوم والله إن التي 
تكرهون للقي خرجتم تطلبون » الشهادة » وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة » ما نقاتلهم إلا 
بهذا الدين الذي أكرمنا الله به » فانطلقوا » فإنما هي إحدى الحسنيين » إما ظهور وإما شهادة . 
وأخبيراً استقر الرأي على ما دعا إليه عبد الله بن رواحة 
الجيش الإسلامى يتحرك نحو العدو: 

وحينئذ بعد أن قضى الجيش الإسلامي ليلتين في معان » تحركوا إلى أرض العدو » حتى 
لقيتهم جموع هرقل بقرية من قرى البلقاء يقال لها ٠‏ « مشارف ٠‏ . ثم دنا العدو » وانحاز المسلمون 
إلى مؤتة » فعسكروا هناك » وتعبأوا للقتال » فجعلوا على ميمنتهم قطبة بن قتادة العذري » وعلى 
الميسرة عبادة بن مالك الأنصاري . 
بداية القتال» وتناوب القواد: 


وهناك في مؤتة التقى الفريقان » وبدأ القتال المرير » ثلاثة الاف رجل يواجهون هجمات 
ٿتي ألف مقاتل . معركة عجيبة تشاهدها الدنيا بالدهشة والحيرة » ولكن إذا هبت ريم الايمان 


جاءت بالعجائب . 

أحذ الراية زيد بن حارثة - حب رسول الله عل - وجعل يقاتل بضراوة بالغة » وبسالة 
لا يوجد لها نظور إلا في أمثاله من أبطال الإسلام » > فلم يزل يقاتل ويقاتل حتى شاط في رماح 
القوم » وخر صريعاً . 


- ۳A4 - 


وحينئذ أخذ الراية جعفر بن ألي طالب » وطفق يقاتل قتالاً منقطع النظير » حتى إذا أرهقه 
القتال اقتحم عن فرسه الشقراء فعقرها » ثم قاتل حتى قطعت يينه » فأخذ الراية بشماله » ولم يزل 
بها حتى قطعت هماله » فاحتضنها بعضديه . فلم يزل رافعاً إياها حتى قتل . يقال : إن رومياً 
ضربه ضربة قطعته نصفين » وأثابه الله بجناحيه جناحين في الجنة » يطير بهما حيث يشاء» 
ولذلك سمي بمجعفر الطيار » وبجعفر ذي الجناحين . 

روى البخاري عن نافع أن ابن عمر أخبره أنه وقف على جعفر يومثذ وهو قتيل » فعددت 
به خمسين بين طعنة وضربة » ليس منها شيء في دبره . يعني ظهره“ . 

وفي رواية أخرى قال ابن عمر كيم اتلك الخزوة ٠+‏ امنا جغفر ٠.‏ بن ابي طالب 
فوجدناه في القتلى » ووجدنا ما في جسده بضعاً وتسعين من طعنة ورمية”" . وني رواية العمري 
عن نافع زيادة « فوجدنا ذلك فيا أقبل من جد ظ 

ولا قتل جعفر بعد القتال بمثل هذه الضراوة والبسالة أخذ الراية عبد الله بن رواحة » وتقدم ٠‏ 
بها » وهو على فرسه » فجعل يستنزل نفسه » ويتردد بعض التردد حتى حاد حيدة » ثم قال : 

أقسمت ينانفس لقنزلئنه كارهةأو لط اوعنه 

إن أجلب الناس وشدوا الرنه ‏ ملي أراك تكرهين الجنه 

ثم نزل » فأتاه ابن عم له بعرق من لحم فقال : شذ بهذا صلبك » فإنك قد لقيت في أيامك 
هذه ما لقيت » فأخذه من يده فانتبس منه نہسة » ثم ألقاه من يده ثم أخذ سيفه فتقدم » فقاتل 
حتى قتل . ظ 
الراية إلى سيف من سيوف الله: 


السلمين » اصطلحو على رجل متكم » قا : أت . قال اأ باعل فاصطح لاس عل 


01 مح ری بای غروة مؤنة من أرض الشاء 1/۲ . 


(۲) نفس المصدر ٦۱١/۲‏ . < 
(۳) انظر فتح الباري ۷ه » وظاهر الحديثين التخالف في العدد وجمع بان الزيادة باعتبار ما وجد فيه من رمي 
السسهام . انظر المصدر المذ كور 8 


= 


حالد بن الوليد » فلما أخذ الراية قاتل قتالاً مريراً » فقد روى البخاري عن خالد بن الوليد قال : 
لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف » فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية“ . وفي لفظ 
آخر : لقد دق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف » وصبرت في يدي صفيحة لي يمانية“ . 
- م ام ايل 05 . - - و . 8 
وقد قال رسول الله ع يوم مؤتة - حبرا بالوحي » قبل أن يأني إلى الناس الخبر من ساحة 
الال :+ احا الراية زيد قاصيب » ثم أخذ جعفر قاصيب » ثم أخذ ابن رواحة فاصيب 


- وعيناه تذرفان - حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله » حتى فتح الله علي . 


نهاية المعركة: 

رمع الشجاعة البالغة والبسالة والضراوة المريرتين كان مستغرباً جدا أن ينجح هذا الجيش 
الصغير 5 الصمود امام تيارات ذلك البحر الغطمطم من جيوش الروم 2 قفي ذلك الوقت اظهر 
خالد بن الوليد مهارته ونبوغه في تخليص المسلمين ما ورطوا أنفسهم فيه . 

وأختلقت الروايات كيرا فما آل إليه أمر هذه المعركة أخيراً . ويظهر بعد النظر في جميع 
الروايات أن خالد بن الوليد جح في الصمود أمام جيش الرومان طول النهار » في أول يوم من 
الغتال » وكان يشعر بمسيس الحاجة إلى مكيدة حربية » تلقى الرعب في قلوب الرومان ؛ حتى 
يجح 5 الا یاز بالمسليية من غير أن يقوم الرومان حر کات المطاردة » فقد كان يعرف ا أن 
الإفلات من برائتهم صعب جدا لو انكشف المسلمون » وقام الرومان بالمطاردة . 

فلما أصبح اليوم الثاني غير أوضاع الجيش » وعبأه من جديد » فجعل مقدمته ساقة , 
ومعيمنته ميس رة « وعل العكس » فلما راهم الأعداء انکرو! حالهم 4 وقالوا 8 جاءهم ملد » 
فرعبوا » وصار خالد ‏ بعد أن ترااى الجيشان » وتناوشا ساعة - يتأخر بالمسلمين قليلاً قليلاً , 
مع حفظ نظام جيشه » ول يتبعهم الرومان ظنا منهم أن المسلمين يخدعونهم » ويحاولون القيام 
عكيدة ترمي هم 6 الصحراء : 

وهكذا انحاز العدو إلى بلاده » ولم يفكر في القيام بمطاردة المسلمين » ونجح المسلمون في 
)١(‏ صحيح البخاري باب غزوة مؤتة من أرض الشام 511/9 . 
.)١(‏ نفس المصدر 519/9 . 


(6) نفس المصدر 511/5 . 


TA 


الانحياز سالمين » حتى عادوا إلى المدينة(“ . 


واستشهد يومكذ من المسلمين اثنا عشر رجلا » أما الرومان » فلم يعرف عدد قتلاهم غير أن 
تفصيل المعركة يدل على كثرتهم . 
أثر المعركة: 


وهذه المعركة وإن لم يحصل المسلمون بها على الثأر » الذي عانوا مرارتها لأجله » لكنها 
كانت كبيرة الأثر لسمعة المسلمين » إنها ألقت العرب كلها في الدهشة والحيرة » فقد كانت 
الرومان أكبر وأعظم قوة على وجه الأرض » وكانت العرب تظن أن معنى جلادها هو القضاء على 
النفس وطلب الحتف بالظلف » فكان لقاء هذا الجيش الصغير - ثلاثة الاف مقاتل ‏ مع ذلك 
الجيش الضخم العرمرم الكبير - مائتا ألف مقاتل - ثم الرجوع عن الغزو من غير أن تلحق به 
خسارة تذكر » كان كل ذلك من عجائب الدهر » وكان يو كد أن المسلمين من طراز آخر غير 
ما ألفته العرب وعرفته » وأنبم مؤيدون ومنصورون من عند الله » وأن صاحبهم رسول الله حقا ‏ 
ولذلك نرى القبائل اللدودة التي كانت لا تزال تثور على المسلمين جنحت بعد هذه المعركة إلى 
الإسلام » فأسلمت بنو سليم وأشجع وغطفان وذبيان وفزارة وغيرها . 
وكانت هذه المعركة بداية اللقاء الدامي مع الرومان » فكانت توطئة وتمهيدا لفتوح البلدان 
الرومانية » واحتلال المسلمين الأراضي البعيدة النائبة . 
+ »+ » 
ولا علم رسول الله ع بموقف القبائل العربية التى تقطن مشارف الشام في معركة موتة » 
من اجتاعهم إلى الرومان ضد المسلمين » شعر بمسيس الحاجة إلى القيام بحكمة بالغة توقع الفرقة 
بينها وبين الرومان » وتكون سبباً للائتلاف بينها وبين المسلمين » حتى لا تتحشد مثل هذه 
الجموع الكبيرة مرة أخرى . 
(1) انظر فتح الباري ٠ ه١ ٥۱۳/۷‏ زاد المعاد ٠١١/۲‏ . وتفصيل المعركة ماخوذ من هذين المصدرين والي 
- 7847 - 


واختار لتنفيذ هذه الخطة عمرو بن العاص ؛ لأن أم أبيه كانت امرأة من بلي » فبعثه إليهم في 
جمادى الآخرة سنة ۸ه على إثر معركة مؤتة ليستالفهم » ويقال : بل نقلت الاستخبارات أن 
جمعا من قضاعة قد تجمعوا » يريدون أن يدنوا من أطراف المدينة » فبعثه إليهم » ويمكن أن يكون 
الان ايها مها . 

وعقد رسول الله عَم لعمرو بن العاص لواء أبيض » وجعل معه راية سوداء » وبعثه في 
ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار » ومعهم ثلاثون فرسا » وأمره أن يستعين بمن مر به من بلي 
وعذرة وبلقين» فسار الليل وكمن النبار » فلما قرب من القوم بلغه أن لحم جمعا كثيراً » فبعث 
رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله عه يستمده » فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في مائتين 
وعقد له لواء > وبعث له مسراة المهاجرين والأنصار - فيهم أبو بكر وعمر ‏ وأمره أن يلحق 
بعمرو » وأن يكونا جميعا ولا يختلفا » فلما لحق به أراد أبو عبيدة أن يوم الناس » فقال عمرو : 
انا قدمت عل مددا , وأنا الأمير , فأطاعه أبو عبيدة » فكان عمرو يصلي بالناس. 

وسار حتى وطىء بلاد قضاعة » فدوخها حتى أنى أقصى بلادهم » ولقي في اخر ذلك 
جمعاً » فحمل عليهم المسلمون فهربوا في البلاد وتفرقوا . 

وبعث عوف بن مالك الأشجعي بريدا إلى رسول الله ع » فأخيره بقفوهم وسلامتهم » 
وما كان في غزاتهم . 

وذات السلاسل ( بضم السين الأولى وفتحها : لغتان ) بقعة وراء وادي القرى » بينها وبين 
المدينة عشرة أيام . وذكر ابن إسحاق أن المسلمين نزلوا على ماء بأرض جذام يقال له السلسل » 
فسمي ذات السلاسل' . 
سرية أبي قتادة إلى خضرة: 

كانت هذه السرية في شعبان سنة ۸ه . وذلك لأن بني غطفان كانوا يتحشدون في خضرة 
- وهي أرض محارب بنجد - فبعث إليهم رسول الله َيه أبا قتادة في خمسة عشر رجلاً فقتل 
منهم » وسبى وغنم » وكانت غيبته خمس عشرة ليلة" . 
(1) انظر ابن هشام ۰۹۲۳/۲ ٦۲٤‏ > ۰ ۰ ۲۹ 0 زاد المعاد ٠١۷/۲‏ . 
(۲) رحمة للعالمين 777/١‏ » تلقيح فهوم أهل الأثر ص77 . 


ا 


غزوة فتح مكة 


قال ابن القيم : هوالفتح الأعظم الذي أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين , 
واستنقذ به بلده وبيته الذي جعله هدى للعالمين » من أيدي الكفار والمشركين » وهو الفتح الذي 
استبشر به أهل السهاء » وضربت أطناب عزه على منا كب الجوزاء » ودخل الناس به في دين الله 
أفواجا » وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتہاجا أ ه . 


O‏ ا و0 
أن اليل الي : انر إل لي الاين در يوا نا کی ای سو ری أ ليد 
تلك القبائل يعتبر عدواناً على ذلك الفريق . 

وحسب هذا البند دخلت خزاعة في عهد رسول الله عله » ودخلت بنو بكر في عهد 
قريش » وصارت كل من القبيلتين في أمن من الأخرى » وقد كانت بين القبيلتين عداوة وتوترات 
في الجاهلية » فلما جاء الاسلام » ووقعت هذه الهدنة » وأمن كل فريق من الآخر اغتنمها بنو 
- بكر » وأرادوا أن يصيبوا من خزاعة الثأر القديم > فخرج نوفل بن معاوية الديلي في جماعة من بني 
بكر في شهر شعبان سنة ۸ه » فأغاروا على خزاعة ليلا وهم على ماء يقال له « الوتير » فأصابوا 
منهم رجالاً » وتناوشوا واقتتلوا » وأعانت قريش بني بكر بالسلاح » وقاتل معهم رجال من قريش 
مستغلين ظلمة الليل » حتى حازوا خزاعة إلى الحرم » فلما انتهوا إليه قالت بنو بكر : يا نوفل » إنا 


. ٠١١/۲ زد المعاد‎ )١( 


7595 - 


قد دخلنا الحرم » إلهك إِلك . فقال كلمة عظيمة : لا إله اليوم يا بي بكر » أصيبوا تأر » 
فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم » أفلا تصيبون تارم فيه ؟ 
ولا دخلت خزاعة مكة لاوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعي » وإلى دار مولى هم يقال له 
رافع . 
أ ا 5 نه عفار ١‏ - > 55 
وأسرع عمرو بن سام الخزاعي » فخرج حت قدم على رسول الله ع أندينه » فوقف 
عليه » وهو جالس في المسجد بين ظهراني الناس فقال : 


تارتل اف فا 
E ECE‏ 
فانصر . هداك الله » نصرا أيدا 
نوسيم م ل اه ع قد 
إن سم خسفا وجهه تربدا 
إن قريشا أخلفوك الموعدا 
وجعلكلو لي في كداء رصدا 
وهمم أذل » وأقل عددا 


حيلف اناا الاو 
ER e.‏ وم ننزع يدا 
وادع عبد الله ياتوا مددا 
ابيض مشل البدر » يسمو صعدا 
في فيلق كالبحر يجري مزبدا 
ونقضوا ميناقك الموّكدا 
وق انال ادغو اة 
هم بيتونا بالوتير هجدا 


وقتلونا ركعاً وسجدا 
فقال رسول الله عه : نصرت يا عمرو بن سال » ثم عرضت له سحابة من السماء فقال : 
م خرج بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة » حتى قدموا على رسول الله عله 
المدينة » فأخبروه بمن أصيب منهم » وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم » ثم رجعوا إلى مكة . 
أبو سفيان يخرج إلى المدينة ليجدد الصلح: 
ولا شك أن ما فعلت قريش وحلفاؤها كان غدراً محضاً ونقضاً صريحاً للميثاق لم يكن له أي 
)١(‏ الأتلد : القديم » يشير إلى الحلف الذي كان بين خزاعة وبين بني هاشم منذ عهد عبد المطلب . 


(۲) يشير إلى أم عبد مناف ‏ وهي حبى زوجة قصي ‏ كانت من خزاعة . 
(۳) يقول : قتلنا وقد أسلمنا . 


2 ۳۹٥ 2 


مبرر » ولذلك سرعان ما أحست قريش بغدرها » وخافت وشعرت بعواقبه الوخيمة » فعقدت 
يحلساً استشارياً » وقررت أن تبعث قائدها أبا سفيان ممثلاً لها ؛ ليقوم بتجديد الصلح . 

وقد أخبر رسول الله عه أصحابه بما ستفعله قريش إزاء غدرتهم . قال : كانكم باي 
سفيان قد جاء؟ ليشد العقد » ويزيد في المدة . 

وخرج أبو سفيان - حسب ما قررته قريش ق ينول رن ورقاء ان - وهو راجع 
من المدينة إلى مكة ‏ فقال : من أين أقبلت يا بديل ؟ - وظن أنه أت الي ر فقال : 
سرت في خزاعة في هذا الساحل وفي بطن هذا الوادي . قال : أو ما جثت محمداً ؟ قال : لا . 

فلما راح بديل إلى مكة قال أبو سفيان : لفن كان جاء المدينة لقد علف بها النوى » فأتى 
مبرك راحلته» فأخذ من بعرها ففته » فرأى فيها النوى » فقال : أحلف بالله لقد جاء بديل 
محمداً . 

وقدم أبو سفيان المدينة » فدخل على ابنته أم حبيبة » فلما ذهب ليجلس على فراش 
رسول الله ڪيه طوته عنه » فقال : يا بنية » أرغبت بي عن هذا الفراش » أم رغبت به عني ؟ 
قالت : بل هو فراش رسول الله عه » وأنت رجل مشرك نجس . فقال : والله لقد أصابك 
بعدي شر . 

ثم حرج حتى ای رسول الله ع فكلمه ابص e‏ 
أن يكلم رسول الله عه » فقال : ما أنا بفاعل » ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه › فقال : 
a E‏ 
علي بن أي طالب » وعنده فاطمة » وحسن غلام يدب بين يد يديبما » فقال : يا علي » إنك امس 
القوم بي رحماً » وإني قد جعت في حاجة » فلا أرجعن ‏ جعت خائياً » اشفع لي إلى محمد » 
فقال : ويحك يا أبا سفيان » لقد عزم رسول الله عي على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه . 
فالتفت إلى فاطمة » فقال : هل لك أن تأمري ابنك هذا فيجير بين الناس » فيكون سيد العرب 
إلى آخر الدهر ؟ قالت : والله ما ييلغ ابني ذأك أن يجير بين الناس » وما يجير أحد على 


رسول الله عله . 


- ۳۹٦1 - 


وحينعذ أظلمت الدنيا أمام عيني أبي سفيان » فقال لعلي بن ألي طالب في هلع وانزعاج 
ويأس وقنوط : يا أبا الحسن إني أرى الأمور قد اشتدت على » فانصحني . قال : والله ما أعلم 
لك شيئاً يغنى عنك . ولكنك سيد بني كنانة » فقم فأجر بين الناس » ثم الحق بأرضك . قال : 
أو ترى ذلك مغنياً عني شيئاً ؟ قال : لا والله ما أظنه » ولكني لم أجد لك غير ذلك . فقام أبو 
سفيان في المسجد » فقال : أيها الناس » إني قد أجرت بين الناس » ثم ركب بعيره » وانطلق . 

ولا قدم على قريش » قالوا : ما وراءك ؟ قال : جعت محمداً فكلمته » فوالله ما رد علي 
شيعا » ثم جعت ابن أي قحافة فلم أجد فيه خيراً» ثم جعت عمر بن الخطاب » فوجدته أدفى 
العدو » ثم جعت علياً فوجدته ألين القوم » قد أشار على بشيء صنعته » فوالله ما أدري هل يغني 
عني شيعا أم لا ؟ قالوا : وم أمرك ؟ قال : أمرني أن أجير بين الناس » ففعلت » قالوا فهل أجاز 
ذلك محمد؟ قال : لا . قالوا : ويلك » إن زاد الرجل على أن لعب بك . قال : لا والله 
ماوجدت غير ذلك . 


التهيؤ للغزوة ومحاولة الإخفاء: 

يؤخذ من رواية الطبراني أن رسول الله عه أمر عائشة - قبل أن يأتي إليه خبر نقض 
الميثاق بثلاثة أيام - أن تجهزه » ولا يعلم أحد » فدخل عليها أبو بكر » فقال : يا بنية ما هذا 
الجهاز ؟ قالت : والله ما أدري . فقال : والله ما هذا زمان غزو بني الأصفر › فاين يريد رسول 
الله ؟ قالت : والله لا علم لي . وني صباح الثالئة جاء عمرو بن سالم الخزاعي في أربعين راكبا ۽ 
وارتجز : يا رب إفي ناشد محمدا .. الأبيات . فعلم الناس بنقض الميثاق » وبعد عمرو جاء بديل 
ثم أبو سفيان وتأكد عند الناس الخبر» فأمرهم رسول الله ع بالجهاز » وأعلمهم أنه سائر إلى 
مكة . وقال اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها . 

وزيادة في الاخفاء والتعمية بعث رسول الله عله سرية قوامها ثمانية رجال تحت قيادة أي 
قتادة بن ربعي إلى بطن إضم فها بين ذي نحشب وذي المروة على ثلاثة برد من المدينة » في أول 
قور رمشان سے رف لجن لقان ا موجه إل رت ا رای ااك 
الأخبار » وواصلت هذه السرية سيرها » حتى إذا وصلت حيعا أمرت بلغها أن رسول الله عل 


كت 


خرج إلى مكة » فسارت اليه حتى حقته() 6 


وكتب حاطب بن أي بلتعة إلى قريش كابأ يخبرهم بمسير رسول الله عله إليهم ثم أعطاه 
امرأة »> وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا » فجعلته في قرون راسا » ثم خرجت به » وای 
رسول الله م الخبر من السماء بما صنع حاطب » فبعث علياً والمقداد » فقال : انطلقا حتى تأي 
روضة خاخ » فإن بها ظعينة معها كتاب إلى قريش » فانطلقا تعادى بهما خيلهما حتى وجدا 
امرأة بذلك المكان » فاستتزلاها » وقالا : معك كتاب ؟ فقالت ما معي كتاب » ففتشا رحلها 
فلم يجدا شيئأء فقال هما علي : أحلف بالله » ما كذب رسول الله يق ولا كذبناء والله 
لتخرجن الكتاب أو لنجردنك . فلما رأت الحد منه قالت : أعرض » فأعرض » فحلت قرون 
رأسها » فاستخرجت الكتاب منها » فدفعته إليهما » فأتيا به رسول الله عه » فإذا فيه : ( من 
حاطب بن ألي بلتعة إلى قريش ) يخدوهم بمسي رسول الله م » فدعا سول الله م اطبا 
فقال : ما هذا يا حاطب ؟ فقال : لا تعجل علي يا رسول الله » والله إفي ممن بالأمورسوله › 
وما ارتددت ولا بدلت » ولكني كنت امرأ ملصقاً في قريش لست من أنفسهم › ولي فيهم أ 
وعشيرة وولد » وليس لي فيهم قرابة يحمونهم » وكان من معك م قرابات يحمونهم » فأحببت إذ 
فاتني ذلك أن أتحخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي . فقال عمر بن الخطاب : دعني يا رسول الله 
أضرب عنقه » فإنه قد خان الله ورسوله » وقد نافق » فقال رسول الله ل : إنه قد شهد بدرأً , 
وما يدريك يا عمر » لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شكتم فقد غفرت لكم » 
فذرفت عينا عمر » وقال : الله ورسوله عله . 

وهكذا أخذ الله العيون » فلم يبلغ إلى قريش أي خبر من أخبار تجهز تجهز المسلمين وتهيكهم 
للزحف والقتال . 


01 وهذه السرية لقيت عامر بن الأضبط » فسلم عليهم بتحية الإسلام » فقتله محلم بن جثامة لشيء كان بينهما , 
003 وأخذ بعيره ومتبعه, فأنزل الله ل ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً © الآية » وجاؤوا محلم 
ليستغفر له رسول الله مه » فلما قام بين يديه قال : اللهم لا تغفر محلم » وقاها ثلاثاً » فقام وإنه ليتلقى 
دموعه بطرف ثوبه » قال ابن إسحاق : وزعم قومه أنه استغفر له بعد ذلك . انظر زاد المعاد ١6٠١/7‏ » وابن 
| هشام 1۲1/۲ » 1۲۷ › 1۲۸ . 
0 انظر صحيح البخاري 024/١‏ . 


- ۳4A - 


اليش الإسلامي يتحرك نحو مکه: 
ولعشر خلون من شبر رمضان المبارك سنة ۸ه غادر رسول الله عه المدينة متجها إلى 
مكة » في عشرة - الاف من الصحابة رضي لله عنهم واستخلف على المدينة أبا رهم الغفاري . 
ولا كان بالجحفة أو فوق ذلك لقيه عمه العباس بن عبد المطلب » وكان قد خرج بأهله 
وعياله مسلماً مهاجراً , ثم لما كان رسول الله عی4 بالأبواء لقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث 
وابن عمته عبد الله بن ألي أمية » فاعرض عنما ؛ لما كان يلقاه منهما من شدة الأذى والهجو , 
فقالت له أم سلمة : لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك . وقال علي لأبي سفيان بن 
الحارث : ائنت رسول الله عي من فل وجهه فقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف :لاه 
قد ار ام حاو إن كن لوی 4 (۱۲ : )1١‏ فإنه لابرضی أن كن اعد 
ا . ففعل ذلك أبو سفيان » فقال له رسول الله عه :ربكم الو 
راه لک هوأر حا لئجميرت 4 ١١‏ ۲ فأنشده أبو سفيان أبياتاً منها : 
e‏ حين أحمل رايية لتغلب خيل اللات خيل محمد 
لكالمدل الحيران أظلم ليله فهذا أواني حين أهدى فأهتدي 
هداني هاد غير نفسي ودي عل الله من طردته كل مطرد 
فضرب رسول الله عه صدره وقال : أنت طردتني كل مطرد(" . 


الجيش الإسلامي ينزل بمر الظهران: 

وواصل رسول الله عه سيره وهو صائم » والناس صيام » حتى بلغ الكديد - وهو ماء بين 
عسفان وقديد ‏ فافطر وأفطر الناس معه ع 5 واصل سيره حتى نزل بر الظهران - وادي 
فاطمة - نزله عشاء » فأمر الجيش » فأوقدوا النيران » فأوقدت عشرة الاف نار » وجعل 
رسول الله َيه على الحرس عمر بن الخطاب رضي الله عنه . 


» حسن إسلام أي سفيان هذا بعد ذلك » ويقال : إنه ما رفع رأسه إلى رسول الله عي منذ أسلم حياء منه‎ )١( 
: وكان رسول الله له يحبه » وشہد له بالجنة » وقال : أرجو أن يكون خلفاً من حمزة . ولما حضرته الوفاة قال‎ 
. ٠١۳ » ۱۹۲/۲ لا تبكوا على » فوالله ما نطقت بخغطيئة منذ أسلمت . زاد المعاد‎ 
. 1۱۳/۲ صحيح البخاري‎ )۲( 
5 


أبو سفيان بين يدي رسول الله 6 -: 
وركب العباس - بعد نزول المسلمين عر الظهران ‏ بغلة رسول الله عه البيضاء » وخرج 
يلتمس لعله جد بعض الحطابة أو أحداً يخبر قريشاً ؛ ليخرجوا يستأمنون رسول الله عله قبل أن 
يدخلها . 
وكان الله قد عمى الأخبار عن قريش » فهم على وجل وترقب » وكان أبو سفيان يخرج 
يتجسس الأخبار » فكان قد خرج هو وحكيم بن حزام » وبديل بن زرقاء يتجسسون الأخبار . 
قال العباس : والله إني لأسير عليها - أي على بغلة رسول الله عه - إذ سمعت كلام أبي 
سفيان وبديل بن ورقاء » وهما يتراجعان » وأبو سفيان يقول : ما رأيت كالليلة نيران قط 
ولا عسكرا . قال : يقول بديل : هذه والله خزاعة » خمشتها الحرب » فيقول أبو سفيان : خزاعة 
أقل وأذل من أن تكون هذه خيرائها وعسكرها . 
قال العباس : فعرفت صوته » فقلت : أبا حنظلة ؟ فعرف صوتي » فقال : أبا الفضل ؟ 
قلت : نعم . قال اولك اناك اوري . قلت : هذا رسول الله عه في الناس » واصباح 
قريش والله . 
قال : فما الحيلة ؟ فداك أي وأمي » قلت : والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك » فاركب في 
عجز هذه البغلة » حتى آتي بك رسول الله ميته فأستأمنه لك » فركب خلفي » ورجع 
صاحباه . 
قال : فجعت به » فكلما مررت به على نار من نيران المسلمين » قالوا : من هذا ؟ فإذا رأوا 
بغلة رسول الله عه وأنا عليها قالوا : عم رسول الله َيه على بغلته . حتى مررت بنار عمر بن 
الخطاب » فقال : من هذا ؟ وقام إل » فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة قال : أبو سفيان » 
عدو الله ؟ الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولاعهدء ثم خرج يشتد نحو 
رسول الله ييه » وركضت البغلة فسبقت » فاققحمت عن البغلة » فدخلت على 
رسول الله عله » ودخل عليه عمر » فقال : يا رسول الله » هذا أبو سفيان فدعني أضرب 
عنقه » قال : قلت : يا رسول الله » إفي قد أجرته » ثم جلست إلى رسول الله ڪه فأحذت 
برأسه » فقلت : والله لا يناجيه الليلة أحد دوني » فلما أكثر عمر في شأنه قلت : مهلا يا عمر » 


اك 


فوالله لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت مثل هذا » قال : مهلا يا عباس ٠‏ فوالله 
لإسلامك كان أحب إل من إسلام الخطاب » لو أسلم » وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك 
كان أحب إلى رسول الله عو من إسلام الخطاب . 

فقال رسول الله عه : اذهب به يا عباس إلى رحلك » فإذا أصبحت فأتني به » فذهبت » 
فلما أصبحت غدوت به إلى رسول الله عي » فلما رآه قال : ويحك يا أبا سفيان » ألم يأن لك 
أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟ قال : بأبي أنت وأمي » ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ؟ لقد ظننت 
أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئا بعد . 

قال : ويحك يا أبا سفيان » ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله » قال : بأبي أنت وأمي » 
ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ؟ أما هذه فإن في النفس حتى الآن منها شيئا . فقال له العباس : 
ويحك أسلم » واشبد أن لا إله إلا الله » وأن محمد رسول الله » قبل أن تضرب عنقك » فاسلم 
وشهد شہادة الحق . 

قال العباس : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر » فاجعل له شيأ . قال : نعم » 
من دحل دار أي سفيان فهو امن » ومن أغلق عليه بابه فهو امن » ومن دخل المسجد الحرام فهو 
اھ 
الجيش الإسلامي يغادر مر الظهران إلى مكة: 

وفي هذا الصباح صباح يوم الثلاثاء للسابع عشر من شهر رمضان سنة ۸ه - غادر 
رسول الله هه مر الظهران إلى مكة » وأمر العباس أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي عند خطم 
الحبل(2 » حتى تمر به جنود الله فيراها » ففعل » فمرت القبائل على راياتها » كلما مرت به قبيلة 
قال : يا عباس من هذه ؟ فيقول ‏ مثلاً ‏ : سليم » فيقول : مالي ولسلم ؟ ثم تر به القبيلة 
فيقول : يا عباس من هؤلاء ؟ فيقول : مزينة » فيقول : مالي ولزينة ؟ حتى نفدت القبائل › 
ما تمر به قبيلة إلا سأل العباس عنباء فإذا أخبره قال مالي ولبني فلان ؟ حتى مر به 
رسول الله مه في كتيبته الخضراء » فبا المهاجرون والأنصار › لا یری منهم إلا الحدق من 
الحديد » قال : سبحان الله يا عباس من هؤلاء ؟ قال : هذا رسول الله عله في المهاجرين 
)١(‏ الخطم : الأنف » شيء يخرج من الحبل يضيق به الطريق . 

ا 





والأنصار . قال : ما لأحد ببؤلاء قبل ولا طاقة . ثم قال : والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك 
ابن أخيك اليوم عظيا . قال العباس : يا أبا سفيان » إنها النبوة » قال : فنعم إذن . 

وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة » فلما مر بابي سفيان قال له اليوم يوم الملحمة » 
اليوم تستحل الحرمة » اليوم أذل الله قريشاً . فلما حاذى رسول الله عه أبا سفيان قال : 
ذا سيول الله ألم تسمع ما قال سعد ؟ قال : وما قال ؟ فقال : كذا وكذا . فقال عثان وعبد 
الرحمن بن عوف : يا رسول الله ما نأمن أن يكون له في قريش صولة » فقال رسول الله عه : 
بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة ‏ اليوم يوم أعز الله فيه قريشأً , ثم أرسل إلى سعد فتزع منه اللواء » 
ودفعه إلى ابنه قيس » ورأى أن اللواء لم يخرج عن سعد . وقيل : بل دفعه إلى الزيير 


قريش تباغت زحف الجيش الاسلامي: 

ولا مر رسول الله ع بأبي سفيان قال له العباس : النجاء إلى قومك . فأسرع أبو سفيان 
حتى دخل مكة » وصرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش » هذا محمد قد جاء ثم فيا لا قبل لكم 
به » فمن دخل دار اي سفيان فهو امن . فقامت إليه زوجته هند بنت عتبة » فاخذت بشاربه 
فقالت : اقتلوا الحميت الدسم الأخمش الساقين » قبح من طليعة قوم . 

قال أبو سفيان : ويلكم » لا تغرنكم هذه من أنفسكم » فإنه قد جا ءک با لا قبل لكم به » 
فمن دخل دار أبي سفيان فهو امن . قالوا : قاتلك الله » وما تغني عنا دارك ؟ قال : ومن أغلق 
عليه بابه فهو امن » ومن دخل المسجد فهو آمن . فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد » ويثوا 
أوباشا لهم » وقالوا : نقدم هؤلاء فإن كان لقريش شيء كنا معهم » وإن أصييوا أعطينا الذي 
سكلنا 0 كر بن أي جهل » وصفوان بن أمية » وسبيل بن 
قبل ذلك سلاحاً » فقالت له اله :اذ تعد ما أرى ؟ قال : محمد وأصحابه قالت : ول 
ما يقوم محمد وأصحابه شيء . قال : إني والله لأرجو أن أخدمك. بعضهم . ثم قال : 

E‏ فمالي عله ااك ح كامل وال 
وذو غرارين سريع السّلهاه 

)0 مف ها قر ارول يدر دن رض ارال عالطالا e‏ 


= 


فكان هذا الرجل فيمن اجتمعوا في الخندمة . 
الحيش الإسلامي بذي طوى: 

أما رسول الله ع فمضى حت انتبى إلى ذي طوى - وكان يضع رأسه تواضعا لله حين 
رأى ما أكرمه الله به من الفتخ » حتى أن شعر لحيته ليكاد يمس واسطة الرحل - وهناك وزع 

جيشه وكان خالد بن الوليد على المجنبة الينى - وفيها أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وقبائل من 
دعل i‏ ديل AR SDE AE‏ 
فاحصدوهم حصدا » حتى توافوني على الصفا . 

وكان الزيير بن العوام على المجنبة اليسرى » وكان معه راية رسول الله عي » فأمره أن يدخل 
مكة من أعلاها ‏ من كداء ‏ وأن يغرز رايته بالحجون » ولا يبرح حتى يأتيه . 

وكان أبو عبيدة على الرجالة والحسر - وهم ان يأخذ بطن 
الوادي » حتى ينصب لمكة بين يدي رسول الله 
الجيش الإسلامي يدخل مكة: 

وتحركت كل كتيبة من الجيش الاسلامي على الطريق التي كلفت الدخول ٠نها‏ فأما خالد 
وأصحابه فلم يلقهم أحد من المشركين إلا أناموه » وقتل من أصحابه من المسلمين كرز بن جابر 
الفهري وخنيس بن بخالد بن ربيعة » كانا قد شذا عن الجيش » فسلكا طريقاً غير طريقه فقتلا 
APN‏ انوي وو وا سوبي 


ا لامرأنه : أغلقى عل بای . فقالت : وأبن ا كنت 
تقول ؟ فال : 


إنك لو شهدت يوم الخندمة إذفر صفون وفر عكرمه 
واستقبلتنا بالسيوف المسلمه يققطعن كل ساعد وجمجمه 
ضرباً فلا يسمع إلا غمغمه ‏ فم نيت خافنا مهم" 
م تنطقي في اللوم أدنى كلمه 
)١(‏ النهيت والمهمهمة : أصوات . 
ان 


pT رتیل خالد يوس‎ 
E ita 


الرسول - با - يدخل المسجد الحرام ويطهره من الأصنام: 

ثم “بض رسول الله ع > والمهاجرون والأنصار بين' يديه وخلفه وحوله » حتى دخل 
اليد » فأقبل إلى الحجر الأسود » فاستلمه , ثم طاف بالبيت » وفي يده قوس » وحول البييت 
وعليه ثلاثمائة وستون صن » فجعل يطعنها بالقوس » ويقول : «( فل جاه لی ور وه انل 
نالل کان رهوقا) (17: )8١‏ 3 لجا الق مدلل ابید يد4 (74: 11) 
والأصنام تتساقط على وجوهها . 

وكان طوافه على راحلته » ولم يكن محرماً يومكذ » فاقتصر على الطواف » فلما أكمله دعا 
عثان بن طلحة » فأخذ منه مفتاح الكعبة » فأمر بها ففتحت » فدخلها » فرأى فيها فيبا الصور . 
ورأى فيها صورة إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - يستقسمان بالأزلام » فقال : قاتلهم الله 
والله ما استقسما بها قط . ورأى في الكعبة حمامة من عيدان » فكسرها بيده » وأمر بالصور 


فمصحصست . 


الرسول ‏ كل - يصلى فى الكعبة ثم يخطب أمام قريش: 

ثم أغلق عليه الباب » وعلى أسامة وبلال » فاستقبل الجدار الذي يقابل الباب » حتى إذا 
كان بينه وبينه ثلاثة أذرع وقف » وجعل عمودين عن يساره › وعموداً عن يمينه » وثلاثة أعمدة 
وراءه - وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ‏ ثم صلى هناك » ثم دار في البيت » وكبر في 
نواحيه » ووحد الله » ثم فتح الباب » وقريش قد ملت الد عقون وراد بسع 
فأخحذ بعضادتي الباب » وهم نحته» فقال : 


لا اله إلا الله وحده لا شريك له » صدق وعذه » ونصر عبذه » وهزم الأحزاب وحدهء ألا 
كل مأثرة أو مال أو دم فهو تحت قدمي هاتين » إلا سدانة البيت وسقاية الحاج » ألا وقتيل الخطاً 


ف “ات 


شبه العمد ‏ السوط والعصا - ففيه الدية مغلظة › مائة من الابل › أربعون منها في بطونها 
أولادها . 

تيده عو r SPE‏ اي PDT‏ و 
وادم من تراب ثم تلا هذه الآية تایا اناس تا لقت ن دروا نی وجعلتک شعوبا وقبايل 
ماروا ا کرم ندا هانک َه عم حير # (19 : م | 


ا تثريب عليكم اليوم: 

ثم قال امار فرياي SS‏ : حيرا » أخ كريم وابن ن أخ كريم » 
قال : فإني اقول لكم کا قال يوسف لإاخوته : لار ريب يكم الوم اذهبوا فأنتم الطلقاء . 
مفتاح البيت إلى أهله: 

ثم جلس رسول الله عي في المسجد » فقام إليه عل رضي الله عنه » ومفتاح الكعبة في 
يده » فقال : يا رسول الله » اجمع لنا الحجابة مع السقاية » صلى الله عليك » وني رواية : أن 
الذي قال ذلك هو العباس » فقال رسول الله عله : أين عهان بن طلحة ؟ فدعي له » فقال 
له : هاك مفتاحك يا عئان » اليوم يوم بر ووفاء » وني رواية ابن سعد في الطبقات أنه قال له حين 
دفع المفتاح إليه : خذوها خالدة تالدة , لا ينزعها منكم إلا ظا لم » يا عفان » إن الله استأمنكم 
على بيته » فكلوا تما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف . 
بلال يؤذن على الكعبة 

وحانت الصلاة اذاهو سول لله عه بلالاً أن يصعد فيوٌذن على الكعبة » وأبو سفيان بن 
حرب » وعتاب بن أسيد » والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة » فقال عتاب : لقد أكرم الله 
أسيدا أن لا يكون مع هذا » فيسمع منه ما يغيظه › فقال الحارث : أما والله لو أعلم أنه حق 
لا تبعته » فقال أبو سفيان : أما والله لا أقول شيئا » لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصباء : 
فخرج عليهم النبي حه فقال لهم : قد علمت الذي قلتم » ثم ذكر ذلك هم » فقال الحارث 
وعتاب : نشد أنك رسول الله » والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا فنقول : أخحبرك 


225802 


صلاة الفتح أو صلاة الشكر: 

ودخل رسول الله ميك يومئذ دار أم هانىء بنت اي طالب > فاغتسل وصللى ماني ركعات في 
بيتها » وكان ضحى » فظنها من ظنها صلاة الضحى وإنا هذه صلاة الفتح » وأجارت أم هانىء 
حموين ما » فقال رسول الله عي : قد أجرنا من أجرت يا أم هانىء , وقد كان أخوها علي بن 
أي طالب أراد أن يقتلهما » فأغلقت عليهما باب بيتها » وسألت النبي عله » فقال لا ذلك . 


إهدار دماء رجال من أكابر المجرمين: 

وأهدر رسول الله عله يومئذ دماء تسعة نفر من أكابر المجرمين » وأمر بقتلهم وإن وجدوا 
تحت أستار الكعبة » وهم عبد العزى بن خطل » وعبد الله بن ألي سرح » وعكرمة بن أي 
جهل » والحارث بن نفيل بن وهب » ومقيس بن صبابة » وهبار بن الاسود › وقينتان كانتا لابن 
خطل » كانتا تغنيان بهجو النبي مه » وسارة مولاة لبعض بني عبد المطلب » وهي التي وجد 
معها كتاب حاطب . 

فأما ابن أبي سرح » فجاء به عثان إلى النبي مكل » وشفع فيه فحقن دمه » وقبل إسلامه 
بعد أن أمسك عنه » رجاء أن يقوم إليه بعض الصحابة فيقتله » وكان قد أسلم قبل ذلك 
وهاجر » ثم ارتد ورجع إلى مكة . ظ 

وأما عكرمة بن أي جهل ففر إلى الهن » فاستأمنت له امرأته » فأمنه النبي ره فتبعته » 
فرجع معها وأسلم » وحسن إسلامه . 

وأما ابن خطل فكان متعلقا بأستار الكعبة » فجاء رجل إلى النبي مب وأخيره فقال : 
اقتله . فقتله . ظ 

وأما مقيس بن صبابة فقتله نميلة بن عبد الله » وكان مقيس قد أسلم قبل ذلك »ثم عدا على 
رجل من الأنضار فقتله ثم ارتد ولحق بالمشركين . 0 
وما الحارث فكان شديد الأذى لرسول الله مه بمكة » فقتله علي . 


وأما هبار بن الأسود فهو الذي كان قد عرض لزينب بنت رسول الله مه حين هاجرت » 


- ٤° "١ 


فنخس بها حتى سقطت على صد وأسقطت جنينها ء ففر هبار يوم مكة ٠‏ ثم أسلم وحسمر 


إسلامه . 
وأما القيتان فقتلت إحداهما . واستؤّمن للأخرى » فأسلمت . كا استؤمن لسارة 


قال ابن حجر : وذ كر أبو معشر فيمن أهدر دمه الحارث بن طلاطل الخزاعي فقتله علي › 
وذكر الحا م أيضا ممن أهدر دمه كعب بن زهير.» وقصته مشهورة وقد جاء بعد ذلك » وأسلم 
ومدح » ووحشي بن حرب + وهند بدت عتبة امرأة أي سفيان » وقد أسلمت » وأرنب مولاة ابن 
خطل أيضاً قتلت » وأم سعد » قتلت فيا ذكر ابن إسحاق كات الغدة فانة رجال ونت 
نسوة » ويحتمل أن تكون أرنب وأم سعد القينتان » اختلف في !مهما » أو باعتبار الكنية 
واللقب( . 


إسلام صفوان + بن أمية» وفضالة بن عمير: 

لم يكن صفوان من أهدر دمه » لكنه بصفته زعا كبيرا من زعماء قريش خاف على نفسه 
وفر » فاستامن له عمير بن وهب الجمحي رسول الله عه فأمنه » وأعطاه عمامته التي دخل بها 
مكة » فلحقه عمير وهو يريد أن يركب البحر من جدة إلى الين فرده » فقال لرسول الله عل : 
اجعلني بالخيار شهبرين . قال : أنت بالخيار أربعة ير 1 ثم أسلم صفوان » وقد كانت أمرأته 
أسلمت قبله » فأقرهما على النكاح الأول . 

وكان فضالة رجلا جريكا جاء إلى رسول لله عله : وهو في الطواف › ليقتله فأخيره 
الرسول چ بما في نفسه فأسلم . 
خطبة الرسول - ب - فى اليوم الثاني من الفتح: 

ولا كان الغد من يوم الفتح قام رسول الله ع في الناس خخطبا ٠‏ ف فحمد الله » وأثنى عليه › 


ومحده با هو أهله 5 م قال : اا الناس › إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض» فهي 
حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة » فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآ حر أن يسفك فيها دما أو 


. ۱۲ ۰۱۱/۸ قح الباري‎ )1١( 
5 


يعضد بها شجرة » فإن أحد ترحص لقتال رسول الله عي فقولوا : إن الله أذنه لرسوله ولم يأذن 
يوي ا ا ا 
الغائب 
وني رواية : لا يعضد شوكه » ولا ينفر صيده » ولا تلتقط ساقطته إلا من عرفها › ولا يختل 
خلاه » فقال العباس : يا رسول الله إلا الإذخر » فإنه لقينهم وبيوتهم » فقال : إلا الاذخر . 
وكانت خزاعة قلت يوذ رجلا من بني ليث بقتيل لهم في ا جاهلية » فقال رسول الله ع 
بهأءا الصدد : يا معشر خزاعة » ارفعوا أيديكم عن القتل فلقد كار القتل إن نفع » لقد قتلتم قنيلا 
لأدينه » فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بير النظرين » إن شاؤوا فدم قاتله » وإن شاؤوا فعقله . 
وف رواية : فقام رجل من أهل الین يقال له « أبو شاه » فقال : اكتب لي يا رسول الله » 
فقال رسول الله عه : اكتبوا لأبي شاه“ . 
تخوف الأنصار من بقاء الرسول ‏ ية - فى مكة: 
ولا تم فح مكة على الرسول عه - وهي بلده ووطنه ومولده - قال الأنصار فيا بينهم : 
أترون رسول الله عو إذ فنح الله عليه أرضه وبلده أن يقيم بها - وهو يدعو على الصفا رافعاً 


يديه - فلما فرغ من دعائه قال : ماذا قلتم ؟ قالوا : لا شيء يا رسول الله » فلم يزل بهم حتى 
أخبروه » فقال رسول الله ع : معاذ الله احا محيام , والممات مماتكم . 


أخذ البيعة: 

وحين فتح اللدمكة على رسول الله عه والمسلمين تبين لأهل مكة الحق » وعلموا أن 
لا سبيل إلى النجاح إلا الاسلام » فأذعنوا له » واجتمعوا للبيعة » فجلس رسول الله عه على 
الصفا يبايع الناس » وعمر بن الخطاب أسفل منه » يأخذ على الناس » فبايعوه على السمع 
والطاعة فيا استطاعوا . 


)١(‏ انظر هذه الروايات صحيح البخاري ۲۲/۱ › ۲۱7 › ۱٥/۲-۲ ۰ ۳۲۹ › ۳۲۸ › ۲٤۷‏ لالت 
وصحيح مسلم 4۳۷/۱ » ٤۳۸‏ 2 484 ء وابن هشام 418/7 4١5‏ ء أبو داود ۲۷۹/۱ . 


8 ١ -لل‎ 


وني المدارك7" : روي أن النبي عي لما فرغ من بيعة الرجال أخذ في بيعة النساء » وهو على 
الصفا » وعمر قاعد أسفل منه » يبايعهن بأمره » ويبلغهن عنه » فجاءت هند بنت عتبة امرأة أي 
سفيان متنكرة خوفاً من رسول الله ع أن يعرفها » لما صنعت بحمزة » فقال رسول الله عَم : 
أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئاً » فبايع عمر النساء على أن لا يشركن بالله شيئاً . فقال 
رسول الله عو : ولا تسرفن . فقالت هند : إن أبا سفيان رجل شحيح » فإن أنا أصبت من 
ماله هنات ؟ فقال أبو سفيان : وما أصبت فهو لك حلال » فضحك رسول الله عو وعرنها . 
فقال : وإنك هند ؟ قالت : نعم » فاعف عما سلف يا نبي الله » عفا الله عنك . 

فقال : ولا يزنين . فقالت : أو تزني الحرة ؟ فقال : ولا يقتلن أولادهن . فقالت : ربيناهم 
صغاراً » وقتلتموهم كباراً » فأنتم وهم أعلم ‏ وكان ابنها حنظلة بن أني سفيان قد قتل يوم بدر 
- فضحك عمر حتى استلقى » فتبسم رسول الله يكل . 

فقال : ولا يأتين ببهتان . فقالت : والله إن الببتان لأمر قبيح » وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم 
الأخلاق » فقال : ولا يعصينك في معروف . فقالت : والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن 

وما رجعت جعلت تكسر صنمها وتقول : كنا منك في غرور . 
إقامته ‏ بي بمكة› وعمله فيها: 

وأقام رسول الله عه بمكة تسعة عشر يوماً » يجحدد معا لم الاسلام » ويرشد الناس إلى الهدى 
والتقى » وخلال هذه الأيام أمر أبا أسيد الخزاعي » فجدد أنصاب الحرم » وبث سراياه للدعوة 
إلى الإسلام » ولكسر الأوثان التي كانت حول مكة » فكسرت كلها » ونادى مناديه بمكة : من 
كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يدع في بيته صا إلا كسره . 


السرايا والبعوث: 


١‏ - ولما اطمأن رسول الله عه بعا. الفتح بعث خالد بن الوليد إلى العزى » لخمس ليال 
بقين من شهبر رمضان ( سنة 8ه ) ليهدمها » وكانت بنخلة » وكانت لقريش وجميع بني كنانة › 


. انظر مدارك التتزيل للنسفي تفسير اية البيعة‎ )١( 
ES 


وهي أعظم أصنامهم » وكان سدنتها بني شيبان » فخرج إليها خالد في ثلاثين فارسا حتى انتبى 
الييا» فهدمهاء ولا رجع ساله رسول الله عه : هل رأيت شيعا ؟ قال : لا قال : فإنك لم 
عبدمها » فارجع إليها فاهدمها » فرجع خالد متغيظا قد جرد سيفه » فخرجت إليه امرأة عريانة 
سوداء ناشرة الرأس » فجعل السادن يصيح بها » فضربها خالد فجزها باثنتين » ثم رجع إلى 
رسول الله عه فأخبره » فقال : نعم » تلك العزى » وقد أيست أن تعبد في بلا دكم أبدا . 

۲ - ثم بعث عمرو بن العاص في نفس الشهر إلى سواع ليهدمه » وهو صن لحذيل برهاط » 
. على ثلاثة أميال من مكة » فلما انتهبى إليه عمرو قال له السادن : ما تريد ؟ قال : أمرني 
رسول الله مَك أن أهدمه » قال : لا تقدر على ذلك » قال : لم ؟ قال : تمنع . قال : حتى الآن 
أنت على الباطل ؟ ويحك » فهل يسمع أو ييصر ؟ ثم دنا فكسره › وأمر أصحابه فهدموا بيت 
خزانته » فلم يجدوا فيه شیغا » ثم قال للسادن : كيف رأيت ؟ قال : أسلمت لله . 


؟ - وفي نفس الشهر بعث سعد بن زيد الأشبلي في عشرين فارسا إلى مناة » وكانت 
بالمشلل عند قديد للأوس والخزرج وغسان وغيرهم » فلما انتبى سعد إليها قال له سادنها : 
ما تريد ؟ قال : هدم مناة » قال : أنت وذاك » فأقبل إليبا سعد » وخحرجت امرأة عريانة سوداء 
ثائرة الرأس » تدعو بالويل » وتضرب صدرها » فقال ها السادن : مناة دونك بعض عصاتك » 
فضريها سعد فقتلهاء وأقبل إلى الصمم فهدمه وكسره » ولم يجدوا في خزانته شيعا . 

٤‏ - ولا رجع خالد بن الوليد من هدم العزى بعئد رسول الله َيه في شعبان من نفس 
السنة (4ه) إلى بني جذية » داعيا إلى الإسلام » لا مقائلا . فخرج في ثلافائة وخمسين رجلا 
من المهاجرين والأنصار وبني سلم » فانتبى إليهم » فدعاهم إلى الإسلام » فلم يحسنوا أن يقولوا : 
أسلمنا » فجعلوا يقولون : « صبأنا صبأنا » فجعل خالد يقتلهم ويأسرهم › ودفع إلى كل رجل 
من كان معه أسيراً » فأمر يوماً أن يقتل کل رجل أسيره » فأَبى ابن عمر وأصحابه حتى قدموا على 
النبي عه » فذكروا له » فرفع عه يديه وقال : اللهم إني أبراً إليك ما صنع خالد 

ا 
وكانت بنو سليم هم الذين قتلوا أسراهم دون المهاجرين والأنصار » وبعث رسول الله ع 


. 1۲۲/۲ 0 16٠0/١ صحيح البخاري‎ )١( 


1 


عليأ فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم » وكان بين خالد وعبد الرحمن بن عوف كلام وشر في 
ذلك ٠‏ فبلغ عو فقال : مهلاً يا خالد » دع عنك أصحابي » فوالله لو كان أحدٌ ذهباً , ثم 
أنفقته في سبيل الله ما أدركت غدوة رجل من أصحالي ولا روحته“ . 

تلك هي غزوة فتح مكة » وهي المعركة الفاصلة والفتح الأعظم الذي قضى على كيان 
الوثنية قضاءً باتأ » > لم يترك لبقائها مالا ولا مبرراً في ربوع الجزيرة العربية » فقد كانت عامة 
القبائل تنتظر ماذا يتمخض عنه العراك والاصطدام الذي كان دائرا بين المسلمين والوثنيين › 
وكانت تلك القبائل تعرف جيدا أن الحرم لا يسيطر عليه إلا من كان على الحق » وكان قد تأكد 
لديهم هذا الاعتقاد الجازم أي تأكد قبل نصف القرن حين قصد أصحاب الفيل هذا البيت ‏ 
فأهلكوا وجعلوا كعصف مأكول . 

وكان صلح الحديبية مقدمة وتوطة بين يدي هذا الفتح العظيم » أمن الناس به وكلم بعضهم 
بعضاً » وناظره في الإسلام » وتمكن من اختفى من المسلمين بمكة من إظهار دينه والدعوة إليه 
والمناظرة عليه » ودخل بسببه بشر كثير في الإسلام » حتى إن عدد الجيش الإسلامي الذي لم 
يزد في الغزوات السالفة على ثلاثة الاف إذا هو يزخر في هذه الغزوة في عشرة الاف . 

وهذه الغزوة الفاصلة فتحت أعين الناس » وأزالت عنها آخر الستور التي كانت تحول بينها 
وبين الإسلام . وببذا الفتح سيطر المسلمون على الموقف السياسي والديني كليهما معأ في طول 
جزيرة العرب وعرضها » فقد انتقلت إليهم الصدارة الدينية والزعامة الدنيوية . 

فالطور الذي كان قد بدأ بعد هدنة الحديبية لصا المسلمين قد تم » وكمل بهذا الفتح 
امبين » وبدأ بعد ذلك طور آخر كان لصاح المسلمين تماما » وكان لهم فيه السيطرة على الموقف 
تامأ . ولم يبق لأقوام العرب إلا أن يفدوا إلى الرسول عله , فيعتنقوا الاسلام » ويحملوا دعوته إلى 
العام » وقد تم استعدادهم لذلك في سنتين اتيتين . 


)١(‏ أخذنا تفاصيل هذه الغزوة من ابن هشام ۲۸۹/۲ إلى 471 » وصحيح البخاري ١/كتاب‏ الجهاد وكتاب 
المناسك و 1۱۲/۲ إلى 555:5١‏ » فتح الباري 5/8 إلى ۲۷ » وصحيح مسلم ٤۳۷/۱‏ 1758 › 
۹ ۰/۲ ۰۳ ۱۳۰ 0 وزاد المعاد ١5١/7‏ إلى ١14‏ »ء ومختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله 
النجدي ص۳۲۲ إلى ١ه”‏ . 


Ca 


المرحلة الثالثة 


وهي ور مرحلة من مراحل حياة الرسول 2 > عل النتائج التي أغرتها دعوته الاسلامية 
بعد جهاد طويل وعناء ومتاعب وقلاقل وفتن واضطرابات ومعارك وحروب دامية » واجهتها طيلة 
بضعة وعشرين عاماً . ظ 

وكان فتح مكة هو أخطر كسب حصل عليه المسلمون في هذه الأعوام » تغير لأجله بحرى 
الايام » وتحول به جو العرب > فقد كان الفتح حدا فاصلا بين المدة السابقة عليه وبين ما بعده » 
فإن قريشاً كانت في نظر العرب حماة الدين وأنصاره » والعرب في ذلك تبع هم » فخضوع 
قريش يعبر القضاء الأخير عل الدين الوثي في جزيرة المرب . 

ويمكن أن نقسم هذه المرحلة إلى صفحتين : 

. صفحة المجاهدة والقتال‎ )١١ 

(؟) صفحة تسابق الشعوب والقبائل إلى اعتناق الاسلام . 

وهاتان الصفحتان متلاصقتان تناوبتا فى هذه المرحلة » ووقعث كل واحدة منهما خلال 
الأخرى » إلا أنا اخترنا في الترتيب الوضعي » أنا نأتي على ذكر كل من الصفحتين متميزة عن 
الأخرى » ونظراً إلى أن صفحة القتال ألصق با مضى » وأكثر مناسبة من الأخرى قدمناها في 
الترتيب . 


اك 


عزوة حنين 


إن فتح مكة جاء عقب ضربة خاطفة شده ها العرب » وبوغتت القبائل المجاورة بالأمر 
الواقع » الذي لم يكن يمكن ها أن تدفعه » ولذلك لم تمتنع عن الاستسلام إلا بعض القبائل 
الشرسة القوية المتغطرسة . وفي مقدمتها بطون هوازن وثقيف . واجتكعت إلها عر رج 
وسعد بن بكر وناس من بني هلال - وكلها من قيس عيلان - رأت هذه البطون من نفسها عزا 
وأنفة أن تقابل هذا الانتصار بالخضوع » فاجتمعت إلى مالك بن عوف النصري » وقررت المسير 


مسير العدو ونزوله بأوطاس 


ولا أجمع القائد العام - مالك بن عوف - المسير إلى حرب المسلمين ساق مع الناس 
أموالهم ونساءهم وأبناءهم » فسار حتى نزل بأوطاس - وهو واد في دار هوازن بالقرب من حنين , 
لكن وادي أوطاس غير وادي حنين ؛ وحنين واد إلى جنب ذي امجاز » بينه وبين مكة بضعة عشر 
ميلا من جهة عرفات27 . 


مجرب الحروب يغلط رأي القائد: 
ولا نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس » وفيهم دريد بن الصمة ودر ضع كيه لبس يه 
إلا رأيه ومعرفته بالحرب » وكان شجاعاً جربا - قال دريد : بأي واد أنتم ؟ قالوا : بأوطاس » 
قال : نعم محال الخيل , لا حزن ضرس » ولا سهل دهس » مالي أسمع رغاء البعير » وناق 
الحمير . وبكاء الصبي وتغاء الشاء ؟ قالوا : ساق مالك بن عوف مع الناس نساءهم وأموالهم 
)١(‏ انظر فتح الباري ۲۷/۸ ١‏ 17 . 
۳ 


وأبناءهم » فدعا مالكا وسأله عما حمله على ذلك » فقال : أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله 
وماله ليقاتل عنهم » فقال : راعي ضأن والله » وهل يرد المنبزم شيئا ؟ إمها إن كانت لك لم ينفعك 
إلا رجل بسيفه ورمحه » وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك . ثم سال عن بعض البطون 
والرؤساء ‏ ثم قال : يا مالك إنك لم تصنع بتقديم بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا » ارفعهم إلى 
ممتنع بلادهم وعلياء قومهم » ثم الق الضباة على متون الخيل » فإن كانت لك لحق بك من 
وراعك » وإن كانت عليك ألفاك ذلك وقد ارت أهلك ومالك . 

ولكن مالكاً ‏ القائد العام رفض هذا الطلب قائلاً : والله لا أفعل » إننك قد كبرت وكبر 
عقلك » والله لتطيعني هوازن أو لأتكان على هذا السيف حتى يخرج من ظهري » وكره أن يكون 
لدريد فيها ذكر أو رأي » فقالوا : أطعناك . فقال دريد : هذا يوم لم أشبده ولم يفتني . 

ياليعني فم اجذع أخب فهيا ضع 


سلاح استكشاف العدو: 


وجاءت إلى مالك عيون كان قد بعثهم للاستكشاف عن المسلمين » جاءت هذه العيون 
وقد تفرقت أوصاهم . قال : ويلكم » ما شأنكم ؟ قالوا : رأينا رجالاً بيضاً على خيل بلق » والله 
ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى . 
سلاح استكشاف رسول الله َة : 

ونقلت الأخبار إلى رسول الله يق بمسير العدو » فبعث أبا حدرد الأسلمي » وأمره أن 
يدخل في الناس » فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم » ثم يأنيه بخبرهم » ففعل . 


الرسول - َة يغادر مكة إلى حنين: 
وفي يوم السبي - السادس من شهر شوال سنة ۸ه - غادر رسول الله عه مكة - وكان 
ذلك اليوم التاسع عشر من يوم دخوله في مكة ‏ خرج في اثني عشر ألفأ من المسلمين » عشرة 
آلاف من كانوا خرجوا معه لفتح مكة » وألفان من أهل مكة » وأكثرهم حدينو عهد بالإسلام » 
واستعار من صفوان بن أمية مائة درع بأداتها » واستعمل على مكة عتاب بن أسيد . 
ا 


ونا كان عشية جاء فارء , + فقال ل : إفي طلعت جبل كذا وكذا » فإذا أنا بہوازن على بكرة 
بهم بظعنهم ونعمهم وشائهم » فتيسم رسوا ل الله ع وقال : تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء 
لله » وتطوع للحراسة تلك الليلة أنس بن أني مرئد الغنوي 00 

وفي طريقهم إلى حنين رأرا سدرة عظيمة خخضراء يقال ها ذات أنواط » كانت العرب تعلق 
عليها أسلحتهم » ويذيحون عندها ريمكفون » فقال ‏ بعض أهل ايش لرسول ع : اجعل لنا 
ذات أنواط » ٠‏ ؟ هم أنواط . فقال : الله أكبر » قلتم والذي نفس محمد بيده كا قال قوم موسی : 
اجعل لنا إلا کا لهم الحة . قال : إنكم قوم تجهلون . إنها السنن » لتر كبن سنن من كان 
قبلكه”" . 

وقد كان بعضهم قال نظراً إلى كثرة اليش : لن نغلب اليوم ؛ ون قد شق ذلك على 


رسول الله م عه . 


اجك بال ماة والمم احمين: 
اليش الإسلامي اجك بالرماة والمهاجمين 


انتبى اخيش e‏ ا معي ايله إل ربعاء لعشر حلون مز شوال 4 وكان مالك بن 
عوف قد سبقهم ع فأ :ل سه بالل يل في ذلاك الوادي »> وقرق کمیایه ف الطرق ت بالمداخل 1 
والأخباء e‏ 4 وأصذر الهم أم و بان برس موا أ المسلمين ول ما طعوا ۽ م يفوا 

وبالسحر عبا رسول الله کی جيشه » وعد الألوية والرايات وفرقها على الناس > وف عماية 
البح استقبل المسلمود وة حن ) وش يوا ينحدروك فيه 4 وهم 5 يرون پو مود کا 
العدو في مضايق هذا الوادت تبيناهم ينحطون إذا هم عمطر علريم النبال » وإذا كتائب. العدو قد 
ل المسلمون راجعين » لا يلوي اعدعل ت 
هزيمة منكرة » حتى قال أبو سفیان بي: ن حرب 6 وهو حديث عهد بالأسارام : 0 هي هريمتهم 
دون البحر الأحمر - وصرخ جبلة أو كلدة بن انيد : ألا بطل السحر اليوم 4 





1( انظر سنن أي داود . 
(؟) روى ذلك الترمذي . 


41١6 


وانحاز رسول الله عله جهة اليين وهو يقول : هلموا إل أيها الناس » أنا رسول الله » أنا 
محمد بن عبد الله » ولم يبق معه في موقفه إلا عدد قليل من المهاجرين وأهل بيته . 
وحيتكذ ظهرت شجاعة النبي عله التي لا نظير ها . فقد طفق يركز بغلته قبل الكفار وهو 
يقول : 
أنا ابي لا كذب أناابن عبد ال مط لب 
بيد أن أبا سفيان بن الحارث كان آخذاً بلجام بغلته » والعباس بركابه » يكفانها » أن 
لا تسرع . ثم نزل رسول الله َيه فاستنصر ربه قائلاً : اللهم أنزل نصرك . 


رجوع المسلمين واحتدام المعركة: 

وأمر رسول الله عله عمه العباس ‏ وكان جهير الصوت - أن ينادي الصحابة قال 
العباس : فقلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السمرة ؟ قال : فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا 
صوتي عطفة البقر على أولادها » فقالوا : يا لبيك » يا لبيك“ . ويذهب الرجل ليثني بعيره فلا 
يقدر عليه » فيأخذ درعه » فيقذفها في عنقه » ويأخذ سيفه وترسه » ويقتحم عن بعيره » ولي 

ب عند Sa‏ ام او سد مم 
راك الفريقان 0 شديدة » ونظر 6 لله 3 ساحة القتال » وقد استحر ل 
فقال : « الآن حمي الوطيس » . ثم أخذ رسول الله َوُه قبضة من تراب الأرض » فرمى بها في 
و : شاهت الوجوه » فما خلق الله إنسان إلا ملا عينيه ترابً من تلك القبضة فلم 
انكسار حدة العدىو وهزيمته الساحقة: 

وما هي إلا ساعات قلائل - بعد رمي اله لقبضة حتى انهزم العدو هزعة منكرة » وقتل من 
ف وعدم لو اس ررر المسلمون ما كان مع العدو من مال اك ا 


)10( صحيح مسلم ۰/۲ . 
51ت 


وهذا هو التطور الذي أشار إليه سبحانه وتعالى في قوله وویم تند اع € 
کڪ وعدن ڪڪ کيا رڪ اقٽ يلار بيحارت م و 
مُدريت 160 رلا سکنل رشو له ول لومت ونر جود اترو اودب 
الرس کفروا ولك جر الْكَفرِينَ © ٩(‏ : 57:58 . 
حركة المطاردة: 
ولا انهزم العدو صارت طائفة منهم إلى الطائف » وطائفة إلى نخلة » وطائفة إلى أوطاس » 
فأرسل النبي عي إلى أوطاس طائفة من المطاردين يقودهم أبو عامر الأشعري » فتناوش الفريقان 
القتال قليلاً » ثم امهزم جيش المشركين » وفي هذه المناوشة قتل القائد أبو عامر الأشعري . 
وطاردت طائفة أخرى من فرسان المسلمين فلول المشركين الذين سلكوا نخلة » فأدركت 
دريد بن الصمة فقتله ربيعة بن رفيع . 
وأما معظم فلول المشركين الذين حأوا إلى الطائف ؛ فتوجه إلههم رسول الله ع بنفسه بعد 
أن جمع الغناتم . 
الغنائم: 
وكانت الغنائم : السبي ستة آلاف رأس » والابل أربعة وعشرون ألفأ » والغنم أكثر من أربعين 
ألف شاة » وأربعة الاف أوقية فضة » أمر رسول الله عي بجمعها > م حبسها بالجعرانة » وجعل 
عليبا مسعود بن عمرو الغفاري » ولم يقسمها حتى فرغ من غزوة الطائف . 
وكانت في السبي الشهاء بنت الحارث السعدية ؛ أخت رسول الله عه من الرضاعة » فلما 


جيء بها إلى رسول الله عه عرفت له نفسها فعرفها بعلامة فأكرمها تمل ها رداغ 
وأجلسها عليه » ثم من عليها » وردها إلى قومها . 


غزوة الطائف: 
وهذه الغزوة في الحقيقة امتداد لغزوة حنين » وذلك أن معظم فلول هوازن وثقيف دخلوا 
الطائف مع القائد العام - مالك بن عوف النصري - وتحصنوا بها » سار النيم رسو لالت 7 
بعد فراغه من حنين وجمع الغناتم بالجعرانة في نفس الشير - شوال سنة ۸ه . 
4107 - 


وقدم خالد بن الوليد على مقدمته طليعة في ألف رجل » ثم سلك رسول الله يله إلى 
الطائن ئف » فمر في طريقه على النخلة اليانية » ثم على قرن المنازل ثم على لية » وكان هناك حصن 
مالك بن عوف فأمر بهدمه , ثم واصل سيره حتى انتبى إلى الطائف فنزل قريباً من حصنه › 
وعسكر هناك » وفرض الحصار على أهل الحصن . 

ودام الحصار مدة غير قليلة » ففي رواية أنس عند مسلم أن مدة حصارهم كانت أربعين 
يومأء وعند أهل السير حلاف في ذلك » فقيل : عشرين يوماً » وقيل : بضعة عشر » وقيل : 
مانية عشر » وقيل : خمسة عشر(" . 

ووفجت في هذه المدة مراماة ومقاذفات» فالمسلمون أول ما فرضوا الحصار رماهم أهل الحصن 
رميأ شديدا كأنه رجل جراد » حتى أصيب ناس من المسلمين يجراحة » وقتل منهم اثنا عشر 
رجلا > واضطروا إلى الارتفا ع عن معسكرهم إلى مسجد الطائف اليوم » فعسكروا هناك . 

ونصب النبي عله المنجنيق على أهل الطائف » وقذف به القذائف » حتى وقعت شدخة 
في جدار الحصن » فدخل نفر من المسلمين يتحت دبابة" » ودخلوا بها إلى الجدار ليحرقوه › 
فأرسل عليهم العدو سكك الحديد محماة بالنار » فخرجوا من تحتها » فرموهم بالنبل وقتلوا منهم 
رجالاً . 

وأمر رسول الله عو - كجزء من سياسة الحرب لإا لحاء العدو إلى الاستسلام - أمر بقطع 
الأعناب وتحريقها . فقطعها المسلمون قطعاً ذريعاً » فسألته ثقيف أن يدعها لله والرحم » فتركها 
له والرحم . 

ونادى مناديه عه : أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهر حر » فخرج إليهم ثلاثة 
وعشرون رجلا فيهم أبو بكرة ‏ تسور حصن الطائف وتدلى منه ببكرة مستديرة يستقى 
علييا » فكناه رسول الله عي « أبا بكرة » - فأعتقهم رسول الله عه » ودفع كل رجل منم 
إلى رجل من المسلمين يمونه » فشق ذلك على أهل الحصن مشقة شديدة . 
)١(‏ فح الباري ٠٥/۸‏ . ظ ١‏ 
9( لم تكن الدبابة كدبابتنا اليوم » وإنما كانت تصنع من الخشب » كان الناس يدخلون في جوفها ثم يدفعونها في 


أصل الحصن لينقبوه وهم في جوفها , أو ليد خلوا من النقبات . 
(۳) صحيح البخاري 1۲١/۲‏ . 


RS 


ولما طال الحصار » واستعصى الحصن » وأصيب ع التطلفون :عا اضعا .رشق الال 
وبسكك الحديد المحماة ‏ وكان ا E E‏ تة اح امار 
رسول الله عل نوفل بن معاوية الديل فقال : هم تعلب في جحر » إن أقمت عليه أخذته وإن 


تركته لم يضرك » وحينئذ عزم رسول الله عه على رفع ا حصار والرحيل فار غنم بين الطاب 
فأذن في الناس : إنا قافلون غداً إن شاء الله » فثقل عليهم وقالوا لدعي و يح عاد 


رسول الله َيه : اغدوا على القتال » فغدوا فأصابهم جراح » فقال : إنا قافلون غداأ إن شاء الله 
فسروا بذلك وأذعنوا » وجعلوا يرحلون » ورسول الله عه يضحك . 

ونا :ارتحلوا واتتشقلوا قال + “قولوا:: اوت تابوت عابدون + لربنا حاهدون 

وقيل : يا رسول الله ادع على ثقيف » فقال : اللهم اهد ثقيفا وات بهم . 
قسمة الغنائم بالجعرانة: 

ولا عاد رسول الله عي بعد رفع الحصار عن الطائف ؛ مكث بالجعرانة بضع عشرة لياة 
لا يقسم الغنام » ويتأنى بها » يبتغي أن يقدم عليه وفد هوازن تائبين » فيحرزوا ما فقدوا » ولكنه لم 
يجمه أحد » فبدأ بقسمة المال » ليسكت المتطلعين من رؤساء القبائل وأشراف مكة , فكان المؤلفة 
قلوبهم أول من أعطى وحظي بالأنصبة الحزلة . 

وأعطى أبا سفيان بن حرب أربعين أوقية ومائة من الابل » فقال : ابني يزيد ؟ فأعطاه 
مثلها » فقال : اببي معاوية ؟ فأعطاه مه مثلها » وأعطى حكم بن حزام مائة من الإبل » ثم سأله مائة 
أخرى » فأعطاه إياها . وأعطى صقوان بن أمية مائة من الابل ثم مائة ثم مائة ‏ كذا في 
الشفاء(" » وأعطى الحارث بن الحارث بن كلدة مائة من الابل » وكذلك أعطى رجالا من 
رؤساء قريش وغيرها مائة مائة من الإبل » وأعطى اخرين خمسين خمسين وأربعين أربعين حتى 
شاع في الناس أن محمد يعطي عطاء ما حاف الفقر » فازدحمت عليه الأعراب يطلبون المال حتى 
اضطروه إلى شجرة » فانتزعت رداءه فقال : أيها الناس ردوا على ردالي » فو الذي نفسي بيده لو 
كان عندي شجر تهامة نعماً لقسمته عليكم » ثم ما ألفيتموني بخيلاً ولا جباناً ولا كذاباً . 


. ۸٦/١ الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض‎ )١( 


د 


ثم قام إلى جنب بعيره فأخذ من سنامه وبرة » فجعلها بين إصبعه › ثم رفعها » فقال : ايها 
الناس » والله مالي من فيئكم › ولا هذه الوبرة إلا الخمس » والخمس مردود عليكم . 

وبعد إعطاء المؤلفة قلوبہم أمر رسول الله ع زيد بن ثابت بإحضار الغنائم والناس » ثم 
فرضها على الناس » فكانت سبامهم لكل رجل أربعا من الإبل وأربعين شاة » فإن كان فارسا أخذ 
ني عشر بعيراً وعشرين ومائة شاة . 

كانت هذه القسمة مبنية على سياسة حكيمة » فإن في الدنيا اس كثيرين یقادون إلى الحق 
من بطونهم , لا من عقوم » فكما بدي الدواب إلى طريقها بحزمة برسيم نظل تمد إليها فمها 
حتى تدخل حظيرتها امنة » فكذلك هذه الأصناف من البشر تحتاج إلى فنون من الإغراء حتى 
تستأنس بالايمان وتش له“ . 


الأنصار تجد على رسول الله - ا : 

وهذه السياسة ل تُفهم أول الأمر » فأطلقت ألسنة شتى بالاعتراض » وكان الأنصار ممن 
وقعت عليهم مغارم هذه السياسة » لقد حرموا جميعاً أعطية حنين » وهم الذين نودوا وقت الشدة 
فطاروا يقاتلون مع الرسول ر حتى تبدل الفرار انتصارا » وهاهم أولاء يرون أيدي الفارين 
ملأى » وأما هم فلم يمنحوا شيئاً قط . 

روى ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري قال : لما أعطى رسول الله عي ما أعطى من 
تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب » ولم يكن في الأنصار منها شيء وجد هذا الحي من 
الأنصار في أنفسهم » حتى كارت فيهم القالة » حتى قال قائلهم : لقي والله رسول الله عله 
قومه » فدخل عليه سعد بن عبادة فقال : يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا 
عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت ؛ قسمت في قومك » وأعطيت عطايا 
عظاماً في قبائل العرب » ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء . قال : « فأين أنت من 
ذلك يا سعد ؟» قال : يا رسول الله ما أنا إلا من قومي : قال : « فاجمع لي قومك في هذه 
الحظيرة » » فخرج سعد فجمع الأنصار في تلك الحظيرة » فجاء رجال من المهاجرين فت ركهم 


. 599 › كلمة محمد الغزالی في فقه السيرة ص۲۹۸‎ )7-١١ 
“° - 


فدخلوا » وجاء اخخرون فردهم » فلما اجتمعوا له أتاه سعد فقال : لقد اجتمع لك هذا الحي من 
الأنصار » فأتاهم رسول الله عي » فحمد الله , وأثنى عليه » ثم قال : 

ويا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم » وجدة وجدتّوها عل في أنفسكم ؟ ألم اتكم 
ضلالاً فهداك الله ؟ وعالة فأغناك الله » وأعداء فألف الله بين قلوبكم » ؟ قالوا : بلى » الله ورسوله 
أمن وأفضل . 

ثم قال : « ألا تجيبوني يا معشر الأنصار » ؟ قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله 
لمن والفضل . قال : « أما والله لو شعت لقلمم » فلصدقتم ولصدقتم : أتيتنا مكذبا فصدقناك › 
ومخخذولاً فنصرناك 6 وطرَينا فاويناك 4 وعائلا فاسيناك ' 

أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا » ووكلتم 
إلى إسلامكم ؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير » وترجعوا 
ولو سلك الناس شعبا » وسلكت الانصار شعبا ؛ لسلكت شعب الانصار › اللهم ارحم 
الأنضار + وأبناء الانصار » وأبتاء أبناء الانضار » . 

فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم » وقالوا : رضينا برسول الله عله قسم| وحظا » ثم انصرف 
رسول الله عه » وتفرقوا('2 . 


قدوم وفد هوازن: 

وبعد توزيع الغنائم أقبل وفد هوازن مسلماً » وهم أربعة عشر رجلا » ورأسهم زهير بن 
صرد » وفيهم أبو برقان عم رسول الله عه من الرضاعة » فسألوه أن يمن عليهم بالسبي 
والأموال » وأدلوا إليه بكلام ترق له القلوب » فقال : « إن معي من ترون » وإن أحب الحديث 
إلي أصدقه » فابناؤم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم ؟» قالوا : ما كنا نعدل بالأحساب شيا . 
فقال  :‏ إذا صليت الغداة - أي صلاة الظهر - فقوموا فقولوا : إنا نستشفع برسول الله عل 
إلى المؤمنين » ونستشفع بالمؤمنين إلى رسول الله ع أن يرد إلينا سبينا » » فلما صلى الغداة 


(۱) ابن هشام ٤۹۹/۲‏ » ۰۰۰ » وروی مثل ذلك البخاري 577/5 .6 55١‏ . 


21ت 


قاموا فقالوا ذلك » فقال رسول الله عه : : د أما ما كان لي وليني عبد المطلب فهو لكم ؛ 
وسأسأل لكم الناس » » فقال المهاجرون والأنصار : ما كان لنا فهو لرسول الله َي فقال 
الأقرع بن حابس : أما آنا وبنو تيم فلا . وقال عبينة بن حصن : أما أنا وبنو فزارة فلا . وقال 
العباس بن مرداس : أما أنا وبنو سليم فلا . فقالت بنو سليم : ما كان لنا فهو لرسول الله حا . 
فقال العباس بن مرداس : وهنتموني . 

فقال رسول الله عب : « إن هؤلاء القوم قد جاعوا مسلمين » وقد كنت استأنيت سبيهم » 
وقد خيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيقاً . فمن کان عنده منهن شيء فطابت نفسه بان رده 
فسبيل ذلك » ومن أحب أن يستمسك بحقه فليرد علمهم » وله بكل فريضة ست فرائض من أول 
ما يفيء الله علينا ؛ » فقال الناس : قد طيبنا لرسول الله عق فقال : « إنا لا نعرف من رضي 
منكم ممن م يرض . فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤٌ م أمرم » فردوا عليهم نساءهم وأبناءهم » لم 
يتخلف منهم أحد غير عبينة بن حصن فإنه ألى أن يرد عجوزا صارت في يديه منهم » > م ردها 
بعد ذلك » وكسا رسول الله ع السبي قبطية قبطية . 


العمرة والانصراف إلى المدينة: 

ولا فرغ رسول الله عه من قسمة الغنام في الحعرانة أُهَلّ معتمرا منها » فأدى العمرة » 
وانصرف بعد ذلك راجعاً إلى المدينة بعد أن ولى على مكة عتاب ابن أسيد » وكان رجوعه إلى 
المدينة لست ليال بقيت من ذي القعدة سنة ۸ه . 

قال محمد الغزالي : لله ما أفسح المدى الذي بين هذه الآونة الظافرة بعد أن توج الله هامته 
بالقتح المبين » وبين مقدمه إلى هذا البلد النبيل منذ ثمانية أعوام ؟ 

لقد جاء مطاردا يبغي الأمان » غريباً مستوحشاً ينشد الإيلاف والايناس » فأكرم أهله 


مثواه » واووه ونصروه » واتبعوا النور الذي أنزل معه » واستخفوا بعداوة الناس جميعا من أجله › 
وهاهو ذا بعد ثمانية أعوام يدخل المدينة التي استقبلته مهاجرا خائفا ؛ لتستقبله مرة أخرى وقد 


85375 - 


دانت له مكة » وألقت تحت قدميه كبرياءها وجاهليتها فأميضها ؛ ليعزها بالإسلام » وعفا عن 

خطيئاتها الأولى تومن يسن وَيَضَيرٌ فرك رك أله َايضِيمٌ أ جر الْمْحَسِيْينَ ١١١4‏ : 
00( 

EA 


)١(‏ فقه السيرة ص۳٠٠‏ . وانظر لتفصيل هذه الغزوات - فتح مكة وحنين والطائف › وما وقع خلاطما ‏ زاد المعاد 
ج۲ من ص ١7١‏ إلى ۲۰۱ » وابن هشام ج۲ من ص۳۸۹ إلى ٠٠١‏ » وصحيح البخاري أبواب غزوة الفتح 
وحنين وأوطاس والطائف وغيرها ج۲ من ص۲ ٦۱‏ إلى 1Y۲‏ ؛ وفتح الباري ج۸ من ص" إلى مه . 


E 


البعوث والسرايا 
بعد الرجوع من غزوة الفتح 


وبعد الرجوع من هذا السفر الطويل الناجح أقام رسول الله عي بالمدينة يستقبل الوفود » 
ويبعث العمال » ويبث الدعاة » ويكبت من بقي فيه الاستكبار عن الدخول في دين الله 
والاستسلام للأمر الواقع الذي شاهدته العرب . وهاك صورة مصغرة من ذلك : 
المصدقون: ظ 

قد عروت ما تقدم أن رجوع رسول الله عه إلى المدينة كان في أواحر أيام السنة الثامنة فما 
هو إلا أن استبل هلال الحرم من سنة ۹ه » وبعث رسول الله ع المصدقين إلى القبائل . وهذه 


هي قامتهم : 

. عيينة بن حصن إلى بني عم‎ )١( 

(۲) يزيد بن الحصين إلى أسلم وغفار . 

(۳) عباد بن بشر الأشبلي ) إلى سلم ومزينة . 

. عمرو بن العاص إلى بني فزارة‎ )٥( 

. الضحاك بن سفيان إلى بني كلاب‎ )٩( 

(۷) بشير بن سفيان إلى بني كعب . 

(۸) ابن اللتبية الازدي - إلى بني ذبياك . | | 
(4) المهاجر بن اي أمية ا إلى صنعاء. (وخرج عليه الأسود العنسبي وهو 


0 
ت 


)٠١(‏ زياد بن لبيد إلى حضر موت. 


. عدي بن حاتم إلى طيء وبني أسد‎ )١١( 

. مالك بن نويرة إلى بني حنظلة‎ )١ 

(۱۳) الزبرقان بن بدر إلى بني سعد (إلى قسم منهم) . 

. قيس بن عاصم إلى بني سعد (إلى قسم منهم)‎ )۱٤( 

. العلاء بن الحضرمي إلى البحرين‎ )1١5( 

(17) علي بن أي طالب إلى نجران (الجمع الصدقة والجزية كليهما) . 


وليس هؤلاء العمال كلهم بعثوا في الحرم سنة ۹ه ؛ بل تأخر بعث عدة منهم إلى اعتناق 
الحرم سنة ۹ھ . وهذا يدل على مدى جاح الدعوة الاسلامية بعد هدنة الحديبية » واما بعد فتح 
مكة فقد دخل الناس في دين الله أفواجا . 


السرايا: 

وک بعثث المصدقون إلى القبائل »> مست الحاجة إلى بعث عدة من السرايا 4 مع سيادة الأمن 
على عامة مناطق الجزيرة . وهاك لوحة تلك السرايا : 

› صرية عيينة بن حصن الفزاري - في المحرم سنة 9ه - إلى بني كيم » في خمسين فارسا‎ -١ 
م يكن فيهم مهاجري ولا أنصاري » وسببها أن بني تيم كانوا قد أغروا القبائل » ومنعوهم عن أداء‎ 
. الجزية‎ 

وخرج عبينة بن حصن يسير الليل ويكمن النهار > حتى هجم عليهم في الصحراء » فولى 
القوم مدبرين › وأخذ منهم أحد عشر رجلا وإحدى وعشرين امراة وثلاثين صبيا » وساقهم 
إلى المدينة » فأنزلوا في دار رملة بنت الحارث . 

وقدم فيهم عشرة من رؤسائهم » فجاعوا إلى باب النبي عه فنادوا : يا محمد احرج إلينا » 
فخرج فتعلقوا به » وجعلوا يكلمونه » فوقف معهم , ثم مضى حتى صلى الظهر » ثم جلس في 
صحن المسجد » فأظهروا رغبتهم في المفاخرة والمباهاة » وقدموا خطيمهم عطارد بن حاجب 
فتكلم » فأمر رسول الله عه ثابت بن قيس بن هماس - حطيب الاسلام ‏ فأجابهم » ثم 

0 


قدموا شاعرهم الزبرقان بن بدر فأنشد مفاخرا » فأجابه شاعر الإسلام حسان بن ثابت على 
البديهة . 

ولا فرغ الخطيبان والشاعران قال الأقرع بن حابس : خطيبه أخطب من خخطيبنا » وشاعره 
أشعر من شاعرنا » وأصواتهم أعلى من أصواتنا » وأقوالهم أعلى من أقوالنا » ثم أسلموا فأجازهم 
رسول ال ته قاحس + جوائزهم » ورد عليهم نساءهم وأبناءهي<" . 

١‏ - سرية قطبة بن عامر إلى حي من خشعم بناحية تبالة » بالقرب من تربة ‏ في صفر سنة 
5ه . حرج قطبة في عشرين رجلا على عشرة أبعرة يعتقبونها » فشن الغارة » فاقتتلوا قتالاً شديدا 
حتى كار الحرحى في الفريقين جميعا » وقتل قطبة من قتل » وساق المسلمون النعم والنساء والشاء 
إلى المدينة . 

۲ - سرية الضحاك بن سفيان الكلاني إلى بني كلاب في ريع الأول سنة ۹ه . بعشت 
هذه السرية إلى بني كلاب ؛ لدعوتهم إلى الإسلام » فأبوا وقاتلوا » فهزمهم المسلمون وقتلوا منهم 
رجلا . 

؛ - سرية علقمة بن مجزز المد لحي إلى سواحل جدة في شهر ربيع الآخر سنة ۹ه في 
لاثمائة . بعثهم إلى رجال من الحبشة كانوا قد اجتمعوا بالقرب من سواحل جدة للقيام باعمال 
القرصنة ضد أهل مكة . فخاض علقمة البحر حتى انتهى إلى جزيرة . فلما سمعوا بمسير المسلمين 
إلميم هربوا" . 

ه - سرية علي بن أبي طالب إلى صن لطيء . يقال له القلس - ليهدمه - في شهر ربيع 
الأول سنة ۹ه . بعثه رسول الله ع في خمسين ومائة على مائة بعير وخمسين فرساً » ومعه راية 
سوداء ولواء أبيض » فشنوا الغارة على محلة حاتم مع الفجر » فهدموه وملأوا أيدييم من السبي 
والنعم والشاء » وفي السبي أخحت عدي بن حاتم » وهرب عدي إلى الشام » ووجد المسلمون في 


)١(‏ هكذا ذكره أهل المغازي أن هذه السرية كانت في الحرم سنة ۹ه . وفيه نظر ظاهر ء فإن السياق يشعر بأن 
الأقرع بن حابس لم يكن أسلم قبلهاء وقد ذكروا أن الأقرع بن حابس هو الذي قال حين استرد 
رسول الله له سبايا بني هوازن :.أما أنا وبنو تيم فلا . وهذا يقتضي إسلامه قبل هذه السرية . 
(۲) فح الباري ٥٩/۸‏ . 
71ت 


خزانة القلس ثلاثة أسياف وثلاثة أدرع » وني الطريق قسموا الغناثم » وعزلوا الصفي 
ا اا 98 5 . 

لرسول الله عله . ولم يقسموا آل حاتم . 

ولا جاءوا إلى المدينة استعطفت أخت عدي بن حاتم رسول الله عي قائلة : 
يا رسول الله » غاب الوافد وانقطع الوالد , وأنا عجوز كبيرة » ما بي من خدمة » فمن عل » مَنّ 
الله عليك . قال : « من وافدك » ؟ قالت : عدي بن حاتم . قال : « الذي فر من الله 
ورسوله 4؟ ثم مضى » فلما كان الغد قالت مثل ذلك » وقال لها مثل ما قال أمس . فلما كان بعد 
الغد قالت مثل ذلك » فمن عليها » وكان إلى جنبه رجل - ترى أنه على - فقال لها : « سليه 
الحملان ‏ . فسالته » فأمر لما به . 

ورجعت أخت عدي بن حاتم إلى أخييا عدي بالشام » فلما لقيته قالت عن 
رول الله مكل »القن قل 'فطلة ما كان أبولة يلها اكه راغا أى راغا م اء دى يقير امان 
ولا كتاب » فاتی به إلى داره » فلما جلس بين يديه حمد الله وأثنى عليه » ثم قال : « ما يفرك ؟ 
أيفرك أن تقول : لا إله إلا الله ؛؟ فهل تعلم من إله سوى الله ؛؟ قال : لا . ثم تكلم ساعة ثم 
قال : « إنغا تفر أن يقال : الله أكبر فهل تعلم شيئاً أكبر من الله » ؟ قال : لا . قال : « فإن 
الود مغضوب عليهم » وإن النصارى ضالون » . قال: فإني حنيف مسلم . فانبسط وجهه 
1 1 8 5 بابز : 
فرحا » وأمر به فتزل عند رجل من الأنصار » وجعل يأني النبي عله طرفي النہار“ . 

وني رواية ابن إسحاق عن عدي : أن النبي عي لما أجلسه بين يديه في داره قال له : إيه 
يا عدي بن حاتم » ألم تكن ركوسيا ؟ قال : بلى . قال : أو لم تكن تسیر في قومك بالمرباع ؟ 
قال : قلت : بلى . قال : فإن ذلك لم يحل لك في دينك . قال : قلت أجل والله . قال : وعرفت 
أنه نبي مرسل » يعرف ما يجهل . 

وني رواية لأحمد أن النبي عي قال : يا عدي أسلم تسلم . فقلت إني من أهل دين . 
قال : أنا أعلم بدينك منك . فقلت : أنت أعلم بديني مني ؟ قال : نعم » ألست من الركوسية 





, ۲٠٥/۲ زاد المعاد‎ )١( 
. o۸۱/۲ ابن هشام‎ )۲( 


Ah 


وأنت تأكل مرباع قومك ؟ فقلت : بى قال لك . قال : فلم يعد أن 
قاها فتواضعت فا“ . 

551005 A a 
أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل » فقال : يا عدي » هل رأيت الحيرة ؟ فإن طالت بك حياة‎ 
فلترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة » لا تخاف أحدا إلا الله » ولئن طالت بك‎ 
حياة لتفتحن كنوز كسرى » ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو‎ 
فضة ويطلب من يقبله » فلا يجد أحداً يقبله منه  الحديث  وفي اخره : قال عدي : فرأيت‎ 
الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تحاف إلا الله » وكنت فيمن أفتتح كنوز‎ 
كسسرى بن هرمز » ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القامم ع « يخرج ملء‎ 
. 296 كفه‎ 


(۲) صحيح البخاري انظر مشكاة المصاييح ٥۲٤/۲‏ . 
) -478- 


غزوة تبوك ‏ 


فى رجب سنة 1ه 


إن غزوة فتح مكة كانت غزوة فاصلة بين الحق والباطل . ل يبق بعدها جال للريبة والظن في 
رسالة محمد ل عند العرب » ولذلك انقلب الجرى ماما » ودخخل الناس في دين الله أفواجا 
- كا سيظهر ذلك مما تقدمه في فصل الوفود » ومن العدد الذي حضر في حجة الوداع ‏ 
وانتبت المتاعب الداخلية واستراح المسلمون ؛ لتعليم شرائع الله »> وبث دعوة الإسلام . 


سبب الغزوة: 

إلا أمها كانت هناك قوة تعرضت للمسلمين من غير مبرر » وهي قوة الرومان - أكبر قوة 
عسكرية ظهرت على وجه الأرض في ذلك الزمان - وقد عرفنا فما تقدم أن بداية هذا التعرض 
كانت بقتل سفير رسول الله ع - الحارث بن عمير الأزدي - على يدي شرحبيل بن عمرو 
الغساني » حيئا كان السفير يحمل رسالة النبي َه إلى ععظم بصرى » وأن النبي عه أرسل 
بعد ذلك سرية زيد بن حارثة التي اصطدمت بالرومان اصطداما عنيفا في مؤتة » ولم تنجح في 
أخذ الثأر من أولئك الظالمين المتغطرسين » إلا نها تركت أروع أثر في نفوس العرب » قريههم 
وبعيدهم . 

ولم يكن قيصر ليصرف نظره عما كان لمعركة مؤتة من الأثر الكبير لصالح المسلمين › وعما 
كان يطمح إليه بعد ذلك كثير من قبائل العرب من استقلالهم عن قيصر » ومواطاتهم 
للمسلمين » إن هذا كان خطرا يتقدم ويخطو إلى حدوده خطوة بعد خطوة » ويهدد الثغور 
الشامية التي تحاور العرب ٠‏ فكان يرى أن القضاء يجب على قوة المسلمين قبل أن تتجسد في 


5 


صورة خطر عظم لا يمكن القضاء عليها » وقبل أن تثير القلاقل والثورات في المناطق العربية 
امجاورة للرومان . ) 

ونظراً إلى هذه المصالح لم يقض قيصر بعد معركة مؤتة سنة كاملة ؛ حتى أخذ يببىء الجيش 
من الرومان والعرب التابعة لهم من ال غسان وغيرهم › وبدأ يجهز لمعركة دامية فاصلة . 
الأخبار العامة عن استعداد الرومان وغسان: 

وكانت الأنباء تترامى إلى المدينة بإعداد الرومان ؛ للقيام بغزوة حاسمة ضد المسلمين » حتى 
كان الخوف يتسورهم كل حين » لا يسمعون صوتاً غير معتاد إلا ويظنونه زحف الرومان › 
ويظهر ذلك جليا مما وقع لعمر بن الخطاب » فقد كان النبي عه آى من نسائه شهراً في هذه 
السنة (9ه) وكان هجرهن واعتزل عنهن في مشربة له . ولم يفطن الصحابة إلى حقيقة الأمر في 
بدايته فظنوا أن النبي عه طلقهن » فسرى فيهم الهم والحزن والقلق » يقول عمر بن الخطاب 
- وهو يروي هذه القصة - : وكان لي صاحب من الأنصار إذا غبت أتاني بالخبر » وإذا غاب 
كنت اتيه أنا بالخبر - وكانا يسكنان في عوالي المدينة » يتناوبان إلى النبي عله - ونحن نتخوف 
ملكا من ملوك غسان ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا » قد اتات صدورنا ببس نإذا اي 
الأنصاري يدق الباب » فقال : افتح » افتح » فقلت : جاء الغساني ؟ فقال : بل أشد من 
ذلك » اعتزل رسول الله عر أزواجه . الحديث2© . 

وفي لفظ آخخر ( أنه قال ) : وكنا تحدثنا أن آل غسان تنعل التعال لغزونا » فتزل صاحبي يوم 
نوبته » فرجع عشاء » فضرب بابي ضرباً شديداً وقال : انام هو ؟ ففزعت » فخرجت إليه › 
وقال : حدث أمر عظم . فقلت : ما هو ؟ أجاءت غسان ؟.قال : لا بل أعظم منه وأطول › 
طلق رسول الله عي نساءه . الحديث”© . 

وهذا يدل على خطورة الموقف . الذي كان يواجهه المسلمون بالنسبة إلى الرومان . ويزيد 
ذلك تأكدا ما فعله ا مناققون حينا نقلت إلى المدينة أخبار إعداد الرومان » فبرغم ما رآه هؤلاء 
امنافقون من نجاح رسول الله حه في كل الميادين » وأنه لا يوجل من سلطان على ظهر الأرض » 
(۲) نفس المصدر 7814/١‏ . 
° 


بل يذيب كل ما يعترض في طريقه من عوائق » برغم هذا كله طفق هؤلاء المنافقون يأملون في 
تحقق ما كانوا يخفونه في صدورهم » وما كانوا يتربصونه من الشر بالإسلام وأهله . ونظرا إلى 
قرب تحقق امهم أنشاوا وكرة للدس والتامر » في صورة مسجد » وهو مسجد الضرار » أسسوه 
کفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب لله ورسوله » وعرضوا على رسول الله ع أن 
يصلي فيه » وإنما مرامهم بذلك أن يخدعوا المؤمنين » فلا يفطنوا ما يؤتى به في هذا المسجد من 
الدس والمؤامرة ضدهم » ولا يلتفتوا إلى من يرده ويصدر عنه » فيصير وكرة مامونة لهؤلاء 
المنافقين ولرفقائيم في الخارج ؛ ولكن رسول الله عَم أحر الصلاة فيه - إلى قفوله من الغزوة - 
لشغله بالجهاز » ففشلوا في مرامهم وفضحهم الله » حتى قام الرسول ع ببدم المسجد بعد 
القفول من الغزو » بدل أن يصلي فيه . 
الآخبار الخاصة عن استعداد الرومان وغسان: 

كانت هذه هي الأحوال والأخبار التي يواجهها ويتلقاها المسلمون » إذ بلغهم من الأنباط 
الذين يقدمون بالزيت من الشام إلى المدينة أن هرقل قد هيأ جيشا عرمرماً قوامه أربعون ألف 
مقاتل » وأعطى قيادته لعظم من عظماء الروم » وأنه أجلب معهم قبائل لخم وجذام وغيرهما من 
متنصرة العرب » وأن مقدمتهم بلغت إلى البلقاء . وهكذا تُثل أمام المسلمين خطر كبير . 


زيادة خطورة الموقف: 

والذي كان يزيد خطورة الموقف أن الزمان كان فصل القيظ الشديد » وكان الناس في عسرة 
وجدب من البلاء وقلة من الظهر » وكانت القار قد طابت › فكانوا يحبون المقام في ثمارهم 
وظلاهم » ويكرهون الشخوص على الحال » من الزمان الذي هم فيه » ومع هذا كله كانت 
المسافة بعيدة » والطريق وعرة صعبة . 


الرسول ‏ َي يقرر القيام بإقدام حاسم: 
ولكن الرسول مُه كان ينظر إلى الظروف والتطورات بنظر أدق وأحكم من هذا كله . إنه 
كاان یری أنه لو توانى وتكاسل عن غزو الرومان في هذه الظروف الحاسمة » وترك الرومان لتجوس 
خلال المناطق التي كانت تحت سيطرة الاسلام ونفوذه » وتزحف إلى المدينة ؛ كان له أسوأ أثر 
4*1 - 


على الدعوة الإسلامية » وعلى سبمعة المسلمين العسكرية » فالجاهلية التي تلفظ نفسها الأخير بعد 


مالقيت من الضربة القاسمة في حنين ستحيا مرة أخرى » والمنافقون الذي يتربصون الدوائر 


بالمسلمين بخناجرهم من الخلف » في حين تهجم الرومان بحملة ضارية ضد المسلمين من الأمام » 
وهكذا يخفق كثير من الحهود التي بذهما هو وأصحابه في نشر الإسلام » وتذهب المكاسب التي 
حصلوا عليما بعد حروب دامية ودوريات عسكرية متتابعة متواصلة ... تذهب هذه المكاسب 
بغير جدوى .| ظ 

کان رسول الله عه يعرف كل ذلك جيداً » ولذلك قرر القيام ‏ مع ما كان فيه من 
العسرة والشدة ‏ بغزوة فاصلة يخوضها المسلمون ضد الرومان في حدودهم »ولا يمهلونهم حتی 
يزحفوا إلى دار الاسلام . | 


الاعلان بالتهيؤ لقتال الرومان: 

ولا قرر رسول الله عو الموقف أعلن في الصحابة أن يتجهزوا للقتال » وبعث إلى القبائل 
من العرب وإلى أهل مكة يستنفرهم » وكان قل ما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها » ولكنه 
نظرأ إلى خطورة الموقف وإلى شدة العسرة أعلن أنه يريد لقاء الرومان » وجلى للناس أمرهم ؛ 
ليتأهبوا أهبة كاملة » وحضهم على الجهاد » وثزلت قطعة من سورة براءة تثيرهم على الحلاد » 
. وتحنهم على القتال ورغهم رسول الله مه في بذل الصدقات » وإنفاق كرام الأموال في سبيل 


الله . 


المسلمون يتسابقون إلى التجهز للغزو: 

ولم يكن من المسلمين أن “معوا صوت رسول الله مه يدعو إلى قتال الروم إلا وتسابقوا إلى 
امتثاله » فقاموا يتجهزون للقتال بسرعة بالغة » وأخذت القبائل والبطون تمبط إلى المدينة من كل 
صوب وناحية > و يرض أحد من المسلمين أن يتخلف عن هذه الغزوة - إلا الذين في قلوهم 
مرض وإلا ثلاثة نفر ‏ حتى كان يجيء أهل الحاجة والفاقة يستحملون رسول الله لي ؛ 
ليخرجوا إلى قال الروم » فإذا قال لهم : « لج مآ لحك علي ولوا وأعسنهر 
دیص نالدع سرا لابج دوا مايسْفِقُورت » ( ٩۲ : ٩‏ ) . ظ 


2737 م 


کا تسابق المسلمون في إنفاق الأموال وبذل الصدقات . كان عثان بن عفان قد جهز عيرا 
للشام » مائتا بعير بأقتابها وأحلاسها » ومائتا أوقية » فتصدق بها ثم تصدق بمائة بعير بأحلاسها 
وأققابها » ثم جاء بألف دينار فنثرها في حجره ع ٠‏ فكان رسول الله عو يقلبها ويقول : 
« ما ضر عثان ما عمل بعد اليوم ۲" ثم تصدق وتصدق › حتى بلغ مقدار صدقته تسعمائة 
بعير ومائة فرس سوى النقود . 

وجاء عبد الرحمن بن عوف ممائتي أوقية فضة » وجاء أبو بكر بماله كله » ولم يترك لأهله إلا 
الله ورسوله - وكانت أربعة الاف درهم » وهو أول من جاء بصدقته » وجاء عمر بنصف ماله » 
وجاء العباس بمال كثير » وجاء طلحة وسعد بن عبادة ومحمد بن مسلمة » كلهم جاعوا بمال » 
وجاء عاصم بن عدي بتسعين وسقأ من القر » وتتابع الناس بصدقاتهم قليلها وكثيرها » حتى كان 
منهم من أنفق مدأ أو مدين لم يكن يستطيع غيرها ؛ وبعثت النساء ما قدرن عليه من مسك 
ومعاضد وخلا خل وقرط وخواتم . 

وم يمسك أحد يده ولم یخل ماله إلا المنافقون لزت يمرو ت؟ لْمُطوَعِيرك صن 


o‏ ماس مير 


لومي ف لصت ولیت دودلا جهدَف يحون » (2»9:5ض) 


الجيش الاسلامي إلى تبوك: 

وهكذا تجهز الجيش » فاستعمل رسول الله عوك عل المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري » 
e‏ يات ل يان ابي احير ربدي ع 
المنافقون ( فخرج فلحق برسول الل عقاو ¢ فرده الى المدينة وقال : أ ألا ترصى أن تكون مني 
بمنزلة هارون من موسى » إلا أنه لا نبي بعدي » . 

ثم تحرك رسول الله عه يوم الخميس نحو الشمال يريد تبوك . ولكن الحيش كان كبيرا 
و رجي ا ان سباي حا بح 
بالنسبة إلى لزاه والمرا اض > فكان ماني عشر رجلا يعتقبون بعيراً واحدا وریا أكلوا أوراق 


. 7١1/7 جامع الترمذي . مناقب عثان بن عفان‎ )١( 


TA 


واو بي 

ومر الجيش الإسلامي في طريقه إلى تبوك بالحجر - ديار مود الذين جابوا الصخر بالواد , 
أي وادي القرى- فاستقى الناس من برها » فلما راحوا قال رسول الله ع : « لا تشربوا من 
مائها ولا تتوضأوا منه للصلاة . وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الابل › ولا تأكلوا منه 
شيئأ ؛ » وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها ناقة صالح عليه السلام . 
٠‏ وني الصحيحين عن ابن عمر قال : لما مر النبي حي بالحجر قال : ٠‏ لا تدخلوا مساكن 
الذين ظلموا أنفسهم ؛ أن يصيبكم ما أصابهم » إلا أن تكونوا باكين » » ثم قنع رأسه وأسرع 
بالسير حتى جاز الوادي(')2 . 

واشتدت في الطريق حاجة اميش إل الاء حتی شكوا إلى رسول اه تله فدعا ال 
فارسل الله سحابة فأمطرت حی ارتوى الناس › واحتملوا حاجاتهم من الماء . < 

ولا قرب من تبوك قال : « إنكم ستاتون غدا إن شاء الله تعالى عين تبوك » وإنكم لن تأتوها 
ليها رجلان » والعين تبض بشيء من مائها » فساهما رسول الله عي : و هل مسستا من مائها 
شيعا » ؟ قالا : نعم . وقال هما ما شاء الله أن يقول » ثم غرف من العين قليلا حتى اجتمع 
الوشل » ثم غسل رسول الله عه فيه وجهه ويده » ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير فاستقى 
الناس » ثم قال رسول الله عي : « يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى هاهنا قد ملىء 
جناناً 6 , | 

وني الطريق أو لما بلغ تبوك ‏ على احتلاف الروايات - قال رسول الله عل : « تهب 
عليكم الليلة ريح شديدة › فلا يقم أحد منكم »› لمن كاله يعور للرحيد عقاله 6+ فهيت رم 
E‏ غيل علي +131 . 


)0 صحيح البخاري باب نزول النبي يي الحجر 1۳۷/۲ . 
(۲) رواه مسلم عن معاذ بن جبل 7147/7 . 

(۳) نفس المصدر . 

ظ ا ات 


الجيش الإسلامى بتبوك: 

نزل اليش الاسلامي بتبوك » فعسكر هناك › وهو مستعد للقاء العدو » وقام 
رسول الله عه فييم خخطيباً » فخطب خطبة بليغة » أ بجوامع الكلم » وحض على خير الدنيا 
والأخرة » وحذر وأنذر » وبشر وأبشر » حتى رفع معنوياتهم » وجبر بها ما كان فيم من النقص 
والخلل من حيث قلة الزاد والمادة والمؤنة . وأما الرومان وحلفاؤهم فلما سمعوا بزحف 
رسول الله َه أخذهم الرعب فلم يجترئوا على التقدم واللقاء » بل تفرقوا في البلاد في داخل 
حدودهم » فكان لذلك أحسن أثر بالنسبة إلى سمعة المسلمين العسكرية » في داخل الجزيرة 
وأرجائها النائية . وحصل بذلك المسلمون على مكاسب سياسية كبيرة خطيرة » بما لم يكونوا 
يمحصلون عليها لو وقع هناك اصطدام بين الجيشين . 

جاء يحنة بن روبة صاحب أيلة » فصالح الرسول عي وأعطاه الجزية » وأتاه أهل جرباء 
وأهل أذرح » فاعطوه الجزية » وكتب هم رسول الله عو كتابا فهو عندهم » وكتب لصاحب 
أيلة « بسم الله الرحمن الرحيم » هذه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله ليحنة بن روبة وأهل أيلة » 
سفنهم وسياراتهم في البر والبحر هم ذمة الله وذمة محمد النبي » ومن كان معه من أهل الشام وأهل 
البحر » فمن أحدث منهم حدثأ » فإنه لا يحول ماله دون نفسه » وإنه طيب لمن أخذه من 
الناس » وأنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه » ولا طريقا يريدونه من بر أو بحر » . 

وبعث رسول الله ميم حالد بن الوليد إلى أكيدر دومة الجندل في أربعمائة وعشرين فارسا › 
وقال له : إنك ستجده يصيد البقر » فاتاه خالد » فلما كان من حصنه بمنظر العين » خرجت 
البقر » حك بقرونها باب القصر ؛ قخرج أكيدر لصيدها - وكانت ليلة مقمرة - فتلقاه خالد 
من خيله » فأخذه وجاء إلى رسول الله عه » فحقن دمه » وصالحه على ألفي بعير » وثماغائة 
رأس » وأربعمائة درع » وأربعمائة رمح » وأقر بإعطاء الجزية » فقاضاه مع يحنة على قضية دومة 
وتبوك وأيلة وتهاء . 

وأيقنت القبائل التي كانت تعمل لحساب الرومان أن اعتادها على سادتها الأقدمين قد فات 


t0 د‎ 


أوانه » فانقليبت لصالح المسلمين › وهكذا توسعت حدود الدولة الاسلامية > حتى لاقت حدود 
الرومان مباشرة » وشهد عملاء الرومان نبايتهم إلى حد كبير . 


الرجوع الى المدينة: 
ورجع الحيش الإسلامي من تبوك مظفرين منصورين » لم ينالوا كيدا » وكفى الله المؤمنين 
القتال » وفي الطريق عند عقبة حاول اثنا عشر رجلا من المنافقين الفتك بالنبي عله وذلك أنه 
حينا كان يمر بتلك العقبة كان معه عمار يقود بزمام ناقته » وحذيفة بن الهان يسوقها » وأخذ 
الناس ببطن الوادي » فانتهز أولفك المنافقون هذه الفرصة . فبينا رسول الله عي وصاحباه 
يسيران إذ معو وكزة . القوم من ورائهم » قد غشوه وهم ملتشمون » فبعث حذيفة فضرب وجوه 
رواحلهم بمحجن كان معه » فأرعبهم الله » فأسرعوا في الفرار حتى الحقوا بالقوم » وأخبر 
رسو الله که بأسمائهم . > وبماهموا به » فلذلك كان حذيفة يسمى بصاحب سير 
رسول الله عه » وني ذلك يقول الله تعالى $ وَهَمِوأيمَا لَدينَالُوا © . 
ولا لاحت للنبي عه معام المدينة من بعيد قال : هذه طلة » وهذا أحد » جبل يحبنا 
ونحبه » وتسامع الناس بمقدمه » فخرج النساء والصبيان والولائد يقابلن الجيش بحفاوة بالغة 
ويقلن(" : | 
طلعالبدر عليناا من ثليات و 
وجب الشكر عينا ملادع الله داع 
وكان خروجه له إلى تبوك في رجب وعوده في رمضان » واستغرقت هذه الغزوة خمسين 
يوماً . أقام منها عشرين يوماً في تبوك . . والبواقي قضاها في الطريق جيئة وذهوبا ار 
الغزوة آخر خزواته ع . 


المخلفون: 
ظ وكانت هذه الغزوة - لظزوفها الخاصة بها - اختباراً شديداً من الله تعالى ء امتاز به 
المؤمنون من غيرهم . کا هو دأبه تعالى في مثل هذه المواطن » حيث يقول او ليد 


(1) هنا رأي ابن القيم وقد مضى البحث عليه في ص۷۲٠‏ . 
ظ -5 - 


سے سے ص ر صر 


لْمدَمِنِينَ عل عل" آم عو ييوليک نالطب ) (۳ )فد خر ج لهذه الغزوة كل 
من كان مؤمنا صادقا » حتى صار التخلف أمارة على نفاق الرجل » فكان الرجل إذا تخلف 
وذكروه لرسول الله عه قال لهم : دعوه » فإن یکن فيه خير سيلحقه الله بكم » وإن يكن غير 
ذلك فقد أراحكم منه » فلم يتخلف إلا من حبسهم العذر » أو الذين كذبوا الله ورسوله من 
المنافقين » الذين قعدوا بعد أن استأذنوا للقعود كذباً » أو قعدوا ولم يستأذنوا رأسا . نعم كان 
هناك ثلاثة نفر من المؤمنين الصادقين تحلفوا من غير ميرر . وهم الذين أبلاهم الله » ثم تاب 
عليهم . 

ولا دخل رسول الله عي المدينة بدأ بالمسجد » فصلى فيه ركعتين » ثم جلس للناس » فأما 
امنافقون - وهم بضعة وثمانون رجلا“ - فجاؤوا يعتذرون بأنواع شتى من الأعذار » وطفقوا 
يحلفون له فقبل منهم علانيتهم » وبايعهم » واستغفر لهم » ووكل سرائرهم إلى الله . 

وأما النفر الشلاثة من المؤمنين الصادقين - وهم كعب بن مالك » ومرارة بن الربيع › 
وهلال بن أمية - فاختاروا الصدق » فأمر رسول الله عي الصحابة أن لا يكلموا هؤلاء 
الفلاثة » وجرت ضد هؤلاء الشلاثئة مقاطعة شديدة » وتغير لهم الناس » حتى تنكرت لهم 
الأرض » وضاقت عليهم بما رحبت » وضاقت عليهم أنفسهم » وبلغت بهم الشدة أنهم بعد أن 
قضوا أربعين ليلة من بداية المقاطعة أمروا أن يعتزلوا نساءهم » حتى نمت على مقاطعتهم خمسون 
ليلة ‏ ثم م أنزل ا لله 5 00 کی إداصاقت علوم لاض يمَا رحبت 
وسات ءاھ شمو يللي امآ ا لَه تاب لھ لتوو الآ هو 
yT‏ :1۸( 

وفرح المسلمون › وفرح الشلاثة فرحا لا يقاس مداه وغايته » فبشروا وأبشروا واستبشروا 
وأجازوا وتصدقوا » وكان أسعد يوم من أيام حياتهم . 

وأا الذين حبسهم العذر ققد قال تعالل فم  :‏ لتس عل الضعفاء ولاعل المرضئ 


ولال الذي لاک وت مايسففو حر إذَاتصحوأبنه ورسولد© »الآيتين (۹۱:۹) 





)١(‏ ذكر الواقدي أن هذا العدد كان من منافقي الأنصار » وأن المعذرين من الأعراب كانوا أيضاً اثنين وثمانين رجلا 
من بني غفار وغيرهم ‏ وان عبد الله بن اهي ومن أطاعه من قومه كانوا من غير هؤلاء » وكانوا عدا كثيرا ( انظر 
فتح الباري ۱۱۹/۸ ) . 
5 


وقال فيهم رسول الله َه حون دنا من المدينة : « إن بالمدينة رجالا ما سرتم مسيراً » ولا قطعتم 


وادياً إلا كانوا معكم , مس را بوسر اهجوم N‏ : وهم 
بالمدينة . 


أثر الغزوة: 

وكان هذه الغزوة أعظم أثر في بسط نفوذ المسلمين وتقويته على جزيرة العرب » فقد تبين 
للناس أنه ليس لأي قوة من القوات أن تعيش في العرب سوى قوة الاسلام » وبطلت بقايا أمل 
وأمنية كانت تتحرك في قلوب بقايا ا والمنافقين الذين كانوا يتريصون الدوائر بالمسلمين » 
. وكانوا قد عقدوا امهم بالر ومان » فقد استكانوا بعد هذه الغزوة » واستسلموا للأمر الواقع » الذي 
لم يجدوا عنه يدا ولا مناصاً . 

ولذلك لم يبق للمنافقين أن يعاملهم المسلمون بالرفق واللين » وقد أمر الله بالتشديد عليهم » 
عق ی عن مول ا و وعن العا عا والاستخفار قي والعيام عل برهم + وار 
بهدم وكرة دسهم وتامرهم التي بنوها باس المسجد » وأنزل فيهم ايات افتضحوا بها افتضاحا تاما » 
لم يبق في معرفتهم بعدها أي خفاء » كأن الآيات قد نصت على أسمائهم لمن يسكن بالمدينة . 

ويعرف مدى ار هذه الغزوة من أن العرب وان كانت قد أخذت في التوافد إلى 
رسول الله عي بعد غزوة فتح مكة ؛ بل وما قبلها , إلا أن تتابع الوفود وتكاثرها بلغ إلى القمة 


بعد هذه الغزو و0 , 


نزول القرآن حول موضوع الغزوة: 


نزلت ايات كثيرة من سورة براءة حول موضوع الغزوة » نزل بعضها قبل الخروج » وبعضها 
بعد الخروج - وهو في السفر - وبعض اخر منها بعد الرجوع إلى المدينة » وقد اشتملت على 





)31( أحذنا ا تفاصيل هذه الغزوة من أبن هشام 1ه إل بام ع وزاد المعاد ۲/۳ إلى ۳ وصحيح البخاري 
CTT To oY‏ فك ؛ 4١4‏ وغيرها وصحيح مسلم مع شرحه للنووي 515/7 . 
وفتح الباري ١١١/8‏ إلى ١7‏ ومختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي من ص۳۹۱ إلى >٠۷‏ . 
CTA -‏ - 


ذكر ظروف الغزوة 4 وفضح المنافقين 2 وفضل امحاهدين والحلصين وقبول التوبة من الم منين 
الصادقين » الخارجين منهم في الغزوة والمتخلفين » إلى غير ذلك من الامور . 


بعض الوقائع المهمة فى هذه السنة: 

وف هذه السنة وفعت عدة وقائع لها أهمية في التاريم : 

(1) بعد قدوم رسول الله عه من تبوك وقع اللعان بين عوير العجلاني وامرأته . 

)١(‏ رجمت المرأة الغامدية التي جاءت فاعترفت على نفسها بالفاحشة » رجمت بعد 
ما فطمت ابنها . 

(۳) توفي النجاشي أصحمة » ملك الحبشة » وصلى عليه رسول الله َيل صلاة الغائب . 

)٤(‏ توفيت أم كلثوم بنت النبي عه » فحزن عليها حزنا شديداً » وقال لعثان : « لو 
كانت عندي ثالثة لزوجتكها » . 

(5) مات راس المنافقين عبد الله بن أي سلول بعد مرجع رسول الله عي من تبوك › 
فاستغفر له رسول الله عي » وصلى عليه بعد أن حاول عمر منعه عن الصلاة عليه » وقد نزل 
القران بعد ذلك بموافقة عمر . 


A 


حح أبى بكر رضي الله عنه 


وفي ذي القعدة أو ذي الحجة من نفس السنة (۹ه) بعث رسول الله عي أبا بكر 
الصديق رضي الله عنه أميرا على الحج ؛ ليقع بالمسلمين المناسك . 

ثم نزلت أوائل سورة براءة بنقض المواثيق ونبذها على سواء » فبعث رسول الله ع علي بن 
أي طالب ليؤدي عنه ذلك » وذلك شيا منه على عادة العرب في عهود الدماء والأموال » فالتقى 
علي بابي بكر بالعرج أو بضجنان » فقال أبو بكر : أمير أو مأمور ؟ قال علي : لا » بل مأمور ثم 
مضياء وأقام أبو بكر للناس حجهم » حتى إذا كان يوم النحر » قام علي بن أني طالب عند 
الجمرة » فأذن في الناس بالذي أمره رسول الله عي . ونبذ إلى كل ذي عهد عهده , وأجل لهم 
أربعة شبور » وكذلك أجل أربعة أشهر لمن لم يكن له عهد » وأما الذين لم ينقصوا المسلمين 
شيكا » ولم يظاهروا عليهم أحدا » فأبقى عهدهم إلى مدتم . 

وبعث اد ا ودين ينادون في الناس : ألا لايحج بعد هذا د مشرك › 

وكان هذا النداء بمثابة إعلان نبهاية الوثنية في جزيرة العرب » وأنها لا تبدىء ولا تعيد بعد 
هذا العام“ . ظ 


› ٥٤۳/۲ ابن هشام‎ ٠ 55 » 75/7 زاد المعاد‎ ۰ 1۷۱ » 1۲٦/۲ » ٤٥١۱ ۰ ۲۲۰/۱ صحيح البخاري‎ )۱( 
. Ol ofo 02 


122 


نظرة على الغزوات 


إذا نظرنا إلى غزوات النبي ع وبعوثه وسراياه ؛ لا يمكن لنا ولا لأحد من ينظر في أوضاع 
اوتاه وح - لا يمكن لنا إلا أن نقول : إن النبي عي كان أكبر قائد عسكري في 
الدنيا » وأسدهم وأعمقهم فراسة وتيقظا » إنه صاحب عبقرية فذة في هذا الوصف › ؟! كان 
سيد الرسل وأعظمهم في صفة النبوة والرسالة » فلم خض معركة من المعارك إلا في الظرف ومن 
الجهة اللذين يقتضيبما الحزم والشجاعة والتدبير » ولذلك لم يفشل في أي معركة من المعارك التي 
خاضها لغلطة في الحكمة وما إليها من تعبئة الجيش » وتعيينه على المراكز الاستراتيجية » واحتلال 
أفضل المواضع وأوئقها للمجابهة » واختيار أفضل خطة لادارة دفة القتال » بل أثبت في كل ذلك 
أن له نوعا اخر من القيادة غير ما عرفتها وتعرف الدنيا في القواد . ولم يقع ما وقع في أحد وحنين 
إلا من بعض الضعف في أفراد الجيش اق ین - أو من جهة معصيتهم أوامره » وتركهم التقيد 
والالتزام بالحكمة والخطة اللتين كان أوجبهما عليهم من حيث الوجهة العسكرية . 

وقد تحلت عبقريته عي في هاتين الغزوتين عند هزيمة المسلمين » فقد ثبت محابها للعدو » 
واستطاع بحكمته الفذة أن يمم في أهدافهم ‏ کا فعل في أحد ‏ أو يغير يحرى الحرب حى 
يبدل الهزيمة انتصارا - کا في حنين - مع أن مثل هذا التطور الخطير » ومثل هذه الحزيمة الساحقة 
تأخذان بمشاعر القواد » وتتركان على أعصابهم أ سوأ الأثر » لا يبقى لهم بعد ذلك إلا هم النجاة 
با 

هذه هي من ناحية القيادة العسكرية الخالصة . أما من نواح أخرى » فإنه استطاع بهذه 
الغزوات فرض الامن وبسط السلام » وإطفاء نار الفتنة » وكسر شوكة الاعداء في صراع 


ف 1 ت 


الإسلام والوثنية » وإلجائهم إلى المصالحة » وتخلية السبيل لنشر الدعوة » کا استطاع أن يتعرف 
على امخلصين من أصحابه ممن هو يبطن النفاق » ويضمر نوازع الغدر والخيانة . 

. وقد أنشأً طائفة كبيرة من القواد الذين لاقوا بعده الفرس والرومان في ميادين العراق والشام » 
ففاقوهم في خطيط الحروب وإدارة دفة القتال » حتى استطاعوا إجلاءهم من أرضهم كم 
وأموالهم من جنات وعيون » وزروع ومقام كريم » ونعمة كانوا فيا فاكهين . 

كا استطاع رسول الله عي بفضل هذه الغزوات » أن يوفر السكنى والأرض والحرف 
والمشاغل للمسلمين » حتى تفصى من كثير من مشاكل اللاجئين الذين لم يكن لحم مال 
ولا دار » وهياً السلاح والكراع والعدة والنفقات » حصل على كل ذلك من غير أن يقوم بمثقال ‏ 
ذرة من الظلم والطغيان والبغي والعدوان على عباد الله . 

وقد غير أغراض الحروب وأهدافها التي كانت تضطرم نار الحرب لأجلها في الجاهلية › فبينا 
كانت الحرب عبارة عن النبب والسلب والقتل والإغارة والظلم والبغي والعدوان » وأخذ الثأر » 
والفوز بالوتر » وكبت الضعيف » وتخريب العمران » وتدمير البنيان » وهتك حرمات النساء , 
والقسوة بالضعاف والولائد والصبيان وإهلاك الحرث والنسل » والعبث والفساد في الأرض - في 
الجاهلية - إذ صارت هذه الحرب - في الاسلام ‏ جهاداً في تحقيق أهداف نبيلة » وأغراض. 
سامية وغايات محمودة » يعتز بها المجتمع الانساني في كل زمان ومكان » فقد صارت الحرب 
جهاداً في تخليص الانسان من نظام القهر والعدوان . إن نظام العدالة والنصف » من نظام يأكل 
فيه القوي الضعيف » إلى نظام يصير فيه القوي ضعيفاً حتى يؤخذ منه » وصارت جهاداً في 
تخليص المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم 
أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً . واجعل لنا من لدنك نصيرا + وصارت واد ی تظهير ارش 
الله من الغدر واخيانة والإثم والعدوان إلى بسط الأمن والسلامة والرأفة والرحمة ومراعاة الحقوق 
والمروءة . 

كا شرع للحروب قواعد شريفة ألزم التقيد بها على جنوده وقوادها » ولم يسمح لهم الخروج 
عنها بحال . روى سلمان بن بريدة عن أبيه قال : كان رسول الله َه إذا أمر أميراً على جيش أو 
. سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله عز وجل » ومن معه من المسلمين خيراً » ثم قال : اغزوا باسم 
الله » في سبيل الله » قاتلوا من كفر الله » اغزوا » فلا تغلوا ولا تغدروا » ولا تمثلوا » ولا تقتلوا 

9 005 


وليداً .. الحديث . وكان يأمر بالتيسير ويقول : يسروا ولا تعسروا » وسكنوا ولا تنفروا('؟ . وكان 
إذا جاء قوما بليل لم يغر عليہم حتى يصبح » ونبى أشد النبي عن التحريق في النار » ونهى عن 
قتل الصبية » وقتل النساء وضربهن » ونهى عن الهب حتى قال : إن النهبى ليست بأحل من 
الميتة . ونبى عن إهلاك الحرث والنسل وقطع الأشجار إلا إذا اشتدت إليها الحاجة » ولا يبقى 
سواه سبيل . وقال عند فتح مكة : لا تجهزن على جرج » ولا تتبعن مدبرا » ولا تقتلن أسيراً ‏ 
وأمضى السنة بأن السفير لا يقتل › وشدد في الي عن قتل المعاهدين حتى قال : من قتل 
معاهداً لم يرح رائحة الجنة » وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاماً ... إلى غير ذلك من 
القواعد النبيلة التي طهرت الحروب من أدران الجاهلية » حتى جعلتها جهادا مقدسا" . 





(۱) صحيح مسلم ؟/825. ۸۳ . 
(؟) انظر ذلك مفصلاً في زاد المعاد 54/١‏ . 58 . 55 . 59 . 58 ء والجهاد فى الإسلام للأستاذ ألى إلا 
و ي ١‏ 3 لي عل 
الموفودي ص٣۲۱‏ إلى ۲٠۲‏ . 


- ۳ - 


الناس يدخلون فى دين الله أفواجا 


كانت غزوة فتح مكة - ا قلنا - معركة فاصلة » قضت على الوثنية قضاء باتأ » عرفت 
العرب لأجلها الحق من الباطل » وزالت عنم الشبهات » فتسارعوا إلى اعتناق الإسلام . قال 
عمرو بن سلمة : كنا بماء مر الناس » وكان يمر بنا الركبان فتساطم : ما للناس ؟ ما هذا 
الرجل ؟ - أي النبي مله - فيقولون : يزعم أن الله أرسله » أوحى إليه . أوحى اللّدكذا » 
فكنت أحفظ ذاك الكلام » فكانما يقرأ في صدري » وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح › 
فيقولون : اتركوه وقومه » فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق . فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر 
كل قوم بإسلامهم » وبدر لي قومي بإسلامهم » فلما قدم قال : جثتكم والله من عند النبي 
له - حقاً . فقال : صلوا صلاة كذا في حين كذاء وصلاة كذا في حين كذاء فإذا 
حضرت الصلاة فليؤذن أحد5 ء وليؤمكم أكثرم قراناً . الحديث”" . 
وهذا الحديث يدل على مدى أثر فتح مكة في تطوير الظروف › وتعزيز الإسلام » وتعيين 
الموقف للعرب » واستسلامهم للإسلام » وتأكد ذلك أي تاكد بعد غزوة تبوك » ولذلك نرى 
الوفود تقصد المدينة تترى في هذين العامين - التاسع والعاشر ‏ ونرى الناس يدخلون في دين الله 
أفواجا » حتى إن الجيش الإسلامي الذي كان قوامه عشرة الاف مقاتل في غزوة الفتح , إذا هو 
n‏ > قب| EET‏ م نرى في 
لوداع بحراً من رجال الإسلام - مائة ألف من الناس ا ا مايه ع 
موچ ا رسول الله عي بالعلبية والتكبير والتسبيح والتحميد تدوي له الآفاق » وترتج له 
الأرجاء . 





)01 صحيح البخاري ؟/١-‏ 3 10 


5 00 


الوفود: 

والوفود التي سردها أهل المغازي يزيد عددها على سبعين وفداً » ولا يمكن لنا استقصاءها › 
وليس كبير فائدة في بسط تفاصيلها » وإغا نذكر منها إجمالاً ماله روعة أو أهمية في التاريخ . 
وليكن على ذكر من القارىء أن وفادة عامة القبائل وإن كانت بعد الفتح ؛ ولكن هناك قبائل 
توافدت قبله ايضا : 

)١(‏ وفد عبد القيس ‏ كانت هذه القبيلة وفادتان : الأولى سنة خمس من المحجرة أو قبل 
ذلك . كان رجل منهم يقال له منقذ بن حيان » يرد المدينة بالتجارة » فلما جاء المدينة بتجارته 
بعد مقدم النبي ع » وعلم بالإسلام أ سلم وذهب بكتاب من النبي ع إلى قومه فأسلموا » 
فتوافدوا إليه في شهر حرام في ثلاثة أو أربعة عشر رجلا » وفيها سألوا عن الإيمان وعن الأشربة ء 
وكان كبيرهم الأشج العصري الذي قال فيه رسول الله عي : إن فيك خخصلتين يحبهما الله : 
الحلم والأناة . 

والوفادة الشانية كانت في سنة ارارم وكان عددهم فيا أربعين رجلا وكان فييم 
الجارود بن العلاء العبدي › وكان نصرانيا فاأسلم وحسن إسلامه9('" . 

(۲) وفد دوس - كانت وفادة هذه القبيلة في أوائل سنة سبع » ورسول الله م خيبر» 
وقد قدمنا حديث إسلام الطفيل بن عمرو الدومي » وأنه أسلم ورسول الله عله بمكة , ثم رجع 
إلى قومه » فلم يزل يدعوهم إلى الإسلام » وييطئون عليه » حتى يكس منهم , > ورجع إلى 
رسول الله عه » فطلب منه أن يدعو على دوس » فقال : اللهم اهد دوساً . ثم أسلم هؤلا 
فوفد الطفيل بسبعين أو انين بيتأ من قومه إلى المدينة في أوائل سنة سبع ورسول الله عي خيبر 
فلحق به . 

(۳) رسول فروة بني عمرو الحذامي - كان فروة قائداً عربياً من قواد الرومان » عاملاً هم 
على من يليبم من العرب » وكان منزله معان وما حوله من أرض الشام » أسلم بعدما رأى من 
جلاد المسلمين وشجاعتهم؛ وصدقهم اللقاء في معركة مؤتة سنة ۸ه. ولما أسلم بعث إلى 
رسول الله عله رسولاً بإسلامه » وأهدى له بغلة بيضاء » ولا علم الروم بإسلامه أخذوه 


(۱) شرح صحيح مسلم للنووي 55/١‏ » فتح الباري 86/8 ١‏ 25 . 
- 0 - 


فحبسوه » ثم خيروه بين الردة والموت » فاختار الموت على الردة » فصلبوه بفلسطين على ماء يقال 
. له عفراء » وضربوا عنقه . 

. وفد صداء  جاء هذا الوفد عقب انصراف رسول الله عه من الحعرانة سنة ۸ه‎ )٤( 
وذلك أن رسول الله عَم هيا بعثاً من أربعمائة من المسلمين » وأمرهم أن يطاوا ناحية من اليهن‎ 
فييا صداء » وبين ذلك-البعث معسكر بصدر قناة علم به زياد بن الحارث الصدالي » فجاء إلى‎ 
رسول الله عل فقال : جكتك وافداً على من ورائي » فاردد الجيش وأنا لك بقومي » فرد الحيش‎ 
من صدر قناة » وجاء الصدالي إلى قومه فرغبهم في القدوم على رسول الله َيه » فقدم عليه‎ 
خمسة عشر رجلا منهم » وبايعوه على الإسلام » ثم رجعوا إلى قومهم » فدعوهم » ففشا فمم‎ 
. الاسلام » فواق رسول الله عله منهم مائة رجل في حجة الوداع‎ 

() قدوم كعب بن زهير بن ألي سلمى - كان من بيت الشعراء » ومن أشعر العرب » 
وكان ہجو النبي عل » فلما انصرف رسول الله ع من غزوة الطائف سنة ۸ه » كتب إلى 
كعب بن زهير أخوه بجير بن زهير أن رسول الله عي قل رجالاً بمكة ممن كانوا يهجونه 
ويؤذونه » ومن بقي من شعراء قريش هربوا في كل وجه » فإن كانت لك في نفسك حاجة فطر 
إلى رسول الله ر » فإنه لا يقتل أحداً جاء تائباً » وإلا فاج إلى نجاتك . ثم جرى بين الأخوين 
مراسلات ضاقت لأجلها الأرض على كعب » وأشفق بو حي اب 
في جهينة » وصلى معه الصبح » فلما انصرف أشار عليه الجهني › ٠‏ فقام إلى رسول الله عه حتى 
جلس إليه » فوضع يده في يده » وكان رسول الله ع لا يعرفه فقال : يا رسول الله ا 
كعب بن زهير » قد جاء ليستأمن منك تائباً مسلماً » فهل أنت قابل منه إن أنا جثتك به ؟ 
قال : « نعم ۲ . قال : أنا كعب بن زهير فوب عليه رجل من الأنصار يستأذن ضرب عنقه » 
فقال مص عايج ب 


قال فبها - وهو يعتذر إلى رسول الله عو » ويمدحه ‏ : ) 





(1) زاد المعاد. ٤٥/۳‏ › تفهم القران ۱۹۹/۲ . 


- ٤1 - 


بانت سعاد فق لبي اليوم متبول 
سفت أن زول الله أوعدني 
مهلا هداك الذي أعطاك نافلةال 
لأ عاحدق بأقوال الوشة ولم 
لقد أقوم مقاما لو يقوم به 
لفل يرعد إلا أن يكون له 
حتى وضعت يميني ماأنازعه 
فلهو أخوف عندي إذ أكلمه 
من ضيغم بضراء الارض محدره 
إن الرسعسول لسون يست ط اع 


سم إنرهياء / .ينيد مرل 
والعفو عند رس ول الله مامول 
قران ديا مراعيظ ويل 
أذنب» ولو كارت قي الأقاويل 
أرى وأسمع مالو يسمع الفيل 
من الرسول بإذن الله تتويل 
في كف ذي نقمات قيله القيل 
وقهيل : إنك منسوب ومسؤول 
في بطن عثر غيل دونه غيل 
مهند من سيوف الله مسلول 


تم مدح المهاجرين من قريش ؛ لأنهم لم يكن تكلم منہم رجل في كعب حين جاء إلا 
خير » وعرض في أثناء مدحهم على الأنصار لاستعذان رجل منهم في ضرب عنقه » قال : 

يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم ‏ ضرب إذا عرد السود التنايل 

فلما أسلم وحسن إسلامه مدح الأنصار في قصيدة له » وتدارك ما كان قد فرط منه في 
شاي قال قلف القسيدة» 

من ببيرة كزع الخيبعاة قلا يرل 

وروا المكارم كابراً عن كابر 


في مقنب من صالحي الأنصار 
إل ايسان عم نبو ااا 

(56) وفد عذرة - قدم هذا الوفد في صفر سنة ۹ه حل المح عاد وى مره بن 
النعمان . قال متكلمهم حين سكلوا من القوم : نحن بنو عذرة » أخوة قصي لأمه » نحن الذين 
عضدوا قصيا ٠‏ وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبني بكر » لنا قرابات وأرحام » فرحب بهم 
انبي عه وبشرهم بفتح الشام » وتباهم عن سؤال الكاهنة » وعن الذبائح التي كانوا 
يذبحونها . أسلموا وأقاموا أياماً ثم رجعوا . 

(۷) وفد بلي - قدم في ربيع الأول سنة 9ه ء وأسلم وأقام بالمدينة ثلاثاً » وقد سأل رئيسهه 
أبو الضبيب عن الضيافة هل فيبا أجر ؟ فقال رسسول الله ع ET‏ 
غني أو فقير فهو صدقة؛ » وسأل عن وقت الضيافة » فقال : « ثلاثة أيام » » وسال عن ضالة 

- 8غ - 


الغنم فقال : و هي لك أو لأخيك أو للذئب » » وسأل عن ضالة البعير » فقال : « لك وله ؟ 
ل 0 


(۸) وفد ثقيف ‏ كانت وفادتهم في رمضان سنه 5ه . بعد مرجع رسول الله عه من 
تبوك . وقصة إسلامهم أن رئيسهم عروة بن مسعود الثقفي جاء إلى رسول الله عه بعد مرجعه 
من غزوة الطائف في ذي القعدة سنة ۸ه قبل أن يصل إلى المدينة » فأسلم عروة » ورجع إلى 
قومه » ودعاهم إلى الإسلام - وهو يظن أنهم يطيعونه ؛ لأنه كان سيدا مطاعاً في قومه » وكان 
أحب إليهم من أبكارهم - فلما دعاهم إلى الاسلام رموه بالنبل من كل وجه حتى قتلوه » ثم 
أقاموا بعد قتله أشهراء ثم ١‏ ثتمروا بينم ١‏ > ورأوا أنه لا طاقة لحم بحرب من حولم من العرب 
- الذين كانوا قد بايعوا وأسلموا - فأجمعوا أن يرسلوا رجلاً إلى رسول الله عه » فكلموا 
عبد ياليل بن عمرو » وعرضوا عليه ذلك فأنى » وخاف أن يصنعوا به إذا رجع مثل ما صنعوا 
بعروة » وقال : لست فاعلاً حتى ترسلوا معي رجالا » فبعثوا معه معه رجلين من الأحلاف وثلاثة من 
نى مالك » فصاروا ستة فيهم عثان بن أُني العاص الثقفي » وكان أحدثهم سنا . 

فلما قدموا على رسول الله عليه ضرب عليهم قبة في ناحية المسجد » لكي يسمعوا القران › 
ويروا الناس إذا صلوا » ومكثوا يختلفون إلى رسول الله عه » وهو يدعوهم إلى الإسلام » حتى | 
سأل رئيسهم أن يكتب لهم رسول الله َي قضية صلح بينه وبين ثقيف. يأذن لهم فيها بالزنی 
وشرب الخمور وأكل الربا » ويترك هم طاغيتهم اللات » وأن يعفيهم من الصلاة » وأن لا يكسروا 
أصنامهم بأيديهم » فأنى رسول الله عه أن يقبل شيعا من ذلك » فخلوا وتشاوروا » » فلم يجدوا 
حيصا عن الاستسلام لرسول الله يه » فاستسلموا وأسلموا » واشترطوا أن يتولى 
رسول الله عه هدم اللات » وأن ثقيفاً لا مبدمونها بأيديهم أبدأ ؛ فقبل ذلك » وكتب هم 
) كتاباً » وأمر علمهم عهان بن أبي العاص الثقفي › » لأنه كان أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم 
الدين والقرآن ؛ وذلك أن الوفد كانوا كل يوم يغدون إلى رسول الله عه » ويخلفون عهان بن 
أي العاص في رجاهم » فإذا رجعوا وقالوا بالهاجرة عمد عثان بن ألي العاص إلى 
رسول الله عله » فاستقرأه القرآن » وسأله عن الدين » وإذا وجده نالعا عمد إلى أبي بكر لنفس 
الغرض » ( وكان من أعظم الناس بركة لقومه في زمن الردة » فإن ثقيفاً لما عزمت على الردة قال 


- EA - 


هم : يا معشر ثقيف كنتم ار الناس إسلاما » فلا تكونوا أول الناس ردة » فامتنعوا على الردة » 
وثبتوا على الإسلام ) . 

ورجع الوفد إلى قومه فكتمهم الحقيقة » وخوفهم بالحرب والقتال » وأظهر الحزن والكابة » 
وأن رسول الله َه سأهم الإسلام وترك الزنى والخمر والربا وغيرها وإلا يقاتلهم؛ فأخذت ثقيف 
نخوة الجاهلية » فمكثوا يومين أو ثلاثة يريدون القتال » ثم ألقى الله في قلومهم الرعب » وقالوا 
للوفد : ارجعوا إليه فأعطوه ما سأل » وحينعذ أبدى الوفد حقيقة الأمر » وأظهروا ما صا حوا 
عليه » فاسلمت ثقيف . 

وبعث رسول الله عله رجلا لهدم اللات » أمر علييم خالد , ds‏ 
شعبة » فأخذ الكرزين وقال لأصحابه : والله لأضحكنكم من ثقيف . فضرب بالكرزين » ثم 
سقط يركض » فارتج أهل الطائف » وقالوا : أبعد الله المغيرة » قتلته الربة » فوثب المغيرة فقال : 
قبحكم الله » إنما هي لكاع حجارة ومدر » ثم ضرب الباب فكسره » ثم علا أعلى سورها » وعلا 
الرجال فهدموها وسووها ا أساسها » وأخرجوا حليها ولباسها » فقت ثقيف » 
ورجع خالد مع مفرزته إلى رسول الله ع بز بحليها وكسوتبها » فقسمه رسول الله عو من يومه ‏ 
وحمد الله على نصرة نبيه وإعزاز دينه“ 

(9) رسالة ملوك الين - وبعد مرجع النبي عه من تبوك قدم كتاب ملوك حير » وهم 
الحارث بن عبد كلال » ونعيم بن عبد كلال »› » والنعمان بن قيل ذي رعين » وهمدان ومعافر . 
ورسوهم إليه ع مالك بن مرة الرهاوي » بعثوه بإسلامهم ومفارقتهم الشرك وأهله » وكتب 
الیم رسول الله م کتبا بين فيه ما للمؤمنين وما علميم ؛ » وأعطى فيهم المعاهدين ذمة الله وذمة 
رسوله إذا أعطوا ما عليهم من الجزية » وبعث إليهم رجالا من أصحابه أميرهم معاذ بن جبل . 

)٠١(‏ وفد مدان - قدموا سنة ۹ه بعد مرجعه عه من تبوك » فكتب لهم 
رسول الله مهه كتاباً أقطعهم فيه ما سألوه » وأمر علمهم مالك بن الفط » واستعمله على من 
أسلم من قومه» وبعث إلى سائرهم خالد بن الوليد يدعوهم إلى ا فاقام ستة أشهر 
دعوهم فلم جیوه . ثم بعث على بن أني طالب » وأمره أن يقفل ادا » فجاء على إلى مدان + 
وقرأ علييم کتابا من رسول الله عه ْلَه » ودعاهم إلى الإسلام فأسلموا جميعا > وكتب علي ببشارة 
( 0 زاد المعاد ۲۹/۳ ۲۷ ۲۸ أبن هشام ٥۳۷/۳‏ إلى o‏ 


1515م 


إسلامهم إلى رسول الله عي » فلما قرأ الكتاب خر ساجداً » ثم رفع رأسه فقال : السلام على 
همدان » السلام على همدان . ) 

)١١(‏ وفد بني فزازة - قدم هذا الوفد سنة ۹ه بعد مرجعه يكي من تبوك » قدم في بضعة 
عشر رجلا جاؤوا مقرين بالاسلام » وشكوا جدب بلادهم » فصعد رسول الله َك المنبر » فرفع 
يديه واستسقى » وقال : الهم اسق بلادك وببامك » وانشر رحمتك » وأحي بلدك الميت » اللهم 
اهنا غينا ع قدا شرك ریا > طبقا » واسعاً » عاجلاً » غير أجل » نافعاً غير ضار » اللهم 
سقيا رحمة » ااا ال ل ا ل ل ل 
على الأعداء . 


(۱۲) وفد نجران - ( نجران » بفتح النون وسكون الیم : بلد كبير على سبع مراحل من 
مكة إلى جهة الين » كان يشتمل على ثلاث وسبعين قرية » مسيرة يوم للراكب السريع”" , وكان 
يؤلف مائة ألف مقاتل كانوا على دين المسيحية ) . 

وكانت وفادة هل نجران سنة 4ه . وقوام الوفد ستون رجلا » منهم أربعة وعشرون من 
الأشراف » فههم ثلاثة كانت إلههم زعامة أهل نجران ‏ أحدهم العاقب » كانت إليه الإمارة 
والحكومة واسمه عبد المسيح » والثاني السيد . كانت تحت إشرافه الأمور الثقافية والسياسية واسمه 
الام أو شرخبيل :+ والثالك الأسقف وكات إلبه الوعامة الدمية د والقيادة الروسائية هواه أ 
حارثة بن علقمة . 

ولا نزل الوفد بالمدينة » ولقي النبي عي سأهم وسألوه » ثم دعاهم إلى الاسلام , وتلا 
عم لرن فامتعواء وسألوه عما قول في عیسی عليه السلام ‏ فمكث رسول ال باه بو 
ذلك حت نزل علبه « إن متَلْعِسَئعند و کمک ل ءام َلككمٌمِن راب فال َو 
یکن 1O‏ لحی من ریک فلا ندري 0 لفن حَاجَكَ فِيهِ ن بع ماجاء عم 
قل توادع تاا واا کر وسا تا ونا کم وآنشتا وشک قز" 
OY c8۹: (4 ee r‏ 





۹ 


() زاد المعاد ٤۸/۳‏ . 
(۲) فح الباري ٩٤/۸‏ . 


2205-2 


ولا أصبح رسول الله عَم أخبرهم بقوله في عيسى بن مريم في ضوء هذه الآية الكريمة ؛ 
وتركهم ذلك اليوم ؛ ليفكروا في أمرهم » فأبوا أن يقروا با قال في عيسى . فلما أصبحوا وقد أبوا 
عن قبول ما عرض عليهم من قوله في عيسى » وأبوا عن الإسلام دعاهم رسول الله عه إلى 
لمباهلة » وأقبل مشتملاً على الحسن والحسين في خميل له » وفاطمة تشي عند ظهره » فلما رأوا 
مه دا خلا و اروا تقال كل من العاقب اليد للا عر + ا قعل قوال لفن كان 
E EVR‏ بم ا O NG‏ 
هلك بسع يبب عل اكور وبرلالة 7 لي ابرض » ابعال 01 : إنا نعطيك 
ما سألتنا . فقبل رسول الله عه منهم الجزية » وصالحهم على ألفي حلة » ألف في رجب » وألف 
في صفر » ومع كل حلة أوقية » وأعطاهم ذمة الله وذمة رسوله » وترك لهم الحرية الكاملة في 
ديهم » وكتب لهم بذلك كتابا » وطلبوا منه أن يبعث عليهم رجلا امينا » فبعث عليبم امین هذه 
الأمة أبا عبيدة بن الجراح ؛ ليقبض مال الصلح . 

ثم طفق الاسلام يفشو فيهم » فقد ذكروا أن السيد والعاقب أسلما بعد ما رجعا إلى نجران . 
وأن النبى عله بعث إلهم علياً ؛ ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم » ومعلوم أن الصدقة إنما تؤخذ من 
الات 

)١(‏ وفد بنى حنيفة - كانت وفادمهم سنة ۹ه . وكانوا سبعة عشر رجلا فيم مسيلمة 
الكذاب - وهو مسيلمة ؛ بن امة بن كبير بن حبيب بن ا رٿ من بني حنيفة - نزل هذا 
الوفد في بيت رجل من الأنصارء ثم جاؤوا إلى النبي عه فأسلموا » واختلفت الروايات في 
کا و ا و والأنفة 
والاسة لكان إلى الإمارة » وأنه م بحضر مع سائر الوفد إلى رسول الله مء وأن 


النبي عو عه أراد اسغلافه بالاحسان بالقول والقعل أولا > فلما 5 3 ذل عدي فيه فعا 
تفرس فيه الشر 
() فتح الباري 94/8 ۰ ٩۵‏ ء زاد المعاد ۳۸/۲ 0 ۳۹ » 35 CEE‏ وقد اضطربت الر وايات في بيان كيفية وفد 


أجران . حتى جنح بعض المحققن إلى أن وفادة أهل عران كانتت مرتين وك ا ما ترجح 
عندنا في هذا الوفد . 


() قح الباري ۸۷/۸ . 


- 0 


وكان النبي بيه قد أي قبل ذلك في المنام أنه أي بخزائن الأرض » فوقع في يديه سواران 
من ذهب » فكبرا عليه وأهماه » فأوحى إليه أن انفخهما » فنفخهما › فذهبا , فأولمما كذابين 
يخرجآن من بعده » فلما صدر من مسيلمة ما صدر من الاستنكاف - وقد كان يقول : إن 
جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته ‏ جاءه رسول الله ع وفي يده قطعة من جريد » ومعه 
ا ل GE E‏ 
مسيلمة : إن شئ شعت خلينا بينك وبين الأمر ‏ ثم جعلته لنا بعدك » فقال : لو سألتني هذه القطعة 
سو ا أمر الله فيك » ولئن أدبرت ليعقرنك الله » والله إني لأراك الذي أريت 
فيه ما رأيت » > وهذا ثابت يجيبك عني اق 

وأخيرأ وقع ما تفرس فيه ا 

حتى ادعى أنه أشرك في الأمر مع النبي ع » فادعى النبوة » وجعل يسجع السجعات » وأحل 
لقومه الخمر والزنا » وهو مع ذلك يشهد لرسول الله عه أنه نبي » وافتتن به قومه فتبعوه » 
وأصفقوا معه » حتى تفاقم أمره » فكان يقال له رحمان الهامة لعظم قدره فيهم . وكتب إلى 
رسول الله َيه كتاباً قال فيه : إني أشركت في الأمر معك » وإن لنا نصف الأمر » ولقريش 

نصف الأمر » فرد عليه رسول الله عه بكتاب قال فيه : ف« رك رص لله رهسا مَن 
اء معاد وَالْعَيقبَة للمتّقبرح 7#" . ۰ 

وعن ابن مسعود قال : جاء ابن النواحة » وابن أثال رسولا مسيلمة إلى النبي عي » فقال 
هما : أتشهدان أني رسول الله ؟ فقالا : نشهد أن مسيلمة رسول الله . فقال النبي ع : امنت 
بالله ورسوله . لو كنت قاتلا رسولاً لقتلتكما” . 

كان ادعاء مسيلمة النبوة سنة عشر » وقتل في حرب الهامة في عهد أي بكر الصديق 
رضي الله عنه في ربيع الأول سنة 1ه ق قتله وحشي قاتل حمزة . وأما المتنيىء الثاني » وهو الأسود 


(۱) و باب وفد بني حنيفة ؛ وباب قصة الأسود العنسي ؟ اع مه وفيتح الباري ۸۷/۸ 
الى 2T‏ 

(؟) زاد المعاد ٣۲ ۳۱/١‏ , 

)۳( رەه الامام أحمدء مشكاة المصابيح ؟إلاع م 


«4O0 - 


العنسي الذي كان بالين » فقتله فيروز » واحتز رأسه قبل وفاة النبي عي بيوم وليلة » فأتاه الوحي 
فأخبر به أصحابه » ثم جاء الخبر من الين إلى أي بكر رضي الله عنه9" . 
موي ااي و E O‏ 
اتفقا على الفتك بابي عل » فلما جاء الوفد جعل عامر يكلم النبي عه ».ودار أ أربد خلفه › 
النبي عله » فلما رجعا أرسل الله على أربد وجمله صاعقة فأحرقته » وأما عامر فتزل على امرأة 
لرل ای د فة نماك وهو ل أخدة كفده ایر ووا ق سيك السلولية + 
وني صحيح البخاري : أن عامراً أتى النبي عي فقال : أخيرك بين خصال ثلاث : يكون 
لك أهل السہل ول أهل المدر » أو أكون خليفتك من بعدك › أو أغزوك بغطفان بالف أشقر 
وألف شقراء » فطعن في بيت امرأة » فقال : أغدة كغدة البعير » في بيت امرأة من بني فلان , 
)١5(‏ وفد تجيب ‏ قدم هذا الوفد بصدقات قومه ثما فضل عن فقرائهم وكان الوفد ثلاثة 
عشر رجلاً » وكانوا يسألون عن القران والسنن يتعلمونها » وسألوا رسول الله عه أشياء فكتب 
لهم بها » ولم يطيلوا اللبث » ولا أجازهم رسول لله ع بعثوا إليه غلاماً كانوا خلفوه في رحالهم . 
فجاء الغلام » وقال : والله ما أعملني من بلادي إلا أن تسأل الله عز وجل أن يغفر لي وير مني . 
وأن يجعل غناي في قلبي » فدعا له بذلك » فكان أقنع الناس » وثبت في الردة على الإسلام » 
وذكر قومه ؛ ووعظهم فثبتوا عليه » والتقى أهل الوفد بالنبي ع مرة أخرى في حجة الوداع 
سنه ١١اه‏ . 
ا کا ی ا م کک EP‏ 
العرب بفضل » ثم جاءني إلا رأيته دون ما يقال فيه , إلا زيد الخيل فإنه م يبلغ كل ما فيه » , 
وسماه زيد الخير . 5 7 95 
)1١‏ فتح الباري 47/8 . 


tor 


وهكذا تتابعت الوفود إلى المدينة في سنتي تسع وعشر » وقد ذكر أهل المغازي والسير منها 
وفود أهل الين » والأزد وبني سعد هذيم من قضاعة » وبني عامر بن قيس » وبي أسد » وبهراء » 
وخولان » ومحارب » وبني الحارث بن كعب » وغامد » وبني المنتفق » وسلامان » وبني عبس » 
ومزينة » ومراد » وزبيد » وكندة » وذي مرة » وغسان » وبني عيش » ونخع ‏ وهو اخر الوفود » 
اولك قل مص رم به الاسام رجل ‏ وكانت وفادة الاغلبية من هذه الوفود سنة 9 
و ٠ه‏ وقد تاخرت وفادة بعضبا إلى سنة ١١ه‏ ا . 

وتتابع هذه الوفود يدل على مدى ما نالت الدعوة الإسلامية من القبول التام » وبسط 
السيطرة والنفوذ على أنحاء جزيرة العرب وأرجائها » وأن العرب كانت تنظر إلى المدينة بنظر 
التقدير والإجلال » حتى لم تكن ترى حيصا عن الاستسلام أمامها » فقد صارت المدينة عاصمة 
لجزيرة العرب » لا يمكن صرف النظر عنها » إلا أننا لا يمكن لنا القول بأن الدين قد تكن من 
أنفس هؤلاء باسرهم ؛ لأنه كان وسطهم كثير من الأعراب الحفاة الذين أسلموا تبعاً لسادتهم » 
ولم تكن أنفسهم قد حلصت بعد ما تأصل فيبا من الميل إلى الغارات » ولم تكن تعاليم الإسلام 
قد هذبت أنفسهم عام التبذيب ‏ ؛ وقد وصف القران بعضهم غو في سورة التوبة امراب 
شد ڪفرون اوآ درا يمدو مأل أل رولو وآ 0 
31 ا ا فق معرما E‏ الد وای راھ ر داي رة السو الله سَميع م ي 
)1۸۰44۷:۹4 ) وأثثى على أخرين منهم قال: ری الأت يمرم بو 


ص 2 


الخ رويتیذ خد ماینفی فر تع ندال وص لوت لر سوا لإ ناقرب ا n‏ 
EES‏ (515:950). 
أما الحاضرون منهم في مكة والمدينة وثقيف > وكثير من اليمن والبحرين ؛ فقد كان الاسلام 


ہم قويأ » ومنهم كبار الصحابة وسادات المسلمين”" . 


TT 0)‏ حاضرات تاريخ الأم الاسلامية ٠٤٤/١‏ . وانظر في تفاصيل الوفود التي ذكرناها او اشرنا 
إلياء صحيح البخاري ۱۳/۱ ۰ ۰1۲7/۲ 7۲۷ ۰ ۰1۲۸ 1۲۹ ۳١‏ . وابن هشام N‏ ؛ 
(Ol (Ol oof (oo‏ "ااه (Ol c(o\F‏ بالاه 2 لاه (O4! (Of. (OFA‏ 
٥٥۰ ۲‏ إلى ٦۰۱‏ ۰ وزاد المعاد ۲۹/۳ إلى ٠۰‏ » وفتح الباري ۸۳/۸ إلى ٠١۳١‏ ورحمة للعالمين ١84/١‏ 


. ۲١۷ الى‎ 


O 


نجاح الدعوة وأثرها 


وقبل أن نتقدم خحطوة أخرى إلى مطالعة أواخر أيام حياة الرسول عي ؛ ينبغي لنا أن نلقي 
نظرة إجمالية على العمل الجلل الذي هو فذلكة حياته » والذي امتاز به عن سائر الأنبياء 
والمرسلين » حتى توج الله هامته بسيادة الأولين والآخرين . 

إنه عله قيل له : ل ياعا الْمرَيَلُ لو لل إلا يلا ¢ الآيات . وط يسو 
ودر #الآيات » فقام » وظل قائماً أكثر من عشرين عاما » يحمل على عاتقه عبء الأمانة 
الكبرى في هذه الأرض » عبء البشرية كلها » وعبء العقيدة كلها » وعبء الكفاح والجهاد 
في ميادين شت . 

حمل عبء الكفاح والجهاد في ميدان الضمير البشري الغارق في أوهام ال حاهلية وتصوراتها , 
لمثقل بأثقال الأرض وجواذبها » والمكبل بأوهاق الشهوات وأغلاها » حتى إذا خلص هذا الضمير 
في بعض صحابته ما يثقله من ركام الجاهلية والحياة الأرضية » بدأ معركة أخرى في ميدان أخر » 
بل معارك متلاحقة .. مع أعداء دعوة الله المتألبين علا » وعلى المومنين بها » الحريصين على قتل 
هذه الغرسة الزكية في منبتها » قبل أن تنمو وتّد جذورها في التربة » وفروعها في الفضاء » وتظل 
ماغات اى .. ولم يكد يفرغ من معارك الجزيرة العربية ؛ حتى كانت الروم تعد هذه الأمة 
الجديدة » وتتهياً للبطش بها على تخومها الشمالية . 

وفي أثناء هذا كله لم تكن المعركة الأولى - معركة الضمير - ةد انتبت » فهي معركة 
خالدة » الشيطان صاحبها » وهو لايني لحظة عن مزاولة نشاطه في أعماق الضمير الإنساني › 
ومحمد بيه قاتم على دعوة الله هناك » وعلى المعركة الدائبة في ميادينها المتفرقة » في شظف من 
العيش » والدنيا مقبلة عليه » وفي جهد وكد » وا مؤمنون يستروحون من حوله ظلال الأمن 


E 00: 


والراحة حة ؛ في نصب دائم لا ينقطع » وفي صبر جميل على هذا كله » وني قيام الليل » وفي عبادة 
لربه » وترتيل لقرانه » وتبتل إليه ما أمره أن يفعل(" . 

وهكذا عاش في المعركة الدائبة المستمرة أكثر من عشرين عاماً » لا يلهيه شأن عن شأن في 
خلال هذا الأمد » حتى نجحت الدعوة الإسلامية على نطاق واسع تتحير له العقول » فقد دانت 
ها الجزيرة العربية » وزالت غبرة الجاهلية عن افاقها » وَصَّححَت العقول العليلة » حتى تركت 
الأصنام ؛ بل كسرت » وأخذ الحو يرتج بأصوات التوحيد » وسمع الأذان للصلوات ي يق اجا 
الفضاء خلال الصحراء التي أحياها الإيمان الجديد , وانطلق القراء ثمالاً وجنوباً » يتلون آيات 
الكتاب »> ويقيمون 00 الله . 


هناك قاهر ومقهور ¢ وسادات وعبید ¢ وحكام ومحكومون ¢ وظا ۾ ومظلوم ¢ واتما الناس كلهم 
عباد الله » إخوان متحابون » متمثلون لأحكامه : أذهب الله عنهم عَبيّة الجاهلية ونخوتها وتعاظمها 
ااي و ل ا 
وهكذا تحققت _ نر هذه الدعوة - الوحدة العربية » والوحدة الإنسانية والعدالة 
الاجتاعية ( والسعادة البشرية ف قضاياها ومشاكلها الدنيوية « وفي مسائلها الاخروية » فتقلب 
خر الأيام > وتغير وجه الأرض 5 وانعدل خط التاريخ 5 وتبدلت العقلية . 
إن العالم كانت تسيطر عليه روح الجاهلية - قبل الدعوة - ويتعفن ضميره » وتأسن 
روحه » وتختل فيه القيم والمقاييس . ويسوده الظلم والعبودية » وتجتاحه موجة من الترف الفاجر 
والحرمان التاعس » وتغشاه غاشية الكفر والضلال والظلام » على الرغم من الديانات السماوية › 
الي N‏ قل أدركها الشخريف » وسسری فييا الضعف » وفقدت سيطرتها عل النفوس » 
واستحالت 2 ٠‏ طقوسا جامدة لا حياة فيا ولا روح . 
فلما قامت هده الدعوة بدورها ف حياة البشرية ۽ حلصت روح البشر من الوهم والخرافة : 
ومن العبودية والرق ؛ ومن الفساد والتعفن » ومن القذارة والانحلال » وخلصت امجتمع الإنساني 


. ٠۹۹ ۰ ۱۹۸/۲۹ کلمة سيد قطب في ظلال القرآن‎ ١ 


. 07 - 


من الظلم والطغيان » ومن التفكك والانهيار » ومن فوارق الطبقات » واستبداد الحكام . 
واستذلال الكهان . وقامت ببناء العام على أسس من العفة والنظافة » والايجابية والبناء » والحرية 
والتجدد » ومن المعرفة واليقين » والثقة والايمان والعدالة والكرامة » ومن العمل الدائب ؛ لتنمية 
الحياة » وترقية الحياة » وإعطاء كل ذي حق حقه في الياة . 

وبفضل هذه التطورات شاهدت الجزيرة العربية نبضة مباركة لم تشاهد مثلها منذ نشا فوقها 
العمران » ولم يتالق تاريخها تألقه في هذه الأيام الفريدة من عمرها . 


. ١ من كلمة سيد قطب في مقدمة ماذا خسر العالم باحطاط المسلمين ص؛‎ )١( 


- 0¥ 


حجة الوداع 


قت أعمال الدعوة » وإبلاغ الرسالة » وبناء مجتمع جديد على أساس إثبات الألوهية لله 
ونفها عن غبره » وعلى أساس رسالة محمد تله » وكأن هاتفاً خفياً انبعث في قلب 
رسول الله َه » يشعره أن مقامه في الدنيا قد أوشك على النهاية » حتى إنه حين بعث معاذاً على 
ان سنة ٠ه‏ قال له فها قال : يا معاذ » إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا » ولعلك أن 
قر بمسجدي هذا وقبري » فبكى معاذ خشعا لفراق رسول الله عه . 

وشاء الله أن یری رسوله عه ثمار دعوته » التي عانى في سبيلها ألواناً من المقاعب بضعاً 
وعشرين عام » فيجتمع في أطراف مكة بأد تبائلالعرب ومطلها » فيأخذوا منه شرائع الدين 
وأحكامه » وياخذ منهم الشبادة على أنه أدى الأمانة » وبلغ الرسالة » ونصح الأمة . 

أعلن النبي عي بقصده هذه الحجة المبرورة المشهودة » فقدم المدينة بشر كثير » كلهم 
يلتمس أن ياتم برسول الله 4“ . وني يوم السبت لأربع بقين من ذي القعدة عبياً النبي عه 
للرحيل” » فترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه وقلد بدنه » وانطلق بعد الظهر » حتى بلغ ذا 
ا حليفة قبل أن يصلي العصر » فصلاها ركعتين » ب رات هاا جى أصبع» فا امج ل 
لأصحابه : أتاني الليلة ات من ربي فقال : صل في هذا الوادي المبارك » وقل : عمرة في 


حو( َه 


(۱) روى ذلك مسلم عن جابر » باب حجة النبي موه 5414/١‏ . 
0( حقق ذلك ابن حجر تحقيقا أنيقاً » مع تصحيح ما ورد من أنه خرج حمس بقين من ذي العقدة انظر فتح 
الباري ٠١٤/۸‏ . 
(۳) رواه البخاري عن عمر ۲۰۷/١‏ . 
-مهةة - 


وقبل أن يصلي الظهر اغتسل لاحرامه » ثم طيبته عائشة بيدها بذريرة وطيب فيه مسك » في 
بدنه ورأسه » حتى كان وبيص الطيب یری في مفارقه ولحيته » ثم استدامه وم يغسله » ثم لبس 
إزاره ورداءه » ثم صلى الظهر ركعتين » ثم أهل بالحج والعمرة في مصلاه » وقرن بينهماء ثم 
خرج » فركب القصواء » فأهل أيضأ » ثم أهل لما استقلت به على البيداء . 

م واصل سيره حتى قرب من مكة » فبات بذي طوى » ثم دحل مكة بعد أن صلى الفجر 
واغتسل من صباح يوم الأحد لأربع ليال خلون من ذي الحجة سنة ١٠ه‏ - وقد قضى في 
الطريق تمان ليال » وهي المسافة الوسطى - فلما دخل المسجد الحرام طاف بالبيت » وسعى بين 
الصفا والمروة » ولم يحل » لأنه كان قارنا قد ساق معه ادي » فنزل بأعلى مكة عند الحجون ‏ 
وأقام هناك » ولم يعد إلى الطواف غير طواف الحج 

وأمر من لم يكن معه هدي في أصحابه أن يجعلوا إحرامهم عمرة » فيطوفوا بالبيت وبين 
الصفا والمروة » ثم يحلوا حلالاً تامأ » فترددوا » فقال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت 
ما أهديت » ولولا أن معي اهدي لأحللت » فحل من لم يكن معه هدي › وسمعوا وأطاعوا . 

وي الوم الان ين دي وهو يوم اللروية ساتوجة إلى ى فل ا الور 
والعصر والمغرب والعشاء والفجر - خمس صلوات - ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس › 
فأجاز حتى أتى عرفة » فوجد القبة قد ضربت له بنمرة » فنزل بها » حتى إذا زالت الشمس أمر 
بالقصواء فرحلت له » فأتى بطن الوادي » وقد اجتمع حوله مائة ألف وأربعة وعشرون أو أربعة 
وأربعون ألفا من الناس » فقام فيهم خطيباً » وألقى هذه الخطبة الجامعة : 

«أيها الناس » اسمعوا قولي » فإني لا أدري لعلي لا ألقاكى بعد عامي هذا بهذا الموقف 
بدا(“ . 

إن دماء کم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا » في شهرک هذا في بلدك هذا . ألا 
كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ‏ ودماء الجاهلية موضوعة » وإن أول دم أضع من 
دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث - وكان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل ‏ وربا الجاهلية 
موضوع » وأول ربا أضع من ربانا ربا عباس بن عبد المطلب » فإنه موضوع كله . 


. ٦۰۳/۲ ابن هشام‎ )١( 


- 04 - 


. فاتقوا الله في النساء » فإنكم أخذتموهن بامانة الله » واستحللتم فروجهن بكلمة الله » ولكم 
عليين أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه » فإن فعلن ذلك e‏ 
عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف . 

وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمم به » کتاب الله“ . 
أيها الناس » إنه لا نبي بعدي » ولا أمة بعد » ألا فاعبدوا ربكم » وصلوا خمسكم »› 
وصوموا شرك » وأدوا زكاة أموالكم » طيبة بها أنفسكم » وتحجون بيت ربكم » وأطيعوا ولاة 
مرک » تدخلوا جنة ربكم" . 
وا OAS‏ 
فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء » وينكتها إلى الناس ١‏ اللهم اشهد » . 


مرات 0 . ظ 
5 57 5 د مال TT‏ 
وكان الذي يصرخ في الناس بقول رسول الله ع = وو بعر > رو بن أمية بن 
خحلف 0 . 


ويغك أن فرغ النبي عه من إلقاء الخطبة نزل عليه قوله تعالى 89 وما كملْتُ لم 
ديس وَأَمَمَثُ علي يضمت وَرَضِيتٌ آ َم الإسلودينا 4 ره : ۲ ) وعندما مععها عمر 
بكى » فقيل له : ما يبكيك ؟ قال : إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان“ . 

وبعد الخطبة أذن بلال ثم أقام » فصلى رسول الله عي بالناس الظهر » ثم أقام فصلى 
العصر » ولم يصل بينهما شيئأ » ثم ركب حتى أت الموقف » فجعل بطن ناقته القصواء إلى 
الصخرات » وجعل حبل المشاة بين يديه » واستقبل القبلة » فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس » 
وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص » وأردف أسامة » ودفع حتى أتى المزدلفة » فصلى بها 


. ۳۹۷/۱ صحيح مسلم باب حجة النبي عه‎ )١( 
. ۲٦۳/١ معدن الأعمال » ورواه ابن ماجه وابن عساكر » رحمة للعالمين‎ )۲( 
. ۳۹۷/۱ مسلم‎ )۳( 
. ٠۰٥/۲ ابن هشام‎ )٤( 
. ٠٠٠/١ رواه البخاري عن ابن عمر ... انظر رحمة للعالمين‎ )5( 
ت‎ 1 


المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين » ولم يسبح بينهما شيئا » ثم اضطجع حتى طلع الفجر , 
فصلى الفجر حتى تبين له الصبح بأذان وإقامة » ثم ركب القصواء حتى أنى المشعر الحرام » 
فاستقبل القبلة » فدعاه » وكبره » وهلله » ووحده » فلم يزل واقفا حتى أسفر جدأ . 

فدفع - من المزدلفة إلى منى - قبل أن تطلع الشمس » وأردف الفضل بن عباس حتى أتى 
بطن محسر » فحرك قليلآً » ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى » حتى أنى 
الجمرة التي عند الشجرة - وهي الجمرة الكبرى نفسها » كانت عندها شجرة في ذلك الزمان › 
وتسمى بجمرة العقبة وبالجمرة الأولى - فرماها بسبع حصيات » يكبر مع كل حصاة منها » مثل 
حصى الخذف رمى من بطن الوادي » ثم انصرف إلى المنحر » فنحر ثلاثأ وستين بدنة بيده » ثم 
أعطى علي فنحر ما غبر - وهي سبع وثلاثون بدنة » تام المائة ‏ وأشركه في هديه » ثم أمر من 
كل بدنة ببضعة » فجعلت في قدر » فطبخت › فاكلا من لحمها » وشربا من مرقها . 

ثم ركب رسول الله عه > فأفاض إلى البيت » فصلى بمكة الظهر › فأتى على 
بني عبد المطلب يسقون على زمزم » فقال : ١‏ انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على 
سقايتكم لنزعت معكم » » فناولوه دلوا فشرب منه(" . 

وخطب النبي عي يوم النحر ‏ عاشر ذي الحجة - أيضاً حين ارتفع الضحى » وهو على 
بغلة شهباء » وعلي يعبر عنه » والناس بين قاثم وقاعد(" . وأعاد في خطبته هذه بعض ما كان ألقاه 
أمس » فقد روى الشيخان عن أبي بكرة قال : خطبنا النبي عي يوم النحر » قال : 

« إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض » السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة 
حرم » ثلاث متواليات » ذو القعدة وذو الحجة وامحرم » ورجب مضر الذي بين جمادى 
وشعبان © . 

وقال : « أي شہر هذا » ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم » فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير 
اسمه » قال : « أليس ذا الحجة» ؟ قلنا : بلى . قال : « أي بلد هذا » ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم › 
فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه » قال : « أليست البلدة » ؟ قلنا : بلى . قال : « فاي 


(۱) رواه مسلم عن جابر » باب حجة النبي كله ۳۹۷/۱ ۰ ۳۹۸ ۰ ۳۹۹ ٠٠١‏ . 
32س( روى ذلك أبو داود » باب أي وقت يخطب يوم النحر ۷۰/۱ . 


E تا‎ 


يوم هذا » ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم . فسكت حى ظننا أنه سيسميه بغير امه » قال : « أليس 
يوم النحر » ؟ قلنا : بلى . قال : « فإن دماء م وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم 
هذاء في بلد م هذا » في شبرك هذا » . 

١‏ وستلقون ربكم » فيسألكم عن أعمالكم » ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالاً يضرب بعضكم 
رقاب بعض » . 

٠‏ ألا هل بلغت » ؟ قالوا : نعم » قال : « اللهم اشهد . فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ 
أوعى من سامع 0۲ . ظ ظ 

وفي رواية أنه قال في تلك الخطبة : « ألا لا يمني جان إلا على نفسه » ألا لا يمني جان على 
ولده » ولا مولود على والده » ألا إن الشيطان قد يكس أن يعبد في بلدم هذا أبدا » ولكن ستكون 
له طاعة فيا تحتقرون من أعمالكم » فسييرضى به 0“ . 

وأقام أيام التشريق بمنى يؤدي المناسك ويعلم الشرائع » ويذكر الله » ويقيم سنن الهدى من 
ملة إبراهم » ويمحو اثار الشرك ومعالمها » وقد خطب في بعض أيام التشريق أيضأ» فقد روى 
أبو داود بإسناد حسن عن سراء بنت نبهان قالت : خخطبنا رسول الله عه يوم الرؤوس » فقال : 
« أليس هذا أوسط أيام التشريق 200 . وكانت خطبته في هذا اليوم مثل خطبته يوم النحر » 
ووقعت هذه الخطبة عقب نزول سورة النصر . 

وني يوم النفر الثاني الثالث عشر من ذي الحجة - نفر النبي عله من منى » فنزل بخيف 
بني كنانة من الأبطح » وأقام هناك بقية يومه ذلك » وليلته » وصلى هناك الظهر والعصر والمغرب 
والعشاء » ثم رقد رقدة » ثم ركب إلى البيت » فطاف به طواف الوداع » وكان قد أمر الصحابة 

ولا قضى مناسكه حث الركاب إلى المدينة المطهرة » لا ليأخذ حظاً من الراحة » بل 





. 7714/١ صحيح البخاري › باب الخطبة أيام منى‎ )١( 
۳/۱ وابن ماجة في الحج » مشكاة المصابيح‎ ٠١١ >» ۳۸/۲ رواه الترمذي‎ )۲( 
. 7559/١ أبو داود . باب أي يوم يخطب بمنى‎ )۳( 


- 5171 - 


ليستأنف الكفاح والكدح لله وفي سبيل الله“ . 
أخر البعوث: 


كانت كبرياء دولة الروم قد جعلتها تأبى عليه حق الحياة » وحملها على أن تقتل من أتباعها 
من يدخل فيه » کا فعلت بفروة بن عمرو الجذامي الذي كان واليا على معان من قبل الروم . 

ونظراً إلى هذه الحراءة والغطرسة أخذ رسول الله عَُهُ يجهز جيشاً كيرا في صفر سنة 
١‏ ١ه‏ وأمر عليه أسامة بن زيد بن حارثة » وأمره أن يوطىء الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض 
فلسطين » يبغي بذلك إرهاب الروم وإعادة الثقة إلى قلوب العرب الضاربين على الحدود » حتى 
لايحسبن أحد أن بطش الكنيسة لا معقب له » وأن الدخول في الاسلام يجر على أصحابه 
الحتوف فحسب . 

وتكلم الناس في قائد الجيش لحداثة سنه » واستبطأوا في بعثه » فقال رسول الله ع : إن 
تطعنوا في إمارته » فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل » وام الله إن كان خليقا للإمارة » وإن 
كان من أحب الناس إل » وإن هذا من أحب الناس إل بعده(" . 

وانتدب الناس يلتفون حول أسامة ‏ وينتظمون في جيشه » حتى خرجوا ونزلوا اجرف » على 
فرسخ من المدينة » إلا أن الأخبار المقلقة عن مرض رسول الله عي أكرهتهم على التريث » حتى 
يعرفوا ما يقضي الله به » وقد قضى الله أن يكون هذا أول بعث ينفذ في خلافة أبي بكر 
الصديق' . 


)١(‏ انظر لتفصيل حجة النبي مه صحيح البخاري كتاب المناسك ج١‏ 7171/59 وصحيح مسلم باب حجة 
النبي ييه وفضح الباري ج٣‏ من شرح كتاب المناسك وج8/١٠‏ إلى 1١١‏ وابن هشام ٠01/7‏ إلى ٠08‏ 
زاد المعاد 5١8 › 1١95/1١‏ إلى ۲٤٠١‏ . 

209 صحيح البخاري . باب بعث النبي عله أسامة ۲ . 

(۳) المصدر السابق وابن هشام ٥٦١ , ٦0٦1/۲‏ . 


5 


إلى الرفيق الأعلى 


طلائع التوديع: 

لا تكاملت الدعوة » وسيطر الإسلام على الموقف » أحذت طلائع التوديع للحياة والأحياء 
تطلع من مشاعره عه » وتتضح بعباراته وأفعاله . 

إنه اعتكف في رمضان من السنة العاشرة عشرين يومأ » بين كان لا يعتكف إلا عشرة أيام 
فحسب » وتدارسه جبريل القران مرتين » وقال في حجة الوداع : إني لا أدري لعلى لا لقا بعد 
عامي هذا بهذا الموقف أبدا » وقال وهو عند جمرة العقبة : خذوا عني مناسككم ١‏ > فلعلي لا أحج 
بعد عامي هذا » وأنزلت عليه سورة النصر في أوسط أيام التشريق » فعرف أنه الوداع » وأنه نعيت 
إليه نفسه . 

وفي أوائل صفر سدة ١ه‏ خرج النبي عه إلى أحد » فصلى على الشهداء كالمودع 
للأحياء والأموات » ثم انصرف إلى المنبر فقال : إن فرطكم » وإني شهيد عليكم » وإني الله 
لأنظر إلى حوضي الآن » وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض » أو مفاتيح الأرض » وإني والله 
ما أحاف أن تشركوا بعدي » ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فیپا(“ . 

وخرج ليلة - في منتصفها - إلى البقيع فاستغفر لهم , وقال : السلام عليكم يا أهل 
المقابر » ليهن لكم ما أصبحتم فيه بما أصبح الناس فيه » أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ‏ ؛ يتبع 
آخرها أوها » الآخرة شر من الأولى . وبشرهم قائلاً : إنا بكم للاحقون . 
بداية المرض: 

وني اليوم التاسع والعشسرين من شهر صفر سنة ١١ه ‏ وكان يوم الاثنين ‏ شد 
)١(‏ متفق عليه » صحيح البخاري ٥۸٥/۲‏ . 

- 455 - 


رسول الله عه جنازة في البقيع » فلما رجع - وهو في الطريق - أخذه صداع في رأسه» 
واتقدت الحرارة » حت إنهم كانوا يجدون سورتها فوق العصابة التي تعصب بها رأسه . 
توه + 
الأسبوع الأخير: 
وثقل برسول الله عل امرض › فجعل يسأل أزواجه : أين أنا غدا ؟ أين أنا غدا ؟ ففهمن 
مراده » فأذن له يكون حيث شاء » فانتقل إلى عائشة » يمشي بين الفضل بن عباس وعلي بن ألي 
طالب » عاصبا رأسه تحط قدماه حتى دخل بيتها » فقضى عندها آخر أسبوع من حياته . 
وكانت عائشة تقرأ بالمعوذات والأدعية التى حفظتها من رسول الله عه » فكانت تنفث 
على نفسه » وعسحه بيده رجاء البركة . 
قبل الوفاة بخمسة أيام: 
ويوم الأربعاء قبل خمسة أيام من الوفاة » اتقدت حرارة العلة في بدنه » فاشتد به الوجع 
وغمي » فقال : هريقوا علي سبع قرب من ابار شتى » حتى أخرج إلى الناس » فأعهد إلمهم » 
فاقعدوه في خضب »› وصبوا عليه الماء » حتى طفق يقول : « حسيكم » حسبكم » . 
وخطب الناس - والناس مجتمعون حوله ب فقال : 
« لعنة الله على اليبود والنصارى » اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » - وفي رواية « قاتل 
اللهاليهود والنصارى اتحذوا قبور أنبيائهم مساجد ‏ وقال : لا تتخذوا قبري وثنا يعبد 20 . 
وعرض نفسه للقصاص قائلا : « من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه » 
ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه ٩‏ . 
م نزل فصلى الظهر » ثم رجع فجلس على المنبر » وعاد لمقالته الأولى في الشحناء وغيرها : 


. 75١0 موطأ الإمام مالك ص‎ › 57/١ صحيح البخاري‎ )١( 
. (؟) موطاً الإمام مالك ص55‎ 


8160 - 


فقال رجل : إن لي عندك ثلاثة دراهم » فقال : أعطه يا فضل » ثم أوصى بالأنصار قائلاً : 

« أوصيكم بالأنصار » فإمهم كرشي وعيبتي » وقد قضوا الذي عليهم » وبقي الذي هم » 
فاقبلوا من محسنهم » وتجاوزوا عن مسيئهم » وني رواية أنه قال : « إن الناس يكثرون » وتقل 
الأنصار » حتى يكونوا كالملح في الطعام » فمن ولي منكم أمراً يضر فيه أحداً أو ينفعه فليقبل من 
محسنهم » ويتجاوز عن مسيتهم )20 . 

ل إذعيدا خرو الله أن نز ته هن و لدا ما کا وون سا عد اجا 
ما عنده » قال أبو سعيد الخدري : فبكى أبو بكر . قال : فديناك بابائنا وأمهاتنا . فعجبنا له » 
فقال الناس : انظروا إلى هذا الشيخ » يخبر رسول الله عي عن عبد خيره اللهبين أن يؤتيه من 
زهرة الدنيا » وبين ما عنده » وهو يقول : فديناك بابائنا وأمهاتنا . فكان رسول الله عة هو 
احير » وكان أبو بكر أعلمنا" . 

ثم قال رسول الله یله : « إن أمن الناس عل في صحبته وماله أبو بكر » ولو كنت متخذا 
خليلاً غير رلي لاتخذت أبا بكر خليلاً » ولكن أخوة الاسلام ومودته » لا يبقين في المسجد باب 
إلا سد إلا باب اي بكر ۲ . 


قبل أربعة أيام: ‏ 

ويوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام قال وقد اشتد به الوجع ‏ : « هلموا أكتب لكم 
كتابا لن تضلوا بعده  »‏ وني البيت رجال فيهم عمر - فقال عمر : قد غلب عليه الوجع »› 
وعند.م القران » حسبكم كتاب الله . فاختلف أهل البيت واختصموا » فمنهم من يقول : قربوا 
يكنب لكم رسول الله يه » ومنهم من يقول ما قال عمر » فلما أكاروا اللفط والاختلاف قال 
رسول الله عل : « قوموا عني 200 . 

. وأوصى ذلك اليوم بثلاث : أوصى بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب » 
)١(‏ صحيح البخاري 0/١‏ . 
0( متفق عليه » مشكاة المصابيح ٥٤٠٦/۲‏ . 
(؟) متفق عليه . مشكاة المصابيح ٥٤۸/۲‏ . صحيح البخاري ٤٤۹ › ٤۲۹ 2171/١‏ » 1۳۸/۲ . 
(4) رواه البخاري عن أم الفضل باب مرض النبي عه 1۳۷/۲ . 

0 ا ا 


وأوصى بإجازة الوفود بنحو ما كان يجيزهم » أما الثالث فنسيه الراوي » ولعله الوصية بالاعتصام 
بالكتاب والسنة » أو تنفيذ جيش أسامة » أو هي ١‏ الصلاة وما ملكت أيمانكم » . 


والنبي عه مع ما كان به من شدة المرض كان يصلي بالناس جميع صلواته حتى ذلك اليوم 
يوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام -. وقد صلى بالناس ذلك اليوم صلاة المغرب » فقرأ فيا 
بالمرسلات عرفا . 

وعند العشاء زاد ثقل المرض » بحيث لم يستطع الخروج إلى المسجد . قالت عائشة : فقال 
النبي مه : « أصلى الناس » ؟ قلنا : لا يا رسول الله » وهم ينتظرونك . قال : « ضعوا لي ماء 
في المحضب » . ففعلناء فاغتسل » فذهب لينوء فأغمي عليه » ثم أفاق » فقال : « أصلى 
الناس » ؟ - ووقع ثانياً وثالثاً ما وقع في المرة الأولى من الاغتسال ثم الإغماء حينا أراد أن ينوه 
فأرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس » فصلى أبو بكر تلك الايام'© ؛ ٠١‏ صلاة في 
حيانه ع . 

وراجعت عائشة النبي عي ثلاث أو أربع مرات ؛ ليصرف الإمامة عن ألي بكر » حتى 
لا يتشاءم به الناس » فأبى » وقال : « إنكن صواحب يوسف . مروا أبا بكر فليصل بالناس » . 


قبل يوم أو يومين: 

ويوم السبت أو الأحد وجد النبي عو في نفسه خفة » فخرج بين رجلين لصلاة الظهر › 
وأبو بكر يصلى بالناس » فلما راه أبو بكر ذهب ليتأخر » فأوما إليه بان لا يتاخر » قال : 
وأجلساني إلى جنبه » فأجلساه إلى يسار أي بكر » فكان أبو بكر يقتدي بصلاة 
رسول لله مه » ويسمع الناس التكيو”؟ . 


قبل يوم: ظ 
وقبل يوم من الوفاة - يوم الأحد -. أعتق النبي عه غلمانه » وتصدق بسبعة دنانير كانت 
عنده » ووهب للمسلمين أسلحته » وني الليل استعارت عائشة الزيت للمصباح من جارتها › 
)١(‏ متفق عليه مشكاة المصابيح ٠١5/١‏ . 
(۲) صحيح البخاري 99/١‏ . 
(۳) صحيح البخاري ٩٩ ۰ ٩۹۸/۱‏ . 
- 4۷~ 


وكانت درعه مه مرهونة عند يبودي بثلاثين صاعاً من الشعير . 
أخر يوم من الحياة: 

روى أنس بن مالك : أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر يوم الإثنين - وأبو بكر يصلي 
بهم لم يفجأهم إلا رسول الله عي كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم » وهم في صفوف _ 
الصلاة » ثم تبمم يضحك » فنكص أبو بكر على عقبيه ؛ ليصل الصف › وظن أن 
رسول الله عه يريد أن يخرج إلى الصلاة » فقال أنس ورف لرن اد يترا ی ي 
فرحا برسول الله عه » فأشار إليهم بيده رسول الله عله أن موا صلاتكم » ثم دخل الحجرة 
وأرخى الستر . 

م ا عل زسول فل كه وت ساد أعزى . 

ولا ارتفع الضحى » دعا النبي عه فاطمة فسارها بشيء فبكت . ثم دعاها » فسارها 
بشيء فضحكت » قالت عائشة » فسألنا عن ذلك - أي فيا بعد - فقالت : سارني النبي. له 
٠‏ کے۳ 

وبشر النبي عه فاطمة بأنبا سيدة نساء العالمين . 

ورأت فاطمة ما برسول الله عله من الكرب الشديد الذي يتغشاه » فقالت : واكرب 
أباه . فقال لها : « ليس على أبيك كرب بعد اليوم ١١‏ : 

ودعا الحسن والحسين فقبلهما » وأوصى بهما خيرأ » ودعا أزواجه فوعظهن وذكرهن . 

وطفق الوجع يشتد ويزيد » وقد ظهر أثر السم الذي أكله بخيبر حتى كان يقول : 
« يا عائشة » ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر » فهذا أوان وجدت انقطاع أببري من 
)١(‏ نة نفس المصدر » باب مرض النبي عه 1٤٠/۲‏ . 
(۲( صحيج البخاري A۲‏ . 
(؟) ويدل بعض الروايات أن هذا الحوار والبشارة لم يكن في آخر يوم من حياته بل في اخر انوع . رحمة للعالمين 


۱ .۔. 
)٤(‏ صحيح البخاري 141/١‏ . 


- (1A - 


ذلك ال 
وأوصى الناس » فقال : « الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم » » كرر ذلك مرارا" . 


الاحتضار: 

وبدأ الاحتضار فأسندته عائشة إليهاء وكانت تقول : إن من نعم الله عل أن 
رسول الله عه توفي في بيتي وف يومي وبين سحري ونحري » وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند 
رول عند ا کوک بن أى بكر ردو الراك راا سيئلة رسول الله وک اه 
ينظر إليه » وعرفت أنه يحب السواك » فقلت : اخذه لك ؟ فأشار برأسه أن نعم » فتناولته › 
كأحسن ما كان مستنا - وبين يديه ركوة فيها ماء » فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه. 
يقول.: :9 لا اله الآ الله + إن للعوت سكرات ٠‏ د انيف 

وما عدا أن فرغ من السواك حت رفع يده أو إصبعه . وشخص بصره نحو السقف › 
وتحركت شفتاه » فأصغت إليه عائشة وهو يقول : « مع الذين أنعمت عليهم من النبيين 
والصديقين والشهداء والصالحين . اللهم اغفر لي وارحمني ١‏ وألحقني بالرفيق الاعلى » اللهم الرفيق 
الأعلى ١‏ . 

كرر الكلمة الأخيرة ثلاثاً » ومالت يده ولحق بالرفيق الأعلى . إنا لله وإنا إليه راجعون . 

وقع هذا الحادث حين اشتدت الضحى من يوم الإثنين ١١‏ ربيع الأول سنة ١١ه‏ . وقد تم 
له عه ثلاث وستون سنة وزادت أربعة أيام . 


تفاقم الأحزان على الصحابة: 
وتسرب النباً الفادح > وأظلمت على المدينة أرجاؤها وافاقها . قال أنس : ما رأيت يوما قط 





. 1۳۷/۲ نفس المصدر‎ )١( 

(۲) نفس المصدر . 

. 572 صحيح البخاري . باب مرض النبي‎ (١ 

.341 0714.0 2789 . 1۳۸/۲ نفس المصدر والباب » وباب آخر ما تكلم النبي ی‎ )٤( 


د 


كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله عه » وما اهرما نازولا لطم 
من يوم مات فيه رسول الله يتوه" . ) 

ولما مات قالت فاطمة : يا أبتاه أجاب ربا دعاه . يا أبتاه » من جنة الفردوس مأواه . 
يا أبتاه » إلى جبريل ننعاه('" . 


موقف عمر: 

ووقف عمر بن الخطاب - وقد أخرجه الخبر عن وعيه - يقول : إن رجالاً من المنافقين 
يزعمون أن رسول الله عه توق » وإن رسول الله یل ما مات » لکن ذهب إلى ربه کا ذهب 
موسی بن عمران » فغاب عن قومه أربعين ليلة , ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات . 

وله ل وجعن رسول الله له ٠‏ فليقطمن أيدي رجال وأرجلهم بزعمون أنه مات 2 . 


موقف أبى بكر: 

وأقبل أبو بكر على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل » فدخل المسجد » فلم يكلم الناس » 
حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله عله » وهو مغشى بثوب حيرة » فكشف عن وجهه ٠»‏ 
ثم أكب عليه » فقبله وبكى » ثم قال : بأبي أنت وأمي » لا يجمع الله عليك موتتين » أما الموتة 
التي كتبت عليك فقد متها . ظ 

ثم خرج أبو بكر وعمر يكلم الناس » فقال : اجلس يا عمر . فاي عمر أن يجلس » فاقبل 
الناس اليه » وتركوا عمر » فقال أبو بكر أما بعد وحن ناسكم يعد مدا جك إن مدا 
e 2Y mp: O‏ قال الله : «وَمَاححمَد إلا سول 


22-2 سم .2-2 ا e‏ 


ناه کاود جریا عي 4 قل ان عام : والله لكأن 





: ot¥/۲ رواه الدارمي . مشكاة ة المصابيح‎ )١( 


00 صحيح البخاري باب مرض النبي عه 11/۲ . 
(۳) ابن هشام 100/۲ . 


1/6 دم 


الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر » فتلقاها منه الناس كلهم › فما أ مع 
قال ابن المسيب : قال عمر : والله ما هو إلا أن معت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقل 
رجلاي » وحتى أهويت إلى الأرض حين معته تلاها » علمت أن النبي عي قد مات . 


التجهيز وتوديع الحسد الشريف إلى الأرض: 
وحوار وردود بين المهاجرين والانصار في سقيفة بني ساعدة » وأخيرا اتفقوا على خلافة اي بكر 
رسول الله عه »> حتى كان آخر الليل - ليلة الثلاثاء - مع الصبح » وبقي جسده المبارك على 
فراشه » مغشى بثوب حبرة » قد أغلق دونه الباب أهله . 

ويوم الثلاثاء غسلوا رسول الله عله من غير أن يجردوه من ثيابه » وكان القامون بالغسل 
العباس وعلياً » والفضل وقام ابي العباس » وشقران مول رسول الله ع » وأسامة بن زيد » 
وأوس بن خولي . فكان العباس والفضل وقم بل 0 :وأسدافنة وشقران يصبان الماء » وعلي 
يغسله » وأوس أسنده إلى صدره . 

ثم كفنوه في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف » ليس فيها قميص ولا عمامة(" . 
أدرجوه فيها إدراجا . 

ا : 1 1 ا صالله . ع ا 

واختلفوا في موضع دفنه » فقال أبو بكر : إني سمعت رسول الله َيه يقول : ما قبض نبي 
إلا دفن حيث يقبض » فرفع أبو طلحة فراشه الذي توفي عليه » فحفر تحته » وجعل القبر لحدا . 

بوعل الاس المج هاا عذرة نة هرو عل رل اد 82 ولا يمن اح 
وصلى عليه أولا أهل عشيرته » ثم المهاجرون » ثم الأنصار » وصلت عليه النساء بعد الرجال » ثم 
صلل عليه الصبيان . 


. 514١6 1٤0/۲ صحيح البخاري‎ )١( 
. 305/١ صحيح مسلم‎ › ١73/١ متفق عليه » صحيح البخاري‎ (۲( 


N 


ومضى في ذلك يوم الثلاثاء كاملا » حتى دخلت ليلة الأربعاء » قالت عائشة : ما علمنا 
بدفن رسول الله عه حتى “معنا صوت المساحي من جوف الليل من ليلة الأربعاء"" . 


)1( ) غتصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص 47١‏ » وانظر لتفصيل لحوقه بالرفيق الأعلى : صحيح 
البخاري › باب مرض النبي ع وعدة أبواب بعده مع فتح الباري وصحيح مسلم ومشكاة المصابيح باب وفاة 
النبي عر وابن هشام 549/7 إلى 570 وتلقيح فهوم اهل الأثر ص78 ۰ ۳۹ ورحمة للعالمين ۲۷۷/۱ إلى 
وتعيين عامة الأؤقات من المصدر الأخير . 


EV 


البيت النبوى 


)١(‏ كان البيت النبوي في مكة قبل الهجرة يتألف منه عليه الصلاة والسلام » ومن زوجته 
خحديجة بنت خويلد » تزوجها وهو ني خمس وعشرين من سنه , وهي في الأربعين » وهي اول من 
تزوجها من النساء » ولم يتزوج عليها غيرها » وكان له منها أبناء وبنات » أما الأبناء » فلم يعش 
منهم أحد » وأما البنات فهن : زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة › فأما زينب فتزوجها قبل الهجرة 
ابن خالتها أبو العاص بن الربيع » وأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما عفان بن عفان رضي الله عنه 
الواحدة بعد الأخرى » وأما فاطمة فتزوجها علي بن أي طالب بين بدر وأحد » ومنها كان الحسن 
والحسين وزينب وأم كلثوم . 

ومعلوم أن النبي عَم كان ممتازاً عن أمته بحل التزوج بأكثر من أربع زوجات لأغراض 
كثيرة » فكان عدد من عقد عليبن ثلاث عشرة امرأة » منبن تسع مات عنهن » واثنتان توفيتا في 
حياته » إحداهما خديجة » والأخرى أم المساكين زينب بنت خزيمة » واثنتان لم يدخل بهما . 
وهاهي أسماؤهن وشيء عنمن . 

(۲) سودة بنت زمعة » تزوجها رسول الله عه في شوال سنة عشر من النبوة » بعد وفاة 
خديجة بأيام » وكانت قبله عند ابن عم ها يقال له السكران بن عمرو » فمات عنها . 

(۳) عائشة بنت أبي بكر الصديق » تزوجها في شوال سنة إحدى عشرة من النبوة » بعد 
زواجه بسودة بسنة » وقبل ال هجرة بسنتين وخمسة أشهر » تزوجها وهي بنت ست سنين » وبني بها 
في شوال بعد الهجرة بسبعة أشهر في المدينة » وهي بنت تسع سنين » وكانت بكرا ول يتزوج 
بكرأ غيرها » وكانت أحب الخلق إليه » وأفقه نساء الأمة » وأعلمهن على الاطلاق . 


e 


(4) حفصة بنت عمر بن الخطاب » تأيمت من زوجها خنيس بن حذافة السهمي بين بدر 
وأحد » فتزوجها رسول الله عو سنة لاه . 

(5) زينب بنت خزيمة من بني هلال بن عامر بن صعصعة » وكانت تسمى أم المساكين › 
لرحمتها إياهم ورقتها علييم » كانت تحت عبد الله بن جحش » فاستشهد في أحد » فتزوجها 
رسول الله عه سنة 4ه . ماتت بعد الزواج بشهرين أو ثلاثة أشهر . 

(1) أم سلمة هند بنت أي أمية » كانت تحت ألي سلمة » فمات عنها في جمادى الأخرى 
سنة 4هاء فتزوجها رسول الله عَم في شوال من نفس السنة . 

(۷) زینب بنت جحش بن رياب من بني أسد بن خزيمةء وهي بنت عمة 
رسول الله عي » وكانت تحت زيد بن حارثة - الذي كان يعتبر ابنأ للنبي عه - فطلقها 
زيد » فانزل الله تعالى يخاطب رسول لله عه فلم قضئ ريد نهاوطراز وتک ) 4 وفيها 
نزلت من سورة الأحزاب ايات فصلت قضية التبني ‏ وسنأتي على ذكرها - تزوجها 
رسول الله ع في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة . 

SSE a A ES iS Ê‏ ني المصطلق في 
سهم ثابت بن قيس بن هماس » فكاتبها » تقضى رسول لله ته ككابتها ء رتروجها في شعبان 
سنه "ه . 

() أم حبيبة رملة بنت أي سفيان » كانت تحت عبيد الله بن جحش » وهاجرت معه إلى 
الحبشة » فارتد عبيد الله وتنصر » وتوني هناك » وثبتت أم حبيبة على دينها وهجرتها » فلما بعث 
O‏ ابي ا 1 
حبيبة فزوجها إياه وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة 

)٠ 2‏ صفية بنت حبي بن أخطب من بي إسرائيل › ٠‏ كانت من سبي خيير » فاصطفاها 
رسول الله ع لنفسه , » فأعتقها وتزوجها بعد فتح خيبر سنة ۷ه . 

)١١(‏ ميمونة بنت الحارث » أخت أُمْ الفضل لبابة بنت الحارث » تزوجها في ذي القعدة 

سنة ۷ه » في عمرة القضاء » بعد أن حل منها على الصحيح . 


0¥ 


فهؤلاء إحدى عشرة سيدة تزوج بهن الرسول عر > ونی بهن وتوفيت منهن اننتان 
- خخديجة وزينب أم المساكين - في حياته » وتوفي هو عن التسع البواقي 

وأما الاثنتان اللتان م يبن +بما » فواحدة من بني كلاب » وأخرى من كندة » وهي المعروفة 
بالجونية » وهناك خلافات لا حاجة إلى بسطها . 

وأما السسراري فالمعروف أنه تسسرى باثنتين إحداهما مارية القبطية » أهداها له المقوقس › 
فأولدها ابنه إبراهم » الذي توفي صغيراً بالمدينة في حياته عله »> في /١‏ أو ۲۹ من شر شوال 
سنة ١٠ه‏ وفق ۲۷ يناير سنة 1۳۲م . والسرية الثانية هي ريحانة بنت زيد النضرية أو القرظية › 
كانت من سبايا قريظة » فاصطفاها لنفسه ء وقيل : بل هي من أزواجه يله » أعتقها 
فتزوجها . والقول الأول رجحه ابن القيم . وزاد أبو عبيدة اثنتين أخريين » جميلة أصابها في بعض 
السبي » وجارية وهبتها له زينب بنت جحش”2 . 

ومن نظر إلى حياة الرسول يله عرف جيدا أن زواجه بهذا العدد الكثير من النساء في 
أواخر عمره بعد أن قضى ما يقارب ثلاثين عام من ريعان شبابه وأجود أيامه مقتصراً على زوجة 
واحدة شبه عجوز - خديجة ثم سودة ‏ عرف أن هذا الزواج لم يكن لأجل أنه وجد بغتة في 
نفسه قوة عارمة من الشبق ع EONS‏ عب ب دي ا 
هناك أغراض أخرى أجل وأعظم من الغرض الذي. يحققه عامة الزواج 

فاتجاه الرسول ع إلى مصاهرة ألي بكر وعمر بزواجه بعائشة وحفصة - وكذلك تزويجه 
ابنته فاطمة بعلي بن أي طالب » وتزويجه ابنته رقية ثم أم کلثوم بعهان بن عفان - يث رال آله 
يبغي من وراء ذلك توثيق الصلات بالرجال الأربعة » الذين عرف بلاءهم وفداءهم للإسلام في 
الأزمات التي مرت به » وشاء الله أن يجتازها بسلام . 


وكان من تقاليد العرب الاحترام للمصاهرة » فقد كان الصهر عندهم نذا هن ت ا 
بين البطون امختلفة » وكانوا يرون مناوأة ومحاربة الأصبار ة وعارا على نفس م فاراد 
2 لله عو بزواج عدة من أمهات المؤمنين أن يكسر سورة عداء القبائل للإسلام » ويطفىء 
حدة بغضائها » كانت أم سلمة من بني مخزوم - حي أبي جهل وخالد بن الوليد - فلما تزوجها 


. ۲۹/۱ انظر زاد المعاد‎ )١( 


- ۷0 


رسول الله عله لم يقف خالد من المسلمين موقفه الشديد بأحد » بل أسلم بعد مدة غير طويلة 
طائعاً راغباً » وكذلك أبو سفيان لم يواجه رسول الله عه بأي محاربة بعد زواجه بابنته أم حبيبة » 
وكذلك لا نرى من قبيلتي بني المصطلق وبني النضير أي استفزاز وعداء بعد زواجه بجويرية 
وصفية ؛ بل كانت جويرية أعظم النساء بركة على قومها » فقد أطلق الصحابة أسر مائة بيت من 
ا اله عه » وقالوا : أصبار رسول اا ا ا المن من 

لأثر البالغ في النفوس . 

وأكبر من كل ذلك وأعظم أن النبي عت كان مأمورا بتزكية وتثقيف قوم لم يكونوا يعرفون 
شيئاً من اداب الثقافة والحضارة والتقيد بلوازم المدنية » والمساهمة في بناء المجتمع وتعزيزه . 

والمبادىء التي كانت أسسا لبناء امجتمع الاسلامي » لم تكن تسمح للرجال أن يختلطوا 
بالنساء » فلم يكن يمكن تثقيفهن مباشرة مع المراعاة هذه المبادىء » مع أن مسيس الحاجة إلى 
تقيفهن لم يكن أهون وأقل من الرجال » بل كان أشد وأقوى . 

وإذن فلم يكن للنبي َيه سبيل إلا أن يختار من النساء الختلفة الأعمار والمواهب ما يكفي 
لهذا الغرض » فيزكيين ويربهن » ويعلمهن الشرائع والأحكام , ويثقفهن بثقافة الإسلام حتى 
يعدهن ؛ لتربية البدويات والحضريات » العجائز منهن والشابات » فيكفين مؤنة التبليغ في 
النساء . 

وقد كان لأمهات المؤمنين فضل كبير في نقل أحواله - عله - المنزلية للناس » خصوصا 
من طالت حياته منهن كعائشة » فإنها روت كثيراً من أفعاله وأقواله . 

وهناك نكاح واحد كان لنقض تقليد جاهلي متأصل › وهي قاعدة التبني » وكان للمتبنى 
عند العرب في الجاهلية جميع الحرمات والحقوق التي كانت للابن ا قيقي سواء بسواء . وكانت 
قد تأصلت تلك القاعدة في القلوب » بحيث لم يكن محوها منهلاً » > لكن كانت تلك القاعدة 
تعارض معارضة شديدة للأسس والمبادىء التي قررها اوسا في النكاح والطلاق 0 اث وغير 
ذلك من المعاملات » وكانت تلك القاعدة تجلب كثيرا من المفاسد والفواحش التي جاء 
الاسلام ؛ ليمحوها عن امجتمع . 

ولهدم تلك القاعدة أمر الله تعالى رسول عله أن ينكح ابنة عمته زينب بنست جحش » 


- 275 


وكانت نحت زيد » ولم يكن بينهما توافق » حتى هم زيد بطلاقها » وذلك في ساعة تألب 
الأحزاب على رسول الله ع والمسلمين » وكان رسول الله مي ينخاف دعاية المنافقين والمشركين 
والمهود » وما يكون له من الأثر السيء في نفوس ضعفاء المسلمين » فأحب أن لا يطلق زيد ؛ 
حتى لا يقع رسول الله عر في هذا الامتحان . 

ولا شك أن هذا التردد والانحياز E‏ مطابقة تامة للعزيمة التي بعث بها 
رسول الله عار » فعاتبه الله عل ذلك وقال امكو عله 
مْسِكعَلَيِكَ رويك وان أ 2 ونی فی نفس مالل مدید وک اناس ران 
تخشله4 057:55 . 

وأخيراً طلقها زيد » وتزوجها رسول الله عق في أيام و الخضان عل ابي و بعد أن 
انقضت عدتبا a‏ | ولا يجالاً » حتى تول 
الہ ذلك النکاح بنفسه يقول  :‏ فلم قضئ رید تھا ورا روحت کھا ی لای کون عل 
الْمَؤْمِنينَ حجن روح مايه إذاقصوامنهن # م : ۷ ) وذلك ليهدم قاعدة 
التبني فعلا ک هدمها قولا : ادغوشم لا ب ایهم هواقسط عند أله € ( p$.)‏ ت 
کان محمد ابا خرن رجا کم وکن رسو امه اتال 4 ( E. ۲٣‏ 

وم من التقاليد المتأصلة الجازمة لا يمكن هدمها أو تعديلها نجرد القول » بل لا بد له من 
مفارية تعن ماع رة روضح ذلك ا مدر من ع المسلمين في عمرة الحديبية » كان هناك 
أولنك المسلمون الذين راهم عروة بن مسعود الثقفي , لا يقع من النبي عي نحامة إلا في يد 
أحدهم » وراهم يتبادرون إلى وضوئه حتى كادوا يقتتلون عليه » نعم كان أولئك الذين تسابقوا إلى 
البيعة على الموت أو على عدم الفرار تحت الشجرة » والذين كانوا فيهم مثل أبو بكر وعمر ء لما أمر 
امي عي أوئك الصحابة المتفانين في ذاته - بعد عقد الصلح - أن يقوموا فينحروا هديهم لم 
يقم لامتثال أمره أحد » حتى أخذه القلق والاضطراب » ولكن لا أشارت عليه أم سلمة أن يقوم 
إلى هديه فينحر » ولا يكلم أحدا ففعل » تبادر الصحابة إلى اتباعه في فعله » فتسابقوا إلى نحر 
جزورهم . وببذا ا ا سو م 

وقد أثار المنافقون وساوس كثيرة » وقاموا بدعايات كاذبة واسعة حول هذا النكاح » أثر 
بعضها في ضعفاء المسلمين » لا سها أن زينب كانت خامسة أزواجه عه » ولم يكن يعرف 


= VV = 


۹ 


حي أن 


؛ فراع 3 


المسلمون حل الزواج بأكثر من أربع نسوة » وأن زيداً كان يعتبر ابنأ للنبي عي » والزواج بزوجة 
الابن كان من أغلظ الفواحش » وقد أنزل الله في سورة الأحزاب حول الموضوعين ما شفى 
وكفى » وعلم الصحابة أن التبني ليس له أثره في الإسلام » وأن الله تعالى وسع لرسوله ع في 
الزواج ما لم يوسع لغيره » لاغراضه النبيلة الممتازة . 
هذاء وكانت عشرته عي مع أمهات المؤمنين في غاية الشرف والنبل والسمو والحسن » م 
كن في أعلى درجة من الشرف والقناعة والصبر والتواضع والخدمة والقيام بحقوق الزواج » مع أنه 
كان في شظف من العيش لا يطيقه أحد . قال أنس : ما أعلم النبي ع رأى رغيفا مرققا حتى 
لحق بالله » ولا رأى شاة سميطأ بعينه قط“ . وقالت عائشة ئشة : إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة 
ادت :فى ابات رسول الله ع نار . فقال لها عروة : ما كان يُعيشك ؟ 
قالت : الأسودان ؛ القر والماء"“ . والأخبار بهذا الصدد كثيرة . 
ومع هذا الشظف والضيق 1 يعدو ين ما يرحب العتاب إلا مرة واحدة - حسب 
مقتضى البشرية > وليكون سبباً لتشريع الأحكام - فأنزل الله آية التخيير 2 يتما لوقل 
2706 الیو ادا زتها الت میک وسر کن مركا 


حميلا 3 E‏ ادا یروا ال يناجا 
منبن إلى اخحتيار الدنيا . 


وكذلك لم يقع منبن ما يقع بين الضرائر مع كارتهن | ی بسر بن يعضين حسب 
اقتضاء البشرية » ثم عاتب لله عليه فلم يعدن له مرة أخرع؟ وهو الذي ذكره الله في سورة 
التحريم بقوله ل مایا لدیل ر غرم ماللاك 4 إلى عام الاية الخامسة . 

وأخيرأ أرى أنه لا حاجة إلى البحث في موضوع مبدأً تعدد الزوجات » فمن نظر في حياة 
سكان أوربا الذين يصدر م منهم النكير الشديد على هذا المبداً > ونظر إلى ما يقاسون من الشقاوة 
والمرارة 4 وما انون من الفضائح واحرائم الشنيعة 4 وما يواجهون من البلايا والقلاقل لانحرافهم عن 
هذا امد كفى له ذلك عن البحث والاستدلال » فحياتهم أصدق شاهد على عدالة هذا الميدا» 
وإن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار . 
)1( صحيح البخاري 3557/7 . 
(۲) نفس المصدر والصفحة . 

- CVA - 


الصفات والأخلاق 


كان النبي عه يمتاز من كال ححلّقه وكمل تله بما لا يحيط بوصفه البيان » وكان من أثره 
أن القلوب فاضت بإجلاله» والرجال تفانوا في حياطته و كاره 6 الا اتعرك الدنا لرجل ر 
فالذين عاشروه أحبوه إلى حد الهيام » ولم نيالوا ان تندق أعناقهم ولا يخدش له ظفر » وما أحبوه 
كذلك إلا لأن أنصبته من الكمال الذي يعشق عادة لم يرزق بمثلها بشر - وفيا يلي نورد ملخص 
الروايات في بيان جماله وکاله مع اعتراف العجز عن الاحاطة . 


جمال الخلق: 

قالت أم معبد الخزاعية عن رسول الله عه - وهي تصفه لزوجها » حين مر بخيمتها 
مهاجرا -: ظاهر الوضاءة ‏ أبلج الوجه » حسن الخلق ٠‏ لم تعبه جل »ول تزر به صعلة » وسيم 
قسم » في عينيه ذَعْج » وني آشفاره وطف » وني صوته صحل » وفي عنقه سطع » أحور » 
أكحل » أزج » أقرن » شديد سواد الشعر » إذا صمت علاه الوقار » وإن تكلم علاه البباء ؛ 
أجمل الناس وأبهاهم من بعيد » وأحسنه وأحلاه من قريب » حلو المنطق » > فضل » لا نزر » 
ولا هذر » کان منطقه خرزات نظمن يتحدرن » ربعة » لا تقحمه عين من قصر ولا تشتوه من 
طول » غصن بين غصنين » فهو أنظر الثلاثة منظراً » وأحسنهم قدراً » له رفقاء يحفون به » إذا 
قال استمعوا لقوله » وإذا أمر تبادروا إلى أمره » محفود » محشود » لا عابس ولا مفند . 

وقال علي بن أي طالب - وهو ينعت رسول الله َيه - : لم يكن بالطويل امعط » 
ولا القصير المتردد » وكان رَبْعة من القوم » ولم يكن بالجَعُد القطط » ولا بالسَّبَطٍ » وكان جَعْدا 
)١(‏ زاد المعاد 45/7 . الثجلة : ضخامة البدن . الصعلة : صغر الرأس . وسم قسم : حسن جميل . 0 

سواد العين . وفي أشفاره وطف : في شعر أجفانه طول . صحل : بحة وخشونة . سطع : طول . 

الحاجب الرقيق في الطول . لا نزر ولا هذر : أي وسط لا قليل ولا كثير . محفود ا 

- 2/4 - 





رجلا ولم يكن باهم ولا بالمكلكم ء > وكان في الوجه تذوير » وكان أبيض مشربا ء أذعج 
العينين › اهدب الأشفارء جَلِيلَ المشاش والكتّد ‏ دفيق ا اجرد »› 3 شن الكفين 
r E E‏ 1 
اق ل تن E SE‏ 
ناعته : أراة قبله ولا بعده مثله» عكثره . 


وف روأية عنه : أنه كان ضخم الرأس » م ضخم الكراديس » طويل المسربة » إذا مشى تكفا 
کیا كنا مط هن سب : 

وقال جابر بن معرة : کان ضليع الفم 3 أشكل العين › مُنهوس العقبين" . 

وقال أبو الطفيل : كان أبييض 1 مليح الوجه مقصدا . | 

وقال أنس بن مالك : كان بسط الكفين . وقال : كان ا ال 

ولا ادم » قبض ولیس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء”*» 

= ويعظمونه ويسرعون ف طاعته . الحشود : الذي يجتمع إليه الناس ولا مفندا : لا يقند أحدا أي يبجنه 
ويستقل عقله بل جميل المعاشرة حسن الصحبة » صاحبه كريم عليه . 

(1) ابن هشام 401/١‏ » 407 » وجامع الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي 705/4 . والممَغط : المتناهي في 
الطول . امعد : ملتوي ومنقبض الشعر . القطط : شديد الجعودة . السبط : المسترسل . المطهم : منتفخ 
الوجه وقيل الفاحش السمن › وقيل النحيف الجسم . المكلم : هو اجتاع لحم الوجه بلا جهومة . أهدب 
الأشفار : طويل شعر الأجفان . جليل المشاش : أي عظم رؤوس العظام كالرفقين والكتفين والركبتين . 
الكتد : مجتمع الكتفين وهو الكاهل . أجرد : هو الذي ليس على بدنه شعر . المسربة : الشعر الدقيق الذي 
هو و الصدر إلى السرة . الششن : الغليظ الأصابع من الكفين والقدمين . البديهة : المفاجأة . 

(۲) نفس المصدر الأخير . الكراديس : رؤوس العظام وقيل هي ملتقى كل عظمين ضخمين كالركبتين والمرفقين 

0 والمنكبين أراد أنه ضخم الأعضاء . | 

(۳) صحيح مسلم ۲١۸/۲‏ ضليع الفم : عظم القم . أشكل العين a‏ . منبوس العقب : قليل 
ا ' 

)٤(‏ نفس المصدر . مقصداً ERDE‏ د 

(©) صحيح البخاري ۱ . أزهر اللون : أبيض مشرب بحمرة . الأبيض الأمهق : شديد الا اون 
ا . الآدم : الأسمر والمعنى : ليس بأسمر ولا بأييض كريه البياض بل أبيض بياضاً نير مشرباً . 


SEA = 


وقال : إا كان شيء - أي من الشيب - في صدغيه . وني رواية : وني الرأس بذ . 

اللا 

وقال عبد الله بن بسر : كان في عنفقته شعرات بيض”" 

ع ل الا ea‏ 
حمراء » لم أر شيعا قط أحسن منه . 

وكان يسدل شعره أولاً لحبه موافقة أهل الكتاب » ثم فرق رأسه بعد“ . 

قال اران + كان أ حسمن الاس وجها + اح فا ب 

وسكل : أكان وجه النبي عله مثل السيف ؟ قال : لاء بل مثل القمر . وني رواية : كان 


وجهه مستدیر ا" . 
وقالت الربيع بنت معود : لو رأيته رايت الشمس طالعة(* . 
وقال جابر بن سمرة : رأيته في ليلة إضحيان » فجعلت فجعلت أنظر إلى رسول الله عل وإلى القمر 


وعليه حلة حمراء ‏ فإذا هو أحسن عندي من الق . 
وقال أبو هريرة : ما رأيت شيا أحسن من رسول الله ع > كأن الشمس تحري في 
وجهه ء وما رأيت أحداً أسرع في مشيه من رسول الله ع > كأنما الأرض تطوى له » وإنا 





: نفس المصدر » وصحيح مسلم 5 .. والنبذ : بضم النون وفتح الباء أو بفتح النون وتسكين الباء ومعناها‎ )١( 
. شعرات متفرقة‎ 

(۲( صحيح البخاري ٠٠۲۰٠۰۱/۱‏ . 

(۳) نفس المصدر ٠٠۲/١‏ . 

. نفس المصدر‎ )٤( 

() صحيح البخاري 507/١‏ . 

(1) نفس المصدر ۰۰۰۲/۱ وصحيح مسلم 598/5 . 


۲/١ (۷)‏ ۰ » وصحيح مسلم 599/7 . 
(۸) رواه الدارمي .... مشكاة المصابيح 511/7 . 


1۸/۲ روأ الترمدي في الشهائل ص ۲« والدارمي .. . مشكاة المصابيح‎ 53١ 


A1 - 


لنجهد أنفسنا » وإنه لغير مكترث2© . 
وقال كعب بن مالك : كان إذا سر استنار وجهه » حتى كأنه قطعة قمر . 
وعرق مرة وهو عند عائشة » فجعلت تبرق أسارير وجهه » فتمثلت له بقول أي كبير 
الهذلي : ) 
وإذا نظضرت إلى أمسرة وجهه برقت كبرق العارض المتهلل) 
وكان أبو بكر إذا راه يقول : 
اى مصطفى با خير يدعو كضسوء البدر زايله الظلام(؛) 
ا 
9 ا كذلك كان رسول الله 52 
وقال جابر بن مرة : كان في ساقيه حمُوشة » وكان لا يضحك إلا تبس » وكنت إذا 
نظرت إليه قلت : أكحل العينين » ولیس بأكحل”" . 
قال ابن العباس : كان أفلج الثنيتين » إذا تكلم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه“ . 
وأما عنقه فكأنه جيدٌ دُمْيّة في صفاء الفضة » وكان في أشفاره غطف ء وفي لحيته كثافة , 
وكان واسع الحبين » زج الحواجب في غير قرن بينهما » أقنى العرنين » سبل الخدين ‏ من لبته إلى 
)١(‏ جامع الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي 707/4 » مشكاة المصابيح 018/5 . 
(۲) صحيح البخاري ٠٠۲/١‏ . 
(؟) رحمة للعالمين ١77/5‏ . 
٤(‏ » ه) خلاصة السير ص١٠‏ . ' 
(7) مشكاة المصابيح ۲۲/١‏ . وراوه الترمذي في أبواب القدر :باب ما جاء في التشديد في الحو في القدر 
o/Y‏ . 
(۷) جامع الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي ۲٠/٤١‏ . والحموشة : أي دقة ولطافة متناسبة لسائر أعضائه . 
(م) رواه الدارمي ... مشكاة المصابيح 5١/9‏ . والأفلج : الذي بين أسنانه تباعد . والثايا : أسنان مقدمة 
0 الفم. 


- CAY - 


سرته يجري كالقضيب » ليس في بطنه ولا صدره شعر غيره » أشعر الذراعين والمنكبين » سواء 
البطن والصدر » مسيح الصدر عريضه » طويل الزند » رحب الراحة » سَبْط القصّب » مُْمْصَّاد 
الأُْمَصّين » سائل الأطراف » إذا زال زال قلعا » يخطو تكفيا ويمشي هونا . 

وقال أنس : ما مسست جريراً ولا ديباجاً ألين من كف النبي عه » ولا شمت ريح قط 
أو عرفاً قط » وني رواية : ما شمت عنيراً قط ولا مسكاً ولا شيا » أطيب من ريح أو عرف 
رسول الله عو . 

وقال أبو جحيفة : أخذت بيده » فوضعتها على وجهي » فإذا هي أبرد من الثلج » وأطيب 
ا 

وقال جابر بن رو ب و كان 1 مسح حدي فوجدت ليده بردا أو را كنم أخرجها 
من حونة عطار(" . 

وقال أنس : كأن عرقه اللوْلوُ . وقالت أم سليم : هو من أطيب الطيب”*” . 

وقال جابر : لم يسلك طريقاً فيتبعه أحد إلا عرف أنه قد سلكه من طيب عرفه » أو قال : 
من ريح عرقه” ) . 

وكان بين كتفيه خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة » يشبه جسده » وكان عند ناغض كتفه 
اليسرى »› جمعا عليه خيلان كأمثال الثاليل!" . 





ر( خلاصة السير ص١‏ . ٠.‏ . الحيد : العنق . الدهية : الصورة المصورة . الأقنى : الذي ارتفع أعلى أنفه 
واحدودب وسطه وضاق منخراه . والعرنين : الأنف وما صلب منه . سبط القصب : الممتد الذي ليس فيه 
تعقد ولا نتوء » والقصّب يريد بها ساعديه وساقيه . الأحَمَص من القدم : الموضع الذي لا يلصق بالأرض منها 
عند الوطء . والخمصان : المبالغ منه أي أن ذلك الموضع من أسفل قدميه شديد التجاني عن الأرض . 

(۲) صحيح البخاري ٥0۰۳/١‏ » صحيح مسلم ۷/۲ . 

(۳) صحيح البخاري e‏ 

. صحيح مسلم 51 .2 جونة عطار : التي يعد فيه الطيب وخرز‎ )٤( 

(د) نفس المصدر . 

رك رواه الدارمي ... مشكاة المصابيح 5١1/5‏ . 

(۷) صحيح مسلم 5ه . 758 . الثاليل : هو هذه الحبة التي تظهر في الجلد كالخمصة فما دونب . 


= ارقت 


كمال النفس ومكارم الأخلاق: ظ 

كان النبي عي يمتاز بفصاحة اللسان » وبلاغة القول » وكان من ذلك بالمحل الأفضل » 
والموضع الذي لا يجهل » سلاسة طبع » ونصاعة لفظ › وجزالة قول » وصحة معان » وقلة 
تكلف » أوتي جوامع الكلم » وخص ببدائع الحكم » وعلم ألسنة العرب » يخاطب كل قبيلة 
بلسانها » ويحاورها بلغتها » اجتمعت له قوة عارضة البادية وجزالتها » ونصاعة ألفاظ الحاضرة 
ورونق كلامها . إلى التاييد الإلحي الذي مدده الوحي . 

وكان الحلم والاحتال , والعفو عند المقدرة » والصبر على المكاره » صفات أدبه الله بها 
وكل حلم قد عرفت منه زلة » وحفظت عنه هفوة » ولكنه ع لم يزد مع كثرة الأذى إلا 
صبرأ » وعلى إسراف الجاهل إلا حلماً » قالت عائشة : ما خير رسول الله مي بين أمرين إلا 
اختار ايسر هما ما م يكن إا » فإن كان إماً كان أبعد الناس عنه » وما انتقم لنفسه إلا أن تنتبك 
حرمة الله فينتقم لله بها“ » وكان أبعد الناس غضباً ‏ وأسرعهم رضاً ٠.‏ 

وكان من صفة الحود والكرم على ما لا يقادر قدره » كان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر » 
قال ابن عباس : كان النبي َه أجود الناس » وأجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل » 
وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان » فيدارسه القرآن » فلرسول الله مَل أجود بالخير من 
الريح المرسلة”“ . وقال جابر : ما سكل شيعا قط فقال : لا . 

وكان من الشجاعة والنجدة والبأس بالمكان الذي لا يجهل » كان أشجع الناس » حضر 
المواقف الصعبة » وفر عنه الكماة والأبطال غير مرة » وهو ثابت لا يبرح » ومقبل لا يدبر » 
ولا يتزحزح , وما شجاع إلا وقد أحصيت له فرة » وحفظت عنه جولة سواه » قال علي : كنا 
إذا مي البأس وا حمرت الحدق اتقينا برسول الله عه » فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه . 
قال أنس : فزع أهل المدينة ذات ليلة » فانطلق ناس قبل الصوت » فتلقاهم رسول الله مَل 


. 5.57/١ صحيح البخاري‎ )١( 
. ٥.۲/١ نفس المصدر‎ )۲( 
.ةهثال/١ نفس المصدر‎ )۳( 
. ومثل ذلك روى أصحاب الصحيح والسنن‎ ۸۹/١ انظر الشفاء للقاضي عياض‎ )54( 


- 4A4 - 


راجعاً » وقد سبقهم إلى الصوت » وهو على فرس لأبي طلحة عري » في عنقه السيف » 
يقول : ل تراعوا » لم تراعوا”"2 . 
وكان أشد الناس حياء وإغضاء » قال أبو سعيد الخدري : كان أشد حياء من العذراء في 
خدرهاء وإذا كره شيعا عرف في وجهه'" , وكان لا ينبت نظره في وجه أحد » خافض 
الطرف » نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء » جل نظره الملاحظة › لا يشافه أحدأً بجا 
یکره حياء وکرم نفس » وكان لا يسمي رجلاً بلغ عنه شيء يكرهه » بل يقول: ما بال أقوام 
يصنعون كذا . وكان أحق الناس بقول الفرزدق : 
يغضي حياء ويغضى من مهابته | فلا يكلم إلا حين يتسم 
وكان أعدل الناس » وأعفهم » وأصدقهم لحجة » وأعظمهم أمانة » اعترف له بذلك 
حاوروه وأعداؤه ؛ وكان يسمى قبل نبوته الأمين 1 ويتحا؟ !| اليه في الجاهلية قبل م ؛ روى 
اد ا : إنا لا تكذبك , ولكن نكذب بما جكت به » فأتزل الله 
تعالى فیہم ‏ نَم یگرب و تلت وَلكنَألظمِينَبَايتِ ادود 74" . ٦(‏ : 77) وسأل 
هرقل أبا سفيان » هل تتبمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قال : لا . 
وكان أشد الناس تواضعا » وأبعدهم عن الكبر » نع عن القيام له کا يقومون للملوك » وكان 
بود ٠ a‏ ويجالس الفقراء » ويجيب دعوة العبد » ويجلس في أصحابه كأحدهم » قالت 
نكن ان که س 2 الريه ول ید لاخدا ق غه ران رامن 
ا شاته » ويخدم نفسه(؟! . 
وكان أوفى الناس بالعهود , وأوصلهم للرحم › ٠‏ وأعظم شفقة ورأفة ورحمة بالناس » أحسن 
الناس عشرة وأدباً » وأبسط الناس خلقاً » أبعد الناس من سوء الأخلاق » لم يكن فاحشاً » 
ولا متفحشا » ولا لعاناًء ولا صخاباً في الأسواق ولا يجزي بالسيعة السيئة » ولكن يعفو 
ويصفح » وكان لا يدع أحدأ يمشبي خلفه › وکان لا يترفع على عبيده و! وإمائه في مأكل 
(۱) صحيح مسلم ٠٠۲/۲‏ » وصحيح البخاري ١‏ . 
(۲) صحيح البخاري 504/١‏ . 
() مشكاة المصابيح ٥۲١/۲‏ . 
)٤(‏ نفس المصدر ٥۲١/۲‏ . 


- AO 


ولا ملبس ‏ ويخدم من خدمه » ولم يقل لخادمه أف قط » ولم يعاتبه على فعل شيء أو تركه » 
وكان يحب المساكين ويجالسهم » ويشهد جنائزهم » ولا يحقر فقيرا لفقره . كان في بعض أسفاره 
فأمر بإصلاح شاة » فقال رجل : عل ذعها وقال آخر : عل سلخها , وقال آخر: علي 
طبخها , فقال عه : وع جمع الحطب » فقالوا : نحن نكفيك . فقال : قد علمت أنكم 
تكفوني » ولكني أكره أن أتقيز عليكم » فإن الله یکره من عبده أن يراه متميزاً بين أصحابه » وقام 
وجمع الحطب”" . | ) 

ولنترك هند بن أبي هالة يصف لنا رسول الله عله ؛ قال هند فيا قال : كان رسول 
لله عي متواصل الأحزان » دام الفكرة » ليست له راحة » ولا يتكلم في غير حاجة » طويل 
السكوت » يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه - لا بأطراف فمه - ويتكلم بجوامع الكلم » فصلا 
لا فضول فيه ولا تقصير › دمثا ليس بالجاني ولا بالمهين » يعظم النعمة وإن دقت » لا يذم 
شيعا » ولم يكن يذم ذواقاً ‏ ما يطعم - ولا يمدحه » ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق بشيء 
حتى ينتصر له » لا يغضب لنفسه ولا ينتصر ها - سماحة ‏ وإذا أشار أشار بكفه كلها , وإذا 
تعجب قلبها » وإذا غضب أعرض وأشاح » وإذا فرح غض طرفه » جل ضحكه التبسم » ويفتر 
عن مثل حب الغمام . 

وكان يخزن لسانه إلا عما يعنيه » يؤلف أصحابه ولا يفرقهم » یکرم كريم كل قوم » ويوليه 
عليهم » ويحذر الناس » ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد منهم بشره . 

يتفقد أصحابه » ويسأل الناس عما في الناس » ويحسن الحسس ويصوبه , ويقبح القبيح 
ويوهنه » معتدل الأمر » غير مختلف » لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا » لكل حال عنده عتاد , 
لا يقصر على الحق » ولا يجاوزه إلى غيره .. الذين يلونه من الناس خيارهم » وأفضلهم عنده 
أعمهم نصيحة › وأعظمهم عنده منزلة الحستيو مواساة وموازرة . | ) 

كان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر . ولا يوطن الأماكن - لا ييز لنفسه مكاناً ‏ إذا انتهى 
إلى القوم جلس حيث ينتبي به الجلس » ويأمر بذلك . ويعطي كل جلسائه نصيبه ؛ حتى 
لا بحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه » من جالسه أو قاومه الحاجته صابره حتى يكون هو 
المنصرف عنه » ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول ‏ وقد وسع الناس بسطه 
)١(‏ خلاصة السير ص۲۲ . 

- A1 - 


وخلقه » فصار هم أباً. وصاروا عنده في احق متقاربين » يتفاضلون عنده بالتقوى › مجلسه 
مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة » لا ترفع فيه الأصوات» ولا تؤبن فيه الحرم - لا تخشى فلتائه ‏ 
يتعاطفون بالتقوى » يوقرون الكبير » وير مون الصغير » ويرفدون ذا الحاجة » ويؤنسون الغريب . 

كان دام البشر › > سمل الخلق » لين الجانب » ليس بفظ › ولا غليظ » ولا صخاب › 
ولا فحاش » ولا عتاب » ولا مداح » يتغافل عما لا يشتبي » ولا يقنط منه » قد ترك نفسه من 
ثلاث : الرياء » والا كثار ‏ وما لا يعنيه » وترك الناس من ثلاث : لا ذم أحدا» ولا يعيره ؛ 
ولا يطلب عورته » ولا يتكلم إلا فا يرجو ثوابه » إذا تكلم أطرق جلساؤه » كأنما على رؤوسهم 
الطير » وإذا سكت تكلموا » لا يتنازعون عنده الحديث » من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ › 
حديثهم حديث أوهم » يضحك مما يضحكون منه » ويعجب مما يعجبون منه » ويصير للغريب 
على الحفوة في المنطق » ويقول : إذا ريم صاحب الحاجة يطلبها فأرفدوه » ولا يطلب الثناء إلا من 
مکافیء' . 

وقال خارجة بن زيد : كان النبي عه أوقر الناس في مجلسه ء لا يكاد يخرج شيئا من 
أطرافه » وكان كثير السكوت » لا يتكلم في غير حاجة » يعرض عمن تكلم من غير جميل » كان 
ضحكه تبس » وكلامه فصلاً » لا فضول ولا تقصير » وكان ضحك أصحابه عنده التبسم › 
توقيرا له واقتداء به“ . 

وعلى الجملة فقد كان النبي عه على بصفات الكمال المنقطعة النظير » أدبه .ربه فأحسن 
تأدييه » حتى خاطبه مثنيا عليه فقال : 3 وَإِنّكَ لعل حي عَظِيمٍ © (18 : 4) وكانت هذه 
الخلال نما قرب إليه النفوس » وحببه إلى القلوب » وصيره قائداً بوي إليه الأففدة » وألان من 
شكيمة قومه بعد الاباء » حتى دخلوا في دين الله أفواجا . 

وهذه الخلال التي أتينا على ذكرها حطوط قصار من مظاهر كاله وعظيم صفاته › أما حقيقة 
ما كان عليه من الأمجاد والشمائل فأمر لا يدرك كنبه ‏ ولا يسبر غوره » ومن يستطيع معرفة كنه 
أعظم بشر في الوجود بلغ أعلى قمة من الكمال » استضاء بنور ربه » حتى صار < خلقه القران ؟ 


)01 انظر الشفا للقاضي عياض ۱۲۱/۱ ۰ ۱۲۲ » ۱۲۲ » ١1١10156174‏ ء وانظر أيضاً شمائل الترمذي . 
9؟) نفس المصدر ٠١۷/١‏ . 


- CAV - 


الهم صل على محمد وعلى آل محمد » ا صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم » إنك ميد 


بجيد 


اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد » )ا باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم » إنك هيد 


بحيد 
صفي ال رمن المباركفوري 
الجامعة السلفية 1ه 
بنارس الحند 0055م 


- CAA - 


ثبت المراجع 


١‏ إخبار الكرام بأخبار المسجد الحرام 
شباب الدين أحمد بن محمد الأسدي المكي (م 77١٠١ه)‏ المطبعة السلفية 
بنارس الحند 1195ه/9177١م‏ . 


۲ الأدب المفرد | 

محمد بن إسماعيل البخاري (157ه) طبع استانبول ٤‏ ١١٠ه‏ . 
۳ الاعلام 

خير الدين الزركلى . الطبعة الثانية القاهرة ١٤۹٠م‏ . 
4 - البداية والنباية 


إسماعيل بن كثير الدمشقي مطبعة السعادة مصر ۱۹۳۲م . 
© بلوغ المرام من أدلة الأحكام 
أحمد بن حجر العسقلاني (۲-۷۷۳ ١‏ ۸ه) المطبع القيومي كانفور الهند 
۲۳ھ . 
؟ - تاريخ أرض القران 
السيد سلمان الندوي (۱۳۷۳ه) معارف بريس أعظم کده - الهند 966١م‏ 
( الطبعة الرابعة ) . 
۷ - تاريخ إسلام 
شاه أكبر خان نجيب ابادي مكتبة رحمت ديوبند يولي اند . 
۸ - تاريخ الأم والملوك 
ابن جرير الطبري المطبعة الحسينية المصرية . 
5864 


8 تاريخ عمر بن الطاب 
أبو الفرج عبد الرحمن بن اللحوزي مطبعة التوفيق الأدبية بمصر . 

٠‏ تحفة الأحوذي 
أبو العلى عبد الرحمن المباركفوري 6 اه 9786١م)‏ جيد برقي يريس 
دهلي اند 7571١55‏ اها. 


١‏ تفسير ابن كثير 
إسماعيل بن كثير الدمشقي دار الأندلس وت 
١5‏ تفهم تفهم القران ) 
الأستاذ السيد أبو الأعلى المودودي مركز ي مكتبة جماعت إسلامي اند . 
١‏ - تلقيح فهوم أهل الأثر 
أبو الفرج عبد الرحمن بن الحوزي (م ٠۹۷‏ ه) جيد برقي ریس دهلي امد ء١‏ 
١‏ جامع الترمذدي 
أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (۲۰۲ه ‏ 1170ه) المكتبة 
( الرشيدية دهلي اند ) . ) 


6 المهاد في الإسلام ( الأردو ) ظ 
الأستاذ السيد أبو الأعلى المودودي » إسلامك ببليكشنز لميتد لاهور 
( باكستان ) الطبعة الرابعة ۷مم . 


١‏ - خلاصة السير ظ 
حب الدين أبو جعفر أحمد بن عبد الله الطيري م 7ه دلي برنتینگ بريس 
ظ دهلی المند 47 ١ه‏ . 
7 - رة للعالمين 


محمد سليان سلمان المنصورفوري (م ۱۹۳۰م) حنيف بككديودلي . 
٨۸‏ - رسول أكرم كي سيامي زند کې 
الدكتور حميد الله » باریس سالم كمبيني ديوبنديو ‏ بي المند 1971م . 


- ٤4° 


4 الروض الأنف 
أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السميلي (8 . 8١-5‏ هه) المطبعة الجمالية 
بمصر ۱۳۳۲ هھ/٤‏ ۱۹۱م . 

۰ - زاد المعاد 
شمس الدين أبو عبد الله محمد بن بكر بن أيوب المعروف بابن القم 
)۷١١-٦۹١(‏ المطبعة المصرية الطبعة الاولى ۱۹۲۸-۱۳۲۲۷م . 

١‏ - سفر التكوين 

۴ - سنن ابن ماجة 
أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني (۲۷۳-۲۰۷ه) . 

۴۳ - سنن ابي داود 


4 - سنن الدسائي 
أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النساني (771.ه) المكتبة السلفية 
لاهور ( باكستان ) . 

© السيرة الحلبية 
ابن برهان الدين . 

5 79 السيرة النبوية 


أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أبوب الحميري (۲۱۳ أو ۸٠۲ه)‏ شركة 
مكتبة ومطبعة مصطفى البالي الحلبي وأولاده بمصر المطبعة الثانية 71/6٠‏ 1ه 
٥0م‏ . 

۷ - شرح شذور الذهب 
أبو محمد عبد الله جمال الدين بن يوسف المعروف بابن هشام الأنصاري 
)۷٦١-۷٠۸(‏ مطبعة السعادة بعصر . 


- 41 - 


لاضن بحبح سملم 
أبو زكريا محبي الدين يحبى بن شرف النووي (777ه) المكتبة الرشيدية دهلي 
الهند 9/5" اه . 
4 شرح المواهب اللدنية 
الزرقاني نسخة عتيقة محرومة الأوائل . 
"٠‏ 9 الشفا بتعريف حقوق المصطفى 
القاضي عياض مطبعة عثانية استانبول ۲١١۳٠ه‏ . 
"١‏ صحيح البخاري 
محمد بن إسماعيل البخاري (١٠١٠۲ه)‏ المكتبة الرحيمية ( ديوبند الهند ) 
87-4١اه.‏ 
ا ر 
مسلم بن الحجاج القشيري (١٠۲ه)‏ المكتبة الرشيدية دهلي الهند ١۷١۳٠ه.‏ 
۴ - صحيفة حبقوق 
4" - صلح الحديبية 
محمد أحمد باشميل ( الطبعة الثانية ) دار الفكر ١9١ه‏ ۱۹۷۱م . 
©" - الطبقات الكيرى 
محمد بن سعد مطبعة بريل ليدن ؟1777١ه‏ . 
6” - عون المعبود شرح أبي داود 
) أبو الطيب شمس الحق العظم ابادي ( الطبعة الأولى المندية ) . 
۷ _ غزوة أحد 
محمد أحمد باشميل ( الطبعة الثانية ) . 
4" غزوة بدر الكيرى 
محمد أحمد باشميل ( الطبعة الثالثة ) ۱۳۷۱ھ - ٩۱۹۷م‏ . 
۹ - غزوة خيير 
محمد أحمد باشميل ( الطبعة الثانية ) دار الفکر ٠۹۷۱-۱۳۹۱‏ . 


- 4۲ - 


٠‏ - غزوة بني فريظة 
محمد أحمد باشميل ( الطبعة الأولى ) ۱۳۷۱ھ - ٩٦۱۹م‏ . 


١‏ - فتح الباري 
أحمد بن على بن حجر العسقلاني (8617-9/177) المطبعة السلفية ومكتبتها » 
الروضة . القاهرة . 
۲ - فقه السيرة 
محمد الغزالي . دار الكتاب العرني بمصر الطبعة الثانية ۱۳۷١‏ هھ - ه5508 ١م‏ . 
۳ في ظلال القران 
سيد قطب » دار إحياء التراث العرلي بيروت لبنان الطبعة الثالثة . 
4 4 - القران الكريم 


6 - قلب جزيرة العرب 
فاد حمزة المطبعة السلفية ومكتبتها » الروضة بمصر ”٠ه‏ “١ه‏ ۱۹۲۳م . 
45 - ماذا خسر العام بانخطاط المسلمين 
السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي الطبعة الرابعة مكتبة دار العروبة القاهرة 
١ه‏ ۱۹1۱م . 
۷ - محاضرات تاريخ الأم الإسلامية 
الشيخ محمد الخضري بك » المكتبة التجارية الكبرى بمصر » الطبعة الثامنة 
۲ھ . 
۸ - مختصر سيرة الرسول 
شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب القيمي النجدي (م 7 )١١١‏ مطبعة السنة 
المحمدية القاهرة الطبعة الأولى ۱۳۷۰ھ 955١م.‏ 
6 - مختصر سيرة الرسول 
الشيخ عبد الله بن محمد النجدي ال الشيخ (م بمصر 47 7١ه)‏ المطبعة السلفية 
ومكتبتها الروضة بمصر ۷۹١٠ه‏ . 


4 د 


هه مدارك العزيل 
8١‏ مرقاة المفاتيح ج ۲ 


4ه -8ه9١ام.‏ 


۲ - مروج الذهب 

أبو الحسن علي المسعودي مطبعة الشرق الإسلامية القاهرة . 
“اه المستدرك 

أبوعبد الله محمد الحا كم النيسابوري (ه ٤ ١‏ ه) دائرة المعارف العثمانية حيدرآباد. الهند. 
4 - مسند أحمد 


الامام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (م554١ه)‏ . 
© - مسند الدارمي 
أبو محمد عبد الله بن عبد الله الرحمن الدارمي ١18--165ه‏ . 
- مشكاة المصابيح 
ولي الدين محمد بن عبد الله التبريزي » المكتبة الرحيمية ديوبند يوني - اند . 
۷ - معجم البلدان 
ياقوت الحموي . 
۸ _المواهب اللدنية 
للقسطلاني المطبعة الشرفية "7" ١ه.ء ٠۷‏ 5 
64 - موطاً الإمام مالك. 
الامام مالك 55 الأصبحي (۷۹٠ه)‏ المكتبة الرحيمية ا 
الهند . 
5 وفاء الوفا 
علي بن أحمد السمهودي 


- 64٤ - 


فهرس الموضو عات 


كلمة مغالج الشيخ محمد علج الحركان 210 
مقدمة الناشر مسي سا امع من ل ات ا و و و ا ل ا ا e‏ 
كلمة المؤلف ا ل ل م E‏ 
موقع العرب وأقوامها اا 0 
موقع العرب E EASES DE‏ تمس سودق O‏ 
أقوام العرب OE O‏ 
الحكم والإمارات في العرب ان رو موقط لمارا O O‏ 
الملك باليمِن اا ور لم ل و الوه وي مس و ا ل ا 1 
الملك با رة O‏ ا ا 
الملك بالشام TV o CRD SEAS N SO‏ 
الامارة بالحجاز E E O ER‏ 
الحكم في سائر العرب PO GR SS RE ESE‏ 
الحالة السياسية E SOS EADS‏ اواو لل ا 11 
ديانات العرب E O‏ 
الحالة الدينية عفاي هد لوو ع ل ولاه ا وي ا د ا ا CEE‏ 
صور من امجتمع العرني الحاهلي o‏ ا 
الحالة الاجتّاعية CSE O ACD E‏ 





الحالة الاقتصادية. .... 0 اق 
الأخلاق... Esse‏ 

نسب النبي عله وأصرقه. .. . 01_11 0 0 O E‏ 
نسب النبي ل4..... 00000 ش11 
الاسرة النبوية 0 E‏ 

المولد وأربعون عاماً قبل النبو: SEs‏ 
المولد N ooo iS‏ 4ه 
في بني سعد ن و3 4 قا اك ف مط مواق E E‏ 
إلى أمه الحنون 1 Oe aera eae EA Sa‏ 
P|‏ وفة وو TT‏ 
إلى عمه الشفيق ١‏ ل م ف الله اباو د مدا د O‏ ل ره 
يستسقى الغمام بوجهه SSS‏ وا لوطه قاع ON SISOS ES‏ 
جيرا الراهب ادو مومه ON EOE E N aE‏ 
جرت اجار o a‏ 0 
لق الفضول :د oa‏ 1011111 
حياة الكدح a‏ امن م و او دوه UE SOG‏ 
زواجه خحديجة VS ELA OCG O‏ 
ناء الكعبة وقضية التحكم VEE E E ESS‏ 
السيرة الاجمالية قبل البوة E E O‏ 

في ظلال النبوة والرسالة...... ا 
في غار حراء ا E a‏ 
جبريل ينزل بالوحي... ل ل ا م ل ا ا 11 
فترة الوحي ا ا او ا E‏ 

= 





جبريل ينزل بالوحي مرة ثانية م 0 
استطراد في بيان اقسام الوحي حوس لوقه لخدو مقرل وو الوم هاخا ا لواح ا E‏ 
أمر القيام بالدعوة إلى الله وموادها ا ل 
أدوار الدعوة ومراحلها O O ad‏ ا 11 
المرحلة الأولى ١‏ جهاد الدعوة ) ا 
ثلاث سنوات من الدعوة السرية 101 1 1 1 OE‏ 
الرعيل الأول SS‏ ااا 000 
الصلاة DSS eS SSSA‏ اع زو 1لا 
الخبر يبلغ إلى قريش إجمالاً 0 نميب الاي 
المرحلة الثانية ١‏ الدعوة جهارا ) ا اا ا اانه الل اماق OVA AS‏ 
أول أمر بإظهار الدعوة 00 ry‏ 000001 
الدعوة في الأقربين EER SRE‏ ود ديه ما ا ااه لاوطا لو الورك VA‏ 
على جبل الصفا لحك ااام و الما او اشح متاق وسو ونام لك مو مر ا N‏ 
الصدع بالحق وردود فعل المشركين ae O ean‏ ا Ne‏ 
وفد قريش إلى أي طالب ا اي RG‏ 
امجلس الاستشاري لكف الحجاج عن استّا ع الدعوة EEE‏ 000 
أساليب شتى مجابهة الدعوة a a‏ ااا 0 
الاضطهادات O a O‏ 
دار الأرقم o‏ 1[14141[ذ[ذ1 1[ 07 
الهجرة الأولى إلى الحبشة ا O‏ 
مكيدة قريش بمهاجري الحبشة ا ا ب ا ا 3 
قريش يهددون أبا طالب ا اا يا ا ا 
قريش بين يدي أي طالب مرة أخرى اط ب ناا الل ولام ااه نع و SSCS‏ 
فكرة الطغاة في إعدام النبي عل 00 


إسلام حمزة رضي الله عنه..... E ASSES‏ 
إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه 1 1 1 اا 

مثل قريش بين يدي الرسول ع ار 

أبو طالب يجمع , ني هاشم وبي عبد المطلب EV ASENA DL‏ 
المقاطعة العامة VTS E EES DATES‏ 
ميثاق الظلم والعدوان TS SSO SN TSE RS‏ 

ثلاثة أعوام في شعب أي طالب ا 1 [1ذ[1[ [ 0000 

نقض صحيفة الميثاق اماو ال ان قا سور ساو ادعو جد مارو TE SN‏ 

اخر وفد قريش إلى أي طالب O‏ 
عام الحزن AVEO aac A‏ 
وفاة أي طالب اعمط نم1 نو لوالا سسا جو م نمع A‏ مد عم ل رايا 
خحديجة إلى رحمة الله 0 0 0 

O oy تراك الأحزان‎ 

الزواج بسودة رضي الله عنها اا 
عوامل الصير والثبات Ass EDE E SSS‏ 
المرحلة الثالثة ( دعوة الإسلام خارج مكة ) ا ااا 
الرسول عه في الطائف E 0 a‏ 

عرض الإسلام على القبائل والأفراد 1 00 
القبائل التي عرض عليها الاسلام 000011 ا 0 ا 
المؤمنون من غير أهل مكة 0 E‏ 

ست نسمات طيبة من أهل يارب موده وحن باو ملع ب روح رلور EO‏ 
استطراد - تزويج رسول الله عو بعائشة 5077 ES‏ 1 
الإإسراء والمعراج ESSE E OS‏ ااا 
بيعة العقبة الأولى 000001011 0 ا 00 


ألموضو : الصفحة 


سفير الاسلام في المدينة ال 11 0000 
النجاح المغتبط ا اشيج انق الج لا عبان لحتل ا الا واو ار EC‏ 
ببعة العقبة الثانية 1 عل اوم ا و م لو مار ا م و 7 صق 
بداية امحادثة وتشريم العباس للخطورة المسؤولية a‏ اا 0000 
بنود البيعة O E ay‏ 
التا كيد من خطورة البيعة O OSES AGA‏ 
عقد البيعة OT O O O O o‏ 
انا عشر نقيبا VON SEDO ODE SESS‏ 
نقباء الخزرج O E ES‏ 
ا O E‏ 
شيطان يكتشف المعاهدة EO AOL EDS O O‏ 
استعداد الأنصار لضرب قريش O 1 01 o‏ 
قريش تقدم الاحتجاج إلى رؤساء يأرب O‏ 
تأكد الخبر لدى قريش ومطاردة المبايعين 11111 E‏ 
طلائع الهجرة a‏ ااا لا 
في دار الندوة ( برلان فريش ) Ded‏ اعم ادو UA ON N I‏ 
النقاش البرلماني والاجماعي على قرار غاشم بقتل النبي عي o‏ 
هجرة النبي عل o‏ ا 
تطويق هيز ل الرسول ا 1 1 N‏ 
الرسول عه يغادر بيته يي ا 1 ا 
من الدار إلى الغار 1 ا 0 
اذ هما فی الغار SS‏ ا PV E‏ 
في الطريق الى المدينة E iS E 000 Ee‏ 
الول رقنا ا يذ 1[ 0001 


الدخول في المدينة a‏ ا 
الحياة في المدينة O EE VE [1 ORE E DT‏ 
المرحلة الأولى ‏ الخالة الراهنة في المدينة عند الهجرة e‏ مانو باطو ووو الاي 
بناء مجتمع جديد 000 EE a‏ 
بناء المسجد التبوي 000 0 
المؤاخاة بين المسلمين OR‏ و ا 
ميثاق التحالف الإسلامي 001111 ا 
أثر المعنويات في امجتمع ا O‏ 
معاهدة مع اليبود ‏ بنود المعاهدة 000 ا 
الكفاح الدامي 55*11 1010100 ا 1 
استفزازات قريش ضد المسلمين UES ea a ES‏ 
إعلان عزيمة الصد عن المسجد الحرام 00000552321219 0 
قريش تهدد المهاجرين EES‏ اجات كاذ VE SEE ES‏ 
الإذن بالقتال امعد تفع ESA a‏ لعا ال ل a‏ جا و VOTES‏ 
الغزوات والسرايا قبل بدر ة ة زؤز ز ز ز ز 11 11011 Oia decile‏ 
غزوة بدر الكيرى ل ا ب و ا ا ا 1 
سبب الغزوة E‏ 
مبلغ قوة اليش الإإسلامي وتوزيع القيادات 000 00 
الجيش الاسلامي يتحرك نحو بدر عع و ان مر VOSS GSES‏ 
النذير في مكة O O O‏ لفكي 
أهل مكة يتجهزون للغزو E Sa DS‏ اا اا 
قوام الجيش المكي و ا و E‏ 
مشكلة قبائل بني بكر 0101-7 ES‏ 
جيش مكة يتحرك 0000 ا 
660 


الغير تفلت يي ل يي 0 
هم الجيش المكي بالرجوع 01011 OS‏ 
حراجة موقف الحيش الاسلامي عا عن ابا ا سو ان اسار اس و و EN‏ 
ا مجلس الاستشاري جو ب O‏ الود م ع وا و ابت ا ا و 1 
الجيش الاسلامي يواصل سيره اه الوط موتح اروك OE RSA ORS SE‏ 
الرسول عي يقوم بعملية الاستكشاف 000 O O‏ 
الحصول على أهم المعلومات عن الجيش المكي O‏ 
نزول المطر O‏ 
الجيش الاسلامي يسبق إلى أهم المراكز العسكرية ا ل O‏ 
مقر القيادة O O‏ 
تعبئة الجيش وقضاء الليل ET‏ 
جيش المكي في عرصة القتال ا ا 
الجيشان يتراان ا ا E ES O‏ 
ساعة الصفر وأول وقود المعركة ا 
المبارزة o‏ ا O‏ 
اهجوم العام 1 ااا 
الرسول عو يناشد ربه O oy o‏ 
نزول الملائكة E O a‏ 1[ ا 
اهجوم المضاد ا يا ا O‏ 
ابليس ينسحب عن ميدان القتال ا ا TV E‏ 
الهزيمة الساحقة ل 
صمود أي جهل ا 000000000 
مصرع اهي جهل بسو و ساس ااه اول احور SE‏ 
من روائع الايمان في هذه المعركة 00 ااا 


قتلى الفريقين اا امسو او لو ل 
مكة تتلقى نبأ ال مزيمة O SSO E e‏ 
المدينة تتلقى أنباء النصر لجح و ا رو ار ا 
الجيش النبوي يتحرك نحو المدينة ا ا 0 ا ا 
وفود التهنئة OS‏ 0 00 
قضية الأسارى ogy‏ 01010 000 
القران يتحدث حول موضوع المعركة 0011 0 اا E‏ 
النشاط العسكري بين بدر وأحد ا اا 000 
غزوة بني سليم بالكدر داه سراي قالطا ف توم وح لامحالا ب MEE aa‏ الام اي TE‏ 
مؤامرة لاغتيال النبي ل ا[ 00 
غزوة ني قينقاع SOE‏ وو وآ بورع عا اناده ال ارم امد و ا 0 
نموذج من مكيدة الهبود SEEDS‏ ا ا 
بنو قينقا ع ينقضون العهد O N O‏ 
الحصار ثم التسليم ثم الحلاء e‏ وو ماسو وو م VE‏ 
غزوة السويق TO eleanor ESE aa OES‏ 
غزوة ذي أمر Ty‏ 
قتل كعب بن الأشرف ا 1 1 0 
غزوة جحران امم ع اع جع 6 3 د60 :2104 6 ملعا 7 عائ قر واوا كاين ينعا واو لابو اوها سالا ووه ع ل ع EO‏ 
سرية زيد بن حارئة E‏ الدب وان و لاع كسام تلا مالا داه ١‏ 206 
غزوة أحد SRS‏ 1 1 1 ا AVE‏ 
استعداد قريش لمعركة ناقمة EERE ESSA‏ عار جا موي VER‏ 
قوام جيش قريش وقيادته ااا VE‏ 
جيش مكة يتحرك 1[ 1[ 1[ ا 
الاستخبارات النبوية تكشف حركة العدو م ا و م م 


استعداد المسلمين للطوارىء OFS OAS E‏ 
الجيش المكي إلى أسوار المدينة 01001111 1 0071117171 
المجلس الاستشاري لاخذ خطة الدفاع ال ا ال ا 1 
تكتيب اليش الاسلامي وخروجه إلى ساحة القتال TOT DR a‏ 
استعراض اليش ono‏ اس سا 21 COTES‏ 
المبيت بين أحد والمدينة O‏ ا 
رد عبد الله بن أي وأصحابه ب عن اح ا بخان لق سا جع ول وف TOT SEO‏ 
بقايا الجيش الاسلامي إلى أحد ل NOE EE SMES‏ 
خطة الدفاع O DCO ESOS DEES aa‏ 
الرسول عه ينفث روح البسالة في الجيش O‏ 
تعبئة اخيش المكي ال 000000 ا 
مناورات سياسية من قبل قريش 000 
جهود نسوة قريش في التحميس CON ESSE SEES DS‏ 
اول وقود المعركة 0010201211 ON ile‏ 
ثقل المعركة حول اللواء وإبادة حملته 001010101 ا انا 
القتال في بقية النقاط 0001 0 
مصرع أسد الله حمزة بن عبد المطلب ا 
السيطرة على الموقف N SERS SAS A‏ 
من أحضان المرأة إلى مقارعة السيوف والدرقة yy‏ ل 
نصيب فصيلة الرماة في المعركة 1 
ال هزيمة تنزل بالمشركين 00001 
غلطة الرماة الفظيعة ا ل ا ااا اونا لوقه اسم الا اطي لو 11 
خالد بن الوليد يقوم بخطة تطويق اليش الإسلامي OE‏ 
موقف الرسول الباسل إزاء عمل التطويق ا NE N‏ 


۳ 





احتدام القتال حول رسول الله إل 0 000 
أحرج ساعة في حياة الرسول عله aS aie‏ ل 
بداية تجمع الصحابة حول الرسول عله 000 
تضاعف ضغط المشركين OED ESASI RRS‏ موا ع اي VY‏ 
البطولات النادرة موقن وم وجو ده TV ODOT OS ORE‏ 
إشاعة مقتل النبي عي وأثره على المعركة 00 
الرسول عل يواصل المعركة وينقذ الموقف ا 00 
مقتل ألي بن خلف a‏ حكن ع ان 11 سر عه مودو اع و ا م ل 9 10 
طلحة ينبض بالنبي عي VO aa ACE ESL‏ 
اخحر هجوم قام به المشركون 00011 00 
تشويه الشبداء I DR E GES SS‏ ا 
مدى استعداد أبطال المسلمين للقتال حتى نهاية المعركة و ا A‏ 1 
بعد انتهاء الرسول ع إلى الشعب لو ل 
ثماتة أي سفيان بعد نهاية المعركة وحديثه مع عمر RS‏ 
مواعدة التلاقي في بدر اطوو ف سف DDO‏ امعد السو شايع O 1 E‏ 
التثبت من موقف المشركين ORE E‏ مويو VD OS‏ 
تفقد القتلى والخرحى رك ا E O‏ 
جمع الشهداء ودفہم فطاع كع ع اع سورع ابا جزل دن ب مور قاع قي وبع ما عا جا عسوي لوأك لو لاف TAV ٠16‏ 
الرسول عه يشي على ربه عز وجل ويد لعن بعاد TAT SSE‏ 
الرجوع إلى المدينة » ونوادر ا لحب والتفاني VAT CSET ES‏ 
الرسول عله في المدينة E a‏ 
حالة الطوارىء إلى المدينة 000 E‏ 


د 0*8 


غزوة حمراء الأسد alse evana‏ انوبا بد دع سيت AE‏ 
القران يتحدث حول موضوع المعركة ا 
الحكم والغايات المحمودة في هذه الغزوة TAV inal‏ 
السرايا والبعوث بين أحد والأحزاب اك 
سرية آي سلمة OES‏ اا 
بعث عبد اللهبن انيس ESAS SEES‏ وا ماو مم 1 
بعث الرجيع ا 1 1[ 0 
ماسأة بثر معونة 01 0 
غزوة بني النضير ا 0 
غزوة نجد ela sca ie SEA RE SE SS‏ 0 
غزوة بدر الثانية 00 FAN cece‏ 
غزوة دومة الجندل 111 1 اا 
غزوة الأحزاب 001 00 
غزوة بني قريظة 000 0 0 
النشاط العسكري بعد هذه الغزوة اتومعاروو ورين ماسوو ماه مس موي اميم 
مقتل سلام بن ألي الحقيق..... ايا ا ال ا ا 
سرية محمد بن مسلمة وق ونه تنا اموي وك ورور ولا SSDS‏ حا ل ام 
غزوة بني لحيان DE ESS O‏ اا ا 
متابعة البعوث والسرايا ASE‏ ماسو م E‏ 
غزوة بني المصطلق أو غزوة المريسيع ا ا 
دور المنافقين قبل غزوة بني المصطلق امع لجو نحا ابورواو حرس ما 1 
دور المنافقين في غزوة بني المصطلق اخة ا وو عام اال تو ممه مامتو و مر 
١‏ قول المنافقين « لكن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الآذل » ا 
۲ - حديث الافك 1 1 1 1 1 1 1 1 ااا 


الموضوء الصفحة 


البعوث والسرايا بعد غزوة المريسيع E‏ 
وقعة الحديبية 0 ل 
سبب عمرة الحديبية 0000000000 
استنفار المسلمين 00101 
المسلمون يتحركون إلى مكة ا 1 ااا 

محاولة قريش صد المسلمين عن البيت TIN MELEE‏ 
تبديل الطريق ومحاولة الاجتناب عن اللقاء الدامي PA Sess‏ 
بديل يتوسط بين رسول E ET‏ ۳۳۹ 

زسل: فرش oy‏ 

هو الذي كف أيدمهم عنكم O n‏ 00 

عفان بن عفان سفيرا إلى قريش.. 0001010 اال 
إشاعة مقتل عثان وبيعة الرضوان EE U GO RL O aL a‏ 

ابرام الصلح وبنوده ا ا ا PEV BESO O ST‏ 

رد ابي جندل O‏ 

النحر والحلق للحل عن العمرة 11 1 1 ااا 

الاباء عن رد المهاجرات عو وها مجع ماعو ف بد تانج اناه مو EEE‏ 

ماذا يتمخض عن بنود المعاهدة E a‏ 

حزن المسلمين ومناقشة عمر مع النبي عل 1 
انحلت أزمة المستضعفين as‏ ا ا ل ا EKG‏ 
إسلام أبطال من قريش as‏ 1 1 1 1 ااا 
المرحلة الثانية ( طور جديد ) يبغ لاه انز E Vee RSENS‏ 
الملوك والأمراء اا 00001000 O‏ 

POR reno E الكتاب إلى النجاشي ملك الحبشة‎ ١ 


اي ا 2ك 


۲ - الكتاب إلى المقوقس ملك مصر ك1 ويا مما و ا و 6 

- الكتاب إلى كسرى ملك فارس O Cend SSE‏ 

FO aR Se الكتاب إلى قيصر ملك الروم‎ - ٤ 

ه ‏ الكثاب إلى المنذر بن ساوي الو وو ان و ور ام و ا ا ا 

١‏ - الكتاب إلى هوذة بن علي صاحب الهامة 11 ا اا 

۷ - الكتاب إلى الحارث بن ألي شمر الغساني صاحب دمشق سارعا ع ا و Ch‏ 

۸ - الكتاب إلى ملك عمان Oe RE‏ 
النشاط العسكري بعد صلح الحدييية 11 1[ O SRA‏ ا 
غزوة الغابة أو غزوة ذي قرد 0 ا 
غزوة خيبر ووادي القرى FE E OS SS ES‏ 
سبب الغزوة سوج ؤي سيو دلاوو E aie ESERIES‏ 
الخروج إلى خيبر PE nasa aaa bs e E‏ 

عدد الجيش الاسلامي ا IE‏ 
اتصال المنافقين باليبود جع مط وج ع ويعيده ان بان و واو وت ا بن ملو ا م ا ا ا م 
الطريق إلى خيبر SOLE SSE‏ بب 0101-2‏ اا 

بعض ما وقع في الطريق SO O‏ 1[ 1 اه 
الجيش الاسلامي إلى أسوار خيبر للخم م جا واوا رح لبو ماد ا 

التبيو للقتال وحصون خيبر 1 1 ا 

بدء المعركة وفتح حصن ناعم Taca DS SSS‏ 

فتح حصن الصعب بن معاذ EEE‏ 1 ا 

فتح قلعة الزبير ماياو ل عور ا سرع كع لوبو سراي شوو PV SANGRE‏ 

فتح قلعة الي RES‏ لب suala‏ اليا 

فتح حصن النزار Solna RD a AE‏ ا اا 


1 1 غو 1 25 


فتح الشطر الثاني من خيبر NE SE CES SSeS esta‏ 
المفاوضة ل يي ا ببدب11 00001012 ا 
قتل ابني أبي الحقيق لنقض المعاهدة VE ay‏ 
قسمة الغنام U E‏ 
قدوم جعفر بن أي طالب والأشعريين ا E‏ 
الزواج ا VERSO SRE OSES ios‏ 
امر الشاة المسمومة 0 
قتلى الفريقين في معارك خيبر a Ra‏ تالوقم او EVV‏ 
فدك NESE RSLS SES‏ ا ا ااا 
وادي القرى NA SESSIONS SRS ea as‏ 
تهاء 02012011 U‏ 
العودة الى المدينة U by‏ 
سرية أبان بن سعيد o‏ ا E‏ 
بقية السرايا والغزوات في السنة السابعة حون لان رسو وا ماسو اي الخ 1 7 
غزوة ذات الرقاع ESE‏ وال ونه لجو اماه مالف FA ESE‏ 
القضاء ال 0012 EAE Se So‏ 
مؤتة TAV sie OE‏ 
سبب المعركة TA SOS EN CESED ESS‏ 
أمراء الجيش ووصية رسول الله مَل ل 00 
توديع الحيش الإسلامي وبكاء عبد الله بن رواحة ان 
تحرك الجيش الاسلامي ومباغتة حالة رهيبة ااا 
المجلس الاستشاري بمعان 010210212118 ا 
الجيش الاسلامي يتحرك نحو العدو EES E o‏ 588 


02*82 


لاونو 


بداية القتال وتناوب القواد RN AS OSO‏ 
الراية إلى سيف من سيوف الله اا 
مهاية المعركة 00010 0 0 ا 
قتلى الفريقين ا 0 1 0 00 
ثر المعركة يمحي لجن تنبت لم نو بي لان ام موا ا O‏ 
سرية ذات السلاسل EO SENEDA SEAS‏ 
سرية أي قتادة إلى خضرة ا رج لعي مرحم بن اللااواسو سو عي A‏ 
غزوة فتح مكة ونوا واد م EDE RS ST‏ دوي CFE‏ 
سبب الغزوة POE iS O O E‏ 
أبو سفيان يخرج إلى المدينة ليجدد الصلح 10 0 1 0 O‏ 
التبيؤ للغزوة ومحاولة الاخحفاء ا 1 
الجيش الاسلامي يتحرك نحو مكة E eee Oo‏ 
الجيش الإسلامي ينزل بمر الظهران O SNORE SS‏ 
أبو سفيان بين يدي رسول الله ڪل COR oS OES RE‏ 
الجيش الاسلامي يغادر مر الظهران إلى مكة O E a‏ 
فريش تباغت زحف الحيش الإسلامي OE TS ESAD‏ 
الجيش الإسلامي بذي طوى ORS ASE‏ 0 ا 
الجيش الإسلامي يدخل مكة :لوي ورا لاقم الال رم وا انعا عو FEE‏ د 
الرسول له يدخل المسجد الحرام ويطهره من الأصنام EE‏ 
الرسول عر يصلي في الكعبة ثم خطب أمام قريش 000000 
لا تاريب عليكم اليوم 00000 ز دز CO LSE‏ 
مفتاح البيت إلى أهله اا memes‏ 
بلال يؤذن على الكعبة ز[ز 10100000000 


صلاة الفتح أو صلاة الشكر ا 
إهدار دماء رجال من أكابر الجرمين ل ا 
إسلام صفوان بن أمية وفضالة بن عمير 100 
خخطبة الرسول عله في اليوم الثاني من الفتح ا 
تحوف الأنصار من بقاء رسول الله عله في مكة O O‏ 

أحذ البيعة ا 000 
إقامته ع بمكة وعمله فيها ا 
السرايا والبعوث يي اي O E O‏ 
المرحلة الثالثة a a ae‏ 000 
غزوة .حنين CVE E A GSS‏ 
مسير العدو ونزوله بأوطاس CYT e ERAS ea Sas‏ 
يجرب الحروب يغلط رأي القائد 01 CR‏ 
سلاح اكتشاف العدو 0 0 0 
سلاح استكشاف رسول الله عو E o‏ 
الرسول عي يغادر مكة إلى حنين CVE e‏ 
الجيش الاسلامي يباغت الرماة المهاجمين 000100 CO O‏ 
رجوع المسلمين واحتدام المعركة ا 1 
انكسار حدة العدو وهزيمته الساحقة تي حون CV USE a‏ 

ج ك الطارؤة E‏ ا ا 5 

٠‏ الغنائم لم اا 
غزوة الطائف الي امسو و E E‏ 
قسمة الغنائم بالجعرانة 000 اا 
الأنصار تحد على رسول الله عله E‏ 


- 0*٩ ب‎ 


قدوم وفد هوازن 2 

العمرة والانصراف إلى المدينة ee O‏ 
البعوث والسرايا بعد الرجوع من غزوة دا TAC Salsa ESE‏ 
المصدقون EVE oS ca sl SS E‏ 

CVE mieuoasoae iRise SEA السرايا‎ 

غزوة تبوك 131414131510102 1 1 اا 00 
سبب الغزوة 0011111 E‏ 
الأخبار العامة عن استعداد الرومان وغسان 000 
الأخبار الخاصة عن استعداد الرومان وغسان EE‏ 

CEY auc REESE زيادة خطورة الموقف‎ 

الرسول عي يقرر القيام بإقدام حاسم 00 
الاعلان بالتهيوٌ لقتال الرومان CFF‏ 
المسلمون يتسابقون إلى التجهز للغزو 0 0 O‏ 
الجيش الإسلامي إلى تبوك EEF elini REA E E‏ 

CPE eosin ASSESSES الجيش الاسلامي بتبوك‎ 

CF eae NEGERE 11001 nse O الر جوع إلى المدينة‎ 

EP iene leko e Vaca sS الحلفون‎ 

CO O a أثر الغزوة‎ 

نزول القران حول موضوع الغزوة ا O‏ 

بعض الوقائع المهمة في هذه السنة ا O‏ 

حج أبي بكر رضي الله عنه CE De‏ 
نظرة على الغزوات Ean SAe e eR RES‏ ا 
الناس يدخلون في دين الله أفواجاً CEE O CR‏ 


61١١ - 


الوفود ا Ebese Se‏ ل 
نجاح الدعوة وأثرها 1 1 ا ااا ا ا 
حجة الوداع 00 0 0 ا 
اخر البعوث دان COT nebe RSS oars‏ 
إلى الرفيق الأعلى اي E‏ 
طلائع التوديع TT‏ 1 ا 

CVE REE ae Sais بداية امرض‎ 
000 الاسبوع الاخير‎ 

قبل الوفاة محخمسة أيا ا 0001010 ا ل 

قبل أربعة أيام LT‏ 

قبل يوم أو يومين الي COVES a‏ 

قبل يوم O‏ 

آخر يوم من الحياة امو وا لا ا ASE‏ 
الاحتضار 0000 

E o a تفاقم الأحزان على الصحابة‎ 
ENE EDE ESSE SDE DERA موقف عمر ا‎ 

CV EDN ES 517177 6 o موقف آي بكر‎ 

التجهيز وتوديع الحسد الشريف إلى الأرض 00 2 
البيت النبوي ل ل اد الوا ل ع CEE SSSR‏ 
الضفات والأخحلاق اا ااا 
جمال الخلق 5 

کال النفس ومكارم الاخلاق ENE SEIR SSS eas‏ 
ثبت المراجع ESSENSE‏ ا سين